العدد الثالث والثلاثون
منار القران
الايدلوجية المشتركة بين ابراهيم والمهدي (عليهما السلام)
يتمتع كتاب الله عز وجل بالبعد الشمولي الذي يجعله ممتداً عبر الازمان والاجيال المتلاحقة ، فهو ليس محصوراً بزمن معين أو امة من الامم أو شعب دون بقية الشعوب ، وكما ذكرنا في اعدادسابقة بان القران عندما يتحدث عن فئة من الناس فهو بالتاكيد لا يخصها فقط بل يخص غيرها ايضاً ، وقد ورد ما يوافق ذلك من الاحاديث الشريفة لرسول الله (ص) ، فعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) : ( سياتي على امتي ما اتى على بني اسرائيل مثل بمثل .....) بحار الانوار ج28 ص4 . وينطبق ذلك ايضاً على الاشخاص بل حتى على الانبياء ، فعندما نتحدث عن شخص من الاشخاص او نبي من الانبياء ، فأن معنى ذلك ان هناك دوماً من يقوم بدور هذه الفئة او الشخص او النبي الذي ذكر لنا الله تعالى قصته ، ووفق نظريتنا التي طرحناها مسبقاً (نظرية الربط النوعي بين الانبياء والائمة (عليهم السلام)) هذه النظرية التي اثبتنا من خلالها الشبه الكبير بين نبي الله داود وعلي زين العابدين (عليهما السلام) وكذلك بين مريم العذراء وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) ونبي الله يحيى والامام الحسين (عليهما السلام) وفي هذا البحث سنثبت ان المهدي هو ابراهيم آخر الزمان ، وذلك من خلال توضيح نقاط الايدلوجية المشتركة بينهما والتي اجتمعت في اسلوب الدعوة والهداية وتحطيم الاصنام واحقاق الحق وابطال الباطل ومواجهة الاعداء فأن ابراهيم (ع) دعا قومه الى طريق الهداية والصلاح ونبذ الصنمية والتوحيد لله تعالى وحده لا شريك له ، فقد كان قومه يعبدون الاصنام من دون الله ، هذه الاصنام التي ابعدتهم عن الله كثيراً وجعلتهم يتخبطون في مستنقع الضلالة والشرك . قال تعالى : (( وابراهيم اذ اقال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون * انما تعبدون من دون الله اوثاناً وتخلقون إفكاً ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون)) العنكبوت16، 17 . اما المهدي (ع) فأنه يأخذ على عاتقه القيام بنفس الدور الذي قام به ابراهيم (ع) ، فحين يظهر المهدي (ع) سوف يجد المسلمين متناحرين متقاتلين يكذب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً قد جعلوا من بينهم من يطيعونه طاعة عمياء من دون الله وبالتالي فهي عبادة الاصنام ، فأن امه محمد (ص) ستجري عليها سنن الامم التي سبقتها ، فقد قال رسول الله (ص) : ( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولا تخطئون طريقهم شبراً بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتى ان لو كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه ...) بحار الانوار . اذن فأمة محمد (ص) تعبد الاصنام في آخر الزمان كما عبدتها الامم والاقوام السابقة ، ومن هذه الاقوام قوم نبي الله ابراهيم (ع) ، ولكن الاصنام التي تعبدها الناس في اخر الزمان هي اصنام بشرية وليست اصناماً حجرية ، اي ان الناس تتوجه الى علماء السوء المظلين فتأتمر بأمرهم وتنتهي بنهيهم فيتخذونهم ارباباً من دون الله فيصدقون كلامهم وينصاعون لهم بكل احوالهم مبتعدين عن الله قال تعالى {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } اتوبة 31. وقد جاء في تفسير هذه الاية عن ابي بصير عن ابي عبد الله الصادق (ع) قال : قلت له : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } فقال :( اما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم الى عبادة انفسهم ما اجابوهم ولكنهم احلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون ) الميزان ج9 - وعن ابي جعفر الباقر (ع) في قوله (( احبارهم ورهبانهم )) قال : ( فأنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما امروهم به ودانوا بما دعوهم اليه فاتخذوهم ارباباً بطاعتهم لهم وتركهم امر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم ) تفسير القمي ج1 ، واما اثبات عبادة الاصنام البشرية انها تكون في اخر الزمان ما جاء في الروايات التي ذكرت علامات ظهور المهدي (ع) والتي منها ما ورد عن الامام علي (ع) قوله : (..... والاصلع المقتول صبراً في بيعة الاصنام ) والحقيقة الواضحة هي لا وجود للاصنام الحجرية في عصر ظهور القائم المهدي (ع) لكن المقصود في الرواية (الاصنام البشرية) وبقرينة قول الامام (ع) في الروية ( في بيعة الاصنام) فان البيعة لا تكون الا للبشر ولا تكون البيعة للحجارة بالطبع - ان علماء السوء في اخر الزمان هم الذين سيكونون سبباً في تفرق الامة وتشتتها وطمع اعدائها بها حيث ان ظهورهم كارباب متفرقون من دون الله وقيام بعضهم بتكذيب البعض الاخر هو الذي يشق الصفوف ويؤدي الى الفتن والتقاتل ، كما جاء عن الامام الحسين (ع) فقد قال : ( لا يكون الامر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ، ويلعن بعضكم بعضاً . فقلت له : أما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال الحسين(ع) : الخير كله في ذلك الزمان ، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله ) غيبة النعماني .
اذن فالقائم المهدي يدعو الناس الى التوحيد وترك عبادة الاصنام البشرية وعبادة الله الواحد الاحد ، ودعوته هذه تكون قبل قيامه بالسيف محاسباً ثائراً على الظلم والظالمين بعد القاء الحجة عليهم ، فقد قال تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }الإسراء15. وتواجه دعوة المهدي (ع) ما واجهته دعوات الانبياء والمرسلين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) من الصدود والتكذيب والتشكيك ، فقد جاءت الاحاديث والروايات الشريفة عن ائمة الهدى (ع) والتي تحكي عن القائم المهدي (ع) وما يواجهه من التكذيب والتهم من علماء السوء الضالين المظلين الذين يحرضون الناس بفتاواهم الباطلة التي يوجهونها ضد المهدي ودعوته وممهديه ، فقد ورد عن العقيل بن يسار قال : سمعت ابا عبد الله الصادق (ع) يقول : ( ان قائمنا اذا قام استقبل من جهل الناس اشد مما استقبل رسول الله (ص) من جهال الجاهلية ، قلت وكيف ذاك ؟ قال : ان رسول الله (ص) اتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة ، وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ....) بحار الانوار - وهذا ما يؤكد قولنا فقد جعل الامام الصادق (ع) الذين يتاولون الكتاب على القائم المهدي (ع) من العلماء المظلين المنحرفين - سواء كانوا سنة او شيعة - في قبال الاصنام ونزلهم منزلة الاصنام كما هو واضح من الرواية ، كما روي عن رسول الله (ص) انه قال : ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من امتي بالمشركين وهي تعبد الاوثان ) وعنه (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى تنصب الاوثان ) وبذلك يثبت لدينا بأن الزمن الذي يظهر فيه المهدي (ع) يكون فيه الناس مشركين منحرفين عن تعاليم الدين الحنيف وهو دين ابراهيم (ع) الذي دعا اليه . قال تعالى : ( قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) آل عمران 95 - وان كان الناس في زمن ظهور المهدي (ع) يعتقدون انهم متدينين لكن الحق خلاف ذلك ، لذا فان دعوة المهدي تتركز على التوحيد ونبذ الشرك وترك عبادة الاصنام وهم الناس الذين يطاعون من دون الله - اما الان فنعود الى المرحلة التي تلت دعوة ابراهيم (ع) - قام نبي الله ابراهيم (ع) بكل شجاعة حاملاً فاسه بيمينه متوجهاً الى اصنام الشرك والضلالة ، فراح مكسرها واحداً تلو الاخر . قال تعالى : ( فراغ عليهم ضرباً باليمين )) والمراد من اليمين أما يد الانسان اليمنى والتي ينجز بها معظم اعماله ، أو انها كناية عن القدرة والقوة ، ويمكن ان تجتمع بين المعنيين . وبعد ان قام ابراهيم (ع) بهذا العمل الجبار في تكسيره لأصنام الشرك والضلالة ، وعرف عبيد الاصنام ما جرى لاصنامهم فتسائلوا فيما بينهم من تجرأ وقام بهذا الفعل فقال بعضهم بقوله تعالى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ }الأنبياء60 . وذلك لان ابراهيم (ع) بعد ان دعاهم الى التوحيد وترك عبادة الاصنام فرفضوا ذلك واصروا على الكفر قد اعلن البرائة منهم . قال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ }الزخرف26 . فكان معلوماً لديهم موقف ابراهيم المعادي لهم ، وبعد ان عرفوا بأنه محطم الاصنام عقدوا العزم واعدوا العدة للانتقام منه والانتصار لألهتهم المحطمة ، فجمعوا جمعهم وكادوا كيدهم ، فاشعلوا النار لاحراقه ، لكن الله عز وجل خلصه من نارهم ونصره عليهم واخزاهم قال تعالى {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} الانبياء 68-70 . وينطبق ذلك ايضاً على المهدي فأنه يعلن دعوته على الملأ ، ويقوم علماء السوء بتكذيبها وصد الناس عنها ، فيقوم ثائراً محاسباً فيواجه هؤلاء الاصنام ويقتلهم حيث انهم كانوا سبباً في الانشقاق والفرقة وفي اضلال الناس ، وهؤلاء المضلين هم سبعين رجلاً من علماء الدين المنحرفين ، ويسبق حصول ذلك وقوع الاختلاف بين الشيعة ، فعن مالك بن ضمرة قال : قال الامام علي (ع) : يا مالك يا بن ضمرة كيف انت اذا اختلفت الشيعة هكذا ؟ وشبك بين اصابعه وادخل بعضها في بعض ، فقلت يا امير المؤمنين ما عند ذلك من خير ؟ قال : الخير كله عند ذلك ، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم ثم يجمعهم الله على امر واحد ) غيبة النعماني .فبعد ان يقتل المهدي هؤلاء العلماء المنحرفين الذين كانت تتبعهم الناس وتتخذهم كالاصنام من دون الله ، عندها تثور ثائرة العبيد العاكفين لهذه الاصنام (علماء السوء) فبالتأكيد اذا ضربت الاصنام تضج العبيد ، وكما فعل عبيد الاصنام من قوم ابراهيم (ع) فيجمع القوم عدتهم لقتال المهدي والانتقام منه فيجيشوا الجيوش لنصرة اصنامهم المحطمة ، ولكن الامام المهدي (ع) يكون لهم بالمرصاد فيقتلهم شر قتلة ، فقد جاء في كتاب نور الانوار للمحدث ابو الحسن المرندي : ( فاذا خرج القائم من كربلاء واراد النجف واناس حوله قتل بين كربلاء والنجف ستة عشر الف فقيه فيقول الذين من حوله من المنافقين انه ليس من ولد فاطمة والا لرحمهم ، فاذا دخل النجف وبات فيها ليلة واحدة خرج منه من باب النخيلة محاذياً قير هود وصالح استقبله سبعون الف رجل من اهل الكوفة يريدون قتله فقتلهم جميعاً فلا ينجا منهم احد ) كتاب نور الانوار ج3 ص345 (طبعة حجرية) .
ان المهدي (ع) يهدي الناس الى الاسلام الحقيقي الى دين المحمدية البيضاء من دون مذاهب اوخلاف واختلاف ، كما هو الحال مع نبي الله ابراهيم (ع) الذي ذكره الله تعالى بقوله {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران67 . فالمهدي ليس للشيعة او للسنة وليس للمسلمين حسب بل هو لكل الامم والديانات التي يجمعها على دين الحق ، اذن فالمهدي ليس شيعياً او سنياً بل هو مسلم ، ويدعو الناس الى الاسلام الحقيقي الذي هو دين الله ، بدليل قوله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} آل عمران19 . وقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص) قوله : ( اذا قام القائم رفع المذاهب من الارض ) هذه المذاهب التي جعلتنا مختلفين متناحرين فدفعت باعداء الاسلام لاستهدافنا ونهب خيراتنا ، في هذا العصر (عصر الظهور الشريف) لمهدي الامة ومنقذها ، بينما نحن نغط في سبات عميق . اقول : لو ظهر المهدي (ع) في هذا الزمان لكان بوش اللعين هو النمرود الذي يواجهه ، فأن لبوش نفس المواصفات الطغيانية التي كانت عند النمرود في زمن ابراهيم (ع) حيث ان نمرود عندما عرف عن طريق منجميه بقرب ولادة الفتى الذي يكون هلاكه وهلاك مملكته على يديه ، فقام بظلم الناس وارسال الجواسيس وقتل كل من يولد في ذلك الزمان ، لكن الغلبة دوماً لله الفرد الصمد قاصم الطواغيت والجبارين فولد ابراهيم الذي أمات الباطل واحيى دين الله الحق ، واليوم فان بوش يقوم بنفس الفعل بعد أن علم من منجميه بأن هذا الزمن هو زمن ولادة امر المهدي (ع) ويكون هلاكه وهلاك مملكته ( الولايات المتحدة الامريكية ) على يديه لذلك فقد قام بوش بنشر قواته البرية والبحرية والجوية في ارض العرب والمسلمين وخصوصاً المناطق التي لها الاثر الكبير في الظهور المقدس لغرض خنق المنطقة ومنع ولادة امر المهدي ذلك الامر الذي ينتظره جميع المظلومين في بقاع المعمورة بغض النظر عن الدين والمذهب ، والذي سيكون والذي سينبثق من العراق ارض الانبياء والاولياء والصالحين ، لذلك فأن بوش سارع الى جمع حلفائه والانقضاض سريعاً لاحتلال العراق ( مصدر انبثاق الدعوة) وعاصمة دولة المهدي ، ولكن هيهات لهم ذلك فان الله بالغ امره ويأبى الا ان يتم نوره برغم انوف الكافرين ويكمله على كافة الاديان ولو كره المشركون . قال تعالى { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{32} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} التوبة 32-33 .
الموعود
سنن المهدي من الانبياء
سنته من نوح(ع)
صنع السفينة
بعد فترة من بعثة نبي الله نوح(ع) ودعوته للناس وتكذيبهم اياه وعدم قبولهم لما دعاهم اليه امره الله عزوجل بصنع السفينة قال تعالى (واصنع الفلك باعيننا ووحينا ولاتخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون) هود37.
وفعلاً بدأ نوح (ع) بصنع تلك السفينة بعد ان علمه جبرئيل (ع) كيفية صنعها فقد جاء في الرواية الواردة عن ابي عبد الله (ع) انه قال:(يعني نوح(ع) -الى ان قال- امره الله ان ينحت السفينة وامر جبرئيل (ع) ان يعلمه فقد طولها في الارض الفا ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء ثمانون ذراعاً فقال يارب من يعينني على اتخاذها فاوحى الله اليه ناد في قومك من اعانني عليها ونجر منها شيئاً صار ماينجره ذهباً وفضة فنادى نوح فيهم بذلك فاعانوه عليه وكانوا يسخرون منه ويقولون يتخذ سفينة في البر ) قصص الانبياء للجزائري - ولما تبين لنا كما اوضحنا في الحلقات السابقة ان للمهدي (ع) شبه وسنة من نوح (ع) فلا بد اذن ان تكون للمهدي(ع) سفينة خاصة بعد ان بينا في الحلقة السابقة ان هناك طوفان من الفتن يسبق قيام الامام المهدي (ع) وهذه السفينة حتماً ليست من خشب كما كانت سفينة نوح بل هي سفينة هداية لكي تطفو على الطوفان الفتن فلا ينحرف من ركبها ولايضل بل سوف ينجو ولايقع في الفتن وطوفانها فقد ورد عن الحسين بن علي (ع) ان رسول الله(ص) كان يدعو عند الزوال بهذا الدعاء (اللهم صل على محمد وال محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة يأمن من ركبها ويغرق من تركها المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق) بحار الانوار ج84 - وجاء في الحديث ان الحسن البصري كتب الى ابي محمد الحسن بن علي(عليهما السلام) :( اما بعد فانكم معاشر بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة .....) اعلام الدين - وجاء في الصلاة الشعبانية الواردة عن الامام زين العابدين عليه السلام :(اللهم صلي على محمد وال محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة ....)الاقبال - فآل محمد الأئمة الطاهرين هم سفن النجاة فلا ينجو الا من تمسك بهم صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وركب سفينتهم وفي كل عصر واوان هناك سفينة هداية فالامام المهدي (عليه السلام) في زماننا هذا هو سفينة النجاة فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : (اعلموا ان الدنيا بحر عميق قد غرق فيها خلق كثير وان سفينة نجاتها آل محمد علي هذا وولده) بحار الانوار ج17 - وعن ابي ذر الغفاري قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله)يقول ( من قاتلني في الاولى وقاتل اهل بيتي في الثانية حشره الله في الثالثة مع الدجال ، انما مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك ) بحار الانوار ج23.
وعن الرضا عليه السلام من ابائه عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : ( مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زُخ في النار ) بحار الانوار ج23 . ومما يؤكد ان المهدي ( عليه السلام ) هو سفينة النجاة في زماننا هذا ما جاء عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه قال خرج توقيع من الناحية المقدسة حرسها الله تعالى - جاء فيها بعد الصلاة على الائمة الطاهرين : (( اللهم صل على محمد بن الحسن حجتك في ارضك وخليفتك في بلادك والداعي الى سبيلك والقائم بقسطك والسائر بأمرك ولي المؤمنين وبوار الكافرين ومجلي الظلمة ومنير الحق والناطق بالحكمة والصدق وكلمتك الباقية في ارضك المرتقب الخائف والولي الناصح سفينة النجاة وعلم الهدى )) .
اذن لما تبين هذا كله اقول لا بد ان يكون للمهدي (عليه السلام) سفينة الا ان سفينته ستكون راية هدى وهداية وهي دعوته ( عليه السلام) ولا بد ان تصنع تلك السفينة (( الدعوة )) في الكوفة كما كان صنع سفينة نوح في الكوفة فعن المفضل بن عمر قال : كنت مع ابي عبد الله (عليه السلام ) بالكوفة ايام قدم على ابي العباس فلما انتهينا الى الكناسة فنظر عن يساره ثم قال يا مفضل ها هنا صلب عمي زيد رحمه الله - الى ان قال - قال فأوحى الله اليه يا نوح اصنع الفلك واوسعها وعجل عملها بأعيننا ووحينا فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ منها، بحار الانوار ج11 .
ومن هذا يتبين لنا واضحاً ان دعوة المهدي ستبدأ في الكوفة وستنطلق من الكوفة الى العالم وهي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق في بحر الفتن والانحراف والضلالة .
انكم تسيؤن الى الاسلام بهذه الافعال
جاء في الاحاديث والروايات الشريفة الواردة عن رسول الله والائمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين النهي عن التفني بالقرآن بل ان العلماء قد دونوا ذلك في رسائلهم العملية وعد ذلك الفعل من الافعال المسيئة الى القرآن والاسلام وقد عدت هكذا قراءة من الغناء فليس معنى الغناء هو الاختصار على الكلام الدنيوي بل ان كل كلام حتى القرآن اذا تغنى به الشخص عد غناء والغناء كما هو معروف من الامور الثابت حرمتها في الدين الاسلامي الا اننا وللاسف الشديد بدأنا شيئاً فشيئاً ننحرف عن تعاليم الاسلام حيث زين لنا الشيطان افعالنا بأسلوب خبيث وذكي فقد راح البعض من (الرواديد) الذين ينشدون القصائد الحسينية والدينية يتغنون بتلك القصائد ونسوا او تناسوا ان فعلهم هذا من الغناء المحرم في الشريعة الاسلامية.
وكل ذلك طمعاً في المال والشهرة التي حصلوا عليها من خلال الحسين(ع) وهذا مانراه بوضوح من(الرادود) باسم الكربلائي الذي اصبح اشبه مايكون بالمغنيين او المطربين وللاسف الشديد حيث راح يتغنى بتلك القصائد الحسينية حتى بات معروفا لدى الكثيرين من طلبة العلوم الدينية في النجف الاشرف والمؤمنين . ان الالحان التي يؤديها باسم الكربلائي اللحان غنائية محرمة ولم يقتصر الامر على هذا الحال بل انه راح يتصرففي ادائه للقصيدة كما يتصرف المغنيين حيث يتحرك بحركات شبيهة بحركاتهم ويؤدي القصيدة كما يؤدي اولئك المطربين أغانيهم وقد فاجئنا بعض الاخوة (الرواديد)في الاونة الاخيرة صرنا نرى بعضهم يؤدون قصائدهم بطرق مختلفة عن المعتاد من قبيل التجول في الحدائق ماشيا او الجلوس في اماكن معينة او اثناء ركوبه او قيادته للسيارة او يسمونه (فديو كليب) وهذه الافعال في الواقع ماخوذة من افعال المغنين وطرق ادائهم للاغاني وما الى ذلك وهذه الافعال كلها تسيء للاسلام وقادته وللائمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم وبالاخص الامام الحسين (ع) وهي في نفس الوقت تسيء للمسلمين وتضعهم في حرج كبير فبينما يقوم بعض المسلمين المخلصين الامرون بالمعروف والناهين عن المنكر بالنهي عن الاستماع الى الغناء يواجههم البعض بانه ما الفرق بين ماتقوم به بعض (الرواديد) وبالاخص باسم الكربلائي وبين اغاني المطربين وافعالهم حتى ان البعض منهم قد شبهوا باسم الكربلائي وافعاله وحركاته باحد المطربين المعروفين لتشابه افعالهم وادائهم وهذا الامر اصبح شائعاً ومعروفاً حتى انني سمعت من احد مشايخ الحوزة العلمية حينما راى باسم الكربلائي قال طلع (؟؟؟؟؟؟؟؟) حيث شبهه باسم احد المغنين المعروفين وللاسف الشديد ولا ادري الم يسمع باسم الكربلائي وغيره من (الرواديد) بتلك الانتقادات وردود الافعال ام انهم غضوا النظر عن ذلك . اننا في الواقع نتالم بسبب من يسيء لاهل البيت الاطهار (عليهم السلام) وللاسلام، ولكننا لانملك الا النهي عن المنكر عن طريق اللسان والقلب عسى ان يستمع هؤلاء (الرواديد) لهذا الكلام فيستغفروا الله يتوبوا عن افعالهم ويعتذروا للائمة الطاهرين (عليهم السلام) عما صدر منهم لانه ليس من الوفاء لاهل البيت الاطهار الذين من نعمتهم عرفتكم الناس وازدادت اموالكم حتى صار الامر شرطاً في تعاملكم مع اصحاب المواكب الحسينية الذين ينفقون من قوت عوائلهم في امل احياء شعائر الله عزوجل وشعائر المولى ابي عبد الله الحسين (عليه السلام).
المهدي يدعو الى اسلام جديد
حروب النبي (ص) وحروب المهدي (ع)
بناءاً على ماتقدم في الحلقات السابقة من الشبه الكبير بين دعوة النبي(صلى الله عليه واله وسلم) وحركته من اجل نشر الاسلام وبين دعوة المهدي(صلوات الله وسلامه عليه) وحركته لاجل نشر دعوته الى الاسلام الجديد في اخر الزمان فلابد ان يكون هناك تشابه في ما الت اليه الدعوة الاسلامية بعد انتشارها وثباتها كما كان هناك شبه بين الدعوتين في بداية انطلاقهما ، فبعد ان استقر الاسلام في المدينة وانتشر وظهرت الدعوة الاسلامية حاول اعداء الاسلام القضاء على هذا الدين الجديد ومعتنقيه من خلال المواجهة الحربية والعسكرية فكانت معركة بدر الكبرى التي نصر الله عزوجل بها دينه ثم توالت المعارك فمن معركة بدر الى معركة احد والاحزاب وحنين وغيرها واستمر المسلمون في انتصاراتهم وتضحياتهم حيث سقط الكثير منهم شهداء في سبيل الاسلام وهذا الامر سوف يقع مع الامام المهدي(عليه السلام) وانصاره حيث يخوضون الحروب ضد اعداء الاسلام واعداء الدعوة الاسلامية الجديدة بقيادة المهدي وسوف يسقط الكثير منهم شهداء في سبيل الاسلام الجديد والدعوة الجديدة وسوف يعطي انصار الامام المهدي (عليه السلام) الكثير من التضحيات لاجل دينهم وعقيدتهم فان الاحاديث الشريفة والروايات المعصومية دلت على ان انصار المهدي الذين يقعون شهداء سيكون قسم منهم كشهداء بدر وقسم اخر كشهداء احد وهكذا فقد جاء في الحديث الشريف المروي عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) (خير قتلى قتلت تحت ظل السماء مذ خلق الله تعالى خلقه اولهم هابيل الذي قتله قابيل اللعين ظلماً،ثم قتل الانبياء الذين قتلتهم اممهم المبعوثة اليهم حين قالوا ربنا الله ودعوا اليه ، ثم مؤمن آل فرعون ، ثم صاحب ياسين ، ثم حمزة بن عبد المطلب ، ثم قتلى بدر ، ثم قتلى احد ، ثم قتلى الحديبية ثم قتلى الاحزاب ، ثم قتلى حنين ، ثم قتلى تكون من بعدي تقتلهم خوارج مارقة فاجرة ، ثم ارجع يدك الى ما شاء الله لمن المجاهدين في سبيله حتى تكون ملحمة الروم قتلاهم كقتلى بدر ، ثم تكون ملحمة الترك فقتلاهم كقتلى يوم الاحزاب ، ثم ملحمة الملاحم قتلاهم كقتلى يوم حنين، ثم لايكون بعد ذلك ملحمة في الاسلام لاهلها فيها الى يوم ينفخ في الصور) الفتن - والملاحم المشار اليها في هذا الحديث لاتكون الا في زمن المهدي (عليه السلام) وانصاره وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على الشبه بين حروب المهدي وحروب النبي(صلى الله عليه واله وسلم) وان الله عزوجل سينصر وليه المهدي وانصاره كما نصر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والمسلمين وان الاسلام في زمن المهدي سيصل الى العالم كله حتى لايبقى مكان الا ويرفع فيه ذكر الله اكبر وعندها سوف لايكون دين الا الاسلام حيث يظهره الله على جميع الاديان كما اخبر عزوجل في كتابه(ان الدين عن الله الاسلام) آل عمران 19- وقوله تعالى(ومن يبتغي غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين)آل عمران 85- ومن هنا فان من اراد ان يتعرف على دعوة الامام المهدي(عليه السلام) التي تسبق بظهورها قيامه الشريف من مكة المكرمة عليه ان يعرف جيداً كيف بدأت دعوة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وكيف سارت وماهي المراحل التي مرت بها وفي اي وقت بدأت ومن هم انصارها ومن هم اعدائها وكيف جوبهت ومن هم قادتها وشخصية الداعي وهو الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم)وما رافقها من احداث وردود افعال وما الى ذلك فدعوة المهدي (عليه السلام) كما هو معلوم دعوة الهية ومن هذا الباب فلابد ان تكون شبيهة بدعوات الانبياء (عليهم السلام) وخاصة دعوة النبي الخاتم (صلى الله عليه واله وسلم)وهذا مادلت عليه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة كما سبق ان قدمنا وذكرنا في الحلقات السابقة والتي نشرت تباعاً في الاعداد الماضية من الصحيفة . والحمد لله رب العالمين .
المقاومة الفكرية
ان لم نجد الشرعية في حمل السلاح لمقاومة الاحتلال ، فلنمسك القلم ونسخر الفكر لمقاومته
إني ارغب صرير القلم اكثر من دوي المدافع
هل تقودنا أمريكا واذنابها الى حرب طائفية؟
لا للارهاب ، نعم للاسلام وكلا كلا للشيطان الاكبر
قيام دولة اسرائيل على حساب انتهاك حرماتنا وتحت شعار (ارض الميعاد من الفرات الى النيل)
التحرير في مفهوم السياسة الامريكية الحديثة
يبدو إن سياسة التحرير التي تتبعها أمريكا في العالم وبالتحديد الدول النامية للعالم الثالث حسب ما صنفوه وفق الخطط الاستعمارية المحددة للسيطرة على الشعوب وتدميرها, ولعل السياسة التي استخدمتها أمريكا في حروبها التهجمية على دول العالم من اجل السيطرة وليس التحرير , ويؤلمنا ما يجري للناس أصحاب الفطرة السليمة والعقول البسيطة فهم الذين كانوا دائما الضحية الأولى والأخيرة. أن البساطة التي يتحلى بها هؤلاء المستضعفين جعلتهم في بادئ الأمر يحلمون أحلاما ويطمعون لأشياء كان رجاءاً منهم إن أمريكا ومن معها جاءوا ليجعلوها حقيقة وواقع ملموس فالبعض تأمل خيراً في أن يمتلك مسكناً يأوي عياله من التشتت والضياع والبعض الأخر طمع بان تصبح له وظيفة يقتات منها ويوفر شيئاً لمستقبله المجهول, لكن بمرور الأيام ثبتت إن هؤلاء المتأمركين ما هم إلا وسيلة بأيدي خفية هم ومن جاء يلهث خلفهم لاستغلال أولئك الناس المستضعفين لا غير وهذا ما حصل فعلاً, واليوم ونحن ننعم بثمرات الحرية الزائفة من آلم وجوع وحرب إبادة جماعية كسابقتها , فأوضاع العراق التي عصفت به في حكم صدام ما هي إلا نسخة مطابقة لما نعاصره اليوم وربما تكون على شكل اعم وشامل أي إن ما كان يقوم به صدام من قتل و ابادة وحروب إجرامية وانتهاكات لا حصر لها كانت تحدث في الخفاء مدعومة من الأمريكيين أنفسهم والغريب في هذا الأمر إن الذي حصل بالامس ذاته يحصل اليوم فها هي تمول وتدعم كما عملت من قبل , فحين أرادوا إن يكون صدام الابن المدلل لهم في حروبه وقفوا خلفه وأقاموا له الدعم الكامل في شتى الوسائل . ونراهم يعيدون الكرة اليوم ليجمعوا قبل احتلالهم العراق الأحزاب والتجمعات والمنظمات على اختلاف الوانها وأطيافها ومللها التي عاشت في الدول بعيدة عن الفكر الإسلامي العربي فمنهم من له الولاء الأول للغرب وغيرهم فالأهم لدى هذه التجمعات هو مصلحة الشيطان الأكبر فما هم إلا بنات آوى تتبع الذئاب لأكل مخلفاتها, ونحن ننعم بهذا النعيم من الحرية ومن ثمراتها التي تعددت فنذكر منها لا للحصر, أولا : الأمن والأمان فأي امن هذا يتحدثون عنه قتل وسفك للدماء وحرباً طائفية هم أشعلوها أصحاب الكراسي والمناصب أولئك أصحاب الذمم القذرة والولائات المختلفة , فألامان اليوم بمعناه الأمريكي المأسوني والأموي العباسي الحديث هو القتل والاغتصاب والأخذ بالثارات على حساب الباطل لا على حساب الحق فهم على الرذيلة والباطل يتسابقون فهم من أرادوا فتنة طائفية فهل يعقل اخوتي المسلمين أن أمريكا أعظم دولة في العالم بقدرتها المادية والبشرية لا تستطيع تأمين الأمن لإفراد الشعب العراقي وكذلك المساجد والحسينيات, إذا من ذلك تعرف إن أمريكا راغبة وبشدة هذه الحرب الطائفية مستخدمتا كلابها السائبة في إشعال فتيل هذه الحرب ومن جهة أخرى فالتحصيل الثاني للحرية هو ألاقتصاد العراقي ذو المستوى الهابط الذي وصل بنسبة إيرادات عالية ما تحت الصفر المئوي وبخسارة وديون يدفعها المواطن العراقي من دمه أو العجب العجب إننا بلد ذو خيرات لا يمكن حصرها نصبح اليوم واقفين الآلاف من الطوابير على محطات الوقود للتزود بالمحروقات بأنواعها وكذلك طوابير في المراكز الصحية والأغرب طوابير الموت المستمرة والكل ماسكاً كفنه بيده لا يعرف في أي لحظة يهدر دمه غدرا أو رمياً بالرصاص أو ربما الحرق أو غيره فقد تعددت الأسباب والموت واحد, وبكل بساطة في التعبير (أقتلك غدراً من الخلف لا وجها لوجه) وثالثا :وهو جانب حيوي مهم وهو من ثمرات التحرير الفاسد وهو حركة الاعتقالات فأخذت في طريقها الشيوخ والشباب والنساء والأطفال فحدث ما حدث من اعتداء جنسي على الرجال والأطفال واغتصاب النساء وكذلك وسائل التعذيب المستحدثة والتي لم نسمع بها في السابق فالنظام المقبور وان أجرم إجراما بشعا فأظن انه لم يصل إلى هذا الحد . إما نسائنا فصورهن باتت في شاشات الفضائيات عاريات مغتصبات من هؤلاء وجلاوزتهم , أفلا نتعظ ولا تأخذنا الغيرة العربية الإسلامية في انتهاك العرض والأرض , ورابعاُ: وهذا منجز في غاية الروعة إلا وهي المعجزة الأمريكية واغلبنا يعرفها وهي(الكهرباء) فالحكومة الأموية الصدامية في حرب الخليج الثانية في احتلال الكويت ورغم التدمير الشامل لقطاعات البنية التحتية ومن ضمنها الكهرباء إلا انه أعاد هذا الجانب في خلال 40-60 يوم في شتى أنحاء العراق ورغم إن التيار منحصرا على جلاوزته إلا أن الشعب كان ينعم ما يقارب 6 ساعات من الكهرباء يومياً رغم ظروف الاقتصاد التعيس والحصار المفروض والخبرات العراقية لا غير إما هذه المعجزة الأمريكية بعد حرب السيطرة والاحتلال فأنها تم توزيعها للشعب العراقي بمعدل ساعة أو ربع ساعة يومياُ للشعب هذا إذا كانت متوفرة وهذه أحدى النعم التي انعم علينا بها الاحتلال فهل أمريكا العظيمة بقدرتها غير قادرة على توفير المولدات أو محركات التوليد وهي ومن معها من الدول العظمى في هذا المجال وبمقدورها بناء وحدات الكهرباء في غضون أيام معدودة؟ فهل نسال أنفسنا من السبب ؟ وربما يقول احدنا إن الوضع الأمني لا يساعد في الأعمار؟ اعلموا أخوتي إن من استطاع توفير الأمن للمنطقة الخضراء وللأكراد وغيرهم الا يستطيع توفير حماية للمنشاءات الحيوية , واليكم مثال بسيط متداول في الشارع العراقي بكثرة سمعنا فلان وفلان يعملون في الكهرباء يقولون أن الكهرباء ليس فيها أدنى عطل و إن لديها القدرة الكهربائية العالية للتغذية إلا إن المستشار الأمريكي يرفض وبشدة تسهيل أمر الكهرباء ويأمر من تحته بان ينصاعوا لأمره في تحطيم الشعب والإسلام , وما قبل النهاية وهذا لا نهاية فيه لأننا في البداية فما الحل يا ترى وأين ستصل بنا حروب التحرير , وفي أي حرب أهلية بين الأهل والجيران سيشعلون ؟ فانا لله وأنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله ألعلي العظيم.
الصحف المتأمركة
الأقلام المأجورة والإعلاميين الماديين أصحاب المبادئ النقدية التي تمجد لمن يدفع أكثر وتوجه الرأي العام وحركة القلم على هواهم المادي الغير أخلاقي , لذلك فان الصحف المتأمركة والمأجورين للإعلام الأمريكي وغيره من الجهات غير المعلنة بدأت أقلامها العميلة تخط بخطوط الدم والقتل المعنوي أبناء الإسلام والعراقيين على الخصوص فكوننا إعلاميين في مجال واحد في بلد واحد ذا فكر مختلف جذرياً من صحيفة لأخرى , كل واحد منا نحن الصحفيين تعكس كتاباتنا الحس الوطني والإسلامي والعربي في كل كلمة تعكس الحس الداخلي لكاتبه فالوطني تأخذه الغيرة الوطنية البناءة للأخذ بوطنه نحو الوحدة إما المأجور فأنه يكتب وفق عدد الدولارات المدفوعة ربما على حساب المركز والسلطة الموعود بها وهذا ما يحصل فعلاً كثيرا ما نعرف و(أهل مكة اعرف بشعابها ) إن هنالك الكثير من المأجورين تعاملوا مع الجهات المحتلة والجهات المحرضة على الفتن والحرب الطائفية ومنهم من تأتيه المقالة كاملة ليقوم بدوره بإلصاق اسمه الغير نزيه على تلك المقالة لتنشر من غير خجل ولا احترام للمشاعر خادما أسياده وجيبه. نحن لا نمانع إن يكون القلم الصحفي له طموح في تأمين مستقبله لكن ليس على حساب أرواح الناس وخصوصياتهم, فلا بأس من الصحفي إن يجد الدعم والتمويل الشريف ذو المبدأ وعقيدة صحيحة معتمدة على الشرعية . لا إن تدعمك جهات غير معلنة سياسية ودولية وحتى الجهات الإرهابية لتنشر كل ما يريق الدماء. والإعلامي ما هو إلا ناطق بالحق والحقيقة للناس والجهات المعدومة فهو السلطة التي تطرح همومهم ومشاكلهم وتعبير عن حرية فكرهم وآراءهم وهي التي تساعد في إقامة الحكومات الديمقراطية العادلة الخالية من الطائفية والعنصرية والتعصب , للأسف الشديد فان اغلب الأقلام قد تلوثت إثناء الدعم المادي الهائل لتخريب هذا البلد والدين لذلك نرى إن اغلب الصحف المأجورة ذات المبدأ الانتهازي المادي الإجرامي أخذت من الحادثة الإرهابية الأليمة على قلوبنا من تفجير الإمامين العسكريين(عليهما السلام) الباب لأشغال النار بين أبناء الوطن الواحد خدمة لمصلحتهم الشنعاء المادية أو التسلطية فنرى تلك الصحف يومية أو أسبوعية كانت امتلأت صفحاتها بالتحريض على الفتنة فبدلاً من إن يخمدوا النار يسكبون عليها الزيت لأنها في خدمتهم وخدمة أسيادهم , كما نقول لكم إخوتي القراء يجب إن يكون الصحفي صاحب قلم شريف لا مأجور ووطني قبل أي شيء فأحذروهم هؤلاء الملعونين ولا تجعلوا أفكارهم الرخيصة تلوث عقولكم الراجحة فنحن إخوة تجمعنا روابط مصيرية واحدة. الأرض والعرض وكلمة ان لا اله إلا الله محمد رسول الله , ولا يجب إن نسير خلف من باع نفسه لحفنة من الدراهم ليستفد منها ويحرق أبناء وطنه بلا سبب فعلى القارئ إن يكون حاذقاً حين يقرأ فعليه التمييز بين الخطأ والصواب لا إن ينجرف وراء السيل فيكون الأوان قد فات والندم قد اعتلى قلبه خسر دنياه وأخرته.
صانعي الإرهاب ..
كيف تولد الإرهاب في العالم الإسلامي؟
(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) حيث الوحدة الإلهية التي أرسل بها رسول الهدى(صلى الله عليه واله وسلم) ليهدي العالمين الى سواء السبيل ويظهر الحق ويزهق الباطل ولو كره المشركون , فمن الأخلاق الإسلامية المحمدية للرسول الكريم وال بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) ومن فضائلهم التي أغنت العالم على مر الأزمنة ,ومن تعاليمهم التي وردت إلينا من حسن الأخلاق والرحمة , والعلوم تفهمنا وتعلمنا ولو بالجزء اليسير مما علمونا إياه , علمونا الرحمة وصلة الرحم والعدل والسلام والتسامح والمحبة والغيرة لله وحده وأمور لا تحصى من الفضائل الكريمة التي أوصى بها الله رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) وسار بنهجها آل بيته وصحابته الأطهار (عليهم السلام) ولم نأخذ منهم إلا كل طيب يدل على الرحمة والرأفة والمساواة حيث قال رسول الله(ص) : (لا فرق بين أعرابي وأعجمي إلا بالتقوى) فالتقوى أساس الإيمان والعبادة لكننا نعايش ألان في هذا الوقت وما سبقه من السنين والعقود السابقة فكرة واتهامات توجه إلى الإسلام كونه إرهابي إجرامي يتلذذ في صياغة الإرهاب في دول العالم دون استثناء لكنهم لم يدركوا ويعوا إن الإسلام الحقيقي دين رحمة ومحبة لا دين قتل وإجرام وبالتالي فان ما وصل إليه الإسلام من اتهامات باطلة جراء الظروف التي تمر به وصلت ذروتها من تشويه صورته كون الإسلام إرهابيا ودين إرهاب , فأي إرهاب الذي يتحدثون عنه " الإرهاب التي صنعته الدول الشيوعية والرأسمالية لتلقي به على الإسلام فتلك الخروقات التي تقوم بها هذه الدول الحاضنة للإرهاب والصانعة له تقوم بزرع بذرة الإرهاب في الدول الإسلامية وبالتالي ينمو شيئاً فشيئاً متجاهلين من قام بزرع تلك البذرة , إما مصير الإسلام اليوم بحسب نظرهم قاعدة إرهابية , فكيف ذلك والإسلام أساس العدل والرحمة فمواجهة المحتل فكرياً وماديا اليوم أصبحت إرهاب , والدفاع عن أعراضنا أصبح اليوم دفاعا عن الإرهاب , ومواجهة الاحتلال هو إرهاب بحد ذاته فماذا يكون الاحتلال وماذا يسمى إن المسلمين لم يعتدوا إلا بعد إن اعتدى على مقدساتهم وحرياتهم والمسلمين اليوم لم يعبروا البحار ويسيروا الآلاف من الآميال ليصلوا إلى دول يحتلوها ويعتدوا على كيانها المستقل, آفي مواجهة المحتل إرهاب ؟ إلا يسمون ما يقومون به من التحريض وأسواق المافيا وبيع السلاح المحظور هو إرهاب ؟ إلا يسمون التحريض على الحروب الطائفية وبين أبناء البلد الواحد والدين الواحد هو إرهاب, إذا لا بد إن نؤمن ونعرف إن الإرهاب يتولد من جهة ليست إسلامية بل جهة أو ربما عدة جهات خارجية ربما نعرف من تكون كل منهم يخدم مصلحته الذاتية بالإضافة إلى المصلحة إلام (مصلحة أمريكا اليهودية) فعلى النحو الأتي كيف تولدت جذور القاعدة وجذور الكثير من المنظمات التي تسمى بالإرهابية , فالكل يعرف إن مؤسسي تنظيم القاعدة هي أمريكا للقضاء على الاتحاد السوفيتي وكذلك فأن كل تنظيم أنشأته أمريكا للقضاء على خصومها ، لكن انقلب عليها هؤلاء ليكونون الرادع الوحيد للسياسة الأمريكية أو بالتالي فان مخططات اللوبي الصهيوني والاستخبارات الأمريكية وان ما صنعوه ليكون في صفهم في حروبهم الخفية أمسى ضدهم وربما أقوى مما يملكون من قدرات للسيطرة عليهم لان المثل الذي يقول (يخرج من ظهرك طير ويعلمك على الطيران) قد انطبق حرفياً فمن زرع الإرهاب جني ثماره , فأمريكا اليهودية زرعت هذه التنظيمات وها هي تحصد ثمراتها , إذا: (وجنت على نفسها براقش).
احذروا خطر المسيحية الصهيونية الجديدة
الدين المسيحي الذي أوحى به تبارك وتعالى إلى عيسى بن مريم (ع) وأيده الله من عنده بروح القدس تكريماً للمنزلة العظيمة له {... إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171, فرعاه الله برعايته وجعله من أولي العزم, وكما هو معروف من خلال معايشتنا للمسيحيين الحقيقيين سواءاً كان جاراً أو في عمل وما رأينا منهم إلا كل خير وما ينم عن السلام والحرية والالتزام تجاه الأديان الأخرى , فلم نرى منهم أحدا أساء إلينا لا سامح الله , فأن ما أتى به المسيح عيسى بن مريم (ع) هو السلام والحق ووجه الناس إلى عبادة الله وحده والتمسك بالسمو والخلق الرفيع وربما دلت احد نصوص الكتاب المقدس في انجيل متى فيقول السيد المسيح :- ( سمعتم أنه قيل؛ عين بعين وسن بسن. إما أنا فأقول لكم؛ لا تقاموا من يسيء إليكم ومن لطمك على خدك الأيمن فحول له الأخر) تلك هي دليل الإنسانية التي هدى عيسى(ع) بها قومه . فأن المسيحيين بكل طوائفهم في البلاد العربية وخاصة العراق, معروفون لدينا أنهم أناس أصحاب خلق متسامحين مع الغير ونحن نكن لهم المشاعر الأخوية والاحترام . إما ما نلمسه من الصهيونية المسيحية اليهودية التي أتت لنا من باب التحرير فلا ارتباط لها بالمسيح بتاتا بل هي فكرة شاذة عن المسيحية الحقيقية , لأنها تخالف كل ما أتى به المسيح من وصايا وتعاليم فنراها قد غزت العالم بأساليب جديدة من المكر والخداع مستخدماً الغزو الفكري وحتى العسكري إذا وجدت ما يعيقها في إتمام مساعيها نحو القضاء على المسيحية والإسلام بوجه الخصوص , فنراها مدعمة بالأموال الطائلة وغيرها من أساليب الماسونية المتمثلة بالشذوذ والاستغلال للإفراد والنتيجة الأهم لها السيطرة على العالم بشتى السبل والقضاء على أي فكر يخالف اليهودية, ففي الظاهر يدعون بالتبشير بالمسيحية لكن المخفي أنهم ثلة يهود أخذت المسيح كواجهة لا أكثر لزرع أفكارهم ودس معتقداتهم , ومثلهم كمثال المنافق الذي عاصر رسول الله (صلى الله عليه واله وصحبه وسلم) ذاك الكذاب عبد الله بن سلول فقد اسلم ظاهراً وباطنه فاسد محاولاً زرع الفتن والضلالة في نفوس المسلمين قال تعالى :- {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }المنافقون1, وهذا عينه الذي يحصل اليوم فأبن سلول مثال على اليهودية المسيحية الجديدة , فهؤلاء الجدد يعيثون في الأرض فسادا ويحسبون على المسيحية وهي منهم براء وقد أمسى منهم الكثير ذو نفوذ ديني لكنهم يكنون الولاء للصهيونية وهذا الخطر الأعظم, فقد حسبت بعض الكنائس على هؤلاء مسببين بذلك الفرقة والشتات لأبناء الأمة الواحدة والإنسانية الواحدة. فخير أنموذج نعايشه ألان من هؤلاء الصهيونيين المسيحيين الجدد جورج ووكير بوش (بوش الابن) والكل يعلم ماضي هذا الممسوخ من تفاهة فكل ما أشار إليه ماضيه ها هو يعود إلينا في صورة الملاك الخالي من الرجس وعلى حسب ادعاءه إن المسيح اختاره ليخلص العالم!! إلا لعنة الله عليه, هل المسيح أمره بقتل الأبرياء؟ هل المسيح علمه كيف يغتصب الرجال قبل النساء؟ لابد أن نسأل أنفسنا لنعرف أين يكمن الخطر للحذر منه, فها هو يدعي انه يحرر ويخلص هو ومن معه رضعاء الشيطانية اليهودية تسبقه حملات هلا كية لا تبشيرية , ما جاء ليحرر بل جاء ليهدم ويقضي على الإسلام وما جاء ليحرر العالم من الطواغيت بل ليأخذها من دين الله إلى اليهودية الصهيونية أطلق عليها هو وأذنابه صفة المسيحية وهي منه براء, فالمسيح عيسى بن مريم (ع) بريء منهم والإسلام بريء منهم فما أراد الله تعالى إلا عدلاً ومحبة وسلام لا ظلماً وانتهاك للمحرمات, فأين ذهبت تعاليم رسول الله وآل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , قال تعالى :- {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110, أم إننا أصبحنا على أبناء جلدتنا اسوداً وعلى من يريد القضاء على دينكم ويحارب إمامكم المنتظر ودعاء ودودين وأصبحتم مع هؤلاء الصهيونيين الذين أعلنوها حرباً صليبية لا رجعة فيها وأصبحتم أنصارا لها لا لدينكم مؤيدين الكفر خاضعين للشرك رافضين دين الله , اللهم اغفر لنا ولهم واجعلنا وإياهم في رحمتك وأيدنا لنصرة وليك الحجة بن الحسن(ع) لإظهار دين الله وليتم نوره وليتم قوله تعالى :- {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران19.
(التمهيد لقيام دولة اليهود من الفرات الى النيل)
تسعى الإدارة الأمريكية بعد أن تمكنت قواتها العسكرية من هزيمة النظام المقبور والانتشار على مجمل الأرض العراقية لأن تقيم وتنشئ إحتلالاً عسكرياً وسياسياً في الوقت نفسه على الأرض العراقية ، مبتدعة نظاماً جديداً للاحتلال بعد أن شعرت بأن الاحتلال السياسي الذي تمارسه على أكثر من الدول خاصة العربية لا يشبع نهمتها الإستكبارية في استغلال ثروات ومقدرات الأمم والشعوب والتحكم في قرارها وموقفها السياسي ، وفرض الهيمنة السياسية والاقتصادية على العالم أجمع ، هذا الاحتلال العسكري السياسي الذي يتجلى شقه العسكري في قواعد عسكرية ثابتة على الأرض بكامل عدتها وعتادها العسكري تكون بمثابة العصا التي تنهال بها اليد الأمريكية على رأس كل من يرفض هيمنتها وتبعيتها أو يحاول الخروج من تحت هذه الهيمنة والتبعية ، فيما يتجلى شقها السياسي في فرض حكومة عملية صورتها الشكلية عراقية ولسانها عربي أما قراراتها ومواقفها فهي أمريكية لخدمة الاستكبار الأمريكي ومشروع حليفه الإستراتيجي في المنطقة الكيان الصهيوني ومقدمة لتسويق هذا النوع من الاحتلال ، وقد رعت الإدارة الأمريكية عبر قيادتها العسكرية في المنطقة الفوضى التي شاعت في المدن العراقية لأنها أكثر ما يحتاجه الاحتلال لتمويه حقيقته وتبرير لاحق لهذا الاحتلال ( من أجل الديمقراطية !! ) فالحاكم المخلوع طاغية والشعب المقموع أشتات من أبناء السبيل والسرقة المعتدين على حقوق الغير الذين لا يتورعون عن سرقة المتاحف والبيوت والإطارات والأحصنة وأثاث المكاتب وسيارات الإسعاف وأسرة المرضى في المستشفيات . الإدارة الأمريكية وهي في أوج غرور القوة ونشوة الانتصار ، المدعومة بفكر استكباري هيمني متكأً على عقائد ضلالية فاسدة سيغيب عن بالها ( بقصد أو بغير قصد ) الحقيقة التاريخية أن لازمة الاحتلال هي المقاومة مهما عظمت تكاليفها واستحقاقاتها ، لأن أي شعب مهما تدنى وعيه الثقافي وإرثه الحضاري لا يمكنه القبول والرضا بهيمنة الآخرين عليه ونهبهم لثرواته ومقدراته فما بالك بشعب إرثه الحضاري والتاريخي يستند إلى عقيدة ودين إسلامي حنيف واديان سماوية أخرى منهجها السماوي يرفض العبودية والاحتلال ، وسيقتصر بالتأكيد فترة الصدمة والذهول المترتبة على الهزيمة العسكرية ، لتنطلق بعدها المقاومة والرفض لهذا الاحتلال ولهذا النهب للمقدرات والثروات ولهؤلاء العملاء الذين جاءت بهم قوات الغزو الأمريكي لتفرضهم على العراق وشعبه وتحقق من خلالهم أمنيات ورغبات الإدارة الصهيو أمريكية في احتكار ونهب الثروات النفطية العراقية لصالح الشركات الأمريكية ، وإقامة سلام مع الكيان الصهيوني والمساهمة في حل أزمته ودعم سيطرته على أرض وذلك بعد توفير الأمن لهذا الكيان بإزالة الخطر الذي يمكن أن يتهدده من الجهة الشرقية ، وفوق ذلك تحويل العراق إلى قاعدة صهيو أمريكية للعدوان على دول الجوار العربية والإسلامية أو محاصرتها . الإرث الديني والحضاري والتاريخي للشعب العراقي سيدفع بهذا الشعب نحو مقاومة الاحتلال الأنجلو صهيو أمريكي ، هذه المقاومة التي يمكن تحسسها في عدة إرهاصات يشكل التدافع فيما بينها وبين الواقع بشقيه الاحتلال والعميل للاحتلال مبشراً لميلاد مقاومة فكرية حقيقية تكشف المستور وجادة تقلب الموازين وتشكل حجر عثرة في وجه الخطط والمؤامرات الصهيو أمريكية للمنطقة العربية والإسلامية 0لأننا أيقنا وثبتت لنا الحقائق إن أمريكا تمهد فعلاً لقيام دولة ما يسمى (إسرائيل) لتحكم من الفرات إلى النيل!.
بحوث مستلة
اهمية القيادة في التخطيط الالهي
ويمكن ان ننطلق الى الحديث في هذه الجهة من عدة نقاط:
النقطة الاولى:
لا بد لكل حركة من قياده ولكل دولة من رئيس. ولا شك انه كان على راس
كل حركة ناجحة في التاريخ قائد محنك مقدام استطاع ان يسير بها قدما الى الامام.
(1) انظر مثلا تاريخ الغيبة الصغرى، ص 577 وغيرها. وهذا اساسا، مما لا بد منه، بحيث يستحيل عادة وجود حركة ما من دون قيادة وتوجيه مهما كانت الحركة ضئيلة والميا!ة مبسطة. فان الجماعة- ايا كانت- بصفتها مكونة من عدد من الافراد مختلفين في التدبير ووجهات النظر، لا تكاد تستطيع ان تحفظ مصالحها في حاضرها ومستقبلها، الا بشخص او عدة اشخاص ياخذون فيها مركز القيادة والتوجيه. فكيف اذا تضمنت الحركة اصلاح العالم برمته وضمان تطبيق العدل الكامل على البشرية جمعاء. ومباشرة التطبيق من حكم مركزي واحد ودولة عالمية واحدة. ونحن نرى ان الدول كبيرها وصغيرها، بالرغم من تضامن افرادها وتدقيقهم في الامور السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لاجل قيادة جزء من العالم... فانه يظهر على مر الزمن فشلها وسوء تصرفها، واخذها بالمصالح الخاصة للقادة لا بالمصالح العامة للناس. فكيف بقيادة العالم كله.
اذن، فلا بد، من اجل ضمان تحقق الغرض الالهي الكبير، من ايجاد شخص موهل من جميع الوجوه، لاجل الاخذ بزمام القيادة العالمية في اليوم الموعود. ولاجل هذا وجد المهدي عليه السلام.
النقطة الثانية:
لا شك ان النبي (ص) والائمة المعصومين (ع) بعده كان لهم القابلية الكاملة للقيادة العالمية. لضم مقدمتين نذكرهما هنا مختصرا ونحيل تفاصيلهما الى موطنه من ابحاث العقائد الاسلا مية.
المقدمة الاولى:
ان كل شخص يعينه اللّه تعالى للقيادة، لا بد ان تكون له القدرة على تلك القيادة. اذ يقبح على الله تعالى ان يعين شخصا لمهمة وهو قاصر عن ادائها. فمثلا اذا كان نبي مرسل الى هداية مدينة واحدة كان لا بد ان يهبه القدرة على اداء مسووليته، واذا كان مرسلا الى هداية منطقة كبيرة من العالم فلا بد من ان يكون له القدرة على ذلك وهكذا. ولا يمكن ان يوكل الله تعالى شيئا من المهام الى شخص غير قابل لادائها. بل اما ان يكون الشخص قابلا لذلك قبل ايكال المهمة اليه، او ان يهبه اللّه تعالى تلك القابلية بعد ايكال المهمة اليه. وعلى اي حال يكون حال تصديه لاداء مهمته على اتم القابلية والا ستعداد.
المقدمة الثانية:
ان دعوة النبي (ص) عالمية، كما ان المسؤوليات التشريعية المنوطة بقيادته معقدة وكبيرة. اذن يتعين القول بان اللّه تعالى اعطى النبي (ص) القابلية الكاملة للدعوة والدولة العالميتين. وحيث ان الائمة (ع منصوبون بتعين من اللّه تعالى، ليقوموا مقام النبي (ص) في الاخذ بزمام مسؤولياته بعد وفاته، من وجهة النظر الامامية، اذن فلا بد ان يكون الله تعالى قد اعطاهم القابلية الكاملة للقيادة العالمية. وبهذا الدليل يتعين ان يكون للمهدي (ع) مثل هذه القابلية، والاهلية، بصفته احد الائمة المعصومين الاثني عشر عليهم السلام من زاوية النظر الامامية، او بصفته خليفة النبي (ص) في اخر الزمان المنصوص عليه من قبل النبي (ص). كما يعترف به كل المسلمين. وعلى اي حال، فالمهدي (ع) يوجد قابلا للقيادة العالمية، قابلية متناسبة مع سعة دعوته ومسوولياته في انجاز العدل الكامل وتنفيذ الغرض الالهي الكبير.
النقطة الثالثة:
وكان لا بد للغيبة ان تشارك في التخطيط الالهي. لان الارادة الالهية به فى ان تعلقت بان يكون الامام محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام مهديا للامة، كما يذهب اليه الامامية وعدد من العامة. .. كان لا بد من الحفاظ عليه الى ان يتحقق الشرط الاساسي لتنفيذ ذلك الغرض الكبير. فاننا ان قلنا بان المهدي يولد في زمانه، كان ذلك خلاف هذا الاعتقاد. وان قلنا بوجوده متقدما كان لا بد من اختفائه حفاطا على حياته، حتى يظهر اللّه امره ويئفذ وعده، وهو معنى الغيبة.
فان قال قائل: يمكن ان نلتزم ان المهدي (ع) ولد في الزمان المتقدم، ثم يموت، ثم يحييه اللّه تعالى للقيام باليوم الموعود. نقول في جوابه: ان هذا غير صحيح لعدة وجوه.
اولا: انه افتراض لم يقل به احد. فهو على خلاف اعتقاد كل المسلمن. اذن مهو باطل جزما.
ثائيا: اننا ان فهمنا الغيبة طبقا لاطروحة خفاء الشخص، فليس الحياة بعد الموت اولى منها، من الناحية الاعجازية. وان قلنا بالغيبة طبقا لاطروحة خفاء العنوان، كانت هذه الاطروحة اولى بالاخذ من ذلك الافتراض، لانها اقرب الى الاسلوب الطبيعي، كما عرفنا فيما سبق، وقد عرفنا ايضا ان قانون المعجزات ينفي كل معجزة يمكن ان يوجد الغرض منها بشكل طبيعي.
ثالها: اننا مع هذا الافتراض سوف نخسر شيئا اساسيا سوف نشير اليه، وهو تكامل القائد خلال عصر الغيبة من تكامل ما بعد العصمة. اذ مع ذاك الافتراض لا يكون هذا التكامل موجودا، فانه لا محالة يحى على نفس المرتبة التي مات عليها من الكمال. اذن فالحفاظ على القائد العظيم، هو المطلوب الاساسي من الغيبة، الذي تشارك فيه الغيبة في التخطيط الالهي.
المهدي المنتظر عند أهل السنة
أن فكرة المهدي بمعناها العام وهو (إقامة دولة العدل العالمية في المدى البعيد) ليست من مختصات الشيعة فقط , بل هي فكرة شائعة لدى اغلب الأمم والفلاسفة في العالم القديم قبل ظهور الإسلام , فقد كتب عنها الفيلسوف اليوناني (زينون) الذي عاش سنة (350) ق.م وذكرها (شاكموني) الذي يعد نبياً في عقائد الهنود القدامى , وذكر الدكتور احمد محمود صبحي في كتابه "نظرية الامامة عند الشيعة" أن مسيحي الأحباش ينتضرون عودة مليكهم (ثيودور) كمهدي آخر الزمان , أما بظهور الإسلام فقد توضحت معالم الدولة المهدية – بمعناها الخاص – حينما أعلن الرسول الأكرم (ص) عن هوية قائدها بقوله :-"القائم المهدي من ولدي , اسمه اسمي , وكنيته كنيتي , وانه من أبناء فاطمة (ع) ومن ولد الحسين (ع) , كما تعرضت الأحاديث الشريفة لذكر صفاته وعلائم ظهوره , وانه يظهر في آخر الزمان "ليملا الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً" , ولم يشذ إخواننا علماء السنة عن ذلك , فقد روى أحاديث "المهدي المنتظر" الكثير من محدثيهم , وليعلم القاريء الكريم أن بين هوْلاء الأعلام من خص الموضوع بتأليف كتاب خاص فيه , مثل (جلال الدين السيوطي) في كتابه (العرف الوردي في أخبار المهدي) وابن حجر العسقلاني وله (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) والمتقي الهندي وله (البرهان في علامات المهدي آخر الزمان) والكنجي الشافعي وله (البيان في أخبار صاحب الزمان) , ولعل أول من خص الموضوع بكتاب هو القاضي أبو العنبس محمد بن إسحاق الكوفي المتوفى سنة (275) هـ فله كتاب (صاحب الزمان) ذكره ابن النديم في الفهرست , كما عقدت لذكره فصولاً في مجاميعهم الحديثية , إلا انهم اختلفوا في اسمه ونسبه , فقد ذكر الترمذي في سننه / كتاب الفتن – باب ما جاء في المهدي , بسنده عن رسول الله (ص) انه قال "لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيْ اسمه اسمي" , واخرج أبو داوود في السنن / كتاب المهدي , عن أم سلمة عن رسول الله (ص) انه قال "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" , صححه الشيخ ناصر الدين الألباني (محدث الشام) في سلسلة الأحاديث الضعيفة , قال "وهذا سند جيد , رجاله كلهم ثقاة , وله شواهد كثيرة" , واخرج محب الدين الطبري الشافعي في (ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى) / ص (146) عن حذيفة أن النبي (ص) قال :- "لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كاسمي" فقال سلمان (المحمدي) :- من أي ولدك يا رسول الله ؟ قال (ص) "من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين" وروى أبو داوود في سننه / أول كتاب المهدي , قال رسول الله (ص) "لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله في ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يواطيْ اسمه اسمي واسم أبيه اسم ابني , …" وقد صرح أهل التحقيق منهم بصحة هذه الأحاديث بل بتواترها , قال الشيخ محمد بن احمد السفاريني الحنبلي (تـ 1188 هـ) في كتابه (لوامع الأنوار البهية) ما نصه: "وقد كثرت بخروجه – يعني الإمام المهدي – روايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم , وقال العلامة الشوكاني (تـ 1250 هـ) صاحب كتاب (نيل الاوطار) , والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبروهي متواترة بلا شك ولا شبهة , ينظر :- عمر أمة الإسلام 1- أمين محمد جمال الدين /ص (55) ولم يقتصر الأمر على المتقدمين من علمائهم بل نجد ذلك واضحاً في كتابات المتأخرين أيضاً كالشيخ جعفر بن إدريس الكتاني (تـ 1323 هـ) الذي قال في كتابة (نظم المتناثر من الحديث المتواتر) / ص (238) "وأحاديث المهدي بعضها جيد , وبعضها حسن , وبعضها ضعيف , وأمره مشهور بين كافة أهل الإسلام على مر الاعصار , وانه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي , يؤيد الدين , ويظهر العدل ويتبعه المسلمون , ويستولي على المماليك الإسلامية , ويسمى المهدي".
أما فيما يتعلق بولادة الإمام المهدي (عج) وغيبته , فقد انقسم علمائهم على ثلاثة فرق :- فرقة قالت بأنه سيولد في المستقبل , وزعمت الفرقة الثانية انه ولد لكنه مات , أما الفرقة الثالثة فقد أثبتت وبصراحة – شانهم في ذلك شان علماء الامامية – ولادة المهدي الموعود وأنة محمد بن الحسن العسكري ومن هؤلاء ابن حجر الهيتي الذي ذكر في الصواعق المحرقة / الباب الحادي عشر – الفصل الثالث , قال :- "وأقام (يعني الحسن العسكري) عزيزاً مكرماً وصلات الخليفة تصل إليه كل وقت إلى أن مات في سر من رأى ودفن عند أبيه وعمره ثمانية وعشرون سنه ويقال انه سم أيضاً ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبية خمس سنين , لكن أتاه الله فيها الحكمة ويسما القائم المنتظر , وقال القندوزي الحنفي في ينابيع المودة / ج3 – الباب التاسع والسبعون: "ولم يخلف ولداً – يعني الإمام العسكري – غير أبي القاسم محمد المنتظر المسمى بالقائم والحجة المهدي وصاحب الزمان وخاتم ألائمه الاثني عشر عند الامامية , وكان مولد الإمام المنتظر ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين , أمه أم ولد يقال لها نرجس" , وجاء في (إسعاف الراغبين) للشيخ محمد الصبان المنشور بهامش (نور الأبصار) للشبلنجي / ص(141) , قال: "وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر): "المهدي من ولد الإمام الحسن العسكري ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم …"
بحث مستل / علاء لازم العيسى
مسلتزمات الرسالة العالمية
ان الرسالة العالمية تتطلب مجتمعا و دولة يقومان على اساس ان يكون الحماس الاول لها بوصفها المحور و القاعدة التى يقوم عليها ذلك المجتمع و تلك الدولة.
فالاسلام يبحث عن مجتمع رسالي ودولة رسالية، و من الطبيعي ان تنازع القومية في ذلك، و تحرص على جعل الحماس الاول لها لا لغيرها، و الواجب في مثل هذه الحالة السعي لترويضها و تهذيبها و توجيهها، لان من شأن الاستجابة لها ان تتسرب القومية الى مضمون الدولة. و تصبح تلك الدولة متناقضة بين شعار اسلامي رسالي عالمي، و مضمون قومى اناني، و عندما تخضع القومية لتهذيب الاسلام و توجيهه لابد و ان يقال لها: ان الاسلام يرعى المعنى القومي الذي تبحثين عنه بنحو افضل من رعايتك له، و ان ما يحققه الاسلام منه افضل مما تحققيه له. انتِ تحولين المعنى القومي الى مثل اعلى و تدورين من حوله و تقدمين له النذور و القرابين، و هذا يؤدي الى تجميد المحدود و الحيلولة دون كماله و ارتقاءه في صورة ما ينسج له من الوهية كاذبة تستغني بالعجب و الغرور و الانتفاخ عن التطور و الارتقاء الحقيقي، بينما يقدم الاسلام خدمة حقيقية لهذا المعنى حينما يضعه فى موقعه المناسب مع حجمه و يقول له: انطلق نحو الكمال عبر التبعية للمطلق سبحانه و تعالى. و نحن حينما نعطي الحماس الاول للاسلام، فإنما نعني بذلك اعطاءه لهذا المطلق سبحانه و تعالى الذي يفيض كما لا على من حوله من المعاني المحدودة، و حينما نشجب اعطاء الحماس الاول للقومية فلكى لا نغري بهذا المعنى المحدود، و نحول دون تحويله الى عملاق كاذب يخدع نفسه و المؤمنين به و يقودهم باتجاه الصراع مع سائر العمالقة الكاذبين من امثاله فى القوميات الاخرى، فتتحول الساحة البشرية الى ساحة صراع بين الالهة الكاذبة المنتفخة.
ان عنصر الحماس شاخص مهم في تعيين درجة استقامة الانسان فى خط معين، فان اعطى حماسه للارض فهو وطني، و ان اعطى حماسه لابناء وطنه فهو قومي، و ان اعطى حماسه للإسلام فهو في الخط العالمي المقابل للوطنية و القومية، و من السخف الاعتقاد بأن يعطى الانسان حماسه لاكثر من محور واحد في آن واحد، و قد انكر القرآن الكريم ذلك بشدة اذ قال تعالى: «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه»(59) نعم الشيء الصحيح هو ان نزعة الكمال لدى الانسان تحثه بإتجاه الاشتمال على كل المطالب الضرورية لحياته. غير ان ذلك لا يعني القبول بكل المحاور المطروحة و تقديم الولاء و الحماس لها جميعا، فإن ذلك تناقض يورث النفاق، و انما الترجمة السلوكية الصحيحة لهذه النزعة تتمثل في اكتشاف المحور الصحيح الذي اذا اخذ الانسان به تمكن من استيعاب سائر المحاور، و قابليته هذه على استيعاب الاخرين يمكننا ان نجعلها دليلا على مصداقية و حقانية المحور الذي يتحلى بها، و هى السمة التى يتمتع بها الاسلام، و يمتاز بها على ما سواه. و حينئذ فالحماس للاسلام هو الحماس للوطنية الصحيحة و القومية الصالحة.
- العوامل المشجعة على سلوك النهج العالمي
و مما يشجع الدولة الاسلامية المعاصرة على سلوك النهج العالمي في حقول الدولة و المجتمع عوامل عديدة و مهمة من شأنها تذليل الكثير من الصعوبات و المعوّقات التي ربما نظر الانسان اليها و حدها فأورثته نظرة متشائمة بشأن امكانية قيام تجربة عصرية ذات مضمون عالمي حقيقي. و لكنه الى جانب ذلك عليه ان ينظر الى العوامل المشجعة لتكون لديه نظرة واقعية متوازنة، و هي:
1- الاتجاهات الجديدة للانسان المعاصر
لقد غدا واضحا ملموسا لدى اكثر المتتبعين ان الانسان المعاصر بدأ يميل نحو المعنويات بعد ما قضى دورة من حياته في مادية حادة، و من الطبيعي ان يترجم هذا الميل بنزوع نحو الدين الصحيح المتمثل بالاسلام، و هو، اصبح يشكل ظاهرة ملموسة على مستوى المجتمع الانساني ككل، رغم كل ما يواجهه الاسلام من حملات تشويهية و قمعية و حروب ظالمة لا هوادة فيها. كما غدا واضحا ايضا ان الانسان المعاصر بدأ و بفضل عوامل عديدة ينبذ العنصرية و يميل نحو التآخي الانساني و الروح العالمية المنفتحة. و ما الحكاية الاستعمارية الجديدة عن العولمة و القرية العالمية الواحدة، الّامحاولة امريكية لاستثمار هذا الميل و استغلاله، و هذا ما يوفر فرصة سانحة و ارضية ثقافية و سياسية كافية لتحرك اسلامي باتجاه العالمية، و اخذ زمام هذه المبادرة و فضح المحاولة الامريكية الموسومة بالعولمة، بوصفها محاولة كاذبة لا تقصد احتذاء المعنى العالمي و تطبيقه في الحياة الدولية و انما تقصد اخضاع العالم للهيمنة الامريكية، بما يعني في النتيجة ركوب الموجة العالمية المعاصرة لصالح المعنى القومي الامريكي.
2- القدرة الانتشارية للاسلام و مما يشجع على سلوك النهج العالمي ايضا قدرة الاسلام العالية على الانتشار و النفوذ، فما ان يلامس شعاع الاسلام شغاف القلوب حتى تتفتح امامه، و تتلقفه النفوس، و الشاهد التاريخي على ذلك ان الشعوب و القوميات التى دخلت في الاسلام بنحو متعاقب فى اكثر بقاع آسيا و أفريقيا قد أقبلت عليه بمجرد أن تعرفت عليه و ارتفع الحاجز السياسي الذي يحول بينها و بينه. فيوم كان هذا الدين ضعيفا كان مشركوا مكة يحاربوه بقسوة و شدة و يوم اصبح قويا بعد فتح مكة قابل قسوتهم بالعفو عنهم جميعا الا من حمل السيف ضده، و اطلق لهم الامان و جعل بيت ابي سفيان من مراكز هذا الامان على الرغم من ان هذا الرجل كان من الدّ اعداءه و لم ترتفع راية ضد الاسلام الا و كان وراءها. و المؤرخون يؤكدون على ان العرب الذين دخلوا في الاسلام بعد صلح الحديبية في سنتي الصلح اكثر من الذين دخلوا فيه فى العشرين سنة السابقة عليه.
هل هناك سيف يستطيع أن يصنع ذلك ام هو سيف الحقيقة الاسلامية التي تشب جذوتها في النفس منذ الوهلة الاولى للتعرف عليها. و من الذي فتح بلاد الاندلس غير البربر الذين كانوا من ابرز من تثقف بالاسلام و حرص عليه في شمال افريقية و بلاد الاندلس؟ فهل دخل البربر في الاسلام عن طريق القوة؟ ام بفضل القدرة الانتشارية للاسلام؟.
و يمثل دخول اندونيسيا و مناطق اخرى من شرق و جنوب شرقي آسيا في الاسلام عن طريق الدعاة من التجار المسلمين شاهد لانظير له على دين ذى قدرة انتشارية مذهلة. و هل دخلت افريقية في الاسلام بقوة السيف ام بقوة الاقناع؟.
و يُعد دخول المغول و التتر في الاسلام حالة من عجائب التأريخ، فهؤلاء الذين نزحوا من اوطانهم ليكونوا اقسى غزاة عرفهم التأريخ الانساني ما ان لامس الاسلام شعورهم و احساسيسهم حتى انقلبوا على جاهليتهم و دخلوا فيه، و قد اثبتت وقائع القرن العشرين، خاصة العقود المتأخرة منه، ان الجاذبية و القدرة الانتشارية خصوصية مستمرة في الاسلام، فرغم مادية القرن العشرين الحادة، و فقدان المسلمين لروحية الدعوة، و تقاعسهم عن هذه الوظيفة، الاان شعاع الاسلام قد نفذ الى قلوب الملايين فى اوربا و افريقيا و مناطق من آسيا بدون وسيط، اكثرهم من اوساط ثقافية رفيعة، و منهم رموز فكرية معروفة على مستوى عالمي، كالفيلسوف الفرنسي المعروف روجيه غارودي.
مشاركات القراء
من الكتاب وسيرة الائمة
لماذا يقوم الامام بالسيف ولا يستتيب احدا
الحمد لله والعزة والمجد والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين
الى الذين لا زالوا في حيرة من امرهم لماذا يقوم الامام بالسيف ولا يستتيب احد . واليك الجواب عزيزي الموالي من كتاب الله عز وجل هو :
1- ان نبي الله نوح ( عليه السلام) لبث في قومه 950 سنة كما جاء في القران الكريم ولبث فيهم الف سنة الا خمسين عاماً .
ليدعوهم الى عبادة الله سبحانه وتعالى وعلى رأس كل 300 سنة يدعو الله في هلاك القوم من الله سبحانه وتعالى وفي بعض الروايات انه يأمر نوح بزراعة النخيل حتى تثمر اي ينظر كل هذه المدة عسى ان يؤمن به احد من قومه وعندما كملت هذه المدة اي 950 عاماً ماذا قال نوح عليه السلام :(( قال رب اني دعوت قومي ليلاً ونهاراً )) (( فلم يزدهم دعائي الا فرراً )) الى ان قال في نفس سورة نوح عليه السلام :
(( وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين دياراً )) (( انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجراً كفاراً)).
اي ان قوم نوح لم يبقى من غير الذين امنوا معه شخص يوجد في قلبه ذرة ايمان ابداً وهذا بصريح القران اي انه لم يستغيث منهم احد ولم يقل شخص كما قال فرعون عندما ادركه الغرق الى ان بقائهم في الارض لا يولد منهم الا الفساد والكفر والعصيان اي بحسب استئصالهم ولو نتنزل ونقول : احتمال وجد شخص كان يريد التوبة لكان الله سبحانه وتعالى اعرف به من نوح ومنا نحن المتقولون ، كذلك لا يستتيب الامام عليه السلام احد اذا قام بالسيف لأن اذ كان احد يستتيب احد لكان تاب وامن بدعوة الامام او نصر وزير الامام او اليماني الذي يدعو الى الامام ويمهد له لأن الانسان صاحب العقل والبصيرة والذي في قلبه ايمان (( فطرة الله الذي فطر الناس عليها )) لا يبقى طول هذه المدة وهو بين الشك واليقين اما مع الحق واما مع الباطل مع الامام او مع اعداء الامام في الجنة ام في النار والامر في هذا المجال لا يحتاج الى اوضح من ذلك فهذا من كتاب الله المنزل ونحن نقرأه ليلاً ونهاراً .
2- من سيرة المعصومين (عليهم السلام )
خذها ثانياً من معركة صفين حيث ان الامام علي ( عليه السلام ) قَتلَ في معركة صفين في ليلة الهرير 500 نفر حسب الروايات المذكورة في كتب السير والتاريخ وكذلك ان مالك الاشتر ايضاً قتل 500 نفر .
مالك الاشتر كما قال في حقه الامام علي (عليه السلام) عندما استشهد في القلزم : ( كان لي مالك كما كنت لرسول الله ) .
قال مالك للأمام علي ( عليه السلام) وهو العارف بأحدى حقائق الامام وليس كلها حسب قول الرسول لعلي ( عليه السلام ) : ( يا علي لا يعرفك الا الله وانا) .
قال مالك لامير المؤمنين(ع) انت يا علي قتلت 500 نفر وانا قلت 500 نفر من الفارق امام الناس حتى يعرفوا من هو علي بن ابي طالب ( عليه السلام) قال علي ( عليه السلام ) انا عندما اقتل الفارس انظر في صلبه اذا لم يوجد في صلبه شخص مؤمن فأقتله والا اتركه اذا كان في صلبه رجل مؤمن . اما انت يا مالك والقول لعلي ( عليه السلام) قلت هذا العدد بدون هذه المعرفة فهذا هو الفارق اي ان قتل هؤلاء من المعصوم او غرق اولئك بالماء نفس الشيء اي انهم لا يلد الا فاجر كفاراً .
السجاد (ع) في تسبيحه
كما تشير البوصلة الى القطب الشمالي ... كان هناك شيء ما يتجه من بعيد يشير الى بقعة على شطئآن الفرات .... الى منائر تنبعث من اعماق المياه .... شيء يشبه الروح تفصح عن الحوادث كما تفصح عن سر البذار.
مضى التاريخ يشعل الحوادث هنا وهناك . الخيول تهز الارض وتثير الغبار ... تغير على المدن في العراقين وفي الحجاز.
فقد الانسان العربي طمأنينته ... ورحل زمن السلام وهاجرت الروح بعيداً بدأت الكعبة ذلك العام كسفينة وسط أمواج بشرية متدافعة تمتم (زين العابدين) بحزن:
- ما اكثر الضجيج وما أقل الحجيج . وقف سعيد بن المسيب وسط الحشود القراء ينتظرون رجلاً يدعوه الناس (ذو الثفنات) وبعدة القاب :فاذا قيل (سيد العابدين) او (زين العابدين) او ( السجاد) او ( الزكي) او ( الامين) فان الاذهان تنصرف الى شاب في الثلاين من عمره عليه سيماء النبوات وقد رسم الحزن لوحة على عينيه تموج فيها غيوم مخزونة بالمطر.
-ها هو قادم: هتف احد القراء وقد اشار الى جهة تفضي منها قوافل الحجيج ورنت الابصار الى نبع الطمأنينة في الدنيا كل ما فيها يدور بعنف تهفو له القلوب الحائرة وهي تبحث عن طريق السماء بعدما تشابهت عليهم السبل. إنطلق الركب باتجاه الشمال الى حيث هاجر محمد من قبل سفن الصحراء تطوي المسافات الزاخرة بالرمال. مالت الشمس نحوا لمغيب والقت السفن مراسيها ليلتقط المسافرون انفاسهم . ثًمً شجيرات تحيط بغدير ماء ضارب لخيام بعيدة ونسوة يحملن جرار الماء ويتجهن صوب الخيام . غابت الشمس وراء الكثبان الرملية : وبدت ذرى التلال متقدة بضوء يفور حمرة. شمر (زين العابدين) عن مرفقيه وراحت مياه الوضوء تنثال على وجه مضيئ فتتساقط حباتها محدثةً نغماً هادئاً اتجه حفيد النبي بكليته الى البيت المعمور وكبر للصلاة . بدى كتمثال منحوت بخشوع ما خلا نسمات كانت تحرك ثيابه ابيضاء برفق . خيم صوت مهيب لكأن روح الانسان وهي تتصل بسبب من السماء تهيمن على كل ما حولها ومن حولها من شجر وحجر وآدميين . هو الكائن الابيض ساجداً للحقيقة الوحيدة كحماقة تبشر بالسلام انبعثت كلمات اخاذة لكأنها نهر متدفق من جنات الفردوس تنساب هادئة معبرة تمسح على القلوب فتهبها السكينة على الرمال فتغمرها خشوعاً وجلالاً.
النبع متدفق يسحر الكائنات بتسبيح الانسان:
سبحانك اللهم وحنانيك
سبحانك اللهم وتعاليت
سبحانك اللهم والعز إزارك
سبحانك اللهم والعظمة رداؤك
سبحانك اللهم والكبرياء سلطانك
سبحانك من عظيم ما اعظمك
سبحانك سبحانك سبحت في الاعلى تسمع وترى ما تحت الثرى
سبحانك أنت شاهد كل نجوى
سبحانك موضع كل شكوى
سبحانك عظيم الرجاء
سبحانك تسمع ما في قعر الماء
سبحانك تسمع انفاس الحيتان في قعر البحار
سبحانك تعلم وزن الفيئ والهواء
سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرة
سبحانك قدوس قدوس قدوس....
امر عجيب ماذا يحدث ؟ ما هذا الدوي الذي تردده الكائنات كأن صوت الانسان قد فجر مكنوناتها الاسرار كما تنفجر من الصخر ينابيع الحياة في لحظة تماس مع الغيب مرت لحظات مشحونة سمع فيها ابناء آدم وقد عادوا من الحج الاكبر تسبيح الكائنات . فخرست الافواه دهشة وانعقدت الالسن في اللحظة التي يلج فيها ابن آدم عالم الملكوت.
رفع الذي عنده علم الكتاب رأسه من الارض والتفت وقال هذا تسبيح الاعظم.
الحسين والمقاعد
تهرب الكلمات وتخجل المعاني من ذكر اسمك ياحسين لم يقتلك اعداك بسيوفهم بقدر ماقتلك انصارك برسائلهم وقفت وحيداً تنادي اما من ناصر ينصرنا اما من مغيث يغيثنا سمع صوتك الباري واجابتك ملائكة السماء ولكن القدر سبق واخذتك السيوف وانت تقول اني وجدت الحياة مع الظالمين برما شاء الله ان يموت الحسين بهذه الطريقية المواثرة في النفوس ليبقى حياً في القلوب خالداً في الجنة ويبعث الله رسالة مكتوبة بدم الحسين الى الناس جميعا يقول فيها ان دين محمد لا يستقيم إلا برفض الحكم الجائر والوقوف بوجه الظالمين مهما كانت التضحيات . ويوماً قيل للإمام علي إن معاوية أدهى منك فأجاب عليه السلام ان معاوية ليس ادهى مني ولكنه يغدر ويفجر ، لقد كانت سياسة اهل البيت مبنية دائما على الصدق والصراحة واحترام حقوق الانسان وكرامته وعدم التضحية بأي حكم من احكام القرآن أو أي مبدأ من مبادئ الاسلام من اجل تحقيق نصر او مكسب دنيوي لأن النصر الحقيقي عند محمد وآله وهو رضا الله والفوز بالجنة وها نحن نرى اليوم ادعياء الاسلام وبحجة السياسة البارعة يضحون بقيم واخلاق ومبادئ الاسلام ولسان حالهم يقول( الغاية تبرر الوسيلة ) إلا إن الله لا يطاع من حيث يعصى ، فما ربحت تجارتهم ولهم الخسران المبين.
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }التوبة109- وها هو التاريخ يعيد نفسه والحرب مستمرة بين الحسين ويزيد ، ويقف الحسين منذراً اعداءه الذين خذلوه والذين حاربوه لأن ذلك واجباً عليه أمام الله لا بد ان يؤديه ، الحسين اليوم لا يخاف من الموت ولا يطمع في الدنيا ولا يرغب بمنصب او جاه أو سلطان ، كجده بالأمس صامدا صابرا محتسباً يقول للناس انتم في حل من بيعتي ويسرني ان اقاتل مع الله وحدي وسأنتصر وكيف لا وربي له جند في السموات والارض بأيهما شاء نصرني . ولكن نفس الحسين اليوم تذهب أسفاً وحسرات على بني اسرائيل إذ قالوا لموسى { فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }المائدة24- وكيف لا يقعدون وقد حصلوا على مقاعد فاخرة في قصور خضراء ، ووعدوا الناس ببرنامج حافل أوله الامن وأوسطه العدل وآخره الرفاه ولا أظنهم يوفون والزمان سيشهد على ما اقول وسيكسب يزيد الوقت ليملأ الارض ظلم وفساد وجور
رحلة مع تاريخ
جوامع ومساجد مدينة الكوت
في عام 82 هـ ( 702 م ) بنى الوالي الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي مدينة واسط وهو التاريخ الأرجح لبنائها والتي تقع أطلالها الأولى في جنوب شرق مدينة الكوت الحالية وكما أن الغموض يكتنف أصل تسميتها فأن مما يلفت الأنظار إليه هو عدم وجود الدليل القطعي تاريخيا في تحديد أول جامع تم بنائه فيها ولكن جل ما يعرف إن أي حاضرة إسلامية تضم فيما تضمه من الأبنية المعمارية مسجدا أو مسجدا جامعا وعليه يكون أول جامع قد تم تأسيسه على هذا الافتراض في عام 82هـ أي في ذات السنة التي بنا فيها الحجاج مدينة واسط كما ذكرنا .
على العموم كان عام 1838م أول محاولة مؤرخة لبناء الجوامع في المدينة كما يشير إلى ذلك مؤلف كتاب تاريخ الكوت الأستاذ عادل البكري حيث تم تشييد جامعان في موضع واحد وزوال أثرهما نهائيا في الوقت الحاضر أولهما كان قد شيد في العام المذكور ( 1838م ) وسعا في أمر تشييده أحد شيوخ النجف الأشرف من آل الخضري وكان يقيم في الكوت بالتعاون مع أهل البلدة وأستخدم في بنائه الطين وجذوع النخل وفي عام 1854م تهدم نتيجة حدوث فيضان هدمه ومحا أثره وبعد مدة من الزمن قام أحد أبناء المدينة ويدعى ( عيسى ) بتشييد جامع أخر في الموضع نفسه على جانب النهر وتم بناءه عام 1880م جرفه الفيضان عام 1892م وسبق تشييده في عام 1863م بناء جامع الكوت الكبير الذي ما يزال عامرا حيث جدد بنائه مرارا وهذا الجامع هو الجامع الرئيسي لمذهب إخواننا أهل السنة في مدينة الكوت وفي عام 1892م وتزامنا مع الانتهاء من الجامع المذكور على نهر دجلة تم بناء جامع الكوت الأكبر وكان أول من أسس له الشيخ ( جبارة ) وكان يوم ذاك معلما لأبناء المدينة وقد جدد وبني من تبرعات الأهالي وهو اليوم يعتبر الجامع الرئيسي لمذهب الشيعة الأمامية في مدينة الكوت . وفي عام 1957م تم تشييد جامع الحاج حسون في منطقة المشروع وسط مدينة الكوت وفي عام 1964م تم بناء أول جامع في الضفة اليمنى لنهر دجلة ويسمى بجامع العزة في الوقت الحاضر حيث كان أسمه سابقا ( جامع الفيصلية ) نسبة إلى تأريخ سكنا المنطقة في عهد الملك فيصل الأول وفي عام 1966م تم بناء جامع الحاج رشيد وبعده بعام أي في 1967م تم بناء ثلاث جوامع هي ( جامع الحاج عبود النجار , جامع الحاج رضا السعدي وجامع النصر ) لقد شهدت أعوام السبعينيات والثمانينيات ومن القرن الماضي تضاؤل فرص بناء الجوامع بسبب السياسات القمعية للنظام البائد والذي وصل الأمر به إيقاف ومنع عمليات الترميم والتحديث للجوامع بل تعداها إلى حد إغلاق البعض منها وأستمر الحال على ما هو عليه الجوامع ومن الملفت للنظر إلى أن الفترة التي أعقبت تأريخ سقوط صدام قد شهدت توسعا كبيرا في بناء الجوامع وخصوصا في أطراف المدينة ومن الملفت للنظر أيضا إن معضم هذه الجوامع قد تم تشييدها من قبل الأهالي بالاعتماد على تبرعات المحسنين.
واحة المرأة
هل تعلم ؟
× هل تعلم إن الافضل للمؤمن في آخر الزمان الفرار بدينه؟
حيث جاء في غيبة النعماني عن عبد الله الحسني عن علي بن موسى الرضا (ع) إنه سمعه يقول:( إذا مات إبني علي بدأ السراج بعده ثم خفي ، فويل للمرتاب وطوبى للغريب الفار بدينه ، ثم يكون بعد ذلك أحداث تشيب فيها النواصي ويسيّر الصم الصلاب.
× هل تعلم إن لشيعة في آخر الزمان لا يدرون الى من يرجعون؟
فقد ورد في بحار الأنوار ج52 عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) إنه سمعه يقول :( لا تزالون تنتظرون حتى تكونوا كالمعز المهولة التي لا يبالي الجازر أين يضع يده منها ، ليس لكم شرف تشرفونه ولا ستر تستر.
× هل تعلم إن من اصاب من دولة الباطل إقتص منه في دولة الحق؟
غيبة النعماني عن أبي الصباح الكناني قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) فدخل عليه شيخ وقال : قد عقني ولدي وجفاني إخواني فقال له أبو عبد الله (ع) أوما علمت إن للحق دولة وللباطل دولة كلاهما ذليل في دولة صاحبه ، فمن أصابته رفاهية الباطل أقتص منه في دولة الحق
× هل تعلم إذا هدم حائط مسجد الكوفة ففيه زوال دولة بني العباس؟
فقد جاء في غيبة الطوسي ص446 عن خالد القلانسي عن أبي عبد الله (ع) إنه قال : إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار ابن مسعود فعند ذلك زوال ملك بني فلان أما إن هادمه لا يبنيه.
فلسفة اسماء فاطمة الزهراء (ع)
عن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد الله (ع) لفاطمة (ع) تسعة اسماء عند الله عز وجل : فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والراضية والمرضية والمحدثة والزهراء ومن الامور المهمة التي اخذت جانبا وحيزا مهما في الاسلام واكد عليها الرسول (ص) والائمة من خلال احاديثهم المباركة تسميه المولود باسم مبارك يدل على معنى لائق وجميل وحسب ما ترتضيه النفس المؤمنة ويميل اليه الوجدان الانساني . وقد اثبتت البحوث العلمية المتاخرة التي قام بها علماء النفس والاجتماع ان للاسلام اثرا بالغا على منشا تصرفات وسلوك الافراد الذين يحملون ذلك الاسم . وان كانت هذه المسالة تتفاوت في مدى تاثيرها على السلوك الفردي للانسان من فرد الى اخر الا انه في النتيجة النهائية يترك بعض الاثار المعينة الواضحة لذلك المعنى الذي يحمله الانسان . وعلى هذا الاساس نجد ان هناك تمايزاً واضحا في الاسماء التي تطرح وتعطى لأي فرد حيث نجد ان الكثير من الاسماء التي حملها بعض الافراد وان كانت ذات مغزى لطيف واصيل وحسن إلا إنه المسمى بها غير منزه بل انه مثلا على خلاف اسمه وهذا بخلاف ما نجده في بعض الاسماء التي تحمل معنى قبيح وصاحبها ذو اصالة واخلاق حسنة وافعال جميلة . وهذا نجده من خلال استقراء سيرة الكثيرين في هذا المجال ان هناك من الاسماء اللامعة والتي يشير اليها المسلمون بالبنان مثل عبد الملك وهارون الرشيد والمتوكل على الله والواثق بالله ، عن بينهم وبين القابهم البون الشاسع فأسمائهم تدل على انهم عاشوا في ملكوت التوكل والرشد والتقوى والوثوق بالله والاعتصام به بينما السيرة الذاتية لحياتهم وشخصياتهم تدل على خلاف ذلك فمثلا لو طالعنا حياة هارون الرشيد ذلك الخليفة العباسي وكيف تصرف برعونة وحماقة مع الاحرار والسادة العلويين من ذرية الرسول (ص) وخصوصا بحق الامام موسى بن جعفر (ع) نجد ان هذا الامر واضح وبصورة جلية ، ولنعلم ما قال الشاعر الكبير ابو فراس الحمداني في رائعته التي تقول:
دين مخترم وحق مهتضم
وفيء رسول الله مقتسم
الى ان يقول....
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا
مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
إذا تلوا اية غنى خطيبكم
قف بالديار التي لم يعفها القدم
بينما اذا نظرنا الى سماء اهل بيت النبوة (ع) نجد ان اسمائهم تدل على المعاني العالية المنال وفي نفس لوقت نرى ان السيرة الذاتية لحياتهم وتصرفاتهم ذات دلالة واضحة على اسمائهم والقابهم فحين نقرأ سيرة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) نجد كل القابه وكناه منطبقة على صفاته الاصيلة الثابتة في اعماقه وفي جذوره المشرقة المضيئة بنور الله تعالى فهو الامام العابد الزاهد الصادق القائد، امام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وهكذا الائمة اجمعين ومن هذا المنطلق نرى ان رسول الله واهل بيته (ع) قد اكدوا من خلال الكثير من الروايات ضرورة تسمية المولود بخير الاسماء وافضلها لما يتركه الاسم من بصمات واضحة والآثار الجميلة على طبيعة تصرف الفرد ، حيث من الاستحباب المؤكد على ضرورة تسمية المولود باحسن الاسماء حيث روي عن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) إنه قال (لا يولد لنا ولد إلا سميناه محمد فإذا مضى لنا سبعة أيام فإن شئنا غيرنا وإن شئنا تركنا) وقد اكد الرسول ( صلى الله عليه واله ) على هذه التسمية بقوله : ( من ولد له اربعة اولاد ولم يسم احدهم بأسمي فقد جفاني). وكان الديدن العام لأئمة أهل البيت عليهم السلام على هذا الامر والاهتمام به وحثهم على تسمية ابنائهم وبناتهم بالاسماء التالية ( عبد الرحمن وباقي اسماء العبودية - محمد ، احمد ، علي ، حسن حسين ، جعفر ، طالب ، فاطمة ) واثبت اهمية هذه المسألة تجنباً من سخرية الناس في حالة تسميتهم بأسماء ورد فيها الكراهة مثل : الحكم ، خالد ، مالك ، حارث ، الخ.
وهنا ندخل في البحث الذي نريد ان نوضحه للقاريء وهو أسماء فاطمة الزهراء (عليها السلام) وفلسفتها فأن اسمها من الباري عز وجل وهو الواضح لهذه المعصومة الشهيدة وهنا تنقدح عدة اسئلة مهمة مرتبطة بصميم بحث اسمائها الا وهي:
1- لماذا وضع الباري عز وجل الاسماء لفاطمة الزهراء (عليها السلام) ؟
2- وما هي فلسفة اسمائها ؟
3- وما هي المعاني لها ؟ ولم التأكيد من قبل الله تعالى على اهمية اسماء الزهراء عليها السلام كل هذه الاسئلة لابد لنا من التوقف عندها والالمام بمعرفتها من خلال مراجعة احاديث اهل البيت عليهم السلام واستظهارها وكيفية بيان معاني اسماء فاطمة الزهراء عليها السلام اما كون اسمائها من الله تعالى وهو الذي سماها بفاطمة فيوجد في هذا المنظار احاديث كثيرة تبين هذه المنقبة ( لفاطمة عليها السلام) ، فلقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال لفاطمة عليها السلام : (( شق الله لك يا فاطمة اسماً من اسمائه فهو الفاطر وانت فاطمة)). وجاء في حديث عن ابي عبد الله عليه السلام : (لفاطمة عليها السلام تسعة اسماء عند الله عز وجل : فاطمة والصديقة والمباركة ، والطاهرة والزكية والراضية والمرضية والمحدثة والزهراء).
وفي حديث اخر قال ابو الحسن عليه السلام : ( .... فلما ولدت فاطمة سماها الله تبارك وتعالى فاطمة).
فمن خلال هذه الاحاديث التي يطول بها المقام ان اكثر اسماء فاطمة الزهراء عليها السلام هي من وضع الله تعالى وهي التي سماها بهذه الاسماء المباركة انما هي لتكون علامة لشيء ما يكون الاسم للمسمى ولوجود الحكمة والاتقان في وضع الاسماء . ومن هنا كان الواضع لاسماء فاطمة الزهراء عليها السلام هو الله تعالى وذلك لوجود المناسبة والحكمة في ذات الزهراء عليها السلام وكذلك اقتضت حكمة الباري عز وجل ان تكون العلامة فيها مناسبة لها وهي ذات الزهراء في مادتها وصورتها حيث كانت دلالة فاطمة الزهراء ذاتية ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع اسمها فكان التعبير من الله تعالى ادق في التعريف فالله سبحانه وتعالى يحب ان تكون اسماء اهل البيت (عليهم السلام) منه تعالى وكما قال الله تعالى (( لا يسئل عما يفعل وهم يُسئلون)).
اما ان قال شخص ما ان الواضع لاسماء فاطمة هو غير الله تعالى وبغض النظر عن الرواية الواردة في المقام والشواهد والقرائن الاخرى ؟ فالجواب عليه : أنه لو قلنا بأن الواضع غير الله تعالى لم يكن هناك محذور في ان الالفاظ بينها وبين المعاني مناسبة ذاتية لان الواضع لا يمكن الا ممن له قوة المعرفة التي تنقص عن المعرفة بالمناسبة واعتبارها ويدل هذا انا وحدنا في اللغة واشتقاق الالفاظ بعضها من بعض ونظمها على ما يوافق الحكمة ما يبصر العقول مع ما عرفنا من قصورنا عن اكثر اسرارها ولا يكون ذلك الا ممن يقدر على المناسبة ويعرف كمال حسنها وشرفها على عدمها واذا كان قادراً على العلم بها وعلى معرفتها بأنها أكمل وأدل على المطلوب واوفق بالحكمة كان العدول عن ذلك نقصاً في الكمال وعدولاً الى الاهمال عن الحكمة لأن الاسماء في الحقيقة صفات المسميات فلو لم يكن بين الصفة وموصوفها مناسبة ذاتية ومطابقة حقيقية لكانت صفة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) التي تطلب بها تمييزها يصلح ان تكون لغيرها واذا صلحت لغيرها كان تمييزها بها مما يزيد في الالتباس وعدم المعرفة.
والنتيجة التي نريد ان نستعرضها وننظرها هو ان الواضع هو الله تبارك وتعالى لاسماء فاطمة الزهراء (عليها السلام) لتكون العلامات والمميزات والصفات المعينات لفاطمة الزهراء (عليها السلام) وتبيان اشتقاقها من اسماء الله سبحانه وتعالى حيث قال الامام علي بن الحسين (عليه السلام):
حدثني ابي عن ابيه عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) - الى ان قال - : ( قال الله تعالى يا آدم هذه اشباح افضل خلائقي وبرياتي هذا محمد وانا الحميد المحمود وفي فعالي شققت له اسماً من اسمي وهذا علي وانا العلي العظيم شققت له اسماً من اسمي وهذه فاطمة وانا فاطر السموات والارض فاطم اعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي وفاطم اوليائي عما يعريهم ويشينهم شققت لها اسماً من اسمي..).وهذا يعني انها فيض وجودها ونورها من فيض الله ونور الله تبارك وتعالى ونسبتها الى الله تعالى من حيث وجودها ومبدأ نورها وصفاتها (سلام الله عليها ) وبأبسط تامل لهذا الحديث يظهر انه سبحانه وتعالى يريد بالاسم ما هو اعم من اللفظ ولو اراد اللفظ خصوصاً فقط يعني اسم فاطمة لما قال تعالى وهذه فاطمة وانا فاطر السموات والارض ولو اراد خصوص المعنى لما علقه بالالفاظ ولكنه تعالى يريد الاسماء المعنوية والاسماء اللفظية وهو المفهوم من احاديثهم الكثيرة .
المؤمنة ونكران ذاتها
ان من مقومات السير في خط اهل البيت (عليهم السلام) وخاصة خط الامام المهدي (ع) قوة الايمان بالعقيدة ونكران الذات ، لأن الانا اذا تحركت في قلب المؤمنة ضعف الايمان وبالتالي نزول الغشاوة على العين والقلب ووسوسة الشيطان بحب الذات التي تقود صاحبتها الى الظلالة بلباس الايمان.
كان الحسين (عليه السلام) عند خروجه بالعائلة الهاشمية ومن ضمنها زوجات وبنات الاصحاب فلولا الايمان والتمسك بالاخلاق الاسلامية التي نادى بها رسول الله (صلى الله عليه واله)لما سار الركب إختي لمؤمنة انظري لأخيك المؤمن بالفكر والعقيدة كنظرة الاخت لأخيها والام لأبنتها كي تستمري بخط النصر.
اختي المؤمنة دعي دواخلك هي التي تتحدث فلا تتحدثي بلسان الايمان ودواخلك عكس ذلك ، فنحن في عصر تنظيف سرائرنا من الحقد والحسد والمصارعة التي هي ملذات الدنيا الزائفة الزائلة . اختي هل نسيتي زينب الحوراء (ع) وجمعها لنساء واطفال الصحابة ، فمنها خذي الدرس واعتبري ، كوني زاهدة الدنيا ولا تنقادي لرغبتك الشخصية لكي تكوني قدوة لغيرك ونموذج يقتدي به الكثير من المؤمنات الداعيات والمتضرعات لله بتعجيل فرج آل محمد (ع)جعلنا واياكم من انصاره واعوانه.
فاتن الحسناوي
حديث ام سلمة في قتل الحسين (ع)
قالت ام سلمة زوجة النبي (ص) : كان النبي يوماً مستلقياً على قفاه والحسين (ع) يسبح على بطنه وفي يد رسول الله (ص) شيء ينظر اليه ويبكي فقلت فداك ابي وامي يا رسول الله ما هذا البكاء ؟ فقال : يا ام سلمة هذه تربة أتاني بها جبرائيل (ع) من ارض كربلاء فصيريها في قارورة فاذا رأيتها قد صارت دماً عبيطاً فأعلمني ان ولدي الحسين (ع) قد قتل . قالت ام سلمة : فوضعت التربة في قارورة ووضعتها في بيت فلما سار الحسين (ع) الى العراق صارت ام سلمة تنظر الى قارورة في كل يوم حتى اذا كان اليوم الذي قتل فيه الحسين (ع) اتت الى القارورة فوجدتها قد صارت دماً عبيطاً فلما رأت ذلك علمت ان الحسين (ع) قد قتل فقالت والله ما كذب الوحي ولا كذب رسول الله (ص) . قالت ام سلمة : فصبرت حتى اذا جن الليل رفدت فرأيت رسول الله (ص) وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : يا رسول الله جعلت فداك ما هذا التراب الذي اراه على رأسك ولحيتك ؟ قال : يا ام سلمة الان رجعت من دفني ولدي الحسين (ع) قالت ام سلمة : فأنتبهت فزعة مرعوبة فسمعت بالمدينة هدة عظيمة فقلت لجاريتي : انظري ما هذه الهدة فخرجت الجارية في المدينة اذ سمعت جنية تنشد وتقول :
الا يا عين جودي فوق خدي
فمن يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا
الى متجبر في الملك وغد
قالت الجارية : فأجابتها جنية اخرى تقول :
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود
ابواه من عليا قريش وجده خير الجدود
زحفوا اليه بالقنا شر البرية والوفود
قتلوه ظلماً ويلهم سكنوا به نار الخلود
قال : فرجعت الجارية الى ام سلمة فاخبرتها بما سمعت فوضعت يديها على رأسها ونادت واحسيناه . فجعل الناس يسرعون اليها من كل جانب وهم يقولون يا ام المؤمنين ما الخبر ؟ قالت : قتل ولدي الحسين (ع) . قالوا : وكيف ذلك وانت في المدينة والحسين (ع) في الكوفة ومن اخبرك بذلك ؟ قالت : تربة دفعها الي رسول الله (ص) من ارض كربلاء وقال : اذا صارت دماً عبيطاً فأعلمي ان ولدي الحسين (ع) قد قتل ، والله ما كذب رسول الله (ص) ولا كذبني وهذه القارورة والتربة واذا هي كما قالت ام سلمة قال : فعند ذلك شقوا جيوبهم ولطموا خدودهم وحثو التراب على رؤسهم وسعو الى قبر رسول الله (ص) يعزونه بمصيبته على ولده الحسين (ع) .....
زينب
التزام الزهراء (ع) بالاداب الاسلامية
ان من مستحبات الصلاة استعمال الطيب والصلاة بثوب نظيف والصلاة بخشوع وتوجه الى الله تعالى قالت الزهراء (ع) في اخر لحظات عمرها الشريف - ولم يبق من آذان المغرب وصلاتها سوى - لحظات -فقالت لأسماء بنت عميس : هاتي طيبي الذي أتطيب به وهاتي ثيابي التي أصلي فيها . فتوضأت وفي هذه الاثناء انقلب حالها فوضعت رأسها --- فقالت لها : أجلسي عند رأسي فأذا جاء وقت -- الصلاة فأقيميني فأن قمت والا فأرسلي الي علي كي تخبريه بموتي . وتقول أسماء : فلما جاء وقت الصلاة قلت : (( الصلاة يا بنت رسول الله )) .
فلم أسمع جواباً ، فاذا هي قد قبضت ....
يجب ان نتعلم من الزهراء الطاهرة (ع) درس النظافة والالتزام بأداب الاسلام وكيف أنها استعدت للصلاة قبل دخول وقتها ولبست ثوب الصلاة وتعطرت للصلاة قبل دخول وقتها …
نرجس
زيــنــب ام هــنــد
ونحن نعيش ايام عاشوراء بليله ونهاره، بمصائبه وأحزانه ، بدمائه وبدموعه، بأحبته واعدائه، بأشخاصه وساداته . لعل الكثيرين مزجوا حروف عاشوراء بدماء الحسين (ع) ونهاه بمصيبة السبط (ع) وساعة الزوال بتقطيع الأصحاب لأنصار الحق منيرة قد أنارت نهار عاشوراء بعد ان أظلم ذلك النهار ظلمة سوداء جيش يزيد (لع) بل قد أنار الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه التاريخ رغم سواد صفحاته بأفعال جنود إبليس (لع).
هكذا هي المعادلة ، حق ودماء جيوش وسباء ، جنة وخلود ، جهنم وفناء ، قبور وثورة ، قصور وخربة ، قائم لله بثأر ودولة ، آل سفيان طغيان وفي النار كبوة . هذا ما يخص عاشوراء فما بال ليله ، رعب وأنين نور وحنين جمع العيال وداع الأبطال . وهكذا نرى المعاني تعود في ليلة عاشوراء كنهاره ، فكان محمد (ص) في زينب (ع) موجوداً كما كان آبا سفيان (الملعون ) حاضراً باشخاص جيش حفيده يزيد الملعون وكان علياً في شخص بطلة كربلاء موجودا موجوداً كما كان معاوية موجوداً في غدره في سواد ذلك الليل وكان الحسين (ع) حياً بوجود أمينة آل محمد (ص) في ذلك الليل المرعب كما كان يزيد الملعون حاضراً بكأسه وجبروته في تلك الليلة في رواق قصره. ولكن ما بال يومنا هذا وعاشورنا القادم وكربلاء اليوم وكما نريد أن تحضر زينب (ع) الينا وتعود ، لابد أن تعود أيضأ سليلة الغدر والفجور هند بنت عتبة وكما تعود علينا كربلاء ستعود علينا إحدى مصائبها ،فكان للمرأة في هاتين المعركتين دور مهم لحسم نتيجة المعركة فكما كانت زينب (ع) بطلة كربلاء بعد الحسين (ع) كانت هند بطلة الغدر حتى إشتهرت بسبب تدبيرها لأغتيال حمزة بن عبد المطلب أسد الله لآكلة ألأكباد. فما حالنا اليوم يا أيتها المؤمنات إن أمامنا حياة زينب (ع) وتضحياتها وجهادها وحياة هند الملعونة وفسوقها وفجورها وغدرها ونحن اليوم في فجر جديد للعولمة هل تعلم المؤمنات إن الحرية التي تريدها العولمة هي صبغ نسائنا بأخلاق شبيهات هند الملعونة ونسيان روح زينب (ع) هل تعلم الأخوات المؤمنات إن الإنفتاح على حياة التطور العلمي والحياتي والإجتماعي والسياسي والإقتصادي ضريبته على نسائنا أن تتنازل عن فلسفة الحجاب الإسلامي بكل معانيه المادية والخلقية والروحية والنفسية وتتحول النساء الى داعيات للدنيا وأن يخلعن جلباب الحياء وينتهجن منهج التبرج لأنه معنى التطور والإنحلال . بلأ إن المهم على كل مرأة اليوم في خضم التطور الذي حصلنا عليه بعد سقوط الطاغية والتخلص من احفاد آكلة الاكباد أن تكون المرأة مطلعة يوميا على القنواة الفضائية دون أي قيد وتحديد حتى تتطبع يوماً بعد آخر بالفلسفة المادية التي من أهم مرتكزاتها الإباحية الخلقية، والنظر الى المحرمات من قبل النساء من على شاشات التلفاز له الأثر في تحطيم كل المجتمع لا نصفه كما يقولون لإنه كما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذ أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
لا نريد أن نطيل بالمقام هنا بل نقول إن هند الملعونة الآن موجودة بالملايين عندنا لأن آلة الإستنساخ البشري التي صنعها أرباب الفكر المادي ناجحة جداً وأثبتت تميزها الفائق في مجال إستنساخ داعيات كهند في المجتمع الإسلامي وبما إن النهوض بالإسلام والتطور هذا اليوم أصبح سائراً على نظرية حوار الحضارات فإن الإسلام لابد أن يكون حضارياً فلا بد من الإسلام أن ينتقل من مرحلة التخلف الفكري الى مرحلة التبرج بل عفواً النضوج الحضاري. حيث دأبت آلة الإستنساخ البشري لفرويد حفيد سرجون وآخرين من حزب الشيطان على إستنساخ هذه المسودات من النساء في كل العصور ولكافة الشعوب ولشتى المجتمعات فأصبحت المرأة من أهم السلع التجارية للتداول البشري وأصبحت حريتها في بيع عفتها وأصبح للخمار مثلاً لعدة معاني أما أن يكون معنى يشير الى التخلف وذلك كضحية من ضحايا الفكر المادي والتطور للمرأة ، أو أن يكون بمعنى إسلامي متطرف ( التكفيري.....الخ) بسبب مذهب التكفيريين وإسائتهم للدين الإسلامي أو يأتي بمعنى آخر وهو إن لهذا الخمار باطن الفسق الفجور بهذا الزي للمرأة التي ترتديه بسبب التشويه المتعمد من أصحاب الفسوق والعصيان وهو من الأفكار المدعومة من قبل الفكار اليهودية لتحطيم عفة المسلمات بإتباع هذا الإسلوب الوضيع في داخل المجتمعات الإسلامية وتصدير الزنا والفجور بهذا الزي داخل المسلمين بإسلوب الداعيات تارة وبالإسلوب الفعلي الحقيقي تارة أخرى وخاصة داخل المدن ذات الطابع الديني، فيتجه الفكر شيئاً فشيئاُ الى التحضر كجانب من الجوانب الفكرية أو البعد عن الشبهة ، وهكذا تتوجه النساء وبمعونة الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان الى نزع الخمار. ولكي يتكامل الفكر التحطيمي يبقى المشروع التحضيري لحجاب المسلمة محتاج الى معونة دور الأزياء ومحلاة المودة (المُعدة) في إفتراء حجاب إسلامي جديد كالعباءة الخليجية أو الشال الخفيف على الشعر أو الحجاب مع الزينة على الوجه ، فأصبح لنا حجاب جديد يعري ديننا ويظهر مساوءنا وعوراتنا الفكرية والعقائدية والجسدية أيضاً . والله إنه لتخطيط شيكاني من قبل الغرب في تحطيم إسلامنا لأن إسلامنا يبدأ من المرأة وينهض بالرجل ويعيش بأمل الطفل في العائلة الإسلامية ، فإما أن تختاري يا أختي المؤمنة حياة زينب (ع) وليس هناك أمل في الدنيا أم إن حياة هند موجودة على شاشاة التلفاز وفي الجامعة وفي الحي وفي الجوار ولربما حتى في البيت الواحد ، فأما أن تختاري زينب (ع) وتكون نسائنا في حرم السبايا ليلاً ونهاراً أما ان تختاري نوادي الثقافة المعاصرة فتكون نساءنا تأكل اكبادنها وتزلهم عن طريقهم كما آكلت هند الملعونة كبد حمزة (ع)أسد الله وأما أن تكون نساءنا بنات لزينب (ع) في بث إشعاع الثورة الحسينية أو لا سامح الله تكون نساء المجتمع الإسلامي المفردات المهمة لتنشيط الفكر المادي الشيطاني الذي يصدره الغرب لنا .
حيدر الحاتمي
علوم
مكانة الميكروبات عند خالق الارض والسماوات
“ الميكروبات "كلمة قد تجذب انتباه الشخص العادي، ولكنها تحمل في طياتها معاني كثيرة لدى الدارسين بها، فعلي الرغم من أن الميكروبات هي أصغر مخلوقات الله الحية قاطبة، إلا إنها تنطوي على أسرار غنية بآيات الإعجاز العلمي الإلهي، والذي يتمثل في قول الله تعالى:(.. وفوق كل ذي علم عليم )[سورة يوسف]، والدارس لهذه الكائنات غير المرئية لابد من أن تنتهي دراسته إلى مزيد من الإيمان بالله والثقة به، قال تعالى:( .. والراسخون في العلم يقولون آمنا به..)[سورة آل عمران]، نعم.. كيف لا تؤدي دراستها إلى مزيد من الإيمان بعد أن أقسم الله بها في كتابه حيث يقول تعالى: (والنجم والشجر يسجدان)[سورة الرحمن]، فالنجم هو: كل ما أنجم من الأرض مما ينبسط عليها وليس له ساق(مثل الميكروبات)، أما الشجر فهو ما أقام على ساق. وكيف لا يرسخ إيمان العالم بخالق العوالم الميكروبية وصانعها، بعد أن حظي برؤيتها تحت المجهر(الميكروسكوب)، وآمن بوجودها، كما نؤمن بالله خالق السماوات والأرض وما بينها دون أن نراه: (فلا أقسم بما تبصرون* وما لا تبصرون)(سورة الحاقة).
ولعل أعظم مثال يوضح ما نقوله هو ما جاء على لسان أحد علماء الغرب، وهو يصنف الأشكال الميكروبية تحت المجهر (الميكروسكوب): أنظر إلى هذه الأشكال وتأمل دقة صنعتها وقمة الهندسة في خلقها.. إنني واثق أنه مهما اجتمع صناع الطبيعة ورساموها وفنانوها على أن يصمموا صورة صادقة لمحاكاة ما أراه من أشكال تفوق الوصف والخيال لفشلوا جميعاً، مما يدل على أن هناك قوة كبيرة وراء صنع الكائنات.. وهو الرب بكل تأكيد.أليس في هذا القول ما يؤكد أن هذا العالم الغربي قد عرف الله من خلال دراسته للميكروبات؟ حقا (.. إنما يخشى الله من عباده العلماء..)[سورة فاطر]. من المدهش ـ حقاً ـ أن معرفة الإنسان بالميكروب بدأت منذ أكثر من ثلاث آلاف سنة قبل الميلاد على أيدي المصريين القدماء الذين استخدموا في صناعتهم التخمرية لإنتاج الخبز والجعة(البيرة). صورة لإحدى المستعمرات الجرثومية وقد ظلت هذه الحقيقة غائبة حتى تم اكتشاف اللغة الصينية القديمة وفك رموزها وأسرارها. وبالرغم من هذا، فإن غير المنصفين من علماء الغرب يسمونه بعلم مجهول النسب. لقد ظل الجهل بالميكروب حتى ظهر (أنتوني فان ليفينهوك) منذ حوالي 300سنة(1676م)، وهو مكتشف الحياة الميكروبية الحقيقية، إذ وجد المنظر قد جاء من أجلى أنا.. فمن بين كل العجائب التي رأيتها في الطبيعة.. يجب أن أؤكد أن من أعجب العجائب جمعاء ـ على الأقل بالنسبة لي ـ أنه لم يقع بصري على مشهد طبع في نفسي سروراً أكثر من هذه الآلاف العديدة لتلك المخلوقات الحية.. والعجيب أنها كلها تحيا في قطرة ماء ). وتوضيحاً لما وصفه هذا العالم الكبير، تعالوا نتأمل كيف تعيش مئات الآلاف من الخلايا البكتيرية في قطرة ماء؟ كيف تعيش بلا مشاكل.. بلا صدام.. بل نزاع.. بلا ضجيج .. بلا شكوى.. الكل يعرف طريقة الصحيح نحو البقاء. إذاً لا بد وأن هناك قوة كبرى وراء هذا الحشد الهائل من الميكروبات التي تحيا بسلام وتتحلى بالصمت الهادئ والصبر الجميل. سبحان الله الخالق البارئ المصور!! أليس هذا مثلاً رائعاً للتأمل في حياة الميكروب يؤدي إلى المزيد من الإيمان بالله:(قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)(سورة البقرة). ومن فضل الله على العالمين أن العلم الحديث أسهم في كشف أسرار الكثير من الميكروبات، فبعد أن كانت النظرة العامة للميكروبات قديماً تنحصر في كونها كائنات ضارة شريرة وأعداء للإنسان، وذلك بسبب عجز الإنسان عن التعامل معها وفهم طبيعتها، أصبحت النظرة الحديثة للميكروبات مختلفة تماماً. ففي ظل التكنولوجيا الحديثة للميكروبات أصبحت هذه الكائنات مفيدة وصديقة للإنسان، بحيث أصبح الإنسان يعتمد على كثير من الميكروبات في صناعاته الدوائية والغذائية وغيرها، وأكثر من هذا، فقد أصبحت الميكروبات تمثل أدق أسرار الصناعات الحديثة لبعض الدول.
وسبحان مغير الأحوال.. فبعد أن كانت الميكروبات تمثل مصدراً للخوف والإزعاج أصبحت تمثل مصدراً للربح والثروة والتقدم والرفاهية..وبعد أن كانت في نظر الإنسان مصدراً للمرض والموت، أصبحت سلاحاً سرياً يستخدمه الإنسان في الحرب والسلام. ويرجع ذلك إلى التغير الجذري في مفاهيم الإنسان عن الميكروب بفضل التقدم السريع في مجالات العلوم الحديثة الخاصة بالميكروبات: (.. وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً)[سورة النساء]. إن المفهوم العلمي الحديث عن الميكروب يتجلى في كلمات الراحل (بيرل مان) (1978م) وهو يصف الميكروب بأنه: (خير صديق ـ لا يكذب ابداً ـ أعظم ماكنة خلقها الله ـ خير مثال للصبر والجلد والعطاء ـ لا يؤذي الإنسان إلا إذا فشل الأخير في التعامل معه ـ يمكنه بناء أي مادة يريدها الإنسان ـ خير معلم للإنسان). أليس في هذا الوصف ما يزيد إيماننا بقدرة الله في خلق أدنى مخلوقاته؟
فإذا علمنا أن الميكروب يساعد على وصول دورات الحياة ويخلص الإنسان من فضلاته والأمه وجثث أحبائه.. ألا يرسخ من إيماننا وعقيدتنا بالله ؟ ألا يدل هذا على أن الله لم يخلق شيئاً عبثاً ؟ وإنما خلق كل شيء لحكمة يعلمها سبحانه:( .. قد جعل الله لكل شيء قدراً )[سورة الطارق) ويوضح لنا (أر نولد دى مين، 1979م) الدور العظيم للميكروب في مجال الصناعة الميكروبية بقوله : (إن أولئك الذين نجحوا في إجبار الميكروب للعمل في إنتاج مركبات مفيدة، من أجل رفاهية الإنسان،يحق لهم الفخر بمنجزاتهم... فمنذ فجر التاريخ استخدم الميكروب في صناعة بعض أنواع الغذاء(مثل :اللبن الزبادي، الجبن الروكفورت، الخبز، الكحول، المخللات، الخل).. وكذلك في صناعة الأمصال، والمضادات الإحيائية، والأحماض العضوية، والأحماض الأمينية، ومنظمات النمو، ومضادات الطفيليات، ومحسنات الطعم، والهرمونات الجنسية، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتنقية المواد الخام، وكل هذه المعلومات تدل على أننا نجحنا فقط في خدش سطح القوة الميكروبية. والآن، وبعد أن كانت ـ وربما مازالت ـ كلمة " ميكروب" تعني الشخص الطفيلي الكسول في المجتمع، أصبحنا نرى في ظل العلم الحديث مدى النشاط الهائل للميكروب الذي يثبت براءته من هذه الصفة، حيث إنه لو سمح لخلية بكتيرية واحدة للتكاثر تحت أمثل الظروف، لغطت سطح الأرض جميعاً في ظرف 24 ساعة فقط بارتفاع 30سم. وهنا يأتي دور التكنولوجيان الحديثة التي تسخر هذا النشاط الميكروبي إلى أعلى مراتب الاستغلال، فمع بداية القرن الحادي والعشرين، وباستخدام المعلومات الحاضرة في مجال الهندسة الوراثية، يمكن الوصول إلى قمة الصناعات في مجال الهندسة البيوكميائية خلال السنوات القادمة، مثل التحول الجذري من الصناعات الكيماوية إلى طاقة الصناعات الميكروبية، التحول الجذري في مجال الطاقة المعتمدة على البترول إلى طاقة معتمدة على الاثيانول الناتج من السليلوز باستخدام الميكروب، التخلي عن الأسمدة التخليقية باستخدام ميكروبات مثبتة للنتروجين بالتربة، إنتاج بروتين ميكروبي ذي قيمة عالية، القضاء على التلوث الصناعي والبيئي وتهديد السموم الفطرية، اكتشاف نواتج ميكروبية نشطة ضد السرطان وارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل، المقاومة البيولوجية (1)بدلاً من المبيدات الحشرية الكيماوية.. وأخيراً إنتاج مواد ميكروبية جديدة لم يسمع عنها الإنسان من قبل، ربما تؤدي إلى قيام ثورة علمية تزيد من إيماننا بقدرة الله في خلقه. ويتضح من هذا كله وجود الكثير أمامنا لعمله من أجل رفاهية الإنسان باستخدام القوى الخارقة التي أودعها الله في الميكروب صديق الإنسان دائماً، والكائن المجدد لدورات الحياة ـ وحتى آخر الزمان.. فلا تستهزيء ـ عزيزي القارئ ـ أبداً بقوة الميكروب ـ أصغر مخلوقات الله ـ فهو دليل من أدلة إعجاز الخالق في الخلق.
الكتلة المفقودة في الكون
تعتبر مشكلة الكتلة المفقودة من أعقد المشكلات التي تواجه علماء الفلك، ويطلقون على هذه الكتلة اسم المادة القاتمة، فهي معتمة ولا يمكن رؤيتها رغم أنها تمثل 90% من كتلة الكون المفترضة. فحسب تقديرات العلماء يضم الكون المنظور حوالي 100 ألف مليون مجرة، وكل مجرة تحوي على الأقل 100 ألف مليون نجم، ولكن هذا كله لا يشكل سوى 10% من الكتلة المفترضة للكون، وفي ظل هذا الوضع تُعَدُّ كثافة الكون طبقًا للمتوقع المرصود قليلة جدًّا عن الكثافة الحرجة، وهي نموذج محدد بالحسابات الرياضية مقداره من 3 - 4 ذرات هيدروجين لكل متر مكعب من الفضاء، حتى يمكن للمادة بهذا المقدار الحفاظ على مستوى من الجاذبية لوقف تمدد الكون. ولكن كثافة الكون الحالية لا تزيد عن 1 - 2 ذرة هيدروجين في المتر المكعب من الفضاء الكوني، وهذا يعني أن هناك كتلة مفقودة في الكون، ولا نعلم عنها شيئًا، قد تكون كما يقول الباحث نبيل عبد الفتاح في كتابه "الكون ذلك المجهول" عبارة عن جسيمات أو عناصر كيمائية لا نعلم عنها شيئًا، ولا تخضع لقياس الأجهزة الحالية المستخدمة في قياس العناصر الكيمائية أو نظائرها؛ لأنها مصممة أصلاً طبقًا للنظرية الذرية الحديثة. ولا أحد يعرف طبيعة تكوين هذه المادة القاتمة، فبعض العلماء يقول: إنها باردة إلى الحد الذي لا تطلق معه أية إشعاعات أو أضواء يمكن رصدها مثل النجوم والمجرات التي تموج بالتفاعلات النووية، مصطلح الجسيمات الباردة في علم الفيزياء يعني أنها جسيمات بطيئة الحركة، فإذا كانت كذلك فلا يمكنها بالتالي جمع ملايين النجوم في المجرات، وجمع آلاف المجرات في تجمعات ضخمة. أما إذا كانت المادة القاتمة ساخنة فهذا يعني أن جسيماتها سريعة الحركة، وأنها حقًّا تقوم بالمهمة، ويتولد عنها جاذبية كبيرة تشدُّ النجوم داخل المجرات، وتعمل على توازن الكون، ولكن لو كان هذا صحيحًا لتَمَّ اكتشاف جسيمات هذه المادة بما يخرج منها من إشعاعات وحرارة، وهذا لم يحدث، وهنا وجد العلماء أنفسهم أمام مأزِق. أعاد العلماء حساباتهم بالنسبة لكتلة مادة الكون المنظور، فأضافوا إليها المادة الموجودة في الثقوب السوداء المنتشرة في الفضاء الكوني، والمادة الناشئة عن انفجار النجوم بين المجرات، وجسيمات النيوترينو السابحة في الكون، وكذلك الأشعة الكونية، وبعد هذه الإضافات لم تزد كتلة الكون المنظور عن 30% في أحسن الافتراضات من الكتلة التي ينبغي أن يكون عليها الكون؛ حيث هناك 70% من الكتلة مفقود. وأمام استمرار هذا المأزق اقترح بعض العلماء تفسيرًا لطبيعة تكوين المادة القاتمة، مفاده وجود جسيمات من نوع جديد تدخل في تركيبه، وتعرف باسم الجسيمات الثقيلة ضعيفة التفاعل weakly interactive massive paticles التي تعرف اختصارًا باسم WIMP، ولكن هذه الجسيمات لم تُكتشف بعد بكافة الأجهزة المتاحة. واقترح علماء آخرون أن هذه المادة قد تكون نوعًا من الأربطة الكونية Cosmic Strings، وهي تشبه إلى حد ما الأشرطة الطويلة للحامض النووي DNA التي تحمل العوامل الوراثية للجنس البشري داخل كل خلية، فكذلك الأربطة الكونية تربط بين المجرات وبين النجوم داخل المجرات. ومنذ أوائل الثمانينيات أخذ العلماء في البحث عن أشياء غير مألوفة لنا قد تدخل في تركيب هذه المادة القاتمة، وترتب على ذلك ظهور نظرية الثقوب البيضاء White Holes على أساس أن كل مجرة تحوي في قلبها ثقبًا أبيض ذا كثافة عالية جدًّا تعمل على مَدِّ المجرة بالمادة، ولكننا لا نرى هذه الثقوب أو نلاحظها بعكس الثقوب السوداء التي نلاحظها خاصة الإشعاعات العارمة التي تنطلق عند حافتها عند ابتلاعها لنجم عملاق مجاور. فالثقوب البيضاء لا نراها ولا نلاحظها؛ لأن كثافتها لا نهائية تأسر الضوء، ولكنها تمد المجرة بالتوازن والاستقرار والجاذبية اللازمة للاحتفاظ بالنجوم في مجالها، ولكن المشكلة أن هذه النظرية لم تشرح لنا كيف تكونت الثقوب البيضاء مثلما نعرف عن الثقوب السوداء. وتبقى مشكلة المادة القاتمة والكتلة المفقودة لغزًا لا زال يحير علماء الفلك ويبحثون عن تفسير له.
تحديد الكواكب الاكثر احتمالا لأحتضان
مخلوقات فضائية
وضعت عالمة فضاء أمريكية قائمة بالنجوم التي يحتمل أن يدور في أفلاكها كواكب يوجد على سطحها شكل من أشكال الحياة العاقلة. ومعروف أن العلماء ظلوا منذ زمن بعيد يسترقون السمع لالتقاط إشارات صوتية من المجموعات الشمسية الأخرى، على أمل العثور على حضارات أخرى غير الحضارة الإنسانية. وقد تفحصت مارجريت تورنبل من مؤسسة كارنيجي في واشنطن عدة معايير مثل عمر النجوم وكمية الحديد الموجودة في محيطها. وجاء على رأس النجوم التي حددتها تورنبل نجم "سي في إن" وهو نجم يشبه الشمس وتبلغ المسافة بينه وبين كوكب الأرض 26 سنة ضوئية. وكانت تورنبل قد حددت في السابق حوالي 17 ألف مجموعة شمسية تعتقد أن بالإمكان أن توجد حياة عاقلة ما على سطحها. واختارت من هذه القائمة خمسة نجوم تعتقد أنها الأقرب لتزكية أطروحتها حول وجود أشكال للحياة الذكية لكائنات فضائية، إن وجدت. وقالت لبي بي سي:" لقد اخترت خمسة نجوم للدعاية للأماكن التي ينبغي أن نتوجه إليها إذا تعين علينا ذلك أو أن نوجه أجهزة التلسكوب نحوها." القائمة ويرصد العلماء عن طريق التلسكوب احتمال وجود موجات صوتية قادمة من النجوم البعيدة، إلا أن شساعة الموضوع جعلتهم يفكرون في تضييق مجال البحث. وتقول تونبل:" هناك عدد كبير من النجوم في الفضاء يمكن رصدها، لكن لا يمكننا التدقيق فيها جميعا بالقدر الذي نريد. لقد تمكنا من إعطاء الأولوية في أبحاثنا حتى نكون بصدد متابعة النجوم الأكثر تشابها بالنجوم التي تحيط بنا. علينا أن نحدد تلك التي ينبغي أن نوجه أجهزة التلسكوب نحوها". وترتبط معظم المعايير التي اعتمدت عليها تورنبل على عمر النجوم. حيث وقع اختيارها حصرا على النجوم التي يزيد عمرها عن 3 مليار سنة، وهي المدة الكافية لتشكل الكواكب وتشكل حياة مركبة على سطحها. كما تعين على النجوم المرشحة أن يحتوي الواحد منها على ما لا يقل عن 50% من مادة الحديد الموجودة في الشمس. فكل نجم يحتوي محيطه على كمية ضئيلة من الحديد هناك احتمال بألا يكون قد وجد به خلال فترة النشوء الأولى ما يكفي من المعادن الثقيلة اللازمة لتشكل الكواكب.
دم الحبل السري .. امل جديد لعلة قديمة
تأسست في ألمانيا أول شركة لحفظ دماء الحبل السري؛ بغية استخدامه لاحقًا في علاج الإنسان عند البلوغ من الأمراض المستعصية. وتعتبر شركة "فيتا - 34" Vita-34 أول شركة من نوعها في أوروبا تعمل في مجال تحضير وتخزين وتوزيع دم الحبل السري؛ والسبب كما يقول د. إيبرهارد لامبيتر -رئيس مجلس إدارة الشركة الألمانية التي تقع في مدينة لايبزج- إن الشركات الأميركية تشتري دماء الحبل السري؛ لقاء بعض المال وتحفظه للاستخدام بواسطة بشر آخرين يعانون من الأمراض السرطانية، في حين أن شركة "فيتا - 34" تحفظ دم الحبل السري للجنين بموافقة والديه؛ كي يستخدم في علاجه شخصيًّا لاحقًا. الجدير بالذكر أن دم الحبل السري يحتوي على ما يُسمى بالخلايا الجذعية: (Cord Blood Stem Cells) وهي خلايا شبيهة بخلايا نخاع العظام، وهي خلايا تعين الإنسان على إنتاج خلايا العظام والغضاريف والعضلات إضافة إلى خلايا الكبد والخلايا التي تشكل بطانة الأوعية الدموية، والمهم في الأمر أن لحفظ دم الحبل السري فوائد مستقبلية كبيرة؛ رغم أن العلماء لا يزالون في بداية أبحاثهم حول الموضوع، لكنّ هناك شيئًا مؤكدًا واحدًا، هو أن الخلايا الجذعية المستمدة من دماء الحبل السري يمكن استخدامها بنجاح، حيثما تطلب الأمر تدخل الأطباء لمعالجة صاحب الدم من الأمراض المستعصية مثل مختلف أنواع سرطانات الدم، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة، والتي نشرت مؤخرًا في الدوريات العلمية ان دم الحبل السري يمكن أن يعالج بنجاح العديد من الأمراض الخطرة مثل سرطان الدم وسرطان الثدي والرئة بالإضافة إلى بعض أمراض الدم والمناعة ومن المعروف أن دم الحبل السري، يستخدم حاليًّا بنجاح كبديل لعملية زرع نخاع العظام، وحتى الآن هناك أكثر من 600 حالة، تم فيها نقل دم الحبل السري بنجاح في جميع أنحاء العالم. كيفية تجهيز الدم: عندما يقرر الأبوان الحصول على دم الحبل السري، يتلقى الوالدان تجهيزات لسحب الدم وحفظه بعد أن يوقعا على اتفاق لحفظ دم الحبل السري لوليدهما مقابل 2900 مارك ولفترة 20 عامًا، ويساعد الأطباء الوالدين قبل قطع الحبل السري وحدوث الولادة بثوانٍ على سحب الدم من أوردة الحبل السري بحجم 80 ملِّيلترًا بواسطة طاقم طبي مدرب؛ حيث يجري في الحال نقله بواسطة حافظات خاصة إلى "لايبزج" ليجري تجميده خلال 24 ساعة من لحظة سحبه، ويتم تجميد هذا الدم الحاوي على الخلايا الجذعية وفق شروط دقيقة بدرجة 196 مئوية تحت الصفر، وفي النتروجين السائل، وقد أوصى الصليب الأخضر الألماني (منظمة بيئية) على لسان الدكتورة أنجولف دور، كافة الجهات باتخاذ هذا الإجراء الاحترازي المهم، وقالت: إنه لا ينطوي على أي مجازفة بالوليد أو بحياة الأم. استخدامات جديدة لدم الحبل السري: ويرى الدكتور/ فولو فجانج هولتسجريف -رئيس قسم الأمراض النسائية في جامعة بازل السويسرية- أن الخلايا الجذعية المستمدة من الحبل السري قادرة أيضًا على إنتاج خلايا عضلات القلب، ويمكن أن تشكل بديلا ناجحًا في المستقبل؛ لعلميات زراعة القلب، وحسب رأي "هولتسجريف" فقد ثبت أن هذه الخلايا تختلف عن الخلايا المأخوذة من المشيمة أو من الأجنة المجهضة، كما ثبت أنها تتمتع بقابلية على مقاومة ظروف التجميد لسنين طويلة. ويمكن معالجة الإنسان المصاب بالسرطان عن طريق إعطاء هذه الخلايا إليه قبل أن يلجأ الطب إلى معالجته بواسطة الكيميائيات والأشعة النووية، كما أن توفر الخلايا الجذعية يوفر على المريض تدخل الأطباء جراحيًّا لاستخراج هذه الخلايا من نخاع العظام، وحسب تقديرات "لامبيتر: فإن الخلايا الجذعية المتوفرة في دم الحبل السري تكفي لعلاج صاحبها (بافتراض أنه يزن 116 كيلوجرامًا) مستقبلا لمرة واحدة فقط ضد الأمراض المستعصية؛ ولهذا ينكب الأطباء والباحثون في "لايبزج" على تطوير تقنيات تكثير هذه الخلايا مختبريًّا، ويتوقعون أن يحققوا نتائج إيجابية خلال 3 إلى 4 سنوات. والإيجابي في هذه العملية أنها تخلص المريض من مشكلة لفظ أو رفض الأجزاء المزروعة المأخوذة من متبرع غريب؛ لأنها ليست ملوثة بالفيروسات، وسهلة الاستئصال، وقد عُولجت طفلة أميركية (5 سنوات) تعاني من ورم أرومة العصبي بواسطة الخلايا الجذعية المستمدة من الدم في حبل ولادتها السري قبل سنة وشفيت من مرضها الآن تمامًا، كما عُولجت الطفلة الأميركية "مولي ناشي" بدم الحب السري لأخيها المولود في أنابيب الاختبار، وهذا ما جرى في جامعة مينيسوتا من خلال بحث العلماء عن علاج للطفلة مولى (6 سنوات) من مرض فقر دم فرانكوني وهو مرض وراثي نادر، لا يمكن إنقاذ الطفلة منه إلا بواسطة عملية زرع نخاع العظم عند الطفلة، وقدر العلماء أن العملية ستنجح بنسبة 85% إذا تلقت النخاع من أقارب الدرجة الأولي وبنسبة 40 - 50% في حالة تلقيها النخاع من غريب.
القائم بين السائل والمجيب
أسئلة عامة حول
الامام المهدي(ع)
بين السائل والمجيب
وردتنا من السادة القراء الاعزاء مجموعة من الاسئلة سنحاول الاجابة على بعض وفق الاحاديث والروايات الشريفة ونترك البقية لأعداد لاحقة انشاء الله تعالى .
فمن الاخ ابو محمد الناصري من محافظة ذي قار وردنا هذا السؤال الذي قال فيه : ارجوا الاجابة عن سؤالي بموضوعية ومن دون تعصب كما عرفنا عنكم وعودتمونا وسؤالي هو : ما هو موقفنا كشيعة من الامام المهدي (عليه السلام) وهل هو كما نعتقد انه موقف مشرف ونحن اول انصاره وجيشه ، اجيبونا جزاكم الله خيراً ؟
ج/ ليس الامر كما يعتقد الشيعة بل ان هناك عدة مواقف سلبية تجاه المهدي المنتظر (مكن الله له في الارض) بل اكثر من ذلك انه اول ما يبدأ قتاله مع الشيعة كما جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي عبد الله (ع) انه قال : (( لو قام قائمنا بدأ بكذابي الشيعة فقتلهم )) رجال العياشي - بل ان الامر سيبلغ اكثر من ذلك فأن علماء من الشيعة سيخرجون على المهدي (ع) ويقاتلونه ويتأولون عليه كتاب الله عز وجل كما جاء في الرواية الواردة عن مالك بن ضمرة قال : ( قال امير المؤمنين (ع) : يامالك بن ضمرة ، كيف انت اذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك اصابعه وادخل بعضها في بعض - ؟ فقلت : يا امير المؤمنين ، ما عند ذلك من خير ؟ قال : الخير كله عند ذلك ، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم ، ثم يجمعهم الله على امر واحد ) بحار الانوار ج52 - ومن هذه الرواية يظهر لنا ان سبعين عالماً من علماء الشيعة سوف يتسببون في الاختلاف بين الشيعة مما يكون من المهدي الا ان يقتلهم ويزيل الفرقة والاختلاف . وعن محمد بن علي الباقر (ع) قال واصفاً للمهدي : ( ويسير الى الكوفة فيخرج منها ستة عشر الفاً من البتريية شاكين في السلاح ، قراء القرآن فقهاء في الدين قد قرعوا جباههم وشمروا بثيابهم وعممهم النفاق وكلهم يقول يا ابمن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك فيضع السيف فيهم على ظهر النجف ......الخ ) بيان الائمة ج3 . وهناك روايات كثيرة في هذا الصدد نعرض عنها مراعاة للأختصار ، وهذا هو موقف الاعم الاغلب من العلماء والفقهاء وكبار الشيعة في اخر الزمان من المهدي المنتظر اما موقف عامة المسلمين فأنه ينقسم الى قسمين فقسم يتبع رجال الدين في تكذيب المهدي ورد دعوته وقسم منهم سوف يرفضون اقوال اولئك العلماء المنحرفين وينصرون المهدي عليه السلام هم وامثالهم من اخوانهم من اهل السنة وباقي الديانات سيشكلون عصائب العراق التي ورد ذكرها في الاحاديث والروايات .
ومن الاخ ابو علي من بغداد جاءنا سؤالان ، السؤال الاول : السلام عليكم سؤالى الاول ما معنى الاصنام البشرية التي تحدثتم عنها في صحيفتكم ارجوا بيان ذلك مع بيان من هم الاصنام البشرية في وقتنا هذا ان امكن وفقكم الله لنصرة الامام المهدي (عليه السلام) والثاني ما معنى قوله تعالى {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} هل هناك جاهلية ثانية ؟
ج1/ الاصنام البشرية هم العلماء والفقهاء الذين وصفهم رسول الله (ص) الذين يخرجون في اخر الزمان والذين يصدرون الاحكام والفتاوى وفق اهوائهم وارائهم العقلية وميولهم النفسية وعقائدهم المنحرفة بحيث تكون تلك الاحكام التي يصدرونها خلاف الاحكام السماوية ومناقضة للسنن النبوية فتطيعهم الناس في ذلك فيعبدونهم من حيث لا يشعرون كما جاء في قوله تعالى {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ} وقد صرحت التفاسير الاسلامية الواردة عن السنة والشيعة ان الناس لم يسجدوا لهم او يصلوا لهم بل انهم حللوا حراماً وحرموا حلالاً فاطاعوهم فعبدونهم لان العبادة بمعنى الطاعة والانقياد كما هو معلوم فقد جاء في تفسير ابن كثير في الجزء الاول منه في تفسير هذه الاية ان عدي ابن حاتم قال يا رسول الله (( ما عبدوهم قال : بلى انهم احلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم اياهم )) وفي تفسير الميزان الجزء التاسع عن ابي بصير عن جعفر بن محمد (ع) قال له :{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ} فقال :اما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم الى عبادة انفسهم ما اجابوهم ولكن احلوا لهم حراماً وحرموا لهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون . ومما يشير الى هذا المعنى ايضاً ما جاء في الرواية الواردة عن جعفر بن محمد الصادق (ع) انه قال : ( ان قائمنا اذا قام استقبل من جهل الناس اشد مما استقبله رسول الله (ص) من جهال الجاهلية قلت : وكيف ذلك ؟ قال : ان رسول الله (ص) اتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله يحتج عليه به قال اما والله ليدخلن عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر ) بحار الانوار ج52 - هذه الرواية جعل الامام الصادق الذين يتأولون كتاب الله عز وجل على القائم المهدي في قبال الاصنام المصنوعة من الحجر والخشب والتي حارب عبادها رسول الله (ص) .
ج2/ نعم هذا صحيح فأن مفهوم الاية يؤكد ان هناك جاهلية ثانية او اخرى والا لا معنى لقول الله تبارك وتعالى (( الجاهلية الاولى )) اذا لم يكن هناك جاهلية ثانية او اخرى . بل اننا نعيش افعال الجاهلية بحذافيرها في وقتنا هذا ومما يؤكد ان هناك جاهلية ثانية هو ما جاء في الحديث الشريف عن الرسول الاكرم (ص) حيث قال : ( بعثت بين جاهليتين لأخرهما شر من اولهما ) .
ووردنا من احد القراء سؤالاً جاء فيه : ذكرتم في صحيفتكم ان الامام المهدي (ع) يخرج لا شيعياً ولا سنياً فما معنى ذلك؟
ج/ معنى ذلك ان المهدي المنتظر (ع) حينما يخرج لا يدعو الى فئة دون اخرى او الى طائفة معينة كما يعتقد البعض او ينادي لمذهب معين بل انه سيخرج لكل الناس ولكل الاديان والشعوب فهو المصلح والمنقذ والمهدي الذي تنتظره جميع شعوب العالم على اختلاف عقائدهم ودياناتهم وكل تسمية بتسمية معينة الا ان النتيجة انهم ينتظرون شخصاً واحداً هو الذي تتوحد على يديه جميع الشعوب والاديان فيكون ديناً واحداً وهو الاسلام فالمهدي حينما يخرج سيدعوا الى اسلام جديد وامر جديد وليس الاسلام المتعارف في زماننا هذا حيث حرفه علماء السوء فقهاء الضلالة كما انه لا يدعو الى التشيع او التسنن لانه سوف يرفع المذاهب كما جاء في بعض الاخبار انه سوف يدعو الى دين جده المصطفى دين الائمة الطاهرين والصحابة المنتجبين دين التوحيد وعبادة الله عزوجل وحده لا ما نراه اليوم حيث قل الموحدون وكثر اتباع الشرك والضلالة .
وجاءنا من الاخ القارئ فلاح النجفي سؤالاً قال فيه : المعروف والوارد في الاحاديث والروايات ان اصحاب المهدي ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدة اهل بدر الذين كانوا مع رسول الله (ص) فهل هؤلاء الاصحاب هم من الشيعة فقط ام من المسلمين ككل ؟
ج/ الواقع ومن خلال الرجوع الى الاحاديث والروايات يتأكد لنا ان اصحاب المهدي ليسوا من مذهب واحد وجهة واحدة بل ليسوا من دين واحد فان هناك كما اشارت الروايات قسم من العراق وهم يسمون اخيار العراق والعراق كما هو معلوم يتقسم الى سنة وشيعة وغيرهم فكما ان بعض الشيعة يكونون من اصحاب المهدي فكذلك يكون البعض من اصحابه من اخواننا اهل السنة كما ان بعض اصحابه يكونون من بلاد الشام وهم الذين تذكرهم الروايات بابدال الشام والمعلوم ان اكثر اهل الشام من السنة كما ان قسم من الاصحاب من مصر وهم نجباء مصر والمعلوم ان السنة في مصر اكثر بكثير من الشيعة اضف الى ذلك ان قسم من الاصحاب سيكونون من غير المسلمين وهذا ليس ببعيد فهذا المعنى قد جاء في الاحاديث والروايات الشريفة وهؤلاء سوف يؤمنون بدعوته ودينه فيدخلون الاسلام ويكونون من اصحاب المهدي المنتظر عليه السلام .
ويسئل احد القراء الذي لم يذكر اسمه لما ذكرتم في الصحيفة ان للامام المهدي عليه السلام دعوة والمعلوم ان كل صاحب دعوة يكون ذو علم فما هو العلم الذي يخرج به الامام المهدي (عليه السلام) ؟
ج/ ان المهدي (عليه السلام) اعلم الناس في زمانه في علوم القران وتاويله كما انه عالم في علوم اخرى غير القران وهي علوم الانبياء والرسل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام كما انه عالم بالحديث وتفسيره وما الى ذلك من العلوم الحقة والالهية لا العلوم الوضعية والباطلة لانه سوف يرفضها ولا يقبل بدراستها فضلاً عن العمل وفقها بل انه سوف يستخرج من القرآن نظريات علمية حديثة من شأنها تطوير كافة مجالات الحياة .
بحوث ودراسات
الحضارة الاسلامية بين الحضارات
تهيمن الحضارة العالمية الحديثة بخيرها و شرها على الأفكار والثقافة والحياة والواقع الاجتماعي حتى كاد الانسان لا يفكر بغيرها أو ينتظر بديلاً عنها أو يتطلع إلى مصحح لعيوبها وانحرافاتها مع أن الإخلاص للإنسانية وللحضارة ذاتها يقتضي معرفة محاسنها ومساوئها، وبما يمكن أن تقوم به حضارة أخرى من دور بناء إيجابي يتسم بمقومات الخلود والثبات والأمن والاستقرار.
ونحن بدورنا كجزء كبير من هذا العالم نستطيع المساهمة في توجيه الحضارة وجهة أسلم وأقوم أو على الأقل محاولة إقامة حضارة ذاتية تتطلبها أمتنا في العصر الحاضر لتتمكن من إثبات ذاتها وتوفير البرهان العملي على مدى صلاح هذه الحضارة وجدارتها بالوجود والتنافس الشريف.
وفي معرض هذا الحديث يمكننا إلقاء الأضواء الكاشفة عن مقومات الحضارة الاسلامية المتميزة بسماتها البارزة وخصائصها الواضحة التي تخلق منها وحدة شخصية تامة ذات معالم مستقلة عن غيرها في أساس الحضارة وغايتها ومبادئها مع التنويه لما يوجد بينها وبين غيرها من قدر مشترك يحتمه الواقع وتدفع إليه الحاجة ويمليه المنطق وتقتضيه المصلحة.
إن أساس حضارة الاسلام ليس هو تمجيد العقل كما هو الشأن عند الإغريق، ولا تمجيد القوة وبسط النفوذ والسلطان كما كان عند الرومان، ولا الاهتمام بالملذات الجسدية والقوة الحربية والسطوة السياسية كما هو الأمر عند الفرس، ولا الاعتداد بالقوة الروحانية كما عند الهنود وبعض الصينيين، ولا الافتتان بالعلوم المادية والاستفادة من ذخائر الكون وبالمادية الطاغية كما هو منهج الحضارة الحديثة المتوارثة عند اليونان والرومان ـ وإنما أساس حضارتنا هو فكري ـ علمي ـ نفسي يشمل جميع شعب الحياة الانسانية وبهذا كانت حضارة الاسلام مستقلة كاملة ذات دستور محدد شامل تختلف به اختلافاً جذرياً عن مبادئ الحضارة الغربية وتصطرع معها كما تصارعت مع الحضارات القديمة فصرعتها بسبب سيطرة الدين على القوى الفكرية والعملية ولقوة روح الجهاد والاجتهاد لأن الاسلام لا يمنع العلم ـ طريق الحضارة ـ وإنما يضع له المنهج الملائم لمبادئه.
وإذا كان التقدم الحضاري الصادق بوسائله المدنية المختلفة ليس مقصوداً لذاته ولا غاية في نفسه، فإن غاية الحضارة الصحيحة تحقيق السعادة النفسية والطمأنينة القلبية والتوصل إلى ما هو خير ونافع والبعد عما هو شر وضار.
لكن الحضارة الحديثة لم تحقق الغاية المنشودة وإنما أدت إلى القلق والاضطراب وطحن الانسان في حمى المادية الطاغية والبعد عن الخلق والفضيلة والدين ونحوها من القيم الانسانية.
وأما الحضارة في تقدير الاسلام فغايتها الأولى تحقيق الطمأنينة والسلام والأمن وإقامة المجتمع الفاضل وإسعاد البشرية بما هو خير ومحاربة كل عوامل الشر.
وبما أن الانسان هو خليفة الله في أرضه فلا يصح أن يتخذ المرء في حياته غاية سوى ابتغاء مرضاة الله مصدر الأمن وهي الغاية السامية التي تتخطى مجرد طلب الملذات الحسية أو الغايات المادية الدنيئة وتحقق الانسجام والتوافق بين الفطرة الانسانية والغاية العقلية كما أنها تهيئ التجاوب والانسجام الشامل في أفكار الانسان وخيالاته وإراداته ونياته وعقائده وأعماله وحركاته... وهذا يعني أن غاية حضارتنا إعداد الانسان للسعادة الأخروية المتوقفة على العمل الصالح في الحياة الحاضرة في نطاق الدين والدنيا معاً. إذ ليس الاسلام ديناً روحانياً بحتاً يعزل أتباعه عن الحياة ولا مادياً صرفاً يوقع الناس في أوحال الدنيا، وإنما هو يعتبر وسيلة ومزرعة للآخرة، ولا تعني الوسيلة أنه دين تقشف فلا يكون دين حضارة، فالتقشف والزهد في الاسلام هدف أخلاقي رفيع يتفاعل مع الحياة ويصرف المرء عن التكالب على متطلبات العيش ويوحي بضرورة التزام مبدأ القناعة الشريف الذي لا يؤدي إلى مصادمة الآخرين وإيقاد نار المنازعات والشرور.
إذن، فالاسلام في حقيقته مصدر الحضارة الانسانية التي شعّ نورها بامتداد الدعوة الاسلامية بعد الاستقرار في المدينة وبناء الدولة فيها عقب اكتمال بناء الفرد في مكة، وذلك لأن الاسلام هو دستور التقدم الانساني بالقرآن العظيم والسنة النبوية الشريفة. فكل ما يعد تقدماً وعمراناً هو من الاسلام، وكل تخلف مضاد للتقدم ليس من الاسلام في شيء. لذا يخطئ الكاتبون سهواً الذين يريدون التوفيق بين الاسلام والحضارة كأنهما أمران متغايران أو ضدان، إذ لا خلاف مطلقاً بين الاسلام والحضارة، فالحضارة نتيجة من نتائج النظام الاسلامي والفلسفة الاسلامية التجريبية العملية.
والاسلام أب الحضارة وراعيها يتقبل منها قديماً وحديثاً كل ما ينفع ويرفض كل ما يضر لأن ((الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها)) ولأن الانتفاء والاصطفاء عن عقل وتمييز هو من صلب تعاليم الاسلام التي تقر الأعراف الصالحة وتنبذ العادات والتقاليد الفاسدة أو المعارضة لمبادئ التشريع ونصوصه ـ وليس أجل على ذلك من أن الاسلام تبنى ما كان صالحاً من حضارات البلاد التي فتحها في الشام ومصر وبلاد الروم والفرس وضم المسلمون إلى ساحتهم كل مخلفات الحركة العلمية لدى اليونان في مجال العلوم الطبيعية والطبية والرياضية، ثم أضافوا إليها معارف ومكتشفات جديدة صبوها في أبهى قالب في بلاد الأندلس التي كانت مصدر الحضارة الحديثة.
فليس دور المسلمين مجرد تلقي لما عند الآخرين كما زعم المغرضون، وإنما كان لهم مشاركة إيجابية بناءة حققت لهم أرفع معاني العزة والسيادة والسبق الحضاري وهكذا كان المسلمون في كل عصر مصدر إشعاع لكل تقدم وخير وكانوا سباقين للمعالي والقدوة الطيبة للفضائل والمكارم ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) ـ وقادة العلم والتثقيف والتوجيه ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))، وفي توجيه آخر للرسول عليه الصلاة والسلام ((مَن خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)).
والآن، مع الأسف حيث صرنا في حالة ضعف وكلمة الضعيف لا تسمع ولو كانت حقاً وعدلاً وشوهت حضارتنا وزيفت معالمها وسرق محتواها وتشكك الناس في مبادئها فلم يعد أمامنا إلا محاولة استعادة قوتنا المادية، ولكن على أساس صحيح من هدى الاسلام.
ولا شك أن المبادئ هي القيم الخالدة التي توقظ الغافلين وتهدي إلى الطريق المستقيم دون أن تحجبها مظاهر الضعف والتخلف وأحوال الانحطاط التي تتعرض لها الأمم في بعض الأدوار التاريخية ومياديننا الحضارية ما تزال هي المشعل الوضاء التي تدفعنا نحو متابعة الخطى ودوام العمل والكفاح وأعمال الإرادة والفكر.
وأهم مبادئ أو خصائص الحضارة السلامية ما يأتي:
1ـ مبدأ التوحيد (الألوهية والربوبية): إن أبرز صفة حضارية للاسلام أنه دين توحيد الألوهية والربوبية أي أن الإله المعبود بحق هو الله سبحانه لا شريك له، والناس جميعاً متساوون في الانتماء إليه والاتجاه إلى عظمته من دون واسطة بشرية. وهذا الإله هو الحاكم المطلق الذي يسن للناس التشريعات والقوانين، وما على المسلم إلا أن يتبع أوامر الله وينفذ التشريع المنزل. وفي هذا يشعر الانسان بكرامته الشخصية وأنه لا يستذل لأحد من خلق الله فيعمل ويفكر بحرية ويتجه في عمله وفكره لإرضاء مولاه بفعل الخير وتجنب الشر والتخلص من كل مظاهر الوثنية سواء في صورتها القديمة التي تعني بالتماثيل والأصنام، أم في صورتها الحديثة الموجهة نحو تقديس الدولة الحاكمة وعبادة الأشخاص في أحوال الظلم.
2ـ الصبغة الانسانية العامة: ليست حضارة الاسلام محدودة المكان أو وطنية النزعة أو قومية مغلقة على أهلها أو طبقية محصورة في أسرة معينة، وإنما هي إنسانية عالمية واسعة الأفق تخاطب أي إنسان في أي مكان وتصلح للانتشار في أي بقعة أرضية وتقيم أخوة إنسانية عالمية ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم. إن الله عليم خبير)) يعم خيرها الجميع وتفيد كل امرئ بما تقدمه من علم نافع وعمل صالح لأن ((الخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق أنفعهم لعياله)) وهذا المعنى من عظمة الله بدليل أنه يرزق الكافر والمؤمن ويمنح المواهب مَن يشاء وحينئذ تتفتح العبقريات في كل شعب وفي كل زمان ومكان.
وإذا كان العطاء الإلهي عاماً وجب أن يكون النتاج الحضاري عاماً لا حكراً على أناس دون غيرهم لأن رائد الحضارة الأصيل هو إسعاد البشرية جمعاء وصعيدها العدل والحق والخير والكرامة. وهذه هي حقيقة تعاليم الاسلام التي تنفر من كل فكرة استعمارية أو نظرة إقليمية أو قومية ضيقة أو عصبية أو طائفية، باعتبار أن روح الاسلام عالمية لا تعرف متعصب إلا للخير العام وفي سبيل الصالح العام ومن أجل إقرار الحق ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله...)) ـ ((ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون)).
3ـ النظرة الشاملة للانسان والحياة: لقد تبين من تاريخ الحضارة أن كلا من الروحية البحتة أو المادية البحتة وحدها لا تصلح أن تكون سبيلاً لسعادة الانسان، فليس في مسلك الروحية البحت سوى التخلف وتعطيل الإرادة والتفكير وطاقات العمل وقتل آدمية الانسان وخسارة منافع الكون، وكذلك ليس في مسلك المادية البحت سوى الطغيان والظلم والاستعباد والذل والتحكم الغاشم بالأرواح والأموال والأعراض.
أما حضارة الاسلام الخالدة فقامت على أساس الجمع أو التوازن بين المادية والروحية الانسانية فتصبح الروحية المهذبة أساس المادية المهذبة، وعندها ينعم الانسان بالإرادة والحرية والتفكير وثمرة الجهود والعمل في إطار من الإيمان والأخلاق القائمة على العدل والأمن والاستقرار والرحمة والمحبة. وبهذا العنصر الانساني تميزت حضارة الاسلام التي سبقت كل الحضارات القديمة والحديثة كما أنها تميزت بامتداد جذورها إلى جميع نواحي الحياة الجديرة بالإعزاز والمحققة لسعادة الانسانية. قال الله تعالى واضعاً جوهر رسالة النبي (ص): ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) وأما المرتكزات الحضارية المادية من تفكير وإرادة وتضحية وعمل فقد حوتها آية أخرى وهي ((وأتبع فيما أتاك الله الدارة الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض. إن الله لا يحب المفسدين)).
4ـ رسالة الأخلاق: إن سياج الحضارة الاسلامية هو الدين والأخلاق، فمبادئ الأخلاق تتدخل في كل نظم الحياة وفي مختلف أوجه نشاطها سواء في السلوك الشخصي أم في السلوك الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي. ومن المحال إقامة النظام الصالح أو المجتمع الفاضل من دون أخلاق وقيم شريفة، وهذه القيم ونحوها هي صمام أمان يكفل دوام الحضارة ويمنع انحرافاتها وتعثرها بدليل قيام الحضارة الحديثة عليها في مبدأ الأمر وتعرضها للإفلاس والانهيار في شرخ قوتها عندما طغت عليها الصفة المادية.
5 ـ دور العلم: أقام الاسلام حضارته الرفيعة على منهج العلم والمعرفة والعقل والبحث والتجربة والاستنباط تقديراً منه لحيوية العلوم في بناء الدولة والمجتمع فابتدأ بالقضاء على الجهل والأمية والتنديد بالتقليد الأعمى ثم أشاد بالعلم والعلماء في مختلف الاختصاصات الشاملة لكل إدراك يفيد الانسان في القيام برسالته في الحياة وهي تعمير الأرض والاستفادة من خيراتها وكنوزها كما يرشد إليه إطلاق النصوص القرآنية: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (وقل ربي زدني علماً) (إنما يخشى الله من عباده العلماء).. وكان حب العلم لذاته هو خلق العلماء القدامى دون التفات لمكسب مادي أو مغنم أدبي رخيص أو بقصد الشهرة وإذاعة الصيت ولم يجعل العلم وسيلة للمعاش إلا في عصور التخلف، وفي أوقات الحاجة المهيمنة الآن إلى كسب الرزق. وما أجدرنا أن يكون الدافع ذاتياً إلى تعلم العلوم الحديثة وأن تهيئ الدولة كل المناخ الملائم لتطبيق النظريات العلمية الحديثة ليطلع فجر الحضارة الاسلامية من جديد وتمتلئ الحياة بالمجالس والمناقشات والأبحاث العلمية والتطبيقية، قال النبي (ص): ((ومَن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً... سهل الله له طريقاً إلى الجنة)).
6ـ الحفاظ على الشخصية الذاتية: إن الأخذ بأسباب الحضارة الغربية لا يعني ضياع الشخصية الاسلامية وإهدار المقومات الذاتية، فلقد استفاد المسلمون في الماضي من حضارة غيرهم مع طبها بطابعهم الشخصي والمحافظة على القيم الاسلامية أما الإصرار على جعل المدنية الغربية طريقاً وحيداً لإحياء الحضارة الاسلامية فهو تشكيك للنفوس وقتل للمعنويات وإهدار للجهود، ودعم الزعم القائل بعدم كفايتنا وإبقائنا عالة على غيرنا دون أن نستطيع مواجهة الغرب فضلاً عن مناهضته ومغالبته.
7ـ الاعتصام بالحق والخير: الاسلام دين الحق كما عرفنا وطريق الدعوة إلى الخير وحضارته تقوم على مبدأ مناصرة الحق والعدل ومكافحة الباطل وعمل الخير وقمع الشر.. فلا ظلم ولا هضم للحقوق ولا إنتاج إلا للخير ولا ابتكار لما يضر ولا ينفع. وإحقاق الحق وتثبيته يتطلب تخطيطاً وثباتاً وقوة وتفانياً. والخير الذي يشمل كل أنواع الرقي المادي والمعنوي لا يتوفر بدون تعاون الفرد والجماعة والحاكم والمحكومين، وأما الشر فيمثل كل مظاهر الانحراف والشذوذ والتخلف.
8 ـ الإيمان صمام الأمان: الإيمان في مفهوم الحضارة الاسلامية هو الذي يقيم قواعدها ويميز عناصرها الصالحة من الرديئة، وليس الإيمان مجرد عقيدة قلبية أو ديانة شخصية وإنما معناه الاسلام بكامله.
والاسلام نظام متكامل للأخلاق والمدنية والاجتماع والاقتصاد والسياسة، فهو الذي يوحد الأمة ويحفظ جهودها ويحافظ على وجودها وحضاراتها، وكلما قوي الإيمان قويت الحضارة، وكلما ضعف الإيمان ضعفت الحضارة وبقدر سيطرة تعاليم الاسلام على المجتمع بقدر ما يكون ازدهارها في المجال الحضاري.
وإذا كنا نجد الآن خلاف كل هذا في مجتمعنا تبين لنا بحق سبب تأخر المسلمين وما أصابهم من تقهقر اقتصادي وتمزق سياسي، وإمعاناً في بقاء هذه الحال مع أشد الأسف نرى الاتجاه العام يسير نحو عزل الاسلام عن الحياة والعلم والثقافة سيراً وراء النواعق التي تنعق بأن الاسلام لا يستوعب الحضارة المعاصرة أو جهلاً بحقيقة الاسلام أو مشاركة في الخيانة المفضوحة أو المقنعة لإبقاء حالة الضعف القائمة وتأمين مصالح الرؤوس الكبيرة والدول العظيمة!!
ولكنا ما زلنا نؤمن بأن النصر والمستقبل سيكون لدولة الحق والاسلام المشرق بحضارته الوضاءة، لما نجده في النفوس من بقية طيبة من الإيمان والألفة والعزة والحمية والغيرة ولما نعيشه من واقع مؤلم تتوالى فيه الضربات والطعنات وتدمى منها القلوب والحناجر والصدور وتهتز الأرض من تحت الأرجل وتتهدد العروش والكراسي باحتلال الغاصب وظلم المستعبد ونار المستغل.
ولن يعود مجد الاسلام وحضارته إلا بالثقة بالنفس ودفن العجز واليأس والقنوط وتغيير ما في الصدور (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
منظور اسلامي معاصر للعلاقات الدولية
في خضم التغيرات السريعة والكبيرة معا في الوضع الدولي واستشراف الجميع نحو نظام عالمي جديد، وأهمية وضع المسلمين الذين يزيد عددهم على المليار في هذه القضية، يبدو ملحا أهمية تحديد رؤية معاصرة للمسلمين في العلاقات الدولية.
ولا يتسع المجال للتعرض لجميع مفردات هذا الموضوع الشائك دفعة واحدة، ومن الطبيعي أن نتناول الموضوع على مرحلتين: نبدأ في الأولى منهما بإبراز بعض المسائل المحورية المهمة، مرجئين إلى مرحلة تالية رسم الصورة الكاملة المفصلة.
وفي إطار متطلبات هذه المرحلة تبدو أهمية بحث النقاط التالية:
1- لا يزال البعض يظن أن ليس للشريعة الإسلامية كلمة في مجال العلاقات الدولية، وعلى وجه الخصوص أن ما يسمى بالقانون الدولي الإسلامي ليس إلا بعض الوصايا الواردة في الشريعة الإسلامية والتي لا تعتبر قانونا دوليا؛ حيث لم يجر الاتفاق عليها بين المسلمين وغيرهم.
إن اهتمام الشريعة الإسلامية بالعلاقات الدولية أمر واضح من حيث المبدأ، فطالما أن دعوة الإسلام عالمية فلا بد من بلورة رؤيته للعلاقات مع العالم.
من المعروف أن العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي تتنازعه نظريتان تقول إحداهما بتبعية القانون الداخلي للقانون الدولي في هيكل العلاقات التدرجية بين القواعد القانونية؛ إذ إن القانون الدولي هو الذي يحدد عناصر الدولة، وبالتالي يعطي الشرعية للدول التي تكتمل لها هذه العناصر، بينما يذهب الرأي الآخر إلى أن القانون الدولي لم يصل بعد من النضج إلى أن يصبح مهيمنا على القانون الداخلي، وآية ذلك استمرار مبدأ سيادة الدول وحاجة المعاهدات الدولية إلى التصديق من المؤسسات الدستورية في كل دولة كي يصبح نافذ المفعول.
وإذا كان هذا الرأي واردا الآن وبعد عدة عقود من نشأة المنظمات الدولية التي تسعى نحو إقامة حكومة عالمية، فإنه يكون طبيعيا أن يكون هذا الرأي هو الرأي الوحيد الذي يمكن في ظله ضمان احترام الدول للمبادئ القانونية في علاقتها الخارجية خلال القرون الماضية، ومن هنا كان التعبير بالقانون الدولي الإسلامي عن شق من أحكام الشريعة الإسلامية التي تنظم علاقة دولة الإسلام بغيرها تعبيرا سائغا ولا غبار عليه.
ومما يؤكد نظرة الإسلام في هذا الموضوع أن نتذكر أن دولة الإسلام ذاتها خاضعة للشريعة الإسلامية، فالشريعة هي التي أنشأت الدولة وهي التي تضبط تصرفاتها وليست الدولة هي التي تنشئ الشرائع والقوانين كما في النظم الأخرى، ويكفي أن نشير إلى حادثة الجيش الذي التزم بقرار قاضي المسلمين بناء على شكوى أهل سمرقند.
2- من الأمور التي ينبغي توضيحها: عدم شرعية استخدام القوة لنشر الدعوة الإسلامية، فقد وردت النصوص الصريحة في عدم الإكراه على اعتناق الدين، وأن واجب المسلمين هو مجرد التبليغ.
وإذا كان قد وقع في الماضي استخدام للقوة لإزالة العقبات التي تحول دون حرية الرأي وتبليغه؛ وهو ما أوجد شبهة في أن حروب الفتح كانت لفرض الإسلام بالقوة، فلم يعد واردا التفكير حاليا في هذا الأمر؛ حيث إن تحقيق المقصد -وهو نشر الدعوة- أصبح ممكنا وعلى نطاق واسع عبر وسائل الإعلام التي لا تعترف بالحدود بين الدول، والتي تصل بها الكلمة المسموعة والصورة المرئية خلال ثوان إلى أطراف الأرض.
3- ولا ينفي ذلك وجود الجهاد كفريضة على المسلمين للدفاع عن حقوقهم إذا انتهبت، وهو أمر قريب من الحالات التي يجيز فيها القانون الدولي الحالي استخدام القوة التي أبرزها حالة الدفاع الشرعي الفردي والجماعي المنصوص عليها في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، وصياغة الأمر على هذا النحو تحتاج إلى تفصيل يبين أحكام الجهاد ليس هنا موضعه.
4- ومما يحتاج كذلك إلى إعادة نظر: إبراز الظرف التاريخي الذي قسم فيه الفقهاء المسلمون العالم إلى دار إسلام ودار حرب ودار عهد، فالمواجهة الشاملة بين المسلمين وغيرهم في فترة المد الإسلامي، والتي استمرت في فترة المد الغربي الذي تلاها كان طبيعيا أن تترجم إلى أحكام تتعلق بوضع المسلمين المقيمين خارج ديار الإسلام وتصرفاتهم من وجهة نظر الشريعة الإسلامية، بسبب أن هذه الشريعة لها طابعها الشخصي المستمد من العقيدة، والتوفيق بين هذا الطابع الشخصي وبين السيادة الإقليمية للدول هو الذي أبرز هذا التقسيم.
ولا مجال هنا للمقارنة مع موقف جروسيوس ومَن تلاه من فقهاء القانون الدولي بعد ذلك بعدة قرون، والذين تصوروا العالم قسمين: قسم متمدن هو الدول المسيحية التي أنشئوا لها القانون الدولي، وقسم همجي هو باقي الدول، وإذا كان لا بد من إجراء المقارنة فلذلك تفصيل لا يتسع له هذا المجال.
وإذا أخذنا في الاعتبار الظرف التاريخي لهذا التقسيم إلى دار إسلام ودار حرب ودار عهد، فإننا نجد أن العلاقات التي تربط الدول الآن بعضها ببعض تحتم علينا إعادة النظر في هذا التقسيم؛ إذ أصبح الأصل في العلاقات الدولية أنها علاقات دار العهد وانحسر نطاق دار الحرب إلى الدول التي يوجد بينها وبين بلاد المسلمين حالة حرب فعلية.
5- من الأمور التي ينبغي إبرازها تلك القواعد الإنسانية التي حوتها الأحكام الشرعية والتي سبقت معاهدات جنيف بصدد حماية المدنيين والأسرى وغيرهم لقرون طويلة، والتي فصلت أحكامها كتب الفقه وخصصت لها بعض المؤلفات، ككتاب "السير" لمحمد بن الحسن الشيباني.
6- ومما يحتاج إلى بيان، استجابة لما نصت عليه المادة 38 ج 3 من ميثاق الأمم المتحدة في اعتبار المبادئ القانونية العامة المتعارف عليها بين الدول مصدرًا من مصادر القانون الدولي، نفض الغبار عن القواعد الفقهية الكلية التي تمثل المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية، والتي غفل المعاصرون من علماء المسلمين عن الاهتمام بها، وإبراز دورها في هذا المجال المهم.
7- وأخيرًا فهناك الدور الرسالي للأمة الإسلامية، والذي يحدد هدفها في المجتمع الدولي، ويستلزم أن يكون لمجموعة الدول الإسلامية في المجال الدولي رأي في مشاكل العالم الحالية يتفق وهذا الدور الرسالي إن لم ينطلق منه، وبهذا تؤدي الأمة الإسلامية، ممثلة بهذه الدول، دورًا فعالا في دفع المجتمع الدولي نحو العدالة والسلام.
تحقيقات
الماء والحياة
كثيراً ما يقرن ذكر الحياة بالماء عندما نقطع الماء عن ارض تصبح لا حياة فيها ايضاً عند قطع الماء عن نبات فأنه يموت وكثيراً ما يصف الله سبحانه (عطاءه) بالماء فمثلاً في قوله سبحانه {َتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }الحج5. اذن هناك دلالة واضحة انه لا حياة بدون الماء {وخلقنا من الماء كل شيء حي} ولو لاحظنا بالجانب العلمي نجد ان الماء يشكل نسب متفاوته من اوزان المخلوقات فهذا يعني انه العنصر الاساسي للحياة فلو اخذناه من الجانب الزراعي لا فائدة من ارض بلا ماء لأنه من اساسيات الانبات او بالاحرى شرائطه:
التربة الصالحة 2- الماء 3- البذرة الجيدة ولا يعني انه تقديم التربة على الماء انها قادرة على الانبات من دونه نعم قد يكون هناك نبات في الماء وحده لكن تربة وحدها تنبت بدون الماء هذا لا يكون ، فما نريد التوصل اليه ان نصل الى الحياة الحقيقية ، فنرى الله سبحانه وتعالى يقول ان الارض هامدة ساكنة وضع سبحانه فها اساسيات او عناصر الحياة لكن لا تكون الا بوجود الماء فالله سبحانه خلقنا من نفس واحدة ومن التراب وكما في قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} اذن اصبح هذا التراب الى الماء والماء هو عطاء الله الذي يفيض به على الخلق وارسل الرسل والانبياء ليظهروا الناس عليه ويدعوهم الى صاحب هذا الماء أي الى الله سبحانه وتعالى { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }طه50. فهذا بلا شك دليل على ان الله اعطانا مقومات الحياة الحقيقية التي عاشها الانبياء واصحابهم الذين سقوا ارضهم من هذا الماء فلو تمعنا في الحالات العبادية التي يقوم بها الا يقر الانسان عند سماعه القران يقرأ انه بشرب الماء او لا يشعر عند خشوعه في صلاته انه يشرب الماء ، فعندما يقوم الانسان بعمل صالح من صدقةٍ او صلاح ذات البين او صلة رحمه يأته امتلاء بالماء كحالة العطشان في صيف حار ، اذن فالتربة موجودة والماء موجود والبذرة ايضاً موجودة وكل ذلك من الماء لكن يبقى علينا ان نضع البذرة الموجودة في انفسنا بصورة صحيحة في التربة وسقيها بالماء تدريجياً والعناية بها كي تنبت نباتاً حسناً اذن ما يريده الله من عباده ان يكونوا نباتاً حسناً ، فالايات كثيرة التي دلت على ضرورة الماء للحياة والا تصبح الدنيا صحراء اذن فالانفس بدون دين الله تصبح صحراء والدين مع العمل هو الحياة الحقيقية والا ما الفائدة من صلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر ما الفائدة ان يأمر الانسان بالمعروف وينسى نفسه اذن لا لحياة الهمج الرعاع ان اصحاب الحياة الحقيقية قليلون دائماً ذكرهم الله سبحانه بالقلة فكما اسلفنا ان كل من صدق الانبياء وثبتوا معهم هم القلة التي أحياناً لا تتجاوز اصابع اليد وكما تقول الاية {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }الشمس9-10. فكل الناس سمع من الانبياء وعاصرهم وعرف ما يدعون اليه من صحة لكن جحد ذلك وهذا لا يقتصر على زمن دون غيره فنراه متكرر في كل الازمان فترى العجب عندما ترجع الى الطوفان الذي حدث في زمن نوح(ع) والذي من المفروض من بعده ان تكون الحياة طبيعية لان من كان مع نوح هم فقط الذين صدقوه لكن نرى سرعان ما امتلأت الارض بالظلم والجور وقتل الانبياء والصالحين رغم كل ما شاهدوه وتوارثه الانبياء عن الاباء حول ما حدث لكن جحدتها انفسهم ، فالكلام يطول في هذا الجانب لكن يجب علينا اخذ العبرة لنحيا الحياة الحقيقية التي سقيت تربتها بالماء المعين الا يعتبر دين محمد ماءً معيناً وكل الرسالات هي ما معين ففي احيان كثيرة نأسف عندما نرى هدراً للحياة في اراضي كثيرة تخلو من الزرع اذن لا بد من ان نأسف على انفسنا بأن ماءً وفيراً فيها من الله لكن لا نبت في انفسنا فقد اصبحنا كالحجارة واشد منها قسوة علماً ان الله سبحانه يقول {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ}.
اتفاقية النفط مقابل اللطم
يغمرني – ولست وحدي – هذا الشعور بالأسى حين أتذكر لوعة العقيلة زينب (ع) وهي ترى أخاها وعشير صباها صريعاً ، تحتوشه سيوف إرهاب إسلام ما بعد السقيفة ، وتنهشه كلاب الردة ، وتستفز عبرتي ، عبرة لزين العابدين ( ع) وهو يتذكر فرار عماته وأخواته من خيمة لخيمة ، تحت سياط أبناء الأمة العربية الواحدة ، ذات الرسالة الخالدة ، وتستفز دمعتي لحظة ليلية بجانب الطف ، أمام الجثث الطواهر الزواكي ، وقفت فيها عقيلة البيت الهاشمي تجاه الغري ، في ساعة من وجوم الكواكب ، ورعاف دم الفضيلة ، مستغيثة ، خائفة ، مروعة ، منادية أبيها الهازم الأحزاب بصوت مرتجف من خوف انبلاج خيوط صبح السباء ، تنادي بصوت رفيع خشية أن تسمعها الذئاب ، أو تشمت بها صدور تكفيريي زمن الخلفاء:- (يا أبا الغوث أغثني ، يا علي أدركني).
تخنقني – مثل بقية المنتمين للإنسانية – ذكريات عواء ذئاب الليل بين خيام بنات رسول الله (ص) ، على مقربة ، وعلى مسمع ، وعلى مرآى من أدعياء العرب العاربة ، وحثالة من بقايا العرب الغاربة ، حين انتصر – بزعمهم – السيف على الفضيلة ، واحتز الشر رأس الرجاء.
يرعبني - أيما رعب – صوت زينب بنت فاطمة (ع)، وهي تنادي في لحظة انفراط عقد اللقاء ، وفي لحظة جفاف الدماء ، وفي غمرة الهلع من سقوط اللواء ، وحين اشتعلت جذوة نيران الحقد والضغينة على قدس الرسول ، وحين تصعد دخان الخيام الى أقرب ما يكون من عالم اللاهوت ، يرعبني صوتها وهي تنادي على تل قريب من مصرع الحسين :- (يا حسين !! أحرقوا خيامنا ، يا بن أمي !! سلبوا رحالنا) .. وأود حينها لو أن لي آلة العودة بالزمن الى الوراء ، وأود لو أنني أسير أسرع من الضوء كي أرجع أو يرجع بي الزمن القهقرى ، فأنحني على جسد الحسين (ع) ، أرسم على أشلائه قبلات العشق شلواً شلواً ، مرتدياً طاقية الإخفاء كي لا يقتنصني جيش يزيد ، وكي لا يبدرني سيوف هذا الخميس الذي يسد وجه الأفق بوميض فولاذ الرعب ، فأنا أعرف تماماً ، أن قوماً لم يستطع فارس بني هاشم وقمرهم ( أبو الفضل العباس ) من ردهم ، لا يمكن لراسم المرواني أن يردهم بأي حال من الأحوال ، ولئن فاتني أن أشارك في الدفاع عن الحسين وعياله ، فلن يفوتني أن أبكيه نصرة وحباً.. كم تمنيت - و أتمنى - أن يكون عمري ألف ألف عام .. كي أبكي في كل يوم .. وأصبغ صدري ببقع من الدم الأزرق المحتقن الناتج عن اللطم لمأساة الحسين وآل الحسين...
هذا ما كنت أقوله إنشاءً لصديقي الذي لم أره في مكان آخر غير الحلم .. مرهقاً مخيلتي في البحث عن كلمات تليق بالمقام ، من قاموس مفردات الحزن ، ولكن صديقي قاطعني بابتسامة ساخرة ، وراح يهز رأسه ، ولست أعرف لماذا اختلط لدي الموقف ، ففي لحظة تصورت أنه يكاد أن يصفق لي إعجاباً ، وبنفس اللحظة كنت أعرف أن ثمة ما لم يعجبه كلامي ، كنت أظن أنه يريد أن يقول شيئاً ، ولكن عقدة الـــ ( لا جدوى ) تمنعه عن الإسترسال بالحديث. وهنا صحوت من منامي .. على صوت انفجار عبوة ناسفة قرب بيتي .وبدلاً من أن أسرد على نفسي حلمي .. بدأت أهمس في نفسي لنفسي . حتى أنني خشيت أن يكون حلمي حقيقتي . . أو تكون حقيقتي محض حلم ، ولا أعرف لماذا بدرت لورقتي وقلمي كي أسطر تهامسي ، ربما لأنني أحتاج من يشاركني سماع همسي ، فليكرم القارئ ظيافتي عنده ، وليسمعني للآخر .... فأنا الآن أهمس... حسناً .. لنفترض أن فتىً عصامياً بدأ رحلته مع الحياة من الصفر ، وناضل ليال ، وبات جائعاً مرة ، ومتعباً مرات ، يعمل ليل نهار من أجل أن يحصل على أرض ليزرعها ، وبعد اللتيا واللتي ، وبعد عناء ، استطاع هذا الفتى أن يشتري لنفسه قطعة من أرض سبخة ، ووضع فيها كل حلمه ، وسهر لها لياليه الطوال ، واصطبغ وجهه بسحنة حرقة الشمس ، حتى أحالها الى بستان .. وبدأ البستان يؤتي أوكله.
الفتى صار شاباً ، وتزوج ، وصار له أولاد ، وكبر الأولاد ، وكبر البستان ، وكبر الحلم ، وكبر الشاب ، (والعود يورقُ أغصاناً ويكتهلُ) وحانت لحظة الممات ، فجمع صاحبنا أولاده للوصية ، وبدرهم قائلاً :- أي أبنائي ، لقد بنيت لكم صرحكم ، وأوصيكم به خيراً ، البستان لكم ، ولغيركم ، فلا تخزوني فيه أبداً ، أوصيكم بالبستان الذي أنفقت عمري فيه ...... ومات.
وبدأ الحزن ، وبدأ الحِداد ، وانقضت أيام المأتم الثلاث ، وأولاده يبكون ، وانقضت الأيام السبعة وأولاده يلطمون ، وحانت أربعينيته وأولاده حزنون ، ومرت السنة وأولاده مشغولون عن البستان بفقيدهم الذي لن يجدوا أباً بحنانه وروعته ، وبدأت أشجار البستان تذوي ، وأسراب الأدغال تمتص عذوق زرعه ، وعششت الحشرات في جنباته ، والأولاد منشغلون بالحزن. السؤال الآن .. أتراهم برّوا أباهم في وصيته أم عقّوه ؟؟؟؟ وللقارئ أن يهمس لي بالجواب
ألف وثلاثمئة ونيف من سنين البكاء واللطم واللدم ، وبستان الحسين يذوي ، وثورته تحولت الى وسيلة من وسائل استدرار الدمعة واللوعة ، ومن لم يستطع البكاء فليتباكى ، ( وما أشبه البكاء أمام الناس – عندي – بتقبيل يد المراجع ) رغم أنني لست أنكر أن جلدي ليقشعر ، ودنياي لتغبر كلما ذكرت الحسين ، وهول مقتل الحسين ، ولست أنكر أنني حين أذكر الحسين ، تغتالني دموعي ، ويستدرجني الحزن – دون إرادتي – الى البكاء ، ولكن... بمعزل عن الناس.
البكاء على سيد الشهداء عبادة ، والحزن عليه عبادة ، واللطم عليه عبادة ، ولكن الخشية أن تتحول العبادة الى عادة ، والخشية أن تتحول هذه الثورة الى مجرد دمعة ولون أسود يوشح جدراننا مع مطلع عاشوراء ، فتفوتنا فرصة أن نعزق أشجار بستان الحسين ، أو نسقيه ، أو نقلم أشجاره انتظاراً لموسم العطاء امقبل. يدهشني أيضاً أن تمتلئ شاشات التلفاز بصور المواكب التي ( تلطم ) وتردد كلمات لا تليق بكبرياء الحسين ، ولا توازي عنفوانه ورجولته وبطولته ، ويحرق قلبي أن أسمع أحد ( الرواديد ) مترنماً بكلمات الإستعطاف على لسان الحسين ، وحاشا لهذا الألق القدسي أن يستعطف عدوه .... ويلكم أيها الكذابون .. متى سمعتم الحسين الأبي يستعطف عدوه ؟؟ ومن منحكم حق التحدث بإسمه ؟؟ ومن خولكم صلاحية التقول بلسان حاله ؟؟ قاتلكم الله .. أخزيتمونا يا أصحاب الدكاكين الحسينية ، من سوّغ لكم أن تضعوا العقيلة الهاشمية زينب بموضع الذل والإنكسار؟؟ وهي التي وقفت في ديوان طاغوت عصرها ( يزيد ) لتقول له بلغة واضحة ، وكبرياء يليق بالفرسان (( ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك يا يزيد ، فإني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك )) ، أهذه المرأة – يا مدّعون – تستعطف زجراً وخولّــــة ؟؟ وإني لأجزم أن رجلاً منكم لا يستطيع ولا يجرؤ أن يقول هذه المقولة أمام ( شرطي ) ، فما بالكم بيزيد الظالم المتجبر المستهتر ؟؟
يا ليتنا كنا معكم ؟؟؟ نرددها مراراً وتكراراً ، ولا دليل على صدق ( يا ليتنا ) ، ولا يعنينا أننا نستخدم لإمنياتنا حرف امتناع لإمتناع ، لا بأس .. لنلطم صدرونا ، ولتجر دموعنا ، ولكن .. أليس من المشين أن يقتلنا أعدائنا فنظهر أمام الكاميرات ونحن نلطم ؟؟ أليس من المعيب أن نخرج بتظاهرة سلمية نطالب فيها بحقوقنا ونحن ( نلطم ) ؟؟ أليس من التافه أن نحتج على انتهاكات المحتل لنسائنا في أبي غريب ، فنظهر أمام كاميرات فضائيات العالم ونحن ( نلطم ) ؟؟ أليس من الغريب أن نخرج لمطالبة المحتل بجدولة إنسحابه ونحن ( نلطم ) ؟؟. ديننا يأن من سطوة مخططات منظمة (بناي برايت) والماسونية الصهيونية ، ووطننا يأن تحت بساطيل الإحتلال ، ومستقبل أطفالنا مجهول تحت طائلة الهدم والإستهداف الثقافي ، وأرضنا تتقيأ دم الأبرياء كل لحظة ، ومقبرة النجف صارت مقابر ، وأموالنا وثرواتنا تذهب بليل الإحتلال الى مؤسسات اليهود والصهاينة ، ونحن نلطم.
وليت شعري لست أعرف لماذا يلطم المتظاهرون ؟؟ ولماذا يلطمون بحرقة وقوة أكثر حين يمرون أمام دروع الأمريكان وآلياتهم ؟؟ أزعمتم – أم زعموا – أنكم ترعبون أعداء الله باللطم ؟؟ أبداً .. فمن منا لم يقرأ قول الله تعالى (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، ترهبون به عدو الله وعدوكم )) أم تراه سبحانه قال ( وأعدوا لهم ما استطعتم من اللطم على الرؤوس والصدور ، تضحكون به عدو الله وعدوكم عليكم ) ؟.
الحسين إمامنا ، وسيدنا ، وقائدنا ، ولن نعاب أو نعيب إذا لطمنا عليه صدورنا ورؤوسنا ، فمن أجل الحسين فليبكي الباكون ، ومن أجله فليلطم اللاطمون ، ونحن حين نبكيه إنما نبكي قتل الفضيلة بقتله ، وحين نلطم إنما نلطم لأجل نظرته النبيـّة العينين ، نفعل ذلك وفاءً له و لجده الرسول الأكرم (ص)، وأبيه سيد الوصيين ، وأمه سيدة نساء العالمين ، ولأخيه صاحب سؤدد رسول الله (ص) الحسن المجتبى (عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين). وددت لو أننا نبكيه خفية ، كي لا يرانا يزيد وأتباعه منكسرين ، ونلطمه في مجالسنا ( فيما بيننا ) كي لا يهنأ بلطمنا بنو أمية المعاصرون ، وحين نتحدث عن الحسين (ع) في العلن ، نتحدث عنه بكبرياء وعنفوان ، ونردد في افق الحقيقة قائلين:- ((زعموا بأن يزيدَهم قتل الحسينَ ، وإنما قتل الحسينُ يزيدا)) نطير كالنوارس الى أرجاء الأرض كي نوصل صوت الحسين الأزلي، ونردد ترانيم رجولته وتضحيته من أجل الإنسانية بمعناها الأشمل ، نوصل تراثه الذي لا يشبهه تراث الى العالم ، ونوقض حلم الإنسانية بالخلاص عبر كلماته التي ما زال الكبرياء ينحني بحضرتها.
نصنع لنا – بالحسين – وطناً وأرضاً لا تحترق عليها خيام النساء ، ولا تفر عليها العذارى من الرعب ، ولا يتجول فيها الأيتام ليبيعوا ( المناديل الورقية ) في تقاطع الطرقات ، ولا يدوس بها المحتل رؤوس أبنائنا ببساطيلة النتنة.
بودي لو أننا بدأنا منذ الآن نؤسس لذكرى عاشوراء في العام المقبل ، ندعو العالم الإسلامي والعالم الإنساني الى تأسيس ما يلي:-
1- مهرجان الطف السينمائي العالمي الأول. 2- مهرجان الطف المسرحي العالمي الأول. 3- مهرجان الطف الشعري العالمي الأول. 4- مهرجان الطف الخطابي العالمي الأول. 5- التظاهرة العالمية بذكرى الطف. 6- مؤتمر الطف العالمي الأول. 7- المركز العالمي للبحوث والدراسات الحسينية. 8- الجمعية العالمية الحسينية ، القناة الفضائية الحسينية ، سفارة الثورة الحسينية في العالم ، الجامعة الحسينية العالمية .و....و....و.... بودي لو انتقل خطابنا الحسيني المحلي الى العالمي .. وبودي لو أنني أستطيع إخبار الشيخ الفلاني أن السيجار الكوبي الذي يدخنه يساوي سعر 100 قرص ( CD ) لمحاضرة باللغة الإنكليزية تُفهم 100 شخص في الغرب شيئاً عن ثورة الحسين. بودي لو يعرف البعض ، أن ما ينفقوه من أموال ( متفضلين ) في مراسم شراء الزماجيل والدمّامات ، يمكن أن يكفي لإنتاج مسلسل باللغة الفرنسية عن ثورة الحسين وإلتمهيد لثورة الإمام المهدي. بودي لو يتم منع كل ( لطّام ) من المشاركة باللطم ، حتى يكمل دورة في دراسة كتاب ( أضواء على ثورة الحسين ع ) للمولى المقدس محمد الصدر رضوان الله عليه. بودي لو أننا نخترق إعلام الغرب كما اخترقوا إعلامنا كي نوصل صوت الحسين الى ديار من لا يعرفون الحسين ، بالأموال التي تودع في بنوك الغرب. إن لغات الخطاب في عموم الأرض تتغير ، وحتى القرآن ، رغم كونه محفوظ بين الدفتين ، ولم يتغير فيه حرف واحد ، ولكنه متجدد متألق ، يواكب كل عصر بلغته ، أما لغة اللطم فهي اللغة التي لم تتغير ، والمراثي التي لا تريد أن تغير خطابها ، وكأننا عاجزون عن التغيير والتجديد ، ندور ضمن حلقة واحدة ، حتى بات من المسلمات أن كلمة البكاء أو اللطم أو العزاء تأتي رديفة لكلمة ( الحسين ) أو ( كربلاء) ، وكأن البكاء واللطم هو الحجم الطبيعي للتعامل مع واقعة الطف ، وهذا ما رسخته في أذهاننا المدارس المتخلفة التي حولت ذكرى عاشوراء الى وسيلة للبكاء.
لست أنكر أن كلب اليهود ( صدام) كان قد صادر شعائرنا ، وغيب معتقداتنا ، وحرمنا من تأديتنا لحق الحسين (ع) ، بل وتطاول – من سفهه - على مقدساتنا ، فوجدنا بعد أن ألحقه أسياده بركب خزي العملاء ، متنفساً لنعوض ما فاتنا في الزمن الغابر الغادر ، ولكن ، مرة أخرى .. أريد من يخبرني ،أريد من يهمس بأذني ، هل خرج الحسين (ع) بعياله وأحبته (على قلة العدد وخذلان الناصر ) ليقف بوجه همجية بني أمية وبني مروان ، وهل كشف صدره للسيوف مبتسماً للموت من أجل أن نبكيه ؟؟؟ يخيفني شعور بأن أعدائنا قد منحونا متسعاً لننفس عن شعائرنا في نفس الوقت الذي ما زالوا فيه يتربصون بالحسين الدوائر ، ويقطعون على فكره الطريق ، ويسلبون ثرواتنا ونفطنا ليوظفوه لتصنيع عدتهم وتجميع مرتزقتهم ليقتلوا الحسين من جديد ونحن غافلون.. وكأننا رضينا أن نوقع معهم اتفاقية ( النفط مقابل اللطم).
قراءة تاريخية معاصرة
لمقام الصحابي الجليل سعيد بن جبير
تعتبر أضرحة ومقامات الصحابة والأخيار من شخوص الأمة الإسلامية ممن أسهموا من خلال سعيهم الحثيث لإقامة حدود الله سبحانه وتعالى إحدى مكونات التراث الإسلامي الثر اذ يلعب هذا التراث دورا مهما في استنهاض همم الشباب المؤمن ولعل مقامات الأولياء الصالحين تعتبر من بين أكثر الأمور إسهاما في شحذ الهمم حيث تتجسد عظمة هؤلاء الأشخاص من خلال ما قدموه وصولا إلى الشهادة والتضحية بالنفس لأجل الغايات السامية التي أرسى دعائمها الإسلام الحنيف ومن بين من ضحى ورفع شأنه بقدرة الله سبحانه وتعالى ليكون مزارا ترنو إليه أعين السائرين على نهج النبوة هو سعيد بن جبير حيث تحتضن مدينة الحي إحدى أقضية محافظة واسط ضريحه الطاهر الشريف ولأجل الوقوف على خصائص الضريح الشريف كانت لنا هذه الجولة في أروقته المطهرة.
سيرته الطاهرة: اسمه سعيد بن جبير بن هشام الاسدي فقيه محدث من أعلام التابعين حبشي الأصل اسود اللون من بني والبه بن الحارث من بني أسد اخذ العلم والحديث والفقه والتفسير من عبد الله بن العباس , يعد سعيد بن جبير (رض) علما من أعلام العراق والأمة الإسلامية ويحتفل المسلمون بجميع مذاهبهم بذكرى ولادته واستشهاده لروايته الحديث ولسعة علومه الفقهية ويعد المتصوفة من بين من يجلون شأنه لما عرف عنه من علم وورع وزهد. وقد تواتر المسلمون على زيارته بتاريخ 27/ ذي الحجة من كل عام حيث يصادف هذا التاريخ يوم المجيء به مكبلا من البيت الحرام إلى مدينة واسط القديمة بطلب من الوالي الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي حيث أقدم على إعدامه لمعارضته الحكم الأموي الفاسد
مراحل البناء التي مر بها الضريح: تذكر النصوص التاريخية إن أول من شيد ضريح الشيخ الاسدي سعيد بن جبير كنعان آغا احد تلامذة سعيد بن جبير وهو من أصول إيرانية بناه عام 1241 هـ. وفي مطلع العشرينات من القرن الماضي تم تشييد ضريح سعيد بن جبير (رض) واستخدم في البناء الطين وجريد النخيل ومن بين التسميات التي عرف بها ضريح سعيد بن جبير ( أبو هدمة ) لتساقط الطين المستخدم في بنائه باستمرار ومن بين أكثر الناس اشتهارا بعلمه وأخلاقه في متابعة أمر ترميم وإعادة الأجزاء التي تتساقط منه هو المواطن ( لازم مطر ) احد أبناء مدينة الحي حيث يقوم باستنفار أهالي المدينة للإسهام في أعمال الصيانة للضريح المقدس وكان الضريح يعرف بقبته الواسعة . وقد شهدت الأعوام من 1958 _ 1965 عملية البناء الحديث المقاربة لصورة ما هي عليه الحال في الوقت الحاضر وقد اشرف على ذلك الحاج جاسم محمد عبد الرضا البناء حيث ارتبط ذكر هذا الحاج واتسعت شهرته لقيامه بذلك العمل والذي أسهم الأهالي فيه من خلال جمع الأموال والتبرع بها لغرض أنجاز العمل 0وكانت هذه المرحلة من البناء متكونة من الضريح والقبة والسياج المحيط بهما بقى الضريح محافظا على شكله الذي صمم عليه نهاية عام 1965 إلى أن حل عام 1989 والذي شهد عملية همجية قادها البعث لإزالة مجموعة كبيرة من أضرحة السادة و العلماء في محافظة واسط حيث طالت هذه الحملة ضريح الشيخ الشهيد سعيد بن الجبير وبقي الضريح مهدما إلى أن حلت سنة 1996 م وفيها تم بناء الضريح من جديد بأموال تم جمعها من تبرعات المحسنين من مختلف مناطق العراق وقد اشرف الحاج جاسم محمد عبد الرضا البناء على إعادة بناءه من جديد حيث تم إضافة منارتين على شكل البناء السابق الذي قام به نفس البناء في الأعوام (1958 ـ1965).
الأوصاف الهندسية لضريح الصحابي الجليل سعيد بن جبير ومحتوياته: تبلغ المساحة الكلية للمقام عشرة ألاف متر مربع محاطة بسياج ارتفاعه من الخارج يبلغ (6) م ومن الداخل (5) م وله أربعة أبواب موزعة على جهاته الأربع وتشكل دواخل السياج المقابلة للضريح ما يعرف بالاواوين المخصصة لجلوس الزوار وتبلغ مساحة الضريح المشيدة (90) متر مربع ترتفع فوقه منارتان ارتفاع الواحدة منها (120) مترا تتوسطها قبة نصف قطرها (259 متر وارتفاعها (18) متر ويوجد داخل المساحة المشيدة متوسطا لها القبر الذي يحيط به قفص مشبك مصنوع من الحديد والألمنيوم ويشغل مساحة مربعة قياسها (4×4) متر وفي داخل الصحن يوجد مصلى للرجال وأخر للنساء تبلغ مساحة الأول 320 م2 بارتفاع (5) متر والثاني مساحته 160 م2 بارتفاع (5) متر أيضا وضعت أيضا في إحدى جوانب المصلى الخاص بالرجال معرضا كبيرا يضم مجموعة من الكتب تمثل نواة لمكتبة يسعى القائمون عليها إلى توسيعها ورفدها بالكتب القيمة. ترتفع فوق القفص المحيط بالقبر ثريتان من الحجم الكبير وهناك سبع ثريات أخرى من الحجم الصغير.
سبل تطوير المقام الشريف: هنالك شقان لمسالة التطوير تتمثل الأولى بأصل الضريح أو المقام والثانية بالعوامل المحيطة بالمقام. فبالنسبة لمسالة تطوير الضريح فان عملية الأعمار التي يشهدها الضريح في الوقت الحاضر من خلال صب أطراف المقام الداخلية واكساء الجدران بالأحجار المزركشة والتي جمعت الأموال للقيام بها من قبل الأهالي فان الحاجة تبدو ضرورية لمد أسلاك الكهرباء داخل الضريح والعمل على تأسيسها بشكل يتناسب وأهمية الضريح وإنارة الضريح بصورة جيدة كذلك فأن من الملاحظ أن مسألة تكييف الأجواء داخل الضريح خلال الصيف والشتاء مقتصرة فقط على وجود (30) مروحة سقفية وعليه نجد من الضروري توفير سبل التكييف داخل الضريح أما بالنسبة للعوامل الخارجية ويأتي في مقدمتها انعدام الدعم المالي من قبل مديرية الوقف الشيعي في محافظة واسط ومن الأمور الأخرى التي تدعو الضرورة لتوفرها هو افتتاح الطريق المعروف بطريق المنارة المؤدي إلى مدينة واسط القديمة حيث يتصل بعشرين قرية حيث يسهم فتح الطريق هذا إلى تنشيط السياحة الوافدة إلى مدينة واسط التاريخية.
كرامات الصحابي الجليل سعيد بن جبير: هنالك العديد من الكرامات التي حباه الله بها حيث يعد مقام الصحابي الجليل سعيد بن جبير مكانا يستجاب به الدعاء ويعد هذا الأمر دليل على أن حال الضريح ومساهمة الناس الواسعة في تشييده ماكن لولا الدلالات التي أظهرها بمشيئة الله سبحانه وتعالى ومن بين ما يروي هذه الحادثة التي حصلت من بين العشرات من القصص التي تشير إلى استجابة الدعاء تحت قبته الشريفة قال الأخ صباح لازم حميد العقابي:حضر في يوم من الأيام شاب متوسط العمر ورأيته يناجي الله سبحانه وتعالى قائلا في ختام دعائه أو مناجاته أليك يا سعيد علي عهدا بأن أجلب إلى مقامك كذا وكذا شيء أن استجيب دعائي ... يقول صباح لازم عرفنا فيما بعد أن الله استجاب دعائه ببركة سعيد بن جبير وحين أراد المجيء بالحاجيات تم اقتياده إلى الطريق المؤدي إلى مدينة السماوة من قبل بعض السراق حيث أنزلوه هناك في وسط الجزيرة وحين عودته بمساعدة أحدى السيارات الناقلة للنفط أبلغ أهله طالبا منهم أخبار الشرطة بالأمر حيث كانت الحادثة قد حصلت أيام صدام الهدام ألا أن ذويه رفضوا ذلك وطالبوه بالعودة إلى نفس المكان عله يجد السيارة ومع دهشته من إجابتهم دعا الشاب ربه ببركة سعيد بن جبير أن يجد السيارة وهذا ما حصل وسط ذهول الجميع من ذلك الأمر.
الاخيرة
معالم حكومة بني العباس
جاء في الاحاديث الواردة عن النبي واهل بيته الاطهار صلوات اله وسلامه عليهم اجمعين في ما يكون عليه حال الامة ويجري عليها ويكون منها ( ان اخر الامة يتبع اولها ) فكل ما وقع من الامة في صدر الاسلام يقع في اخر الزمان وقد دلت الاخبار ايضاً على ظهور حكم بني امية وحكم بني العباس قبل قيام الامام المهدي عليه السلام بل ان الروايات دلت على ان حكم بني العباس من العلامات اللابدية الوقوع التي تشير الى قرب القيام المقدس له سلام الله تعالى عليه .فعن الامام الباقر (ع) انه قال : (لابد ان يملك بنو العباس فاذا ملكوا اختلفوا وتشتت امرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان الى الكوفة كفرسي رهان هذا من ها هنا وهذا من ها هنا حتى يكون هلاكهم على ايديهما ، اما انهما لايبقون منهم احدا ابدا) غيبة النعماني ، ولما تأكد للكثير من العلماء والباحثين وحتى لعامة الناس من ان حكم بني امية التي دلت عليه الكثير من الروايات قد وقع وقد قامت دولتهم مرة ثانية وزالت ولله الحمد حيث جاء في الرواية الواردة عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال : ( لما دخل سلمان رضي الله عنه الكوفة ونظر اليها ذكر ما يكون من بلائها حتى ذكر ملك بني امية والذين من بعدهم ثم قال فاذا كان ذلك فالزموا احلاس بيوتكم حتى يظهر الطاهر بن الطاهر المطهر ذو الغيبة الشريد الطريد ) بحار الانوار ج52 ص126 - فالذي يظهر من الرواية الشريفة ان ظهور الامام المهدي (ع) يكون قريباً من حكم بني امية كما هو واضح وهذا فيه دلالة واضحة على تجدد حكم بني امية في اخر الزمان والذي لابد على الناس فيه ان يلتزموا احلاس بيوتهم . وعن ابي بصير عن ابي جعفر (ع) قال : ( يقوم القائم (ع) في وترمن السنين تسع واحد ثلاث خمس وقال اذا اختلفت بنو امية ذهب ملكهم ثم يملك بنو العباس فلا يزالون في عنفوان الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم فأذا اختلفوا ذهب ملكهم واختلف اهل الشرق واهل الغرب هم واهل قبلة ويلقى الناس جهد شديد مما يمر بهم من الخوف فلا يزالون بتلك الحال حتى ينادي مناد من السماء فاذا نادى فالنفر النفر فوالله لكأني انظر اليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمرجديد وكتاب جديد ) غيبة النعماني .
وفي هذه الرواية اشارة واضحة الى تجدد وقيام دولة بني امية وبني العباس في اخر الزمان . وقد تمثلت دولة بني امية بحكم الطاغية صدام الذي يمثل المذهب السني وهذا ما صرح به الكثير من الباحثين ورجال الدين وقد عبروا عن حكم الطاغية صدام لعنه الله في مواقف كثيرة انه يمثل حكم بني امية وقد دلت على ذلك بعض الروايات فقد جاء في الرواية الواردة عن الامام الرضا (ع) عن ابائه عن امير المؤمنين (ع) انه قال : ( كأني بالقبور قد شيدت حول قبر الحسين وكأني بالمحامل تخرج من الكوفة الى قبر الحسين ولا تذهب الليالي والايام حتى يسار اليه من الافاق عند انقطاع ملك بني مروان ) بحار الانوار ج9 .
فمن هذه الرواية الشريفة يتبين لنا ان حكم صدام عليه اللعنة يمثل بني مروان الذين هم من بني امية كما هو معلوم لدى الجميع والرواية تتحدث عن نهاية ملكهم حيث تبدأ الناس يومئذ بالسير لزيارة قبر الامام الحسين (ع)ويأتون من مختلف المدن والبلدان وان المحامل تخرج من الكوفة الى كربلاء ومعنى هذا خروج المواكب التي تنصب لأستقبال الزائرين سواء في الطرق المؤدية الى كربلاء او في مدينة كربلاء نفسها ولم نر ذلك يتحقق بدقة كما في الرواية الا عند انقطاع حكم الطاغية صدام و زواله وهذا دليل واضح على ان حكم صدام يمثل حكم بني امية .ولما تبين ذلك فلا بد اذن من ان يأتي حكم بني العباس الذي وعدت به الروايات المعصومية الشريفة فكما ان لبني امية دولتين وحكومتين فكذلك لبني العباس دولتين فالدولة الاولى التي قامت سنة 132هـ وقضى عليها هولاكو سنة 656هـ اما الدولة الثانية فهي تقوم في اخر الزمان والتي يكون قيامها علامة من العلامات اللابدية الوقوع الدالة على قرب قيام الامام المهدي والتي تكون نهايتها على يد الخراساني والسفياني . وقد وردت الكثير من الاخبار التي تؤكد ان لبني العباس دولتين ، فقد جاء في الرواية عن عبد الله بن ابي الاشعث قال : ( تخرج لبني العباس رايتان احداهما : اولها نصر وآخرها وزر لا تنصروها لا نصرها الله والاخرى اولها وزر وآخرها كفر لا تنصروها لا نصرها الله ) الملاحم والفتن ص35 - ففي هذه الرواية اشارة واضحة الى قيام دولة بني العباس الثانية في اخر الزمان وقد عبر عن الدولة بالراية كما هو واضح . وعن البطائني قال : ( زاملت ابا الحسن موسى بن جعفر (ع)من مكة الى المدينة فقال يوماً لي لو ان اهل السموات والارض خرجوا على بني العباس لسقيت الارض بدمائهم حتى يخرج السفياني ) بحار الانوار ج52 ص250 - وفي هذه الرواية دليل واضح على تجدد حكومة بني العباس لان من الواضح ان السفياني هو من يخرج على بني العباس ويقضي على حكومتهم والسفياني كما هو معلوم من العلامات الحتمية التي تتحقق وتظهر قبل قيام الامام المهدي (ع) بفترة قليلة وهذا يدل على ما قلناه ومما يؤكد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الرواية الواردة عن الحسن بن ابراهيم قال قلت للرضا (ع) اصلحك الله انهم يتحدثون ان السفياني يقوم وقد ذهب سلطان بني العباس فقال كذبوا انه ليقوم وان سلطانهم لقائم ) غيبة النعماني - وعن ابي بكرالحضرمي عن ابي جعفر الباقر (ع) قال : ( لابد ان يملك بنو العباس ، فأذا ملكوا واختلفوا وتشتت امرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان الى الكوفة كفرسي رهان هذا من ها هنا وهذا من ها هنا حتى يكون هلاكهم على ايديهما ، اما انهما لا يبقون منهم احداً ابداً ) غيبة النعماني ص259 - وهذا دليل اخر على ان لبني العباس دولة ثانية تكون نهايتها على يد الخراساني والسفياني والحقيقة ان الادلة على تجدد دولة بني العباس كثيرة وهذا الامر عند العلماء والباحثين . اما فيما يخص معالم تلك الدولة وهل يعني ان حكام دولة بني العباس الثانية ينتسبون الى العباس بن عبد المطلب أي انهم من احفاد ملكو الدولة الاولى للعباسيين وفي هذه المسألة اقوال فيحتمل انهم يرجعون نسباً الى العباس بن عبد المطلب أي انهم سادة من بني هاشم ويحتمل ان المراد بتسميتهم بني العباس لأن افعالهم واعمالهم وسيرتهم مشابهة لافعال واعمال وسيرة ملوك بني العباس الاوائل وربما اريد المعنيين معاً والله العالم اضف الى ذلك ان قيام دولة بني العباس الثانية يكون مشابه الى حد كبير قيام الدولة الاولى لبني العباس حيث ان العباسيين الاوائل بدأ تحركهم للأطاحة بالامويين من خراسان فقد رفعوا الشعار : ( الرضا من ال محمد ) والثأر للأمام الحسين وارجاع الحق الى اهله ( أي الائمة ) فاستطاعوا بذلك خدع عوام الشيعة واشراف السادة تحت هذا الشعار فقادوا الشيعة لاعلان الثورة ضد الامويين حيث اتجهوا من خراسان الى العراق والشام ونجحوا في اسقاط الحكم الاموي فكذلك ياتي بني العباس في اخر الزمان ويرفعوا شعارات انسانية من قبل اعادة الحق الى اهله ونصرة الشيعة المظلومين من قبل الحكم الاموي ويأتون ايضاً من خارج العراق ليقيموا دولتهم فقد جاء في الرواية الشريفة عن رسول الله (ص) قال : ( اذا اقبلت رايات ولد العباس من عقبات خراسان جاؤوا بنعي الاسلام فمن سار تحت لوائهم لم تنلهم شفاعتي يوم القيامة ) الملاحم والفتن ص32 - وعن رسول الله (ص) قال : ( اذا خرجت الرايات السود فأن اولها فتنة واوسطها ضلالة واخرها كفر ) الملاحم والفتن ص34 - والرواية المقصودة هنا كما هو واضح هي نفسها الراية الثانية التي جاء وصفها في الرواية الواردة عن عبد الله بن ابي الاشعث والتي ذكرناها في بداية الموضوع.
وبهذا يتبين لنا واضحاً ان ملوك دولة بني العباس الثانية يأتون من خارج العراق ليقيموا حكومتهم فيه كما انهم يدعون التشيع والولاء لاهل البيت (ع) وهم براء من ذلك اما مواصفات تلك الحكومة فانها حكومة عسر لا يسر فيها فقد جاء في الرواية الواردة عن محمد بن الفضيل عن ابيه عن ابي جعفر (ع) قلت له جعلت فداك بلغنا ان لال العباس رايتين فهل انتهى اليك من علم ذلك شيء قال اما ال جعفر فليس بشيء ولا الى شيء واما ال العباس فان لهم ملكاً مبطئاً يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب وسلطانهم عسير ليس فيه يسير ) بحار الانوار ج52 ص184 - وعن محمد بن بشير الهمداني ، قال : ( قلنا لمحمد بن الحنفية : جعلنا فداك ، بلغنا ان لأل فلان راية ، ولأل فلان راية ولأل جعفر راية ، فهل عندكم في ذلك شيء ؟ قال : اما راية بني جعفرفليست بشيء . واما راية بني فلان ، فأن لهم ملكاً يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب عسر ليس فيهم يسر ...)بحار الانوار ج52 ص270 - والذي يظهر من هاتين الروايتين ان بني العباس في حكومتهم الثانية يقربون من هو بعيد عن الحق او عن مكان دولتهم ويبعدون من هو قريب من الحق او من مكان دولتهم والله العالم كما ن حكمهم يرافقه عسر ليس فيه يسير أي تكون هناك صعوبة من ناحية المعيشة او غلاء الاسعار او ما شابه ذلك كما انه تسبق قيام دولتهم حكومة لأل جعفر وان تلك الحكومة ليست في شيء وليست الى شيء أي انها لا تنفع ولا تضر لا تقدم شيئاً ولا تؤخر أي انه ليس لها اثر فعلي في تغير الاحوال انذاك . ثم انه قد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن امير المؤمنين (ع) قال : ( اذا رايتم الرايات السود فالزموا الارض ولا تحركوا ايديكم ولا ارجلكم ثم يظهر قوم صغار لا يؤبه لهم قلوب كزبر الحديد اصحاب الدولة لا يفون بعهد ولا ميثاق يدعوا الى الحق وليسوا من اهله اسمائهم الكنى ونسبهم الغري شعورهم مرخاة كشعور النساء حتى يختلفوا فيما بينهم ثم يؤتي الله الحق من يشاء ) الملاحم والفتن ص35 - فمن هذه الرواية يتبين لنا ان هؤلاء الحكام هم اصحاب الدولة وصفاتهم واضحة في الرواية كما هو مبين وان هؤلاء الحكام تكون اسمائهم عبارة عن كنى انهم يستخدمون الكنى فيما بينهم ويخفون اسمائهم اما بالنسبة لنسبهم الغري فهو اشارة الى مدينة النجف الاشرف أي انهم ينتسبون لتلك المدينة المشرفة الا ان الرواية ورد فيها تصحيف حيث وردت كلمة الغري ( بالقرى ) والله العالم فيكون المقصود ان اكثر اتباعهم وانصارهم يكونون من القرى والارياف كما ان الذي يظهر من الروايات ان عبد الله ذو العين الوارد ذكره في روايات الائمة الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين والذي يدعى بالشيصباني الذي ذكرنا موضوعاً مفصلاً عنه في عدد سابق هو سيد هذه الدولة وحاكمها وابرز قادتها ثم ان نهاية هذه الحكومة والدولة يكون بسبب اختلاف يقع بين اعضائها وقادتها يتسبب في ضعفها فيطمع فيها الاخرون فقد جاء في الرواية الواردة عن الامام الباقر (ع) انه قال : ( اذا اختلف بنو فلان فيما بينهم ، فعند ذلك فانتظروا الفرج ، وليس فرجكم الا في اختلاف بني فلان ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم ، فاذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة وخرج السفياني ) روضة الكافي ص177 - وعن الامام الباقر (ع) انه قال : (لابد ان يملك بنو العباس فاذا ملكوا اختلفوا وتشتت امرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان الى الكوفة كفرسي رهان هذا من ها هنا وهذا من ها هنا حتى يكون هلاكهم على ايديهما ، اما انهما لايبقون منهم احدا ابدا) غيبة النعماني- وكذلك جاء عن ابي بصير عن ابي جعفر(ع) قال :( يملك بنو العباس فلا يزالون في عنفوان الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم فاذا اختلفوا ذهب ملكهم - الى ان قال - ينادي مناد من السماء فاذا نادى فالنفر النفر فوالله لكأني انظر اليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد وكتاب جديد) غيبة النعماني - فمن هذه الرواية المعصومية الشريفة يتبين لنا واضحاً ان بني العباس يختلفون فيما بينهم اي انه لابد ان يقع بينهم اختلاف يؤدي الى ضعفهم فيسهل عندئذ الاطاحة بهم والقضاء عليهم فيستغل ذلك الاختلاف والضعف السفياني والخراساني فيقضيا عليهم ويزيلا دولتهم ويكون بذلك فرج لآل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم) وفرج للامام المهدي(عليه السلام) لان هذه الدولة كما يظهر من الاخبار تكون عقبة في طريق الامام وفي طريق التمهيد والاعداد والدعوة له . والظاهر والله العالم ان النفس الزكية الذي يقتل في ظهر الكوفة مع سبعين من الصالحين سيكون مقتله في حكومتهم بل بأيديهم لعنهم الله . كما ان هدم مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار عبد الله بن مسعود سيكون من قبلهم ويكون ذلك الهدم بحجة اعمار المسجد او نتيجة قتال يكون هناك فقد جاء في الرواية عن الصادق (ع) انه قال : ( اذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار عبد الله بن مسعود فعند ذلك زوال ملك بني فلان ، اما ان هادمه لا يبنيه ) غيبة الطوسي ص271 - وكلمة بني فلان كما هو معلوم يقصد منها بنو العباس وكان الائمة يستعملون هذه الكلمة للتقية من العباسيين الاوائل . واخيراً ان هذه الحكومة سوف تقف بوجه الامام المهدي (ع) وتظلم وتضطهد انصاره ومواليه بل انها تحاربهم وتحاول القضاء عليهم لكن الله سوف يسلط على هذه الدولة السفياني حيث يكون هلاكهم على يديه لعنهم الله جميعاً.
تعليقات
إرسال تعليق