العدد الحادي والخمسون

منار القران
القحطاني يكشف أسرار اللغة الفردوسية
إن عالم الحروف هو عالم كبير ومتشعب فيه أسرار عظيمة ، ومنها مفاتيح لكنوز المعارف المتعددة ، ومن هذه الكنوز ( اللغة الفردوسية ) أو لغة الرموز والأسرار ، وهذه اللغة توضح بأن كل حرف فيها له مسميات كثيرة تنطوي في معنى هذا الحرف ، فتكمن معرفة الحرف في معرفة حقيقته ، وهو ليس بالمعنى اللفظي المنطوق أو المسموع أو الوصف الخارجي له ، بل المعنى الذي في الحرف نفسه ، فلا تحقق تلك المعرفة دون الوصول إلى أعماق ذلك الحرف ، ولا يمكن للجميع التوصل لتلك الحقيقة إلاّ الذين حباهم الله تعالى بفضله ووفقهم لمعرفة أسرار علمه . ويطلق عليها هذه التسمية لأنها متأتية من جنة الفردوس ، فهي لغة أهل الجنة ، والمتعارف إن اللغة العربية هي لغة أهل الجنة ، واللغة الفردوسية هي لغة الحروف وليست لغة الكلمات ، وهي لغة المخاطبة بين الملائكة . وقد أستخدم المولى عز وجل هذه اللغة في كتابه الكريم ، فكانت إشارة بينه وبين رسوله الكريم (ص) فالحروف المقطعة في أوائل السور هي من اللغة الفردوسية ، وفي هذه اللغة اسم الله الأعظم الذي غيبه المولى تبارك وتعالى في تلك الحروف ،
فقد ورد في إكمال الدين عن أبي عبد الله (ع) إنه قال : ( قد غيب الله تعالى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى في أوائل سور من القرآن ، فقال عزّ وجل (الم والمر والمص وكهيعص وحم وعسق وطس وطسم) ، وما أشبه ذلك لعلتين إحداهما ان الكفار المشركين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله عزّ وجل وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدليل قوله تعالى {قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَّسُولاً} وكانوا لا يستطيعون للقرآن فأنزل الله في أوائل سور منهم اسمه الأعظم بحروف مقطوعة ، وهي من حروف كلامهم ولغتهم ولم تجر عادتهم بذكرها مقطوعة فلما سمعوها تعجبوا منها وقالوا نسمع ما بعدها تعجباً ، فاستمعوا ما بعدها فتأكدت الحجة على المنكرين وازداد أهل الإقرار به بصيرة وتوقف الباقون شكاكاً لا همة لهم إلا البحث عما شكّوا فيه  ، وفي البحث الوصول إلى الحق ، والعلة الأخرى في إنزال أوائل السور بالحروف المقطوعة ليختص بمعرفتها أهل العصمة والطهارة فيقيمون به الدلالة ويظهرون به المعجزات....)بحار الأنوار ج89 ص381 ، إذن فاللغة الفردوسية مختصّة لأهل العصمة والطهارة ، ولا يستطيع فكّ رموزها أو كشف أسرارها إلا همّ أو من وفّقه الله تعالى بمنّه وجوده لذلك.
اللغة الفردوسية لغة أسرار الحروف
إن لكل حرف من حروف اللغة الفردوسية سرّ محدد يختلف عن غيره من الحروف ، وهذا الحرف له تأويل خاص به ، فأمير المؤمنين (ع) قال : (....سمعت رسول الله (ص) يقول : ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما من حرف إلا وله تأويل {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}) بحار الأنوار ج33 ص155 . فكان الخطاب الإلهي إلى رسول الله (ص) في هذه اللغة ، وفيها أسرار رسول الله (ص) التي خصّ بها أمير المؤمنين (ع) فأودعها إليه قبل أن يُقبض (صلوات الله وسلامه عليه) والتي منها تفتح أبواب العلم ، فقد جاء في الخصال عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (جاء أبو بكر وعمر إلى أمير المؤمنين (ع) حين دفن فاطمة (ع) في حديث طويل قال لهما : أما ذكرتما أني لم أشهدكما أمر رسول الله (ص) فإنه قال لا يرى عورتي أحد غيرك إلا ذهب بصره، فلم أكن لأريكما به لذلك ، وأما إكبابي عليه فإنه علمني ألف حرف الحرف يفتح حرف ، فلم أكن لأطلعكما على سرّ رسول الله (ص)) بحار الأنوار ج22 ص464 . وفي رواية أخرى عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (ع) قال : (إن رسول الله (ص) علّم علياً (ع) ألف حرف كلّ حرف يفتح ألف حرف والألف حرف يفتح كل حرف منها ألف حرف) بصائر الدرجات ص308 . ومن ذلك فإننا لا نستغرب حينما يتكلم أمير المؤمنين (ع) في شرح حرف واحد ساعة تامّة، ويستغرق شرح كلمة واحدة مدة ليلة كاملة من خلال الغوص في معاني هذه الحروف وتبيان أسرار علومها المختلفة ، فقد ورد عن محمد بن عبد الواحد في كتابه بإسناده : أن علي بن أبي طالب (ع) قال: (يا أبا عباس إذا صلّيت عشاء الآخرة فالحقني إلى الجبانة ، قال : فصليت ولحقته وكانت ليلةمقمرة ، قال : فقال (ع) ما تفسير الألف من الحمد ؟ قال : فما علمت حرفاً أجيبه . قال : فتكلم في تفسيرها  ساعة تامة . قال : ثم قال لي : ما تفسير اللام من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامّة ، قال : ثم قال (ع) فما تفسير الحاء من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال لي : فما تفسير الميم من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال : فما تفسير الدال من الحمد ؟ قال : فقلت لا أدري . قال : فتكلم في تفسيرها إلى أن برق عمود الفجر ، وقد وعيت كل ما قال ، ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المتفجّر ، قال القرارة : الغدير والمتفجر : البحر) بحار الأنوار ج19.
وتعتبر اللغة الفردوسية المدخل الرئيسي للغة الوجودية ، فإن الله تعالى إذا تكلم أوجد ، وقوله تعالى (كُن) هو مسبب للوجود ، فكلامه جلّ وعلا ليس بعبث بل هو إيجاد للأشياء ، فقد ورد في مسائل عبد الله بن سلام (أحد رؤساء بني إسرائيل) لرسول الله (ص) فقال له : (فأخبرني عن آدم (ع) كيف خُلق ومن أي شيء خُلق ؟ قال (ص) : (نعم إن الله سبحانه وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من السورة والسورة من الياقوته والياقوته من كُن وكُن من لا شيء . قال صدقت يا محمد (ص) ...) بحار الأنوار ج9 ص342.
منطق الطير جزء من اللغة الفردوسية
لو لاحظنا أصوات الطيور لوجدناها عبارة عن مجموعة من الأحرف التي تنادي بها الطيور ، وقد علّم الله عزّ وجل نبيه سليمان (ع) منطق الطير ، وكذا علّمه لنبينا محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد ورد عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (قال أمير المؤمنين لابن عباس : إن الله علّمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود ، ومنطق كل دابة في برّ أو بحر) بصائر الدرجات ص343 . فالديك مثلاً يقول في صياحه سبحان الملك القدوس ، فقد ورد عن جابر الجعفي ، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : (إن لله ديكاً رجلاه في الأرض ورأسه تحت العرش ، جناح له في المشرق ، وجناح له في المغرب يقول سبحان الملك القدوس ، فإذا قال ذلك صاحت الديوك وأجابته ، فإذا سُمع صوت الديك فليقل أحدكم سبحان ربي الملك القدوس) بحار الأنوار ج62 ص3 . أما العصافير فإنها بقولها تُقدّس ربها وتسأله قوتها ، فقد جاء في الاختصاص للشيخ المفيد (أعلى الله مقامه) عن أبي حمزة الثمالي قال : (كنت عند علي بن الحسين (ع) فلما انتشرت العصافير تصوتت ، فقال يا أبا حمزة أتدري ما تقول ؟ فقلت لا . قال : يقدسن ربها ويسألنه قوت يومها ، ثم قال يا أبا حمزة "علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء") ، وقد روى أن الحمرة فجمعت ...... فجاءت إلى النبي (ص) وقد جعلت ترفّ على رأس رسول الله (ص) فقال : (أيكم فجع هذه ؟ فقال رجل من القوم أنا أخذت بيضها ، فقال النبي (ص) أرددها ....) مناقب ابن شهر آشوب.
وينطبق ذلك على منطق الدواب في البر والبحر ، فإن أصوات الدواب هي أصلاً حروف لا يفهمها إلا من حباه الله لمعرفة هذه اللغة ، فقد ورد عن أبي الدرداء قال : (كان داود (ع) يقضي بين البهائم يوماً وبين الناس يوماً ، فجاءت بقرة فوضعت قرنها على حلقة الباب ثم نغمت كما تنغم الوالدة على ولدها وقالت كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني ثم كبرت فأرادوا أن يذبحوني فقال داود أحسنوا إليها لا تذبحوها ثم قرأ (علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء)) البحار ج60 ص78 . إذن فهذه الأصوات هي حروف تنطوي على رموز وأسرار لا يعلمها إلا من علمه الله ومنّ عليه من علمه . ومن الطريف أن النملة التي خاطبت نبي الله سليمان تضمن خطابها إشارة إلى اللغة الفردوسية ، فقد ورد عن محمد بن جعفر (ع) أنه قال في ذلك : (....قالت النملة أنت أكبر أم أبوك داود ؟ قال سليمان بل أبي داود . قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود ؟ قال ما لي بهذا علم . قالت النملة لأن أباك داود داوى جرحه بود فسمي داود....) قصص الجزائري ص368.
(الفردوسية) لغة معاني الحروف
لقد خص الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله بهذه اللغة فتعليم آدم للأسماء هو تعليم للحروف ، وهكذا توارثته الأنبياء والأوصياء وصولاً إلى محمد وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) الذين فاق علمهم جميع علوم من سبقهم بهذه اللغة وغيرها من العلوم الأخرى . إننا عندما نلفظ حرفاً معيناً بمفرده لا نفهم منه شيئاً ، ولكننا لو ربطنا هذا الحرف مع عدة حروف وجمعناها في كلمة واحدة لتبين لنا معنى معين لهذه الحروف ، ولو جمعنا عدة كلمات في جملة مفيدة واحدة لكان المعنى أكثر وضوحاً ، هذا في الوضع الشائع في عموم اللغة ، أما في نظام اللغة الفردوسية ، فإن لكل حرف معنى خاص به وواضح ومفهوم ويحتوي على سرّ معين يخصّ هذا الحرف ، ويتحكم موقع الحرف في معرفة معناه ، إضافة إلى عوامل أخرى تؤثر في تغيير معنى الحرف الواحد لسنا في صدد ذكرها الآن ، وقد أثبتنا في العدد (44) من هذه الصفحة في موضوع (نظرية الحقائق الآياتية) أن لكل آية في القرآن حقيقة ثابتة تختلف عن غيرها قد أوجدها الله تعالى في خلقه ، بل إن لكل كلمة وجود في خلق المولى سبحانه ، قال تعالى {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}آل عمران 45 ، وبما أن الموجودات هي أصلاً كلمات فلابد أن للحرف سرّ في الوجود ، والإمام الصادق (ع) يقول : (إن الله إذا تكلم أوجد) والإيجاد هنا لا يشمل عموم الكلام وحسب ، إنما يشمل أصل الكلام ، أي الحروف التي يتكوّن منها هذا الكلام ، فالحرف ينطوي تحته كلمة أو عدة كلمات في أحيان أخرى ، وهذا ما بينه الإمام الصادق (ع) عندما أعطى معاني الحروف المقطعة في بدايات الآيات ، والتي تمثل سرّ من أسرار الله ، فقد جاء في (معاني الأخبار) عن سفيان الثوري قال : (قلت للصادق (ع) : يابن رسول الله ما معنى قول الله عزّ وجل (الم ، والمص ، والر ، والمر ، وكهيعص ، وطه ، وطس ، وطسم ، و يس ، و ص ، و حم ، وحم عسق ، و ق ، و ن) ؟ قال (ع) : أما (الم) في أول سورة البقرة فمعناه أن الله الملك ، وأما (الم) في أول آل عمران فمعناه أنا الله المجيد ، و(المص) أنا الله المقتدر الصادق ، و(الر) معناه أنا الله الرؤوف ، و(المر) أنا الله المحيي المميت الرازق ، و(كهيعص) معناه أنا الكافي الهادي الهادي الولي العالم الصادق الوعد ، وأما (طه) فاسم من أسماء النبي (ص) ومعناه يا طالب الحق الهادي إليه ما انزل عليك القرآن لتشقى بل لتسعد به ، وأما (طس) فمعناه أنا الطالب السميع ، وأما (طسم) فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد ، وأما (يس) فاسم من أسماء النبي (ص) ومعناه يا أيها السامع لوحيي والقرآن والحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم ، وأما (ص) فعين تنبع من تحت العرش وهي التي توضأ منها النبي (ص) لما عُرج به ويدخلها جبرائيل (ع) كل يوم دخلة فيغتمس فيها ثم يخرج فينفض أجنحته فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكاً يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة ، وأما (حم) فمعناه الحميد المجيد ، وأما (حم عسق) فمعناه الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي ، وأما (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السماء منه وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها ، وأما (ن) فهو نهر في الجنة قال الله عزّ وجل اجمد فجمد فصار مدادا ، ثم قال عزّ وجل للقلم اكتب فسطّر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ....) البحار ج89 ص373 ، وكلام الإمام الصادق (ع) هنا هو كشف معنى واحد لهذه الحروف وليس جميع معانيها.
علاقة الحرف بالمعنى
لو أخذنا مقارنة بسيطة بين بعض الكلمات لتبين لنا الفرق الواضح في معانيها عندما تغير حرفاً واحداً من هذه الكلمة ، وبالتالي يكون المعنى مختلفاً تماماً عن المعنى الأول من خلال تغير هذا الحرف ، مع العلم يبقى وجود التشابه قائماً بينهما بقدر تشابه الحروف المتبقية ، وكلما تغيرت الحروف تغير المعنى ، وهكذا.
مثال : النحل والنمل : لم يتغير في الكلمة الثانية إلاّ حرف واحد وهو الحرف الثالث الذي أدى إلى تغير المعنى تماماً ، ولكن بقية الحروف الأربعة هي متشابهة حتى في تسلسلها مع العلم أن الكلمتين هما تتكونان من خمسة أحرف ، وبإمكاننا حصر التشابه والاختلاف بين هاتين الكلمتين فيما يلي:
أولاً : أوجه التشابه
1) إن كل من النحل والنمل يعيشان في مملكة ، وإن لكل منهما ملكة واحدة .
2) إن كلا الصنفين يتمتعان بالصبر ، ولهما قدرة عالية على المطاولة والتحمل .
3) إن كل من النحل والنمل يتوخى الدقة في العمل مع الفارق بين فائدة أو مضرة ذلك العمل الذي يتم إنجازه منهما .
4) إن كلاهما يقوم بادخار قوته ، فالنحل يدخر ما يكفي المملكة من الغذاء الملكي طيلة الموسم ، والنمل يخزن هذا القوت أيضاً ، كما أنهما يتمتعان بقدرات عالية من الذكاء ، وهذا ما أثبته العلم الحديث ، وغير ذلك من المواصفات المشتركة بينهما.
ثانياً : أوجه الاختلاف : بالطبع إن الاختلاف بين النحل والنمل يتجلى في عدة أمور ذكرناها في مباحث سابقة ، ولكننا سوف نتحاشى الخوض فيها كي لا يخرجنا من أصل البحث ، وعليه فإننا سوف نأخذ نقطة الاختلاف الأساسية بينهما ، والتي تتمثل فيما يلي : إن الفارق بين النحل والنمل هو حرفي الحاء والميم والحاء يرمز للحياة ، والميم إلى الموت ، فالنحل يعيش في البيوت التي يتخذها من أعالي الجبال والأشجار وهي تدل على الرفعة والعلو الشاهق الذي يمثل ديمومة واستمرارية الحياة ويتجلى ذلك في بقاء هذه الأشجار وتلك الجبال الشامخة ، وإن الشجرة عندما تسقط على الأرض هو دليل انتهاء الحياة فيها ، أما الجبال فما دامت واقفة فإن الحياة مستمرة ، وبنهاية الحياة فالمولى عزّ وجل ينسف هذه الجبال نسفاً ، قال تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}طه105 ، أما النمل فهو يتخذ المساكن التي تكون في ثقوب الأرض وشقوق الجدران ، وهذه المساكن مظلمة كظلمة القبور التي في باطن الأرض ، أما بخصوص عمل كل منهما فإن النحل يقوم بإنتاج العسل الذي يكون نتاجاً لعمله المتواصل والمثابر والذي فيه فوائد كثيرة، أما النمل فيكون نتاج عمله المتواصل هو العطل ، فالنمل عندما يريد تخزين أنواع الحبوب فإنه يقوم بقطع رؤوس تلك الحبوب كي لا تنبت وتخرب بيته وبالتالي عدم الاستفادة منها ، ولو أن هذه الطريقة هي أسلوب ذكي في التخزين إلا أنها تتسبب في تعطيل إنبات تلك الحبوب ، وهو يسبب لبضرر عكس النحل .
وكذلك يمكننا مقارنة تغير الحروف في كلمات أخرى كالنحل والنخل ، والتمر والثمر ، وغير ذلك من الأمثلة التي توضح معنى الحرف وتغيره من كلمة لأخرى.
اللغة الفردوسية بين لقائم وأصحابه
بما أن القائم المهدي (مكن الله له في الأرض) هو خاتم الأوصياء لخاتم النبيين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وهو وارث الأولين والآخرين وهو المكوّن لدولة العدل الإلهي التي وعِد بها الخلق أجمعين ، فلابد أن يكون ختم جميع العلوم والأسرار على يديه الشريفتين ، وذلك واضح في قول أمير المؤمنين (ع) لكميل بن زياد (رحمه الله) : (يا كميل ما من علم إلاّ وأنا افتحه وما من سرّ إلاّ والقائم يختمه) بحار الأنوار ج74 ص268 ، فيفتح الإمام المهدي (ع) لغة الأسرار والرموز اللغة الفردوسية ويعمل بها ويكون خطابه لأصحابه من خلالها فهي لغة (الجفر) التي يستخدمها في معاركه فلا يفهم منها العدو شيئاً ، ويستفيد الأصحاب من هذه اللغة بتقنية عالية من كشف الأسرار والعلوم بعد أن يعلمهم الإمام المهدي (ع) أصول وأساسيات هذه اللغة ، فقد ورد عن إبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (سيأتي في مسجدكم ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً - إلى قوله- عليهم السيوف مكتوب على كل سيف كلمة تفتح ألف كلمة) البحار ج52 ص286.
الموعود
حملة العرش العظيم في اخر الزمان
من هم حملة العرش في آخر الزمان .... إننا ونحن في نبحث في سبر معاني أيات القرآن وخاصة بحث عن إجابة لسؤال رئيسي ومحوري ، هو فهم حملة العرش العظيم في آخر الزمان ؟ لكي نجد الجواب الشافي على هذا السؤال أخذنا من القرآن وسورة الحاقة هذه الآية المعنية المباركة  {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }الحاقة17 فلو أخذنا تأويل وتفسير أهل البيت (ع) عن طريق الروايات لبان لنا الكثير وأتضح إلينا السبيل ولوجدنا ما تشفي به الصدور . لهذا نأخذ في هذا الباب أهم ما جاء في تفسير هذه الآية المباركة وآراء بعض أرباب التفسير ورواة الحديث عن الأئمة (ع) للجواب على الجواب السابق ، نأخذ ما جاء من توضيح في بعض التفاسير حول هذه الآية المباركة . 
أولاً : جاء في تفسير الصافي لهذه الآية المباركة {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }الحاقة17 - في المجمع عن النبي (ص) : ( إنهم اليوم أربعة فإذا جاء يوم القيامة أيدهم بأربعة أخرى فيكونون ثمانية ) نقف هنا على السؤال التالي . ما معنى اليوم في الرواية السابقة وما معنى يوم القيامة ؟ يأتي الجواب على مستويين:
المستوى الأول : قد يراد اليوم هو الحياة الدنيا من أول يوم فيها حتى آخر يوم لقوله (ص) فإذا يوم القيامة أي إنتهى اليوم وبعده الإنتقال إلى يوم القيامة ، أما يوم القيامة المطلق الذي يراد في هذا المستوى يقصد به يوم الحساب ويوم إنتهاء الدنيا.
المستوى الثاني : بعد أن فهما المستوى الأول يورد أحتمال قد يراد من يوم القيامة هو القيامة النسبية ، ونعني بهذا اليوم هو قيام القائم ( مكن الله له في الأرض ) وقد يكون هذا الاستنتاج منطقي من الحيث اللغوي ، فإن القائم من القيامة ( والقيامة من القائم ) فيكون عند ذلك الدليل على الوراثة أي وتحت ما جاء أعلاه أن القائم ومن معه سوف يورثون حمل المسؤولية لكن بنسبة متفاوتة . وهذا ما سنعرفه في الفقرات التالية إن ساء الله تعالى.
ثانياً: نأخذ ما جاء في الكافي في تفسير هذه الآية المباركة . عن الصادق قال حملة العرش ( حملة العلم ثمانية أربعة منا وأربعة ممن شاء الله سبحانه وتعالى ) . أما هنا يجدر بنا الوقوف عند كلمة (العلم) فمن هذه الصفة التي وصف بها الإمام الصادق ( صلوات الله تعالى عليه ) . العرش على انه ( العلم) ليس ألا . فقال (ع) حملة العرش هم حملة ( العلم) فمن يحمل بواطن العلم فانه يحمل العرش . إذاً من يحمل باطن العلم الذي يوكله سبحانه وتعالى .لأوليائه الصالحين وهم الوارثين في كل زمان . إذاً من كل هذه نفهم أن التخويل حاصل منذ أن علم أدم (ع) الأسماء كلها . ( بالعلم ) ذاته والعلم هو هبة الوهاب العظيم يهبه لمن يشاء . انه عليم خبير . ومن هنا ايضاً نفهم أن العلم هو التأييد من الله سبحانه وتعالى . ولا يمكن لحملة العلم ( العرش )  أن يفقدوا الفقدان المطلق . لهذا قال الإمام محمد الباقر صلوات الله عليه واله . ( ولو أن الإمام غاب عن أهل الأرض ساعة لساخت بهم ) وعن الإمام الرضا . صلوات الله عليه واله . قال ( ولو أن الامام غاب عن أهل الأرض لماجت بهم كما يموج البحر بأهله . اذاً لا بد من وجود حملة العلم ( العرش ) وسر الله سبحانه وتعالى في كل زمان ومن أزمنة الحياة الدنيا.
ثالثاً : جاء في نفس المصدر . بحديث عن الإمام أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه واله ) . ان حملة العرش ثمانية (أربعة ) من الأولين ( وأربعة ) من الآخرين . ( آما الأربعة من الأولين منهم ( نوح وإبراهيم وموسى وعيسى)  على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام . وأما الأربعة من الأخرين ( منهم محمد وعلي والحسن والحسين ) عليهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين .والآن وبعد هذا الحديث للإمام الصادق ( صلوات الله عليه) . ولو طرح علينا سؤال وارد في هذا الصدد هو كيف ان الذين يحملون العلم ( العرش ) والسر والقدرة . الإلهي وأسبابها  الملموسة والمحسوسة ليس له وجود مادي وأن خلق المادة علة على نحو الموجود كما أن التكلم علة للسامع الذي هو يحتاج تلك الأسباب وتلك العلوم التي تدير وتر شد أمورهم المتعددة والمتمثلة با(الحاجة) الى كل شئ . فنحن علمنا أن حملة العرش المذكورين في الرواية المباركة عليهم الصلاة والسلام . هم قد تركوا جميع المجسمات المادية ... فأن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين قد تركوا نطاق المادة المحدودة وأصبح بألامحدود . أذاً من الذي سوف يحل محلهم ومن الذي سوف يحمل مسؤولية عملاقة كحمل ( العرش ) فأنها تحتاج الى عبقرية وأمثلية فريدة النوع  والكم . عليه يكون الجواب على هذا السؤال على صعيدين:
الصعيد الاول : - يوم القيامة المطلق ( هو يوم الحساب ) فيكون الجواب ان حمل العرش في يوم القيامة سوف يحملوه ( هؤلاء الثمانية صلوات الله عليهم ) . وسوف يقومون بحمل مراسيم ذلك اليوم حسب درجة  العلم وحسب اختصاص المسؤولية قد يصحح هذا الطرح . لكنه لا ينبغي الصعيد الثاني او الوجه الاخر ليوم القيامة من حيث ( التجلي الروحي منهم صلوات الله عليهم أي حملة العرش . اذاً  نفهم من هذا ان أرواح حملة العرش سوف تسدد بالتجلي من يقوم بمراسيم يوم القيامة النسبي وهو يوم ( قيامة ) القائم (مكن)
الصعيد الثاني :- يوم القيامة النسبي ( قيامة القائم ( مكن) .. وفي هذا الصعيد يكون الجواب على السؤال السابق أن الذين يحملون العلم ( العرش) هم ورثة أولو العزم . لكن النسب متفاوتة فأن لدينا كفتين كفة الأولين ويرثها حسب مراحل الظهور السيد اليماني من حيث الأعداد والتمهيد ليوم قيامة القائم ( مكن ) ومن معه من قادة . وكفة الاخرين ويرثها بقية الله في ارضية ( الامام الحجة بن الحسن ( مكن ) من حيث القيام بهذا اليوم ووضع المعايير الخاصة  به من كل النواحي والتي تتعلق بطبيعة خلق الحياة الدنيا.... وقد  يورد هنا سؤال مهم طبقاً لما  من حديث أن الامام ( مكن ) . سوف يرث الاخرين وهم محمد وعلي والحسن والحسين ) أذاً كيف ان هناك روايات تقول أن الامام الحجة بن الحسن (مكن) له سنة من كل الانبياء . وأبرزها له سنة موسى في قالبه البشري . (مكن) . كما ان هناك روايات تقول أن الامام الحجة بن الحسن ( مكن) له سنه من كل الانبياء . الجواب على هذا يكون كلاتي : ان وراثة الامام الحجة بن الحسن (مكن) هي وراثة مطلقة من حيث . انه يرث جميع حملة العرش ( العلم) لقابليته لذلك كونه يحمل سر اسم الله الاعظم . فيستطيع حمل أي روح وجسده الطاهر (مكن ) له القابلية على استيعاب كل انواع الارواح الطاهرة . اما السيد اليماني الموعود . فأنه يرث من حملة العرش ( العلم ). حسب المراحل التي يمر بها . فكلما أفاض عليه سيده ومولاه الإمام الحجة بن الحسن (مكن ). كلما استطاع  حمل روح اكثر تعمل بحمل أسرار القدرة.
رابعاً : جاء في تفسير نور الثقلين .(1) يقول في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود علياً ( صلوات الله تعالى عليه واله ) من الواحد الى المائة قال له اليهودي ( فربك يحمل أو يحمل ؟ - قال (ع) أن  ربي يحمل كل شئ بقدرته . ولا يحمله شئ . قال فكيف قوله ( عز وجل ) . و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية . قال (ع) يا يهودي الم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى . فكل شئ على الثرى والثرى على القدرة ( والقدرة) تحمل كل شئ . أما من هذه الرواية المباركة فيتبين لنا . أن القدرة تحمل كل شئ والقدرة هو العلم والعلم هو العرش والعرش به القدرة التي تحمل العلم المكنون القدرة التي تحمل سر العرش . وسر العرش المطلق هو في باطن العرش وباطن العرش هو الكرسي . ومن الكرسي يخرج الشديد كل شئ  في السماوات والأرض . لهذا قال الإمام الصادق ( صلوات الله عليه واله ) ( سمى العرش في الوصل لمنفرد عن الكرسي . أي معزل عن الأخر . لانهما بابان من أكبر أبواب الغيبوبة . وانهما في الغيب مقرونان . لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب والعرش هو الباب الباطن لباب الغيب (3) . لهذا لا يمكن ان نشك لحظة واحدة بفقدان من يحمل  ذلك السر والقدرة والعلم والعرش . بل ان حملة العرش . هم السر الموجودين لهذا ( قال الرسول الأعظم ( صلوات الله تعالى عليه واله) . لا تحتقر أحد من عباد الله سبحانه وتعالى : فأن الله تبارك وتعالى قد أخفى ثلاث في ثلاث .... ووليه في عبادة...
خامساً: جاء في تفسير الأمثل . عن علي بن أبي طالب ( صلوات الله تعالى عليه ) قال . ( فالذين يحملون العرش ليس هو الله سبحانه وتعالى والعرش هو اسم علم القدرة ) . اذاً من هذا الحديث الذي يحمل العرش يحمل اسم وعلم القدرة ومن يحمل السبب يحمل النتيجة . وعن علي ابن ابي طالب 0 صلوات الله تعالى عليه) . ( قال فالذين يحملون العلم هم ( العلماء ) .... وهنا أتضح لنا أكثر من هم حملة العرش ) . أنهم العلماء . على صعيد لكن من هم ( العلماء) المعنيين في هذا الحديث ؟  هل ( هم العلماء عامة . ام هم الذين قال عنهم سبحانه وتعالى. (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر28 ) . ام هم أهل الذكر الذين قال عنهم سبحانه وتعالى ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )النحل43 . أم هم كل من ادعى العلم من أمة محمد صلى الله تعالى عليه واله وسلم. الجواب:- لابد وأن يكون الأختيار كما قال الرسول الأعظم ( صلى الله تعالى عليه واله وسلم) . ( أن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك وهوى ) . أذاً الذي يراد من العلماء هم ليس كل ( ما هب ودب ) . فعن النبي ( الأعظم ) ( صلى الله عليه واله وسلم) . قال ( أن علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل ) . والسؤال هنا بعد الأشارة من النبي الاكرم ( ص) على علماء أمته . حيث وضع لهم صفة هي الأفضلية على مستوى أنبياء بني إسرائيل . فهل ينطبق هذا الوصف على جميع من ادعى انه عالم في امة ( محمد (ص) نطقاً وسلوكاً _ الجواب على هذا كلا ، اذا قلنا أن أي عالم من العلماء من العلماء امة محمد (صلى الله تعالى عليه واله ) . هو أفضل من نبي الله ( موسى وعيسى ) .( عليهم أفضل الصلاة والسلام) . اذاً يصح القول بأن العلماء المراد بهم هم ( أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام) .وخاصتهم من اطلع على جزء من سرهم المكنون ومن اقتبس من نورهم الأوحد. مثل سلمان المحمدي (رضوان الله تعالى عليه . وحبيب بن مظاهر الاسدي وعلي بن يقطين والإصبع بن نباتة وباقي خواص الائمة صلوات الله تعالى عليهم . أما في زمان بقية الله تعالى . فأن أخص خاصة هو وزيره والممهد للحركة المباركة وهو السيد اليماني الموعود . وباقي قواده الثلاثمائة وثلاثة عشر وباقي الأنصار . والذي سوف بصلهم الخبر الالهي عن طريق أمامهم الحجة بن الحسن ( مكن) . الذي سوف يعطيهم أسرار العلم الخاص والعام حسب درجة العلم المتوفرة لديهم .وفي نفس المصدر عن الامام الرضا صلوات الله عليه ( العرش ليس هو الله سبحانه وتعالى. والعرش هو اسم القدرة ). أي من يحمل  اسرار العلوم يحمل ذات العلم بنية من طاقة روحية وطهارة عرفية . وأن كانت تأتي بعد حين . بالتمحيص الإلهي . والذي يحمل العلم يحمل القدرة والذي يحمل القدرة يحمل العرش .يقول صاحب هذا التفسير أن للعرش تفسير أخر بالإضافة الى التفسيرات السابقة الذي ذكرناها سابقاً وهو صفات الله مثل العلم والقدرة . وبناء ذلك . فأن حملة العرش الالهي هم حملة علمه وكلما كان مقام ذلك الانسان او الملك أعلى من حيث العلم فأن له سهماً أكبر في حمل العرش العظيم . ومن هنا فأن هذه الحقيقة  تتبلور بصورة أفضل في اذهاننا وهي أن العرش ليش تختاً جسمانياً كتخوت السلاطين . بل له معان عدة كنائية مختلفة اذا استعمل بالنسبة للذات الالهية المقدسة . ( انتهى حديث المفسر ) . انطلاقاً من هذا الحديث يتسنى القول بأن حملة علم و( عرش ) وقدرة الله سبحانه وتعالى . هم الانبياء والمرسلين والائمة الاطهار( صلوات الله تعالى عليهم ) وخاصتهم ووزرائهم وانصارهم في طريق الحق حسب درجاتهم المعرفية نحو بواطن العلوم الحقة . في عالم الملكوت . وعالم الشهادة . وهي المراتب الثلاثة : الأسلام . الأعتقاد . الايمان . اليقين . عين اليقين . التصديق . الشهادة . التسليم التام المطلق . والاسلام هنا هو حلقة الوصل ما بين عالم الغيب وعالم الشهادة وكلما كان للعبد اكبر في حمل رتبة ارفع كانت النتيجة هي في حمل العرش . فأن الأنسان الاعتيادي له وجودان في حيزان . وجود في عالم الغيب وهو ( روح الروح) أو ( اصل الروح ) وبها يتحكم  ويكون الجسد بالنسبة لها متغير تابع . وله وجود مركب في عالم الشهادة ( من الروح والجسد ) . لذى فأن الجسد وسيلة في عالم الشهادة من حيث الحصول على المعرفة . التي من خلالها يستطيع حمل العرش . وذلك عن طريق  الخدمة التي يقدمها لمن حوله . يقصد الله سبحانه وتعالى . قاراً بالوحدانية المطلقة لذته المقدس . في كل ما سبق نفهم أن في حمل العرش يوجد نواة المحور . فأن نواة المحور في محل العرش منهم المسؤولية العليا والمطلعة عليهم. فلو نأخذ أصل رقم ثمانية ) واصل الرقم في الرياضيات يعني جذره أي انطلاقه الهندسي الطبيعي نحو الأعلى والى الأسفل رجوع . اذاً لو أخذنا جذر العدد (8) = 8 جذرها= 2,82842 . وهذا الناتج يفسر على مستويين:
1- المستوى الاول : لو أخذنا هذا الناتج أي ناتج جذر الثمانية بدون وباقي أي ( العدد الصحيح (2) والعلة من هذا الناتج . هو ان الاول تكون زمام الأمور الغيبية بيده مطلقاً . هو الامام  الحجة بن الحسن ( مكن) ( أما الثاني فهو وزير الامام السيد اليماني سدد الله تعالى خطاه . والذي سوف تكون زمام الامور السببية أي( المادية ) نحن  المتكونة من خليط الطاقات الفكرية والجسمانية وبهذا يحملون العرش بذلك العلم الأوحد حسب مدركات لا طاقة لأحد منا نحن يحملها . والدليل على هذا الكلام الرواية عن الأئمة ( عليهم أفضل الصلاة والسلام) وعن جعفر الصادق ( صلوات الله عليه واله) ( امرنا لا يحمله لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد امتحن الله قلبه بالأيمان ) اذاً ما هو وجه المشاركة مع الإمام الظاهر والإمام الباطن ( مكن) . وهم حملة العرش وكيف ان كنا لا نحتمل  الجواب كما قال لنا أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ( صلوات الله عليه واله ) في رواية شريفة . ألا وأنكم لا تقدرون على ذلك لكن أعينونا بالورع والاجتهاد .( لقد اسمعت لو ناديت حياً لكن لا حياة لمن تنادي)
2- المستوى الثاني :لو أخذنا هذا الناتج أي جذر الثمانية ببواقية أي (2,82842 ) لتبين أن العشرية او المئوية والألفية . فأنهم يعبر عنهم هنا بالقادة والانصار (أعفاهم الله تعالى) أنهم بقية حملة العرش في أخر الزمان ز من هذا يتضح لنا أن مهمة حملة العرش في أخر الزمان . هو تأسيس وتطبيق مبادئ ( دولة العدل الإلهي) ..... المنشودة منذ بدئ الخلق كما انهم سوف يكللون باعباء  حمل الأمانة والأسرار حتى أخر لحظة من الحياة الدنيا.
تغيير الانساب
ان البشرية جمعاء او المجتمع البشري بشكل عام متكون من مجاميع هائلة من  الناس وكل مجموعة من هذه المجاميع يطلق عليها لفظ معين بحسب طبيعة ذلك المجتمع مثل شعب وسبط وقبيلة وعائلة وما شابه ذلك من النعوت والمسميات والمهم في هذا المجال هو ما يخصنا نحن كعرب حيث عرفت القبائل العربية بإنتسابها الى عدنان وقحطان ولدي يعرب وأخذت بالتفرع والإزدياد كلما تقدم بهم الزمن وتكاثرت الابناء والاحفاد حتى أصبحت قبائل متعددة ومختلفة العادات والتقاليد كل حسب موقعه  الجغرافي ومن العادات الشائعة بين القبائل العربية هو الحفاظ على الانساب حيث يحفظ الابناء عن الاجداد اسماء اجدادهم واحداً بعد الآخر لكي لا يختلط نسبهم مع الانساب الاخرى ومن اجل هذا الغرض قام كثير من ابناء هذه القبائل بتدوين اسماء اجدادهم كل حسب تسلسله وعمل بما يعرف اليوم ( شجرة العشيرة ) وعرفوا هؤلاء فيما بعد بـ( النساب ) حيث يقوم هذا النساب بإرجاع كل من يبحث عن نسب له الى نسبه الاصلي عن طريق الكتب والمصادر المتوفرة لديهم من خلال توارثها من سلفهم من ( النسابة ) وهذا لا يعني انهم  على درجة من الدقة ولكن حسب ما متوفر لديهم من معلومات  والخافي عليهم أكثر مما يعرفون.
ولكن تبقى الاوضاع السياسية والاقتصادية لها الدور الكبير في الخروج والدخول من وإلى بعض القبائل فنرى بعض الافراد والجماعات يتركون قبائلهم وانسابهم ويدخلون في القبائل التي هي أشد قوة وجاهاً من قبائلهم  الضعيفة ويكون  في هذا الأثر الاكبر للقبائل الغنية الكثيرة الموارد حيث يدخلها الكثير من الافراد والجماعات فتصبح بذلك قوية عدة وعددا على حساب القبائل الضعيفة التي يكون الخروج منها بشكل دائم مما يجعلها عرضة لشبه الانقراض حيث نجد ان الكثير من العلويين في العصور السابقة كالعصر العباسي والاموي وحتى في العصور الحديثة ونتيجة لضغط وملاحقة السلطات الجائرة لهم آنذاك إضطروا الى إخفاء أنسابهم وذلك عن طريق تغيير أنسابهم وإلحاقها بأنساب قبائل أخرى.
لذلك سوف يقوم الامام المهدي (عليه السلام) عند قيامه المقدس  بعدة تغييرات تخص القبائل والعشائر حيث يقوم ابتداءاً بتغيير جميع العادات والتقاليد والاعراف القبلية التي نعيشها قبل قيامه والتي هي بعيدة كل  البعد عن الاسلام وفضلاً عن ذلك فإنه سيقوم بشيء مهم للغاية يتعلق بهذا الموضوع وهو إنساب القبائل حيث يعيد أنساب بعض الناس والجماعات الى نسبها الحقيقي ، ولا سيما الانساب المتعلقة بالسادة العلويين لأن الكثير منهم قد اختلط نسبهم بالقبائل العامية الاخرى فاصبحوا يعرفون بين الناس بأنهم عوام وهم في الحقيقة سادة علويين وقد وردت رواية عن الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) تؤيد هذا المطلب ضمنياً في معرض ذكره لقبيلة ( غنيا وباهلة ) حيث جاء فيها انه قال: (ولئن ثبتت قدماي لأردن قبائل الى قبائل وقبائل الى قبائل ولأبهرجن ستين قبيلة ما لها في الاسلام نصيب ) بحار الانوار ج22 ص314.
ولا يعني هذا ان امير المؤمنين (عليه السلام) يفعلها بنفسه وانما يفعلها رجل من ولده هو  المهدي (عليه السلام) حسب اطروحة الرجعة الروحية في آخر الزمان التي طرحناها في مواضيع عدة من صحيفتنا والذي يقوي هذا المطلب  هذه الرواية الواردة عن عباية الاسدي عن امير الؤمنين (عليه السلام) انه قال:( سمعت امير المؤمنين (عليه السلام) وهو متكئ وأنا قائم عليه : لأبنين بمصر منبراً ولأنقظن دمشق حجراً حجراً ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه.
قال : قلت له : يا أمير المؤمنين ، كإنك تخبر أنك تحيى بعدما تموت ؟ فقال (عليه السلام) : هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني )بحار الانوار ج53 ص59 باب الرجعة.
والمهم هنا ان ظاهر الرواية يشير الى رد بعض انساب القبائل الى نسبها الاصلي وكذلك رفع الظلم والحيف الذي لحق بالسادة العلويين من جراء هجرهم نسبهم الأم الذي أمست قريش تفتخر على العرب بأن محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) منهم وباتوا آل محمد مشردين في الامصار والبلدان النائية هرباً من طغاة قريش وبني امية وبني العباس ومن طغاة حكام العرب..
فعندما يقوم  المهدي (عليه السلام) اول ما يبدأ بقريش ويهتك سورها ويفضخ مكرها ومن ثم يقتص من ظالميهم ويعيد الانساب الى أنسابها الحقيقية ..
سنن المهدي من الانبياء 
سنته من موسى (ع)
الغلبة على السحرة
ان من بين السنن التي تجري على سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان (ع) من نبي الله موسى (ع) سنة ( الغلبة على السحرة ) الذين القوا سحرهم وألقى موسى (ع) عصاه فإذا هي تلقف كل ما ألقوا ومن الواضح والمعروف ان السحر كان هو السائد في عصر موسى (عليه السلام) حيث كان سحرة فرعون هم المسيطرون على أفكار الملأ من خلال سحرهم النافذ الذي كان فرعون يستخدمه بشكل واسع لأيهام الناس بأنه هو الرب الواجب إطاعته وعدم جواز إطاعة غيره في عموم البلاد لذلك أتى موسى (عليه السلام) بمعجزة تخرق نواميس الطبيعة السائدة أنذاك ، مثل ما كان تأويل الرؤيا هو السائد في عصر يوسف (ع) كانت معجزة يوسف (ع) لأهل مصر وعزيزهم هو تأويل الرؤيا التي لم يستطيع أحد تأويلها وكانت هي المعجزة التي أثبت بها يوسف (ع) نبوته وأصبح على خزائن الأرض ونفس الحال مع عيسى (ع) حيث كان السائد ان ذلك الطب الذي اشتهر بين الناس على ايدي كبار الحكماء وكانت معجزة السيد المسيح عيسى بن مريم هو الطب لكي تكون معجزة تفوق ما هو سائد بحيث كان عيسى (ع) يحيي الموتى ويبرأ الأكمه والأبرص بأذن الله ويشفي الأمراض وأثبت ما أثبت وأقام الحجة عليهم.
وأيضاً محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أتى الناس وجدهم يتبادرون في الكلام البليغ والخطب والشعر المنمق حيث كانوا يقيمون لذلك المهرجانات والاحتفالات في جميع المواسم والاعياد فإستطاع نبينا نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يبطل ما كانوا به يتفاخرون وآتاهم بما هو أبلغ موعظة وحكمة وأثبت به الحجة عليهم وغلبهم به.
ومما يدل على هذه الحقيقة ما روي عن ابن السكيت انه قال لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) : ( لماذا بعث الله موسى بن عمران (عليه السلام) بالعصا ويده بيضاء (عليه السلام) : وآلة السحر ؟ وبعث عيسى بآلة الطب ؟ وبعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى جميع الانبياء - بالكلام والخطب ؟ فقال ابو الحسن (عليه السلام) : ان الله لما بعث موسى (عليه السلام) كان الغالب على أهل عصره السحر ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله ، وما أبطل به سحرهم ، وأثبت به الحجة عليهم ، وان الله بعث عيسى (عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الازمات ، واحتاج الناس الى الطب ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، وبما أحيي لهم الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله واثبت به الحجة عليهم.
وان الله بعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كان الغالب على اهل عصره الخطب والكلام - وأظنه قال : الشعر فاتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما ابطل به قولهم ، واثبت به الحجة عليهم ( اصول الكافي ج1 ص24).
ونأتي الى سنة الامام المهدي من موسى (عليهما السلام) وهي إبطال ما هو سائد في المجتمع ، فإن السائد في هذا الزمان هو البيان وهو أحد اقسام البلاغة المراد منها ايصال المعنى المطلوب بطريقة بلاغية فاذا كانت الطريقة البلاغية مصاغة بطريقة كلامية جميلة ومنمقة وذات سجعة متوافقة فإنها تكون مؤثرة بالمقبل وتطرب اسماعه مما يؤدي به الى حال شبه ( المسحور ) لذلك انتشرت هذه العبارة على هذا الاسلوب مما يؤكد ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ان من البيان لسحراً).
لذلك ان من البيان ما يُصنع ويُموه الباطل الذي هو ليس من الشرائع والسنن حتى يشبهه بالحق فينطلي على السامع وبظنه حق وهنا يلعب البليغ دوراً مهما يبلغ بيانه ما يبلغ به السحر بلطافة حليته بسحره ، لذلك تراهم يطلقون عليه السحر الحلال فقال بعضهم:
وحديثها السحر الحلال لــــو انه
                  لم يجن قتل المسلم المحرز
ان طال لم يملل وان هـي أوجزت
                 ودَّ المـحدث أنـها لــم تـوجز
تشرك القلوب وفتنة مــا مــــثلها
                 للـمستهام وعـقله المـستوفز
واكد ذلك الحديث الوارد عن ابو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد ، عن ابيه ، عن ابن ذكوان ، قال ابو عبد الرحمن : ( أذم البيان ام مدحه ؟ فما أبان احد بشيء .. فقال : ذمه ، لأن السحر تمويه ، فقال : ان البيان من الفهم والذكاء ، قال الشيخ ابو هلال (رحمه الله ) : الصحيح انه مدحه ، وتسميته سحراً انما هو على جهة التعجب منه ، لأنه لما ذم عمرو الزيرقان ومدحه في حالٍ واحدة ، وصدق في مدحه وذمه فيماذكر ، عجب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك كما يُعجب من السحر ، فسماه سحراً من هذا الوجه ) . انباه الرواة ج1 ص32.
ومن خلال هذا العرض يتبين لنا ان تصوير الحق في صورة الباطل  ، والباطل في صورة الحق من ارفع درجات البلاغة لهذا كله سوف يقف كبار هذا النوع من السحر في وجه دعوة الامام المهدي (عليه السلام) المتمثلة بشخص اليماني الموعود حيث يقوم بالطرح الجديد الذي يغير المسار الذي يسيرون عليه ويصحح كل الافكار ويفك رموز الحكمة الموجودة في احاديث وروايات اهل البيت ونشر علوم اهل البيت (عليهم السلام) الحقيقة وابطال المفاهيم والمعتقدات الخاطئة السائدة في المجتمع ودحر كل ما ألقو به من ما اسموه ( السحر الحلال ) وبذلك ينكشف المستور ويعقل اصحاب العقول ويفهم أصحاب الفهم بأن كل ذلك البيان كان خطئاً كبيراً حينها تثبت للملأ أحقية السيد اليماني في قيادة الامة واعداد النصرة للأمام المهدي (عليه السلام) رغم أصواتهم المريضة التي تتعالى لصد الناس عن نصرة ابن فاطمة الزهراء (ارواحنا له الفداء).
المقاومة الفكرية
اعمال العنف في الجنوب والفرات الاوسط بداية خارطة الطريق
أخذت حالات القتل والاعتقالات في اغلب المحافظات الجنوبية بالارتفاع بنسب خيالية وبدأ تصنيفها ضمن سلسلة الإرهاب وتكوين مثلث موت آخر ولكن هذه المرة في اكثر المناطق المتضررة والتي تشير تكهُنات المحللين العسكريين بأنه إذا نشبت عوامل المقاومة والتصدي في هذه المدن فأنها لن تُخمد كما هو مُتوقع بل إنها ستكون الشرارة المُلحة لإشعال الحرب الأخيرة ولعلها ستكون ضمن محاور عديدة وعلى اقل تقدير فأنها ستوصف بأنها حرب داخلية مع المحتل من باب ومن باب آخر حرب أهلية ولا نقول إنها بين جهات طائفية أو على حساب قومي إنما من الأكيد بأن اندلاع هذه الكارثة سيكون بين أبناء الدين الواحد وبالتحديد بين اتباع المذهب الواحد  وبالأخص في المناطق ذات أغلبية أتباع مذهب آل البيت (ع) وإذا ما استنبطنا العامل الرئيسي في تأجيج الموقف فنجد الواقع يشير إلى عدة عوامل تصب في مصب واحد يكون ريعه لجهة واحدة لا غير ولعل الحر تكفيه الإشارة, فما حدث على نطاق محافظة البصرة وكذلك الديوانية كانت طامة كبرى في الإخلال بوحدة المجتمع العراقي وهي بادرة السوء والجمرة التي ستوقد الحرب بين المليشيات ليكون الخاسر في خاتم الأمر وحدهُ المواطن الذي ينجرف وراء الهاوية أينما حلت وما حدث في محافظة البصرة منذ اشهر ولازال يأخذ في سعيره بلا رحمة الأبرياء ومن هنا يندرج سؤال على الأغلب فأن الشعب يعرف جوابه ولاشك في ذلك , ولكن وضع السؤال للمناقشة افضل من الرد عليه لان الرد معروف فالسؤال هو: ما الغاية من هذه الأحداث في إقليم الجنوب والفرات الأوسط ومن وراء بث الإشاعات والفتن والاغتيالات في عموم مدنها, وآيا من جهات الأحزاب والميلشيات مستفيدة اكثر من غيرها في هذا الصراع , وإذا ما نوقش الجواب فحتماً ولابد فأن الجاهل قبل العاقل سيدرك أي يد عفنة زرعت هذا الخراب  وبصراحة أكثر بدأ مصطلح الساسة والسياسة" فيما احب أن أطلق عليه بين أوساط الطبقة المجهولة ـ الفقراء ـ" ليكُون حالة من الاشمئزاز لهؤلاء المستضعفين حتى قبل أن تتفوه الأفواه الكاذبة التي تسيل منها دماء المستضعفين لإدراك الشعب أن هؤلاء ليسوا سوى أداة لعب بيد الأسياد وان نهيقهم لا جدوى منه وعباراتهم التي لا تعرف سوى التنبؤ والتوعد بأباطيل وذلك بصياغتهم الشيطانية للعبارات المنمقة التي تغوي وتضرر بفقراء المال والعقل والتي لا تمت إلى الواقع الدامي بصلة بتاتاً وانهم لا يعرفون إثبات المبادئ والعمل الواقعي , إنما فقط أيراد الاحتمالات والمكر والخداع للتحكم بقوت فقراء الأزقة في المدن وأهل ارض البوار في القصبات والقرى ليحيلوهم إلى عبيد زمن العولمة والفدرالية  ليستعبدونهم وليسلبوا منهم ابسط حقوق الإسلام والإنسانية للعيش بكرامة وفق ما ارتضاه المولى (جل وعلا) لنجد بين وقت وآخر بتفنن وإبداع سياسة الانتهازيين وعبدة الضلالة بتسخير طرائق مستحدثة لإخضاع ما تبقى من كرامة وشموخ الأزقة وقصب الأهوار لإتمام ما أراده الأسياد ولا نقول من هم أسيادهم ,فساستنا على الأغلب عبيد وخدم للذي يعطيهم نقد افضل وأكثر.
الدوامة
هل وصل الحال بنا أن ننعى أنفسنا؟! أم أن المقاومة عندنا بدأت تنعى المقاومة؟! وأصبحت الحكومة تنعى الحكومة, واصبح الشعب ينعى كيانه, واصبح الدين ينعى أصوله. نعم نقولها وبكل جراءة أن حالنا أصبح وأمسى هكذا ..., حيث ينطبق حالنا كما في قوله تعالى:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }النحل92. فأصبح الموت مُعتاد عليه بل هو ضيفنا على الدوام واصبح منظر الدماء لابد منه في كل صباح ومساء وأصبح شعار القتل (حرب الطوائف) بدل مقاومة الاحتلال وصار عنوان قوات الاحتلال بـ(قوات التحالف الصديقة) , فبعد أن كان الجندي المحتل يسير في شوارع مدننا وهو يتلفت يميناً ويساراً لا يدري من أين يُطلق عليه الرصاص , تبدل حاله اليوم فأصبح يسير وبكل اطمئنان أمنا في الشوارع ومتى شاء , لان العراقيين الآن منشغلين بتصفية الحسابات فيما بينهم وتركوا المحتل يعمل كيف يشاء , وصار حظر التجوال علينا ونحن أهل البلد دون المحتل الذي أباح البلد لنفسه, فأصبحت اطلاقات الرصاص تتوجه على أجسادنا لا على أجساد  المحتلين , وأصبحت تصفية الحسابات التي فيما بيننا هي الشغل الشاغل, ومن المضحك المبكي إننا مالنا فيها من نصيب سوى أنها نزاعات (يوم الأحزاب ) الذي نعيشه نحن لاغيرنا في الجبهة الداخلية العراقية , ولزاماً علينا دفع ثمن الصراعات السياسية الإقليمية للدول المجاورة وتصفية حساباتها في معاركها مع الشيطان الأكبر , وعلى أرضنا وفي بيوتنا وبأيدينا وأموالنا وأنفسنا لا ببلادهم ولا من أنفسهم, بل أصبح من الواجب المقدس أن نكون نحن الضحية وتكون دول (الرحم) هي من يوقد النار ويكون الجلاد والبطل في بلاد الرافدين هو (أمريكا) , ولعل المتتبع للإحداث يطرح من المبادرات لحل مشاكل الشأن العراقي الكثير ولكن دون جدوى , لان أطراف النزاع ليسوا من أصحاب الوطنية الحقيقية, ولا من أصحاب الانتماء الحقيقي المُكون للنسيج العراقي, بل هم جزء من النسيج المتشابك للمصالح الشخصية, فأصبح رجل الدين ينظر إلى تمثيله في البرلمان والحكومة, والمحاصصة على مشروع العراق السياسي , حتى وان كان الثمن فيه حياة المسلمين في هذا الجانب أو ذاك .فأصبح الدين مشروع سياسي شخصي وأصبحت الحرب دائرة باسم الدين والثارات الطائفية, , وأما السياسي فأنقسم إلى قسمين : القسم الأول:  أما سياسي عراقي من الخارج , ينظر إلى من في الداخل انهم غير جديرين في إدارة حياة شعبهم , وبذلك فهو أدرى بالأمور وأوسع بالجيوب في سحب ميزانيات دوائر بأكملها إلى المصارف  العربية والأوربية والقسم  الثاني : سياسي يافع من داخل نسيج الأقطاب التي تشكلت بعد الاحتلال ليكون هو أيضا ممن ظلمه النظام السابق ويريد أن يعيش حياة الترف والرفاهية كاستحقاق لمعاناته وهكذا تسير هذه الأمة في أدراج الرياح تعاني من ألآم الجوع والمرض والحرمان ومن مأساة التقتيل والتهجير في سبيل أن تَنعَم فئة قليلة (قادة الحياة الجديدة) بكل مكوناتها في نعيم الحياة الأزلية في فنائها.
الموساد يؤلب المخابرات الخارجية ضد العرب
توحد جهاز الموساد مع جهاز الشين بين , لإنشاء علاقة تعاون أجهزة المخابرات العالمية , ضمن حدود معينة بأشراف قسم العلاقات الخارجية , والعمل السياسي التابع له , عبر دوره داخل تنظيم مكافحة الإرهاب الذي عرف بمجموعة ( كيلووات ) وهي عبارة عن تحالف مخابراتي ضمن سائر الدول الاسكندنافية , وبلجيكا وايطاليا والمملكة المتحدة مع إقامة علاقات رمزية مع المخابرات البرتغالية والأسبانية والنمساوية. هذا بالإضافة إلى تحالف ثلاثي أقيم عام 1958 , ضم دولا أسلامية ذات قوميات غير عربية و في الشرق الأدنى هدفت من ورائه لتحطيم القيد العربي المحيط بها , وعرفت المنظمة ( ترايدنت ) , ضم الموساد الإسرائيلي وجهاز التنس التركي , الذي تكفل الموساد الإسرائيلي بإمداده بمعلومات حول تحرك العملاء الروس داخل تركيا , مقابل تزويد إسرائيل بمخططات الدول العربية المعادية و وتدريب الأتراك على استخدام تقنيات جاسوسية حديثة, ومن هذه الأجهزة المخابراتية المتعاملة معه منذ الخمسينات , جهاز المخابرات الإيراني بتقارير حول تحركات المخابرات المصرية والتطورات الحاصلة في العراق والنشاط الاشتراكي داخل إيران , أما في أفريقيا فقد اختلف الوضع نسبياً وفقاً للظروف السياسية حيث عمل جهاز الموساد على تدريب القوى الأمنية وإمداد الوحدات العسكرية الأفريقية بالسلاح وتقديم برامج دعم تنموي, وعلى خليفة هذا التعاون المخابراتي , مارست بعض الدول المنتسبة إلى منظمة الوحدة الأفريقية ضغوطاً , لقطع العلاقات مع إسرائيل والتي تمت فعلاً , إلا أن جهاز الموساد ظل يمارس دوره مع المخابرات الأفريقية لاسيما المخابرات الكينية وزائير وغرب أفريقيا وليبيريا وغانا . امتدت سطوة المخابرات الإسرائيلية إلى أمريكا اللاتينية لسنوات طوال خاصة الأرجنتين التي شهدت اعتقال الزعيم النازي أدولف أيجمان , وكان مقر قنصليتها في ريو دو جينيرو , مسئولا عن تغطية نشاطها في البرازيل والتشيلي والأوروغواي , إضافة إلى كوستريكا وبنما والدومنيكان وفنزويلا وكولومبيا وكاركاس واليابان وتايلند وأندنوسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة التي اعتبرت اكبر معقل للموساد , حيث يتحرك كل عناصره بكل حرية داخل هذا البلد , على عكس أندنوسيا الدولة الإسلامية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا أن نشاط جهازها المخابراتي , تحرك بسرية وحذر تحت غطاء تجاري لمكافحة الإرهاب وجمع المعلومات والإطلاع على العمل السياسي داخل العالم الإسلامي .
السبيل الوحيد للخلاص من رق العبيد
أن المرحلة الحالة التي وصل إليها الشعب العراقي أسوأ المراحل التي مر بها في التاريخ الحديث فلا ضوء في نهاية النفق كما يقول المتسيسون ولا بارقة أمل ؟ هل ينتظر أبناء هذا الشعب دورهم في طابور الموت المذل وليس الموت المعز يعد أن باتوا لياليهم ينتظرون في طوابير الحصول على المشتقات النفطية ؟ أم أن هناك مخرج من هذه المأساة والكارثة التي حلت بهذا الشعب وان وجد فما هو ؟ بداية علينا دراسة للأسباب التي أدت إلى هذه النتائج المأساوية فحال العراق اليوم هو كحال مريض مصاب بمرض قد اختلف أطباء سذج على تشخيصه والمريض تزداد حالته سواء يوما بعد يوم . فإذا كان العراق وشعبه هو المريض الذي يعاني من آهات وآلام المرض فأن الأطباء هم الطبقة السياسية التي أتى بها ترتيب الأوضاع بعد سقوط النظام البائد وفق مصالح من أسقطه إلا وهو الاحتلال ولا يخفى على عاقل أن أمريكا لم تسقط هذا النظام رحمة بالعراقيين بعد أن كان ابنهم البار وكلبهم المسعور الذي يطلقوه على من اختلفوا معه . فهذه الطبقة تعاني من سيطرة مطلقة عليها من قبل أمريكا و لا تستطيع حتى مجرد التفكير بالانعتاق من السيد الأمريكي وهذا طبعا بعد وصولهم إلى السلطة فكيف إذا كان الحال قبل وصولهم إليها وما هي الوعود التي قطعوها لسيدهم الذي لا بد من كل من يستلم منصباً كرئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أن تكون له حجة لأمريكا وخطبة يلقيها أمام الكونغرس المشئوم فهذه الطبقة تستحق بجدارة لقب العبيد من جزاء إعمالها وأفعالها  . أما الذي يعاني من الرق لهؤلاء العبيد فهو معظم الشعب العراقي وقد استطاع تجار السياسة هؤلاء جعل معظم شعب العراق ( عبيد) لهم وذلك من خلال قبولهم بمبدأ المحاصصة في أول تشكيل سياسي بعد سقوط النظام العفلقي إلا وهو مجلس الحكم المشئوم أيضا ومن هنا بدأت المصائب هذا لا يعني أن ما يعانيه الشعب العراقي اليوم لا علاقة له بما جرى عليه قبل سقوط نظام الاستبداد الذي كان جاثما على الصدر هذا الشعب المظلوم ولكن هذه الطبقة بدلا من تعالج الخلل الذي نتج عن المعاناة السابقة والافرازات المحتمل حدوثها والتي حدثت باتت من أهم عوامل استدامة البلاء , فيمكن لنا تشبيه هؤلاء بالبكتريا التي لا يمكن لها أن تتكاثر في وسط صحي أو جسم صحيح فتتحين الفرص لأي خلل ما للانقضاض على المريض , فقد وجدت هذه الطبقة أن مصلحتها إثارة النعرات الطائفية لكي تكون حامي الحمى عن الطائفة التي تدعي تمثيلها ولكي يكتمل المشهد لابد من إدخال عنصر الإثارة فيه ليشد إليه انتباه الجمهور ولا يلتفتوا إلى أمر آخر غيره وهنا جاء دور الاحتلال وصنيعه من النواصب والبعثيين , فإذا بالعراق يهوي في واد سحيق لا يعلم إلا ( الله ) سبحانه وتعالى من سيرفعه منه, فمن الانتخابات الأولى برز التمويل الطائفي واستخدام الأوراق الفتوائية  في مشهد مخز لزج التضحيات الجسام والمتاجرة بدماء أهل البيت (ع) ومذهبهم تحت عنوان ( نصرة المذهب ) ولا ادري هل أن نصرة المذهب تعني الهرولة خلف أعداء الإسلام للحصول على كراسي تضر ولا تنفع أبناء أتباع هذا المذهب , والعجيب أن الطبقة السياسية من الطرف الآخر قاطعت الانتخابات بعنوان نصرة أهل السنة بحجة أن هذه الانتخابات ستكون بداية لتهشيمهم طبعاً مع إضافة بعض المقبلات الوطنية وعذراً للتعبير وعلى نفس الوتيرة تكرر المشهد لدى طبقة سياسي نصرة مذهب أهل البيت (ع) في الدورة الثانية في الانتخابات بحجة أن من غاب في الأمس قد حضر اليوم فلا بد من الاستعداد لمواجهة القوم..
وكل يدعي وصلاً بليلى
            وليلى منــــه براء
المهم أن تعاقب هذه الحكومات لم يجلب للعراق أمله في تعويض ما قد فاته بل على العكس فقد أسهمت حكومات (الدكاترة) في تأزم الأوضاع من سيء إلى أسوأ فلا امن ولا خدمات ولا قانون ولا حتى دولة حقيقية فقط في المنطقة الخضراء التي تغلق أبوابها في الساعة السابعة والنصف أمام أعضاء برلمان طبقة النصرة فإذا ما تأخر فعليه القبوع في اقرب فندق أو الانتظار إلى الصباح حتى يأذن له العم ( سام) بالدخول وحتى القانون في هذه المنطقة هو قانون أمريكي  فما العمل وما السبيل ؟..
استشهاد التعليم العالي في العراق
نشرَ مطبوع ما يسمى " بغداد الآن" التي تصدرها قوات الاحتلال في أحدى طبعاته إن وزارة التعليم العالي تسعى لتنفيذ خطة طموحة للارتقاء بواقع التعليم العالي في إطار جهودها الرامية إلى ترصين الدراسات العليا والارتقاء بواقع التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ..لقد تصدر هذا الموضوع النصف العلوي من الصفحة الثالثة لكن هذه الطموحات سرعان ما أصطدمت بصخرة الواقع حينما ذكرت في نفس الصفحة دعوة وكيل وزير الصحة المسئولين إلى تشكيل لجنة وطنية عليا لحماية الكفاءات العراقية حيث قال (أن العراق مهدد بالقضاء على كفاءاته العلمية والطبية جراء تعرضها للاغتيال والتهديد والتهجير من قبل الجماعات المسلحة داعيا إلى تشكيل لجنة وطنية عليا لحماية الكفاءات العراقية وقد كشف الدكتور صباح الحسين في تصريح صحفي عن إحصائية تفيد بمقتل (224) وجرح (150)من الملاكات الطبية لوزارة الصحة لغاية 15/2/2006  وتهجير أكثر من ألف طبيب من اختصاصات نادرة إلى خارج العراق جراء العمليات المسلحة ضدهم مناشدا الجميع في أعلى مستويات المسؤولية بالدولة والجهات المعنية والمنظمات والمواطنين كافة بالمساهمة الفاعلة في حماية الكفاءات العراقية لأنها تتحمل مسؤولية بناء البلاد وتقدمه ) ..نعم أن المؤسسات العلمية تتعرض باستمرار للهجمات الإرهابية الغادرة فيوم للجامعة المستنصرية وآخر للمعهد الطبي والكلية التقنية الطبية ويوما لكية الهندسة ويوما للتقنية الإدارية... ولا يكاد يخلو يوم من قتل أو إصابة أو تهديد أستاذ أو اختطافه والمساومة عليه من قبل عصابات صغيرة للحصول على المال ولكن المصيبة انه بعد أن يتسلموا الفدية من أهله يقومون بقتله حيث أن هناك جهات وعصابات اكبر تقوم بإعطائهم الأموال لقاء قتله وهذه الجهات على ارتباط بالمخابرات العالمية والتي هدفها تدمير الشعب العراقي بكل الوسائل ومن جميع النواحي ؛وقد أكد احد الأساتذة لطلابه أنهم لن يجدوا من يدرسهم في العام القادم إذا استمر الوضع على هذه الحال خاصة أن التهديدات التي ترسل إليهم أخذت طابع الجدية في التنفيذ بشكل ينذر بالخطر فالكثير من الأساتذة تسلموا تهديدات تنص على:(لا تخرج من بيتك حفاظا على حياتك) ما أدى إلى هدم مجلس الكلية واختفاء الكثير من الأساتذة وانهيار الكادر التعليمي لكثير من الكليات ؛وقد أكد الأستاذ لطلابه أن التعليم العالي اخذ بالسقوط وإنهم لا يستطيعون أن يوقفوا هذا السقوط ولكنهم كأساتذة يحاولون بكل قواهم أن يقللوا من شدة هذه السقطة القاتلة وقد راح الإرهابيون يركزون على استهداف طلبة الجامعات حيث راحوا يستوقفون السيارات على الطرق العامة وينزلون منها الطلبة فقط ويقومون بقتلهم أمام باقي الناس الذين كانوا معهم في السيارة كما حدث في محافظة ديالى  فهل سيذوب التفاؤل الذي أثلج صدر الوزارة في هذا الصيف الحار أم سنشهد تطاير آمال أولياء أمور الطلبة مع أوراق بنيهم في الخريف القادم بعد أن تتناثر أشلائهم بمفخخات ابن آكلة الأكباد.
المصالحة الوطنية اطروحة ام اضحوكة
أستبشر الناس خيراً عندما طرح رئيس الوزراء السيد المالكي مشروعه المتعلق بالمصالحة الوطنية والسؤال الذي بات يقض مضجع المواطن العراقي"هل انتقلت المصالحة الوطنية إلى جوار ربها منذ إعلانها أم بقيت على قيد الحياة في غرفة إنعاش الفضائية العراقية لتلتقط أنفاسها الأخيرة من قبل ملك الموت ( قادة الكتل الكونكريتية  وليس قادة الكتل السياسية ) لان كلمة السياسة تعني التفاهم والتعاون المشترك وتنازل الأطراف لصالح الفائدة العامة للمجتمع لكن  لم نلمس ذلك مما حدا بالمصالحة أن تراوح في السير في ذات الزمان والمكان وجهل اغلب رجالات السياسة وتصورهم بان السياسة تعني الصوت المرتفع الجهوري والتنكيل بالغير وأخذ حقوق أكثر من الاستحقاق مستغلين الضعف الحاصل في إمكانيات الدولة الأمنية والوضع الاقتصادي  المتردي جاعلين من المحاباة والمجاملات أسلوبا للبيع الرخيص للمواطن العراقي وباتت بعض الحكومة المركزية إلى درجة اللاحدود ومطالبهم التعجيزية جعل التوافق وغيرهم يتخوفون بل يحرصون لمعرفة ما يبتغه الأكراد مستقبلاً وإذا علمنا أن البرزاني يتعمد بين آونة وأخرى استفزاز الحكومة المركزية في بغداد مطالباً بنظام كونفدرالي وهو يدرك سلفاً بأن تصريحات من هذا القبيل سيجعل المصالحة ( عرجاء ) وهذا ما يتمناه الساسة الأكراد تآلف قلوب القوائم الأخرى وعلى الأخص التوافق والائتلاف وان بنود المصالحة لن ترى النور ولن تتم إلا في الوجوه مع اختلاف القلوب ما دام الأكراد يطالبون بضم كركوك العربية إلى الدولة والكيان المستقبلي الذي يطمحون إليه ليتبين أن القائمة الكردستانية تعد العدة للانفراد بدولة مستقلة على حساب الدماء البريئة و سيعني ذلك فشل الحكومة وإلغاء الدستور وبهذا أقول أني لست منجماً بل هو الرأي العام للشعب العراقي وعليه فأن كل مواطن عراقي صادق لابد أن ينقل الحقيقة بدون رتوش وعملاً بالمثل القائل ( الماكدرها يغص بيها) ولكل حادث حديث.....
واحة المرأة 
فاطمة بنت اسد عليها السلام وأطلالة البدر
الحلقة الثالثة
رؤيا صادقة
بعد كفالتها لرسول الله صلّى الله عليه وآله رأت فاطمة بنت أسد ذات ليلة رؤيا عجيبة صادقة قالت: "... رأيتُ في منامي كأنّ جبال الشام قد أقبلَتْ تَدِبّ وعليها جَلابيبُ الحديد. وهي تصيح من صدورها بصوتٍ مهيب، فأسرَعَتْ نحوها جبالُ مكّة وأجابَتْها بمِثل صياحها وأهْوَل، وهي تتهيّج كالشَّرر المحمرّ، وأبو قُبيَس ينتفض كالفَرَس، وفصاله ( أي قِطَعه ) تسقط عن يمينه وشماله، ( والناس ) يلتقطون ذلك، فلقطتُ معهم أربعة أسياف وبيضةَ حديدٍ مُذَهّبة، فأوّل ما دخلتُ مكّة سقط منها سيفٌ في ماء فغيّر وطار، و( طار ) الثاني في الجوّ فاستمرّ، وسقط الثالث إلى الأرض فانكسر، وبقي الرابع في يدي مسلولاً. فبينا أنا به أصول، إذ صار السيف شِبلاً ( الشبل: ابن الأسد )، فتبيّنته فصار ليثاً مَهُولاً، فخرج عن يدي ومرّ نحو الجبال يَجوب بلاطمها، ويخرق صلاطحها، والناس منه مُشفِقون ومِن خوفه حَذِرون، إذ أتى محمّدٌ فقبض على رقبته، فانقادَ له كالظَّبية الألُوف. فانتبهتُ وقد راعَني الزمع والفزع، فالتمستُ المفسّرين وطلبتُ القائفين والمُخبِرين، فوجدتُ كاهناً زَجَر لي بحالي وأخبرني بمنامي، وقال لي: أنتِ تلدين أربعة أولاد ذكور وبنتاً بعدهم، وإنّ أحد البَنين يَغرَق ، والآخر يُقتَل في الحرب، والآخر يموت ( بعد أن يُعمّر ) ويبقى له عَقِب ، والرابع يكون إماماً للخلق صاحب سيفٍ وحق، ذا فضلٍ وبراعة، يُطيع النبيَّ المبعوثَ خير طاعة”.
وقد تحققت هذه الرؤيا الصادقة، وأثمرت هذه الشجرة الطيّبة ـ التي قوامها رجلٌ مؤمن موحّد وامرأة مؤمنة موحّدة ـ ثمارها، فقد رزقهما الله تعالى أربعة أولاد، هم: طالب، ثمّ عقيل، ثمّ جعفر، ثمّ عليّ عليه السّلام؛ وابنتَين هما فاختة وتلقّب بـ " أمّ هانئ "وجُمانة .
وأم هانئ هي زوجة أبي وهب هبيرة بن عمرو بن عامر المخزومي، وكانت لها منزلة كبيرة عند النبيّ صلّى الله عليه وآله، وقد شَفَعت عام الفتح لجماعة، فشفّعها النبيّ صلّى الله عليه وآله فيهم ؛ أمّا جُمانة ـ أو أسماء، أو رَيطة ـ فهي زوجة سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب.
ونتعرّض في هذا المجال ـ وباختصار ـ إلى ذكر أبناء فاطمة بنت أسد، لنتعرّف ـ من خلال مقاماتهم الشامخة ـ على الذروة الرفيعة التي رَقَت إليها هذه المرأة العظيمة .
1ـ عقيل بن أبي طالب
وُلِدَ عقيل ـ وهو الابن الثاني لفاطمة ـ في حدود 40 عاماً قبل هجرة النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان يحظى بمحبّة خاصة من قِبل النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقد روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله: يا رسول الله، إنّك لَتُحبُّ عقيلاً ؟ قال: إي والله، إنّي لأحبّه حُبَّين: حبّاً له وحباً لحبّ أبي طالب، وإنّ وَلَده لَمقتولٌ في محبّة وَلَدِك، فتدمع عليه عيونُ المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون. ثمّ بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى جَرَتْ دموعُه على صدره، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما تلقى عِترتي مِن بعدي .
وكان عقيل من الذين لم تَغرَّهم الدنيا فيتنكّروا للحقّ الذي عرفوه واتّبعوه، وقد ذكر لنا التاريخ أنّ معاوية أرسل إليه عدّة صِلات وهدايا مالية، لكنّه دوّن ـ وبأحرفٍ من نور ـ صلابة إيمان عقيل وجهره بالحقّ أمام معاوية رغم عَوَزه وشدة حاجته.
ومن مواقفه المحمودة: رسالته التي أرسلها لأخيه أمير المؤمنين عليه السّلام بعد غارة الضحّاك بن قيس على الحيرة في جيشٍ أمّره عليه معاوية، فقد روى ابن أبي الحديد أنّه قال في رسالته تلك: ".. وقد تَوَهّمتُ ـ حيث بَلَغني ذلك ( يُشير إلى غارة الضحّاك وعودته سالماً لم يتعرّض له أحد بسوء ) أنّ شيعتَك وأنصارك خَذلوك، فاكتُبْ إليّ يا بن أمّي برأيك، فإن كنتَ الموتَ تريد، تحمّلتُ إليك ببني أخيك وولد أبيك، فَعِشنا معاً ما عِشتَ، ومِتنا معاً إذا مِتَّ، فواللهِ ما أُحبّ أن أبقى في الدنيا بعدكَ فُوَاقاً ( أي مقدار ما بين الحلبتين للناقة ). وأقسم بالأعزّ الأجَلّ، إنّ عيشاً نَعيشُه بعدك في الحياة لَغيرُ هنيء ولا مريء ولا نجيع، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته”.
وخلّد التاريخ لعقيل موقفه من معاوية، فقد أمر له بمائة ألف، ثمّ قال له يوماً بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام وصُلح الإمام الحسن عليه السّلام مع معاوية: يا أبا يزيد، أخبِرني عن عسكري وعسكر أخيك، فقد وَردتَ عليهما.
قال: أُخبرك، مَرَرتُ ـ واللهِ ـ بعسكرِ أخي، فإذا ليلٌ كلَيْلِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ونهارٌ كنهارِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، إلاّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ليس في القَوم: ما رأيتُ إلاّ مُصلّياً، ولا سمِعتُ إلاّ قارئاً. ومررتُ بعسكركَ، فاستقبلني قومٌ من المنافقين ممّن نَفَرَ برسول الله ليلةَ العَقَبة (34) ـ الحديث، وفيه أنّه فضح معاوية وفضح قادته وذكر لهم من سوء أنسابهم ما أزرى بهم.
2ـ جعفر بن أبي طالب
وُلد جعفر قبل هجرة النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وكَفَله عمُّه العبّاس في ضائقة حلّت بأبي طالب. ورَأسَ جعفرٌ وفد المهاجرين الذين هاجروا إلى الحبشة فراراً من ظُلم قريش وأذاها، وكان له مع ملكها النجاشيّ موقف مشهور، فلمّا عادوا بعد 15 عاماً إلى المدينة ( في السنة السابعة من الهجرة )، استقبلهم النبيّ صلّى الله عليه وآله، فاعتنق جعفراً وقبّل جبينه، وقال ودموعه تتقاطر من شدّة سروره: " واللهِ لا أدري بأيِّهما أنا أشدّ سروراً: بِقُدومِكَ يا جعفر، أم بفتحِ الله على أخيك خيبر ؟! " . ثمّ إنّه صلّى الله عليه وآله أهدى إليه هدية معنوية نفيسة، إذ علّمه الصلاة المعروفة بـ " صلاة جعفر " أو " صلاة التسبيح ". ومن مفاخر جعفر أنّه ثالثُ مَن أسلم وآمن بالنبيّ صلّى الله عليه وآله واتّبع دعوته.
أمّا شجاعته وتضحيته في سبيل إعلاء كلمة " لا إله إلاّ الله " فقد تجلّت في أروع صورها في غزوة " مُؤتة " التي دارت بين جيش المسلمين وبين الروم، فقد روي أنّه أخذ اللواء فقاتل قتالاً شديداً، فقُطِعتْ يمينُه، فأخذ اللواء بيساره فقُطعتْ يساره، فاحتضنه وقاتل حتّى قُتل. وقد وُجد فيه بضعة وسبعون جرحاً ما بين ضربةٍ بسيف وطعنةٍ برُمح، ليس فيها شيء مِن ظَهرِه، أي أنّه لم يُدبر فارّاً لحظةً واحدة، بل كلّها في حال الإقبال لفرط شجاعته. وكان قد نزل عن فَرَس له شقراء فعَقَرها ثمّ قاتل حتّى قُتل، وفي هذا دليل على عظيم شجاعته.
وأمّا خَلْقه وخُلُقه فكانا في الذروة من الكمال، فروي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له: " أشبَهت خَلقي وخُلُقي”.
وقد أثاب الله تعالى جعفر بن أبي طالب على تضحيته، فعوّضه عن يديه اللتين قُطعتا دفاعاً عن دين الله بجناحَين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: رأيتُ جعفرَ بن أبي طالب مَلَكاً يطير مع الملائكة بجناحَين ، وروي أنّه صلّى الله عليه وآله قال: نحن ـ بني عبدالمطّلب ـ سادة أهل الجنّة: أنا وعليّ وجعفر وحمزة والحسن والحسين والمهديّ.
3- عليّ بن أبي طالب عليه السّلام
آخر أولاد فاطمة بنت أسد وأفضلهم بل أفضل الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، جَمَع الفضائل والكمالات، ونال درجةً من الإيمان لا تعلوها إلاّ درجة أخيه رسول الله صلّى الله عليه وآله. سبق إلى الإسلام وهو صغير السنّ، فصلّت عليه وعلى أخيه النبيّ صلّى الله عليه وآله الملائكةُ سبع سنوات، لأنّه لم يكن هناك مسلم مصلّ سواهما، وسَبَق إلى الجهاد والفداء، ففدى النبيَّ صلّى الله عليه وآله بنفسه وباتَ على فراشه يقيه خطرَ الاغتيال، حتّى باهى الله تعالى به ملائكته، وكان السابقَ دوماً إلى كلّ فضيلة، حتّى نزل في شأنه ـ باعتراف جميع المسلمين ـ ما لم ينزل في غيره من الآيات الكريمة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لو أنّ الرياضَ أقلام، والبحرَ مِداد ( أي: حبر )، والجِنّ حُسّاب، والإنس كُتّاب، ما أحصَوا فضائلَ عليّ بن أبي طالب.
وقال صلّى الله عليه وآله: النظرُ إلى وجهِ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بن أبي طالب عليه السّلام عِبادة، وذِكره عبادة؛ لا يَقبَلُ اللهُ إيمانَ عبدٍ إلاّ بولايته والبراءةِ من أعدائه. وقال صلّى الله عليه وآله: أُوصي مَن آمن بي وصَدَّقني بولايةِ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، مَن تَوَلاّه فقد تَوَلاّني، ومَن تَوَلاّني فقد تولّى الله عزّوجلّ.
الحث على فعل الخير
إن على رب ألأسرة حث أهل بيته على فعل الخير وتشجيعهم على ذلك من قبيل ألإنفاق في سبيل الله والتواضع للآخرين وإحترام الكبيرومداراة الصغير وخلق أجواء السلم والوئام بين الناس وقول الحق والدعوة إليه وباختصار ، وأن الحث على عمل تلك ألأفعال والتأكيد عليها من قبل رب الأسرة يأتي تجسيدا للآية الشريفة  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وأهليكم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6. إن السعي لهداية عباد إلله فيه من الثواب مالايعلمه إلاّالله سبحانه إذ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام حين بعثه إلى أهل اليمن ((وإيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلا خيرا لك مما طلعت عليه الشمس وغربت...)) أي تجارة رابحة هذه ؟  فطوبى للذين بنوا حياتهم الزوجية وأصبحوا خير معلمين لعوائلهم ليصيبهم من الثواب الجزيل ماصرح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين (ع) بما يقومون به لهداية كل واحد منهم وهو غير الثواب المترتب على السعي لكسب الحلال من أجل إدارة شؤون الحياة إذ أن للسعي من أجل توفير الجوانب المادية لغرض تمشية حياة الزوجة والأطفال أجرا وللسعي من أجل الجوانب المعنوية لغرض هدايتهم أجرا آخر ومثل هؤلاء من أرباب ألأسرة يعيشون في بحبوحة من ألأجر والرحمة.....
تواصوا بالتقوى
نظرا إلى عجز عامة الناس عن التزام التقوى بمراتبها العليا لانها من شأن الأنبياء . والأئمة وأولياء الله ،إلاّ أن من اليسير تحلي عامة الناس بالتقوى العامة ، أي ترك المحرمات بجوانبها الأخلاقية والشهوانية والمالية ،بناء على ذلك ينبغي لعامة الناس دعوة بعضهم بعضا إلى التزام التقوى وذلك بالقول اللين والأخلاق الحسنة وتشجيع بعضهم بعضا على ترك المحرمات بجميع جوانبها كي تبسط التقوى ظلالها الملكوتية على شؤون الحياة وتنعم جميع المخلوقات لاسيما ألأسرة والمجتمع بما تدر به من منافع.
إن إلتزام التقوى من قبل الزوجين في جميع شؤون الحياة وتربية ألأطفال عليها يعد واجبا إلهيا ،إذ يقول الذين سلكوا طريق الحق والحقيقة أن الطفل أمانة وأن قلبه وروحه وباطنه بمثابة الجوهرة والصفحة الناصعة الخالية من كل كتابة ورسم ولها القابلية على إستقبال مايرسم عليها . وبدوري أحب أن أتكلم عن ألأطفال لأن الذي نراه في هذا الزمن العجيب ومع كل ألأسف نرى تلوث ألأطفال يكون من آبائهم نتيجة ما يزرعونه من أفكار خاطئة في عقولهم ،وإن الطفل له القابلية على ألإستقبال ، فإن تربى بين أكناف عائلة تعلمه المنطق الحسن وألأعمال الصالحة وألأخلاق الفاضلة وتفتح أمامه سبيل إستلهام الحقائق فإن هذا الطفل سينال السعادة في الدنيا وألآخرة وبذلك يشاركه الوالدان في ألأجر والثواب حيث كانا السبب في بلوغه هذا المستوى الرفيع ،أما إذا طبع الوالدان :نتيجة تلوثهم وإفتقارهم للتقوى _الصور الشيطانية على صفحات قلب الطفل وروحه وإبتلى الطفل معهم برذائل الاخلاق وقبائحها وأصبح كالبهيمة همه الوحيد بطنه والقى بنفسه في مهاوي الشقاء والتهلكة ،فلاشك في أن وزر ذلك ووباله يقع على عاتق والديه أو معلمه ومربيه ،فكما يهتم الوالدان في الحؤول دون سقوط الطفل في نار التنور أو ألإحتراق بلهيب الغاز ويمنعونه من ألإقتراب من الخطر ، فألأولى بهم أن يحولوا دون إحتراقه بنار الغضب الألهي يوم القيامة نتيجة لعدم التحصن بالتقوى وسوء أعماله واخلاقه وضياع إيمانه وأعماله.
الصالحة والسبيل العملي على المحافظة على الطفل من العذاب ألأخروي يتمثل في تحلي الوالدان أن يلعبا دور المبلغ الوقور والمعلم ألأمين ويكونا بمثابة داعيتين إلى الخير في سبيل تربية أطفالهما ،عليهما بدأ تزيين وجودهما بالتقوى وألإيمان ومن ثم السعي لتهذيب الطفل وتأديبه وتعليمه محاسن ألأخلاق وعلى جميع ألآباء وألأمهات بأن يربوا جيل طاهر لإستقبال إمامهم الحجة بن الحسن (عج) ونحن ألآن في عصر إستقبال إمامنا المهدي عليه السلام فهذه دعوة لجميع ألاباء وألآمهات والحمدلله تعالى...
مكانة المرأة في الاسلام بين الماضي والحاضر والمستقبل
قد يكون أهمُّ ما يميِّز الإسلام في موقفه من المرأة عن غيره من المبادئ والنُّظم التي عاشَتْ قبله واستجدَّت بعده ، وهو نظرته الإنسانية إلى المرأة والرجل على السواء في كل تشريعاته ومفاهيمه ، ونظرته للمرأة بما هي أنثى إلى صف نظرته للرجل بما هو ذكر. فالإسلام حين ينظر إلى الرجل بوصفه إنساناً وينظمه ويوجهه ينظر إلى المرأة باعتبارها إنساناً أيضاً ، ويساويها مع الرجل على الصعيد الإنساني في كل تنظيماته وتوجيهاته لأنهما سواء في كرامة الإنسانية وحاجاتها ومتطلباتها. وأما حين ينظر الإسلام إلى المرأة بما هي أنثى وينظم أنوثتها ويوجهها ، ينظر في مقابل ذلك إلى الرجل باعتباره ذكراً ، فيفرض على كل منهما من الواجبات ، ويعطي لكل منها من الحقوق ، ما يتَّفق مع طبيعته ، وفقاً لمبدأ تقسيم العمل بين أفراد المجتمع ، وتنشأ عن ذلك الفروق بين أحكام المرأة وأحكام الرجل . فمَرَدُّ الفرق بين أحكام المرأة وأحكام الرجل إلى تقدير حاجات ومتطلبات الأنوثة والذكورة ، وتحديد كل منهما وفقاً لمقتضيات طبيعته . أما في مجال التنظيم الذي يرتبط بإنسانية الإنسان فلا فرق فيه بين المرأة والرجل ، لأنهما في نظر الإسلام إنسان على السواء ، فالإسلام وحده هو الذي نظر إلى المرأة نظرة إنسانية على قدم المساواة مع الرجل ، بينما لم تنظر الحضارات الأخرى وحتى الحضارة الأوربية الحديثة إلى المرأة إلا بوصفها أنثى ، وتعبيراً عن المتعة والتسلية. والموقف الحضاري لكل مجتمع من المرأة ينعكس بدرجة كبيرة ، بمقدار تغلغل تلك الحضارة على دور المرأة في تاريخ ذلك المجتمع ، وطبيعة موقفها من الأحداث . فالمرأة في مجتمع يؤمن بإنسانية المرأة والرجل على السواء تمارس دورها الاجتماعي بوصفها إنسان ، فتساهم مع الرجل في مختلف الحقول الإنسانية ، وتقدم أروع النماذج في تلك الحقول نتيجة للاعتراف بمساواتها مع الرجل على الصعيد الإنساني . وعلى العكس من ذلك المرأة في مجتمع ينظر إليها بوصفها أنثى ، قبل أن ينظر إليها بوصفها إنسان ، فإنها تنكمش وفقاً لهذه النظرة ، وتحرم من ممارسة أي دور يقوم على أساس إنساني ، بل يرغمها المجتمع على التعويض عن ذلك بمختلف ألوان الظهور على أساس أنوثتها ، وما تعبِّر عنه من متعة ولذَّة للرجل . ونجد خير مصداق لذلك في تاريخ المرأة التي عاشت في كنف الإسلام ، وفي ظِلِّ مختلف الحضارات الأخرى ، فكان دورها ومختلف بطولاتها تتكيَّف وفقاً لطبيعة المبدأ ومفهومه الحضاري عنها. فقد عبَّرت في ظِلِّ الإسلام عن إنسانيتها أروع تعبير ، وأقامت بطولاتها على هذا الأساس ، بينما لم تعبِّر في المجتمعات الأخرى الغير إسلامية إلا عن أنوثتها ، ولم يتح لها أن تقيم لها مَجداً إلاَّ على أساس هذه الأنوثة ، وبقدر ما فيها من وسائل الإغراء للرجال ، لا على أساس إنسانيتها ، وبقدر ما فيها من طاقات الخير والإصلاح . اما المرأة المسلمة فقط اعتمدت ببطولتها على إنسانيتها فبعد أن تبوَّأت مكانتها السامية في الإسلام على حسابها الخاص ، وعلى كونها إنسانة كالرجل المسلم ، لها ما له وعليها ما عليه ، وان اختلفت عنه بالوظائف والتكاليف التي وزعت على البشر كل حسب ما تتطلبه فطرته ويقتضيه تكوينه . ولكونها في الصعيد العام إنسانة كالرجل برزت شخصيتها لامعة وضَّاءة وسجلت لها في التاريخ ذكراً عطراً كأروع ما تسجله إنسانة مستقلة لها عقيدتها ورسالتها السماوية . وقد عرفت المرأة المسلمة قِيمة النصر الذي أحرزَتْه ، والمستوى الرفيع الذي ارتقَتْ إليه بعد أن قَضَتْ عصوراً عاشتها وهي في مهملات التاريخ ، ولهذا فقد سَعَتْ جاهدة للعمل على إثبات كفاءتها لذلك. وكان في كثرة النساء المبادرات للإسلام أصدق دليل على ما حمله الإسلام للمرأة المسلمة من خير وصلاح ، وما هيَّأ لها من محلِّ رفيع. وفعلاً فقد سجلت المرأة المسلمة في التاريخ الإسلامي أروع صفحات كتبتها بالتضحية والفداء ، وخطَّتها بدماء الآباء والأبناء ، بعد أن أكَّد الإسلام على اعتبارها في الصعيد الإنساني كأخيها الرجل لا أكثر ولا أقل. فكما أن بطولة الرجل المسلم كانت في مجالين وفي اتجاهين ، في مجال التضحية والجهاد ، وفي مجال الدعوة إلى الله تعالى ، كانت بطولة المرأة المسلمة أيضا في نفس المجالين ، وفي كلا الصعيدين كانت تعمل كإنسانة لا كأنثى . أما على صعيد حمل الفكرة ، ونشر الثقافة الإسلامية ، ومفاهيم الشريعة الجديدة وأحكامها ، فما أكثر النساء اللَّواتي أخذْنَ الإسلام من منبعه الزاخر ، فبشِّرن به ودعون إليه ، بعد أن تعمَّقن في فهمه ، وكنَّ مدارس إسلامية يَروين عن النبي ويروى عنهُنَّ . وفي طليعة الراويات عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) والناشرات لأحكام الإسلام الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) فقد روت عن أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ، وروى عنها ابناها الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وأم سلمة ، وأرسلت عنها فاطمة بنت الحسين وغيرها . وروت عن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً أسماء بنت عُميس الخثعمية ، وروت عنها أمُّ جعفر وأُم محمد ابنتا محمد بن جعفر. والمرأة المسلمة اليوم هي بنت تلك المرأة المسلمة التي عرضت صدرها لحراب الأعداء ، وشهدت بعينها قتل الآباء والأبناء ، فما الذي يقعد بالمرأة المسلمة البنت عن أن تعيد تاريخ المرأة المسلمة الأم ، وأن تقفو خطواتها في الحياة ؟! لا شيء غير أنها افتقدت وبالتدريج ونتيجة لابتعادها عن روح الإسلام الحقيقة إنسانيتها ، وعادت مجرد أنثى تتلاعب بها الأهواء والتيارات ، وتسخرها ميول الرجال ، ويستهويها كُلُّ لمح كاذبٍ أو وميض خادع . ولهذا فقد وقعت في أحابيل شائكة شوَّهت أنوثتها وأفقدتها شخصيتها كإنسانة في الحياة ، فهي مَهما سمَتْ أَمْ حاوَلت السمو لن تتمكن أن تسمو كإنسانة مستقلة ، ما دامت تخضع لأحكام الرجل في اتِّخاذ طريقتها في الحياة ، وتتبع ما يمليه عليها من أساليب الخلاعة الرخيصة . فما الذي يمنع المرأة المسلمة اليوم من أن تشقَّ طريقها في الحياة ثقافة وعملاً مع محافظتها على حِجابها الذي يلزمها الإسلام به ؟! ، لا شيء غير غضب الرجال لذلك ، وسخطهم عليه ، لأنه سوف يحول دون متعة استجلاء مفاتن المرأة ومحاسنها . فهل السفور من شروط طلب العلم ؟ أو هل الخلاعة والتهتك من شروط الثقافة والتمدن ؟ لا وألف لا ، ليس للسفور ولا للخلاعة أي دخلٍ من قريب أو بعيد في العلم والثقافة ، ويمكن التمييز بينها وبسهولة أيضاً متى ما عادت المرأة المسلمة ، وأحست بوجودها كإنسانة لا كأداة من أدوات إرضاء الرجل . ولكن أعداء الإسلام لن يسمحوا بفرز العلم عن السفور والثقافة عن الخلاعة ، فهم يحاولون بشتَّى الأساليب المُغرية ربط الاثنين معاً ليحطُّوا من شأن المرأة المسلمة ومن مكانتها في العالم
هل تعلم ؟!
××× هل تعلم ان القائم يوزع ميراثه وهو حي :
حيث جاء في البحار ج51 ص133 عن عبد الله بن شريك عن رجل من همدان قال : سمعت الحسين بن علي (عليه السلام) يقول : قائم هذه الامة هو التاسع من ولدي وهو صاحب الغيبة وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي .
××× هل تعلم ان القائم (عليه السلام) يرتد قوم عنه في غيبته  ويثبت آخرون :
فقد جاء في بحار الانوار ج51 عن عبد  الرحمن بن سليط قال : قال الحسين بن علي (عليه السلام) : منا إثنا عشر مهدياً أولهم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وآخرهم التاسع من ولدي وهو الامام القائم بالحق يحيي الله به الأرض بعد موتها ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت على الدين فيها آخرون فيودون ويقال لهم : متى هذا الوعد ان كنتم صادقين أما الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
××× هل تعلم ان العلم له من يمثله في آخر الزمان وهو السيد اليماني وانه سوف ينشر علمه بين الناس ثم يغيب عنهم وبعد غيبته يفرج الله لآل محمد ، ويؤيد ذلك الرواية التالية :
فقد ورد عن ايوب بن نوح عن ابي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : ( اذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعو الفرج) .
دراسات
تعيينه لوكلاء متعددين غير السفراء الأربعة
بحث مستل من موسوعة الامام المهدي للسيد الشهيد محمد الصدر (قده)
ثبت النقل ألتأريخي بوجود سرا أو وكلاء غير السفراء الأربعة السابقين ، مشتتين في مختلف البلدان الإسلامية التي فيها شيء من القواعد الشعبية المؤمنة بالإمام المهدي (عليه السلام). ومما لا شك فيه إن هناك فرقاً أساسياً بين هؤلاء الوكلاء وأولئك السفراء ، ويتضح هذا الفرق في أمرين رئيسيين:
أولهما : إن السفير يواجه الإمام المهدي (ع) مباشرة ويعرفه شخصياً ويأخذ منه التوقيعات والبيانات ، على حين ان الوكلاء ليسوا كذلك بل يكون اتصالهم بالمهدي (ع) عن طريق سفرائه ، ليكون همزة الوصل بينهم وبين قواعدهم الشعبية.
ثانيهما : إن مسؤولية السفير في الحفاظ على إخوانه في الدين وقواعده الشعبية عامة وشاملة ، على حين نرى مسؤولية الوكيل خاصة بمنطقته على ما سنسمع تفصيله. والمصلحة الأساسية لوجود الوكلاء أمران أساسيان:
الأمر الأول : المساهمة في تسهيل عمل السفير وتوسيعه ، حيث لا يكون بوسع السفير بطبيعة الحال ،وبخاصة في ظرف السرية والتكتم الاتصال بالقواعد الشعبية المنتشرين في العراق وغير العراق من البلاد الإسلامية ، فيكون عمل الوكلاء بهذا الصدد أكبر الأثر في إيصال التعاليم والتوجيهات إلى أوسع مقدار ممكن من القواعد الشعبية. 
الأمر الثاني : المساهمة في إخفاء السفير نفسه ، وكتمان اسمه وشخصه حيث قلنا في ما سبق إن الفرد الاعتيادي العارف بفكرة السفارة ، غاية ما يستطيعه هو الاتصال بأحد الوكلاء من دون معرفة باسم السفير أو عمله أو مكانه ، وقد لا يكون الوكيل على استعداد للتصريح بذلك أصلاً . ونحن ذاكرون فيما يلي أسماء من وردنا في التاريخ وكالته في زمن الغيبة الصغرى ، وما نذكره ليس على وجه الحصر اذ لعل عدداً من الوكلاء لم يرد اسمه في التاريخ ، بعد ملاحظة سعة المناطق التي كانوا فيها من البلاد الإسلامية ، وطول المدة التي تناوبوا فيها على احتلال مركز الوكالة ، خلال سبعين عاماً مدة هذه الفترة ، مما يؤدي إلى اختفاء عدد من الأسماء ، وخاصة في ظروف التكتم والحذر. ولعل أحسن نص جامع لأسماء عدد من الوكلاء ، ما ذكره الصدوق في إكمال الدين مروياً عن أبي علي ألأسدي عن أبيه عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي انه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان صلوات الله عليه ورواه ، من الوكلاء : ببغداد ألعمري وابنه وحاجز والبلالي والعطار .ومن الكوفة ألعاصمي ومن أهل الأهواز محمد بن إبراهيم بن مهزيار . ومن أهل قم احمد بن إسحاق ومن أهل همدان محمد بن صالح ومن اهل الري : الشامي والأسدي - عني نفسه - . ومن أهل أذربيجان القاسم بن العلا . ومن نيشابور محمد بن شاذان ألنعيمي . إلى آخر الحديث .. ونحن نذكرهم فيما يلي على نفس هذا الترتيب الذي ذكره الصدوق . ثم نذكر ما وجدناه من أسماء الأشخاص الآخرين الذي ورد النص بوكالتهم في بعض النصوص التاريخية :
ألعمري : هو الشيخ عثمان بن سعيد السفير الأول ، عن الإمام المهدي (عليه السلام) ، وإنما سمي وكيلاً من رواية الصدوق ، باعتبار المعنى الأعم للوكالة . وقد سبق أن ترجمناه مفصلاً . ابنه : الشيخ محمد بن عثمان ألعمري السفير الثاني . وقد سبق أن ترجمناه أيضاً . حاجز بن يزيد ... الملقب بالوشا . روى فيه الشيخ المفيد بإسناده عن الحسن بن حميد ، قال : شككت في أمر حاجز . فجمعت شيئاً ثم صرت الى العسكر - يعني سامراء - فخرج الي : ليس فينا شك ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا . ترد ما معك إلى حاجز بن يزيد . وروى الكليني بسنده عن محمد بن الحسن الكاتب المحروزي انه قال : وجهت الى حاجز الوشا مائتي دينار وكتبت إلى الغريم بذلك فخرج الوصول . وذكر انه كان قبلي ألف دينار واني وجهت إليه مائتي دينار . وقال : إن أردت أن تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الأسدي بالري . فورد الخبر بوفاة حاجز - رضي الله عنه - بعد يومين أو ثلاثة .. إلخ الحديث . وهذا الحديث يدلنا على عدة امور:
الأول : انه كانت العادة ان يوصل الناس جملة من الاموال التي للإمام (ع) الى حاجز الوشا . ومن هنا وجه اليه المروزي مائتي دينار.
الثاني : ان الوشا ذو طريق مضبوط مضمون الى الهدي عليه السلام بحيث يخرج به الوصول.
الثالث : الدلالة على وكالة حاجز بقرينة التحويل على ابي الحسين الأسدي بعد موته . ولا شك ان الاسدي هذا كان من الوكلاء على ما سنذكر بعد قليل .
ولم يعلم من امر حاجز اكثر من ذلك ، فقد اهمل التاريخ تاريخ ولادته ووفاته ومقدار ثقافته وعلاقاته ، ونحو ذلك من خصائصه . ولله في خلقه شؤون . البلالي : هو ابو طاهر محمد بن علي بن بلال ، الذي ترجمناه في من أدعى السفارة زوراً . وقد عرفنا ان ابن طاووس عده من السفراء المعروفين في الغيبة الصغرى الذين لا يختلف الامامية القائلون بإمامة الحسن بن علي (عليه السلام) فيهم ، وعبر عنه المهدي (ع) في بعض توقيعاته : بأنه الثقة المأمون العارف بما يجب عليه . وذكره الصدوق في قائمة الوكلاء كما سمعنا . الا ان الشيخ في الغيبة ذكره في المذمين ، وروى فيه أحاديث عرفناها فيما سبق . مما يدل على انه كان وكيلاً صالحاً في مبدأ أمره ثم انحراف وفسد حاله بعد ذلك . العطار : ذكره الصدوق في النص السابق من الوكلاء ، ولكننا لم نستطع ان نميز شخصيته لوجود عدد ممن لقب بهذا اللقب ، لم يذكر في التاريخ عن أي منهم كونه موسوماً بالسفارة او الوكالة . سواء كان معاصراً للزمن الذي نبحث عنه او لم يكن . وهم : محمد بن يحيى العطار وابنه احمد بن محمد بن يحيى . ويحيى بن المثنى العطار . والحسن بن زياد العطار . وابراهيم بن خالد العطار . وعلي بن عبد الله ابو الحسن العطار . وعلي بن محمد بن عمر العطار . ومحمد بن عبد الحميد العطار ، ومحمد بن احمد بن جعفر القمي العطار . وداود بن يزيد العطار وغيرهم . فغاية ما يثبت بهذه العبارة : ان شخصاً بهذا اللقب كان وكيلاً للناحية في الغيبة الصغرى ، لعله احد هؤلاء ولعله شخص آخر . العاصمي : من الوكلاء ايضاً ، باعتبار النص الذي ذكرناه عن الصدوق . وهذا اللقب اسم لشخصين:
احدهما : عيسى بن جعفر بن عاصم . وقد دعا له ابو الحسن الامام الهادي (عليه السلام).
ثانيهما : احمد بن محمد بن أحمد بن طلحة ، ابو عبد الله . يقال له : العاصمي . كان ثقة في الحديث سالماً خيراً . أصله كوفي وسكن بغداد . روى عن الشيوخ الكوفيين . له كتب منها : كتاب النجوم وكتاب مواليد الائمة وأعمارهم . وكلاهما لم يوسم بالوكالة او السفارة . ولم يعلم معاصرته للغيبة الصغرى . فتبقى رواية الصدوق وحدها دالة على ذلك . محمد بن ابراهيم بن مهزيار : عده ابن طاووس من السفراء والأبواب المعروفين الذين لا يختلف الامامية القائلون بإمامة الحسن بن علي فيهم . أقول : يريد بالسفير هنا معناه الأعم وهو كل من له ارتباط بالمهدي (ع) ولو بالواسطة . وليس المراد كونه سفيراً مباشراً لضرورة انحصار السفراء بالأربعة. وروى الشيخ في الغيبة بسنده الى الشيخ الكليني . مرفوعاً الى محمد بن ابراهيم بن مهزيار . قال : شككت عند مضي ابي محمد - الحسن العسكري (ع) - وكان اجتمع عند ابي مال جليل ، فحمله وركب السفينة وخرجت معه مشيعاً له فوعك وعكاً شديداً . فقال : يا بني ردني ردني فهو الموت . واتق الله في هذا المال . واوصى الي ومات . فقلت في نفسي لم يكن ابي ليوصي بشيء غير صحيح . أحمل هذا المال الى العراق واكتري داراً على الشط ولا أخبر احداً . فان وضح لي شيء كوضوحه ايام ابي محمد (ع) انفذته . والا تصدقت به . فقدمت العراق واكتريت داراً على الشط ، وبقيت اياماً ، فاذا أنا برسول معه رقعة فيها : يا محمد معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا حتى قص على جميع ما معي مما لم أحط بع علماً . فسلمت المال الى الرسول ، وبقيت اياماً لا يرفع لي رأس ، فإعتمت . فخرج الي : قد أقمناك مقام ابيك فاحمد الله . فنرى ان محمد بن ابراهيم هذا ، قد شك بعد وفاة الامام العسكري (ع) ، لبعد المزار وغموض الحال ، فيمن يكون اماماً بعده ، فكان بينه وبين تسليم المال الى المصدر الوثيق : تلك العلامة التي كان كل امام يعطيها عند مقابلته الاولى ، كما عرفنا في شأن الامامين العسكريين (ع) . وهي ذكر الامام لأوصاف المال تفصيلاً قبل ان يطلع عليه حساً . وقد سمعنا كيف ان الوفود التي تحمل المال تجعل هذه العلامة محكاً في اثبات الامامة ، فلا يسلموه الا لمن اعطى هذه الاوصاف . وقد قام الامام المهدي (ع) بذلك امام وفد القميين الذي عرفناه . وكرر الآن اعطاء هذه العلامة ، عن طريق رسوله ليزول الشك عن ابن مهزيار ، ويطمئن الى تسليم المال الى ركن وثيق . وقد قدم من الاهواز الى العراق لأجل ذلك ، وسلم المال بحقه . وخرج اليه من قبل الامام المهدي (ع) : قد اقمناك مقام ابيك فاحمد الله . وهذا النص ظاهر بتعيينه للوكالة ، كما كان ابوه وكيلاً. وكان ينوي انه لم يجد العلامة المعينة المتفق عليها ، ان يتصدق بالمال . وهذا هو الأنسب بحال هذا الرجل الجليل . دون ما رواه الشيخ المفيد في الارشاد من قوله : فان وضح لي شيء كوضوحه في ايام ابي محمد (ع) انفذته والا انفقته في ملاذي وشهواتي ولا ما رواه الطبرسي من قوله : والا قصفت به فانه مناف لجلالة قدره ولتنصيبه وكيلاً بعد ابيه ، كما دل عليه نفس الحديث الذي روياه . فان من له نية القصف والملذات لا يكون اهلاً لهذه الوكالة الكبرى البتة. احمد بن اسحاق : بعد سعد بن مالك بن الاحوص الاشعري . ابو علي القمي . وكان وافد القميين . روى عن ابي جعفر الثاني - يعني الامام الجواد (ع) - وابي الحسن - الهادي (ع) - وكان من خاصة ابي محمد - العسكري (ع). له كتب منها : كتاب علل الصلاة ، كبير . ومسائل الرجال لأبي الحسن الثالث (ع) . عاش بعد وفاة ابي محمد (ع). قال الشيخ في الغيبة : وكان في زمان السفراء المحمودين اقوام ثقاة ترد عليهم التوقيعات ، من قبل المنصوبين للسفارة من الاصل . قال : منهم أحمد بن اسحاق وجماعة . خرج التوقيع في مدحهم . وروى بسنده عن ابي محمد الرازي قال : كنت واحمد بن ابي عبد الله بالعسكر - يعني سامراء - فورد علينا من قبل الرجل - يعني المهدي (ع) - فقال : حمد بن اسحاق الاشعري وابراهيم بن محمد الهمداني واحمد بن حمزة بن اليسع ثقات . وكان احمد بن اسحاق هذا ، من الخاصة الذين عرض الامام العسكري (ع) عليهم ولده المهدي (ع) ، واعطاه الاطروحة الكاملة لفكرة الغيبة مع البرهنة على امكانها والتنظير بحال الانبياء السابقين . كما سمعنا فيما سبق . وكان قد بشره الامام العسكري (ع) بولادة المهدي (ع) اذ ارسل اليه توقيعاً بالخط الذي ترد به التوقيعات يقول فيه : ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً . فانا لم نظهر عليه الا الاقرب لقرابته والمولى لولايته . أحببنا اعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به والسلام . وكل ذلك يدل على انه كان من خاصة الخاصة الموثوقين عند الائمة المعصومين (عليهم السلام) . والاخبار في ذلك كثيرة لا حاجة الى استقصائها في هذا المجال. واما تاريخ ميلاده ووفاته ، فلا يكاد يكون معروفاً الا بمقدار معرفة تواريخ الائمة (ع) الذي كان معاصراً لهم . واما وكالته في عهد الغيبة الصغرى ، فهي تثبت برواية الصدوق التي أسلفناها. محمد بن صالح : بن محمد الهمداني ، الدهقان . من اصحاب العسكري (ع) وكيل الناحية . يدل على ذلك ما ذكره الامام المهدي (ع) نفسه في توقيع له لاسحاق بن اسماعيل ، يقول فيه : فاذا وردت بغداد ، فإقرأه على الدهقان وكيلنا وثقتنا ، والذي يقبض من موالينا . وقد على آخر عمره فاصبح منحرفاً ، وانما كان ممدوحاً موثوقاً قبل انحرافه . ولعله هو المقصود من قول المهدي (ع) في بعض بياناته : وقد علمتم ما كان من امر الدهقان عليه لعنة الله وخدمته وطول صبحته ، فابدل الله بالايمان كفراً حين فعل ما فعل . فعالجه الله بالنقمة ولم يمهله . أقول : ويحتمل ان يكون المراد من ذلك : عروة بن يحيى الدهقان . والله العالم . الشامي : غير معروف النسب ، كان من اهل الري وكان من وكلاء القائم . الاسدي : محمد بن جعفر بن محمد بن عون . الاسدي . الرازي . كان احد الابواب . يكنى ابا الحسين . له كتاب الرد على اهل الاستطاعة . الكوفي ساكن الري . يقال له : محمد بن ابي عبد الله . كان ثقة صحيح الحديث ، الا انه روى عن الضعفاء ، وكان يقول بالجبر والتشبيه . وكان ابوه وجهاً . روى عنه احمد بن محمد بن عيسى . ومات ليلة الخميس لعشر خلون من جمادي الاولى سنة اثني عشرة وثلاث مائة . قال الشيخ في الغيبة : وكان في زمان السفراء المحمودين اقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الاصل . منهم : ابو الحسين محمد بن جعفر الاسدي رحمه الله . وروى عن صالح بن ابي صالح . قال : سألني بعض الناس سنة تسعين ومائتين قبض شيء فامتنعت من ذلك ، وكتبت - يعني الى المهدي (ع) - استطلع الرأي . فأتاني الجواب : بالراي محمد بن جعفر العربي ، فليدفع اليه اليه فانه من ثقاتنا.  وقد سبق ان سمعنا الامام المهدي (ع) ، نصب الاسدي هذا وكيلاً بعد موت حاجز الوشا. وروى ايضاً عن ابي جعفر محمد بن علي بن نوبخت ، قال : عزمت على الحج وتأهبت فود علي - يعني من المهدي (ع - : نحن لذلك كارهون . فضاق صدري واغتممت وكتبت : أنا مقيم بالسمع والطاعة . غير اني بتخلفي عن الحج . فوقع : لا يضيقن صدرك فانك تحجين قابل.  فلما كان من قابل استأذنت فورد الجواب - يعني بالاذن بالسفر - فكتبت : اني عادلت محمد بن العباس وانا واثق بديانته وصيانته . فورد الجواب : الاسدي نعم العديل ، فان قدم فلا تختر عليه . قال : فقدم الاسدي فعالدته. ومات الاسدي على ظاهر العدالة ، لم يتغير ولم يطعن فيه . في شهر ربيع الآخرة سنة اثنتي عشر وثلاثمائة . اقول : وهذا انسب بحاله مما نقلناه عن النجاشي من كونه كأن يقول بالجبر والتشبيه . والله العالم. وكان المعتاد دفع اموال الامام (ع) الى الاسدي ليوصلها اليه ، ولو بواسطة السفير ، وكان يخرج به الوصول . روي عن محمد بن شاذان النيشابوري . قال : اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهماً. فلم احب ان ينقص هذا المقدار ، فوزنت من عندي عشرين درهماً ودفعتها للاسدي . ولم اكتب بخبر نقصانها واني اتممتها بمالي . فورد الجواب - أي من الناحية - قد وصلت الخمسمائة التي لك فيها عشرون. القاسم بن العلا : من اهل آذربيجان . قال ابن طاووس : انه من وكلاء الناحية يكنى بأبي محمد. روي عنه انه قال : ولد لي عدة بنين فكنت اكتب - يعني الى الناحية - وأسأل الدعاء لهم . فلا يكتب الي بشيء من أمرهم . فماتوا كلهم فلما ولد لي الحسين ابني كتبت أسأل الدعاء ، واحببت وبقي والحمد لله . وقد اشرنا الى هذه الرواية في مناسبة سابقة . عُمر مائة وسبع عشر سنة ، منها ثمانون صحيح العينين . لقي الامام الهادي (ع) والامام العسكري (ع) . واصيب بالعمى بعد الثمانين وكان مقيماً بمدينة الران من ارض اذربيجان . وكان لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان اليه ، على يد ابي جعفر محمد بن عثمان العمري وبعده على ابي القاسم بن روح ، قدس الله روحهما . وقد روى الشيخ في الغيبة والراروندي في الخرايج حديثاً مطولاً يده على جلالة قدره ، يحتوي على عدد من التفاصيل . منها : ان الامام المهدي (ع) زوده قبل موته بسبعة ثياب للتكفين ، واخبره انه يموت بعد اربعين يوماً ، فمات في الموعد المعين . ومنها : أن ابنه كان شارباً للخمر ، فتاب عنه في ايام ابيه الاخيرة . وكان فيما اوصى به : يا بني ان اهلت لهذا الامر ، يعني الوكالة ، فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه . وسائرها ملك مولاي . وان لم تكن}هل له فأطلب خيرك من حيث يتقبل الله ، وقبل الحسن وصيته على ذلك . وقد خرج الى القاسم بن العلا توقيعان من لعن بعض المنحرفين كأحمد بن هلال . محمد بن شاذان : بن نعيم النعيمي النيشابوري . عده ابن طاووس من وكلاء الناحية ، وممن وقف على معجزات صاحب الزمان ورأه (ع). وقد أخرج الصدوق في اكمال الدين عنه حديثاً مطولاً حول الاجتماع بالمهدي (ع) الا ان الظاهر ، على تشويش في عبارة الحديث ان الذي اجتمع به (ع) ليس هو محمد بن شاذا بل غانم ابو سعيد الهندي الذي كان جديد الاسلام وباحثاً عن الحق. وفي توقيع صادر عن الامام المهدي (ع) : واما محمد بن شاذان بن نعيم ، فانه رجل من شيعتنا اهل البيت . فهؤلاء اثني عشر من السفراء والوكلاء عن الامام المهدي (ع) عدهم الصدوق في روايته . ونضيف الى ذلك جماعة . هم:
ابرهيم بن مهزيار : ابو اسحاق الاهوازي ،والد محمد بن ابراهيم بن مهزيار . وقد سمعنا قول المهدي (ع) في توقيعه لمحمد بن ابراهيم : قد اقمناك مقام ابيك فاحمد الله . وهو دال على ان اباه كان وكيلاً للناحية ايضاً . روي عن ولده محمد بن ابراهيم انه قال : ان ابي لما حضرته  الوفاة دفع الي مالاً وأعطاني علامة . ولم يعلم بتلك العلامة احد الا الله عز وجل . وقال : من اتاك بهذه العلامة فادفع اليه المال . قال : فخرجت الى بغداد ونزلت في خان . فلما كان في اليوم الثاني اذ جاء شيخ ودق الباب . فقلت للغلام : انظر من هذا ؟ فقال : شيخ بالباب . قلت : ادخل . فدخل وجلس . فقال : انا العمري . هات المال الذي عندك وهو كذا وكذا ومعه العالمة . قال : فدفعت اليه المال . فوجود اموال الامام عند ابراهيم بن مهزيار ومعرفته بالعالمة السرية التي لا يعلم بها الا الشيخ العمري السفير عن المهدي (ع) بتعليم منه (ع) يدل على ان ابراهيم كان وكيلاً عن الناحية المقدسة . وقد عده ابن طاووس من سفراء الصاحب والابواب المعرفين الذين لا يختلف الاثنا عشرية فيهم . له كتاب البشارات . محمد بن حفص : بن عمرو ، ابو جعفر . ابوه يدعى العمري والجمال ، وكان وكيلاً لابي محمد العسكري (ع) . وكان وكيل الناحية ، وكان الامر يدور عليه . مما يدل على انه كان له نشاط متزايد بهذا الامر . الحسين بن علي بن سفيان : بن خالد بن سفيان . ابو عبد الله البزوفري . شيخ جليل من اصحابنا . له كتب . روى الشيخ في الغيبة عن بعض العلويين سماه . قال : كنت بمدينة قم فجرى بين اخواننا كلام في امر رجل أنكر ولده . فانفذوا الى الشيخ - صانه الله - وكنت حاضراً عنده - ايده الله - فدفع اليه الكتاب فلم يقرأه ، وأمره ان يذهب الى ابي عبد الله البزوفري - اعزه الله - ليجيب عن الكتاب . فصار اليه وانا حاضر . فقال ابو عبد الله : الولد ولده وواقعها في يوم كذا وكذا في موضع كذا وكذا . فقل له فليجعل اسمه محمداً . فرجع الرسول الى البلد وعرفهم . ووضح عندهم القول . وولد الولد وسمي محمداً . وقد نقلناه مضمون هذا الخبر فيما سبق . وهو يدل بوضوح على استقاء هذه المعلومات من الامام المهدي (ع) ولو بالواسطة . فيدل على انه كان وكيلاً في الجملة . ومن هنا قال المجلسي في البحار تعليقاً على هذا الخبر : يظهر منه ان البزوفري كان من السفراء . ولم ينقل . ويمكن ان يكون وصل ذلك اليه بتوسط السفراء او بدون توسطهم في خصوص الواقعة . الحسين بن روح : بن ابي بحر النوبختي . وهو السفير الثالث للامام المهدي (ع) . الا انه ابان سفارة سلفه الشيخ محمد بن عثمان العمري ، كان وكيلاً له ، ينظر في املاكه ، ويلقي باسراره لرؤساء الشيعة . وكان خصيصاً به . فحصل في انفس الشيعة محصلاً جليلاً لمعرفتهم بإختصاص بأبي جعفر وتوثيقه عندهم ، ونشر فضله ودينه وما كان يحتمله من هذا الامر . فمهدت له الحال في طول حياة ابي جعفر الى ان انتهت الوصية بالنص عليه . فلم يختلف في امره ، ولم يشك فيه احد . واصبح العمري قبل موته بسنتين او ثلاث يحول عليه اموال الامام (ع) . لكي يعود بالرأي العام ويهيء الجو بالرجوع اليه حين تؤول السفارة اليه . كما سبق ان عرفناه . ومن هنا امكن ان يعد الشيخ ابن روح في السفراء تارة ، وفي الوكلاء اخرى ، رضي الله عنه وارضاه . ابراهيم بن محمد الهمداني : وكيل الناحية . كان حج اربعين حجة . كان معاصراً للأمام الجواد (ع) ،  وقد كتب له بخطه : وعجل الله نصرتك ممن ظلمك وكفاك مؤنته ، وابشرك بنصر الله عاجلاً وبالأجر آجلاً . وأكثر من حمد الله . وروي عنه انه قال : وكتب الي : وقد وصل الحساب تقبل الله منك ورضي عنهم وجعلهم معنا في الدنيا والآخرة .. وقد كتبت الى النضر ، أمرته ان ينتهي عنك وعن التعرض لك ولخلافك ، وأعلمته موضعك . وكتبت الى أيوب أمرته بذلك ايضاً . وكتبت الى موالي . بهمدان كتاباً امرتهم بطاعتك والمصير الى أمرك . وان لا وكيل لي سواك . وهذا الخطاب اليه من الامام (ع) يدل على جلالة قدره ونفوذ حكمه ووكالته . الا ان الامام صدر عنه هذا الخطاب غير مذكور ، ولعل ظاهر السياق من عبارة المصدر كونه الامام الجواد (ع) لا الحجة المهدي (ع). نعم ، ورد توثيقه عن الامام المهدي (ع) مبتدءاً بذلك من دون سبق سؤال . والمراد بذلك توكيله وارجاع الناس اليه لا محالة ، وهو اذ ذاك من شيوخ الطائفة ومبرزيها الذي لهم قدم في مدح الائمة السابقين لهم . أحمد بن اليسع : بن عبد الله القمي . روى ابوه عن الرضا (ع) ثقة ثقة . له كتاب نوادر. وقد ورد توثيقه عن الامام المهدي (ع) . وهو يدل في الجملة على توكيله والاذن برجوع الناس اليه ، كما اسلفنا. ايوب بن نوح : بن دراج النخعي ، ابو الحسين . كان وكيلاً لابي الحسن الهادي (ع) - وابي محمد العسكري (ع) - ، عظيم المنزلة عندهما مأموناً . وكان شديد الورع كثير العبادة ، ثقة في رواياته . وابوه نوح بن دراج كان قاضياً بالكوفة ، وكان صحيح الاعتقاد . له كتاب نودر .وروايات ومسائل عن ابي الحسن الثالث - الهادي (ع). روى الشيخ عن عمر بن سعيد المدائني ، قال : كنت عند ابي الحسن العسكري (ع) بصرياً ، اذ دخل ايوب بن نوح ووقف قدامه ، فأمره بشيء ثم انصرف . والتفت الي ابو الحسن (ع) . وقال : يا عمر ان احببت ان تنظر الى رجل من اهل الجنة ، فأنظر الى هذا . اذن فهو جليل المقام مقرب للأئمة (عليهم السلام) ، ووكيل للامام الهادي (ع) . واكما وكالته عن الامام المهدي ، فلا يدل عليه الا توثيقه الذي ورد في التوقيع الصادر عنه (ع) . وهو كما قلنا يدل في الجملة على توكيله ، والاذن برجوع الناس اليه . فهؤلاء طائفة ممن اضطلعوا بمهمة الوكالة عن الامام المهدي (ع) في غيبته الصغرى ، لتكميل وتوسيع عمل السفراء الاربعة في مختلف البلدان الاسلامية . وقد اتضح من ذلك ان الوكيل لا يكون عاملاً بين يدي السفير ولا يحق له قبض الاموال ولا اخراج التوقيعات ، الا باذن الامام المهدي (ع) نفسه ، وليس للسفير ان يستقبل عنه في الايكال الى أي شخص كان . ويظهر من بعض الاخبار ان فكرة الوكالة ، وتعدد الوكلاء ، كانت نافذة المفعول منذ السنوات الاولى للغيبة الصغرى ، ومنذ اوائل وجود السفارة . فقد سمعنا فيما سبق انه بلغ خبر الوكلاء الى عبد الله بن سليمان الوزير فحاول القبض عليهم بحيلة معينة ، فكان تخطيط الامام المهدي حائلاً له بلوغ غرضه ونجاح خطته . افاذا علمنا ان عبد الله بن سليمان هذا - كما تسميه مصادرنا - هو عبيد الله بن سليمان بن وهب . الذي وزر للمعتضد اول خلافته ، وليس في فترة الغيبة الصغرى وزير يكون ابن سليمان قد تولى وزارته في نفس العام لا محاله . وهو يصادف الاعوام الاولى لتولي الشيخ محمد بن عثمان العمري السفير الثاني لمهام سفارته . وظاهر الخبر الذي سمعناه ، والذي رواه الطبرسي كون نظام الوكلاء لم يكن جديداً حادثاً في ذلك  العام . وانما كان التفات السلطات اليه جديداً . اذن فهو موجود منذ الاعوام الاولى للغيبة الصغرى ، وقد كان خفياً على السلطات بفعل سريته الشديدة من ناحية ، وانشغال الدولة بقتال صاحب الزنج من ناحية اخرى . ذلك القتال الذي لم تتنفس منه الدولة الصعداء الا في مبدأ خلافة المعتضد .
نظرة في العدد(8) (18)
وما هي العلاقة بينهما من منظور قرآني
كانت المحاولة التي قمت بها للدلالات التي تضمنتها النصوص القرآنية بقصد اثبات العلاقة بين ظاهر النص الذي يشير من خلال الروايات الى اختصاصها بأهل البيت عليهم السلام وبين ما يكتنزه النص من ايحاءات عرفانية تمحورت في بعدها الرياضي والتي عملت على ابرازها من خلال القاسم المشترك بين العددين (8) و(18) . بادين ذي بدء ولست هنا ادعي شرف الوصول الى اثبات ما يمكن ان يسمى نظرية في هذا الباب. وارجو ان لا تذهب بالقارئ المذاهب كما يقال الى الشطط في الحكم فالامر كما بينت لا يعد ان يكون محاولة ليس الا لاثبات ما يمكن اثباته من هذا السبيل. والذي اخذ بفكري الى الولوج في هذا الباب ثلاثة امور:-
1- ان القرآن الكريم فيه ( علم الله تعالى) أي كما ورد عن الرسول ( صلى الله عليه واله) ( وهذا القرآن ظاهره حكم الله تعالى وباطنه علم الله) وهو مقطع أوردته نقلا عن كتاب( حكمة الرسول الاعظم) للسيد حسن الشيرازي (قدس سره) والذي أوردته نقلا عن كتاب ( ناسخ التواريخ ج3).ولاشك ان علم الله تعالى لا يحد بحد ولكن لا يمنع ان يفيض الله على عباده من علمه ما يشاء لقوله تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) ولقوله تعالى( وقل ربي زدني علما) ولولا فيضه تعالى العلم على عباده لغرق الانسان في بحر الجهل. على اية حال.
2- والامر الثاني هو المحاولات التي دأب من خلالها كتاب معاصرون الى اثبات اعجاز القرآن الكريم بطريق العدد وذلك من خلال أستقراء العلاقة بين الآيات التي تنتج أرقاما متشابهة كتلك التي تناولت ما يسمى ب( الملاحم والفتن) وهذه المحاولات قامت على اساس ان السياق القرآني يقتضي نظاما محددا وهندسيا ثابتا بعبارة اخرى ان النصوص القرآنية انما جاءت ضمن سياق خضع لحكمة الهية ولا علاقة لليد البشرية فيها فكون الآية في هذا الموضع الذي اعطاها الرقم كذا وتلك التي في موضع اخر مما اعطاها رقما غير الذي لو فرض انها اذا ما كانت في غير هذا الموضع لما كانت النتيجة المراد أثباتها لتحقق، وبذلك فقد هلل هؤلاء الكتاب وكبروا اعظاما لما يعتبرون من نتائج باهرة في هذا الميدان، وهو ان سلمنا به جدلا وقمنا به جريا على خطتهم والزاما لهم بما الزموا به انفسهم فأنهم بذلك قد أبطلوا دعواهم في مسألة جمع القرآن بعد الرسول ( صلى الله عليه واله).
3- ان قضية جمع القرآن بعد الرسول (صلى الله عليه واله ) كثر فيها القول وتعددت فيها الروايات مما شكل بلبلة فكرية أدارت رؤوس الكثيرين وما زالت، فالذين أقروا ذلك اعتبروه فضيلة لمن أنتصروا لهم لاسباب وأدلة ساقوها ويعلم المتتبع كيف ان بعضا من هذه الروايات أشارت من طريقهم بنحو التصريح ان الآيات التي كانت تعرض على ما يطلق عليه اليوم بـ( اللجنة المشرفة) تتفق على وضع الآية هنا او هناك ولا تحضرني المصادر هنا تفصيليا ولكن أذكر من ذلك الآية( لقد جاءكم رسول عزيز عليه ما عنتم... الخ) فاختلفوا اين يضعوها الى ان جعلوها في آخر سورة التوبة. وهذا يعني ان اليد البشرية لعبت دورا في السياق الذي عليه الآيات القرآنية. مما يثير اشكالا بالنسبة لهؤلاء النفر من الكتاب الذين يزعمون ان النهج الذي يتبنوه في هذا الباب سليم تماما دون ان يلتفتوا الى ان ذلك مما يشكل هدما من الاساس لكل تلك الحجج التي سبقت لاثبات صحة الروايات المتعلقة بجمع القرآن بعد النبي( صلى الله عليه واله) والسبب هو ان اليد البشرية يتسرب اليها الخطأ بداهة وهذا ما يمكن استصحابه ابتداءا في أي أمر يكون للانسان شأن فيه، وذلك ان وجود الخطأ والصواب في الانسان من حيث الاصل ثابت لا يختلف فيه وهما على حد سواء ولكن ترجيح احدهما على الآخر يستدعي الدليل والبرهان على نفي احدهما والتسليم من ثم بصحة الآخر من هنا كانت حاجة الشئ ماسة الى التجربة ولولا ذلك لاصبح نبي اذن، فالسياق القرآني بالنحو الذي عليه جار على وفق الحكمة الالهية فهم اما ان يلتزموا بما استحدثوه في هذا الباب ودفعوا بكل الروايات التي أجمعت عندهم واصفقت على ان الجمع ثم بعد النبي(صلى الله عليه واله) والا لزمهم الجمع بين النقيضين كما يقال، ونحن معهم في هذا الذي استحدثوه لانه  يبرهن من جهة أخرى على دعوانا في ان الجمع انما حصل في عهد النبي (صلى الله عليه واله) . فضلا عن ان ما يمكن تسميته بـ(الوحدة العبارتية) للنص ليست هي مما يقول عليها في اثبات النتائج التي اشرنا اليها سواء نحن او غيرنا ممن كتبوا في هذا الباب لاثبات اعجازه بل يتعداه الى موقع النص بين النصوص الاخرى وموقع السورة بالقياس الى مكانه بين السور الاخرى وفي أي جزء من اجزاء القرآن ، اذن نحن أمام هندسة الهية صاغت هذا التوزيع للآيات والسور بوحي من الله لبنيه وأين البشر من كل هذا.
النتيجة:- ان المحصلة التي تجمعت عندي من خلال القاسم المشترك بين العدد(8) و(18) هي الآتي:-
1- انني أستطعت استخراج اسماء اصحاب الكساء عليهم السلام من قبل الآيات الناظرة في ظاهر دلالتها وبلحاظ الروايات الى كونها نازلة في حقهم.
2- ان الرقم(8) (18) هما يمثلان المفتاح والرمز الذي يشير الى مجموع سور القرآن الكريم من خلال حرفي(و- ك)كالآتي:-
أ‌- نبسط الحرف(و) هكذا(واو)=13. 
ب‌- نبسط الحرف(ك) هكذا(كاف)=101.
نجمع العددين: 13 +101 =114 وهو مجموع سور القرآن (لاحظ ان الرقمين(18،8) يستبطنهما العدد(114) (باطنه علم الله).
3 - ان العددين (8) (18) بجمعهما ينتجان الرقم(26) وبجمع طرفي العدد هكذا 6+2=8، لاحظ ان الناتج يمثل أحد طرفي المعادلة بمعنى آخر ان المعادلة تستبطن النتيجة وهي تؤشر(العلاقة الذاتية) بينهما وهو ما ذكرته من ان العدد (8) يشير الى مبدأ (العلم) وهو صفة للذات وبين العدد (18) الذي يشير الى أسم من أسماء الله الحسنى(حي).
4- اذا رجعنا الى آية الكرسي نجد ان وصف (حي) يأتي بعد اسم الذات مباشرة اما ضمير الفصل بينهما فهو التوكيد، ولعل سائلا يسأل أين محل العلم من هذا في قولك بالعلاقة بين الرقم (8) (18) والجواب على ذلك: ان مفهوم العلم في سياق آية الكرسي تقوم بلفظة(قيوم) فالقيومية لا معنى لها ما لم يكن شرطها العلم. فالجاهل والعياذ بالله لا قيومية له وكي أزيد الامر ايضاحا هنا وبطريقة العدد نأخذ عدد حروف (قيوم) هكذا
ق=100    ي=10    و=6      م=40
100+10+6+40= 156= 6+5+1= 12 =2+1= 3
لاحظ ان العدد(3) له من الحروف(ج) ونطقه(جيم) =3+10+40=53=3+5=8.
وكلمة قيوم هنا مساوية للصفة (عليم) التي هي من أسماء الله الحسنى، كيف؟
لاحظ:4=70   ل=30   ي=10    م=40=150=0+5+1=6
ان الرقم ستة كما اوضحنا سابقا له من الحروف(و) ونطقه(واو)=13=3+1=4 ان الرقم (4) له من الحروف(د) ونطقه(دال) =د=4   آ=1   ل=30=35=5+3=8
اذن القيومية= العلم أي (قيوم=عليم) من حيث النتيجة وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في آية الكرسي قله( وسع كرسيه السموات والارض) تعالوا الى تبيان دلالة الكرسي عدديا لنبين ان (العلم) أي الرقم (8)
ك=20    ر=200     س=60     ي=10
20+200+60+10=290
200= الحرف(ر) ونطقه (راء)=201
90= الحرف(ص) ونطقه(صاد)=95
201+95= 296= 6+9+2= 17=7+1= 8
وخذ كذلك كلمة (عرش)
ع=70     ر=200    ش=300
70+200+300= 570=0+7+5=12=2+1=3
وقلنا ان الرقم (3) له من الحروف(ج) ونطقه(جيم)=53=3+5=8
5- ان الرقم (18) أبرز العلاقة التوحيدية بين النبوة والامامة لانك اذا طرحته من الرقم (110) الذي هو مجموع حروف أسم الامام علي(عليه السلام)  يكون الناتج(92) وهو مجموع حروف النبي (صلى الله عليه واله). وتكون المعادلة هكذا(حي الله) =18 92=(محمد)    110=(علي)
6- من هنا لك ان تدرك اذا استطعت معنى قول النبي( صلى الله عليه واله) مخاطبا علي (عليه السلام) :(يا علي لا يعرف الله الا أنا وأنت ولا يعرفك الا الله وأنا) وهي المعرفة التي حتى ما ادرك المرء- ولن يدرك- علم الله في كتابه الذي يعرفه النبي والامام- عندها يعرف مقام النبوة ومقام الامامة ولكن دون ذلك كما يقال خرط القتاد ولكن الله سبحانه وتعالى منا منه ولطفا بعباده أرتضى منهم اليسير وقبل منهم ظاهر المعرفة ولم يلفهم فوق ما يطيقون والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد واله وسلم.



مشاركات
النصرة وعدم النصرة
خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم
هناك متعلقات تشد الانسان الى الخلف بعد ان تقدم الى الامام خطوة او ارتقى سلمه ومن اهم هذه المتعلقات هي تعلق الانسان بماله لأن الانسان يحب المال حبا جما وكما جاء في الاية الكريمة {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً }الفجر20وايضا قوله تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}الكهف46. فحب الانسان للمال كبير فقد قدم الله المال على الاولاد لمعرفة حب الانسان وشغفه بالمال ولأن الانسان يعتبر ان المال زينة الحياة ويأتي بالدرجة الاولى في حياته فجعل من المال همه الاساسي في هذه الدنيا الزائلة فأنصرف الى تكنيز امواله بطرق مختلفة وكأنه لايعلم ان الله تعالى حذر من اكتناز الاموال كما جاء في قوله تعالى {َالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبة34. افلا يعلمون ان عاقبة الاكتناز وخيمة افلا يعلمون ان في اموالهم حق للسائل والمحروم فأن هكذا اشخاص قد بخلوا على انفسهم فماتوا وهم اغنياء بالاسم فقط حيث انهم عاشوا عيشة الفقراء ويحاسبون حساب الاغنياء لان الله عندما يعطي نعمة لاحد ما يجب ان يشرك بها عباد الله ويجعل فيها منفعة للمؤمنين لان مثل هذا الشخص لايرضى ان يقدم حتى لو القليل الى المؤمنين ليستفيدوا من هذه الأموال … وان مثل هذا الشخص يكون منكراً لأمور عديدة لانه باعتقاده سوف يتجرد من هذه الأموال ان كان من المنفقين ابتغاء مرضاة الله .. الم يمر على مسمعه ان دين رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم) لم يستقم الا بسيف علي ( عليه السلام) واموال السيدة خديجة ( عليها السلام) الم تنفق السيدة خديجة الكبرى ثروتها واموالها لدعم الدين الاسلامي فأصبحت من السيدة الثرية الغنية الى السيدة التي لا تستطيع الحصول على رغيف خبزاً لتسد به جوعاً فاستعجلت مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة فلم تنتظر من الله سوى رضوانه عليها فاشترت الاخرة بالدنيا ولأن الحال من حيث مبدأ القوة موازياً لقوة السلاح فلقد دعمت اموال خديجة ( عليها السلام) الدين الاسلامي دعماً قوياً في البداية .. فأذن ان الأنسان هو المسيطر على المال فلا يجب ان يجعل الانسان من المال مسيطراً عليه لانه سوف تعمى بصيرته ولا يعود يرى ماهو الصحيح من غير الصحيح ولقد حدثنا امير المؤمنين عن البخل والمال حيث قال (( فلا اموال بذلتموها للذي رزقها ولا انفس خاطرتم بها للذي خلقها تكرمون الله على عباده  ولا تكرمون الله في عباده فاعتبروا بنزلوكم منازل من كان قبلكم وانقطاعكم عن اوصل اخوانكم )) فأن الله سبحانه عندما يمكن العبد المؤمن من نعمة فأنه لا ينسى فضل الله عليه فأنه بيديه الاثنين يدفع رحمة الله عنه لانه لا ينال رحمة الله من كان من الظالمين والا يحب ان نقف ونرى حالة من يؤخذ منه ماله في دولة الامام القائم ( عج ) وهو في حالة استنكار لذلك الامر فأنه  مثل هذا الشخص لا يتقبل مجئ الامام بسهولة ولا برحابة صدر لأن حين ظهور الامام تؤخذ اموال الامام التي في اعناق الناس فيقسمها بأمر الله وطبعاً هنا لا يرضى اي شخص ان تؤخذ امواله بالرغم من انها ليست امواله في حقيقة الامر لان فيها حقوق لم ترد الى اصحابها الا بعرف المؤمن حقيقة ان في انفاق الاموال صدقة تطهر النفس وتزكيها فقد قال ابو عبد الله ( عليه السلام) (( من زعم ان الامام يحتاج الى ما في ايدي الناس فهو كافر انما الناس يحتاجونه ان يتقبل منهم الامام قال تعالى عز وجل { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم})) وعلينا الانتباه بان هناك امر من الله سبحانه وتعالى بان ياخذ الامام من اموالنا صدقة لتطهير نفوسنا فياايها المؤمن الواعي ان الله عز وجل هو من اعطى لك هذه النعمة وجعل امتحانك بها وابتلائك بها وعلم ان الله ليس بحاجة لما بين يديك لانه بيده ملكوت السموات والارض وتذكر ايها المؤمن ان من يقرض الله قرضاً حسناً يضاعف له في ذلك فلا تبخلوا ايها المؤمنون بما اتاكم الله فقد قال ابو عبد الله ( عليه السلام) (( ان الله لا يسأل خلقه مافي ايديهم قرضاً من حاجة به الى ذلك وماكان لله من حق فأنما هو لوليه )) فعلينا من هذا المنطلق ان نسدد امامنا المهدي بكل ما نملك وان لا نبخل بالامور الدنيوية الزائلة ويجب ان نعلم انفسنا بالزهد  بهذه الدنيا ولا نجعل منها كل همنا فأن الله عندما انعم علينا بهذه النعمة جعل منها امتحان لنا هل اننا نفضل المال على الاخرة والعجب انه عندما يجرح الناس فأنه ينفق (( اللذي فوقه ونحته )) من اجل عدم تعرض هذا الجرح للتلوث وايضاً من اجل صحته الجسدية ولا ينظر الانسان ان مرضت روحه فمن هو المداوي الا يعلم الانسان ان سلامة الروح اهم من سلامة الجسد لأن الجسد مصيره الى التراب والروح هي المحاسبة . لذلك يجب ان نطهر ارواحنا فعن الحسن بن مياح عن ابيه قال قال لي ابي عبد الله ( عليه السلام) درهم يوصل به الامام اعظم وزناً من احدٍ)) وايضاً عنه ( عليه السلام) (( درهم يوصل به الامام افضل من الفي درهم فيما سواه من وجوه البر )) واخيراً اعلموا ايها المؤمنون ان الله مكن الامام الارض جميعاً وان الله يجعل الدنيا كلها  لخليفته حين يقول اني جاعل في الارض خليفة فكانت الدنيا بأسرها لأدم وصارت من بعده لأبرار ولده وخلفائه في الارض.
رشفات من منهل الحكمة
- كونوا مساكين ولا تكونوا عميانا فالمسكين المبصر يأخذ من هذه قليلا وتلك يأخذها كلها
- طوبى للمنسيين فانهم لا يشاركون في أكل الجيفة
- لا تحملوا على ظهوركم خبزا لانه مكشوف بل احملوا في صدوركم الحكمة
- كونوا انقياء لا تخلطوا ترابكم بتراب الآخرين بل انظروا الى الجزار كيف يعلق الذبائح
- اظهروا كلكم ولكن احبسوا بضعتيكم تدخلوا الملكوت
- آية واحدة تكفي الكون كله والاراء كالتبن
- بحركم ليس فيه سواحل ولكنها حبال مدلاة من الاعلى لتخلصوا
- الكمال حبة صغيرة ولكن ابتلاعها محال
- نقول ويقولون لغط كثير والصمت مفتاح لابواب كثيرة
- الحبة بركة والجرعة بركة فمن يصبر على حمل الاثقال
- كل قليل طيب عدا العقل والعلم والحب
- الجاه خدع تموت اذا بصق عليها
- الصبر يحمل كل الاسماء والفقر يقود الى الملك
- املكوا كل شئ فمكانكم شبر وشبران وثلاثة واربعة اشبار والترك يعطيكم مساحات واسعة
- تناولوا تنظروا الملكوت
- الخيار مفتوح ولكنه يرى بالنكتة البيضاء او السوداء
- اختاروا لزراعتكم ارضا باطنها غني وظاهرها نقي
- الغني مريض والفقير مريض والرضا والقناعة يضحكان
- محضوا رغباتكم في غربال التفكير فان اكثرها زؤان
- موتوا وأنتم أحياء وانظروا بعيونكم الثلاثة.

سسلة الاعجاز العلمي في طرح القضية المهدوية
العدل الالهي
الحلقة الثانية
لطالما فسرت أحاديث آل البيت (ع) بما يخص مسألة العدل على انه عدل اجتماعي واقتصادي ، فاليوم واجب علينا ان نبين للمجتمع ان العدل المقصود عدل في موازين كونية اختلت بسبب ظلم الانسان وجهله . وهذا البحث ابسط شيء يمكن ان نقدمه لآل البيت الذين قدمو لنا الكثير من العلوم التي لا نعطيها حقها اطلاقاً بل كل ما نفعله ان ننعق مع كل ناعق ونفكر بالأنا والنفوذ بالرغم من كل تلك الكوارث والأزمات التي تمر بنا وبدون حياء من الله ومن آل بيت رسول الله نخوض مع كل خائض بظهور صاحب الامر والزمان الامام الحجة ارواحنا لمقدمه الفداء والوقا ، ونسأل الله ان نلقى امامنا وهو راضٍ عنا .
1- العدل الجيلوجي :
هو العدل الذي سوف يحصل في محور الدوران للكرة الارضية لأصلاح الوضع البيئي عن طريق سلسلة من الكوارث الطبيعية . فان الكرة الارضية هي مسؤولة امام الله سبحانه وتعالى عن اصلاح وضعها اذا لم يحسن الساكن عليها سلوكه سواء كان بشر او حيواناً كما في العصر الطباشيري وعصر الدينصورات … والدليل نجده في هذا الحديث الوارد في عجائب الملكوت ص38 : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ان موسى (ع) سأل ربه عز وجل ان يعرف بدء الدنيا منذ خلقت فاوحى الله تعالى الى موسى (ع) سألتني عن غوامض علمي فقال : يا رب احب ان اعلم ذلك فقال : ... ثم بدات في عمارتها فعمرتها خمسين ألف عام ثم خلقت فيها خلقاً على مثال البقر يأكلون رزقي ويعبدون غيري خمسين ألف عام ثم أمتهم كلهم في ساعة واحدة ثم خربت الدنيا خمسين ألف عام ثم بدات في عمارتها ...) . يوجد معايير محدد للكرة الارضية كجهاز مناعي لو اجهزة دفاعية لاستمرار الحياة على وجه الارض منها الجاذبية والموجات الكهرومغناطيسية ودرجات الحرارة والضغط الجوي وبخار الماء والرياح وتوزيع الناتات والغلاف الجوي للارض ونلتمس تغير الغلاف الجوي للأرض في قوله تعالى : {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً}الجن8، 9 . وهذا التغير مواكب للحضارة الاسلامية والذي طرأ على حركة الشهب والنيازك والحرس الشديد على ما اعتقد هو الغلاف الجوي ( عذراً اذا اخطئت ) فإني احرص ان لا أول القرآن حسب النظريات الحديث او الحقائق العلمية ولكن احب ان استشهد بالآيات القرآنية ( حباً لله ) .
2- محور الدروان وعلاقته بالعدل  الالهي  :
بدءاً أذكر الاستنتاج العلمي وأثبت علمياً ان العلاقة سابقة الذكر . القاعدة الفيزيائية الاولى : [ كلما زادت درجة الامالة زادت سرعة مرور الايام والاشهر والسنة كالشهر وهذا ملا حظ في وقتنا الحالي . اذن ان محور الدوران مائل بصورة كبيرة لذلك نرى ان اشعة الشمس تسقط على خط الاستواء ولا تصل اشعتها بصورة كبيرة الى القطبين فنلاحظ ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الاستوائية والانجماد في المناطق القطبية وقد ذكر الامام الرضا (ع) علامة من علامات الظهور هي الحر الشديد ، قال احمد بن المنصر : قال الامام الرضا (ع) : قبل هذا الامر يبوح ، فلم أدر ما اليبوح (بؤوح) فحججت فسمعت اعرابياً يقول هذا يوم (بؤوح) فقلت له : ما البؤوح ؟ قال اليوم الشديد الحر ( بشارة الاسلام) .
ومن الاسباب التي تؤدي الى الاختلاف والتباين في الكرة الارضية هي منسبة الالبيدو فتكثر نسبته بالاقطاب وتقل في خط الاستواء والالبيدو هو مصطلح على نسبة ما يعكسه سطح الارض الى الفضاء مباشرة من الاشعاع الشمسي الصافي الواصل اليه دون ان يحول أي جزء منها الى طاقة حرارية فكلما كانت الاشعة مائلة كانت نسبة الالبيدو اكبر . وكلما زادت درجة البرودة في الاقطاب وزادت درجة الحرارة في المناطق المدارية ازدادت الاعاصير بسبب الاختلاف الكبير في مناطق الضغط الجوي وزيادة بخار الماء بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المناطق المدارية مثل اعصار التورنادو . ومن أكثر بلدان العالم تعرضاً له هي الولايات المتحدة الاميريكة ... أي ان ارتفاع نسبة الاعاصير دليل حسي على زيادة درجة الامالة فان عدم العدل الكمي او المادي في الكرة الارضية هو الذي أثر على امالة محورها وسرعة دورانها ولاثبات العلاقة بين العدل الكمي واعتدال محور الدوران نطرح هذه التجربة .
تجربة : اذا اعددنا فقاعة الصابون فنلاحظها تدور متأثرة بالهواء المحصور داخلها والهواء الخارجي . اما اذا اعددنا فقاعة صابون اخرى وفي احد اطرافها القليل من الماء وقشرة الارض ميزان دقيق حساس بل هو من النوع المركب ايضاً فكل مكان فيه بمثابة كفة متزنة تماماً مع كل مكان آخر . والمعروف ان الميزان الدقيق تتزن الكفتان فيه تماماً ويضل هذا الاتزان قائماً ما دامت الاثقال التي على احد الكفتين تساوي تلك التي على الكفة الاخرى ، فاذا تغير الثقل على احد الكفتين اضطربت هذه الكلمة وتأثرت المقابلة لها حتماً ويضل هذا الاضطراب قائماً حتى يتساوى ثقل الكفتين ثانياً فيعود التوازن سيرته الاولى . وربما يكون هذا انسب تعليق علمي على قوله تعالى {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}النحل 15 . فنلاحظ دوران الفقاعة اسرع من دوران الفقاعة الاولى كما في الشكل وهذا دليل على ان اذا تركز الثقل المادي في بلد معين دون بلد آخر فسوى يحدث خلل في الدوران وأمالته محوره . كما ان قاعدة توازن دوران الكرة الارضية هي :
مق1 + مق2 + مق3 + مق4 = م و
أي ان المقاومة على جهات الكرة الارضية يجب ان تتساوى ويجب ان يكون حاصل جمعها يساوي مقاومة مركز الارض .
أي ان مق1 = مق2 = مق3  = مق4 وبالتالي فالاوزان على الكرة الارضية يجب ان تتساوى ولو بصورة تقريبية .

الإيمان بصدق
أن هذه الدرجة ألإيمانية أو المرتبة العليا لأتكون إلا  بعد جهد وهذا يعني أن ألإنسان أنتصر على ذاته أي أنه تخلص أوسيطر إلى حد بعيد على جانب الفجور (ألهوا) وان الجانب ألايجابي هو الذي يمثل تصرفاته وهنا مصداق ألآية الشريفة  {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }الشمس9 هذا يعني أنه أختار لها الصالح من ألأعمال وجنبها الشر وألإنقياد وراء الملذات ، أن العبد بهذه الحالة لديه قوة تحكم كبيرة في ألإبتعاد عن أوامر جانب ألهوا وتحكم العقل في تصرفاته فتكون أعماله مطابقة لما يريده الله أي لا يجعل للشيطان سبيلا على نفسه فهو لديه القدرة على التمييز بين جانب السلب وجانب ألإيجاب فنراه يختار جانب البناء ويبتعد عن جانب الهدم ،وهذا راجع إلى صلة العبد بربه وأيضا التأثر بمحيطه منذ الصغر ولو أن التأثر بالمحيط لايعتبر شرطا أساسيا . فألانسان الذي زكى نفسه واختار لها صالح ألأعمال هو من يؤمن بالله ويوحده ويثبت على دينه وهذا من يمثل كل من آمن برسالات السماء في كل ألأجيال ووقفوا وقفة صدق مع الله وكانوا مصداق الآية الشريفة {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23 . لأنهم ابتعدوا عن جانب الشهوات أي جانب القبح واختاروا جانب الجمال . أي أن العبد جعل من نفسه رقيبا على نفسه في اختيار أفعاله فحتما سيكون نتيجة ذلك هو الدخول في طاعة الله فأهل هذه الصفة أي المؤمنين المصدقين هم دائما القلة بالمجتمعات وهم أيضا من يؤمنون بالدعوات أو الرسالات السماوية فورا حال ظهورها لأنهم يمتلكون من طهارة النفس بدرجة تجعل منهم قريبين من الله سبحانه بحيث يكون من السهل عليهم معرفة النور الإلهي رغم أن مقدراتهم العلمية والثقافية بسيطة لكن قلوبهم عامرة بطاعة الله لأنهم أجبلوا أنفسهم على الفعل ألايجابي وترك الجانب السلبي الذي يمثل هوى النفس فهؤلاء طاهرين أي أنهم لم يأكلوا أموالا حراما وإنما نبتت أجسامهم من الحلال مما يؤدي إلى نمو أرواح طاهرة محبة لطريق الله سبحانه فهؤلاء صلحت سرائرهم إلى حد يستطيع أن يميز أو يعرف ألأمر الصادر من الجانب السفلي وتركه وعدم العمل به وهو بذلك يعرف ألأمر الحسن الصادر من الجانب العلوي والعمل به لمعرفته بأن هذا هو الصحيح أو السليم الذي يجعل من ألإنسان في طاعة ربه وعدم التجاوز على ألأعراف أو العادات أو ألأمور الانضباطية لمجتمعه،فهذه النقاوة النفسية جعلت منهم مؤمنين بالغيب ، فالوصول للأيمان بالغيب لايكون سهلا وقد يكون سهلا يسيرا لمن صلحت فطرته وآمن بربه أي من كان موحدا بفطرته إلى حد انه يعيش في ملكوت الله وهو لايعلم بحاله وفي التاريخ شواهد كثيرة على ذلك فلو تصفحنا حياة سلمان المحمدي عليه السلام لوجدناه كذلك وأيضا أبا ذر الغفاري رحمه الله من المؤكد أنه كان كذلك ، فلا يعتنق ألإنسان عقيدة إلاّأن يكون قد عرف مصدرها فلذلك يسهل عليه تميزها عند شم رائحتها ونقصد برائحتها أي أفاضاتها النورانية قدسية كانت أم علمية مع العلم إن كل ماكانوا عليه هو من الله لكن بعد أن يكون العبد شاء ذلك فمنها قول عيسى كمحل الشاهد(لايعرفني إلاّمن آتاه أبي ...........) يعني ذلك أن العبد أن كان متفكرا ذاكرا شاكرا لنعماء ربه حباه الله بنعمة البصيرة التي يستطيع بها أن يرى الصالح والطالح من ألأعمال فمؤكد عرف شيئا من جانب الله مع أن الله لايفرق بعطائه بين العباد لكن بعضهم يريد أن يرى ويسمع وإذا رآى وسمع فكر وعمل وآخر لايريد أن يرى ويسمع فهؤلاء كألأنعام بل هم أضل وهنا مصداق ألآية}ْ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف17فالذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه هم القلة في الدنيا فهؤلاء ينظرون ألي كل شيء من حولهم فهم يرون ألله خالقهم أي أنهم يتفكرون في صنعه ويرون أن كل ما خلق هو دليل عليه فلذلك إيمانهم يحسن أو يعظم يوما بعد آخر وأن آيات ألله تعظم في نفوسهم وكانوا كلما جاء خبر من السماء أوتبين لهم فضل الله سبحانه كانوا يزدادون إيمانا إلى إيمانهم ،فهذا ألازدياد من أين يتأتى ؟ فيتأتى ذلك من معرفتهم بجانب الكمال المطلق جانب الخير جانب الرحمة فتطمئن به نفوسهم وتعمر به قلوبهم فيزداد أيمانهم إلى الحد الذي تصبح أفئدتهم معلقة بالله سبحانه مشتاقة إلى قربه مستأنسة بذكره فهؤلاء النفر هم من عرف الأنبياء المعرفة الحقيقية وهذا أدى إلى عظم أيمانهم فهذه المعرفة كانت هي الدليل لهم عليه لأننا قلنا صلحت سرائرهم إلى الحد الذي أصبحوا يعرفون أو يميزوا رائحة دين الله أوصراطه المستقيم وليس صعبا عليهم ذلك فهؤلاء جرعة واحدة تكفيهم من الماء المعين أي قد يكون أيمانهم بسماع آية من آيات الكتاب الذي نزل على النبي أو بمجرد أن يرون شخصه فيعرفونه وأمثالهم في التأريخ ألإنساني هم من أخلص مع ألأنبياء وثبت على دين الله ولم تأخذه في الله لومة لائم وتحملوا المتاعب واجتازوا الصعاب في طاعة الله وأن كل ما تعرضوا له يرونه قليل في الله لأنهم يرون أنى في الأمور الحياتية العادية يجب أن تدفع ثمنا ماديا أو معنويا للحصول على راحة أو هنيئة لطيفة من الحياة كمثل الزوجة أو شراء ضيعة أو غيره من الملذات القليلة الزائلة فكيف بالملك الذي لايبلى وقرب الله سبحانه والفوز بالنعيم ألأبدي فمؤكد أنه يستحق ثمنا أكبر فهؤلاء عشقوا ألله أحبوه فأحبهم وقربهم لكن بعد أن أحبوه وأحبوكل عمل صالح يقربهم منه ، فهم انتصروا على جانب السلب وهو جانب الفجور والشيطان وصعدوا إلى جانب التقوى الجانب ألايجابي من النفس وهذا لايعني أنهم تخلصوا منه تماما في أنفسهم لأن ذلك لايكون لأنه كمال مطلق لكن وصلوا إلى جانب ألانتصار عليه وهو موجود في أنفسهم أي أنهم يعيشون معه ويعيش معهم لكن يتغلبون عليه ويطرحونه جانبا ويمضون لنصرة الله ،فمنهم من كانت تربتهم صالحة خصبة فأنبتهم الله نباتا حسنا فبعد الجهد الذي بذلوه بالعمل الصالح الخالص لله في السر والعلن الهمهم الله طاعته وجنبهم معصيته فهؤلاء من أشترى الآخرة بالدنيا فربحت تجارتهم وكانوا من الفائزين بحيث خلدهم أيمانهم في الدنيا وألاخرة وحفظوا عهد الله ومانسوه ولم يكونوا كأصحاب السبت الذين نقضوا العهد أو الذين بدلوا بعد غياب موسى عليه السلام عنهم {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ }البقرة51  ،{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ }الأعراف142 أو الذين تركوا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أحد  {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }آل عمران155 فلذلك ترى هؤلاء الثلة هم من يدافع عن الرسالة ومن يحملها كما يريدها الله ويرى أنها رسالته وهو ملزم بالحفاظ عليها وإيصالها إلى الناس والدفاع عنها بالغالي والنفيس فهم جاهدوا في الله على كل ألأصعدة فكانوا مصداق قوله تعالى  {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69 وهذا الجهاد لايعني القتال بين يدي النبي فقط وإنما جاهد نفسه قبل أن يعرف وبعد أن عرف ، أي أنه أصلح تربته وطهر بدنه لتطهر روحه وبالتالي يكون قلبه بيت الله كما في الحديث القدسي (ما وسعتني أرضي ولاسمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ) أي أصبحت قلوبهم بيتا لله فهذا يدل على أن أفعالهم مؤكد تكون في الله لأنهم يعرضون أفعالهم على قلوبهم أي جعلوا من القلب إماما لهم وهذه نعمة من الله بعد أن شاءوا ذلك وهذه الأشاءة كانت رفعة لهم فهداهم الله إلى سبله أي عرفوا سبله ،فليس كل من صاحب النبي عرفه وليس كل من صاحب ألأئمة المعصومين عرفهم لكن القلة من ألأصحاب الذين شاءوا الهداية والمعرفة فهداهم الله وعرفهم سبله فأبلوا بلاءا حسنا. فهم أصحاب القلب النظيف وأمتدحهم الله تعالى في كثير من ألآيات ومنها هذه ألآية ْْ{ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ{84} فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ{85}  قلنا فيما سبق أن من صلحت سريرته وعرف ربه فلايعد شيئا يشغله إلاّ طاعة ربه فهو لايرى نفسه وإنما تدفعه تقواه إلى الازدياد في العمل في طاعة الله والبحث عن كل مايقربه إلى خالقه من أعمال صالحة وألإبتعاد تماما عن كل مايشين ,فالقناعة شعارهم في الحياة والحياة عندهم سفر قصير فهم يرون أن عليهم ألإحسان في هذا السفر لأن ما بعده هوأهم منه لكنهم يعرفون أن ثمن البعد يجب أن يدفع ألآن وهذا لايكون إلاّبألإيمان المطلق بالغيب أي التعامل مع الغيب وكأنه حضور فهو يتكلم عن الجنة وكأنه يعيش فيها ويتكلم عن النار وكأنه قد رآها ، فتراهم لايهجعون وينفقون كل ماعندهم في السر والعلن وأنفاقهم لايقتصر على ألأموال وإنما يمتد إلى أبدانهم وأرواحهم فهم مصداق ألآية   {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }آل عمران92.
مقارنة الاديان 
انجيل برنابا حقيقة تاريخية ام وهم تحريفي
وقد واجه هذا الاحتلال بالتحديد ثلاثة اصناف من المواقف وردود الافعال:
الاول : اعتبره نوعا من الانفتاح ودعوة لخروج الشعب اليهودي من قمقمه الديني البالي ونوع من التفاعل الاممي وذلك قبل ان يتعرفوا مع هذا المحتل الغريب القادم من وراء البحر.
الثاني : الموقف الذي افرزته الفئات المتشددة ذات الطابع النضالي والعنف الثوري واصحاب الخيار المسلح.
الثالث : أصحاب النظرية الخلاصية ومتبني العقيدة (( الرؤياوية )) التي تنتظر مثلا سماويا اعلى يحقق ملكوت الله الارضي ويسود عدله وقضائه.
ونشطت هذه الفئات ابتداءا بعد تولى  " انطيوخس الرابع " عام 167 ق.م مقاليد السلطة وفرضه  الالهة اليونانية على اليهود وحظر الختان عليهم فقام تمرد مسلح ضده قاده " ماتياس المكابي " المدعوا يهوذا المكابي عام 166 ق.م واعلن الحرب على أنطيوخس فأحتل الهيكل عام 164 وبقيت الحرب مشتعلة مدة طويلة حتى خلفه  " جوناتان " اخو يهوذا ثم شمعون عام 143 ق.م والذي استطاع ان يحصل على استقلال فلسطين عام 142 ق.م  ولكنه قتل عام 134 ق.م وتولى الحكم عدة قادة الى ان دخل الرومان فلسطين عام 63 ق.م  واحتلوها بالكامل حينها قاد حركات الكفاح ضد المحتل قادة ولكن خارج السلالة الصدوقية او المكابية وانتخب عدة كهنة مشبوهين بعد ان كان اليهود موحدين برعاية الاسرة المكابية يدفعهم الدافع والرمز الديني .. وبغياب الرمز الديني القيادي تاق اليهود الى كل فئة تستطيع الحفاظ على امانتها للوعد الالي وتحقق الخلاص للشعب المنهار وذهب فريق منهم الى التمسك بالشريعة وصيانتها بصورتها الجامدة ومنهم من اختار حالة التصوف وذهب الى البرية ليناشد الله الخلاص فكانت هذه الفئات  باختلاف دعواتها وتوجهاتها وصبغتها الدينية او السياسية قد تمثلت بما يلي:-
1- الصدوقيون:-
وهم من الكهنة الارستقراطيين ورؤساء الدين الرسميين للشعب اليهودي   ويعود تسميتهم بهذا الاسم الى شخص يدعى  " صدوق "  اصبح رئيسا للكهنة ايام الملكين  داود وسليمان وهذه الفئة لاتعترف ابدا بأنتظار “ المسيح المخلص "   ولا بأي موضوع خارج نطاق الشريعة الموسوية بل لايأمنون بقيامة الاموات وهم من الناحية السياسية أشد المتعاونين مع المستعمر السياسي ويمتثلون اليه في اغلب الامور فكانت العلاقة ضعيفة بينهم وبين الشعب اليهودي الذي يحتقرهم ويحتقرونه.
2- الفريسيون:-
بالرغم من أن هذه الفئة تمثل الطبقة المنتقاة من المعلمين وشارحي الشريعة الا انهم يمثلون صورة المقاومة المعنوية ضد المحتل الروماني فكانوا يهتمون بالامور الباطنية الصرفة لذلك اعتبرهم الناس من الاتقياء ويسيطرون على مجاميع من الناس الا ان فشلوا في الاستمرار والحفاظ على هذه العلاقة مع الشعب اليهودي الذي اجهده وأذله المحتل الروماني فأنقلب على هذه الفئة التي تمثل حالة من اللاحراك وبدأت ضمنا في التعاون مع الهيرودسيين وتحتال على الناس بعد ان هدد المسيح القادم مصالهم وفضح نواياهم.
3- الغيارى:-
أذا كان الفريسيون اليمين المتطرف فأن الغيارى يمثلون على العكس منهم فهم اليسار المتشدد للفريسين فهم يمثلون المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الروماني ولديهم رؤى سياسية ودينية في بناء دولتهم .. فملكوت الله يتمثل في مملكة يحكمها ملك مفوض من قبل الله ولاتأتي الا بالكفاح المسلح وقد احدثت هذه الحركة حالة من الغليان والتمرد الشعبي العام ضد الاوضاع القائمة  جراء الاستعمار الروماني ويعاقبون المتعاون مع المحتل بالقوة والعنف حتى انهم اعتبروا " دفع الجزية لقيصر  نوع من انواع التعاون مع المحتل”.
والغيارى يتعاطفون كثيرا مع فكرة المخلص واقامة ملكوت الله الا ان ذلك يقتضي معه الحل المسلح كما يرونه ورفض الاستكانة بحجج دينية وهم يميلون رغم ذلك الى الواقعية ولايعتمدون كثيرا التنظيرات الروحية والباطنية.
4- الاسنيون ويوحنا المعمدان:-
يعيش الاسنيون على امل انتظار المخلص ولايتقبلون كل الفرق المتواجدة على الساحة بل يعتبرونهم خارجين عن الطريق القويم ويعتبرون انفسهم" ابناء النور "  وهم على خلاف شديد مع الصدوقيين فالاسنيون يعدونهم متسلطين ويفرضون طقوسا وعبادات باطلة وفاسدة في الهيكل وغير مقبولة من الرب وهم لايميلون الى لغة العنف ويتميزون بتعاليم روحية عميقة تتسم بالمثالية والتصوف ويتواجدون غرب البحر الميت في بحيرة الاسفلت. وربما وجدت هذه الجماعة من يوحنا المعمدان رائدا مثاليا لهم سيما وانه يحمل نفس افكارهم الخلاصية الى حد ما مما دعى يسوع أن يظهر في جماعة يوحنا أولا لأنه رأى أن قاعدتهم اكثر استيفاءا لمشروعه الخلاصي " يأتي من بعدي من لست أهلا ان أحل سير نعليه "  (مرقس 1:7-8)  حيث كان يوحنا يكرز في البرية ويدعوا الى التوبة ويعمد لتغيير حياة الناس ليؤكد ان هذا التغيير ضروري لمن يريد أن يستعد لدينونة الله القريبة. وبالرغم من ان يوحنا تميز في كرازته بشيء من العنف الكلامي والهجوم المباشر الموجه للجميع دون تمييز بين الاطهار والاثمين الا انه لم يكن شكلا من اشكال العنف الثوري الذي امتاز به الغيارى مثلا: “فلما رأى كثير من الفريسيين والصدوقيين يأتون الى معموديته قال لهم : ياأولاد الافاعي من أراكم تهربوا من الغضب الاتي ؟ فأصنعوا ثمار تليق بالتوبة ولاتفكروا في أنفسكم : لنا أب أبراهيم , لأني أقول لكم أن الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لأبراهيم . والان وقد وضعت الفأس على اصل الشجرة فكل شجرة لاتصنع ثمرا تقطع”. وقد أستقطب يوحنا المعمدان الجمهور حوله من أورشليم واليهودية ومن الجليل بالرغم من قساوة هذه الكلمات وصعوبة تلك المتطلبات وكان المعمدان يقلق المحتل الروماني لكثرة انتقاده الدائم لهيرودتس وعلاقته المشبوهة بأمراة اخيه حتى القاه هذا الاخير في السجن وأعدمه فيما بعد وبذلك قمع ثورة حتمية كادت تغير الخريطة السياسية التي يحكمها الطاغية هيرودتس .
5- الهيرودوسيون:-
وهم النخبة الشاذة من الفريسيون وجماعة هيرودتس الذي كان يتآمرون على يوحنا بحيث وطد هيرودتس حكمه داخل فلسطين بهذا الحلف مع اليهود فضلا عن ان الفريسيين والصدوقيين كانوا منتبهين الى حركة مسيحانية ستظهر لتهدد مصيرهم فأستعدوا لعا بهذا الحلف المشبوه سيما وانهم يعرفون بهوية المخلص الاتي رغم انهم ينكرونه.
6- السامريون:-
نسبة الى السامرة وهم طائفة يهودية تختلف مع اليهود في الكثير من الامور فهم يحترمون الشريعة الموسوية ويحفظون السبت والاعياد اليهودية المعروفة وتعبر طقوسهم عن ايمانهم بالله الواحد ولكنهم يختلفون مع اليهود في أنهم يؤمنون بالاسفار الخمسة فقط ويرفضون سائر الاسفار الرؤياوية كلها ولايعترفون بأورشليم كمركز مقدس وبالهيكل الذي بناه سليمان كمكان مقدس انما عندهم المكان المقدس هو جبل " كاريزيم " فهم يحتفلون باعيادهم بالوقوف عليه فهو محل البركات . ويؤمنون بنوع من المسيحانية وبنبي يبعث في اخر الزمان ولكنه ليس من سلالة داود وليس هو المسيح ولكنه موسى جديد  " يقيم الرب الهكم نبيا من بينكم من أخوتك مثلي تسمعون له " (الاشتراع 18:15)  وسيأتي هذا النبي في اخر الازمنة ليحقق العدالة وينشر السلام. ويقول المؤرخين من اليهود انه من الصعب تحديد اصل سكان السامرة  حيث اشار بعضهم بأنهم من سكان بلاد النهرين جاء بهم الاشوريين بعد سقوط مملكة الشمال اليهودية وأستيلائهم على السامرة عام 721 ق.م  ..  وعموما فان العلاقات بين السامريين وباقي اليهود كانت متوترة دوما للآسباب المذكورة انفا وخصوصا مع اورشليم حيث اقام اهل السامرة لهم هيكلا على جبل " كاريزيم " بعد الفتح المقدوني لذلك اتهم اليهود اهل السامرة شتى الاتهامات. هذا هو المركب المجتمعي بأطره الدينية والسياسية والفكرية والاجتماعية للعصر الذي بدأ يسوع كرازته فيه خصوصا بعد ان علم يسوع بزج يوحنا المعمدان في السجن ليعدم فيما بعد بدأ يسوع بدعوته علنا  " لقد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالانجيل "  (مرقس : 14-15) .  بدأ المسيح دعوته وسط هذا الجوالنفسي والعقائدي المشحون  والذهنية العامة المتقلبة ومزاجية شعب اتعب انبياءه كثيرا وسط هذا الغليان ابتدأ يسوع مشروعه الخلاصي. فهل تجاوز يسوع هذه المركبات العريضة والمؤثرة في الذهنية العامه واختص بالمزارع والصانع في عصر انتاب اليهود فيه ان الله لم يعد يتدخل مباشرة  بالتاريخ  البشري فبقي الملك هو ممثله الوحيد على الارض هو الذي يغذي الشعب بالشريعة التي تعقدت وأضطربت كثيرا وأثقلتها اليد المتصرفة والازدواجية الكهنوتية وتفاقم الوضع التنظيري للتيارات والفئات المؤثرة التي سادت تلك الحقب المظلمة المتمردة على السماء ليجعل من وجود مشروع خلاصي متزن يطرح نظرية لاهوتية توحيدية ومشروعا خلاصيا حقيقيا  غاية صعبة  لذلك تسبب ذلك في هدم قناعة الشعب اليهودي المؤمن والموحد بعد انهار في أي مشروع وفي اغلب الحلول التي يطرحها الكهنوت والتيارات الفئات الدينية والسياسية. وبأحتفاظ الذهنية العامة لبعض الاسس التوحيدية ورفض عبادة الاصنام المفروضه عليهم من قبل المحتل  ورغم اخلالهم ببعض المصاديق اللاهوتية كالقيامة التي لايعير لها الصدوقيون لها وزنا في حين اعتبرها الفريسيون قيامة عامة .. الا أن ارضية الكرازة اليسوعية تبدوا من الناحية الموضوعية مناسبة ومؤاتية لشعب يؤمن بالتوحيد وتواق الى ملكوت الله والخلاص هذا هو المظهر الخارجي لتركيبة هذا المجتمع .. رغم ان يسوع اعتبر الاستعداد التوحيدي ذا اولوية في مشروعه الا انه كان يدرك عمق الفترة المظلمة التي عاشها هذا المجتمع الذي تقلب بين الاحداث والمتغيرات مما زاد من مزاجيته وحدة طباعه وقسوته وعناده لكن ذلك لم يثني يسوع من اعلان مشروعه بعد استيعابه لهذا الجسم المجتمعي المعقد المعتز بشريعيته وعرقه وامتيازهم بنظريات جغرافية وعنصرية حتى انهم جعلوا من الله الها قوميا وحصروا بركات التعامل والاتصال به بالهيكل كمحل مقدس يتصل اليهودي به بشكل مباشر. وهم باهتمامهم بالادب الرؤياوي الباطني لايميلون بالادبيات الواقعية الصريحة وترى ذلك بجلاء في اهتمامهم بالاسفار الملهمة اكثر من الاسفار الاصيلة حيث تؤلف الاسفار الملهمة القسم الاعظم من كتابهم المقدس القديم فكان لابد من وجود حلول وسطية تكبح جماح عناد هذا المجتمع القاسي والمزاجي فأدرك هذا الواقع يوحنا المعمدان فبدا دعوته في أطار رؤياوي وكذلك كانت كرازته كما فعل أشعيا الشيء نفسه الذي عبر عن دينونه شاملة لاتختص بالشعب العبراني وحده بل تمتد لتشمل كل البشر .. ونحى يوحنا على نفس المنحنى ونادى بالخلاص والتوبة لكل الشرائح وكل الاجناس واوصى بالتوبة السريعة قبل حلول الدينونة. فلا يستبعد ان يكون يسوع قد ضم نفسه لجماعة يوحنا المعمدان في البداية في حكمية رتبت عليه ان ينفصل فيما بعد برسالته ذات الابعاد الخلاصية الاكبر والاسمى وهي البشارة " حان الوقت واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنو بالبشارة” (مرقس 1:15)  ولكي يرفع يسوع من الاحباط الذي عاشه اليهود في زمن غاب فيه المثل الاعلى عندهم وبشخص بقوة تأثير موسى احتاجوه في هذه المرحلة ويبعث في تجديد الشريعة التي نالها التصرف الكثير ولأنهم مزاجيون دائما شق عليهم في البداية حتى الذي ينشدوه من خلاص وتغيير فيسوع جاء بمفاهيم شاقة عليهم بعد الاعتياد القديم على الاطار العبادي والشريعة العتيقة لأن يسوع نادى بالتغييرات التالية:-
1- الالتفاف على الزعامة الروحية او الممثل السماوي واعتباره فوق الشريعة ويميل الى هذا الامر المعمدانيين ايضا . فالفريسي يقول  " ان من يسمع كلام الشريعة و يفعل افعالا حسنة يشبه من يبني بيته على ارض صلبه”.
في حين قال يسوع " أن من يسمع كلامي هذا فيعمل به كمثل رجل عاقل بنى بيته على الصخر " . ( متي 7:24).
2- مشروع يسوع يقتضي الايمان بالخلاص الشامل لكل البشر وينفي العرقية والتعصب الجغرافي لذلك اختلط بكل الفئات سياسية وشعبية ورومان ووثنيين وبغايا وعشارين وكل المكونات الاجتماعية الاخرى.
3- جاء المسيح لينتقد الممارسات الطقسية للذبائح الدموية التي كان اليهود يمارسونها فتراه عندما احتفل بعيد الفصح مع تلامذته رفض الاكل من" الحمل الفصحي" الذي يقدم كذبيحة في عيد الفصح.
4- لم يمارس يسوع أي صلاة في الهيكل وتعداه استقلالية تامة لأن الهيكل كان رمزا للنظام الديني الفاسد والكهنة النفعيين الضالين لذلك ثار عليهم حين دخل الهيكل بمقولته  "  بيتي لجميع الامم بيت الصلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة لصوص "  . (مرقس 15- 17)  وبعد ادانته لهذا الهيكل المشبوه قال يسوع فيه  " سأنقض هذا الهيكل الذي صنعته الايادي وابني هيكلا لم تصنعه الايدي " . ( مرقس 14: 58) وبتوافق ملكوت يوحنا " الرؤياوي "  ويسوع بملكوته الخلاصي وبشارته قد تجاوزا حتمية اقتصار تدخل الله المباشر في التاريخ البشري واقتصاره على اخر الازمنة وتجاوزا بالذهنية العامة انذاك عقدة انقطاع الرعاية الالهية وممثلياته واكدوا بانها اتية باستمرار ولهذا هم حاضرون في هذا الزمن الوسطي كما أن اخر الازمنة سيشهد حضورا  اخر وهكذا ينبغي ان تتهاوى ذرائع وحجج هذه الامة التي يفترض انها من الامم الموحدة .. وقد تحدث يسوع والمعمدان كثيرا عن دينونة صغرى وقيامة مصغرة وشخصية موعودة تتحقق هذه لدينونة والقيامة بوجوده وهي مساحة اخر الازمنة. ورغم هذا الاتفاق في الرؤيا العامة لهذا الحوار بين اليهود والمسيح الا انه شق عليهم قلبه لمضامين الشريعة الموسوية والتصرف في صياغتها ونسخها فأتهموه بالتجديف ولاقى مالاقى من الاعلام الاسود والمطارده والتآمر مع المحتل ضده حتى وصل الامر الى انتفاء الحوار معهم وفقدان جدواه فأقتضت اليد الالهيه رفعه الى السماء بعد ان تآمر اليهود على اعدامه مع المحتل الروماني كما حدث للمعمدان فكان لابد أن يمتحن المؤمنون به واعداءه حسب استحقاقهم واداءهم الاجمالي ومستوى اتصالهم بمطاليب الرب المجعولة دائما وفق مصالح الخلق. اذا بعد هذه السياحة التي اجهدتنا في متاهات الذهنية المعقدة للجسم الاجتماعي اليهودي المقصود اولا بالتغيير لدواعي حكمية وعبر هذا الامتداد الزمني الطويل الذي عول فيه هذا المجتمع كثيرا في انتظار عملية تغيير شاملة في جوهر المعتقد الهزيل بعد ان اصيبت الشريعة الموسوية في قلبها وقالبها ووسط هذا الضجيج السياسي واختلاط المفاهيم العقائدية واضطراب الرؤى الدينية المستقيمة .. نقول هل كان يسوع ليطرح مشروعه بلغة وأداة واحدة ويستعمل ادواة عتيقة ومستهلكة في عملية الحوار مع هذا المركب الاجتماعي المعقد ؟ هل سيطرح مشروعا خلاصيا خاليا من التنظير العرقي وعقدة الاله القومي والشعب الاولى بالرعاية الالهية بادواة بسيطة لتستوفي مساحتها الادراكية  الصانع والزارع وتترك هذا الكم الهائل من التركيبة الاجتماعية المتبقية وهو امر تتنكر السماء له وتسمو برعائيتها لتشمل جميع البشر بلا لون او جغرافية .. اذا فلماذا هذا الجهد في الاطروحات " الرؤياوية " سواء كان الادبيات الملهمة في التوراة أو الدعوات الرؤياوية ليوحنا المعمدان أو حتى ماتحمله فصول الاناجيل الاربعة من  تفاصيل حملت على اساس المفهوم الرؤياوي ( الابوكالبتي) فاذا كان مفهوم الرؤياوي هو ماسوف يظهر الله للبشر من اللامنظور فيحتاج ذلك الى من يقوم بعملية الكشف وتحقيق اللامنظور بممثلية الهية فكان يسوع هو الترجمان لذلك فلماذا لايشمل هذا المعنى تفسير الحقائق الانجيلية التي يحتاج تفسيرها الى استحقاقات زمنية الى مفسر وممثل وفق شروط سماوية ولهذا كان الحواريون  حاضرين ثم اخذت الكنيسة على عاتقها هذا التكليف .. فاذا كانت الادواة اللغوية والحكمية في طرح الموضوع الالهي تستدعي البساطه المستهلكة دائما فلا داعي اذا لوجود أي وسيط وينفي معه وساطة حتى الممثليات المكلفة من السماء وهذا باطل اكيد. ثم لاداعي اصلا للكنيسة مادامت كنيسة لله في القلب ولاداعي للرهبنة والتدريس في الاهوتيات التي تعج بها الكتب الاهوتية وأتخمت بتنظيرات عريضة ومسميات مثل القديس اوغسطين وتوما الاكويني وافلوطين والادبيات اللاتينية في اللاهوت لأنه ببساطه لم تكن اللغة اليسوعية ممتنعة على كل هذه المركبات الاجتماعية  المعقدة اللهم الى جهد تعلم القراءة والكتابة. من كل ذلك نستخلص أن لغة بر نابا لم تكن مسخا غريبا بل لغة شاملة وموضوعية تشمل برعائيتها كل التركيبات المجتمعية السائدة ولاتختلف كثيرا مع لغة الكتب الاخرى ولم تتجاوز لغة السماء واسلوب الخطاب الربوبي بل هي الاكثر اعتدالا وموضوعية وثبت هوية السماء في كل مضامينه. ويثبت المعنى اعلاه كل الاناجيل التي تقول ان الله يحب جميع البشر دون تمييز ويسوع شاهد امين لذلك أذ انه يشارك في موائد الفاسقين والعشارين وذوي السمعه الرديئة والاغنياء والفريسيين ولكل من هؤلاء لغته وذهنيته وفهمه فهل يعتمد يسوع في طرح مشروعه الفبائية مستهلكة ؟ “ الله يطلع شمسه على الاشرار والاخيار وينزل غيثه على الابرار والفجار” (متي 5: 45 ) هذا المعنى يتفق كثيرا مع الكثير من الايات القرآنية والتفسيرات ففي تفسير اسم الله الرحمن : يحيلك ان الرحموتية الالهية تشمل الكافر والمؤمن في معنى فيض هذا الاسم والرحمة المجعولة للبشر كقيموم على جميع الخلق .. فهل نتهم " متي" بانحيازه للمسلمين واستعمال لغتهم فلماذا يصح هذا مع بر نابا؟ وتبقى بعض الالغاز التي تحتاج الى تفسيرات منطقية وتقصي خالى من التشنج  خصوصا اذا مست القديس بولص الرسولي  وهي موارد اتهامه في وثائق تاريخية خفية ومستودعه في الخزائن البابوية حتى انها بهذا المستوى من الغموض تعطي مؤشرا على مصداقية اتهام بر نابا بالتخريب الذي احدثه بولص في العقيدة المسيحانية برمتها ومنها من جملة ماقاله الراهب اللاتيني المدعو " فرامرينو" عند عثوره على النسخة الايطالية في انه عثر على رسائل لأيرينايوس وفي عدادها رسالة يندد فيها بالقديس بولص الرسول وأن أيرينايوس أسند تنديده هذا الى أنجيل القديس بر نابا فاصبح الراهب فرامرينو شديد الشغف بالعثور على هذا الانجيل وحين اصبح زمنا معينا قريبا من البابا سكتس الخامس حدث ان دخل مكتبته ودفعه الفضول الى التنقيب عن الانجيل فوضع يده بالصدفه على انجيل برنابا الذي أسره كثيرا فخبأه في احد ردنيه وخرج به ليطالعه في الخفاء فأعتنق اثر تلك المطالعة الاسلام .. ويذكر الدكتور سعادة بأن هذه الرواية مدونه عن الراهب اعلاه في مقدمة النسخة الاسبانية التي لم يعثر لها عن اثر سوى انها عهدت الى الدكتور منكهوس فدفعها الى الدكتور هويت ثم طمس خبرها ومحو اثرها , يتضح من هذا الجو المظلم بأن الاروقة المظلمة لم تكن لتخلوا من مؤامرة كنسية أستهدفت الكثير من الحقائق التاريخية الخطيرة التي مست العقيدة المسيحية وبعض الشبهات التي يمثل الوقوف عليها خطوة تمهيدية لحل رموز بعض الاسرار التي اريد لها ان تبقي تحت الانقاض ومنها حقيقة هذا الانجيل اللغز وعقدة بولص الذي يخفي اتهامه بالتحريف الكثير من الشكوك والادانات التي يؤاخذ عليها الاناجيل ولغتها اللاهوتية وموضوعها الديني. ولعلني ساجلب السخرية لنفسي اذا قلت ان حقائق مصيرية تهدد خلاصنا من هذا النوع انما يقصر العلم الأكاديمي وأدواته عن إدراكها بالرغم من كل امكاناته ووسائله المنطقية إلا انه يبقى مفيدا في تثبيت الحقائق الرقمية والقوانين الأرضية وما يهون علي إن هذا الرأي تذهب إليه الأدبيات اللاهوتية لكل الأديان تقريبا واخص منها المسيحية خاصة فما قاله القديس أوغسطين عن " النور الاشراقي " الذي يؤدي بالضرورة الى الدليل الاشراقي   " عقولنا لا تستطيع ان تكون المصدر الكافي , لأنها نفسها خاضعة للزمن وغير قادرة تماما على إدراك الجوهر مهما كانت الظروف كالدليل الاشراقي  , بحيث يكون هذا الإشراق المبدأ لكل القيم التي يمكنني  معرفتها بالأحكام في حقل التجربة”. من هنا اجد ان التحلي بالشجاعة الموضوعية والامانة ونبذ التحيز والتماس حالة الاستغراق في البحث والتقصي عن هذه الحقيقة المصيرية ستقتضي بالضرورة الكثير من الاعتماد على الجانب الاشراقي المجرد عن النزعات والميول والغايات النفسية المعوقة. . فالاشراقة هي وحدها التي خلصت سمعان حين بعثه الى بعض المدن ليبشر وهو امي لايعرف القراءة فتأيد بالبلاغة وفصل الخطاب كما وخلصت الكثير من " السنهدريم" او المجلس اليهودي أثناء المحاكمات.

درس الابتلاء من طالوت الى المهدي المنتظر
إن في قصة ألأبتلاء التي حدثت  في بني أسرائيل وأن هذه القصة كانت ولازالت على أرتباط مباشر بحال الأمة الأسلامية فهذه الحادثة كانت بعد زمن موسى عليه السلام وفي زمن  النبي داوود عليه السلام وكما بينها الله سبحانه في قوله تعالىَ(الَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ){246} ونود أن نبين هذه القصة على مراحل وكما يلي :
المرحله الاولى :أن الذي نريد أن نلفت النظر اليه هو حالة التلون في الخلق فنراهم ساعة يكونوا بجانب الله ويتوسلون ويدعونه لكي يخلصهم من ظلم الظالمين لكن قلت الوعي لديهم أن خلاصهم الحقيقي عندما يخلصهم المنقذ من ظلم أنفسهم أي ينقذهم من الظلم الذي في داخلهم ،لكن هذا الحال الذي هم فيه لا يستمر ويزول بزوال المؤثر والمؤثر هو حالة الظلم الذي يتعرضون لها فلا يرون ملجأ غير الله سبحانه وتعالى وهذه مشابهة لما في قوله سبحانه {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }لقمان32 أي انهم تمر بهم حالة أنفعال وليست أيمان حقيقي ،علما أن هذه القصة هي التمثيل الحقيقي للأبتلاء الالهي وتجسيد حي لمسيرة البشرية في عالم الدنيا ،فألناس يظهرون الأيمان ويطلبون من الله أمور ليسوا اهلا لها ، وذلك يعني أنهم يتعجلوا ألامور ،فتستطيع أن تقول أن هذه المرحلة كانت مرحلة التوسل والدعاء لتعجيل الفرج وخلاصهم مما هم فيه مع علم النبي داوود عليه السلام بأنهم لن ينصروا الله ،لأن نصرة الله لا تتحقق بلقلقة لسان ولكن النصرة تكون بالعمل الدؤوب مع النفس الأنسانية وأصلاحها والله سبحانه يظهر ذلك كما في الآية وتبينه على شكل طلب أي معنى ذلك أننا أستجبنا لدعائهم مع العلم المسبق بأن النصرة ستكون قليلة فنراه يقول على لسان داوود هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا فترى ألسنتهم تقول ومالنا ألا نقاتل فنحن مظلومون ونريد أن نرجع حقوقنا ،ونسوا أنهم قليلي ألأيمان وان الله سيظهرها لهم لامحال عندما يكونوا في ألأمر الواقع ،فهم يشعرون بأنهم أستضعفوا وغصبت حقوقهم وأنهم بلجؤهم الى الله بهذا الشكل من الطلب والألحاح وأن الله كتب على نفسه أنه ينصر من نصره نعم هي تلك الحقيقة لكن في حال توفر النصرة الحقيقية لله فأستجابة لدعائهم أراد الله أن يبين لهم أين هي النصرة الحقيقية وبعد ذلك يكون النصر .
المرحلة الثانية : إن هذه المرحلة هي مرحلة ألأبتلاء والتمييز والتمحيص أي مرحلة إظهار الحقيقة نصب أعينهم وإطلاعهم على حالهم وأن ألأمور لاتكون حسب مايشتهون ،فألله أعلم بما كان وما يكون فألأبتلاء كان على عدة مراحل ففي المرحلة ألأولى منه بيّنها الله سبحانه بقوله على لسان داود {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247 .أنظر كيف يظهر ألله حقيقة الناس وانهم ليسوا مؤمنين فعندما قال لهم أن الله جعل فلانا عليكم ملكا جاء الرد الفوري منهم بالرفض لأن ذلك غير موافق لشهوات أنفسهم فأين هو إيمانهم ،أذن يتضح من حالهم أن ألأيمان هو التسليم، وألأعتراض وعدم التسليم هو دليل على عدم وجود ألأيمان في النفس وإلاّ لو كانوا يؤمنون بالله والنبي الذي معهم ماأعترضوا على أمر الله وألله هو أعلم بالمصلحة أين تكون وكما في قوله سبحانه (والله أعلم حيث يجعل رسالته ) إن ظنهم بأنهم هم المؤمنين حقا وأن ماهم فيه هو الدين الحقيقي وإن سعة المال والحال الميسر الذي يعيشونه يجعل لهم أحقية المطالبة بالملك وقيادة ألأمور فترى إعتراضهم إن هذا الرجل هو من بسطاء الناس وهو رجل ضعيف في قومه وليس كبيرهم وأيضا هو إنسان فقير أي ليست لديه أموالا كثيرة فهم يزعمون أن هذه هي أساسيات ألاختيار للقائد وليس غير ذلك شيئا فيأتيهم الرد على إعتراضهم هذا (إن الله زاده بسطة في العلم والجسم وألله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) فالجواب من ألله على مازعموا أن الله أعلم بعباده فلو كنتم مؤمنين حقيقين لكنتم مسلمين لأمري فأنا أعلم بحالكم وإن الله يعلم غيب السموات وألأرض فهو يقول لهم إن ألله زاده بسطة في العلم أي أن الله آتاه العلم من بينكم وأيضا زاده بسطة في الجسم ، فهنا ألأعتراض مثل التزلزل ألأول لهم على طريق ألأبتلاء الذي أرادوه لأنفسهم هو أيضا يريد ألله سبحانه أن يبين لنا من خلال هذه القصص وألأمثال بأن الوصول أليه أو نيل الدرجات العالية لايكون إلاّبالجد وألأجتهاد في طلب طاعة ألله وأنه يبين أن لانجاة في هذا الطريق إلاّبالتسليم المطلق فالذي يريده سبحانه أن نجبل النفس على التسليم .ومجريات القصة تبين ذلك بكل دقة لكن رغم كل ذلك فأنة هؤلاء بينهم نبي وهم مؤمنون به لكنهم لايؤمنوا بكل ما يقوله لأنهم قليلي ألأيمان ولكنّ رحمة ألله واسعة ولطفه بعباده كبير فهو من جانب يؤيد الذي إختاره  لهذا ألأمر بآية لتكون دليل قاطع على أن إختياره من ألله وأن طاعته واجبة وكما بين ذلك سبحانه (وآية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مماترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ). ومن جانب آخر رحمة واسعة بعباده ليطمأنوا ويستيقنوا أن هذا ألأمر من ألله ولايبقى أي مجال للشك في أنفسهم ويمضوا في طاعة ألله ويعني ذلك أن الله لايعذب عباده إلاّبعد إقامة الحجة عليهم كاملة وايضا هي نقطة دلالة في طريق ألأبتلاء لكن تبقى النفس البشرية متفاوتة بألأيمان وبينها ألله سبحانه في مجريات هذه القصة .
لأن مجرياتها حدثت كثيرا في أمتنا وستحدث لأن ذلك من ضمن الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ستحذون حذوهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ) فبعد إقامة الحجة وبعد أن تبين لهم أن أمر طالوت من ألله ولاشك ولاريب بدأت مرحلة ألأبتلاء وهي مرحلة ألأنطلاق بالجيش نحو العدو وكما بين ذلك سبحانه {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة249 .
من ألآية يتبين أن ألله يريد أن يمحصهم ويخلصهم من الشوائب ورواسب الشرك التي في داخلهم ويجعل منهم صلحاء يستحقون الفتح الموعود فحملهم على أمر غير معقول ، فبطبيعة الحال جند أو عسكر خارج للقتال في صحراء عريضة وأجواء حارة كيف لايستبد به العطش وكيف إذا وجد ماء بعد العطش لايشرب هل يعقل ذلك فأنهم سيكونون منهكي القوى إذا لم يشربوا الماء وقد يتعرضون إلى الموت ، وأيضا لو كناّ معهم هل سنحتمل هذا ألأمر وخاصة أن مثله وقع في أمتنا مرات متعددة وسيقع حتما وما المقصود من ذلك ، فالمؤكد أن في داخل الجيش الكثير من المرتابين والمنافقين وألله سبحانه أيضا يريد أن يثبت المؤمنين ويقوي عزائمهم ويمدهم بالقوة من عنده ،وألأمر المهم هو ألأمتثال لأمرقائد الجيش أي هي تعليم على الطاعة ألعليا لكي يحصل النصر فعندما رأوا الماء شربوا بأجمعهم إلاّقليل أي لشدة العطش ولضعف ألأيمان في أنفسهم ماأحتملوا ألأمر فعصوا بذلك قائدهم وسار بالبقية الصالحة التي أطاعت ألأمر ،وحتى هذه الجماعة يريد ألله أن يرتقي بهم ويخلصهم من شر أنفسهم ويرفعهم درجات بطاعته فبعد العناء الطويل والعطش الشديد كان واجبهم أن يقاتلوا حال وصولهم إلى عسكر العدو فأيضا وقع شيء من الضعف في أنفسهم وكما عبر عنه سبحانه بقوله (فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لاطاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن ألله والله مع الصابرين) .
إذن الواضح من ألآية أنه حتى الذين أطاعوا ما سلموا من ألأفتتان وألأبتلاء فخارت عزائم أكثرهم ، رغم أن نبيهم داود(ع) كان معهم وهو دليل لهم للصبر على البلاء لأنه يتعرض لما يتعرضون له وهو بشر .
المرحلة الثالثة : وهذه المرحلة ألأخيرة وهي مرحلة النصر الحاسم ليس معنى ذلك النصر هو ألأنتصار على الأعداء ولكن المهم منه ألأنتصار على النفس لأن ألأنتصار الحقيقي لايكون إلاّبأنتصارنا على النفس ، فبعد ما تعرضوا له وكما قال عنهم سبحانه فالذين آمنوا أي الذين إرتقت أنفسهم وصبرت وإستوعبت الدرس الكبير قالوا كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن ألله أي بأتكالنا على ألله سبحانه وتعالى سيكون مددا وعونا لنا لأنه مؤكد ناصر المؤمنين وخاصة أن النبي معنا وقائدنا الذي إختاره ألله أمامنا فلا نبالي إن وقع علينا الموت أم وقعنا عليه ، فتحقق لهم النصر وكما في ألاية الشريفة {وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة250  ، فهم وصلوا بإيمانهم وطاعتهم إلى درجات علا كما يتضح من ألآية حيث أعطوا سلاح الدعاء الذي إنتصروا به ،ففي هذه ألقصة تبيان واضح لدرجات ألأيمان وتعليم بليغ للأرتقاء بالنفس وتعويدها على الصبر لأنه كما جاء في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (الصبر من ألأيمان كالرأس من الجسد) ،فلو تأملنا في تأريخنا ألأسلامي وجدنا لهذه القصة مصاديق كثيرة تحققت وأن منها ما سيتحقق في مستقبل ألأيام لأنه كما قال سبحانه {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الفتح23.
تحقيقات
العشائر ودورها في القضية المهدوية
القبائل ( العشائر) في روايات أهل البيت (عليهم السلام)
ورد لفظ القبيلة والعشيرة في روايات أهل البيت ( عليهم السلام) سواء في نفس هذا اللفظ أو اشتقاقه من قبيل قبائل وعشائر وغيرها , والتي جاءت للتأكيد على القبيلة وأهميتها ووجوب التواصل بين أفرادها من حيث أنها تمثل العزة والمنعة بالنسبة للفرد. وهذا بطبيعة الحال لم يسلط الضوء على بعض الحالات السلبية المتواجدة في داخلها سواء بالنسبة لداخلها كقبيلة أو كأشخاص داخل هذه القبيلة أو تلك. وقد تنوعت هذه الروايات التي تتناولها بين الوصايا والروايات والخطب والمواعظ والحكم والكتب والأدعية والتي رويت عن الرسول محمد (ص) وعن الأئمة المعصومين ( عليهم السلام) وهي كما يلي:-
1- الوصايا:
حفظ لنا التأريخ عدة وصايا للأئمة المعصومين ( عليهم السلام) تؤكد على وجوب الاعتداد بالعشيرة ووجوب صلتها وبرها. وقد ارتأينا تقديم الكلام حول القبائل والعشائر في ضوء الوصايا على الكلام حولها بموجب الروايات وذلك لان تلك الوصايا تعكس اهتمام أئمة أهل البيت ( عليهم السلام) بالقبيلة ووجوب صلة رحمها ولا سيما الإمام علي (عليه السلام). وهذا لا يعني أن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يؤكدون على الناحية القبلية والترابط بالدم وتغليبها على الناحية الدينية من حيث الترابط بين المسلمين كأخوة على أساس الدين , بل على العكس من ذلك حاولوا صهر القبيلة والنظام القبلي ببودقة الدين من خلال التأكيد والإشادة بصلة الرحم مثلا بين أفراد القبيلة الواحدة وصلة الرحم كما هو معلوم من الأمور التي أكد عليها القرآن الكريم بقوله تعالى { وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}. بيد انهم ( عليهم السلام) في مكان أخر نهوا عن التفاخر بالقبيلة والأنساب , وهذا من الأشياء التي نهى عنها الدين الإسلامي , لأنه أعتبر أن التقوى هي ميزان التفاخر بين الناس , وذلك حسبما ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى : {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20. ومن هذا المنطلق تكون وصايا أئمة اهل البيت (ع) بخصوص القبائل والعشائر نابعة من الدين الاسلامي الحنيف وتعاليمه السمحاء .
والوصية الأولى جاءت عن الإمام علي (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام) والذي يحثه على إكرام عشيرته لأنهم أصله الذي إليه يصير وعدته في الشدة , حيث قال له (عليه السلام) : (وأكرم عشيرتك فأنهم جناحك الذي به تطير وأصلك الذي إليه تصير وأنك بهم تصول وبهم تطول اللذة عند الشدة , وأكرم كريمهم وعد سقيمهم وأشكرهم في أمورهم وتيسر عند معسورهم). هذه الوصية ذاتها مع اختلاف في بعض الألفاظ , حيث جاء فيها: ( وأكرم عشيرتك فأنهم جناحك الذي به تطير وأصلك الذي إليه تصير ويدك التي بها تصول...). ونجد هنا ان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يشير إلى أهمية العشيرة من حيث انه شبهها كجناح يطير به الطائر بالنسبة للشخص, ومن المعلوم أن الطائر لا يستطيع الطيران بدون جناح سليم , وكذلك الرجل أنه لا يستطيع الطيران أو النهوض بالأمور المهمة إلا بواسطة عشيرته. كما أكد (عليه السلام) للإمام الحسين (عليه السلام) أن عشيرته هي يده الضاربة التي يوصل بها على أعداءه. وهذه حقيقة ثابتة فمثلما في ثورة الحسين (عليه السلام) تتجسد كل المعنين حيث أن عشيرة الإمام (عليه السلام) والممثلين بأهل بيته خاصة هم من نهضوا بامور الثورة معه كمسلم بن عقيل (عليه السلام) مثلا هذا من جهة ومن جهة اخرى كان أهل بيته ( عليهم السلام) هم اليد الضاربة له في الميدان يوم الطف كابو الفضل العباس وعلي الأكبر والقاسم (عليهم السلام).
كما نرى أن الإمام علي (عليه السلام) وصى الإمام الحسن (عليه السلام) بأن يكرم كرام عشيرته وأن يعيد مريضهم ويتقبل ويتيسر مع معسورهم وأن يشاركهم في أمورهم . وكل هذه الأمور مجتمعة مما أكدت عليه تعاليم الدين الإسلامي وبهذا ربط الإمام علي (عليه السلام) بين الدين وبين الأمور الواجب أن يؤديها الفرد مع قبيلته لأنها من صميم واجبات دينه.
الوصية الثانية هي عن الإمام أبي جعفر الصادق(عليه السلام) والتي أوصى بمعرضها شيعته بأن يصلوا عشائرهم وان يشهدوا جنائزهم ويعودوا مرضاهم ويؤدوا حقوقهم . حيث ورد عن أبي أسامة عن زيد الشحام أن الإمام الصادق (عليه السلام) أوصاه أن يقول لكل من يطيعه ويأخذ بقوله من الشيعة في الكوفة بوصية فقال: ( قال لي أبو عبد الله أقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام وأوصيكم بتقوى الله عز وجل ...صلوا عشائركم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم..). ووردت هذه الوصية بلفظ مغاير فجاء فيها: ( صلوا عشائركم وصلوا أرحامكم وعودوا مرضاكم ...), ونرى أن الإمام الصادق (عليه السلام) يصرح بوجوب صلة العشيرة وعيادة مرضاها ويضعها إلى جانب وصاياه الأخرى من حيث تقوى الله عز وجل وأداء الأمانة وغيرها من الأمور كما سيأتينا لاحقا , وهذا أن دل على شيء فأنه يدل على أهمية العشيرة من حيث أن صلاح أفرادها وتقواهم ينعكس على كل أبناء المجتمع والعكس.
الوصية الثالثة هي للإمام العسكري(عليه السلام) لشيعته وبنفس المعنى المتقدم حول صلة العشيرة وشهادة جنائزها وعيادة المرضى من أفرادها وأداء حقوقهم من البر منهم والفاجر, فورد أنه (عليه السلام) قال لشيعته : ( أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد (ص) , صلوا عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم). ويبدوا أن الإمام العسكري (عليه السلام) يريد بـ(صلوهم في عشائرهم) أي صلة غير الموالين في هذه العشائر وحسن الجوار معهم وهذا ما يعكس ظاهر الوصية, بدليل أنه لو أراد الموالين من الشيعة لقال صلوا عشائركم , بيد أنه قال صلوا في عشائركم أي انهم قوم من غيره الموصى لهم وهم الشيعة. والأئمة (عليهم السلام) هم سادة البلغاء لا يقولون كلمة إلا في موقعها الصحيح وبحسب المعنى الذي يريدونه منها.
2- روايات أهل البيت (عليهم السلام):
جاءت عدة روايات عن طرق أهل البيت ( عليهم السلام) تشير إلى القبيلة والعشيرة وأهميتها, وقد تناولت هذه الروايات عدة أمور تتعلق بها ومن عدة وجوه.
الوجه الأول لهذه الروايات هو وجوب صلة العشيرة وبرها, حيث أن التواصل والتبادل بين أفراد العشيرة الواحدة توجب الأجر من الله عز وجل لهم , على عكس التقاطع والتدابر فيما بينهم فأنها تجلب الوزر. حيث روي عن جابر الأنصاري عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن الإمام علي (عليه السلام) عندما خرج من المدينة المنورة إلى البصرة في  وقعة الجمل فنزل عن الربذة فأتاه رجل من بني محارب فشكا للإمام (عليه السلام) من عدم مواصلة عشيرته له, وأراد منه أن يحثهم على مواساته . فجاء الإمام علي (عليه السلام) معه إليهم فتبادل الطرفان الشكوى فقال لهم الإمام (عليه السلام) قائلا: ( وصل امرؤ عشيرته فأنهم أولى ببره وذات يده , ودخلت العشيرة أخاها أن عثر به دهر وأدبرت عنه دنيا , فأن المتواصلين المتباذلين مأجورون وأن المتقاطعين المتدابرين موزورون ثم بعث راحلته...). هذا وقد أكدت عدة أحاديث عن الرسول محمد (ص) بأن صلة الرحم بين أفراد العشيرة تورث المحبة والسؤدد لهؤلاء الأفراد داخل عشائرهم. فجاء عنه (ص) أنه قال: ( من يضمن لي بر الوالدين وصلة الرحم أضمن له كثرة المال وزيادة العمر والمحبة في العشيرة). وفي حديث آخر عنه (ص) أنه قال: ( صلة الرحم منسأة في الآجل , مثراة في المال , محبة في الآهل , سؤدد في العشيرة...).
الوجه الثاني من الروايات ما تناول الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل فرد من أفراد العشيرة , لاسيما إذا كانت هذه العشيرة فيها موالين لأئمة أهل البيت (عليه السلام) , وذلك لأنهم يعكسون تلك الموالات عملاً وليس لفظاً فقط من حيث الأعمال التي يقومون بها والتي يؤكد عليها الدين الإسلامي , لان أي مخالف لتلك التعاليم يجلب العار لأئمة الهدى (عليهم السلام) لان غير الموالين يعيرونهم بتلك الأفعال القبيحة من مواليهم ومحبيهم. ومن جملة هذه الأعمال والصفات الحسنة هي التواضع والأمانة وصدق الحديث وغيرها من الأمور . حيث ورد في الرواية الأولى الواردة عن جابر الأنصاري عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) انه قال : ( يا جابر آيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت فوالله ما شيعتنا إلا.... ما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع ... وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء...). أن انتحال التشيع ليس مجرد القول بحب أهل البيت ( عليهم السلام) وانما هو وجوب التحلي بصفات معينة كالتواضع وكف الألسن عن الناس والأمانة على الأشياء داخل العشائر. والرواية الثانية في هذا الباب فجاءت لتشير إلى صفات الشيعة الخلص من أصحاب الإمام علي (عليه السلام) داخل عشائرهم, وذلك من حيث أنهم محط أنظار قبائلهم ومحط أسرارهم وودائعهم. فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( أن أصحاب علي (عليه السلام) كانوا المنظورين إليهم في القبائل وكانوا أصحاب الودائع مرضين عند الناس سهار الليل مصابيح النهار).
أما الرواية الثالثة فجاءت لتشير إلى وجوب التحلي بالصفات الحميدة بالنسبة للموالين من قبيل البر وصلة عشائر الغير موالين وعيادة مرضاهم والاستباق في الخيرات معهم لأنهم أولى منهم كونهم شيعة لائمة أهل البيت (عليه السلام) وهم الانعكاس لهم. أما إذا كانت أعمال الشيعة الموالين بخلاف ذلك فأن الأئمة ( عليهم السلام) يعيرون بهم , وذلك من باب أن ولد السوء يعير به والداه. حيث ورد عن هشام الكندي أنه سمع الإمام الصادق(عليه السلام) يقول: ( إياكم أن تعملوا عملا يعيرونا به فان ولد السوء يعير به والداه بعمله , كونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شينا, صلوا في عشائرهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم...).
الوجه الثالث هو وجوب سؤال المسلم أخاه المسلم عن أسمه واسم قبيلته وأسم عشيرته, حيث أن القبيلة في كثير من الأحيان تدل على الصفات الظاهرية للإنسان , بمعنى أنه يمكن التعرف على صفات شخص ما ومواصفاته عن طريق السؤال عنه في داخل قبيلته. وهذه من الأمور التي أكدت عليها روايات أهل البيت ( عليهم السلام) وسنورد روايتين كمثال عما قلناه.
الرواية الأولى واردة عن السكوني عن الإمام الصادق(عليه السلام) بأن جده الرسول محمد (ص) قال: ( إذا احب أحدكم أخاه المسلم فليسأله عن اسمه واسم أبيه واسم قبيلته وعشيرته , فان من حقه الواجب وصدق الإخاء أن يسأله عن ذلك وإلا فأنها معرفة حمقى). ونرى أن الرسول (ص) يوجب سؤال المسلم لأخيه عن أسم قبيلته وأسم عشيرته وبعدها من المحبة وصدق الإخاء , وهذا يدل على أهمية القبائل والعشائر بالنسبة للناس لكون معرفتها تفضي إلى معرفة الناس ببعضهم البعض , ومن تصرف بخلاف ذلك فأن معرفته لا تعد كونه حمقى. أما الرواية الثانية فجاءت لتجسد المعنى المتقدم حول معرفة الرجل بين المسلمين , والتي تنعكس بدورها على التكاليف الشرعية هذه المرة ومنها التعرف على عدالته بين المسلمين من اجل تجويز شهادته وذلك عن طريق السؤال عنه داخل قبيلته. فيروى عن عبد الله بن أبي يعفور أنه سال الإمام الصادق (عليه السلام) قائلا : ( بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليه , فقال : أن تعرفوه بالستر والعفاف...فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا ما رأينا منه إلا خيرا مواظب على الصلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاه فأن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين...) فعليه تكون كالمرآة العاكسة لصفات أفراد وتصرفاتهم وذلك بحكم الاجتماع في بعضهم البعض.
الوجه الرابع هي عكس عدد من الروايات لمعرفة أهل البيت (عليهم السلام) بأسماء أهل الجنة وبأسماء قبائلهم وعشائرهم وكذلك الحال مع أهل النار. حتى أنهم (عليهم السلام) يعرفون كل رجل من شيعتهم وبأسماء عشائرهم لأنها مكتوبة في صحيفة عندهم. فجاء في رواية عن عبد الصمد بن بشير عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال : ( انتهى النبي (ص) إلى السماء السابعة انتهى إلى سدرة المنتهى , قال: فقالت السدرة ما جازني مخلوق ثم الآن فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى , قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال , فاخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وفتحه ونظر فيه فإذا فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم تنزل ومعه الصحيفات فدفعها إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) . وجاء في رواية ثانية تفيد نفس الغرض عن عبد الله بن الفضل أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال له: ( يا عبد الله بن الفضل أن الله تبارك وتعالى خلقنا من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منا فنحن نحن إليكم وأنتم تحنون إلينا , والله لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلا أو ينقصون منهم رجلا ما قدروا على ذلك , وأنهم مكتوبون عندنا بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم وأنسابهم , يا عبد الله بن المفضل ولو شئت لأريتك أسمك في صحيفتنا , قال: ثم دعا بصحيفة فنشرها فوجدتها بيضاء ليس فيها أثر الكتابة , فقلت: يا أبن رسول الله ما أرى فيها أثر الكتابة , قال: فمسح يده عليها فوجدتها مكتوبة ووجدت في أسفلها أسمي فسجدت لله شكراً). ويبدوا ان هذه المعرفة بأسماء الموالين للأئمة أهل البيت (عليهم السلام) لا تقتصر على المعصومين فقط بل تتعدى إلى الملائكة أيضا الذين هم أقل منزلة منهم (عليهم السلام). وذلك كونهم يعرفون زوار الإمام الحسين (عليه السلام) بأسمائهم وبأسماء عشائرهم فيقيمون أي الملائكة بكتابتها. فورد عن أم أيمن عن الرسول محمد (ص) أن جبرائيل (عليه السلام) قال له بعد ذكر ما سيجري على الإمام الحسين (عليه السلام) قائلا: ( وتحف ملائكة من كل سماء مائة ألف ملك في كل يوم وليلة ويصلون عليه ويسبحون الله عنده ويستغفرون الله لزواره ويكتبون أسماء من يأتيه زائر من أمتك متقربا إلى الله تعالى وإليك بذلك وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم...). وبطبيعة الحال أن كتابة الملائكة للزوار تعني المعرفة المسبقة لهم , كما أن هذه الكتابة تؤكد على أهمية العشيرة , لأنه لولا أهميتها ما كتبتها الملائكة ولكانت اكتفت باسم الزائر فقط. أما الوجه الخامس والأخير من هذه الروايات هو رصدها للحالات السلبية داخل المجتمع القبلي سواء كان على مستوى جماعات تجمعها مجالس معينة , أو على مستوى أفراد من هذه القبيلة أو العشيرة أو تلك .حيث ورد في رواية عن الرسول محمد (ص) أنه أكد فيها على اجتناب مجلس العشيرة, وذلك حسبما جاء عن أبي ذر الغفاري ( رض) عنه (ص) أنه قال: ( يا أبا ذر المجالس بالأمانة , وإفشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك وأجتنب مجلس العشيرة). ويبدوا أن النهي متأت من كون مجلس العشيرة لا يكاد يخلو من الأمور السلبية كإفشاء أسرار بعض أبناء العشيرة مثلا وكما يدل على ذلك ظاهر الرواية , وذلك من خلال الحديث عن أحوال أفراد العشيرة عموما أو عن البعض منهم مما يؤدي إلى إفشاء بعض الأسرار , وأن النهي جاء من باب حدوث بعض المظالم داخل مجلس العشيرة , وذلك من قبيل إصدار بعض الأحكام الغير عادلة بحق هذا الشخص أو ذاك ممن ينتمون إلى تلك العشيرة . أو من حيث أن مثل تلك المجالس تعتبر ميدانا واسعا وخصبا لأبناء العشيرة الواحدة للتفاخر بأنسابهم مثلا واظهارهم للحمية العصبية والعصبة القبيلة فيها من خلال المداولات التي تجري فيها. فضلا عن ذلك فقد وردت روايات أخرى تعكس من خلال بعض الصفات والأخلاق الذميمة كسوء الخلق في العشيرة إلى درجة أن ذلك الشخص يكرم اتقاءاً لشره وسوء خلقه حيث روي عن الرسول محمد (ص) أنه مر به رجل فقال : ( بئس رجل العشيرة, فلما دخل عليه أقبل عليه, فقيل له في ذلك فقال , أن شر الناس الذي يكرم اتقاء لشره). كما ورد في روايات أخرى ذم أشخاص من أفراد قبيلة أو عشيرة ما يقومون بجمع المال من أجل مكاثرة العشيرة , بمعنى أنهم ينفقونها داخل عشائرهم ليجمعون أفرادها حولهم . حيث ورد أن الإمام علي (عليه السلام) سئل عن أعظم الناس حسرة فقال: ( من رأى ماله في ميزان غيره... فعلى ما جمعتها قال لحقوق السلطان ومكاثرة العشيرة...). وأخيرا نختم حديثنا حول الروايات التي تناولت القبائل والعشائر برواية تفيد أن من قرأ سورة الزمر فأن الله عز وجل سيعطيه العز بلا عشيرة أو مال . فعن هارون بن خارجة عن الإمام أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) أنه قال: ( من قرأ سورة الزمر أستخفتها من لسانه أعطاه الله من شرف الدنيا والآخرة , وأعزه بلا مال ولا عشيرة حتى يهابه من يراه , وحرم جسده على النار وبنى له في الجنة ألف مدينة).
خطوة نحو الهداية
كما يقال في المثل إن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة ,فالمسير نحو هداية النفس البشرية في طريق الله تستوجب أن تكون الخطوة الأولى فيها أن ندرس سير الأولين في القرآن الكريم والكتب السماوية الأخرى وهذ ه الدراسة لم تأتي جزافا وإنما هذا ما يدلنا عليه الهادي جل وعلا {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ }السجدة26 إذا هذا الطلب المقدم لنا من الله سبحانه أن نرى حال من قبلنا أي نأخذ العبرة مما جرى عليهم لكي نقف على الخلل وأيضا يطلب منا دراسة السلب والإيجاب من حياتهم لما في ذلك من فائدة كبيرة نحو الهداية لان ذلك يعني إن معرفة الخطأ يقود إلى عدم ارتكابه أو الوقوع فيه وعلينا أن لاننسى أن العدو ألأول للإنسان هو إبليس الذي لايفترق لحظة عن ألإنسان محاولا أن يوقعه في المعصية لكن لايستدعي ذلك أن نلقي اللوم على الشيطان ونترك أنفسنا ونستسلم للخطيئة أيضا يجب أن نعي السبب الحقيقي الذي يجعل ألإنسان لايؤمن بالله وبما بعثه من أنبياء ورسل وكذلك السبب الذي يؤدي بألإنسان إلى ألإشراك بالله وحتى إلى نكران وجوده يعني أن نؤكد على الجوانب السلبية في حياتهم التي أدت إلى سقوطهم وانعكاس ذلك في نفوسنا محاولين أن نبدأ من أول خطيئة على ألأرض ودراسة السبب أو الدافع الحقيقي وراء ذلك لأن المعالجة صحيح أنها تبدأ بالأصغر ثم ألأكبر منه شيئا فشيئا لكن ما نتوخاه هو ذكر ألأسباب الكبيرة والصغيرة أي عرض هذه المسببات على شاشة أمام ألعين لكي لاتقع أنفسنا في أحداها فنقوم بدراسة الخطوة أو تبيانها على مجموعة دروس وفي كل درس عبرة من ألأولين وكما سنبين ذلك:
الدرس ألأول
قال سبحانه وتعالى {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة38 هذه هي البداية أي بداية الشقاء عندما أمر الله سبحانه آدم عليه السلام أن يخرج من الجنة وما فيها وينزل ألي ألأرض وما ينتظره عليها من بؤس وأيضا ما يحيكه عدوه له و نراه سبحانه يؤكد أنه سيأتيكم مني هدى أي ستأتيكم الرسل والأنبياء ليذكروكم بوعد الله وليرشدونكم إلى الطريق الصحيح فدرسنا ألأول سيكون حول قصة أبني آدم التي كانت البداية التي فتحت باب الشر على الدنيا فلابد أن ألأسباب التي كانت وراء هذه البداية مؤكد هي رأس ألأفعى كما يقال أو بتعبير آخر هي الخلل الرئيسي أو المصدر الحقيقي للشر الذي لو وضعنا اليد عليه كنا من الناجين : فكلنا يعرف أن قابيل وهابيل هما ابني آدم عليه السلام أي أنهما أبني نبي وتربى في حجره وكان من المؤكد أن مصدر التربية لايفرق بين أحد منهم بالتعليم لكن الخلل في المستلم نفسه فأحدهم زكى نفسه أي أجبل نفسه على الفضيلة ظاهرا وباطنا أما ألأخر فأن ظاهره غير باطنه أي أن ظاهر قابيل كان صالحا لكن باطنه كان القبح وأن مسألة أظهار شيء وإخفاء شيء أخر لايمكن أن تدوم لأن ألله سبحانه حكمته من قوله تعالى{مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }آل عمران179 فهذا يعني أن ألابتلاء هو طريق ألله الذي يفرق به بين المؤمنين والكافرين أي المنافقين فجاءت اللحظة التي حسمت الموقف كما بينها سبحانه {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }المائدة27 فانكشف الآخر لأنه لو كان عمله لله لتقبل منه فعظم ذلك في نفسه أي دخل الحسد لأخيه على ما آتاه الله من نعمه فما كان من قابيل إلا أن أصبح من حزب الشيطان لأن الآخر هو الذي حسد آدم (ع) على ما فضله الله حتى أدى به ذلك إلى الخروج من طاعة الله والطرد واللعن وكان عاقبته خسرناً . يتضح من ذلك إن النفس الانسانيه هي وعاء وهذا الوعاء بيد صاحبه فأما إن يجعله نظيفا براقا أو يجعله خلاف ذلك ومصداقا لقوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }الشمس9 , فالتزكية هي النماء أي الترفع عن الدنئ فالذي يزكي نفسه أي ينمي صالح الإعمال فيها وكأن النفس هي كمستقيم الإعداد الحقيقية الذي يكون باتجاهين إما إيجابا أو سلبا فهابيل صعد بها إلى أعلى والآخر نزل بها أسفل فخسر الدنيا والآخرة , فالعجيب بالأمر كيف نسي قابيل إن الشيطان عدو لهم وهو الذي اخرج أبويهم من الجنة , أم انه جهل ذلك فمن المؤكد انه كان يعرف انه مخطئ لكنه يصر لأن في نفسه بذرة شر زرعها بيده فأمده عدوه فكبرت إلى الحد الذي تبينه ألآية {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }المائدة28 فالذي زكى نفسه ولم يجعل للشيطان عليها سبيلا لا يفعل الشر لأنه يخاف الله سبحانه ويرى أن ذلك مخالف لشريعة الله ويعلم أن الله لا يريد أن يسفك احدنا  دم الآخر وإنما أراد منا عمارة الأرض بصالح الأعمال , فمن هذا الدرس عرفنا أن الداء الأول وهو داء إبليس اللعين هو الحسد والذي لا يجعل صاحبه يهدأ حتى يخرجه من طاعة الله إلى معصيته.
الاخيرة
الحركة المهدوية ( المولوية ) حركة ضلالة وانحراف
وإن لم يتب قائدها فهو من أهل النار
ظهرت هذه الحركة في السنوات الأخيرة في محافظة الحلة وبدأت تتسع وتنتشر شيئاً فشيئاً حتى شملت كربلاء وبعض أطراف النجف الأشرف واعتمدت في عملها على التنظيم الشبكي او ما يسمى بنظام الخلايا الذي أوجدته المافيا العالمية ورجال العصابات  او كما تفعل الجماعات الإرهابية الآن.
ان قائدهم مثلاً لا يراه ولا يعرفه الا بعض الخاصة من إتباعه وكل واحد من هؤلاء لا يعرفه الا أربعة او خمسة أشخاص مثلاً وهؤلاء لا يعرفون غيره من خاصة أتباع القائد وهكذا دواليك ,وهذا الأسلوب في الواقع لا يوجد لا في سيرة الأنبياء ولا في سيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام وتحدى ( المهدوية ) أن يأتوا ولو بحديث او رواية واحدة صريحة في هذا المعنى . فمن أين جاءوا بهذه السيرة يا ترى ؟ وهل هي ألا بدعة ابتدعوها ما انزل الله بها من سلطان والمعلوم أن كل بدعة  ضلالة وكل ضلالة في النار كما جاء في الحديث الشريف المروي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
ونحن ولأجل بيان الحق من الباطل والهدى من الضلالة والطريق المستقيم من الطريق المنحرف سنثبت في هذه العجالة بطلان وضلالة وانحراف هذه الحركة لكي يكون المؤمنون على حذر من هذه الحركات وقادتها الذين حاولوا خداع الناس من خلال تشكيكهم بالأحاديث والروايات الشريفة الواردة عن النبي وأهل بيت الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وسنجمل بحثنا هذا في عدة نقاط مهمة مع مراعاة للاختصار وضيق المقام .
التبعية المنحرفة والمولوية الضالة
يعتمد عمل المهدوية على وجود أشخاص كل واحد منهم يسمى ( المولى) وهذا المولى له إتباع كل واحد منهم مولى لمجموعة من الأتباع وهكذا ولا يصح عمل المجموعة اذا لم يكن بموافقة ((المولى)) ايا كان نوع العمل بما في ذلك العبادات فالشخص لا تصح صلاته حتى يستشعر (المولى) الذي يتصور انه موجود أمامه , فالشخص الذي يصلي لا بد أن تكون صلاته ( للمولى) لأنه لا يصح أن يعبد الله مباشرة فهم يحاولون خداع أتباعهم من خلال بعض الحوادث كحادثة امتناع سجود إبليس لأدم عليه السلام فهم يقولون آن الله عز وجل أراد من الملائكة أن يسجدوا لأدم ولكن إبليس أبى وأراد أن يسجد له مباشرة ولكن الله عز وجل رفض , وهم من هذه الحادثة يحاولون أثبات ان الانسان لا بد أن يكون عمله وصلاته وسجوده (للمولى) وليس لله لان الله رفض أن يعيد بصورة مباشرة كما يزعمون , والحقيقة أن هذا الكلام ما هو الا شبهه أراد من خلالها هؤلاء المنحرفين الضالين خداع المؤمنين فأحاديث النبي (ص) وروايات الأئمة الأطهار عليهم السلام لم تذكر لنا ولو في حديث او رواية واحدة مثل هذا الكلام , بل ان الأحاديث والروايات نصت على أن إبليس لعنه الله حسد ادم عليه السلام على ما أتاه الله من فضل فأبى أن يسجد له , ولم يكن سجود الملائكة لأدم سجود عبادة كما بينت الأخبار بل سجود طاعة فهل نترك كلام النبي وأهل البيت صلوات الله عليهم ونأخذ بتخرصات وادعاءات المهدوية يا مؤمنين مالكم كيف تحكمون ؟
وهم يلزمون إتباعهم بطاعة المولى في كل شئ طاعة ظاهرية وباطنية مستدلين بقوله تعالى  ((أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)) محاولين أيهام الآخرين بأن اية اولي الأمر تشملهم , الا لعنة الله على القوم الظالمين الم يرجعوا الى الأحاديث والروايات الكثيرة التي بينت ان أولي الأمر هم الأئمة الأطهار عليهم السلام التي طاعتهم طاعة لرسول الله (ص) وطاعة لله عز وجل فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ قال : نعم هم الذين قال الله عز وجل   : (( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) وهم الذين قال الله عز وجل  (( انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا من الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )) ج1 ص189 . والأوصياء كما هو معلوم هم الأئمة ألاثني عشر أولهم علي ابن ابي طالب وأخرهم المهدي  عليهم السلام اجمعين , كما أن المعلوم أن الأوصياء جاء أحدهم بعد الأخر ولم يؤتوا كلهم في زمان ووقت واحد وانتم ألان كل مولى منكم تدعون انه من أولي الأمر المفترضة طاعته وهم بحسب هذا الفرض كثيرين وفي زمان ووقت واحد وهم في الواقع غير معصومين فماذا يكون الحال اذا ما تعارضت أفعالهم واختلفت أقوالهم وهذا شئ لا بد أن يقع وحتماً فقد وقع افلا يدل ذلك على بطلانهم وبالتالي بطلان هذه الحركة وانحرافها.
تحريف الآيات والروايات
لأجل تمرير مخططاتهم وإنجاح مؤامراتهم وتحقيق أهوائهم وأمانيهم عمد قادة هذه الحركة المنحرفة الى تحريف معنى الآيات وتأويلها على غير الوجه المراد منها , كما قاموا بتحريف الأحاديث والروايات وأخذ ما وافق ظاهرة أهوائهم اما ما فيها كشف لمخططاتهم وأهوائهم فأنهم يرفضونها ويقولون عنها أنها اما موضوعه او فيها تورية او ما شابه ذلك . والحقيقة لو كان الامر وكذلك فكيف عرفوا ان هناك مهدي وان هناك ولاية وان هناك أئمة معصومين وغير ذلك من الحقائق والعقائد التي لم تصلنا لولا أحاديث وروايات النبي والأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين , فنهم كما ذكرنا حرفوا معنى قوله تعالى : (( أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم )) وادعوا ان  أولي الأمر لا تخص الأئمة المعصومين فقط .بل أنها تشملهم على كثرتهم فكل شخص منهم عنده مجموعة يعد من أولي الأمر الواجب المفترض طاعته . وهم يقولون ان الروايات التي دلت على ان الإمام يقوم من مكة المكرمة من بين الركن والمقام ليس فعلاً هو خروجه من ذلك المكان لان أعداء الإمام حينما سيعرفون مكانه لو كان المقصود فعلاً هو خروجه من ذلك المكان انما كان المقصود قيامه من بين ((ركن القلب ومقام العقل)) هكذا يحرفون الكلم عن مواضعه ويضربون أحاديث النبي (ص) وروايات الأئمة الأطهار عليهم السلام عرض الجدار ليأخذوا بما تمليهم عليهم أهوائهم وأنفسهم الأمارة بالسوء يحاولون بذلك خداع المؤمنين والمنتظرين من أتباع أهل البيت عليهم السلام .وهم بقولهم هذا يجعلون من الإمام مجرد فكرة وليس شخص مولود من ابيه الحسن العسكري عليه السلام لانه على الفرض المتقدم كيف يتسنى لنا ان نتصور ان الإمام المهدي بشخصه يخرج من بين ركن القلب و مقام العقل . كما أنهم يدعون ان الخسف بالبيداء الذي عده ألائمة الأطهار عليهم السلام من ضمن العلامات الخمسة الحتمية هو خسف بالقلب وليس خسفاً بجيش السفياني في مكان معين على وجه الارض هكذا يذرون كلام اهل البيت عليهم السلام ويتبعون أهوائهم وأرائهم الفاسدة .
الدين الجديد
يدعي قادة الحركة المهدوية أن الدين الجديد الذي يأتي به الإمام المهدي عليه السلام والذي دلت عليه الأحاديث والروايات المعصومية الشريفة , ما هو الا عملهم هذا الذي يقومون به والذي هو مسألة وجود (( المولى)) والطاعة له في جميع الأمور والأحوال في سواء  كان في المعاملات او في العبادات .
والحقيقة فأن الأمر ليس كما يدعون بل كلامهم هذا بعيد كل البعد عن الحق والحقيقة بل ان عملهم هذا بدعة  لا تمت الى الدين بصله وما جاءت الا من ضلالهم وانحرافهم وابتعادهم عن مبادئ الإسلام وتعاليمه السماوية الحقة , فأن الإمام عليه السلام سوف يأتي بالكثير من الأحكام وسوف يحيي الكثير من الفرائض المعطلة ويميت الكثير من البدع ومنها بدعتهم هذه التي أظهروها , كما انه سيظهر الكثير من السنن التي اندثرت عبر الزمن ولم يعد يعمل بها , أضف الى ذلك فأن له سيرة وسياسة مع رعيته وأعدائه مختلفة عن سيرة آبائه وسياستهم مع رعيتهم وأعدائهم هذا هو الدين الجديد الذي يأتي به المهدي عليه السلام لا ما يدعون , علماً ان هناك بعض الأسرار الإلهية التي لا يمكن ذكرها والتي لا يظهرها إلا المهدي عليه السلام.
نفاق المهدوية
شاع بين أتباع الحركة المهدوية أن صحيفة القائم  مكن الله له في الأرض نابعة لهم وحاول قادة هذه الحركة الاستفادة من هذه الشائعة فراحوا يتعرفون وفق ذلك أي أنهم يظهرون أن الصحيفة تابعة لهم , كما أنهم وكما وصلنا  من بعض المصادر أنهم راحوا يجمعون التبرعات من أتباعهم بحجة أن الصحيفة محتاجة الى المال من اجل مواصلة إصدارها , ولما فوجئوا بما كتب في احد أعداد الصحيفة حاول البعض منهم التلويح بأن ذلك كان للتقية بينما ادعى البعض منهم قائلاً : (( أننا لم نكن نقول أن الصحيفة تابعة لنا بل كنا نقول أن كل ما فيها موجود عندنا)).
كما ادعى المهدوية أن الإمام المهدي عليه السلام يسدد أفكار السيد القحطاني ألا أنهم يقولون ليس كل ما يقوله حق .
ولا ادري ما معنى هذا الكلام فهل يسدد الإمام المهدي عليه السلام شخصاً ينطق بالباطل ويعمل به والعياذ بالله أم ماذا ؟ وهل هذا ألا النفاق بعينه والمكر الذي يحيق بأهله . قال تعالى {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال30.
أين هي علومكم
يدعي قادة الحركة المهدوية أنهم اعلم بالإمام المهدي عليه السلام وان لديهم الكثير من العلوم الإلهية والأسرار الربانية , وأن اليماني الموعود هو قائد حركتهم وهو موجود بينهم.
ونحن بدورنا نقول أين هي هذه العلوم يا من تدعون العلم ولماذا لا تطرحونها وتنفعون الناس بها وقد ورد في الأحاديث والروايات المعصومية الشريفة ان (( زكاة العلم بذله )) فأن مجرد الادعاء لا يكفي للإثبات فأن من الممكن لكل شخص أن يدعي انه عالم وعنده علم إلا أن ذلك لا يتحقق الا بإظهاره ونشره وبذله سواء كان ذلك عن طريق إصدار الكتب او المجلات او الصحف او ما شابه ذلك وقد وصفته الروايات الشريفة الواردة عن الأئمة الأطهار انه باقراً للعلم وباقراً للأحاديث وان أهل البيت عليهم السلام أمرونا بأن نسأل كل من يدعي الاتصال بالإمام المهدي عليه السلام والقيام بهذا الأمر عن عظائم الأمور فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن المفضل بن عمر قال : سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : ان لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في احدهما الى أهله , والأخرى يقال : هلك في أي واد سلك , قلت : كيف نصنع اذا كان ذلك ؟ قال : أن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله )) الكافي ج1 ص340 إثبات الهداة ج2 ص445 , غيبة النعماني ص178 . وبما أنكم تدعون ان اليماني هو قائدكم وإنكم متصلون بالإمام فأين هي عظائم الأمور وأين هو علمكم بها أن كنتم صادقين ؟ لماذا لا تطرحون علمكم ان كان عندكم علم , اما ادعائكم إن كل ما في صحيفة القائم (مكن) موجود عندكم فإننا ننصحكم ان تتركوا هذا الأمر جانباً فأن هذا سلاح العاجز وان كنتم أصحاب علم كما تزعمون فأننا نعلن عن موضوع  ننشره في الصحيفة في أعداد لاحقة وان كان عندكم علم به فاكتبوا فيه قبل ان نقوم بنشره , اذا كان حقاً ما تدعون ؟
ثم اين علمكم في الرجعة التي عدها الأئمة الاطهار من عظائم الأمور كما جاء في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة قال : (( سألت ابا عبد الله عليه السلام عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها . فقال : ان هذا الذي تسالون عنه لم يجيء أوانه , وقد قال الله عز وجل ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله ) بحار الأنوار ج53 ص40 . وعن حمران قال : (( سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأمور العظام من الرجعة وغيرها فقال : ان هذا الذي تسألوني عنه لم يأت لدناه , قال الله عز وجل : (( بل كذبوا بما يحيطوا بعلمه ولما يأتي تأويله )) تفسير العياشي ج2 ص122 , أليس من المفترض بكم ان تكونوا عالمين بعظائم الأمور خاصة وانتم تدعون الاتصال بالإمام المهدي مكن الله له في الأرض وان أهل البيت عليهم السلام كما سبق وان قلنا أمرونا بأن نسئل المدعي عن عظائم الأمور وأين انتم من العلم بالتوسم الذي دلت الروايات الشريفة على انه من مختصات الإمام وأصحابه كما جاء في الرواية الشريفة الواردة عن الباقر عليه السلام : (( كأن انظر الى القائم عليه السلام  وأصحابه في نجف الكوفة كأن على رؤوسهم الطير , فنيت ازو ادهم  وخلقت ثيابهم متنكبين قسيهم قد أثر السجود بجاههم , ليوث في النهار رهبان في الليل ,كأن قلوبهم زبر الحديد , يعطي الرجل منهم قوة أربعين رجلاً ويعطيهم صاحبهم التوسم , لا يقتل احد منهم الا كافراً او منافقاً فقد وصفهم الله بالتوسم في كتابه ( ان في ذلك لآيات للمتوسمين ) بحار الأنوار ج52 ص286 فأن كان صاحبكم الذي تدعون انه هو اليماني فأين هو علمه بالتوسم يا ترى ؟ وأين علمه فيما يتعلق بالعلم الحديث من نظريات وما شابه ذلك , وأخيراً نقول أن هذه الحركة باطلة ومنحرفة عن الحق وأهله وعلى صاحبها التوبة والرجوع الى الله عز وجل والإنابة الى طريق الحق والهدى وان كان صادقاً في ما يدعي وانه هو اليماني الموعود فعليه ان يرى الناس صورته ويعرفهم مواصفاته وكم يبلغ من العمر , فالمعلوم ان لليماني صفات جسما نية وانه يخرج في سن معين من العمر وكل ذلك وفقاً للأحاديث والروايات الشريفة الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العدد الثالث عشر

العدد الثالث والثلاثون