العدد الرابع والاربعون
منار القران
نظرية الحقائق الآياتية في القران
إن معرفة الشيء تكمن في معرفة حقيقته ، ولا يمكن معرفة هذه الحقيقة من خلال المعنى الظاهري أو الوصف الخارجي لذلك الشيء دون عملية الربط بين الموجودات ، ولا تتحقق هذه المعرفة قبل الوصول إلى أعماق هذا الشيء ومدى الارتباط الحاصل بين حقيقته وبقية حقائق الأشياء الأخرى ، وليس باستطاعة الجميع اكتشاف هذه الحقيقة أو القدرة على سلوك طريق سر معرفتها ، بل إن الأمر يدخل في باب الخصوص وليس العموم .
ان كتاب الله عز وجل هو الحقيقة الكاملة التي تحتوي على حقائق الأشياء ، وذلك واضح في قوله تعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) النحل 89 ، وقوله تعالى (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) الأنعام 38 ، وقوله تعالى (وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) الأنعام 154.
ومن خلال هذه الشمولية تكون معرفة الأشياء على حقيقتها ، وربما إن القرآن متكون من آيات قرآنية مجتمعة على شكل سور ، فتنقسم هذه الحقائق على تلك الآيات وهذه النظرية ( نظرية الحقائق الآياتية في القرآن) قائمة على أن كلام الله عز وجل المكون لهذه الآيات القرآنية له حقائق في الخارج ، وهذه الحقائق تختلف من آية الى أخرى .
ولكن ما معنى كلام الله ؟ هل هو مثل كلامنا كما يقول البعض ؟ أم ان كلام الله نفسي كما قالت الأشاعرة ؟ وانه ( الكلام ) ذو معنى واحد بسيط ؟
الجواب : كلا ، لا هذا ولا ذاك لأن له موجودات ومدلولات في الخارج ، ولا بد من هذا الأمر لأن الموجود في الكتب لايعطي المعنى الشامل للوجود.
وهنالك آيات عديدة تؤكد بأن كلام الله وجودي:
قال تعالى (أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ) آل عمران 39.
وقال تعالى (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) آل عمران 45.
وقال تعالى (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) النساء 171.
ويتوافق ذلك مع قول الصادق (ع) : ( إن الله إذا تكلم أوجد ) وفي رواية أخرى : ( ان كلامه نور ) إذن فالوجود نوراني ، وقد جاء في بحار الأنوار ج10 ص324 عن الامام الرضا (ع) في كلام طويل : ( ... ثم ركب الحروف وأوجد بها الأشياء وجعلها فعلاً منه كما قال (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) ، وقد ورد عن السكوني عن ابي عبد الله (ع) قال : قال رسول الله (ص) : ( إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) الكافي ج1 ص69.
ان الله اذا تكلم أوجد ، والله يتكلم في كل سنة في ليلة القدر ، فكل ليلة قدر ينزل كلام من الله عز وجل والقرآن يتجدد في كل ليلة قدر ، وكما اثبتنا ذلك في نظرية تجدد القرآن في العدد (30) من هذه الصفحة ، فقد أثبتنا حينها بأن القرآن ينزل في كل ليلة قدر على قلب المعصوم لكونه حادث متجدداً وله تأويلات ووجوه عديدة لا يعلمها الا الوصي ، واذا رُفعت ليلة القدر رُفع القرآن ، أي هناك حقائق ملكوتية للقرآن تبقى تجري متواصلة بين السماء والارض ، وهي جارية ومتواصلة ببقاء المعصوم ، وبموت المعصوم يُرفع القرآن ، حيث ورد في الحديث عن رسول الله (ص) انه قال : ( اذا مات المهدي رفع القرآن ) وقد ذكر أيضاً في علامات الساعة الكبرى فقال (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن ) الدر المنثور ، فيكون رفع القرآن برفع ليلة القدر التي هي باقية ببقاء المعصوم ورفع الحقائق الملكوتية الجارية بين السماء والارض والتي هي كالجبل الممدود ، وهذا لا يتم الا بعد موت المعصوم ، لذلك أكد رسول الله (ص) في أحاديثه الشريفة على عدم افتراق الثقلين ( القرآن والمعصوم ) حتى يردا الحوض.
ولقد توصل العلم الحديث الى وجود كهرومغناطيسية بين السماء والارض ، وتحت طبقة الاوزون محفوظة كميات كبيرة منها ، والكون كله محاط بالكهرومغناطيسية وقد أثبتت أحدث الدراسات الى ان أقوال الانسان وأفعاله لها كم ، وان الكلام اذا خرج من الفم يبقى محفوظاً تحت طبقات الاوزون حتى ولو مرت عليه آلاف السنين ، وإذا ما إستطاع الانسان في يوم من الايام من إيجاد أجهزة متطورة تستطيع تحليل الشحنات الصوتية الموجودة في الجو الى كلام بصورته الاصلية حينما صدر من قائله ، فأنه بذلك يستطيع اكتشاف الكثير من الحقائق ومعرفة الامور الخافية علينا . كما ان الاصوات لا تنتقل الا عبر الكهرومغناطيسية واذا عرجنا على ( النظرية الوجودية ) متسائلين : هل الوجود يتكرر ؟
قد أجمع الفلاسفة على ان الوجود لا يتكرر ، وذلك لأن الوجود فيه زمان ومكان ، والامر الاهم هو الزمان ، فارتباط الزمان معه باعتبار ان الزمان لا يعاد ، فلا يمكن إعادة الزمان ، فلما ان الوجود ( آنات ) فياتي الآن ومعاه زمن ، فعندما تريد إعادة الآن فيجب عليك إعادة الزمن والزمن لا يعاد ، وبالتالي فالوجود لا يتكرر .
وبعد أن ثبت بأن كلام الله وجودي ، وان الوجود لا يتكرر اذن فآيات الله لا تتكرر ، فهناك حقائق للآيات فكل آية لها حقيقة ثابتة تختلف عن غيرها ولا يمكن تكراراها ، فقوله تعالى في سورة الرحمن (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الاولى تختلف عن الثانية والثانية تختلف عن الثالثة وهكذا ، وليس كما يذكر المفسرون بأن قوله (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) هي متكررة وتعطي نفس المعنى والتفسير ، ولو أخذنا بكلامهم فذلك التكرار بعينه ، وهو يناقض الحكمة الالهية ، لأن الله سبحانه وتعالى في هذه الحالة كانه يُعيد ويكرر الامر ، وهو يتعارض أيضاً مع قول الامام الصادق (ع) : ( ان الله اذا تكلم أوجد ).
نحن نقول في هذه المسالة هنالك بُعد رابع كما أثبته انشتاين وهو ( الزمكاني ) ، فالزمان والمكان يتحكم فيها وفي حقائقها المستخلصة في الخارج ، فالزمن يِؤثر في الكلام لتغيره وتفاوته على الكلام ،
بالتالي فأن الزمان هو الذي يؤثر تاثيراً مباشراً في حقائق تلك الايات ، ولا يمكن الاستغناء عن الزمن ، لكونه موجود في الآيات وموجود في الكلام ، وهذا الامر يؤكد لنا صحة ما توصل اليه العالم من ان الكون كله محاط بالكهرومغناطيسية ، اذن فالحقائق التي فيه لا يمكن ان تتكرر ، والقرآن غير ممكن ان يتكرر ، فآياته غير متكررة وان كانت متشابهه في الظاهر وهي نفس اللفظ والمعنى ، لكن حقائقها في الخارج تختلف من آية الى اخرى .
لو عدنا الى تاريخ علم النحو لوجدنا ان اول من اكتشف هذا العلم هو الإمام علي (ع) وهو صاحب علم الكتاب ، والنحو يعني القصد ، فأن أمير المؤمنين (ع) عندما أعطى كتابه لأبي الأسود الدؤلي فقال له : ( خذ هذا الكتاب وانحو ) أي اقصد ، وقد ورد عن محمد بن سلام الجمحي : ( إن أبا الأسود الدؤلي دخل على أمير المؤمنين (ع) فرمى إليه رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام ثلاثة أشياء اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ، فالاسم ما أنبا عن المسمى ، والفعل ما انبأ عن حركة المسمى والحرف ما أوجد معنى في غيره ... ) الفصول المختارة ص91.
أي ان ما في الكون اما اسم او فعل او حرف ، وذلك حتى تركيبته الكيميائية والفيزيائية ، ولو أردنا تفصيل افعال البشر وأسماء الموجودات وادوات الربط ( الحروف ) فلا يوجد غيرهن ابداً في كل الكون ، فهذه المعادلة الكونية تمثل جميع الموجودات في هذا الكون الفسيح . وأما الحركات ( حركات الحروف ) فان فيها نغمة وجودية . قال تعالى (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الرعد 2 . والامام الصادق (ع) يقول لربما عمد ولكن لا ترونها ، وقوله تعالى (وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) الحج 65 . لماذا ان الله تعالى امسك السماء ان تقع على الارض ؟ لأن كل شيء يُرفع يقع حسب قانون الجاذبية ، فيحتاج يرفعه اي يضمه فجعل علامة الضم للرفع ، وهذه نظرية فيزيائية نعيشها في الوجود ، وكل شيء ينصب يفتح عادة ، فعندما نقول : فلان ينصب الخريطة اي يفتحها وفلان ينصب الخيمة اي يفتحها ايضاً ، وبذلك فكل النصب يعني الفتح ، وبذلك تتبين العلاقة بين النصب والفتح ، وكل شيء يُجر يُكسر ، وبالامكان ملاحظة ذلك في تكسر ذرات المواد او تكسر الكريات وغير ذلك عند جرها ، وكل شيء يقف فهو ساكن ، وكل شيء يجزم فهو واقف فالجزم علامة الوقوف . ان هذا الارتباط العجيب بين هذه الحركات وتلك النغمات الوجودية في الخارج لم يأتي من فراغ بل هو دليل على الوجود الخارجي لتلك الحركات ، وهذا يؤكد قولنا بأن لكلام الله تعالى حقائق ومدلولات خارجية ثابتة تختلف الواحدة عن الاخرى ، وبالتالي فعندما يقول (حبل ممدود من السماء الى الارض ) هي ليست هذه السماء بل المقصود منها كل السماء ، وهذا الحبل هو من الله الى المعصوم ، وهذا المدد سوف ينزل من السماء الى الارض فيغيرهم ثم يصعد لينزل في ليلة القدر من العام التالي وهكذا ، ويتبين من ذلك ان الذي ينزل في ليلة القدر من افعال البشر واقوالهم هو من القرآن لأنه تقدست آلائه يقول (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) الانعام 38 ، وقوله (وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) الانعام 154 ، وقوله (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) النحل 89 ، فان هذه الافعال والاقوال هي من صنع الله وايجاده وبالتالي فهي مذكورة في كتابه جل وعلا ، وذلك ليس بمعنى الجبر ولكن بمعنى التقدير الذي قدره الله عز وجل . قال تعالى (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)الطلاق3. وقد ورد عن الامام الرضا (ع) قوله : ( ... ان افعال العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين ( والله خالق كل شيء ) ولا نقول بالجبر والتفويض الخبر ) بحار الانوار ج5 ص30.
إذن فالقرآن هو نفسه الأفعال المكتوبة والحقائق الملكوتية التي تسبح بين السماء والأرض والتي تخضع للتقدير الإلهي وبالتالي تتم عملية النزول في كل ليلة قدر ، فنزول القرآن هو نزول التقدير ، أي بمعنى آخر : إن كل ما مقدر عند الله تعالى هو نفسه الكتاب ، فنزوله واحد لكن الموجودات مختلفة ، فنزوله يكون على شكل حروف ، وهذه الحروف فيها عمق كبير ، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) قوله : ( إن لكل حرف حد ومطلع ) أي أن هذا الحرف يختلف عن الحرف الذي يليه فكل منهما له أثره ومعناه ، ويختلف هذا الحرف من كلمة إلى أخرى وهو ليس بالمعنى اللفظي المنطوق أو المسموع بل المعنى الذي يكمن في الحرف نفسه والذي تتحكم فيه عدة عوامل تجعل الحرف يعطي معناً واضحاً يسهل ويفصل التفسير ويبين المعنى الواضح للكلمة الواحدة من الآية وبالتالي معرفة تفسير الآية واكتشاف حقيقتها الماثلة في الكون وفق نظام دقيق ومتوازن لا يقبل الخطأ مطلقاً حيث يجعل من معنى مفردة واحدة في القرآن يؤدي إلى شرح مفصل ومسهب . بل الحرف الواحد يطول بيانه وبيان حقيقته الكونية إلى ساعة كاملة ، حيث ورد في بحار الأنوار ج89 ص104 ، عن محمد عبد الواحد في كتابه بإسناده عن علي بن أبي طالب (ع) قال : ( يا أبا عباس إذا صليت عشاء الآخرة فالحقني إلى الجبان. قال فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة قال فقال لي : ما تفسير الألف من الحمد ، قال : فما علمت حرفاً أجيبه . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، قال ثم قال لي : فما تفسير اللام من الحمد ؟ قال قلت : لا اعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامة . قال ثم قال : فما تفسير الميم من الحمد ؟ فقلت : لا أعلم . قال فتكلم فيها ساعة تامة . قال ثم قال : ما تفسير الدال من الحمد ؟ قال فقلت : لا أدري ، قال : فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر . قال فقال لي : قم يا أبا عباس إلى منزلك وتأهب لفرضك . قال أبو العباس عبد الله بن العباس فقمت ووعيت كل ما قاله ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المتفجر) . وبإمكانك عزيز القارئ مراجعة نظرية التفسير الحرفي للقرآن في العدد (13) من صفحة (منار القرآن) لمعرفة المزيد من الحقائق المهمة في هذا المجال . إذن يمكننا بالمعرفة الحقة لكتاب الله عز وجل معرفة حقائق آياته وبذلك معرفة مجمل حقائق الكون العلمية المحسوسة وغير المحسوسة المكتشفة والتي لم تكتشف بعد . وهذا لا يتم إلا من خلال المعصوم الذي يستطيع استقبال هذا الفيض النوراني الهائل ، ولن تتبين مجمل هذه الحقائق المرتبطة بآيات القرآن على المستوى الواضح للناس إلا في دولة العدل الإلهي ، فإن الإمام المهدي (ع) يبث هذه العلوم والحقائق للناس . فقد ورد عن إبان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : ( العلم سبعة وعشرون حرفاً فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً ) البحار ج52 ص336 . ولا يستطيع أحد أن يتصدى للفتيا بكتاب الله عز وجل إلا من كان من أهله وعارفاً بحقائق آياته ، أو من يتصل بأهله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) . فقد ورد عن شبيب ابن أنس عن بعض أصحاب أبي عبد الله (ع) في حديث أن أبا عبد الله (ع) قال لأبي حنيفة : (أنت فقيه أهل العراق ؟ قال : نعم ، قال : فبم تفتيهم ؟ قال بكتاب الله وسنة نبيه (ص) . قال : يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال : نعم ، قال : يا أبا حنيفة لقد ادعيت علماً ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا محمد (ص) وما ورثك الله من كتابه حرفاً .... ) وسائل الشيعة ج27 ، ص47.
الموعود
سنن المهدي من الانبياء
سنته من موسى(ع)
الغيبة
كثر التشنيع على الشيعة بسبب ايمانهم بغيبة الامام المهدي (مكن الله له في الارض ) وراح اعدائهم ومناوءيهم يتهمونهم من دون اي ورع او خوف من الله عز وجل وغضوا الطرف عما جاء في كتاب الله تبارك وتعالى من الايات الدالة على غيبة بعض الانبياء والرسل (عليهم السلام) وماجاء في السنة الشريفة من احاديث وروايات اثبتت غيبة بعض الانبياء والرسل (عليهم السلام) ومن الانبياء الذين كان لهم غيبة عن اقوامهم هو كليم الله موسى بن عمران عليه السلام فقد اخبرنا المولى تبارك وتعالى في كتابه عن غيبة موسى وتركه لاهله ووطنه وذهابه الى مدين وبقائه هناك لعدة سنوات الى ان عاد بعد ذلك وخلص بني اسرائيل من ظلم فرعون وملاءه قال تعالى {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى }طه40
اما الاحاديث والروايات على غيبة موسى كثيرة نذكر منها ما جاء عن سعيد بن جبير عن سيد العابدين عن ابيه سيد الشهداء الحسين بن علي عن ابيه سيد الوصيين امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) قال : قال رسول الله (ص) : لما حضرت يوسف الوفاة جمع شيعته واهل بيته فحمد الله واثنى عليه ثم حدثهم بشدة قتالهم تقتل فيها الرجال وتشق فيها بطون الحبالى وتذبح الاطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب وهو رجل اسمر طوال ونعته لهم بنعته فتمسكوا بذلك ووقعت الغيبة والشدة على بني اسرائيل وهم ينتظرون قيام القائم اربعمائة سنة حتى اذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره واشتدت البلوى وحمل عليهم بالحجارة وطلب الفقيه الذي كانوا يستريحون الى احاديثه فاستتر وارسلهم فقالوا : كنا مع الشدة نستريح الى حديثك فخرج بهم الى بعض الصحاري وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الامر ، وكانت ليلة قمراء فبينا هم كذلك حتى طلع عليهم موسى (عليه السلام) وكان في ذلك الوقت حديث السن قد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه واقبل اليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز فلما راه الفقيه عرفه بالنعت فقام اليه وانكب على قدميه فقبلهما ، ثم قال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى رايتك ، فلما راوا الشيعة ذلك علموا انه صاحبهم فأكبوا على الارض شكراً لله عز وجل فلم يزدهم على ان قالوا : نرجوا ان يعجل الله فرجكم ثم غاب بعد ذلك وخرج الى مدينة مدين فأقام فكانت الغيبة الثانية اشد عليهم من الاولى وكانت نيفاً وخمسين سنة).
ومن هذه الرواية الشريفة يتبين لنا ان موسى (عليه السلام) قد غاب عن قومه وانه كان يسمى عندهم القائم وانهم كانوا ينتظرون الفرج على يديه وهذا بعينه حاصل مع امامنا المهدي (عليه السلام) فهوا القائم المنتظر الذي غاب عن قومه وسيخرج انشاء الله فيملا الارض قسطاً وعدلاً بعد ان ملئت ظلماً وجوراً فالامام المهدي (عليه السلام) له سنة من موسى وهي الغيبة كما هو واضح وهنا ما بينته الرواية الواردة عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (ع) قال سمعته يقول (( في القائم سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت وما سنته من موسى بن عمران ؟ قال : خفاء مولده وغيبته عن قومه فقلت : وكم غاب موسى عن اهله ؟ قال : ثمانية وعشرين سنة )) معجم الملاحم والفتن ج4.
ماهي فريضة الحق المعلوم
بينا في العدد السابق من صحيفة القائم(مكن) وجود فريضة معطلة أسمها ((الحق المعلوم)) وقد أثبتنا ذلك بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة الشريفة وأوردنا على ذلك أدلة كثيرة من قبيل قوله تعالى : {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ }المعارج 24 25 ومن قبيل الرواية الشريفة الواردة عن ابي عبد الله (ع) انه قال (( ياعمار انت رب مال كثير ؟ قال : نعم ، قال : فتخرج المعلوم من مالك؟ قال : نعم ، قال : فتصل قرابتك ؟ قال : نعم فتصل اخوانك ، قال : نعم )) تفسير نور الثقلين ج 5. الا انه بقي ان نعرف ماهو هذا الحق وماهي هذه الفريضة التي كما يثبت من الرواية ان اصحاب الائمة وشيعتهم كانوا يعملون بها الا اننا اليوم لم نراها او نسمع احداً يعمل بها فلم يروا لها ذكر في الرسالة العملية للعلماء المقلدون ولم يذكرنا بها وكلائهم او الخطباء والمبلغين كما يذكروننا بوجوب الخمس والزكاة وما الى ذلك . الحق المعلوم هي فريضة فرضها الله عز وجل فيما فرض من الاحكام وهي متعلقة بالمال فهي واجبة فيمن عنده مال او كان صاحب مال وهي غير الخمس والزكاة والصدقات المستحبة بل هي فريضة قائمة بذاتها واجب العمل والاتيان بها وليس لها مقدار معين او نسبة بعينها انما هي مقدار او شيء من المال يجريه الرجل من ماله كيف ما اراد كان يجرجه كل يوم اوكل جمعة او كل شهر يصل به قرابته وارحامه والمحتاجين من عامة المؤمنين وتكون بحسب الطاقة والسعة وهذا كله يتبين من خلال الروايات المعصومية الشريفة الواردة عن أئمة الهدى (ع) فقد جاء في الرواية الواردة عن زين العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إنه قال :( الحق المعلوم شيء يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضة وهو الشيء يخرجه من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقل على قدر ما يملك يصل به رحماً ويقوي به ضعيفاً ويحمل به كلاًّ ويصل به أخاً له في الله أو لنائبة تنوبه ) تفسير الصافي ج5 - وعن أبي عبد الله (ع) إنه قال :( إن الله عزوجل فرض للفقراء في مال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها وهي الزكاة بها حقنوا دماءهم وبها سموا مسلمين ، ولكن الله عز وجل فرض في أموال الاغنياء حقوقاً غير الزكاة فقال عز وجل ( في أموالهم حق معلوم ) وهي شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله فيؤدي الذي فرض على نفسه أن شاء كل يوم وان شاء في كل جمعة وان شاء في كل شهر ) تفسير البرهان ج5 . فمن هذه الروايات وغيرها يتبين لنا وأضحاً الأمور التي ذكرناها آنفاً حول هذه الفريضة المعطلة ونجملها الآن على شكل نقاط لتتم الفائدة:
1- الحق المعلوم فريضة من فرائض الله تبارك وتعالى وهي واجبة فيمن عنده مال.
2- إن هذه الفريضة غير الخمس والزكاة والصدقات الأخرى .
3- ليس لها مقدار ثابت أو معين بل تكون بحسب الطاقة والسعة فهي شيء من المال يفرضه صاحب المال في ماله أي إنه هو من يحدد المقدار ويخرجه باختياره في كل يوم أو كل اسبوع أو كل شهر .
4- تعطى للمحتاجين من الأقارب والأرحام أو صاحب نائبة أو أخاً له في الدين .
ونحن بدورنا ندعوا المؤمنين والمسلمين كافة لأحياء هذه الفريضة الألهية المعطلة والعمل بها والله ولي التوفيق
مثل الزؤان
من أمثال السيد المسيح
قال تعالى : {وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }إبراهيم - هكذا كانت الكتب السماوية تتحدث مع الناس بالأمثال فالمثل سهل الفهم والحفظ ، والناس يقبلونه ولا يرفضونه وهذه هي حكمة المولى تبارك وتعالى وهذا ما جرى عليه القرآن حتى قال المسلمون إن القرآن نزل بطريقة ( إياك أعني واسمعي يا جارة ) وهكذا كان عيسى عليه السلام يفعل مع حواريه وأتباعه فقد كان غالباً ما يتكلم بالامثال وقد احتوت الاناجيل التي بين أيدينا اليوم على الكثير من الامثال التي تظهر فيها الحكمة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ومن هذه الامثال مثل القمح والزؤان فقد جاء فيه : ( قدم لهم مثلاً آخر قائلاً يشبه ملكوت السماوات انساناً زرع زرعاً جيداً في حقله ، وفيها الناس نيام جاء عدوه وزرع زؤاناً في وسط الحنطة ومضى ، فلما طلع النبات وصنع ثمراً ، حينئذٍ ظهر الزؤان ايضاً . فجاء عبيد رب البيت وقالوا له : يا سيد ، أليس زرعاً جيداً زرعت في حقلك ؟ فمن أين له زؤان ؟ فقال لهم : انسان عدو فعل هذا . فقال له العبيد : أتريد ان نذهب ونجمعه ؟ فقال : لا لئلا تقلعوا الحنطة مع الزؤان وانتم تجمعونه دعوهما ينميان كلاهما معاً الى الحصاد ، وفي وقت الحصاد أقول للحصادين : اجمعوا اولاً الزؤان وأحزموه حزماً ليحرق ، واما الحنطة فأجمعوها الى مخزني ) متى 18-19.
ثم بعد برهة من الزمن طلب الحواريين من عيسى تفسير مثل الزؤان فقال : ( الزارع الزرع الجيد هو ابن الانسان . والحقل هو العالم .والزرع الجيد هو بنو الملكوت . والزؤان هو بنو الشرير . والعدو الذي زرعه هو ابليس . والحصاد هو انقضاء العالم . والحصادون هم الملائكة . فكما يجمع الزؤان ويحرق بالنار . هكذا يكون في انقضاء هذا العالم . يرسل ابن الانسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاشر وفاعلي الاثم ، ويطرحونهم في اتون النار . هناك يكون البكاء وحديد الاسنان حينئذٍ يضيء الابرار كالشمس في ملكوت أبيهم من له اذنان للسمع ، فليسمع ) متى 19.
ان هذا المثل وشرحه يتحدث عن آخر الزمان ونزول المسيح عليه السلام حيث يقوم بالتمهيد والاعداد لاقامة دولة العدل الالهي في ذلك اليوم الموعود حيث القيامة الصغرى وقيام الامام المهدي مكن الله له في الارض فان معنى ابن الانسان كما أثبتنا سابقاً هو وزير الامام والممهد الرئيسي له الذي يكون مسدداً بروح عيسى بن مريم عليهما السلام فهو من سيقوم بعمل الزراعة والحقل هو المناطق التي ينشر فيها دعوته ويقوم بالتمهيد فيها أما الزرع الجيد فهم الانصار من المؤمنين الممحصين الذين يكونون ثمرة ونتاج عمله ودعوته اما الزؤان فهم المتشبهون بالانصار والذين يظهرون النصرة ودواخلهم مليئة بالنفاق فهم في الواقع ليسوا من اتباع ابن الانسان بل هم اتباع الشيطان فهو الذي اوجدهم وجعلهم في وسط الزرع الجيد ( الانصار ) والحصاد هو وقت قيام الامام المهدي عليه السلام حيث يمتاز المؤمنون من المنافقين اما الحصادون فهم جيش الامام المهدي عليه السلام الذين وصفتهم الروايات الشريفة بالامة المعدودة وبجيش الغضب وهم العشرة الاف رجل الذين يخرج بهم الامام من مكة المكرمة لفتح العالم أجمع . أما نهاية هذا المثل فهي تتحدث عن مصير الزؤان هؤلاء الرجال المنافقين الذين صنعهم ابليس وبثهم بين المؤمنين من انصار الامام المهدي عليه السلام حيث يأمر الامام حينها انصاره المخلصين بعد ان يمتحنهم فيظهر الطيب من الخبيث ويمتاز المؤمنون من المنافقين بقتل المنافقين جميعاً وارسالهم الى الجحيم حيث العقاب الشديد من قبل الملك الجبار . ومن هنا يتبين لنا بوضوح مقدار هذه الحكمة واهمية هذا المثل الذي نطق به عيسى عليه السلام فبعد مضي الفي عام ما زال هذا المثل غضاً طرياً يحمل في سطوره الكثير من الابعاد ويتحدث عن الكثير من المضامين المهمة في قضية الامام المهدي مكن الله له في الارض ومن هنا فعلينا الاهتمام قدر الامكان بما جاء في الكتب السماوية خاصة بما في كتاب الله تعالى الذي انزله على نبيه المصطفى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين والحمد لله رب العالمين.
المقاومة الفكرية
ان التحصين الفكري السليم البعيد عن التعصب الاعمى يمثل اللبنة الاولى
لتكوين اساس ثقافة المجتمع المسلم التي بواسطتها يكون سلاح مقاومة الفكر المعادي فعالاً في جميع الاحوال
أجور شهرية بمئات الآلاف أو تزيد
ولا يزال يستجدي
الغريب ونحن نعيش ما يسمى الديمقراطية والحرية نجد أن حالات الاستجداء طالت كبار موظفي الدولة قبل صغارها ليكون غير مقتصراً على ذوي النفوس الضعيفة إلا ما رحم ربي من المتسولين ليصل في ذروته إلى مؤسسات الدولة بشكل تام لتندرج ضمن قوائم الرشوة والفساد الإداري بعنوان براق ( حك الغدا أو حك المصرف) ولا يمكننا نكران أن تفشي هذا المرض الجذامي غير موجود فيما مضى بل كان متغلغلاً بشكل سافر لكن بعد عصر النهضة الحرية الأمريكية في العراق استفحل بصورة لا يمكن القضاء عليها فنلاحظ إن الطبيب والقاضي والشرطي والأستاذ الجامعي والجندي والوزير والى ما لا نهاية يقفون تحت ذاك الشعار (حك كذا) ومثال على ذلك لا الحصر حين تمر بإحدى نقاط التفتيش التي لا تعد ولا تحصى المتوقفة عند تقاطعات الطرق وبداية الشوارع والأزقة أو الجسور أو الساحات المكتظة بالسير مع ساعات الدوام الأولى مخلفة في طوابيرها الطويلة الإرباك المتعمد والتأخير وغيره مما يعرفه المجتمع, ويستوقفنا رجل الأمن ليستفسر عن الأوراق الرسمية والمتعلقات الأخرى فاتل عضلاته المملؤة بالفراغ لا غير مستعرضا أمام الأمهات والأخوات فلا نريد التضييق عليه لان هذا بكل الأحوال هو واجبه بلا أدنى شك والكل حسب ما نراه متعاون معه حبا أو خوفا وهكذا ليسهل مهمته لكننا نفاجىء بأمر كثر نظيره هذه الأيام حيث كنا نتصور لأخر وهلة انه اندثر باندثار مسبباته من بقايا مخلفات النظام المخلوع, لكن المفاجأة حين يتحجج هذا صاحب الأمن أو بالا حرى يتملق وتارة بأسلوب الوعيد والتهديد ليستجدي مبلغا غاية في التفاهة على سبيل الرشوة أو ما متعارف عليه وفق مبدأ المتسولين بـ( حك كذا) واللبيب تكفيه الإشارة وهنا المفارقة في كونك لم تلبي مطلبه وفق ما يستجدي به فانه حتما سيدرج مسمياتك ضمن قوائم الإرهاب, وفي احتمال أخر في اقل تقدير قد يعتدا عليك بالشتم والضرب والخ... إما القضاء فحدث ولا حرج ( فإذا كان رب البيت للدف ناقر فكيف شيمة أهل البيت؟! الرقص والطرب) فكلنا متعايش مع الموقف ويدرك جوانبه بدقة متناهية بان الفساد إذا ما وصل إلى القضاء, ضاع الحق واختلط الحابل بالنابل وعلى الدنيا السلام فإذا كان حال القاضي فاسداً فما حال من يتبعه؟!!.أما التدريسين الجامعيين وغيرهم باختلاف المستويات والدرجات ونحن في موسم الحصاد الأكبر بالنسبة لهم الذي يمثل الريع للجهد السنوي الذين يبذلونه هؤلاء أصحاب أسمى مهنة إنسانية وأخلاقية تربوية فهذا الربح أو الريع ربما لصاحب الخلق الرفيع يلمسه نتيجة مبهجة ويسر كونه قدم لو الشيء اليسير للإنسانية ليخرج أجيالا يفتخر بها لكن نقيضه من الجهة الأخرى يغتنمه فرصة ذهبية وقارورة العسل التي لا تنفذ من خلال ضغطه المتواصل على الطلبة بأساليب يتفنن بابتكارها للاستفزاز والاستغلال وغيرها من الشواذ الأخلاقية المتنافية لشرع الله وتكوين خليقته لكن يبقى جدال طويل ومحور أساس في هذا التسول العصري هو أين تذهب الأجور المرتفعة إلا تسند بطونهم النتنة بعض الشيء أم إن السحت يسري في عروقهم وأين الرقيب عن هذا والى متى ستبقى حالة الاستجداء ( الرشوة) في المجتمع وأين أمسى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهل صار أصحاب الكفاءات ذوي المرتبات المرتفعة بعد أن كانت مرتباتهم في زمن الطاغية لا تكفيهم معاش ليوم واحد ليكونوا اليوم من يزاحم المتسولين في الشوارع و ( الترفك لايت) على لقمة عيشهم وبدلا من إن يحارب التسول بدأنا نستحدث وحدات خاصة في مؤسساتنا خاصة بتدريس وتهيئة الأجيال وفق طريقة علمية حديثة تهتم بالتسول والرشوة المعاصرة الرأسمالي ولعله يأتي يوم الكل يستجدي و يرتشي بطرق خاصة تضمن لهم حقوق الابتكار في هذا المجال.
فرعون وامريكا والمهدي
على حد قول (( ((شوارتز)) إن نظام الرقيق اختراع أخر من اختراع العجلة أو العتلة )) ، كيف لا وان وجود العبيد بكثرة كان يغني عن الحاجة إلى اختراعها .. أي فما إن وجد المستضعفين انتفت حاجة الأسياد إلى اكتشاف ما يخفف عن كاهلهم. وهكذا على أشلاء العبيد شيد الفراعنة اهراماتهم التي تعد عجباً من عجائب الدنيا السبع لروعة بنائها وفنون عمارتها وأسرارها الخفية، اهراماتهم التي باتت يفتخر بها على إنها معلماً وصرحاً حضارياً يذكر بأمجاد الفرعون ومعجزته بالبناء بيد إن الالتفات إلى من شيدوا هذا الصرح بدمائهم وأرواحهم التي زهقت زرافات زرافات تحت وطيس اللوعة والشدة والشمس المحرقة لم يلتفت إليها حيث نقل العبيد ((ثمانمائة مليون صخرة)) من أسوان حيث السد العالي إلى القاهرة حيث الاهرامات التسع وكانت تزن الصخرة الواحدة طنين تقريباً نقلوها بمسافة ((980كيلومتر)) على مدى ((مئة وثلاثون عاماً)) من العمل اليومي المتواصل ليشيدوا مجد الفراعنة على مدى القرون اللاحقة !!! وفي الوقت الذي يعلو البنيان فيه تحفر الأخاديد على بعد ((400-500))متر من بناء الاهرامات ليدفن فيها الآلاف من العبيد أشلاء تحت الصخور ليصل عددهم ((ثلاثون ألفا)) من الضحايا فعلى بعد أقدام يدفن الشهيد بجوار الجلاد وهذه الأقدام غالبا ما تكون هي المسافة بين الجلاد والشهيد! هكذا بصرت النور الصروح الشامخة صخرة صخرة لبنة لبنة من دماء الأحرار من أسلافي ! هكذا بني مجد الفراعنة.
هكذا هو مجد أمريكا اليوم..يبنى على أشلاء ودماء ولحوم وعظام الشهداء من أمتي والآخرين..فيوم باسم الإرهاب تغزو البلدان الإسلامية وأخر باسم الحرية والديمقراطية تغزو العراق وغدا تحت مسميات مبتدعه أخرى تواصل مشروعها إلى البلدان الآمنة الأخرى..فكل يوم ترفع أمريكا صرحها على أعتابي وأعتاب أخواني على أشلائهم فباسم الديمقراطية الأمريكية المبتدعة يذبح أطفالنا وباسم الحرية يحرق شبابنا وباسم التحضر تستباح حرماتنا وتنتهك مقدساتنا وباسم العراق ترفع أمريكا صرحها وأرصدتها..تشيد مجدا على أعتابي وتسطر معا جزا على لظى زفراتي .. هذا بلدي الجريح هذا وطني الشهيد.. اليوم أخاف على وطني أن يكون أشلاء يبنى عليها مجد فرعون أمريكا ويعيد التاريخ ماساته، إذن كل صرح عظيم مالم يكن شيد لله عنوانه((شيد على أشلاء الضعفاء)) ارتوى وشهق علوه من دماء وأجساد المستضعفين من أمتي، فتلك الاهرامات وهذه أمريكا ما بنيت إلا من خلايا الفقراء وأنسجة لحومهم وفتات عظامهم.. ولكن الله يبشرنا بمآل أمريكا خير بشارة وان أمره لمحتوم، فكما إن فرعون علا في الأرض وادعى الربوبية حيث ردد قوله((أنا ربكم الأعلى)) تكرارا ومرارا وهو يحي ويميت ويمسك رزق العباد وقوتهم والتحكم بمصيرهم انزل الله به العذاب والبوار حيث قال سبحانه وتعالى((وان فرعون لعال في الأرض وانه لمن المسرفين)) وهذا مصير كل جبار عنيد .. فاليوم أمريكا حدت حدو فرعون في تملك الشعوب والتحكم بأقواتها واستباحت حرماتها وحرائرها وسفكت دمائها واستحيت نسائها ورددت قول فرعون ((أنا ربكم الأعلى)) فسيحيق الله بمكرهم ويمدهم بطغيانهم يعمهون كما أمد فرعون بجبروته وطغيانه ويهلكها كما اهلك فرعون إن وعده قريب إن شاء الله.. ويبشرنا الله بخير بشارة بصرح عظيم يبنى على أكتاف عباد الله المخلصين وعبيده الطائعين صرح علوه المجد ونسيجه الإسلام وأركانه الشهادة صرح الإمام المهدي ((ع)) الذي يشده على أشلاء الطغاة لا العبيد المستضعفين ليجعل من عباد الله أسياد الأرض وقوادها في دولة الإمام الإسلامية المهدوية كما في وعده سبحانه وتعالى((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)) إنهم يرونه بعيدا ونراه قريباً انشاءالله... هذا الصرح الذي يتناقض مع كل الصروح السابقة التي شيدت لبناتها على رفات العبيد الفقراء ليعلو شان الجبابرة الطغاة ، أما صرح الإمام(ع) يبنى على رفات الجبابرة والطغاة ليعلو شأن عبيد الله الفقراء ليغنيهم الله من فضله فأن وعده حقا وصدقاً كما قال سبحانه وتعالى((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون...))
الذهب الأسود بالمثقال
صفوف على امتداد الطريق أينما وجدت محطات تعبئة الوقود متضمنة أعدادا لا تحصى من المركبات المتوقفة لساعات طويلة وربما لأيام تحت حرارة السعير اللاهب في انتظار الوصول إلى دورهم لأخذ جزء من ثروة النفط البعيد المنال ليسد به حاجته من وقود مركبته أو مولدة المنزل والكل يتأمل أن يرأف بحالهم احد, فمن وزير النفط إلى اقل مرتبه في وزارته المتواجدون لخدمة المواطن لكن بات الأمر غير ذلك ليسري مفعول المثل القائل(حاميها حراميها) في مجال عمل الوزارة متذرعين بأعذار واهية لا يمكن السكوت عليها حيث تفاقمت الأوضاع أولا برفع أسعار الوقود بأنواعه أدى بالنتيجة إلى رفع الأسعار في كل قطاعات الحياة لأنها على ارتباط وثيق بالوقود مدمرة بذلك الاقتصاد الوطني ولا تزال وزارة النفط إلى هذا اليوم مستمرة برفع الأسعار حسب تصريحات مسئوليها مرضية بذلك الأطراف الخارجية ومتجاهلة أصحاب الشأن من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة ويا ترى إذا ما ارتفعت أسعار المحروقات أكثر من هذه التسعيرة الموجودة فإلى أي حال سيصل مستوى المعيشة بالنسبة لذوي الدخل المحدود؟! وما هو ملاحظ أن وزارة النفط حين تتخذ قراراً في هيكلية رفع قيمة أسعار المنتجات لا تعد أو تهيئ خطة تنموية اقتصادية تدرس من خلالها إستراتيجيات السوق والوضع العام لذلك وكما هو معروف فأن اتخاذ القرارات بحاجة إلى أصحاب الخبرات والاختصاص لا لكل من هب ودب لتتناسب مع متطلبات الظرف الراهن إما النقيض الأخر في محطات الوقود لما يرتكبه مدراء تلك المحطات من سرقات وتجاوزات على الحق العام ووصل الحال إلى العاملين وكذلك حراس الأمن فيها باستغلالهم مناصبهم لتزويد الأقارب وتجار الوقود (البحارة) فقط فهذا ابن عمي وهذا ابن الأخت وهذا من الجهة الفلانية أو العلانية ومن هذا المال حمل الجمال!! ويبدو ان سعر عبوة البنزين أو غيره ستصل إلى أسعار خيالة وقد تصبح تقدر بالمثقال وبدلا من أن تشتري الناس ذهبا اصفر لتحفظ به لوقت الحاجة سوف تشتري مثاقيل من النفط الأسود لتحرقه في مواقد المنازل أو مولدات الكهرباء أو سياراتهم وتبقى وزارة النفط ترفع الأسعار وموظفيها المستفيدون من خلال السرقة والأرباح والمواطن المظلوم يبقى المتفرج الوحيد على هذه المهزلة
اصولية الاديان وعمالتها للغرب
إن شراسة الهجمة الماسونية الإمبريالية على الإسلام منذ وقوع أحداث ايلول2001، لم تكن الأولى من نوعها و لن تكن الأخيرة وإذا ما تواصلت أزمة الرأسمالية ستستمر حملات الغزو الإمبريالي يصاحبه انحطاط إيديولوجي و تراجع للقيم الإنسانية. وان الستار الذي يتم إخفاء هذه الاعتداءات تحته و التفسيرات التي تعطى لتبريرها سمي"صراع الحضارات"فأصبح أكثر شهرة بعد أحداث أيلول 2001..إذ لم تعد تستعملها الإمبريالية الماسونية وحدها، بل حتى الأصوليين الإسلاميين استفادوا منها هم أيضا و عليه فان الغرب " أي أمريكا في واقع الأمر" يجب أن يظل مستعدا لسحق الحضارات الأخرى بواسطة القمع المسلح. وإذا ما نحن قمنا بدراسة للتاريخ، يتضح لنا انه لا يوجد هنالك انسجام تام داخل الحضارات التي نمت في ظل الديانات التوحيدية الرئيسية الثلاث بالرغم من الاختلافات التي كانت تعاصرها فإنها مارست تأثيرا مهيمنا على عالم ذلك الزمان، و مع تغير العصور، عرفت تلك الحضارات تغيرا متواصلا ، لكن المأساة التي تميز العصر الحالي الذي نعيش، هو انه لا يوجد أي كيان قوي يعمل ولو على طرح قضية التغير الجذري أو التحويل الاجتماعي . و النتيجة هي سيادة ركود ظاهري يؤدي إلى فقدان الأمل و الميل إلى إنكار الحقائق . في ظل هذا الجو تنمو بذور التعصب و اللاعقلانية , لذلك فأن الأصوليين الإسلاميين التجئوا للرفع من مداخليهم خلال الثلاثة عقود الماضية وإلى استعمال مختلف الطرق الإجرامية بما فيها تهريب المخدرات في طيلة سنوات العقود المنصرمة وشجعت أمريكا بدورها هذه التجارة ومولتها لتغطية مصاريف ما يسمى "الجهاد الأفغاني" و عبر هذه التجارة ربح أباطرة المخدرات لتكون ميزانيات اغلب قادة هذه الأحزاب والمنظمات الإسلامية، و مصاريف أنشطتها و أجور عمالها و المؤسسات التابعة لها بما فيها تلك المدارس الدينية، تمول كلها بواسطة هذا الرأس مال الأسود.
فمن خلال أشرطة الفيديو، التي توزع على أوسع نطاق داخل البلدان الإسلامية نلحظ بن لادن يؤكد على أن النفط ملكية عامة للأمة الإسلامية و يطالب بان يتم خصصة هذا القطاع و يقدم لصغار الرأسماليين المسلمين. والواقع هو أن الأساس الاقتصادي و المالي لجميع الدول الدينية، سواء منها إسرائيل أو باكستان أو إيران أو العربية السعودية أو نظام طالبان السابق في أفغانستان، و من ثم فان الاختلاف بين الحضارة الغربية و الحضارة الشرقية مجرد اختلاف شكلي و ثانوي.
وإن الاختلافات بين هذه المجتمعات في الجوانب الاجتماعية و الثقافية و التقاليد، راجعة في الغالب إلى اختلاف مستويات و مراحل التطور التاريخي التي تمر فيها تلك المجتمعات وإن هؤلاء الحكام و عملائهم مجبرون على الإذعان لهذا النظام الرأسمالي و القبول به بهذا الشكل أو ذاك، لان النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يبالغون في مدحه ليس نظاما قادرا على منافسة النظام الرأسمالي الحالي بل انه أكثر بدائية منه و أنهم في الواقع اشد المدافعين عن الرأسمالية حماسة ووجودهم السياسي و الاجتماعي نفسه وثيق الارتباط بالرأسمال الحالي و هذا ما يجعل كل الاختلافات بينهم و الجدالات التي تقوم بينهم، كما هو شان صداقاتهم و العداوات التي تحدث بينهم، مجرد أمور شكلية و مخادعة, لهذا نجد الإمبرياليين و الأصوليين يغيرون بشكل مستمر ولائهم وعلاقاتهم مع تغير مصالحهم و أولوياتهم بهذا السبب تجدهم أصدقاء أحيانا و خصوما أحيانا أخرى.
ذات الشيء نجده بين الأصوليين الدينيين اليهود، فهم معتنقون للرغبة المتطرفة في مد الهيمنة الصهيونية على كل العالم و يعتبرون قتل الفلسطينيين بأنه قتل للكفار تحت هذا الغطاء الأصولي و يقوم حكام إسرائيل بممارسة أبشع أشكال القمع و الهمجية و من ثم يبررون أعمالهم الهمجية بواسطة الدين والنتيجة هي سيادة التعصب الديني و الإرهاب و الهمجية و الحقد المتبادل. لتبقى الدماء البريئة تسيل بدون توقف و في العديد من البلدان الأخرى تلجأ الدولة إلى استعمال الدين خلال مراحل محددة عندما تواجه الأزمات و الثورات الاجتماعية ,فقد استعمل (ضياء الحق) في باكستان الإسلام في قمعه الشرس للعمال وحتى هؤلاء الذين يسمون حكاما علمانيين من أمثال بينازير و حاليا مشرف، يعودون دائما إلى استعمال الدين في مواجهة الأزمات الاقتصادية و الاضطرابات السياسية و الغضب الجماهيري, فعندما تعجز السياسة المتعفنة للحكام و نظامهم المفلس عن تطوير المجتمع يلجئون إلى الدين لاستعمال الشرائح الاجتماعية المتخلفة بهدف تخفيف الأزمات ويعتبر تنظيم مراسيم الحج و زيارة الأماكن المقدسة و بعث الرسائل خلال مختلف الاحتفالات الدينية و تشييد المنشآت الدينية جزءا أساسيا من هذه السياسة. إن هذا الانحطاط لم يؤدي فقط إلى انهيار حضارة بأسرها، بل كذلك إلى تقييد العقول بأغلال وضعوها خدمة لأسيادهم، و سيادة الأفكار المتزمتة و إلى إغراق المجتمعات في مستنقعات آسنة و من المميزات الهامة الأخرى لهذه الأصولية الرجعية، و ميلها إلى الانتهازية المتطرفة فمن جهة تجدهم ينشرون الرعب و التعصب الأعمى و التزمت و الإرهاب و من جهة أخرى تجدهم انتهازيين مائعين جشعين و جبناء و لقد اثبتوا مرة بعد أخرى استعدادهم لبيع أنفسهم كلما سنحت لهم الفرصة,فنلاحظ أن أهم خصائص الأصولية الدينية بغض النظر عن الدين الذي تنتمي إليه هو النفاق والرياء و في المجتمع الذي يكون فيه للأصولية قاعدة اجتماعية تجد النفاق صفة منتشرة ويتضح هذا جليا في علاقتهم مع الرأسمالية و الإمبريالية فلقد كان المبشرون، الذين تم إرسالهم إلى أمريكا اللاتينية و إفريقيا و آسيا بشكل أساسي، رأس الحربة للحملات الإمبريالية الاستعمارية الذين ذهبوا بحثا عن أراضى جديدة و إيجاد أسواق جديدة و ثروات معدنية و مصادر للثروة لنهبها و استغلالها. وبعد الحرب العالمية الأولى بدأت قوات الاحتلال تقسم مناطق النفوذ، تطبيقا لمعاهدة فرساي فأصبحت فلسطين و العراق و مصر من نصيب بريطانيا بينما سوريا و لبنان صارتا من نصيب فرنسا لتبدأ بريطانيا ترسيخ حكمها على"الشرق" و فرنسا على "الغرب"و من خلال وكيلها جون فليبي بدأت بريطانيا تربط العلاقات مع ولي العهد عبد العزيز بن سعود الذي كان ينتمي هو كذلك لنجد ولم يعد ابن سعود محتاجا للفقهاء في ترسيخ حكمه، بل اعتمد بعد تبدل الأوضاع على الدعم الإمبريالي ولقد قدم فليبي لابن سعود مخططا نصحه من خلاله بان يغزو مختلف القبائل بنهج تكتيكات مخادعة و يعمل على مد رقعة مملكته على جميع شبه الجزيرة العربية ووضع المخطط قيد التطبيق من خلال السيطرة الإمبريالية و بدعم كامل منها و هكذا ادخل الوكيلان الإمبرياليان فليبي و بلفور الشرق الأوسط في عصر من الردة الرجعية. إذ قام فليبي بتشييد المملكة الأصولية السعودية ليقوم بلفور ببناء دولة إسرائيل الصهيونية وكسلفه قام ابن سعود، و هو يغزو الجزيرة العربية بملء قصوره بالحريم اللواتي يتزوجهن من أعدائه المنهزمين ليعمل حكام أمريكا على دق طبول "الحرب على الإرهاب" . و لترسيخ هيمنتهم الاقتصادية والفكرية على الصعيد العالمي، ليعملوا على تحذير البلدان الأخرى عبر استخدام الردع العسكري كما أنها رسالة تحذير للجميع بأنهم إذا ما تجرءوا و حاولوا التمرد ضد الرأسمالية فإنهم سيلاقون نفس مصير العراق لكن ومع تعمق الأزمة الاقتصادية أكثر فأكثر، تصير قبضة الإمبريالية الأمريكية اضعف فاضعف و حتى في غياب أي قيادة ثورية، فان مختلف التناقضات تنفجر مجبرة البلدان شعوبا وقادة على النهوض ضد القمع الأمريكي .
واحة المراة
الزهراء تلك المرأة الاستثنائية
خلق الله عز وجل الملائكة قبل خلق البشر فهم يأتمرون بأمره عز وجل ويعملون ليلاً ونهاراً في هذا الكون الواسع العظيم الذي تعتبر الكرة الأرضين التي نعيش عليها جزءاً صغيراً منه .
وفي فترة الزمن القديم جداً أي قبل الخلق جاءت سحابة سوداء مخيفة فغطت الكون وأخافت الملائكة جميعاً فدعوا الله عز وجل برحمته إن يزيل عنهم هذه الغمامة ، فأخرج الله عز وجل لهم نور الزهراء فاطمة (ع) فأزهر الكون وأضاء ، فأزاح الله عنهم هذه الغمامة ببركة السيدة الطاهرة فقالت الملائكة : ( إلهنا لمن هذا النور الزاهر الذي أشرقت به السماوات والأرض ؟ فأوحى الله إليهم هذا نور أخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة ابنة حبيبي وزوجة وليي وأخو نبيي وأبو حججي على عبادي أشهدكم ملائكتي إني جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة ) عوالي العلوم للأبطحي .
وبالتأكيد فإن السيدة الزهراء (ع) ليست إمرأة عادية بل هي إمرأة استثنائية في جوهر تكوينها كما هي استثنائية في مواقفها وجهادها وعبادتها وإيمانها وطاعتها أيضاً .
فقد خلق الله تعالى من الرجال من هم استثنائيون كالأنبياء مثل آدم (ع) وعيسى بن مريم (ع) ، وكما في الرجال كذلك في النساء فقد اختار الله تعالى مريم (ع) لتكون سيدة نساء زمانها ، وإذا كان الله يتقبل امرأتين وينبتها نباتاً حسناً وهي سيدة نساء زمانها فكيف بمن أراد الله تعالى أن تكون سيدة نساء العالمين ؟
لقد خلق الله تعالى فاطمة (ع) لتؤدي دوراً إلهياً وتكون سيدة نساء العالمين ومثلاً يقتدي به المؤمنين والمؤمنات في الحياة الدنيا ...
ولو إن الزهراء ليست إمرأة استثنائية لما جعل الله تعالى رضاه معلقاً على رضا فاطمة وغضبه من غضبها وعندما كان الرسول (ص) يقول : رضا فاطمة من رضا الله وغضبها من غضبه لكان أمراً مهماً حيث كان يعني إلتزام فاطمة برضاء الله ولكن النبي قال العكس ، فعلق رضا الله على رضا فاطمة وغضبه على غضبها .وذلك أمر إستثنائي لا مرأة إستثنائية ، وهكذا فإن فاطمة سراً عظيماً لن يكشف لأحد . فعن الصادق (ع) :( وإنما سميت فاطمة لأن الخلف فطموا عن معرفتها ) بحار الأنوار ج43 . لقد عجز الإنسان وسيبقى عاجزاً ورغم كل التقدم العلمي الذي توصل إليه عن أن يعرف حقيقة الجن والملائكة الشياطين كما عجز عن ادراك حقيقة النفس البشرية والروح وفاطمة الزهراء (ع) هي روح الروح كيف لا وقد قال فيها رسولنا الكريم : (( فاطمة روحي التي بين جنبي)) وهو طبعاً لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى . لقد صدق الله العلي العظيم حين قال في كتابه العظيم :((ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلاً)) وفي الختام اقول كفانا فخراً نحن النساء ان تكون منا امراة كالزهراء (ع) وهي النور المتألق على عرش الرب منذ بدء الخلق وحسب المرأة عزاً وشرفاً ان تقتبس شعاعاً من نور الزهراء ، هذا الاكسير الرائع الذي يعلم من يحذو حذوه كيفية الوصول الى قمة المجد والخلود والطهر والنقاء ومكارم الاخلاق.
زينب الاشقر – لبنان
للرجال دور وللنساء دور
اعلنت صحيفة القائم في أحد الأعداد السابقة حول أهمية ممارسة الرجال للرياضة وبناء الأجسام بحيث يصبح الرجل منهم بقوة أربعين رجل روحياً وجسدياً.
فعندما قرأت هذا الإعلان قلت في نفسي أنا كمرآة لن أعزل نفسي ولا أخواتي المؤمنات عن هذا الإعلان واعتبره توجيه لنا نحن النساء أيضاً وليس للرجال فقط ، وكما إن الحديث الشريف يقول : إن أصحاب الإمام هم 313 يوجد بضمنهم 50 امرأة إذا يجب أن تكون الواحدة منهن تعادل قوة أربعين رجلاً ، ولكن سوف يسأل الكثير من الناس وينتقد قولي فيقول كيف تكون المرأة بأربعين رجلاً . ولربما تطرح الكثير من الأسئلة حول هذا الموضوع فمثلاً سيقولون ما نوع هذه الرياضة التي تقوم بها المرأة وخاصة إن الكثير منهن رابضات في البيوت لن يخرجن من بيوتهن وستقول الكثير من النساء نحن أصحاب أطفال وليس لدينا الوقت الكافي ، وسوف يقول البعض الآخر إن زوجي هو يتدرب ويلعب الرياضة فأنا مكتفية به ، والكثير من هذه الأسئلة والإجابة هي:
أولاً : إن على المرأة أن تعرف بأن لها دور كبير في المجتمع بل لربما يفوق دور الرجل في بعض الأحيان وهذا ما من شأنه إسناد دور الرجل نفسه . فلا يصح أن يقوم الرجل مبكراً قاصدا خدمة الإمام بينما ترجع المرأة مرة أخرى إلى النوم فتقضي نصف النهار فيه وكذلك أطفالنا ينامون إذا كانت الأم نائمة ولا يستيقضون لأداء الصلاة في وقتها ناهيك عن النوافل المهمة فيجب علينا أن نعلم أولادنا على الانضباط والحفاظ على الصلاة في وقتها . وعلى المرأة أن تعلم بأن هذا الجيل هو جيل الإمام المهدي (ع) فيكون من الواجب عليها إعداده إعداد صحيح فلا بأس أن تقوم الأم بحث أولادها على القيام ببعض التمارين الرياضية التي تقوي أبدانهم الصغيرة الخاملة وتحاول أن تسمعهم القران الكريم لبعض الوقت وتطهر أسماعهم به وكذلك عليك بالرياضة الروحية حيث تعطيهم كل يوم درساً في الأخلاق وتقسم وقتها ووقت أبناءها لكي يكونوا نموذجاً يقتدى به في المجتمع المنشود.
فاطمة النوبختي
في الصبر على البلاء
روي نصير الدين الطوسي في أوصاف ألأشراف ص69 :إن جابر بن عبدالله ألأنصاري الذي كان من كبار الصحابة أبتلي في آخر عمره بضعف الهرم والعجز فزاره ألأمام محمد بن علي الباقر عليه السلام فسأله عن حاله فقال أنا في حالة أحب فيها الشيخوخة على الشباب والمرض على الصحة والموت على الحياة فقال الباقر(ع) أما أنا فأن جعلني الله شيخا أحب الشيخوخة وأن جعلني الله شابا أحب الشيبوبة وإن أمرضني أحب المرض وأن شفاني أحب الشفاء والصحة وإن أماتني أحب الموت وإن أبقاني احب البقاء فلما سمع جابر هذا الكلام منه قبّل وجهه وقال صدق رسول الله (ص) فانه قال لي إنك ستدرك ولدا من اولادي أسمه اسمي يبقر العلم بقرا كما يبقر الثور الأرض.
عن جابر بن عبدالله ألأنصاري قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ماالصبر الجميل قال ذلك صبر ليس فيه شكوى الى أحد من الناس إن إبراهيم بعث يعقوب الى راهب من الرهبان وعابد من العباد في حاجة فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب اليه فأعتنقه ثم قال له مرحبا بخليل الرحمن فقال له يعقوب إني لست بخليل الرحمن ولكن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم قال له الراهب فما الذي بلغ بك ماأراه من الكبر قال الهم والحزن والسقم قال فما جاز عتبة الباب حتى أوحى ألله إليه يايعقوب شكوتني الى العباد فخر ساجدا عند عتبة الباب يقول ربي لاأعود فأوحى الله إليه إني قد غفرت لك فلا تعود لمثلها فما شكى شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا إلا أنه قال يوما ( إنما أشكو بثي وحزني الى الله وأعلم من الله ما لاتعلمون ).التمحيص ص63.
قل ياصاحب الزمان
جاء في كتاب عشاق ألامام المهدي (عج) : كتب لي الفاضل المحترم محب الولاية الشيخ جعفر الأبراهيمي في رسالة له : حضرت وليمة إفطار قدمها السيد ( خدا كرم زارع ) في أحد ضواحي شيراز ، حيث قصدتها لأمر التبليغ عام 1415 هجري قمري في شهر رمضان المبارك ، فنقل صاحب الدعوة هذه الحكاية :
أصيبت امرأتي بآلام شديدة في الرأس بسبب وجود غدة فيه ، حتى يئس الأطباء من تحسن حالتها .. فتوجهت متوسلة بأهل بيت العصمة والطهارة ولاسيما ألأمام الحجة بن الحسن إمام الزمان أرواحنا فداه ،وذات يوم حيث كانت جالسة كئيبة ضجرة في البيت ، تفاجات بصوت باب البيت ودخل سيد نوراني في الساحة ..وحينما رأت زوجتي هذا السيد وهي كانت من الذين يجلون الذرية العلوية الى حد بعيد بادرته بالقول :
أيها السيد لقد أبتليت بوجع ألراس حتى قطع الأطباء الامل بشفائي ،فأطلب من جدتك أن تشفيني وسأعطيك ماتطلب من المال فقال السيد الأمام وهو يتبسم نحن لانحتاج شيئا ، وقد جئنا لشفائك ...ستعود لك صحتك ومن ألان وأينما اضطررت قولي : ياصاحب الزمان فبدأت زوجتي تصرخ دون أرادة منها : ياصاحب الزمان .. وفقدت وعيها , وحينما أفاقت تنبهت الى أن راسها في حضن جارتها وحينما كانت تسال عن الحقيقة تقول بنقل القصة بتفاصيلها ، وقد زالت عنها آلام رأسها والحمد لله .......
زينب
من أقوال ألأمام الحجة (عج)
قال الأمام المهدي عليه السلام:
1- فأنا نحيط علما بأنبائكم ،ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم ، مذ جنح كثير منكم إلى ماكان السلف الصالح عنه شاسعا .ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لايعلمون .
2- اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية تحششها عصب أموية ، يهول بها فرقة مهدية .
3- ستظهر لكم من السماء آية جلية ، ومن ألأرض مثلها بالسوية ، ويحدث في أرض المشرق مايحزن ويقلق ويغلب على العراق طوائف عن ألإسلام مراق تضيق بسوء فعالهم على أهله ألأرزاق ، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من ألاشرار ، ثم يسر بهلاكه المتقون ألأخيار .
فأن أمرنا بغتة فجأة حين لاتنفعه توبة ولاينجيه من عقابنا ندم على حوبة .
4- نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك مادامت دولة الدنيا للفاسقين .
فاتن الحسناوي
هل تعلم ؟
- هل تعلم ان مولانا علي (ع) ذكر زلزالاً يصيب تركيا بعد ان يهينوا كتاب الله؟
فقد جاء في ص350 من كتاب ماذا قال علي وفي الجفر عنه (عليه السلام):
(...وللمهدي آية من السماء جلية وفي الأرض مثلها في السوية كف مدلاة بالخمس ، ورجفات ونار وخسف وطمس ، يهد الله بعض بلاد الترك هذا ويزلزلها زلزالها لما أهانوا كتاب ربها .
- هل تعلم ان مدينة واسط المعروفة جاء ذكرها في آخر الزمان على انها تتعرض للفيضان . واما مدينة الموصل فانها على موعد مع جوع وغلاء يهلك اهلها وان اذربيجان يهلك اهلها بمرض وبائي وان وهران مدينة في افغانستان موعودة بخراب بسبب رجل مصري . وان دمشق سوف تضطرب وتخرب نتيجة لشدة القتل وتخرب حمص من الجوع والغلاء؟
جاء في الزام الناصب ج2ص149 قال امير المؤمنين (ع) في علامات اخر الزمان ... واما واسط فيطغى عليها الماء واذربيجان يهلك اهلها بالطاعون واما الموصل فتهلك اهلها من الجوع والغلاء واما الهران يخربها المصري واما القرية تخرب من الرياح واما حلب تخرب من الصواعق وتخرب الانطاكية من الجوع والغلاء والخوف وتخرب الصعالية من الحوادث وتخرب الخط من القتل والنهب وتخرب دمشق من شدة القتل وتخرب حمص من الجوع والغلاء..)
- هل تعلم ان الله يبعث لهذا الامر رجلاً لاتدرون ولد ام لم يولد خلق او لم يخلق؟
حيث جاء في بحار الانوار ج51 عن ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) انه قال: لاتزالون تمدون اعناقكم الى رجل منا تقولون هو هذا فيذهب الله به حتى يبعث الله لهذا الامر من لاتدرون ولد ام لم يولد خلق ام لم يخلق
- هل تعلم ان الذي لا يؤمن بالمهدي كالذي امن بالانبياء ولم يؤمن بمحمد؟
فقد ورد عن صفوان بن مهران في بحار الانوار ج51 عن الصادق (ع) انه قال : من أقر بجميع الائمة (ع) وجحد المهدي كان كمن اقر بجميع الانبياء وجحد محمداً (ص) نبوته
دراسات
اليماني إسمه ونسبه وإنتمائه
بحث مستل من كتاب (اليماني راية هدى)لكاتبه السيد محمد علي الحلو الصادر من مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي(ع)
اسمه :
أما اسمه فلا يمكن القطع بأسم اليماني ، الا ما أشارت اليه بعض الأخبار ، حيث اختلفت في اسمه ، وهل هو الحقيقي ام هو الحركي الذي اختاره اليماني في حركته المباركة ، وستكون أسمائه حسب الأخبار كالآتي :
1- حسين أو حسن كما في الخبر الوارد عن كعب وسيأتيك لاحقاً
2- صالح ، كما أورد نعيم بن حماد في كتابه عن الحكم بن نافع ، عن جراح ، عن أرطأة ، قال في حديث :
(( فيغضب الموالي فيبايعون رجلاً يسمى صالح بن عبد الله بن قيس بن يسار ، فيخرج بهم فيلقى جيش الروم فيقتلهم ، ويقع الموت في الروم وهم يومئذ ببيت المقدس ,,, وينل صالح بالموالي بأرض سوريا ويدخل عمورية ,,, )) الفتن لنعيم بن حماد ص336 الحديث1279 3- الأصبغ بن يد ، كما في الرواية التالية:
(( صاحب رومية رجل من بني هاشم اسمه الاصبغ بن يد ، وهو الذي يفتحها )) الفتن لنعيم بن حماد ص313 ح 1210 والذي يفتح رومية هو اليماني ، كما سيأتي.
4- الأصبغ بن ييد عن عبد الله بن عمرو ، قال : (( فتح القسطنطينية ثم تغون رومية فيفتحها الله عليكم)) قال أبو قبيل - وهو أحد رواة الرواية - : (( ويلي أفريقية رجل من أهل اليمن محمد بن سعيد يكون بعده رجل من بني هاشم يقال له أصبغ بن ييد ، وهو صاحب رومية وهو الذي يفتحها )) الفتن لنعيم بن حماد ص356 ح 1329 والظاهر انه مشترك مع الأصبغ بن ييد ، فهما واحد وليس متعدداً ، والأصبغ بن ييد أرجح لكون تسمية ييد غير معهودة في ماننا ، وفيما يأتي كذلك ، سيما أنه من بني هاشم والروايتان إسنادهما واحد عن أبي قبيل ، إلا أن الثانية يرويها عن عبد الله بن عمرو
نسبه:
أشارت الأخبار الى ان نسب اليماني قرشي هاشمي قحطاني أما كونه قرشي ، فلما ذكرته أخبار الفتن بأنه من قريش
قال أبو عبد الله نعيم:
((يخرج من قرية يقال لها يكلى خلف صنعاء بمرحلة ، ابوه قرشي ، وأمه يمانية)) وكونه هاشمي فكما ورد في حديث أبي قبيل من أنه من بني هاشم وأنه قحطاني ، تأكيداً على يمانيّته ، فإنّ قبائل اليمن كلها من قحطان ، تنتسب إليه ، وهو قحطان بن عابر بن شالخ ، وتنتسب إليه لانتساب قبائلها إليه ، كما صرح السمعاني في أنسابه: ((وقحطان هو الذي ينتسب جميع الأنصار إليه واليمن كلها ، وهم بنو يعرب بن يشجب بن قحطان وقيل : هو قحطان بن الهيمسع بن تيمن بن نبت بن اسماعيل بن إبراهيم وقحطان جُرثومة العرب)) وذكر ابن منظور في لسان: ((أن قحطان أبو اليمن ، وهو في قول نسابتهم قحطان بن هود ، وبعض يقول قحطان بن ارفخشد بن سام بن نوح))
فاليماني إذن - كما في الاخبار - قرشي هاشمي قحطاني
موطنه :
اليمن ، نُسب إليه ، وقد حدّدته بعض الأخبار بأنّه من عُمان ، كما روى ذلك نعيم بن حّماد ، وفي خبرٍ طويل في آخره :
(( ثّم يلي من بعده المضري العُماني القحطاني ، يسير بسيرة أخيه المهدي ، وعلى يديه تفتح مدينة الروم ))
والذي يفتح الروم هو اليماني ، كما عرفت من الأخبار المستفيضة على أن عُمان يطلق عليها اليمن كذلك ، فانتسابه إلى عُمان انتساباً إلى اليمن ، فلا ضير في الجمع بين الأخبار التي تصرح على انه من عُمان واُخرى على انه من اليمن قال الحموي في (معجم البلدان) في مادة اليمن : ((وقيل حدُّ اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضر موت والشحر وعُمان إلى عدن أبين ، وما يلي ذلك من التهائم والنجود ، واليمن تجمع ذلك كله ، والنسبة إليهم يمني ويمانٍ وبعضهم يقول : يمانيّ بتشديد الياء))
إلا أن نعيم بن حماد في كتابه (الفتن) ، قال : ((يخرج من قرية يقال لها يكلى خلف صنعاء بمرحلة))
والمرحلة مسافة يسيرة ، ولعلها من ضواحي صنعاء ، وقد ذكر الحموي في معجمه أن وادي يكلى من نواحي صنعاء اليمن ، معجم البلدان / ياقوت الحموي 8/434 وبالجملة فإن اليماني نسبته الى اليمن ، أما لانتسابه اليها ، أو لأن خروجه منها
رأي اهل السنة والجماعة في المهدي الموعود
جاء الرسالة الموقعة من قبل الامين العام لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة الشيخ محمد صالح القزاز الموجهة الى شخص اسمه محمد شوس من مالندي / كينيا ما نصه :(( إشارة الى خطابكم المؤرخ في 21 مايو 1976م المتضمن استفساركم عن موعد ظهور المهدي وفي اي مكان يقيم)) نفيدكم بأننا نرفق لكم مع خطابنا اليكم ماجاء في الفتوى في مسألة المهدي المنتظر وقد قام بكتابته فضيلة الشيخ محمد المنتصر الكتاني وأقرته اللجنة المكونة من اصحاب الفضيلة كل من الشيخ احمد محمد جمال وفضيلة الشيخ احمد علي وفضيلة الشيخ عبد الله خياط : نص الفتوى : جواباً عما يسأل عن المسلم الكيني في شأن المهدي المنتظر عن موعد ظهوره وعن المكان الذي يظهر فيه وعما يطمئنه عن المهدي.
هو : محمد بن عبد الله الحسني العلوي الفاطمي ، المهدي الموعود المنتظر موعد خروجه في اخر الزمان وهو من علامات الساعة الكبرى يخرج من المغرب ويبايع في الحجاز في مكة المكرمة بين الركن والمقام بين باب الكعبة المشرفة والحجر الاسود عند الملتزم ، ويظهر عند فساد الزمان وانتشار الكفر وظلم الناس يملأ الارض عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً يحكم العالم كله وتخضع له الرقاب بالاقتناع تارة وبالحرب تارة اخرى وسيملك الارض سبع سنين وينزل عيسى (ع) من بعده فيقتل الدجال او ينزل معه فيساعده على قتله بباب له بأرض فلسطين ، وهو احد الخلفاء الراشدين الاثنى عشر الذين اخبر عنهم النبي (ص) في الصحاح وأحاديث المهدي واردة عن الكثير من الصحابة يرفعونها الى رسول الله (ص) هذا نص الفتوى التي تبين رأي اهل السنة والجماعة في المهدي الموعود وتجد ان ابن خلدون في مقدمته حاول ان يطعن في احاديث المهدي محتجاً بحديث موضوع لا اصل له عند ابن ماجة لا مهدي الا عيسى ولكن رد عليه الائمة والعلماء وانه ليس من علماء الشريعة وانه قال باطلاً من القول وزوراً ونص الحفاظ والمحدثون على ان احاديث المهدي فيها الصحيح والحسن ومجموعها متواتر مقطوع بتواتر وصحة وان الاعتقاد بخروج المهدي واجب وانه من عقائد اهل السنة والجماعة ولا ينكره الا جاهل بالسنة ومبتدع في العقيدة.
الرؤيا عند السابقين من الشيعة
قال محمد بن علي بن بابويه في كتابه (إكمال الدين وإتمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة )ص2 : إن الذي دعاني إلى تاليف كتابي هذا أني لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسى الر ضا عليه السلام رجعت الى نيسابور وأقمت بها فوجدت أكثر المختلفين إليّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ودخلت عليهم في امر القائم عليه السلام الشبهة ، وعدلوا عن طريق التسليم الى الآراء والمقاييس ، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم الى الحق وردهم الى الصواب بالأخبار الواردة في ذلك عن النبي وألأئمة عليهم السلام ، حتى ورد إلينا من بخارى شيخ من اهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قم ، طال ما تمنيت لقائه وإشتقت الى مشاهدته لدينه وسديد رأيه وإستقامة طريقته ، وهو الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت القمي فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارى من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاما في القائم عليه السلام قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وإنقطاع أخباره ، فذكرت له فصولا في إثبات كونه عليه السلام ورويت له أخبارا في غيبته عن النبي والأئمة (ع) سكنت إليها نفسه ، وزال بها عن قلبه ماكان دخل عليه من الشك وألارتياب والشبهة وتلقى ماسمعه من ألاثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم ، وسالني ان أصنف (له) في هذا المعنى كتابا فاجبته الى ملتمسه ووعدته جمع ما إبتغاه إذا سهل الله لي العود الى مستقري ووطني بالري.
فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وأخوان ونعمة إذغلبني النوم فرأيت كاني بمكة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود أستلمه واقبله واقول امانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بألموافاة، فأرى مولانا القائم صاحب الزمان عليه السلام واقفا بباب الكعبة فأدنوا منه على شغل قلب وتقسم فكر فعلم عليه السلام مافي نفسي بتفرسه في وجهي فسلمت عليه فرد عليّ السلام ثم قال لي لم لا تصنف كتابا في الغيبة حتى تكفي ماقد همك ؟ فقلت له ياأبن رسول الله قد صنفت في الغيبة اشياء فقال عليه السلام ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنف ألان كتابا في الغيبة وإذكر فيه غيبات ألأنبياء ثم مضى عليه السلام.
فانتبهت فزعا الى الدعاء والبكاء والبث والشكوى الى وقت طلوع الفجر فلما أصبحت أبتدأت في تاليف هذا الكتاب ممتثلا لأمر ولي الله وحجته مستعينا بالله ومتوكلا عليه ومستغفرا من التقصير وماتوفيقي إلابالله عليه توكلت وإليه أنيب.
أنظر عزيزي القاريء اللبيب كم هي عظيمة الرؤيا عند السابقين وأنظر كيف هي الرؤيا عندنا نحن المضيعين ولا نكون مصداق ألاية الشريفة ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة وإتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا)
زينب / ميسان
الباحث عن الحقيقة
إن الوصول إلى الكمال هو من أهم الغايات التي ترنو إلى بلوغها النفس الإنسانية ،والذي يصبح أحيانا هاجسا يحرك جوارح الإنسان نحوه بإصرار وفي بعض الأحيان يترجم هذا الهاجس إلى سلوك وتصرف وخطوات عمل مبرمجة.
ولو استقرءنا التاريخ الإسلامي أو حتى التاريخ الإنساني لرأينا نماذجا تمثل نقطة إشعاع للأجيال وأسوة نتأسى بها.
واليك قصة إبراهيم (ع) التي اختاره الله ليكون له خليلا والتي يعلمنا فيها نبي الله وخليله كيف يكون الإنسان باحثا عن دينه وعقيدته ولا يركن إلى ما توارثه من آباءه وأجداده .فان الأمم السابقة هلكت بالجمود على العقائد الفاسدة التي أملاها عليهم الشيطان متناسين قول الله عز وجل (الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) ولسان حالهم يقول كما قال الله تعالى عنهم ((هذا ما وجدنا آبائنا عليه عاكفين))وقوله تعالى(( إنهم ألفو آبائهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون)).
نعود إلى إبراهيم (ع) الباحث عن الحقيقة والساعي إلى اليقين قال تعالى((وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين)) فهو لما رأى كوكبا ما لبث أن أفل ((قال لااحب الآفلين)) إذ ليس من صفات الرب أن يكون من الآفلين ثم لما تكرر الأمر مع القمر سلم أمره إلى الله وقال((لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الظالين)) ثم لما انعم الله عليه قال ((إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض وما أنا من المشركين)).
وبالرجوع إلى الآيات القرآنية والروايات المعصومية نجد الشريعة تحث على التفكر في خلق الله والتدبر في آيات الله بفك رموز الإسرار الكونية والاهتداء إلى الآيات الانفسيه والافاقية.وكذلك تحث على طلب العلم والبحث عن حقيقة الشريعة والعقيدة .كما ورد عنهم (ع) اسأل عن دينك حتى يقال عنك (مجنون) وإذا كان السؤال عن الدين مشروع وراجح وممدوح. فكيف بالسؤال عن أهل الدين واصله وحملة العلم ومصدره.
إن معرفة الدين فرع معرفة منبع الدين ولذا ورد عن رسول الله (ص)بقوله((من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)).
ولدينا في النموذج الإسلامي علم من أعلام البحث عن الحقيقة والذي كرس حياته وهجر دنياه المنعمة وضحى براحه البدن وترف العيش وعز السلطان ورضي بالعناء وعدم الاستقرار والتنقل من بلد إلى بلد ودرس عند كهنة النصارى بل ورضي بالعبودية والاسترقاق كي يصل إلى الحق ،انه سلمان المحمدي (رضوان الله عليه).
ان نور الحق الذي أشرق في قلب سلمان دله على ان النار التي يعبدها قومه مخلوق لايستحق ان يعبد من دون الله فهجرها وكفر بها فلاقى من قومه اللوم والضغط والتهديد والسجن كي يعيدوه الى دينهم والى معبودهم فما زاده الايقينا وإصرارا على الهجرة الى الله.
ثم اخذ يتنقل برعاية من الله تعالى وتوفيق كبيرين من معلم ومربي الى اخر من الحواريين الذين حملو دين الله بعد المسيح(ع)وحفظوه من يد العبث والتشويه حتى نصحه أخرهم بالتوجه إلى ارض الجزيرة لانه((يوشك ان يولد فيها نبي آخر الزمان الذي صفاته انه لاياكل الصدقه ويقبل الهدية وبين كتفيه خاتم النبوة).
فانفجرت في داخله قوة زادته اصرارا وعزيمة على مواصلة مسيرة البحث عن الحقيقة . فدفع ثمنا لها حريته التي خلقه الله عليها. وانتهى به مطاف الرق ان يكون عبدا عند يهودية في يثرب . فبدا يسمع عن النبي الأمي المكي الذي يسمى محمد بن عبد الله (ص). الذي سيقدم الى يثرب مهاجرا من مكة . فبدأ يشعر بقرب اللقاء وبلوغ الحقيقة . وما ان يحل عام الهجرة وتطأ قدما خاتم النبيين ارض يثرب التي صارت مدينه الرسول المنورة حتى يبادر سلمان (الباحث عن الحقيقة) الى تلمس هذه الحقيقة واستشعار الحق في دعوة رسول الله واختبار الصفات التي علمها إياه الراهب النصراني.
وعندما أشرقت شمس الحقيقة في قلب سلمان ذاب في النور المحمدي بكل كيانه واندمج مع روح الرسول بكل روحه حيث قال فيه رسول الله ((سلمان منا أهل البيت)). وصار من الذين تشتاق لهم الجنة.
وإذا كان هذا ديدن الصالحين فما أحوجنا إلى البحث عن الحقيقة المتمثلة في قائم آل محمد(ص) من كل جوانبها الفكرية والعقائدية وحتى الشخصية كي لا نكون ممن ((مات ولم يعرف إمام زمانه)) فالكل يعرف إن الإمام الثاني عشر هو محمد بن الحسن العسكري فهذه ليست المعرفة المقصودة من الحديث والا لما قال فقهاء السوء والضلالة ساعة ظهوره ((ارجع يبن فاطمة فلا حاجة لنا بك)).
ولذلك ورد الدعاء المأثور في زمن الغيبة ((اللهم عرفني نفسك فانك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف رسولك ، اللهم عرفني رسولك فانك ان لم تعرفني رسولك لم اعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فانك ان لم تعرفني حجتك ظللت عن ديني)).
اللهم أرنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني اليه. اللهم عجل فرج وليك القائم المنتظر واجعلنا من أنصاره وشيعته الذابين عنه والمستشهدين بين يده وارزقنا دعائه وخيره ورأفته ورحمته برحمتك يا ارحم الراحمين وصل اللهم على محمد واله الطيبين الطاهرين.
علوم ومشاركات
عدد النجوم يعادل حبات الرمل او يفوقها
قال الحكيم في كتابه الكريم: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج) الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور ميدان أرضه . التطور العلمي وتقدمه في جميع المجالات كفيل بإخضاع الإنسان واستسلامه أمام قدرة الخالق عز وجل، فها هو يتحدى جميع العصور بكلماته المحكمات وإخباره بعجائب خلق الأرض والسموات، وينبّه الإنسان المغرور من غفلته، ويدعوه إلى التفكر في عظمة خلقه وجميل صنعه، إذ كلما تطور علم الإنسان تعاظم العالم العلوي ذو الأسرار العجيبة في نظره، فعلاً العلم يقود إلى الإيمان . والذي اكتشفه العلم الحديث أن الكون في توسع هائل وسريع بحيث إذا أراد الإنسان أن يخترق مجرتنا (درب التبانة) يستغرق مدة (90) ألف سنة ضوئية، أما إذا أراد أن يخترق مجرتنا وينتقل إلى مجرات أخرى قريبة حيث توجد أقربها (المكونة من 20 مجرة) فإنها توجد من إطار يبعد حوالي (3) ملايين سنة ضوئية أي يستطيع أن يصلها بعد مرور (3) ملايين من السنين. أما المجرات الأخرى البعيدة عنا والتي لا يحصي عددها ولا يعلمها إلا هو، فإن الإنسان يحتاج للوصول إليها (400) مليون سنة أو إلى حدود (14) مليار سنة وهو آخر أبعاد الكون والذي يتوسع باضطراد مستمر، كما يقول تعالى: (والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون). إن هذه المجرات التي استطاع العلم الحديث وباستخدام أحدث التلسكوبات الكونية (التي ترسل إلى الفضاء لمشاهدة النجوم خارج الغلاف الجوي) استطاعت أن تعد أكثر من ألف مليون مجرة لحد الآن، (إن مجرتنا وحدها بلغ عدد نجومها مائة ألف مليون نجمة وأحد هذه النجوم الشمس). وأظهرت دراسة حديثة، نفذها علماء فلك استراليين، أن هناك أكثر من (70) ألف مليون مليون مليون نجم في المجرة أو سبعة (سكستيليون). وقال الدكتور سيمون درايفر أنه توصل للرقم استناداً لدراسة مساحة طويلة من السماء، بدلاً من تعداد كل نجم منفرد، وأضاف أن عدد النجوم يمكن أن يكون غير محدود عددها يعادل حبات الرمل على الكرة الأرضية أو يفوقها. وبحسب تقرير لمجلة (در شبيغل) الألمانية نقلاً عن رئيس فريق الباحثين الفلكي (سيمون درايفر) فقد تمكن فريقه من خلال الرصد المتواصل طويل الأمد من إحصاء وتعداد النجوم بمختلف أحجامها وأن مجمل عددها التقريبي يزيد عن (70) تريليون مليار نجماً . وهذه المجرات بما فيها تسير بسرعة هائلة مبتعدة عن الأرض بسرعة تعادل (250) ألف كم بالثانية . فسبحانك رب العزة عما يصفون.
عالم الدين من وجهة نظر الأمام الحسن العسكري
ينقل الفقيه الشيخ الأنصاري في كتابه (فرائد ألأصول) حديثا جميلا من التفسير الجليل المنسوب للأمام الحسن العسكري عليه السلام نأتي به هنا : (ومثل مافي الأحتجاج عن تفسير العسكري عليه السلام في قوله تعالى ( ومنهم أميون لايعلمون الكتاب ........) ألآية من انه قال رجل للصادق عليه السلام :فأذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لايعرفون الكتاب إلا بما يسمعون ،ومن علمائهم لاسبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ، وهل عوام اليهود إلا ّكعوامنا يقلدون علمائهم ؟ فأن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم .
فقال عليه السلام (بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلماءهم فرق من جهة وتسوية من جهة . أما من حيث إستووافان الله تعالى ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم بتقليدهم علمائهم . وإما من حيث افترقوا فلا ) قال بين لي يابن رسول الله قال (إن عوام اليهود قد عرفوا علمائهم بالكذب الصريح وباكل الحرام والرشاء وتغيير الأحكام عن وجهها ... فلذلك ذمهم لما قلدوا من عرفوا ومن علموا أنه لايجوز قبول خبره ولاتصديقه ولا العمل بها بما يؤديه إليهم عمن لايشاهدوه . ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (ص) ... وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة ... فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه وذلك لايكون الابعض فقهاء الشيعة لاجميعهم فأما من ركب من القبائح .. وآخرون يتعمدون الكذب علينا .. فظلوا أو اظلوا أولئك أظر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد (لع) على الحسين بن علي (عليه السلام) سؤال : لماذا كان العلماء المنحرفون أسوأ حالا من جنود يزيد ؟ الجواب إن جند يزيد أعلنوا بصراحة عدائهم الا إن علماء السوء بمثابة الذئاب الذين تقمصوا قمصان الرعاة وهم يكيدون بالدين بأسم الدين وواضح أن خطر هؤلاء أشد من خطر من أعلن عدائه بصراحة إن مايفتخر به الشيعة هوانهم خلال العصور الماضية كانوا تبعا للمراجع والعلماء الذين أجتمعت فيهم شرائط الزعامة حسب ما أراده ألأئمة عليهم السلام وإنهم كانوا ولازالوا تحت مظلة وألطاف هؤلاء العظماء ولاشك إن تقليد علماء زهاد ذوي بصيرة لاأنه غير مذموم فحسب بل واجب حسب ما نستشفه من آيات القرآن وروايات أهل البيت عليهم السلام .
( كتاب أمثال القرآن ص174 )
علي البيضاني
الفحص الاشعاعي لكامل الجسم يزيد مخاطر الوفاة بالسرطان
أفادت دراسة نشرت في عدد هذا الشهر من مجلة راديولوجي (الطب الإشعاعي) الأميركية بأن احتمال الوفاة بالسرطان إثر فحص إشعاعي مقطعي لكامل الجسم دفعة واحدة طفيف لكنه لا يهمل. أما المخاطر الناجمة عن الفحص الاختياري المتكرر سنويا فهي أعلى من ذلك بكثير . وأثارت الزيادة الملحوظة في الفحوصات الاختيارية بالأشعة المقطعية لكامل الجسم دفعة واحدة المخاوف من احتمالات الوفاة بالسرطان المتصلة بالإشعاع والمترافقة لتعرض الجسم بكامله للأشعة (السينية). وتجرى هذه الفحوصات الاختيارية لأشخاص لا يعانون من أي أعراض وإنما يخشون من بعض الأمراض كسرطان القولون والرئة وأمراض الشرايين، بناء على دليل غير يقيني . وشكلت هذه الدراسة التي أجراها فريق بحث بقيادة الدكتور ديفد برينر أستاذ الطب الإشعاعي والصحة العامة بجامعة كولومبيا دليلا قطعيا على وجود ارتباط بين مخاطر الإشعاع وبين الفحص المقطعي بالأشعة لكامل الجسم . فالجرعة الإشعاعية التي يتلقاها الشخص خلال هذا الفحص تقارب الجرعة الإشعاعية التي تلقاها بعض الناجين من القنابل الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي. مما يشير إلى أن المخاطر المتزايدة للإصابة بالسرطان كبيرة . وقد اقتصر الباحثون في دراستهم على المقارنة بالناجين من القنبلة الذرية الذين تعرضوا لجرعة إشعاعية منخفضة، وليست عالية . وقدّر الباحثون مخاطر الوفاة بالسرطان المترافقة مع فحص مقطعي إشعاعي واحد أو أكثر لكامل الجسم بمقارنة بيانات الوفيات التي سببتها القنبلة الذرية مع جرعة الإشعاع المؤثرة والمحسوبة في حالة فحص إشعاعي لكامل الجسم . وتقل هذه الأخيرة بفارق بسيط عن متوسط الجرعة الإشعاعية التي تعرض لها الضحايا الناجون من القنبلة الذرية الذين أصبحوا بدورهم عرضة لمخاطر الإصابة بالسرطان. فجرعة الإشعاع المؤثرة التي تصل الجسم خلال فحص مقطعي إشعاعي واحد لكامل الجسم تعادل 100 مرة الجرعة الناتجة عن فحص الثدي فقط . وخلصت الدراسة إلى أن شخصا عمره 45 عاما، وأجري له فحص مقطعي لكامل الجسم مرة واحدة سيتعرض لاحتمال وفاة بالسرطان يبلغ 0.08% (أي وفاة شخص واحد من بين 1250 شخصا). أما إذا أجرى نفس الشخص نفس الفحص سنويا لمدة 30 سنة، فإن احتمال وفاته بالسرطان يبلغ 1.9% أي ما يعادل شخصا واحدا من بين 50 شخصا . وتركز الدراسة على المخاطر التي يتعرض لها البالغون الذين اختاروا إجراء الفحوصات. لكن معادلة الفوائد والمخاطر تتغير تماما بالنسبة للبالغين الذين تجرى لهم الفحوصات كجزء من عملية تشخيص طبي، ففوائد التشخيص ترجح على مخاطر التعرض للإشعاع .
كذلك لاحظ الباحثون أن فحوصات الأشعة المقطعية المختلفة تنطوي على جرعات إشعاع مختلفة، وبالتالي مخاطر مختلفة. فبروتوكول فحص كامل الجسم بالأشعة لم يصبح قياسيا بعد، لذلك يتفاوت التعرض للإشعاع بين مركز وآخر . كما توصل علماء بريطانيون يجرون اختبارات لإثارة الأشعة المجهرية إلى أن استهداف مجموعة محدودة من الخلايا السرطانية بهذه الأشعة يمكن أن يحدث تدميرا هائلا في الخلايا الأخرى المصابة .
وأطلق علماء بمركز المملكة المتحدة لأبحاث السرطان الخيري على هذا الأسلوب اسم "التأثير الإضافي"، لأن الخلايا السرطانية التي تستهدفها هذه الأشعة المجهرية لا تموت فقط، بل ترسل إشارات انتحار إلى الخلايا الأخرى الشاذة . وأجرى كيفن برايس الطبيب بمعهد جراي للسرطان التابع للمركز في جنوب إنجلترا وزملاؤه اختبارات على الأشعة المجهرية بتسليطها على خلايا مصابة بسرطان المخ كانت قد قاومت بشدة أسلوب العلاج التقليدي بالإشعاع .
العالم بعد عشرة سنوات سوف يشهد تغيرات مناخية كارثية
ذكر علماء وسياسيون ان العالم قد يشهد تغيرات مناخية كارثية في غضون فترة تزيد قليلا عن عشرة سنوات. وقال عالم مناخي كبير انه يعتقد أن درجات الحرارة قد ترتفع بمقدار يزيد عن درجتين في وقت ما في القرن الحالي. ونقلت (بي.بي.سي) عن تقرير صادر عن مجموعة دراسة التغيرات المناخية الدولية القول ان من الضروري ألا ترتفع درجات الحرارة أكثر من درجتين مئويتين عن المعدلات التي كانت تسجل قبل الثورة الصناعية. وقد تصل معدلات ثاني أكسيد الكربون في الجو الى المعدل الذي يجعل درجة الحرارة تزيد عن درجتين بعد عشر سنوات أو أكثر. يذكر أن مجموعة دراسة التغيرات المناخية شكلت من قبل معهد السياسات العامة ومركز التقدم الأمريكي والمعهد الأسترالي. وحثت المجموعة في تقريرها الذي يحمل اسم "مواجهة التغيرات المناخية" الحكومات على الموافقة على خطة طويلة الأمد لمنع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار يزيد عن درجتين مئويتين عن المعدلات التي كانت مسجلة قبل الثورة الصناعية. وأشارت المجموعة في تقريرها إلى أن زيادة درجات الحرارة سيصاحبها مشكلات صحية وتأثيرات سلبية على الأراضي الزراعية ونقص شديد في المياه في حين ستتهدد الشعاب المرجانية وغابات الأمازون نقطة اللاعودة. وذكر التقرير الصادر عن مجموعة دراسة التغيرات المناخية الدولية أنه من الضروري ألا ترتفع درجات الحرارة أكثر من درجتين مئويتين عن المعدلات التي كانت تسجل قبل الثورة الصناعية . وقد تصل معدلات ثاني أكسيد الكربون في الجو إلى المعدل الذي يجعل درجة الحرارة تزيد عن درجتين بعد عشر سنوات أو أكثر . وقال عالم مناخي كبير إنه يعتقد أن درجات الحرارة قد ترتفع بمقدار يزيد عن درجتين في وقت ما في القرن الحالي . يذكر أن مجموعة دراسة التغيرات المناخية شكلت من قبل معهد السياسات العامة ومركز التقدم الأمريكي والمعهد الأسترالي . إن زيادة درجات الحرارة سيصاحبها مشكلات صحية وتأثيرات سلبية على الأراضي الزراعية ونقص شديد في المياه. كما ستتهدد الشعاب المرجانية وغابات الأمازون . وقال التقرير: "تزيد مخاطر وقوع تغيرات مناخية عنيفة وقوية إذا ارتفعت درجات الحرارة بمعدلات تزيد عن درجتين. فقد يقود ذلك إلى ذوبان الجزء الغربي من القطب الجنوبي والألواح الجليدية بجرينلاند الأمر الذي قد يرفع من مستوى سطح البحر بمقدار يزيد عن عشرة أمتار “. وأوضح التقرير أن عملية تدوير المياه في شمال المحيط الأطلنطي قد تتوقف الأمر الذي يمكن أن يؤثر على عملية تدفئة شمال غرب أوروبا . وأشار التقرير إلى أن عدم ارتفاع درجة الحرارة بمقدار يزيد عن درجتين قد يضمن عدم زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء عن معدل 400 جزء لكل مليون جزء . يذكر أن معدل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو وصل إلى 380 جزءا ويزيد بمقدار جزئين في السنة الأمر الذي يعني أن توقعات مجموعة دراسة التغيرات المناخية قد تتحقق بحلول عام 2015. وقال ستيفن بايرز، عضو البرلمان البريطاني وأحد أعضاء المجموعة: "إن كوكبنا مهدد. إن التغيرات المناخية بمثابة قنبلة موقوتة خاصة وأن الجميع باتوا مهتمين بالتغيرات والكوارث المناخية التي يرونها في الوقت الراهن “.
اكتشاف خلايا المخ المرتبطة بالاختيار
إن كان اختيار الملابس المناسبة او الاختيار بين الاستثمار في الاسهم او السندات صعبا فقد لا يكون ذلك مجرد تردد وانما يتعلق بكيفية تحدد خلايا المخ قيمة المواد المختلفة . وحدد باحثون في كلية هارفارد الطبية في بوسطن الخلايا العصبية او خلايا المخ التي يبدو انها تضطلع بدور في كيفية اختيار شخص ما مواد او بضائع مختلفة . وأدرك العلماء ان خلايا في اجزاء مختلفة من المخ تستجيب لخواص مثل اللون والطعم والكمية. وتوصل الدكتور كاميلو باداوا شيوبا وجون اساد وهو مساعد استاذ في بيولوجيا الاعصاب الى الخلايا العصبية التي تشارك في تحديد القيم التي تساعد الناس في الاختيار . وقال بادوا شيوبا في بيان "الخلايا العصبية التي حددناها تحول الى رموز القيمة التي يحددها الاشخاص للمواد المتاحة حين يجرون اختيارات بناء على تفضيلات ذاتية وهو السلوك الذي يطلق عليه الاختيار الاقتصادي”. وحدد العلماء الذين نشروا هذه النتائج في دورية نيتشر مكان الخلايا العصبية في منطقة في المخ يطلق عليها (او اف سي) بينما كان يدرسون قرود المكاك الاسيوية التي كان عليها ان تختار بين نكهات وكميات من العصائر . وربطوا اختيارات القرود بنشاط الخلايا العصبية في تلك المنطقة وبالقيم المحددة للانواع المختلفة للعصائر. فقد كانت بعض الخلايا العصبية نشطة للغاية حين اختارت القرود ثلاث قطرات من عصير العنب على سبيل المثال او عشر قطرات من عصير التفاح . وحولت خلايا عصبية اخرى الى رموز قيمة عصير البرتقال فقط او عصير العنب . وقال بادوا شيوبا "قد يكون اختيار القرد معتمدا على نشاط هذه الخلايا العصبية”. وكان بحث اجري في وقت سابق وتناول منطقة (او اف سي) أظهر ان الاذى الذي يلحق بهذه المنطقة مرتبط على ما يبدو باضطراب الاكل والمجازفة الالزامية والسلوك الاجتماعي غير المألوف .
وبحسب هؤلاء العلماء تظهر النتائج الجديدة ارتباطا بين نشاط منطقة (او اف سي) وعملية التقييم العقلي التي تتضمن سلوك اختياري. وقال بادوا شيبوبا "ثمة امكانية ملموسة لان تكون أوجه قصور مختلفة في الاختيار ربما ناتجة عن ضعف او اختلال وظيفي في نشاط لهذا القطاع (من الخلايا العصبية) على الرغم من ان هذه الفرضية تظل تحتاج الى اختبارها
مقارنة الاديان
بين الميثولوجية الام المسيح (ع) الجسدية وواقعية الام المهدي (ع)
لم تكن الآلام الحقيقية للسيد المسيح هي آلامه الجسدية إنما هي أثقل عليه في رحلة الألم المريرة التي عاشها طوال مهمته النبوية هي معرفة بأن المسيحية ستحال إلى مشروع وثني وتبلغ (ع) بأن شخصه سيتحول على وثن يعبد في الكنائس وأبناء مباشراً للرب بعد أن طعن اليهود بأمه العذراء (ع) وأنكر عليه اليهود إمكانية ان يكون نبياً وهو ابن مرأة لتتوالى عليه الجروح البليغة التي دعت أن يستنجد كثيراً بالله أن ينتقم بمن سينجس انجيله المقدس بهذه الترهات ويحيل مشروعه اللاهوتي إلى ما يشبه الوثنيات الموجودة في العام من البوذية وغيرها ومما أثار حزنه البليغ عدم تمكن المؤمنين بالمسيحية في تثبيت معتقدهم الأصيل وصيانته من التحريف والتصرف حتى إنه (ع) قد بكى يوماً بكاءاً مر على الحال الذي سيؤول إليه المسيحانية من تأليهه وفقدان جوهر التعاليم الحقيقية لرسالته السمحاء ( الحق أقول لكم متكلماً من القلب إني أقشعر لأن العالم سيدعوني إلهاًوعلي أن أقدم لأجل هذا حساباً ، لعمر الله الذي نفسي واقفة في حضرته إني رجل فآنٍ كسائر الناس ، على إني وأن أقامني نبياً على بيت إسرائيل لأجل صحة الضعفاء وإصلاح الخطأ خادم الله وأنتم شهداء على هذا كيف إني أنكر على هؤلاء الأشرار الذين بعد انصرافي من العالم سيبطلون حق إنجيلي بعمل الشيطان ، ولكن سأعود قبيل نهاية العالم وسيأتي معي أخنوخ وإيليا ونشهد الأشرار الذين ستكون آخرتهم ملعونة بعد أن تكلم يسوع هكذا أذرف الدموع فبكى تلاميذه بصوت عال) إنجيل برنابا الفصل الثاني والخمسون.
ان كابوس المفاهيم الخاطئة والإرث التاريخي المشوش كان سببا في ترسيخ عقائد غير أكيدة في منشأها واصلها وخصوصا تلك النظرة السائدة عن استبعاد الإمام المهدي (ع) من تركة الآلام الرسالية والإضطهاد من قبل السلطات الجائرة أثناء القيام بمهامه في الدعوة السرية قبل ظهوره المقدس فقد أعتقد الكثيرين إن المهدي سيجد قاعدة معدة وجاهزة وما عليه (ع) إلا قيادتها والمباشرة بعملية التغيير والمضي من منهجه الرسالي العتيد كذلك أنكر الكثير تبنيه (ع) لمشروع اعداد وتهيئة القاعدة المعنية بإدارة الأرض ( الأمة المعدودة ) والإشراف على مراحل رقيهم من امتحان وغربلة وتمحيص وتمييز ونسيان الحقيقة إن الإمام يرتقب حركة المجتمع الشمولية في التوجه نحو حركة الظهور المقدس وهو (ع) بهذا يتحمل رسالية بالغة من كون إيقاعات هذا المجتمع لا تتناغم بشكل جدي ومصيري مع مطاليب الظهور المقدس خصوصاً بعد استيفاء الغالبية العظمى من بيانات ذلك الظهور واستحقاقاته وعلاماته فشكل هذا التردي والإضمحلال الإشراقي في الإمتداد مع هذا الحدث المقدس ألماً بالغاً وعبئاً مضافاً على أعباء الجهد الرسالي لهذا الإمام العتيد سيما وإنه (ع) لم يأت لأعمار الأرض بالخرسانة والحديد وإنما جاء لإعمار المحتوى الداخلي المتهدم لهذا الإنسان فكان تقويمه وإصلاحه من أولويات مشروعه الشريف بعد ما ظل الضمير الإنساني يعاني من انتكاسات مخزية أفرزتها الحقائق التاريخية على الأرض ، ومن الطبيعي فإن آلآم هذا الإمام المستتر والغائبة هويته عن الناس والحاضر المرتقب لكل هذه الإنتكاسات ستزداد أعباءه وآلامه عند مباشرته في بناء القاعدة المؤهلة لممارسة الدور الرسالي معه فإذا تلكأ رقيها وبانت اخفاقاتها في رحلة التأهل إلى الشخصية الإلهية إزدادت آلامه وتلقاها بجسده ونفسه ليفتديها بالأمراض والسجن والمطاردة كما أخبرت الروايات عن حاله بأنه الطريد الشريد الفريد الموتور بأبيه المطارد من قبل السلطات الظالمة ، وقد ترى إن الإمام (ع) يستعين بالأدوار والأداء السببي بدلاً عن الأسباب الخرقية والإعجازية بما يتفق وتحمل هذه الشخصية العتيدة للأعباء الثقيلة كجده رسول الله (ص) لتتحرك الإستحقاقات السماوية لصالحه في تثبيت أسرار منزلته الرفيعة بموجب أختياره للسبل السببية وتحمل آلامها المبرحة ولعل ذلك يذكرنا بالكثير مما لاقاه الأئمة الأطهر في تاريخهم الرسالي من عذابات ومقاتل أهليهم وانقلاب السلطويات وسعيهم في مطاردتهم وأذيتهم والتعرض لمشاريعهم الرسالية ومنهاجهم الإصلاحية ابتداءاً من أمير المؤمنين الذي حقن دماء الأمة وتجاوز استخدام طاقته وأسرار قدراته التي أيدته بها السماء فظلم باستحقاقه واخذت منه خلافة الأرض فافتدى ذلك بمهانة هؤلاء الظالمين كي لا يهلك الحرث والنسل ويؤذي الناس وهو يعلم إن أهل بيته وأولاده سيؤذون أشد الإيذاء ويشردون ويقتلون وتسلب حقوقهم ويستهان بدماءهم وحرائرهم وتمتهن حرماتهم الشريفة حتى إذا صيرت الأحداث سم الحسن (ع) بعد أن خانه أتباعه واستشهد الحسين بعد أن غدرت به الأمة وقتل وقتل كل من معه من عسكره القلائل ، في مقتل أهتز لها عرش الرب وضجت ملائكة السماء لها وتأهب الكروبيون ينتظرون أشارة السماء للإنقضاض على الظالمين وقتل بالسم بعدها غالبية أهل البيت وقتل البعض الآخر من أصلابهم بالسيف من الذين خرجوا لقتال الظالمين في معارك الطالبيين وهل كف الظالمين أيديهم عن الأصلاب الهاشمية الممهدة لظهوره المقدس وآخرهم الشهيدين السعيدين السيد محمد الصدر والسيد محمد صادق الصدر والأنفس الزكية الأخرى التي ستقتل في سبيل الله ممهدة للظهور المقدس . كل ذلك يرقبه الإمام بألم وحزن بالغين وهو يسير وفق الخريطة التي أرادتها السماء وفق خط الشروع الذي وضعه له بالتوقيت الموعود المناسب لظهوره الشريف بهذا فإنه (ع) سيدنو من المراتب الخفية والدرجات الإلهيبة الرفيعة نتيجة رحلة الألم الرسالي المرير والأعباء الشاقة التي سيعيش مجرياته ووقائها من القاعدة الخاصة التي سيباشر بتهيئتها واعدادها لممارسة المهام الرسالية الجسيمة وإدارة الأرض .
عن الباقر (ع) :( إن صاحب هذا الأمر لو ظهر لقي من الناس مثلما لقي رسول الله (ص) وأكثر ) ولذلك أسبابه الموضوعية منها فترة التيه والحيرة من وفاة العسكري (ع) حتى يومنا هذا حيث أصيغت أدبيات غير مؤكدة تنظر عن شخصه ومسماه وصلت إلى حد التناقض والشبهة في محتواها ومنشاها ولعل مصداق الحديث آنف الذكر يعطي مدلولاته الأكيدة بأن الإمام سيطارد ويتعسف هو وأهله وصحابته في فترة الدعوة السرية وسيرمى باتهامات سياسية وربما أخلاقية من السطويات الجائرة في زمن الدعوة السرية وسيتنافى ذلك مع من يدعي بأن الإمام سيجد قاعدة جاهزة ويتسلم مقاليد الأمور دون هذا العناء الرسالي والآلام التي يتحملها على كاهله من أجل قضية السماء الكبرى لتصحيح مسار التاريخ وبهذا ستكون دعوته مدار جدل من الناس لما يأتيه من سنة تبدوا عليهم جديدة وشديدة ولما يرونه بأنه مخالف لأعرافهم ومصاديقهم الحقيقية ظاهراً ولعجزهم عن إدراك الحقائق التأويلية والتفسيرات الباطنية التي يمتاز بها الإمام فهو (ع) مجاز له أن يعمل بالتكليف الباطن الذي بينه وبين الله إذا تعارض التكليف الباطن وتلك الحقيقة سيتناساها الناس حتى المخلصين التشريعيين من العاملين أو المتفقهين بالشريعة الإسلامية لذلك ونتيجة لأعتزازهم بموروثهم من بعض الأدبيات الموضوعة أو قصورهم عن التفسير الحقيقي لها وضعوا أنفسهم في مصيدة فترة التيه والحيرة التي أدت إلى ضياع هذه الأمة في معمعة كابوس التفسيرات الواهية والإجتهادات التأويلية التي أوقفت للإمام نفسه وإلا فإنهم سيتأولون الكتاب عليه وسينتحلون تكليفه (ع) وإنه لكائن في هذه الساعة لأنك تجد هذا الإضطراب في التوحد لرسم القاعدة العقائدية المناسبة لفهم قضية السماء والوقوع على سر صاحبها وفك الشفرات المتعلقة بشخصه وهويته ومساحة رسالته التغييرية وكل ذلك يعد خرقاً لتسهيلات ظهوره العتيد وعاملاً من العوامل الثقيلة التي سيتلاقاها الامام (ع) على كاهله الشريف بل ستزيد من آلامة على هذه الامة التي ستضل عن الاسباب التي تسهل عليهم مناصرته ، عن الصادق (ع) : ( ان قائمنا اذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله (ص) من الجاهلية فقيل له : كيف ذلك ؟ فقال : ان رسول الله (ص) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأولون عليه كتاب الله .. ويحتج عليهم به ويقاتلونه عليه ، أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر ) . ( في صاحب هذا الامر اربع سنن من اربعة انبياء سنة من موسى وهو خائف يترقب وسنة من يوسف وهي السجن وأما عيسى فيقال مات ولم يمت واما محمد (ص) فالسيف ) ان مفارقة الامام لأسرته وقاعدته الكبيرة ( الامة المعدودة ) التي سيقوم بأعدادها ستكون من الوقائع الجسمية التي ستترك أثراً مؤلماً في نفسه (ع) اذ انه وكما حدث لأصحاب موسى وستتعرض هذه الامة الى الكثير من الفتن والاخفاقات التي ستعرقل مسيرتهم وتوقف زحفهم نحو نيل كرامة الصحبة وتأخر رقيهم لنيل الفيوضات والتسهيلات اللذيذة لفهم الاسرار الالهية لهذا الامر وهو من الالام الرسالية العميقة التي سيتلاقاها الامام بما عرفوا من صبر وجلادة واهلوية مطلقة لتحمل تلك الالام البليغة ( لتركبن طبقاً على طبق ) وسيتبادر الى أذهاننا ضحايا الدعوات السرية للأنبياء والرسل وخصوصاً رسالة المصطفى (ص) التي فقدت شخصيات رسالية فذة مثل خبيب وأصحابه وياسر وزوجه ( آل ياسر ) بعد ان دمعت عين الرحمة على ياسر من رسول الله (ص) نتيجة فقدانه ابوية على مرمى من بصره وسمعه على انه من البديهي ان تلك التركة من الالام والاحزان لن تتعدى المهدي (ع) لأن الضحايا التي ستعطيها الدعوة السرية للأمام ستكون ذات أثر مؤلم لا يستهان به ولن تهون العشرة الطيبة للأمام معهم وهو (ع) يشاطرهم الخبز والالم معا وهل ستجد وجدانا اطهر وانقى من أهل بيت النبوة وحسا مفعماً وممتلئاً بالانسان مثلهم فهم قد تحملوا عذابات البشر وضلالته وانقلابه على السماء وعليهم منذ ان غادرهم ضرغام الحق علي بن ابي طالب (ع) الى جوار رسول الله (ص) فتحملوا بعده الاعباء الرسالية والمشقات الهائلة التي سببتها انتكاسات المعتقدين بالاسلام وانقلابهم على اهل بيت النبوة لكنهم (عليهم السلام) حافظوا عل بيضة الرسالة وحفظوها من الايدي المشبوهة المحرفة وذادوا عنها بأنفسهم التي وهبوها وافتدوها في سبيل الله وبعيالهم وصحابتهم وحسن اولئك رفيقا حتى وصلت الينا المصاديق اليقينية لجوهر الرسالة دون أن تتمكن الايد المحرفة من اصابة هدفها الا القليل النزر الذي كبر في العقول التي ارادت ونزعت الى الضلالة وهولت هذا الارث المحرف وأعطته الاولوية في مشاريعها العقائدية الخطيرة كقضية الامام القائم بعملية التغيير الاصلاحي الاخير على الارض .
ولقد تعاطى الانجيل موضوع الام ذلك المصلح الغيبي الذي سيتهمه الناس جهلاً بموضوعه الرسالي ونكراناً لشخصه الشريف وقصوراً في فهم موضوعه التشريعي والسنن المعطلة والموقوفة له فيرفضون دعوته كما أسلفنا وكما جاء في انجيل لوقا الاصحاح 17 - 82 ( فكما ان البرق يلمع تحت السماء من احدى الجهات يضيء ابن الانسان يوم يعود ولكن لا بد له اولاً من ان يعاني آلاماً كثيرة وان يرفضه هذا الجيل وكما حدث في زمان نوح هكذا سوف يحصل في زمان ابن الانسان ) .
وأخيراً هل يمكن ان يتصور أحد ماذا سيلاقي هذا المصلح العتيد من آلام ومصاعب تتطلب منه ان يصحح التاريخ الانساني منذ النشأة وحتى اليوم الموعود كي يرث الارض عباد الله الصالحين ليتحقق الوعد الالهي القديم الذي قطعه للملائكة الذين سيعلمون من ربهم مالم يعلموا بعد ان شككوا بأهلوية هذا الانسان لأن يرث الارض { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } البقرة 30 .
ارميا
كما لمح لها ارميا واشعيا(عليهم السلام)
مجموعة المخلص لن تكون من اورشليم
بل هي الامة المعدودة المسلمة
ولد عام 645 أي بعد مائة عام من وفاة أشعيا من عائلة كهنوتية تسكن ضواحي أورشليم في قرية فقيرة يقال لها "عناتوت " وهو يمتاز بأنه رجل ريفي نوعا ما ومن هنا كان رجلا حنونا واسع الخلق حليما يخالف صفاته هذه أحيانا لفجعه بأخلاقية قومه من اليهود فينقلب في تبليغه رجل صارم وقاسي وعنيف حسب ردة فعل السماء على انقلاب قومه ولذلك فقد أصبح كما أشعيا ضحية رسالته رغم أنه تخصص بنبوءات وسطية كرسالة المسيح بن مريم لكنه كان ملزما بالتنبؤ بدقة في مواضع محددة من البلايا والعقوبات ثم بالمصير المحتوم لقوم ثاروا على شريعة الله ورسله وكتبهم . فكانت موضوع نبوءاته عن نسخ الشريعة الموسوية وتضمنت بالنبوءة الرسالة المسيحانية فكانت أول مشاريعه وفق الترتيب المنطقي الزمني لما قضى الله به فتعطي الفصول [30-33] كشفا بذلك ولعل أبرز ما تفاجيء به قومه هو تعرضه لشروط الاجتباء والاصطفاء كما فعل من قبل سابقه أشعيا أذ حددها بالتوبه النهائية والتكفير كشرط ملزم لأي وعد ألهي بالاختيار وإلا فلا استحقاق دون ذلك في حين أعتاد اليهود على الاطمئنان لوعود وهمية دائمة لاتضر معها انقلاباتهم المستمرة علة السماء ووحيها وممثليها ولذلك كان شرط أرميا شرطا قاتلا لهم .. وأرميا أعتاد الاغارة الكلامية على الملوك والساسة من جهة وعلى الرعية الفاسدة من جهة اخرى , وقطع بأن الفساد الديني لاينفع معه التساهل والوعود إطلاقاً فهو بذلك ألغى أي استحقاق خارج عن شروط التكفير والتوبة والخلوصية لله والبر به ولذلك زج أرميا في السجن فترة طويلة جدا بعد أن صرح أن هناك حكم عظيم وعنيف سيحل ببني إسرائيل إذا بقيت هذه الأمة على شططها ونتيجة تغطيته لنسخ الشريعة الموسوية وولادة المسيحانية على يد يسوع المسيح وصرح بذلك عام " 587 " قبل الميلاد حين قال بأن ملك اليهود القادم سيأتي معه بقوانين العدالة والحق والتي ستسود بدل طرهات الكهنة , فكان يمثل بحق الانتظار والرجاء المسيحي من جهة وممهدا لنبوءات الانتظار الثاني للمخلص الاخير رغم محدودية نبوءاته الرؤياوية بقضية السماء الاخيرة عن سعة التغطية التي غطى بها أشعيا موضوعه الرؤياوي , وعليه سنتحدد مع أرميا بالقدر الذي عنت نبوءاته بالملامح الخاصه بالموضوع الرؤياوي الخاص بالشخصية الموعودة في آخر الزمان ويذكر أن أرميا يمارس عبادة قلبية " عرفانية " هو وتلامذته وهي ممارسات باطنية أشراقية أو لنقل نورانية ولذلك سمى تابعوه أنفسم ب " فقراء يهوا " أي فقراء الله ورغم مشاعره الرقيقة فأن أرميا يتنبأ بنبوءات انتقامية ستأخذ ذلك الشعب ولذلك عبر عنه المتأخرون بأن أرميا غالبا ماتأخذ عليه عواطف انتقامية مع كونه نبيا ومبعوثا سماويا وهو أتهام صريح له بالهوائية التي يمتاز بها غير الممثليات السماوية من البشر ولعل تضمين هذا الاتهام لأرميا يكشف عن تحرك خفي ضد شخصه بهدف أدانته نتيجة ثورته على الاخلاقية المتمردة السائدة في قومه و ويتضح هذا المعنى حين زج في السجن ونسي أمره بحيث غاب عن مسرح الأحداث وتشير الوقائع بأن أرميا كان يملي على النبي باروك تفاصيل نبوءته لأنه كاتم سره الأمين لذلك يتناصف بنبوءاته مع النبي باروك ليكون هذا الأخير راويا عنه وناقلا منه ككاتبه . يشبه أرميا في الفصل الثامن عشر الشعب اليهودي كأناء من الخزف يفسد في يد صاحبه فيبدله بأناء جديد وهي أشارة غامضة أراد بها أرميا القول بأن أمة أخرى ستتولى عملية نصرة قضية السماء وقد توجه أرميا نحو مساحتين من المستقبل كانت الأولى قد عبرت عن المجيء الاول للمسيح , في حين عبر أرميا في الفصل [4 الآية 19 ] عن ظهور مبيد الأمم الضالة , فكان لابد من الانذار الذي غالبا مالا يجدي مع معانديه ومخالفي شريعته فهددهم أرميا بنار غضب الرب التي قد لاتنطفيء والتي أوقدتها شر أعمالهم ومن ثم شرع بتنفيذ وعيده الذي بدا محسوما لارجعة فيه وهو أستقدام الأمة المؤهلة بدلهم والتي ستنال منهم وتدمرهم وسيخرج فيها ذلك الاسد الغالب الذي سيخرج من عرينه وسماه واطلق عليه أسم مبيد الامم والذي سيزحف ليجعل أرض أورشليم خراب ويجعلها من غير سكان .. وأذ يطمئن أرميا الأمة المتبقية من اليهود قائلا سيكون لكم سلام يبلغ أن سيف الرب قد بلغ النفس ويجب أن يأخذ جزيته , ويشمت أرميا بأورشليم قائلا " طريقك واعمالك جرت عليك هذا هو شرك الذي بلغ قلبك " فذوقي هول الأمة القادمة من بعيد لتعزرك وفي الايه [16] صورة يرسمها أرميا وكأنه شديد اليقين بحتميتها وتتكلم عن زمن بعيد جدا عن أناس سماهم بالمحاصرين يقبلون من أرض بعيدة وقد أطلقوا أصواتهم على مدن يهوذا
[الفصل 4 الايات 4-11 ومن 16- 19]
" أختتنوا للرب وأزيلوا قلف قلوبكم يارجال يهوذا وسكان أورشليم لئلا يخرج غضبي كالنار فيحرق وليس من مطفيء لأجل شر أعمالكم . أخبروا في يهوذا وأسمعوا في أورشليم . تكلموا وأنفخوا في البوق في الأرض . نادوا بملىء أفواهكم وقولوا أجتمعوا فتدخل المدن الحصينة أرفعوا الراية نحو صهيون واهربوا ولا تقفوا أني جالب شرا من الشمال وحطما عظيما . قد طلع الاسد من عرينه ومهلك الامم زحف وبرز من مكانه ليجعل أرضك خرابا فمدنك تبقى خالية من غير ساكن . لذلك تحزموا وأمسحوا بالمسوح والطموا وولولوا فان شرة غضب الرب لن تنصرف عنا أبدا . في ذلك اليوم يقول الرب يهلك قلب الملك وقلوب الرؤساء ويبهت الكهنة ويتحير الأنبياء . فقلت آه ايها السيد الرب لقد أطغيت هذا الشعب إطفاء وأورشليم قائلا سيكون لكم سلام وها أن السيف قد بلغ النفس . في ذلك الزمان يقال لهذا الشعب ولأورشليم ريح لافحة من روابي البرية نحو طريق أبن شعبي لا للتذرية ولا للتنقية . ريح أشد من هذه تهب لي وحينئذ أنطلق أنا أيضا بأحكامي عليهم . ها أنه يصعد كغمام وعجلاته كالزوبعة وخيله أخف من النسور . ويل لنا أنا قد دمرنا . أغسلي الشر من قلبك ياأورشليم لكي تخلصي . متى تبيت في داخلك أفكارك الاثيمة ... أذكروا للأمم أن قد سمع عن أورشليم أن محاصرين يقبلون من أرض بعيدة وقد أطلقوا أصواتهم على مدن يهوذا . أحاطوا بها كنواطير الحقول لأنها تمردت علي يقول الرب . طريقك وأعمالك جرت عليك ذلك . هذا هو شرك وهو مر وقد بلغ قلبك . “وبالرغم من أنك ستجد أن الذين شاركوا أرميا غيابيا في كتابة نبوءته من الكتبة قد رسموا صورا ستجري في أزمان وسطية وقريبة بعهود سنحاريب وسرجون الاكدي أو أسرحدون أو غيرهم الا أن الاسفار غالبا ماتميل الصراحة في ذكر السياقات التاريخية القريبة في الماضي او المستقبل القريب وربما تجزل في تفاصيلها ومسمياتها وتسرد الكثير من وقائعها بحيث تضعف سمة الرمز وتكون أقرب من الصراحة منها الرمز ولذلك ترى أن أشعيا مثلا أنفرد بنبوءات غامضة وغير محددة تاريخيا أو هي غير محددة بخريطة زمنية ثابته بحيث ترسم مساحة رؤياوية بعيدة وقد مال أشعيا كما أسلفنا سمات الأمة التي ستتبع المسيح الحربي أو القائم بالسيف بتغطيه هائلة وتبعه أرميا بتغطية محدودة لهذا الموضوع لأنه أختص بزمن وسطي وتناول يوحنا كمنقذ وسطي ومبلغ ثم المسيح ألا أنه كان ملزما في طريقه بتغطية الزمن الاخير كمهمة ملقاة على عاتق الأنبياء الملهمين كلهم .
وقد بدا من كاتب سفر النبي باروك الذي يلي أرميا بأنه كاتب متأخر كثير الانفعال نتيجة وقوعه على سر أمة ستأخذ مكانة بني إسرائيل ولن تكون منهم ولن تخلف مجد داود الذي أضاعوه فيكون أن منشيء سفر باروك النبي منشيء غير حقيقي وأن مدونات ذلك النبي قد حرفت أغلبها , رغم ذلك فقد توافق موضوع أرميا وباروك النبي مع مجمل ما أتت به التوراة وبانفعال وإلحاح شديد مشوب باليأس وتحذر من أمه يقودهم مخلص , يبدوا من انفعالية ويأس ذلك المنشيء المتأخر بأن نسبه وأصله سيكون من خارج نسب داود بما في ذلك الفئة التي ستظهر معه وتأخذ هذه الإفاضة الدقيقة من الفصل : [ -4 للنبي باروك الآيات من 2-3]
تب يا يعقوب وأتخذها وسر في الضياء تجاه نورها. لا تعط مجدك لآخر ومزيتك لأمة غريبة فلو كان المعني بهذه الصورة يسوع ومصدقيه فهو من آل داود والمصدقين به هم أغلب بني إسرائيل ولعل مثل تلك الصورة تذكر بتركيز في أغلب الأسفار الملهمة إذ تبكي مجدا سوف يزول الأبد وهو سقوط اليهود من دائرة الاجتباء والخطوة التي ينظرون لها دائما ودون هوادة .غير أنهم متيقنين من أن مصيرهم بائس ومجدهم ذاهب بعد أن خانوا الله و أنبيائهم وكتابهم . لهذا السبب فقد ابتدأ الساسة والملوك والكتبة المتأخرين من الكهنة بمشاريع تحريفية يعيدون بها مجدهم الذي سيفقدونه حتما لينطلي هذا الوهم عليهم بالنتيجة ويضعون أنفسهم وسط دوامة أخرى من الزيف والتمرد وهي ردة فعل الخاسر والمتيقن بمصيره المحتوم, ويبدوا أن هذا المعنى مؤكدا في الآيتين التي ذكرناها .
[15-19] ضمن الفصل [66] “لأنه هوذا الرب يأتي ومعه النار وعجلاته كالزوبعة ليبلغ غضبه بحنق وإنتهاره بلهب نار . لأن الرب بالنار والسيف يخاصم كل البشر ويكون قتلى الرب كثيرين . أن الذين يقدسون نفوسهم ويطهرونها في الجنات وراء واحد في الوسط ويأكلون لحم الخنزير والرجس والفأر يفنون جميعا يقول الرب . فأني عالم بأعمالهم وأفكارهم . قد حان أن أحشر جميع الأمم والألسنة فيأتون ويرون مجدي . وأجعل بينهم آية وأبعث ناجين منهم إلى الأمم ... حتى يقول " ويخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوني لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ ويكونون رذالة البشر.”وأشار أشعيا إلى " هرمجدون " المعركة الحاسمة أرادها الكتبة المتأخرين أن تكون لصالح أبناء "يهوذا " دائما بأستحقاقات هزيلة ومجانية , في حين حرص أشعيا كما أسلفنا في مجمل إطروحاته الرؤياوية إلى رسم صورة اليهودي المتمرد الضال وشرح شخصيته الميالة للخيانة وملاكه النفسي الضحل وأبقى الشر ملازما له في رحلة الانحطاط التي لم تنتهي عنده عند زمن فقدم لنا أشعيا مستوى متدني لشعب متسيب منحل مرتد لا تأمن له عهدا أو ميثاقا مع الله غير ميال للسلم كثير الاحتجاج ميال إلى الشكوى والضجيج ويرسم شريعته بيده ويسن قوانينه بمزاجه فهو لا يتقبل قانون أو شريعة تقيد مزاجه وعبثه لذلك نراه يتمرد حتى على الله ولا يرجع إلى ضميره بسهولة حتى تنهال عليه الأهوال والعقوبات لترده قسرا إلى فطرته فيعود ليتمرد بغتة .. ولعل ذلك قد إستوفاه أشعيا في معظم الموارد التي توقف فيها لينهال بغضبه على هذا الشعب العاق لربه وشريعته وتراه يمعن في فضح أخلاقيته ويشرح نفسيته المريضة التي لا تستجيب لأي علاج سوى الكي بعد أن أضنى وأتعب أنبياءه وقتلهم.
ومما أهتم به أشعيا هو الإحاطة الرؤياوية للشريحة التي سترافق المهدي الموعود متعرضا لأمتيازاتها النفسية وبناءها الروحي والعقائدي كما رسمته الكتب السماوية المنزلة من توراة وأنجيل وقرآن . وقد أجتهد البعض من هؤلاء اليهود في جعل موضوعات أشعيا مقتصرة على الأمة العبرية بصفتها موضوع السماء الأوحد وخاصتها في الرعاية وقد ذكروا أن موضع ذكر الأمم الأخرى في سفره وكما سموها الأمم الأجنبية إنما بمنزلة الفهرس لما تحته يأتي على جميع ما فيه دون إهمال شيء " وبالتالي فأن النبوءات المندرجة في هذا السفر بخصوص الأمم الأخرى أنما هي من جهة تعلقها بشعب الله المختار الذي إلى منفعته يعود جميع ما تدبره العناية الإلهية وتصرفه من الأمور .وبهذا التناقض مابين حقيقة وصراحة الموضوع الرؤياوي في سفر أشعيا وبين المدعيات العنصرية العرقية أعلاه نكون قد وضعنا يدنا على الكثير من التسويف والنتاقض فيما يرمي إليه هؤلاء في التصرف بالموضوع الرؤياوي ليخدم أمانيهم وإراداتهم المريضة على أن إمتياز الاجتباء والاصطفاء قد ورد لدى أمم أخرى وبلسان ملهميها من الأنبياء والصديقين , بل وتذهب النبوءة إلى أن الأمة المندوبة لنصرة المخلص لن تكون من نسب داود بل من أصل إسماعيل والغريب أن هذا الطرح قد إستوفته شخصية أنجيلية ملهمة هو برنابا وأن برنابا قد جاء ببشارة تحدثت عن أمة صغيرة ستخرج بهوية أسلامية وتحدثت عن شخصية رؤياوية بلسان نبيها سيقود هذه الأمة ويتولى فرض الشريعة الموحدة.
أكد برنابا حقيقية أنجيلية أصيلة وغير محرفة متجاوزا عقدة أنانية الدين وأهلية أهل التوراة أو الإنجيل بصفتهم المختارين دوما والمندوبين إلى الأبد لإقامة مشروع ملكوت الله أو دولة السماء على الأرض, في حين ترى أن اليهود أنفسهم لم يقبلوا بنسخ شريعتهم وموضوعهم اللاهوتي وتبعهم المسيحيين الذين شق عليهم أكثر هذا الموضوع كما أشار إليه برنابا في معظم أنجيله . وعموما فكما يعول التوراتيون والإنجيليون على الدليل الإشراقي والنور الإشراقي الذي يدعم الحقيقة أو العقل فأن برنابا نفسه يراهن على هذا الخيار بل أن أمما موحدة كالمسلمين يؤمنون بمصداق النور الإشراقي أيمانا فيه من الاستغراق ما يؤهلهم أن يفرضوا نظرية الاجتباء أو مختارية الرب لأمتهم خصوصا وهي مؤكدة في أنجيل برنابا وليس في القرآن فقط وهم يعولون على البرهان اليقيني والدليل الإشراقي دون الحاجة إلى جدلية عقيمة في تعسف الآخرين بفرض ظنية الاجتباء لنبيهم وأسباطه الإثني عشر ولديهم أدبيات ضخمة تشير إلى واقعة تشبه واقعة مجدون وهي واقعة " قرقيسيا " كما يؤمن الراديكاليين المتشددين من المسيحيين واليهود بواقعة " هرمجدون" ولا يكترث المسلمين لسطوة السلاح النووي أو الإمتيازات التقنية فيها لأيمانهم بأن الحسم سيكون بيد المخلص وتدخل السماء في أحداث وقائع تصفي له الأجواء تماما بأسباب أرضية والمسلمين يسلمون بكتابهم ويؤمنون بمصاديقه ويحتجون بعدم مساسه بالتحريف وحفظه لأكثر من ألف وأربعمائة سنة ويزيد دون القدرة على التصرف بموضوعه وقلبه وقالبه ولغته العربية التي نزل بها .
ولنا دراسة بأفاضة اوسع في الاعداد القادمة انشاء الله سنعرض فيها الكثير من النصوص المقارنة .
تحقيقات
علة ادعاء المهدوية
ان الطبيعة التكوينية للأنسان لها أسرارها التي لا بد ان نقف عليها بما أوتينا من معرفة ليتسنى لنا دراسة السلوك الانساني ولزيادة المعرفة بهذه النفس التي تبلغ اعماقها من البعد بحيث جعلت السماء ترسل لنا رسلاً واولياء ليكونوا لنا عوناً ودليلاً يدلنا على الطريق المستقيم من خلال ارشاداتهم وايجاد الدواء الشافي للعلل والعقد النفسية لطبيعة الفهم القاصر لدينا في معرفة حقيقة النفس والوجود.
قال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}.
ان الله تعالى عندما خلق الانسان جعل فيه قوى وجعل له هيئة وتركيب لكل عالم من العوالم التي اشتركت في التكوين الانساني والابداع الالهي في غاية لجعل هذا الانسان الخليفة الالهي على أرض الوجود وكمرحلة ابتدائية لتكملة السير الى دار المقام ، أعطى المولى عز وجل الامور التالية:
أولاً : أعطى الله تعالى للروح في عالمها قوى روحية مكنتها من الامتداد الروحي بحيث جعلها قادرة على الاتصال مع جنسها من الملكوت ولها القابلية على التأثير في الوجود المادي والتغيير في نظامه بما هو مشروط مسبقاً من علل ومقتضيات وحسب الاستعدادات والممكنات التي تأتي الا عن طريق البناء الالهي للأنسان في السير والسلوك الى الله تعالى من خلال التحلي بالملكات وقلع الرذائل وكل حسب استعداده وتوفيقاته.
ثانياً : أعطى الله تعالى للنفس الانسانية قوى نفسية وجعل فيها صفحات من المعرفة للخير والشر كم أشار القرآن الكريم لذلك بقوله تعالى {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} وحذرها من إتباع الهوى فجعل تعالى بذلك قدرة للنفس على الامتداد النفسي بالاتجاهين السلبي والايجابي فأذا نزلت بصاحبها بالاتجاه السلبي نحو الرذائل نزلت بمستواها الى الحيوانية بل من الممكن ان تمتد امتدادت شيطانية فتجعل صاحبها متمراداً على ارادة السماء بعيداً عن الله تعالى وبذلك كان صاحبها وليا من اولياء الشيطان أعاذنا الله تعالى وإياكم من ذلك .واذا أتبع الانسان ما أمرت به السماء وما أرادته لها من الرقي في الكمالات نال بذلك شرف الوجود وأشرق عليه الفيض من المعبود فكانت بذلك نفساً قدسية ونالت شرف الحظوة بالقرب منه جل وعلا . وبعد هذا الايضاح يجب ان نفهم كيفية انتقاش صور الموجودات في النفس الانسانية وكيف تتعامل النفس مع هذه الصور لندخل من خلال ذلك الى معرفة السبب في ادعاء المنازل الرفيعة كالنبوة او الامامة وعلة ذلك .
الركن الاول :
ان اتصال الانسان بعالمه الخارجي يتم عن طريق الحواس التي يتم بواسطتها انتقاش صور الموجودات في النفس وعند انغلاق الحواس اثناء النوم مثلاً تنفرد القوة المتخيلة وتكون فارغة مما يؤدي الى تجدد الصور عليها من الحواس فتعود الى ما ادخرته من رسوم محفوظة فتركب بعضها على بعض وتفصيل بعضها عن بعض ، كما ان للتقوى المتخيلة القدر على محاكاة الاشياء المحسوسة بالحواس الخمسة وأحياناً تحاكي المعقولات وأحياناً تحاكي القوة الشهوية او السبعية وغيره من القوى ، وكل قوى معها لها محاكاتها الخاصة وحسب الكمال والسير فيه فكلما قرب العبد من المستوى المطلوب والمرغوب فيه من الكمالات كلما كانت المحاكاة أمثل وأقرب الى الصلاح . إن محاكاة القوة المتخيلة للمعقولات أن تعطي القوة الناطقة بيانات المعقولات التي حصلت عليها للقوة المتخيلة والاخيرة لا تقبلها كما هي في القوة الناطقة ولكن تحاكيها بما يتناسب معها وكل هذا يتناسب مع القدرة العقلية واستنارتها فكلما قرب العقل في سيره التكاملي وجعل النفس خاضعة له كان أقرب مستوى للعقل العلمي المستفاد من فيض العقل الفعال وبذلك تكون محاكاة العقل للقوة المتخيلة بالجزئيات دون الكليات بحيث ان هذه القوة المتخيلة تقبل هذه الجزيئات كما هي او تحاكيها بشيء رمزي يتناسب معه وهذه المحاكاة هي طبيعة الرؤى في المنامات .
وكلما ازدادت القوة المتخيلة قوة وقل انشغالها مع ما يرد من الحواس حتى في اليقظة فأن العقل بنسبة المعرفة ومستوى الكمال الخاص به وفق تطوره يرد عليها فترتسم في الحاسة فتنفعل هنا مثلاً عن ذلك الرسم القوة الباصرة فيحصل من هذا الارتسام ارتسام آخر في الهواء ينقش تلك الصورة فيعود مرة اخرى ما في الهواء الى القوة الباصرة فيرتسم فيعود الى القوة المتخيلة فيصبح ما أعطاه العقل مرئياً لهذا الانسان على هيئة صورة وهذا نوع من أنواع التجلي الذاتي للنفس الانسانية ( الافاضة الذتية). والى هنا عرفنا كيفية انتقاش الموجودات في النفس ومحاكاة القوة المتخيلة لها وانبعاث الصورة مرة اخرى من القوة المتخيلة سواء كان ذلك في المنام أو اليقظة.
هذا الحال يحصل لمن استدل على الطريق في السير الى السير الى الله والاستكمال لهذه النفس الناقصة التي جبلت على القهر ولكن الحال مختلف لمن كانت نفسه هي التي تقوده لهواها قال تعالى {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} فأن الانسان جبل على حب الشهوات والغرائز وهذه بحد ذاتها لم تكن مذمومة فقد جعلت السماء لها الطرق المناسبة لاشباعها ووضعت لها الدستور والنظام الرصين لحاجة الانسان اليها في البناء الاجتماعي .
قد تكون هذه الشهوات مجتمعة في فرد او تطغى احدها على البقية ومن خلال ذلك جعل الله تعالى الانسان حرا في افعاله واختياره وجعله مكلفاً بذلك ووضع له المنهج القويم من خلال البعثات السماوية وخلق ابليس الذي يوسوس للانسان ويصرفه عن طريق الهداية والصلاح .
ونرى هنا ان سبب الادعاءات لهذه المنازل او تلك بسبب:
عدم التكامل الاخلاقي والروحي والنفسي لمثل هذا الشخص بحيث جعل للشيطان ولاية عليه فتولاه بذلك من خلال ما يلقي اليه ويمني له فكانت نفسه ساحة انفردت بها الشياطين ولعدم قدرة الفرد على التمييز بين ما ياتيه من فيض من الرحمن او من الشيطان فقد قال تعالى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} فهنا تشير الاية الكريمة ان الشيطان ليس له سلطان على الذين أمنوا والايمان كذلك على مراتب بل ان سلطانه على الذين يفتحون أمامه الباب للولوج الى داخل نفسوهم الغير متكاملة والتي تتصف برذائل الاخلاق وتنم على عدم معرفة هذا الإنسان لنفسه ولو بأبسط أنواع المعرفة .
الركن الثاني:
الجهل بحقائق القضية المهدوية
لقد عانت القضية الإلهية من التركيبة التي استحدثها البعض من الذين قادتهم الأهواء والرغبات إلى التغيير في أركان هذه القضية فظهر في بعض أحاديثها الوضع والتزييف وظهر في البعض الآخر المغالاة . فلم تسلم القضية الإلهية من اليد الدخيلة التي حاولت النيل من الإسلام وكما عهدنا في القضايا الإلهية السابقة من الوضع والتحريف وخير مثال على ذلك تحريف الحقائق الخاصة برسول الله (ص) في البشارة به في الإنجيل وأحدثت هذه التحريفات الجدل والصراع بين الكثيرين ممن دخلوا حلبة الصراع من أجل إثبات حقائق القضية المهدوية ورفع الزيف عنها . وكان لطبيعة الإخبار من قبل الرسول الكريم (ص) والأئمة أثر كبير في تثبيت القضية الإلهية ولكن لم تكن تلك الأخبار واضحة المعالم بالنسبة لحقيقة الشخصية الغيبية للإمام القائم (عليه السلام) فقد أحيطت بهالة من الغموض والضبابية التي لا ينكرها من يملك أدنى مستوى من الفكر ويظهر ذلك جلياً من بداية التاريخ الإمامي للمدعين الأوائل الذين استغلوا رمزية تلك الأحاديث لصالح ادعائهم لتلك المنزلة الإلهية العظيمة واعتمدوا هذه الأحاديث في الترويج لقضاياهم كما يذكر لنا التاريخ من ادعاء المهدوية لمحمد بن عبد الله ابن الحسن في الإرشاد عن مقاتل الطالبيين وادعاء كثير من الهاشميين المهدوية ولعل الخبر المروي عن النبي (ص) أن المهدي (( اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي )) كان من مجعولات بعض أتباع محمد ابن عبد الله بن الحسن . دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ج1ص281 ب3 فص 4.
وكثير من المدعين الذين كشف لنا التاريخ زيف دعواهم لم يكن بإمكانهم تحقيق الكثير فسرعان ما يسقطون أمام هالة هذه القضية العظيمة . كما أن شخص الداعي لم يكن لديه من التكاملات النفسية والروحية التي من خلالها يستطيع أن يتغلب على أهوائه لذلك فمن غير الممكن أن تتوج مثل هذه الدعوات بالتوفيق لعدم استيفائها الشروط التكاملية لدى الداعي فيكون حينئذ مشروع تلك الدعوة أو الراية عبادة من دون الله تعالى عز وجل .
قال رسول الله (ص) ((من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف)) بحا الأنوار 52 ، والتاج الجامع للأصول 5/ 341- 344 . الباب 7 من الكتاب الفتن.
ومما يثبت غموض القضية الإلهية ورمزها الشريف وطمع الكثيرين فيها الكثير من الأحاديث التي وقف عندها المتأمل فلم يبلغ الجواب الشافي نتيجة رمزية تلك الأحاديث ، عن أبي خالد الكابلي قال دخلت على محمد بن علي الباقر (عليه السلام) فقلت له : ((جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وأنسي به ووحشتي من الناس ، قال صدقت يا أبا خالد فتريد ماذا ، قلت جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده ، قال فتريد ماذا يا أبا خالد ؟ قلت أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه ، فقال سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثاً به أحد ولو كنت محدثاً به أحدا لحدثتك ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة . الغيبة للنعماني ص289 ، بحار الأنوار ج52 ص99 ، والغيبة للشيخ الطوسي .
عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه قال : (إن هذا سيفضي إلى من يكون له الحمل) بحار الأنوار ج51.
قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول ( إن صاحب هذا الأمر فيه سنة من يوسف ابن أمة سوداء يصلح الله أمره في ليلة واحدة ) بحار الأنوار ج51.
بيان قوله (عليه السلام) ابن أمة سوداء يخالف كثيراً من الأخبار التي وردت في وصف أمه (عليه السلام) ظاهراً إلا أن يحمل على الأم بالواسطة أو المربية . بحار الأنوار ج51.
الحكمة من العصمة الالهية
ما هي العصمة وما هي أنواعها وشروطها
يقول علماء الاسلام عن معنى العصمة عند الانبياء والائمة سلام الله عليهم بأنه تطهير الله لهم وتنيهه إياهم من الرجس والذنب والزلل والمعصية والدنس والاثم والخطأ والسهو والنسيان والاشتباه والغفلة والوهم . وإهابه لها عنهم بإيجاده تعالى فيهم ( لطفاً بقربهم من الطاعات والواجبات الشرعية ويبعدهم عن المعاصي والمحرمات الشرعية . وكذلك يقولون عن المعصية.
هي ملكة تقتضي عدم مخالفة التكاليف الشرعية الالزامية عمداً أوسهواً مع القدرة على الخلاف.
وقد جاء في كتاب الاعتقادات في دين الامامية ص70 للصدوق / الشيخ ابو جعفر بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (قدس):
(إعتقادنا في الانبياء والرسل والائمة والملائكة صلوات الله عليهم إنهم معصومون مطهرون من كل دنس وإنهم لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ومن نفي عنهم العصمة في شجا من أحوالهم فقد جهلهم ... وإعتقادنا فيهم أنهم (معصومون) موصوفون بالكمال والتمام والعلم من اوائل إمورهم . وآخرهملا يصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل.
وبقي علينا الالماع الى أمرين مهمين يتعلقان بالعصمة يجدر بنا تناولهما بشيء من الذكر لتتضح لنا الصورة كاملة لا نقص فيها هما:
الامر الاول : وهو يختص بالحكمة من عصمتهم ( سلام الله عليهم ) ويمكن الاجابة على ذلك بذكر حكمتين رئيسيتين لذلك.
الحكمة الاولى : تطهير ( تزكية ) من الله تبارك وتعالى للمعصوم عليه السلام بأنه { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى }النجم3.
الحكمة الثانية : حفظ الاحكام الشرعية الاسلامية الالهية من الاضاعة والوضع والاختلاف والتصحيف والتحريف والتحويل والتغيير والزيادة والنقصان وتبليغهما كاملاً.
الامر الثاني : هي انواع العصمة والفروق بين العصمة الواجبة والعصمة غير الواجبة.
ذكر بعض الفروق بين المعصوم بالعصمة الواجبة والمعصوم بالعصمة غير الواجبة وهي أمور نستطيع اضافة ثلاث فوارق أخرى بين بعضها البعض وهي:
الفرق الاول : ان المعصوم بالعصمة الواجبة من الانبياء والائمة (عليهم السلام) لديهم في واقع الحال تكليفين (ظاهري وباطني).
أما الباطني بينه وبين الله عز وجل واذا تعارض التكليفان وجب على المعصوم العمل بالتكليف الباطني الذي قد يظهر في بعض الاحيان لعامة الناس بأنه خلاف المنطق والحكمة كما في مصالحة الامام الحسن (عليه السلام) مع معاوية بن أبي سفيان.
الفرق الثاني : ان التسديد والالهام غير منتقطع عن المعصوم بالعصمة الواجبة وحتى الاسهاء ممتنع عنه فضلاً عن السهو ، بلحاظ ان العصمة غير الواجبة ربما يتعرض صاحبها لذلك اقتضاءاً وانجازاً لحكمة الله تبارك وتعالى .
الفرق الثالث : ان المعصوم بالعصمة الواجبة موسوم بالعلم ( الحضوري ) في حين ان عامة الناس موسومون بالعلم ( الحصولي ) ( أي بالتحصيل ) وخلاصة الكلام ان الانبياء سلام الله عليهم جميعهم معصومون بالعصمة الواجبة . وكذلك الاوصياء والائمة عليهم السلام فجميعهم معصومين بالعصمة الواجبة وموسومون بالعلم (الحضوري).
فسلاماً على الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وعلى الائمة التسعة من ولد الحسين المعصومين الميامين الاطهار ومنهم صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه) ونسأل الله العلي القدير ان يجعلنا من أعوانه وأنصاره .
عادل قاسم الزبيدي
الاخيرة
السيد القحطاني يناقش اراء الشيخ بشير النجفي في قضية الامام المهدي(ع)
جيدة هي الكتابة والتأليف في أمر الإمام المهدي (مكن الله له في الأرض ) وحسن هو الاهتمام بقضيته سواء كان من رجال العلم أو من عامة الناس لكن الغير جيد أن تكون تلك الكتابات والمؤلفات غير موافقة لما جاء في كتاب الله عز وجل وأحاديث وروايات النبي والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لأنها ستكون حينها مدعاة للانحراف والاعتقاد الخاطئ مما يترتب عليه نتائج سلبية حتماً لذا فقد حذر أهل البيت (عليهم السلام) من الأخذ بكلام وآراء أيا كان خاصة إذا لم يكن حجة على الناس . فقد جاء في الرواية عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو عبد الله (ع) : إياك والرئاسة - إلى أن قال - إياك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال . الكافي ج2 ص297 . لذا فإن أي قول إذا لم يوافق قول الأئمة (عليهم السلام) الذين جعلهم الله حجج علينا فإننا لا يمكن أن نصدقه ونقبل به
اننا وللاسف الشديد ليؤلمنا مانقرئه في بعض الكتب والابحاث خاصة تلك التي صدرت عن رجال دين واهل علم فنجد فيها الكثير من الاراء الخاطئة البعيدة كل البعد ن الحق والصواب ومن جملة هذه الكتب كتاب للشيخ بشير النجفي اسمه ((ولادة الامام المهدي(ع))) وهو صادر عن مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام التابع لسماحة السيد علي السيستاني . والحقيقة اننا وجدنا فيه الكثير من المؤاخذات وخاصة في اجوبة الشيخ حول الاسئلة الموجهة لسماحته فقد سئل عن زمن الظهور حيث جاء في الصفحة (33) من الكتاب ماهذا نصه :
(س1 / هل تحققت معظم علامات ظهور الامام المنتظر عجل الله فرجه ؟ وهل هذا هو زمن الظهور ؟
- فاجاب سماحة الشيخ قائلاً :-
ج/ علامات ظهور الامام كما قرر العلماء على قسمين : بعضها حتمي والآخر غير حتمي ، العلامات الغير حتمية يحتمل ان يظهر الامام عليه السلام بعدها وليس ذلك مؤكداً ، وهذه العلامات تقريباً كلها تحققت ، واما الحتمية فلم يظهر منها شيء لحد الان اما بالنسبة لزمن الظهور فالامام المعصوم عليه السلام قال:(كذب الوقاتون) ويرد على جواب الشيخ هذا ان القول ان هذا زمن الظهور ليس من التوقيت بتاتاً فانه ليس محصوراً بمدة بعينها اي ان القول ن هذا عصر الظهور ليس فيه تعيين لسنة ظهور الامام (عليه السلام) كما انه في عدة مواضع من نفس كتابك هذا قد ناقضت قولك بنفسك حيث قلت في الصفحة (86) من كتابك هذا رداً على سؤال برقم 12 جاء فيه :( س12/ ورد في الاحاديث انه يظهر في عدد من السنين الفردية الى غير ذلك ، افلا يعتبر هذا توقيتاً ؟
وجاء في الجواب
ج/ ليس هذا توقيتاً ، بل هو من قبيل القول بأنه عجل الله فرجه يظهر في آخر الزمان ، والتوقيت هو ذكر اليوم والشهر والسنة ) .
وقد سئل السائل عن هل ان هذا هو عصر الظهور ام لا وليس فيه تحديد لليوم والشهر والسنة اي ليس فيه توقيت كما قد ذكرت ان التوقيت ذكر اليوم والشهر والسنة فلماذا هذا التناقض ياترى ؟!
- قد اورد الشيخ النجفي في الصفحة (68) من كتابه رواية عن ام هانئ الثقفية جاء فيها :( قالت ام هانئ : قلت ياسيدي مامعنى قول الله عزوجل ((فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس)) قال : نعم المسألة سألتيني يا أم هانئ ، هذا مولود في آخر الزمان هو المهدي من هذه العترة ...الخ)) وبعد هذا المورد بعدة صفحات اي في صفحة (87) اجاب الشيخ على سؤال برقم(13) وكان جوابه كالتالي :(الروايات في كتب ابناء العامة تشير اكثر من مرة الى هذا المعنى ، وهو انه سيظهر . اما ولادة شخصه فالروايات في كتبهم شبه نادرة) ويرد على كلام الشيخ هذا ان العالم يجب ان يكون منتبهاً في اقواله لا ان يناقض اقواله بنفسه مرة واخرى يلزم نفسه للخصم فان ابناء العامة لووقع بيدهم هذا الكتاب لكان من السهل عليهم تطبيق قاعدة الالزام (اي الزموهم بما الزموا به انفسهم) فانت تنفي وجود روايات من طرق اهل السنة تذكر ولادة المهدي الا انك ذكرت رواية ام هانئ وفيها دلالة على ولادة المهدي في اخر الزمان كما هو ظاهر الكلام حيث جاء فيها ((هذا مولود في اخر الزمان هو المهدي من العترة)). فكيف يقع من يعتقد في نفسه انه عالم ومجتهد واعلم من غيره في هذه المسالة الخطيرة .
وفي الصفحة (82) من نفس الكتاب ورد هذا السؤال والذي جاء فيه : (س3/ هل يمكن التوفيق بين ماوري عندنا وماروي عند العامة ان المهدي عجل الله فرجه يولد اخر الزمان ونحن نقول انه مولود ؟ ووجه التوفيق ان العامة عندهم السنة منحصرة يقول النبي (ص) وحين بشر بالمهدي لم يكن موجوداً !
- وجاء في جواب سماحة الشيخ -
ج/ ليس هذا التزاماً بالروايات التي وردت عن رسول الله (ص) - كما قلت في الجلستين السابقتين - فكلها تقول يظهر ، يولد آخر الزمان ولكن ماهو المقصود بآخر الزمان ؟ لقد وصف آخر الزمان بالقياس الى عدد الائمة عليهم السلام فهو آخر الزمان ، وكلمة آخر الزمان كلمة اضافية لايمكن تحديدها ، والذي ذهب اليه جمع وما قلته بخدمتكم في الجلسة السابقة والأسبق هو إن الروايات الواردة في كتب أبناء العامة كلها تقول إنه سيظهر ، وهناك روايات تقول : ولد وسيظهر . بهذا تجتمع الروايات.
ويرد على جواب الشيخ : إن العالم يجب أن يتصف بالشمولية وبُعد النظر وسعة الإطلاع والحقيقة إنه من الممكن الجمع بين ما يقوله أهل السنة من إن المهدي يولد في آخر الزمان وبين ما يعتقد به أتباع أهل البيت من إن المهدي ولد وغاب وسوف يظهر في آخر الزمان فعلى قول الشيعة إن الذي ولد وغاب ويخرج في آخر الزمان وهو الإمام المهدي الحجة بن الحسن العسكري عليهما السلام ، أما على قول السنة فإن الذي يولد في آخر الزمان هو السيد الحسني اليماني وزير الإمام والذي يسمى في بعض الروايات بالمهدي ، وهذا مما صرح به بعض علماء الشيعة في كتبهم وأبحاثهم وأكثر من ذلك ما دلت عليه الروايات ، وهذا السيد الحسني اليماني هو الحسني عند السنة وهو من يكون حجة عليهم وهو من يقودهم لأداء النصرة والتسليم والطاعة للإمام المهدي الحجة بن الحسن عليهما السلام حيث دلت بعض الروايات على ظهور شخص اخر غير الامام المهدي (عليه السلام) يخرج في اخر الزمان يكون هادياً مهدياً يدعو الناس الى الله والحق والى الامام المهدي(ع) وهو السيد الحسني الذي ورد ذكره في الروايات المعصومية الشريفة وهو الذي يسلم الراية للامام المهدي(ع) وهو وزيره اليماني الذي يخرج من اليمن ومن قرية يقال لها كرعة والذي يخرج بالرايات السود من خراسان وهذه طائفة من الروايات الواردة عن ائمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين والتي اثبت من خلالها ان هناك مهدي حسني اضافة الى المهدي الحسيني والذي هو الحجة بن الحسن(ع):
1- عن الامام الحسين(ع) ان النبي(ص) قال: لفاطمة عليها السلام:(والذي بعثني بالحق منهما - يعني الحسن والحسين- مهدي هذه الامة اذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن)لبرهان ص94.
2- عن علي بن هلال عن ابيه قال: دخلت على رسول الله(ص) وهو في الحالة التي قبض فيها فاذا فاطمة عند رأسه فبكت حتى ارتفع صوتها فرفع رسول الله(ص) اليها رأسه فقال حبيبتي فاطمة....- الى ان قال- ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب اهل الجنة وابوهما والذي بعثني بالحق خير منهما يافاطمة والذي بعثني بالحق ان منهما مهدي هذه الامة اذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً ..) بحار الانوار ج51، يظهر من هذين الخبرين ان المهدي(ع) يكون من ذرية الحسن والحسين (عليهما السلام)وهذا لايمكن تفسيره وحمله على شخص واحد لان الحسن والحسين(عليهما السلام) هما اخوين وان الامام المهدي(ع) من ذرية الامام الحسين(ع) كما لايخفى لذا فان الحق يقتضي ان يكون المهدي مفهوم ينطبق على مصداقين في اخر الزمان وهما الامام الحجة بن الحسن (ع) والسيد الحسني اليماني وزيره وصاحب دعوته والذي يسمى ايضاً بالمهدي كما في الاخبار القادمة كالخبرالرابع والخامس والسادس.
3- عن عمرو بن ثابت عن ابيه عن ابي جعفر(ع) في حديث طويل قال : يدخل المهدي الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت بينها فتصفوله فيدخل حتى ياتي المنبر ويخطب ولايدري الناس مايقول من البكاء وهو قول رسول الله(ص) كأني بالحسني والحسيني وقد قادها فيسلمها الى الحسيني فيبايعونه ..) بحار الانوار ج52، وهذا الخبر يفسر لنا الخبرين المتقدمين حيث يظهر منه ان الذين يقودان الامر والقضية المهدوية هم اثنين وليس واحد وهما المهدي الحسني والمهدي الحسيني وان المهدي الحسني سيقوم بتسليم الراية الى المهدي الحسيني.
4- قال رسول الله(ص): (يخرج المهدي من قرية يقال لها كرعة)الملاحم والفتن ص149
5- وقال النبي(ص):( يخرج المهدي من قرية يقال لها كرعة ...)ينابيع المودة ص449، وفي هذه الاحاديث اشارة الى مكان خروج المهدي وهو قرية في اليمن تسمى كرعة والثابت عندنا والذي اجمعت عليه الاحاديث والروايات ان خروج الامام المهدي يكون من مكة . وهذا الخبر انما اشار الى خروج المهدي اليماني الحسني من كرعة وهي قرية في اليمن كما قلنا وقد علق الشيخ الكوراني على هذا الحديث قائلاً ((فالاقرب فيه عندنا ان وزيره اليماني الذي يظهر قبله ببضعة اشهر يخرج من قرية يقال لها كرعة او كريمة ثم من صنعاء) معجم احاديث الامام المهدي ج1.
6- وعن رسول الله(ص)انه قال:(اذا رايتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً فان فيها خليفة الله المهدي) المستدرك ج4.
7- عن ارطاه قال:(قال امير الغضب ليس من ذي ولا ذا هو لكنهم يسمعون صوتاً ماقاله انس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه ليس من ذي ولا ذا هو ولكنه خليفة يماني،...)الملاحم والفتن ص24، يفهم من هذين الخبرين بوضوح ان السيد اليماني الحسني الذي يخرج بالرايات السود من خراسان يسمى خليفة ويسمى ايضاً مهدي فان قيل ان المقصود بالخبر السادس الامام الحجة بن الحسن المهدي(ع) فهو خليفة الله المهدي قلنا ان الامام المهدي(ع) يخرج من مكة كما دلت على ذلك الاحاديث والروايات الواردة عن النبي(ص) واهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين ، ثم ان الخبر المتقدم ذكر السيد اليماني وعبر عنه بالخليفة اليماني. وبهذا يمكن التوفيق بين رأي اهل السنة ورأي الشيعة .
أما بالنسبة لكلام الشيخ حول مسألة آخر الزمان حيث قال : في نفس جوابه هذا ( فكما تقول يظهر ، يولد آخر الزمان ، ولكن ما هو المقصود بآخر الزمان ؟ لقد وصف آخر الزمان بالقياس إلى عدد الأئمة عليهم السلام فهو آخر الزمان ، وكلمة آخر الزمان كلمة أضافية لا يمكن تحديدها).
ويرد عليه إن هذا قول عجيب لم يسبق لأحد أن قاله أو اشار إليه ولا أدري من أين أتى الشيخ بهذا الكلام وأي دليل عنده بصحته على الرغم من الروايات المتكاثرة تثبت إن آخر الزمان هو الزمان الذي يقوم به الإمام المهدي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً فلو كان حساب الزمان بالنسبة لعمر الإسلام وإن أول الزمان هو بعثة النبي (ص) ويستمر إلى حياة الإمام العسكري والإمام المهدي (عليهما السلام ) على قول الشيخ ولد في آخر الزمان كما هو واضح من جوابه فيكون آخر الزمان قد مضى عليه لحد الان _1172) سنة من ولادة الإمام وإلى يومنا هذا ، فهل يعقل أن يكون أول الزمان ربع المدة تقريباً وهي ( 273) سنة وإن آخر الزمان أربعة أضعاف أول الزمان وهي ( 1172) سنة هل يعقل أحد هذا الكلام يا ترى ثم إننا نقول لسماحة الشيخ النجفي إن الأحاديث والروايات التي ذكرت إن الإمام يخرج ويقوم ويظهر في آخر الزمان هي كثيرة جداً نذكر منها وعلى سبيل الاختصار ما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (ص) إنه قال :( أبشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلازل يسع الله له الأرض عدلاً وقسطاً ) دلائل الإمامة ص250 - وجاء أيضاً :( إن النبي (ص) قال لفاطمة (ع) : والذي بعثني بالحق منهما - يعني الحسن والحسين - مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً - إلى أن قال - يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ) البرهان ص94 وعن أبي عبد الله الصادق (ع) إنه قال : ( الخلف الصالح من ولدي وهو المهدي اسمه محمد وكنيته أبو القاسم ويخرج في آخر الزمان يقال صيقل ...) المهدي الموعود المنتظر ص285 . ثم إنك وفي معرض جوابك على السؤال كما في الصفحة (86) قلت : ( ليس هذا توقيتاً بل هو من قبيل القول بأنه عجل الله فرجه يظهر في آخر الزمان ) فها أنت تذكر إن ظهوره يكون في آخر الزمان فهل يعقل أن يكون آخر الزمان قد بدأ من ولادة الإمام ومستمر إلى يومنا هذا وقد قيل حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له.
وجاء في الصفحة (86) من نفس الكتاب ما هذا نصه: س11 / ورد في الروايات إن الإمام الحجة عجل الله فرجه يقتل قَتلة الإمام الحسين فأين هم في زمن ظهوره ؟ وورد في الأحاديث إنه يقتل قتلاً كثيراً ؟ ج/ هذه الروايات التي تتعرض إلى خصوصيات أحداث ظهوره روايات مختلفة ويصعب التكهن بكل ما يحدث في زمان الظهور ، وهذه الروايات التي ذكرتها من هذا القبيل ، فلا يمكن التكهن بما يحصل أيام ظهوره وكيف يذهب عن الدنيا ؟ هل يذهب قتيلاً ؟ أو يموت حتف أنفه ؟ الروايات مختلفة .
ويرد على كلام الشيخ هذا الوارد في الروايات أن الإمام المهدي (ع) يقتل ذراري قتلة الحسين (ع) وليس قتلت الإمام أنفسهم فكان الأولى بالشيخ توضيح ذلك للسائل . أما لماذا يقتلهم فقد بينت الروايات أيضاً لأنهم يرضون بفعال آبائهم أي أنهم رضوا فعال قتلة الحسين (ع) . وقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضا (ع) : يابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق (ع) أنه قال : إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين (ع) بفعال آبائهم ؟ فقال (ع) : هو كذلك . فقلت : وقول الله عز وجل ((ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ما معناه ؟ قال : صدق الله في جميع أقواله ولكن ذراري قتلة الحسين (ع) يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه .... ) بحار الأنوار ج52 ص313.
فهل خفي على الشيخ يا ترى هذه الرواية وأمثالها أم ماذا؟ وما هو التكهن إذا كانت هناك روايات شريفة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) تتحدث عن خصوصيات الظهور ؟! وأخيراً نقول يجب على كل من يعتقد في نفسه أنه عالم ورجل دين وعلم ويعتقد نفسه أنه أعلم من غيره أن يكون دقيقاً في كتاباته وأقواله وأفعاله لأن الناس تنظر له أنه يمثل الدين والمذهب فما يصدر عنه من خطأ أو زلل ينسبونه إلى الدين والعياذ بالله كما أنه إذا لم تكن عندنا معرفة وعلم بأمر إمامنا الحجة ابن الحسن (عليهما السلام) فما فائدة علمنا في مجالات أخرى فإن معرفة الأصل متقدمة على معرفة الفرع وهذا مما لا يحتاج إلى مزيد من البيان .
تعليقات
إرسال تعليق