العدد الخامس والاربعون

منار القران
دراسة جديدة تكشف اللبس الحاصل في زواج إبني آدم (عليه السلام)
قال تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِين فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}المائدة 27 - 30.
هنالك الكثير من الامور والمفاهيم التي نتداولها فيما بيننا ونعتبرها من البديهيات أو المسلمات التي لا نقبل فيها النقاش أو حتى التفكر ، مع العلم انها لا تمتلك الاساس الصحيح الذي تقوم عليه ، ولكنها متداولة بين الناس ، ولا أدري هل ان ذلك التداول هو الذي يعطيها الأهلية في الصمود على أرض الواقع ، أو عدم وجود البديل لما هو مشهور بين الناس هو الذي يعزز رسوخها في الأذهان ، وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة حصول الإلتباس وتفشي المفاهيم الفاسدة في المجتمع المسلم والتي تشكل ثغرات عديدة تؤدي الى زعزعة يقين بعض افراده بدينهم الحنيف ، وإيجاد نقاط ضعف إمام المتصيدين في الماء العكر وإعطاءهم الفرصة للطعن في الاسس التي يقوم عليها الدين الاسلامي وإظهار ما يطرحونه على بقية الاديان بأنه من المتناقضات التي يعيشها المسلمون ، ولقد ناقش الكثير من المستشرقين بعض هذه الالتباسات في كتبهم ومن ثم اظهارها من المتعارضات مع مقومات الدين الاسلامي التي تعلنها آيات القرآن . ولشديد الاسف ان بعض العلماء يقوم بطرح هذه الاشكالات او الالتباسات مع ذكر الاراء المتعارضة فيها من باب العرض دون تأكيد بطلان الرأي الفاسد أو تأكيد الراي الصالح ، وان حصل ذلك فأنه يكون على نحو مقتضب ، أما البعض الآخر منهم فيتجنب الولوج في هكذا أمر خشية تعرض سمعته العلمية للخطر.
ومن هذه الالتباسات التي اختلف فيها المسلمون هي زواج ابني ادم (ع) وتكوين النسل ، فمنهم من قال ان الله تعالى قد أمر آدم ان يُنكح قابيل اخت هابيل التؤام وان يُنكح هابيل اخت قابيل التؤام فرضي هابيل وأبى قابيل لأن اخته كانت احسنهما ، فاعترض قابيل على ادم بقوله : ما أمر الله بهذا وهو من رأيك ، عندها أمرهما آدم (ع) ان يقربا قرباناً الى الله ليكون ذلك حلاً للغيرة التي وقعت بينهما على اختهما ، فتقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل من قابيل قربانه ، فغضب قابيل على هابيل وقتله واستدلوا بذلك على اخبار وروايات ضعيفة اسندوها للائمة المعصومين (ع) غير آخذين بنظر الاعتبار معارضتها لكتاب الله عز وجل ومخالفتها للسنة النبوية الشريفة بل ومعارضتها ايضاً لروايات ائمة الهدى انفسهم (صلوات الله وسلامه عليهم) وهي لا تتلائم مع قدرة الله سبحانه وتعالى القادر على خلق كل شيء وهو الذي يأمر بالحلال وينهى عن الحرام . والرأي الثاني ذهب قائليه الى الجزم بأن الله تبارك وتعالى قد زوج قابيل وهابيل من الاوادم التي سبقت خلق آدم (ع) ولا أدري من اين جاؤوا بهذه الفكرة وأين هؤلاء (الاوادم) الذين خلقهم الله قبل خلقه لآدم ؟ ولماذا لم تذكرهم أحاديث الرسول الأكرم وعترته الطاهرة (صلوات الله وسلامه عليهم ) ؟ أم أن الكلام يُطلق جزافاً من غير دليل ؟ ! بل ان كلامهم هذا متعارض اصلاً مع روايات أئمة الهدى (ع) التي تذكر بوضوح ان المولى عز وجل خلق قبل آدم (ع) الجن والنسناس ولم يخلق غيرهم ، فقد  ورد عن جابر عن ابي جعفر (ع) قال : قال أمير المؤمنين (ع) : ( ان الله تبارك وتعالى ارد ان يخلق خلقاً بيده وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس في الارض سبعة آلاف سنة - وساق الحديث - الى ان قال تعالى اني اريد ان اخلق خلقاً بيدي واجعل ذريته انبياء ومرسلين وعباداً صالحين وائمة مهتدين واجعلهم خلفاء على خلقي في ارضي وابيد النسناس من ارضي واطهرها منهم وانقل مردة الجن العصاة من بريتي وخلقي وخيرتي واسكنهم في الهواء وفي اقطار الارض ...... وساق الحديث الى قوله فخلق الله آدم .....) بحار الانوار ج60 ص273.
أما الرأي الأول فهو كما ذكرنا معارض لكتاب الله وسنة نبيه (ص) وروايات اهل بيته (ع) ، وحاشا لله ان يامر بهذا المنكر ، وهو القادر على خلق كل شيء ، وقد يقول أصحاب هذا الراي بأن هنالك أخبار وردت عن اهل البيت (ع) تذكر هذا القول وتؤيد هذا الراي.
أقول : ان الله سبحانه وتعالى يقول {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر 7 ، ورسول الله (ص) يقول : ( لو علمت ان آدم زوج ابنته من ابنة لزوجت زينب من القاسم وما كنت لارغب عن دين آدم ) تفسير العياشي.
وقد اكدت الروايات العديدة بوجوب عرض الاحاديث الواردة عن رسول الله واهل بيته الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم ) على كتاب الله عز وجل فعند موافتها له يكون لزاماً علينا الاخذ بذلك الحديث او الرواية ، ودون عملية العرض هذه لا يمكننا التمييز بين السليم والسقيم منها ، فقد روي عن النبي (ص) وعن الائمة انهم قالوا : ( اذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فأطرحوه او ردوه علينا ) التهذيب ج7 ص275 . ورسول الله (ص) يقول : ( ان على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) الكافي ج1 ص69 ، وهنالك روايات كثيرة تفند هذا الرأي وتبطله تماماً ، سنورد بعضاً منها فيما بعد ، والرأي الصحيح هو : ان الله سبحانه وتعالى أظهر لقابيل عند بلوغه جنية واوصى الى ادم ان يزوجها لقابيل ففعل ذلك آدم ورضي وقنع قابيل بذلك ، ولما بلغ هابيل أظهر الله له حوراء وأوصى الى آدم أن يزوجها من هابيل ، ففعل ذلك ، وكان النسل والذرية ، فقد جاء في تفسير العياشي عن سليمان بن خالد قال : ( قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ان الناس يزعمون ان آدم زوج ابنته من ابنه ، فقال ابو عبد الله (ع) : قد قال الناس ذلك ، ولكن يا سليمان أما علمت ان رسول الله (ص) قال لو علمت ان آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم وما كنت لأرغب عن دين آدم . فقلت جعلت فداك انهم يزعمون ان قابيل انما قتل هابيل لأنهما تغايرا على اختهما . فقال له يا سليمان تقول هذا أما تستحي ان تروي هذا على نبي الله آدم ؟ فقلت جعلت فداك ففيم قتل قابيل هابيل ؟ فقال في الوصية ، ثم قال لي يا سليمان ان الله تبارك وتعالى اوحى الى ادم ان يدفع الوصية واسم الله الاعظم الى هابيل وكان قابيل اكبر منه فبلغ ذلك  قابيل فغضب فقال أنا اولى بالكرامة والوصية ، فأمرهما ان يقربا قرباناً بوحي من الله اليه ففعلا ، فقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله . فقلت له جعلت فداك ، فممن تناسل ولد آدم هل كانت انثى غير حواء ؟ وهل كان ذكر غير آدم ؟ فقال يا سليمان ان الله تبارك وتعالى رزق ادم من حواء قابيل وكان ذكر وولد له من بعده هابيل ، فلما ادرك قابيل ما يدرك الرجال اظهر الله له جنية واوحى الى ادم ان يزوجها قابيل ففعل ذلك آدم ورضي بها وقنع ، فلما ادرك هابيل ما يدرك الرجال اظهر الله له حوراء واوحى الله الى آدم ان يزوجها من هابيل ففعل ذلك ، فقُتل هابيل والحوراء حامل ....) بحار الانوار ج11 ص245 - 260.
تذكر الروايات بأن ابليس الملعون كان يأتي الى آدم وحواء في الجنة وجهاً لوجه ولا يستطيع ان يجري في دم الانسان مجرى الدم في العروق ، لأن ليس له موطيء قدم أو أساس في جسم الانسان ، ولم يكن ذلك الا وفق الاسباب الطبيعية ، فإن الله تعالى أبى ان يجري الامور إلا بمسبباتها ، وحدث ذلك بعد المحاورة التي كانت بين المولى عز وجل وآدم من جهة وبينه سبحانه وابليس من جهة اخرى والتي وقعت بعد اخراج ادم وحواء من الجنة ونزولهما الى الارض ، وهنا من المفيد التذكير بقوله تعالى حكاية عن ابليس بعد رفضه للسجود {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً}الاسراء 62-64 . أما المحاورة التي حصلت بين المولى سبحانه وكل من آدم وإبليس فهي كالاتي : ورد عن جابر عن النبي (ص) قال : ( كان ابليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا قال : لما أكل آدم من الشجرة تغنى فلما أهبط حدا به فلما استقر على الارض ناح فاذكره ما في الجنة ، فقال آدم : رب هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة لم أقوى عليه وأنا في الجنة ، وإن لم تعني عليه لم اقوى عليه . فقال الله : السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها الى سبع مائة . قال : رب زدني . قال : لا يولد لك ولد الا جعلت معه ملكاً أو ملكين يحفظانه . قال : رب زدني . قال : التوبة مفروضة في الجسد ما دام فيها الروح . قال رب زدني . قال اغفر الذنوب ولا ابالي . قال : حسبي . قال فقال ابليس : رب هذا الذي كرمت علي وفضلته وان لم تفضل علي لم اقوى عليه . قال : لا يولد له ولد  الا ولد لك ولدان . قال رب زدني . قال : تجري منه مجرى الدم في العروق . قال رب زدني . قال تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن . قال رب زدني . قال : تعدهم وتمنيهم {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً} ) البحار ج60 ص268.
فكانت حكمة الله عز وجل بإظهار الجنية وتزويجها لقابيل ، فالجنية من الجن وابليس ايضاً من الجن . قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }الكهف50 ، وبالتالي فيكون  ذلك تأسيس لجانب الشيطان الذي يمثل الشر في جسم الانسان ، وأما إظهار الحورية وتزويجها لهابيل فهو تأسيس لجانب الرحمن في جسم الانسان ، لأن هذه الحورية من الملائكة وهي تمثل الخير ، وبالتالي عند اختلاط النسل وتكوين الذرية عبر التزاوج بين ذريتي ابني آدم فيكون الانسان حاملاً لجانبي الخير والشر ، الرحمن والشيطان ، وبالتحديد يكون ذلك في القلب ، وهذان الجانبان ينتقلان عن طريق الوراثة في ذرية آدم ، وقد اختلط النسل ، وهذا الاختلاط هو الذي سبب الالهام في قوله تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}الشمس 7-10 ، وقد ورد عن رسول الله (ص) ما يوافق ذلك ، فقد جاء في كتاب الكافي عن ابي عمير عن حماد عن ابي عبد الله (ع) قال : ( ما من قلب الا وله إذنان على أحدهما ملك مرشد وعلى الآخر شيطان مفتن هذا يأمره وهذا يزجره ، الشيطان يامره بالمعاصي ، والملك يزجره عنها وهو قول الله عز وجل {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}) البحار ج67 ص33 . وقد يقول قائل كيف يُظهر أو يُنزل الله تعالى الجنية والحورية فيزوجهما لكل من قابيل وهابيل فهذا خلاف العادة.
أقول : إبتداءاً ان الله تعالى على كل شيء قدير ، وانما امره اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون ، ولقد أنزل الله الحجر الاسود الذي هو اصلاً ملكاً من الملائكة ، وقصة الملكين هاروت وماروت الذين انزلهما الله عز وجل معروفة ، فما المانع في نزول او إظهار الجنية والحورية ومن ثم تزويجهما لأبني آدم . وأخيراً أقول لاصحاب الرأي الاول ولمن يؤيدهم ويردد كلامهم من دون معرفة ، أقول لهم ما قاله  الامام الصادق (ع) : بأن بعض الحيوانات لا ترتضي نكاح اخواتها او امهاتها وعندما نكروا لها ذلك ونزلت عليها وعلمت بذلك فقتلت نفسها ، فكيف بالانسان الذي فضله الله تعالى على سائر المخلوقات ، وقد وصف الامام الصادق (ع) من يروجون ويقولون بهذا الكلام الباطل ، بأنهم رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه فصاروا الى ما قد ترون من الضلال والجهل بالعلم . فقد ورد في علل الشرائع : ( عن زرارة انه سئل ابو عبد الله (ع) عن بدء النسل من آدم على نبينا وآله وعليه السلام كيف كان وعن بدء النسل من ذرية آدم فان أناساً عندنا يقولون ان الله تعالى أوحى الى آدم ان يزوج بناته بنيه وان هذا الخلق كله اصله من الاخوة والاخوات فقال ابو عبد الله : تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، يقول من قال هذا بأن الله عز وجل خلق صفوة خلقه وأحباءه وأنبياءه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من حلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب ، فو الله لقد تبينت ان بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها فلما علم انها اخته اخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخر ميتاً وآخر تنكرت له امه ففعل هذا بعينه ، فكيف الانسان في انسيته وفضله وعلمه ، غير ان جيلاً من هذا الخلق الذين ترون رغبوا عن علم اهل بيوتات انبيائهم واخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه فصاروا الى ما ترون من الضلال والجهل بالعلم .....)بحار الانوار ج11 ص223.
الموعود
سنن المهدي من الانبياء
سنته من موسى(ع)
قال تعالى :[فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ{29} فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ]{30}القصص29ـ30
تحكي لنا هاتان الآيتان الشريفتان قصة نبي الله موسى بن عمران (ع)، وذلك بعد دوام خوفه وطول غيبته ،فقد وقعت هذه الحادثة أثناء عودته ورجوعه من غيبته في مدين حيث أخذ زوجته الطلق في ليلةٍ باردةٍ من ليالي الشتاء ولم يكن عندهم ما يتدفؤن به ويتقون به البرد إلاّ أنّ موسى (ع) رآى ناراً بعيدةً فقصدها بعد أن ترك أهله في مكانهم الذي هم فيه فلما وصل إليها كلمه الله تبارك وتعالى هناك واجتباه واصطفاه وبعثه نبياً مرسلاً وأمره بالذهاب إلى فرعون فإن الله تبارك وتعالى أصلح أمره في ليلةٍ حيث خرج يلتمس لأهله ناراً فرجع في ليلةٍ نبياً مرسلاً وهذا الأمر بعينه يحدث مع القائم (ع) حيث يصلح الله أمره في ليلةٍ ، فقد جاء في الرواية الواردة عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال لبعض أصحابه :(كن لِما لاترجو أرجى منك لما ترجو،فإن موسى بن عمران خرج ليقتبس لأهله ناراً فرجع إليهم وهو رسول نبي ،فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى عليه السلام في ليلةٍ ، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام يصلح له أمره في ليلة ،كما أصلح أمر نبيه موسى (عليه السلام) ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور ) ـ معجم الملاحم والفتن ـ ج4ـ
وعن محمد بن الحنفية عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) قال وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :(المهدي منّا أهل البيت يصلح الله أمره في ليلةٍ ) ، وفي روايةٍ أُخرى (يصلحه الله في ليلة) معجم الملاحم والفتن ـج4ـ ومن هذه الأحاديث والروايات الشريفة يتبين لنا أنّ للإمام المهدي (مكن الله له في الأرض) سنةً من النبي موسى بن عمران (ع) فكما أصلح الله أمر نبيه وكليمه موسى في ليلة فكذلك يصلح الله امر وليه ووصي نبيه في ليلةٍ ففي ليلةٍ يكون الإمام المهدي(ع) خائفاً مستتراً غائباً وفيها يأذن الله له بالفرج فيجتمع إليه أصحابه على غير ميعادٍ قزع كقزع الخريف فيعلن في صبيحتها عن قيامه المقدس في مكة المكرمة بين الركن والمقام يدعو الناس إلى نصرته لأجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل وملىء الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلما وجوراً0
 وهكذا يتبين لنا واضحاً أنّ ما جرى ووقع مع الأنبياء والرسل عليهم السلام سوف يجري ويقع مع الإمام المهدي (عليه السلام) فإن السنن الإلهية التي عاش أحداثها الأنبياء والرسل (عليهم السلام) سيجري الأعم الأغلب منها مع الأمام المهدي(عليه السلام) فهو سلام الله عليه وارث الأنبياء والمرسلين والممثل الحقيقي لهم وليس عجباً حينما يذكر لنا إمامنا الحجة بن الحسن (عليهما السلام) عند قيامه في مكة في خطبته التي يلقيها هناك إنه أولى الناس بآدم (عليه السلام ) وإنه أولى الناس بنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدٍ(صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) بل إنه أولى الناس بالأنبياء جميعاً .

ذم الاختلاف في الفتيا
قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) في خطبة له في نهج البلاغة في ذم اختلاف العُلماء في الفتيا ما هذا نصه : (( تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ اَلْقَضِيَّةُ فِي حُكْمٍ مِنَ اَلْأَحْكَامِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِهِ ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ اَلْقَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِخِلاَفِهِ ثُمَّ يَجْتَمِعُ اَلْقُضَاةُ بِذَلِكَ عِنْدَ اَلْإِمَامِ اَلَّذِي اِسْتَقْضَاهُمْ فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعاً وَ إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ وَ نَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ وَ كِتَابُهُمْ وَاحِدٌ أَ فَأَمَرَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى بِالاِخْتِلاَفِ فَأَطَاعُوهُ أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ أَمْ أَنْزَلَ اَللَّهُ دِيناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى أَمْ أَنْزَلَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ ؟ اَلرَّسُولُ ص ؟ عَنْ تَبْلِيغِهِ وَ أَدَائِهِ وَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ {ما فَرَّطْنا فِي اَلْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ} ، وَ قَالَ وَ فِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ ذَكَرَ أَنَّ اَلْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَ أَنَّهُ لاَ اِخْتِلاَفَ فِيهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً} ، وَ إِنَّ ؟ اَلْقُرْآنَ ؟ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَ بَاطِنُهُ عَمِيقٌ لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ وَ لاَ تُكْشَفُ اَلظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِهِ)).
تناول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذه الخطبة اختلاف العلماء فيما بينهم في مسألة الفتاوى التي تصدر عنهم فتراهم يفتون في القضية الواحدة عدة فتاوى مختلفة وهي قضية واحدة في كل ظروفها وملابساتها وعندما يجتمع القضاة بتلك الفتوى محل الاختلاف عند كبيرهم الذي عينهم او الذي يرجعون اليه في الامور العسيرة والمسائل الكبيرة تراه يوافق الاثنين في الراي والفتوى فيعجب أمير المؤمنين (عليه السلام) من هذا التناقض الواضح لدى هذا الكبير الذي استقضاهم وكلفهم بالقضاء في أمور المسلمين ويؤكد أمير المؤمنين (عليه السلام) ان المعبود واحد والدين واحد والمذهب واحد والكتاب واحد . فهل يكون الله سبحانه وتعالى أمرهم بالاختلاف حاشاه فأطاعوه ام انه نهاهم عنه فعصوه ام ان الله تبارك وتعالى انزل ديناً ناقصاً فأستعان بهؤلاء العلماء لإتمامه ام كانوا شركاء له في الملك فيفتون من عندهم بحكم الشراكة ، ما لكم كيف تحكمون ويواصل امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) استغرابه لأمر هؤلاء العلماء ويقول أأنزل الله سبحانه وتعالى عما يشركون ديناً تاماً فقصر رسول الله (ص) عن تبليغه واداءه ورسول الله (ص) يقول في خطبة الوداع : ( اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ) وهو لا ينطق عن الهوى والمولى تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} ، وقال أيضاً { بمعنى ان الله فصل كل شيء ووضع لكل شيء ما يناسبه من الحكم ولا يحتاج العالم ان يصنع حكماً شرعياً من نفسه او من عقله القاصر . وخطبة امير المؤمنين هذه لا تقف عند زمان او مكان معينين لا بل هي مستمرة الى يوم الوقت المعلوم ونجد اليوم الكثير من العماء والفقهاء من ينعت نفسه بأنه وكيل او نائب الامام المهدي (عليه السلام) وهذه النيابة لا تقف على احد بل اكثرهم يدعون هذا الادعاء وأنا اقول لو انهم حقاً وكلاء ونواب الامام المهدي (عليه السلام) لماذا يختلفون في الحكم او الفتوى في القضية الواحدة فهل ان الامام المهدي يوافق على كل هذه الاحكام في الفتوى الواحدة حتماً لا لان اختلافهم هذا كاشف عن امر وهو اما ان يكون الجميع مخطئين او ان البعض مخطئين والبعض الاخر مصيبين اما ان يكونوا كلهم مصيبون فهذا لايمكن قبوله اذاً فالواجب علينا كمكلفين الفحص والتأكد من الفتاوى الصحيحة وعدم الاخذ والتسليم بجميع الفتاوى مادام هناك اختلاف واضح بين العلماء في هذه المسألة.
برنامج معاً على الهواء 
و
الشيخ محمد سند
عرفت قناة سحر الفضائية سابقاً والكوثر حالياً ببرنامج حول الإمام المهدي (مكن الله له في الأرض) اسمه (معا على الهواء ) حيث يستضيف مقدم البرنامج أحد الباحثين في قضية المهدي (عليه السلام) . والحقيقة إنه لعمل جميل وجيد أن تقوم الفضائيات الإسلامية ببث مثل هذه البرامج للتعريف بقضايانا المصيرية وخاصة قضية مهمة كقضية الإمام المنتظر (عليه السلام) ونحن نشيد بهذا الدور الذي تقوم به هذه القناة وهذا البرنامج ومقدمه إلا أن الأمر لا يخلو من بعض نقاط الضعف حيث أن القناة تبث هذا البرنامج مباشرة وتفتح باب الاتصال لمدة ربع ساعة تقريباً من كل حلقة وتستضيف كما قلنا أحد الباحثين من أساتذة الحوزة العلمية للرد على الأسئلة الواردة عبر الهاتف ونقاط الضعف نجملها كالتالي:
1) نلاحظ بعض الباحثين ليس له القدرة على الإجابة وليس لديه سعة الأفق الكافي للسيطرة على الموضوع المعد ونراهم في أكثر الأحيان يعجزون عن الإجابة فيلجأون إلى تشتيت الجواب والكلام بأمر آخر غير الذي طرحه السائل أو أنهم يجيبون بشكل خاطئ فيقع مقدم البرنامج في إحراج واضح بين الباحث وبين الجمهور فيحاول بشكل أو بآخر تصحيح الموقف قدر الإمكان إلا أن الباحث لا يعطيه المجال بل تراه يصر على قوله الغير خاضع للأحاديث والروايات الشريفة في أغلب الأحيان بل هو مجرد رأي أو قناعة أو فهم شخصي.
2) لما كان البرنامج يبث بصورة مباشرة فنرى صعوبة تصحيح بعض الآراء الغير صحيحة مما يتسبب ذلك في وصول هذا الرأي لعامة الناس فيعتقدون بأن هذا الرأي هو الصحيح .هذه هي أهم نقاط الضعف ، لذا ندعو قناة الكوثر ومن باب الأمر بالمعروف وتقديم النصيحة إلى اختيار باحثين ملمين بقضية الإمام وأمره عليه السلام وأن يكون هؤلاء الباحثين ممن لا يقحمون أنفسهم فيما لا يعلمون وممن يرجعون في الصغيرة قبل الكبيرة لأهل البيت (ع) ولا يفرضون ويقدمون آراءهم على كلامهم (ع) كما إننا ندعو مقدم البرنامج الى تصحيح ما يراه غير صحيح وان لا يستحي من ضيفه فإن المهم رضا الله ورسوله والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) ومن هنا ولأجل رفع الالتباس الذي يحصل في بعض الحلقات آلينا على أنفسنا متابعة البرنامج ورصد الحالات السلبية والآراء الغير صحيحة وتخصيص عمود في صحيفتنا لمناقشة تلك الآراء والأجوبة التي تصدر من بعض الباحثين والرد عليها وطرح الآراء والاعتقادات الصحيحة وفق ما جاء عن النبي (ص) وأهل بيته الأطهار (ع) وذلك في الحقيقة حصل بعدما شاهدنا الشيخ محمد السند الذي استضافه البرنامج ووجهت له عدة أسئلة إلا أنه راح يجيب وفق ما يراه هو لا وفق ما جاء في الأحاديث والروايات المعصومية الشريفة . بل أنه راح يتأول الروايات الصريحة الواردة عن الأئمة الأطهار (ع) فقد وجه له سؤال جاء فيه : ( قرأت في كتاب الشيخ محمد سند اسمه فقه علائم الظهور يقول فيه لا يمكن مشاهدة الإمام قبل السفياني والصيحة وإن كل من ادعى ذلك فهو كذاب مفتري فلا ندري نأخذ بكلام المئات من العلماء الصالحين الذين شاهدوا الإمام أم بكلام محمد سند ؟!! ) فأجاب الشيخ: بأن المشاهدة هنا بمعنى السفارة وخالف بذلك الكثير من العلماء الذين رفضوا هذا التأويل كما إنه اعتمد بكلامه هذا على رواية مرسلة والمراسيل لا يعمل بها كماهو مقرر ، ثم إنه زاد على الآخرين بأن وسع مفهوم المشاهدة وقال هو أعم حتى من أن يدعي شخص أنه سفير الإمام أو يأخذ بعض التوجيهات من الإمام بل حتى من يظهر من كلامه أو فعله أنه يأخذ بعض التوجيه من الإمام لا بد أن يكذب ولا أدري أي دليل جعله يقول هذا الكلام والإنسان مسؤول عن كل شاردة وواردة نعوذ بالله من زلات اللسان . وهل نسي أو تناسى أو غفل ما جاء عن السيد الجليل ابن طاووس فقد علمه الإمام المهدي (ع) الكثير من الأدعية والزيارات بل علمه الكثير من الأمور التي تتعلق بالمذهب والدين وقد تلقى العلماء كل ذلك - ما جاء عن السيد ابن طاووس - بالقبول أو الثناء أم هل إنه نسي أو تناسى أو غفل عما قام به السيد مهدي بحر العلوم من إظهار بعض المقامات في مسجد الكوفة وبنائها وتشييدها بأمر الإمام المهدي (ع) هل ينكر الشيخ أو أحداً غيره ذلك . وهل ينكرون كيف أن المقدس الأردبيلي تحير في جواب مسألة فذهب إلى مسجد الكوفة مشياً على الأقدام بهدف مشاهدة الإمام (ع) وفعلاً شاهد الإمام وأعطاه جواب مسألته وهناك الكثير من الشواهد . فهل ينكر الشيخ كل هذه الحوادث ويتهم أصحابها والعياذ بالله بالكذب حاشاهم لذلك أم ماذا يقول سماحة الشيخ يا ترى ؟! وفي نفس الحلقة أيضاً وجه إليه سؤال عن اليماني هل يجب الالتحاق به ؟ فأجاب أنه ليس من الواجب ذلك بل يجب ضبط النفس للإمام كما دلت الكثير من الروايات وروايات اليماني قليلة جداً أما الروايات التي تنصح بحفظ النفس للإمام فهي كثيرة جداً كما أنه ذكر أن الملتوي عليه من أهل النار تعني الذي يقف ضده أما الملتوي عنه أي أنه لا ينصره ولا يقف ضده فلا بأس عليه )) الله أكبر !!! مسألة خطيرة كهذه يتوقف عليها مصير الإنسان ويجيب عنها بهكذا جواب لا يمت إلى الحق بصلة يتأول كلام أهل البيت ضدهم أي أمر أقحمت نفسك فيه يا شيخ  ؟ ألم تحاول التريث قليلاً والإجابة بشيء من الورع . الإمام الباقر يأمر الناس بالنهوض إلى اليماني والالتحاق به وتحذير الناس من مغبة الالتواء عليه وعدم نصرته وانت تقول ليس من الواجب نصرته وتضع نفسك في قبال الإمام الباقر باقر علوم الأولين والآخرين ، ولو كان الأمر كما تدعي وإنه ليس من الواجب الالتحاق براية اليماني التي وصفها الأئمة بأنها أهدى الرايات ، وإذا كان ليس من الواجب نصرة اليماني فما معنى قول الباقر (ع) : (....فإذا ظهر اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ...) ومن ينصر اليماني إذن إذا كان الأمر كما تدعي ؟ ثم إن الشيخ قال روايات اليماني قليلة والروايات التي تؤكد على حفظ النفس للإمام كثيرة , ولا أدري أي ميزان هذا ؟ فالمهم في الروايات نوعها وليس كميتها فما دامت الروايات الواردة في اليماني صحيحة السند ولا داعي حينها للقول أنها قليلة فالرواية أما أن تثبت أو لا فإذا ثبتت فهو المطلوب . ولو كان الأمر بالقلة والكثرة فالمرسلة التي ذكرتها واحدة وهناك الكثير من الروايات واللقاءات التي تثبت مشاهدة الإمام (ع) فلماذا تمسكت برواية واحدة وتركت الكثير من الروايات . عموماً : فإذا لم ينصر اليماني أحد بحجة حفظ النفس للإمام فكيف يقوم الإمام يا ترى ؟ والمعلوم إن قيامه متوقف على وجود القاعدة المهيأة والممحصة من المؤمنين المناصرين ؟ وما فائدة الممهدين إذا لم تكن نصرتهم واجبة كما تزعم ؟! وهل يقبل العقل والمنطق بهذا القول يا ترى ؟ وهل هذا هو مستوى أهل العلم . حتماً لا فهناك من ينكر ذلك ولا يقبله ومنهم مقدم البرنامج الذي حاول ثني الشيخ عن رأيه لكن الشيخ أصرّ . ونحن بدورنا نقول للشيخ ارجع وتفكر جيداً لهذه الرواية الشريفة الصحيحة السند الواردة عن الإمام الباقر (ع) والتي ذكرتها سابقاً ولكننا سنذكرها مفصلة وبشيء من الإيضاح والتي جاء فيها : ((خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم ، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ))غيبة النعماني - بحار الأنوار ج52 . وليحكم الآخرون في معنى قول الباقر (ع) ( هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم ) فهل يعقل أنه ليس من الواجب نصرة راية الهدى ونصرة من يدعو إلى الإمام المهدي (ع) . ثم ما معنى قول الباقر (ع) ( وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ) أليس في كلمة فانهض أمراً بوجوب النصرة والالتحاق به وما معنى تأكيده - أي الإمام (ع) - على أنه راية هدى مرة أخرى ؟. ثم ما معنى قوله (ع) ( لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) ألم يأمرنا المولى بنصرة الحق أينما كان ومهما كان ؟ فكيف تأمر الناس يا شيخ بخلاف ما يريده الله ورسوله والأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم.
المقاومة الفكرية
الحرب الاهلية نذير شؤوم آخر وسياسة امريكية ، يهودية ، شرقية وعربية لتمزيق اتباع الدين الواحد
والقضاء على وحدتهم الاسلامية وكل من يجري وراء هذه الزوبعة فالله عزوجل والاسلام منه براء
بائعون
بلا
ثمن
الهدف الأساس من عمليات القتل والاختطاف والاغتيالات هو تقسيم أبناء البلد الواحد والدين الواحد والارتباط الاجتماعي  وصلة الرحم العريقة لتتهيأ الأجواء للمنظمات غير الأخلاقية بغض النظر عن التبعية الدينية والانتماء السياسي سواء كانت عمليات القتل تتم من الجهات التكفيرية أو الميليشيات فكلاهما يدرج ضمن مسمى الإرهاب وهذا مما لاشك فيه لتكون المحصلة عملية بيع تامة اتفقت عليها الأطراف المعروفة في الشارع العراقي لبيع هذا الوطن والقضاء على وحدته التاريخية, فهذه المنتميات الإرهابية باعت العراق لكنها لم تقبض سوى الخزي والعار وليسجل مستقبل البشرية فعلهم الأسود بماضيهم وحاضرهم النتن , ليبتدع أمثال هؤلاء نظرية مستحدثة ضمن النظام الشرائي ليكون السداد بلا مقابل, فلعل المتعارف عليه ضمن عمليات التبادل التجاري من بيع وشراء هو الدفع والقبض بالقيمة النقدية سواء حصل الاتفاق بالآجل أو العاجل أو ما يتناسب والصيغة الشرائية من عمليات تبادل السلع لكن ما نحن بصدد الحديث عنه ، مشروع بيع وطن كامل ذا أصول متجذرة ببدء الخليقة احتضن مولد ومهبط الرسالات الإلهية الإنسانية لتشتمل صيغة البيع إلحاق كل ما ينتمي له من ثروات بشرية وفكرية ومادية ليتسلم البائع القيمة الفقدية وليست النقدية أي لا دائن ولا مدين ليكون ثمن الابتياع من دون مقابل وإن وجد المقابل للدفع فحتماً قد عرف معناه فهو ( الذل وفقدان الكرامة ) فكان مستهل البيع الابتدائي هو التعاقد وعقد الصفقة مع السلطة العبثية ليكون الوتر النابض في كل وقت ليعزف من خلاله الاحتلال وأذنابه ليكون التمهيد لتسجيل الملكية الصرف بسقوط تلك السلطة الشرذمية الصدامية لتحل عوضاً عنها الأحزاب والمنظمات العشوائية لتكمل ما بدأه أسلافها بمرونة وشفافية لا تقبل الجدال واضعة بذلك أركان العقد الذي تم الاتفاق عليه مسبقاً بحضور الماسونية العالمية بدعم لوجستي عربي وشرقي لتتم الصفقة بسلاسة متناهية ليوضع الشرط الحتمي غير قابل للمداولة ونصه : ( الطرف البائع لا يحق له الاعتراض - التراجع - الدفاع عن حرمته وكل تبعية لهذا البلد من موارد بشرية ومالية في الداخل والخارج هي ملك غير متنازع عليه للطرف المشتري وله حرية التصرف ) ليكون بالمحصلة الواقع العراقي هو ملكية المشتري - الأمريكي المحتل - لتنهب خيرات هذا البلد من نفط ومعادن نفيسة قل نظيرها لتذهب أموالها في خزائن المصارف العالمية لحسابات فردية ومن ثم يلقى بالفتات إلى التابعين ليتبضعوا ما لذ وطاب لهم من الدنيا الزائلة وبناء القصور الفخمة التي حلموا بها طوال سنين تشردهم وضياعهم في دول الطغيان والمعصية وليدفعوا أجور رعاة البقر المرتزقة المكلفين بحمايتهم ,قال تعالى: {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ*أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ}, متجاهلين هم وأسيادهم أصحاب الحق الأول والأخير (ابن البلد) في تلك الثروات ليفرضوا عليه سياسة اقتصادية تقصم ظهره وتجعله يدور في دوامة الديون لتكون الشماعة التي تعلق عليها سرقات الأراذل, وان كل الانتهاكات من اعتقال واغتصاب وقتل وما تنتمي إليها من مسميات هي ضمن بنود الاتفاقية ولا يحق لأياً كان باختلاف الدين والقومية الاعتراض وهذا ما أيده بند آخر ذكر فيه : ( كل عراقي تسول له نفسه الاعتراض فأن عقوبته الاعتقال والاغتيال على أيدي المليشيات وفق الهوية المدنية يسبقها الاغتصاب الجسدي وفق صلاحيات الحصانة الممنوحة لهم من قبل الاحتلال ويشمل العقاب كلا الجنسين دون تحديد السن القانوني ) إذاً فالذين باعوا أولا هم الأداة القمعية الجديدة بعد زوال الأداة العبثية ليكونوا في ظاهر الأمر ذوي شرعية من خلال نهجهم السلبي المنحرف بشعارات زائفة ليتلاعبوا بأبناء الوطن المباع خدمةً لسيدهم الأعظم ( أمريكا )قال تعالى: {قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً }مريم75, من ذلك يتوجب اتخاذ موقف صارم نتبين منه في أي جانب يقف هؤلاء ، مع البائعون بلا ثمن أم مع من باع من غير علم وأدراك لكن بلا استثناء تام فالكل بلا أدنى شك قد وقع الصفقة بدم الأبرياء وغشاوة العذريات البواكر . لأن الكل اتخذ موقف الصامت المتفرج والشامت في بعض الأحيان فتلك هي شرور أعمالنا وما كسبت أيدينا ، قال تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41.
وإذا ما استقرأنا اللائحة الطويلة لبنود عقد البيع مُستذكرين الآلاف من ضحايانا في الانفجارات التكفيرية وصرخات العذارى في معتقلات بوكا وأبو غريب نعي ونعلم أننا في أول خطوات الطريق الأمريكي العربي الغامض لتهدد وتضعف كل مسلم أو مواطن عراقي يرتوي من هذا الوطن المباع ليحضرنا نص آخر مفاده (لا دين ولا معتقد لا مذهب أو معتنق فالكل يدرج ضمن حلقة الإرهاب ، وان دينكم الأعظم ـ ناموس أمريكاـ لا مسجد ولا حسينية  ولا دار يذكر فيها اسم الله فكلها حاضنة الإرهاب ولابد من هدمهم ليكون ـ البيت الأبيض ـ قبلتكم لا تشركون بها شيئاً ) فطبق البند بدقة بتسلم أمريكا الولاية العراقية الجديدة لتضيف نجمة أخرى لعلمها المتشرذم ليكون العراقي سني ، شيعي ، كردي 00الخ من ألوانه البراقة لتقيم صراعاً قومياً طائفياً ليقتل أبناء الأنبار أبناء ذي قار وليقتل الكردي العربي وليتناحر السني مع الشيعي بلا وجه حق بعد أن كانوا اخوة حتماً في دين الله في عقود ما قبل عصر الطغاة لتصنع حرباً أهلية معلنة بصراحة بين أطيافه رغم التعتيم الشامل لوسائل الأعلام  لتنتهك تلك الحرب الدين والمساجد وحرق المصاحف وقتل المصلين باختلاف المذاهب ليعلن الأمر الشنيع بوجه خاص في صلاة الجمعة بلا رادع أو ناصح وبلا أدنى رفض ليسير المسلم على حسب رغبات أصحاب الفتاوى الضالة, قال تعالى: {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }الأعراف30 فالكل آخذ منبر رسول الله (ص) منبراً له ليصرح ويفتي بغير علم بفتاوى باطنية تحرض بوجوب القتل والتعذيب والسلب والنهب على سبيل الغنيمة , ألا نصر الله لقريب وان الله ورسوله وآل بيته براء من هؤلاء فالرب واحد والدين واحد ، اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه ويا حسرة على الذين باعوا الوطن بلا مقابل ولا ثمن.
إسرائيل وسياسة الأمر الواقع
في كل لحظة تطل علينا  ونحن نتابع أخبار الأراضي الفلسطينية والسياسة الفرعونية المتجبرة لإسرائيل وجيشها المشؤوم . وآخر هذه الأخبار هي العملية الصهيونية لما يسمى إنقاذ الجندي المختطف الذي ما برحت إسرائيل تقتل من أجل تحريره كما تصرح, عشرات الأبرياء من الفلسطينيين أطفالاً ونساءً وشيوخاً وشباباً وتعتقل كل من تلاقيه أمامها لا تفرق بين الصغير والكبير فالكل إرهابي هنا حتى الرضيع وتدمر كل شيء مرتبط بما يسمى البنية التحتية , إذا كان هناك بنية تحتية باقية أصلاً  فمن صبرا ،شاتيلا ، جنين ، إلى تحرير الجندي! ذلك الجندي الذي لا يبارح تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتبريراتهم العقيمة لعملية التصفية الجماعية المدروسة والمخطط لها مسبقاً حتى كأني أتذكر به ما فعلت أمريكا وما تفعله اليوم بالعالم بعد أحداث سبتمبر وكيف غزت البلدان من أجل معاقبة ثلة بما يسمون بـ- الإرهابيون - أو كما يحلو لساسة البيت الأسود تسميتهم بـ  - الإسلاميون - ولكنها أصبحت شماعة تعلق عليها أمريكا نزواتها لكي تطلق العنان للشواذ بأن يحتلوا كل بلد إرهابي ! طبعاً من وجهة نظر أمريكية  وأن ينشروا الخراب والدمار والديمقراطية والشذوذ الجنسي والفساد بأنواعه والعولمة المشؤومة الخبيثة.
فمن أجل جندي أقاموا الدنيا وما أقعدوها ولكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما ,لماذا نحن صامتين وغير مكترثين وكأن الذي يحصل في فلسطين هو سيناريو قديم يعاد كل يوم فبتنا ننظر إليه عارفين النتيجة مسبقاً , دمار كثير وضحايا وأطفال يُشيعون ونساء تولول وتصرخ من شدة المدافع الثقيلة وقصف الطائرات العشوائي !. فلم تراجيدي كالعادة , قشعريرة آنية كأي تفاعل يحصل مع فلم يحكي قصة مأساوية لبلد مضطهد وانقضى الأمر.
نسينا أن الدين الإسلامي هو دين العدالة هو دين الإنصاف هو الدين المثالي الذي ختم به الله الأديان السابقة الذي يأمرنا بأن نثور على الظالمين ونقتص منهم مهما كانوا { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...} ((ومن مات دون أرضه فهو شهيد )) ناسين ثورة أبي الأحرار وإمام الأبرار الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة كيف ثار على الظلم والذلة...
ناسين إمام مظلوم مغصوب حقه ,شريد طريد .. وحيد فريد يدعو ربه ليل نهار لكي يهيء له أصحابه وأنصاره ليطردوا الصهاينة المحتلين من أرض القدس الشريف بل ويستأصلهم من جذورهم حتى لا تقوم لهم قائمة قط .
إني لأستحضر بهذه اللحظة و نحن أسوأ من قوى الكفر المحتلة وكيف لا نكون ونحن نغض الطرف عما يفعله المحتلون اليوم في الشرق الأوسط في فلسطين والعراق من انتهاك أعراضنا وقتل الأبرياء من أطفالنا وفرض سياسة الأمر الواقع والغلبة للقوي وليذهب الضعيف للجحيم. إنهم من أجل حثالة يهودي يقتلون ويدمرون ويسرحون ويمرحون في أرض محمد وآل محمد الأرض التي أسري لها رسول الإنسانية (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي سيصلي فيها المسيح خلف المنتظر (مكن الله له في الأرض) .. متى سنصحو ونقول بصوت واحد ثابت الإيمان .. كفى لفرض الإرادة وسياسة التشريد فللباطل صولة وللحق دولة . 
أحمد الغزالي
أمريكا ومنطقة الظهور
الكل يعيش عصر التقدم العلمي وعصر التكنولوجيا الحديثة التي غزت العالم اليوم ودخلت في كل مجالات الحياة ومختلف العلوم وصارت لغة التنافس بين شعوب العالم في هذا العصر الحديث رغم التفاوت الحاصل فيها بين دول العالم فنلاحظ أن هناك دولاً لم تكن لتعرف سابقاً على الصعيد العلمي إلا أننا في هذا العصر نرى بروزها واضحاً بين تلك الدول المتقدمة حتى صارت واحدة منها ، وهذا التقدم الحاصل والتكنولوجيا الفائقة هي مما ينفع الشعوب وتعمل على تحقيق الرفاهية لها بطبيعة الحال 0 إلاّ اننا نلاحظ في الوقت ذاته أن هناك بعض الدول أخذت تستخدم تلك التكنولوجيا للأغراض العسكرية من أجل السيطرة على البلدان الفقيرة أو النامية لأجل الاستفادة من ثرواتها الطبيعية في تقويم بلدانها كي تسبق الزمن في تقدمها وفي نفس الوقت حب السيطرة والهيمنة  إذْ أن النَفَسَ القديم في إستعمار الشعوب لا يزال موجوداً ولكن بسياسة حديثة . ومن بين هذه الدول التي تستخدم ذلك النََفََس نَفَس السيطرة وحب التملك وامتلاك ثروات الدول الأخرى هي أمريكا صاحبة التقدم والتطور وراعية السلام في العالم كما تزعم ، فبدلاً من أن تستخدم علومها لأغراض السلم استخدمتها للعنف ضد العالم الإسلامي بالخصوص والعراق بالتحديد فقد جاءت مهرولةً للانقضاض على هذا البلد المتواضع بحجمه بين باقي البلدان واستخدمت كل السبل والحجج الواهية  في حينها حتى تمكنت من الوصول إليه وكانت الحجة في وقتها هي امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي تهدد دول الجوار وصار لابد من التخلص منها وبأي شكلٍ من الأشكال 0 وهكذا خاضت أمريكا حربها ضد العراق مستخدمة كل ما تملك من الأسلحة الحديثة والأسلحة المحرمة دولياً ولا من معترض لها واستطاعت كسب القضية لجانبها إعلامياً  حتى دخلت هذا البلد المضطهد المظلوم  وقضت على النظام المهدد لدول الجوار وأحكمت السيطرة عليه وتناست قضية الأسلحة التي جاءت من أجلها ، وبعد ظهور المقاومة الرافضة لبقائها صار لابد من إيجاد ذريعةٍ جديدة لأجل إعطائها صفةً شرعية في البقاء أطول فترة ممكنة ، فراحت تعمل على اثارة الفتن الطائفية وإشعال فتيل الحرب الأهلية إلا أنها لم تنجح في بادئ الأمر فعملت على زرع الإرهاب حتى أحدثت المجازر البشعة التي لم يسمع بها العالم وراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء وما زال الحال على نفس المنوال لحين إعلانها أن الزرقاوي قتل حيث ما قتل والله العالم إن كان ذلك صحيحاً أم لا ؟ المهم  أنها ظنت أن مقتل الزرقاوي سوف يمنحها العذر بالبقاء للفترة القادمة واعتقدت أن الشعب ساذج إلى هذه الدرجة وسيصدق هذه اللعبة الجديدة ولايربط القضية بهم إلاّ أن المسألة لم تأتي على غرار ما أرادوا ، وبناءاً على زعمهم مقتل الزرقاوي فالمفروض أن الإرهاب قد ولت أيامه من غير رجعة إلاّ إننا نجد المسألة قد استمرت والأزمة قد تفاقمت وها هو الإرهاب تضاعف عما كان عليه فضلاً عن أن القتل إزداد من جانب القوات الأمريكية وغيرها من القوى العاملة في البلد حتى أنّ القتلى صاروا بالمئات يومياً وبشكلٍ أكثر إعلانٍ مما كان عليه فأين الحكومة من ذلك0 إذاً هذا الذي يجري في العراق اليوم لايدل على أن قدوم أمريكا وحلفائها للعراق  من أجل الحصول على الثروات كالنفط أو باقي المعادن والخيرات أو من أجل التخلص من الأسلحة التي يمتلكها ذلك الأرعن الذي ولى بلا رجعة أو لإنقاذ الشعب أو للقضاء على الإرهاب ونشر السلام في العالم حسب ادعائها بل يبدوا أن المسألة أعظم وأكبر من ذلك بكثير خصوصاً لو تأملنا الخسائر الفادحة التي تكبدتها و التي تتكبدها أمريكا في اليوم فضلاً عن الأعوام الماضية إذاً القضية هي قضية مهمة جداً بل  و مصيرية لابد منها ، وليس غير قضية الإسلام التي تمثل الرعب لدول الغرب على مرِّ الزمان ، فلابد من القضاء عليه وبأي وسيلة خصوصاً وأن هذه الفترة تمثل المحصلة النهائية للأديان السماوية والشعوب المسلمة وغير المسلمة وهي فترة الظهور المقدس ظهور المنقذ والمخلص والحاكم القوي الذي تنتظره كل البشرية كلًّ  بحسب معتقده وفهمه المهم أن النتيجة واحدة والفكرة واحدة والمصير واحد فكان لزاماً على هذه الدول التي تحكمت بالمجتمعات قديماً وسيرتها كما تريد أن تتصدى لهذه القضية السماوية المصيرية التي تنتهي بحكم أحد الطرفين إما الشرق وإما الغرب مصداقاً لقوله جل وعلا : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }البقرة258 . فإن الشمس حسب التأويل المقصود بها الإمام المهدي (ع) فهو الذي يأتي من جهة المشرق ويحكم العالم بأسره وإبراهيم كان يعلم بذلك كيف وأن المهدي هو المتمم لرسالة إبراهيم التي لاتزال غير كاملة وكمالها هو قيام دولة العدل الإلهي لله سبحانه وتعالى على يد هذا القائد العظيم الذي يسوق اليهود والنصارى الذين يفسدون في الأرض سوق الحيوان ويجعل أمرهم هباءاً منثوراً 0 فذلك الذي حدا بأمريكا وحلفائها للقدوم الى هذا البلد حيث ظهور أمر الإمام فيه ثم حكمه ويدل على ذلك الهدف والغاية إهتماماتهم الغير طبيعية بحوادث المستقبل لمعرفتهم بانّها ستكون وبالاً عليهم وليس نفعاً  فضلاً عن الاستعدادات السرية لذلك ،ولكن نقول أن الإمام سيقوم رغم كل ما يفعلون ولن يوقفوا قضيته مهما فعلوا ويفعلوا وقريباً إن شاء الله سوف نرى شمس المشرق تشرق فوق أمريكا وأوربا وباقي الكرة الأرضية .
 وسام الخطيب

الاحتلال وضياع روح الوطنية
عند دخول قوات الحكم الفاشي المتمثل بالطاغية صدام لأرض الكويت في آب 1990 بعد تأزم العلاقة في حينه بينه وبين بلدان الخليج العربي جراء ما حصل في الحرب العراقية الإيرانية واستغلال الكويت والسعودية وبعض الدول الأخرى للسوق النفطية من خلال خفض الأسعار وضخ كميات كبيرة من النفط للسوق العالمية وتراجع قيمة الدينار العراقي إلى مستويات متدنية لأول مرة مما ولد انعكاسات نفسية بان من خلالها أن هذه الدول أوقعت  فريستها في هذا الطعم ووضعته في كماشة واستثمار هذا الوضع من قبل القوى العظمى المهيمنة على الساحة الدولية وتهيئة الأجواء المناسبة لدخول الكويت وبالتالي إصرار رئيس السلطة الغاشمة في حينها على عدم الانسحاب متحدياً قرارات مجلس الأمن الدولي و المجتمع الدولي مما أدى إلى توجيه ضربة عسكرية مكثفة وشديدة بقيادة القوات الأمريكية ودول التحالف التي تضمنت دول عربية صديقة حالياً حيث أصبحت القوات العراقية داخلة في هذا الفخ الأمريكي وهي لا تدري ماذا تفعل ومن تقاتل وعلام تقاتل وما النتائج المترتبة على هذه القضية سوى عن طريق الإعلام العراقي الذي أخذ فجأة يطالب بأرض الكويت ,فكان أن بدأ الهجوم الأمريكي العالمي على القوات العراقية التي اندحرت سريعاً لتفاوت العدة والعدد في معركة غير متكافئة سميت بعاصفة الصحراء مخلفةً وراءها آلاف القتلى والمفقودين حيث جربت عليهم أنواع الأسلحة المتطورة والخطيرة وذات الأضرار البالغة في المدى القريب والبعيد منها الأسلحة الجرثومية والكيماوية وغيرها مع قطع الإمدادات وعزله في نهاية مأساوية يندى لها الجبين ، فأنت تواجه ترسانة عسكرية عملاقة متطورة بأسلحة قديمة بالإضافة إلى ضعف الإعداد المعنوي والنفسي والقسوة والقهر والتجنيد الإجباري لاجل قضية لا ناقة لك فيها ولا جمل ولكن الناس عبيد ملوكهم . ونتج عن هذا الانكسار أن أعلنت أفراد كثيرة من الجيش عصيانها وتمردها على الحكم الطاغي مع مد جماهيري كبير بين أبناء الشعب في مناطق متعددة منه ودخلت المعارضة العراقية الخارجية في بعض المناطق وبمستوى معين ثم انسحبت سريعاً دون أن تتعرض إلى خسائر وكذلك تحريك الإعلام العالمي لهذا الحدث المفاجئ ومن المفارقات منح الفرصة لحكومة العراق لجمع الشمل وتوجيه حملة تأديبية قمعية لأبناء الشعب مخلفة وراءهاعشرات الآلاف من الناس وهجرت الكثير من الشباب الواعي وبالتالي سيطرة الحكم الفاشي على الوضع من جديد واحكام قبضة فولاذية خانقة على أبناء الشعب ، مع فرض حصار اقتصادي قاسي ومرير وقطع الكهرباء واعتقال الألوف المؤلفة من الشباب والعوائل. عندها أخذت السلطات الكويتية المنحرفة بالتعاون مع الأمريكان  بإدخال الإرهاب تدريجياً إلى العراق مع بروز دور المعارضة العراقية بأطرافها  المتعددة على الساحة السياسية وازدياد المساحة الإعلامية لها حيث باتت تعد العدة للدخول مرة أخرى مع القوات الأمريكية لتحريره حسب ادعائهم الباطل من هذا الحكم الفاشي حسب خطاباتهم وفعلت أمريكا ذلك بقيادة بوش الابن إتماما لخطوة أبيه اللعين فاجتاحت العراق في ربيع 2003 أي بعد مرور 12 سنة على الغزو الأمريكي الأول . بعد أن درست الأوضاع تفصيلياً في العراق بواسطة شبكة عملائها في الداخل ولكنها وجدت تيارات شعبية داخلية قوية نسبياً لم تكن بالحسبان كما ظهرت جهات معارضة أخرى تتبنى نسبة من أفكار واعتقادات الحكومات السابقة . بالإضافة إلى أهل المهجر الذين عادوا إلى ارض الوطن محررين كما يعتقدون ويا ليتهم لم يعتقدوا ولم يأتوا. لقد حاولت هذه القوى الموجودة في الساحة الداخلية إثبات وجودها وفرض هيمنتها على الساحة لكنها لم تفلح والادهى من ذلك أنها من خلال صراعها المرير على كرسي الحكم ، قد سلمت مقاليد الأمور على طبق من ذهب للأمريكان اقل مما توقع الأمريكان لأن أهل العراق كرماء للضيف فأعطوه ما يريد واذعنو للكثير من مطالبه وأهدافه ، فأحكم المحتل قبضته على البلاد وعلى هذه القوى وأخذ يسيرها وفق ما يريد من حيث تشعر هذه الأطراف أو لا تشعر . أن هذا الأمر الواقع افرز نتائج سلبية خطيرة من الصعب جداً تجاوزها والوصول إلى بر الأمان بل الأمر المتوقع أن يزداد نزيف الدم والدمار وتحطيم البنية التحتية والهيمنة المطلقة على الثروة واغاثة الفساد والعبث بالمقدسات والمثل السامية واستخدم البطش بكافة أنواعه على وفق ما مرسوم له في هوليود من أفلام للرعب فأصبحت ساحة العراق أرضا خصبة لذلك. نقول ما هكذا تورد الإبل يا ساسة العراق الجدد ويا أهل الأديان فلقد أثبتم فشلكم وما عليكم سوى التعلم من جديد والابتداء ببداية صحيحة سليمة وإلا فأقرأوا على أهل العراق السلام يا دعاة العروبة والإسلام لأن عصى موسى انقلبت ثعباناً التهم أبناء الشعب ولم يلتهم ثعابين السحرة فابحثوا عن فرصتكم الأخيرة وإلا سيحصد بعضكم بعضاً وعندها ينطبق عليكم المثل ( على نفسها جنت براقش ) فألان سكنت أصواتكم وندرت مطالبكم التي تهم الشعب فأصبحتم أدوات طيعة للغزاة الكفرة . فما هو السر الذي جعل الغزاة يستخدمونكم بهذه الطريقة الذليلة بحيث أصبحتم ذئابا على أبناء جلدتكم فعندما تترك المبادئ وتستسلم الساسة والقادة لمنطق المحتل وتنسى ذكر ربها وتتحد مع المحتل على الضعيف والشريف ، فانتظروا غضب جبارها بسعير نارها وان غداً لناظره قريب{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
حسن حمزة

واحة المرأة
فاطمة (عليها السلام) مجد الرسالة ألألهية
إن فاطمة عليها السلام هي مجد الرسالة ألألهية وتجسيد مافي القرآن الكريم من لطائف العبر ودقائق الفكر وعظمة الحق فلابد لكل رسالة من ان تقدم نموذجها ورسالة ألأسلام هي أعظم رسالة ، فلابد أن يكون النموذج الذي تقدمه هذه الرسالة هو النموذج ألأعظم ، فكانت فاطمة الزهراء (ع) التي هي القدوة لكل إنسان ذكرا كان أم أنثى ... وهكذا تسامت هذه المرأة العظيمة نحو معالي القيم وذابت هذه الرسالة وتحولت من مجرد شخص الى نموذج رسالي أن الرسول محمد (ص) الذي جاء سراجا منيرا وبشيرا هاديا ورحمة للعالمين ، كان يركز كل تعاليمه وبرامجه التربوية في أبنته فاطمة عليها السلام وعلى علي بن أبي طالب (ع) الذي رباه على يديه الكريمتين والا فكيف يمكن أن ينجح الرسول (ص) في تربية فاطمة (ع) ، وهو الذي أثر في التأريخ صنع أجيالا من المؤمنين الرساليين يعجزاللسان عن وصف سموهم وطهارتهم . لذلك كانت الزهراء (ع) مقياسا وميزانا للعفاف ومثالا لتجلي ألأخلاق الحسنة والقرآن الكريم ينقل لنا جانبا من حياة فاطمة (ع) وسلوكيتها في سورة كاملة هي سورة ألأنسان .. حيث حيث تثني على فاطمة عليها السلام لأنها ربة العائلة وسيدة البيت . وهي التي حملت رغيفها في البدء ثم جمعت ألأرغفة من أطفالها الصغار وهم صائمون لتعطيها خلال ثلاث ليال متتالية الى مسكين ويتيم وأسير متجاوزة عواطفها وطبيعتها كأم تفضل أطفالها على غيرها ضاربة بذلك أروع ألأمثلة في الذوبان في الرسالة الألهية وألأندماج فيها بمثل هذه المواقف الرائعة  جسدت فاطمة الزهراء (ع) قيم الرسالة ومباديء الدين ، وبذلك أصبحت حجة بالغة على البشرية جمعاء...
صلوا أرحامكم  تطول أعماركم
قال الله عزوجل ( وأتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) فذكر سبحانه وتعالى الأرحام بعد أسم الجلالة مباشرة لما لها من الخطورة الجسيمة وهذا تحذير من هذه الخطورة الفائقة .. أن الله تبارك وتعالى الحنان المنان وضع الدساتير وسنن الكمال التي تروم سعادة البشرية جمعاء وجعل الدين الإسلامي خاتم الأديان . دينا أجتماعيا ليس بدين أنزواء ورهبنة دين يريد من الناس أن يقترب بعضهم إلى  بعض بالمعونة والمساعدة والألفة والتحابب والتعاطف . ومن جملة الدساتير والسنن (صلة الرحم) فكل مجتمع مؤلف من عوائل والعائلة مؤلفة من أفراد تربطهم صلة الرحم والقرابة . فلوا كانت العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة متينة على أساس الحب والولاء , سعدت هذه العائلة وبسعادتها تسعد الأمة وبشقائها تشقى لو حث الدين الإسلامي على صلة الرحم وجعله من أفضل القربات. فأن الله تبارك وتعالى يأمرنا أن نتقيه في قطيعة الأرحام فالتساؤل في قوله (عزوجل) (وأتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام ) سؤال بعض الناس بعضا بالله سبحانه يقول لصاحبه : أسألك بالله أن تفعل كذا وكذا فكما يجب أن تتقي الله تبارك وتعالى في أعمالك كذلك يجب أن تتقي الله في قطيعة الرحم . بأن لا تقطعها وأن تصلها بأنواع الصلات والقربى الحسنة . ومن مواعظ النور للرسول (ص) (صلوا أرحامكم وبالسلام عليهم) وقال (ص) من ضمن لي واحدة ضمنت له أربع , يصل رحمه, فيحبه الله ويوسع عليه في رزقه ويزيد في عمره , ويدخله الجنة التي وعده . وقال (ص) (صلة الأرحام, وحسن الجوار, زيادة في الأموال ) وغيرها من الأحاديث الشريفة التي ترقى بالنفس نحوا الكمال المنشود وتبعدها عن التسافل والفجور . وأما في هذا الزمن الغريب والبعيد كل البعد عن الدين . فهناك أناس ومع كل الأسف قست قلوبهم وأصبحت كالحجارة بل أشد قسوة الذين جعلوا بينهم وبين أرحامهم أشد العداوات وتمنيت لو تمحى كلمة مسلم من بطاقة جنسية هؤلاء الأناس , ليكتب بدلها فاقد الدين . ومالنا إلا أن ندعوا إلى أمامنا وأملنا الحجة بن الحسن العسكري (عج) ليخلصنا من الظلم والظالمين.
مكانة المرأة في الإسلام
قال الله عزوجل ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وقال رسول الله (ص) ( خير أولادكم البنات ) وورد عن الأمام الصادق (ع) قال ( البنات حسنات , والبنون نعمة فأنما يثاب على الحسنات ويسأل عن النعمة ) .. أذن فكيف نربيهن , إن التربية الإسلامية تحث الوالدين على حب البنت وأكرامها.لتمتلي نفسها ارتياحا وأطمئنانا ووثوقا, ولتنشأفي ظل أجواء نفسية وتربوية طيبة تعدها وتؤهلها للحياة الاجتماعية المستقبلية وتمكنها من التعامل مع الآخرين وتكون سليمة من الإمراض النفسية , فتكون بذلك ألام الصالحة لتربية أولاد صالحين تخرجهم إلى المجتمع أفرادا نافعين وعناصر خيرين . أن القرآن الكريم حينما يتحدث عن المرأة والرجل والإنسان والناس والذين آمنوا يقصد بذلك الجنس البشري الواحد . بعنصرية الرجل والمرأة وفي نظره أنهما يقومان على أساس التكامل ونظام الزوجية العام في عالم الطبيعة والحياة وهو في آيات مباركة كثيرة يعلم عن هذه الحقيقة العلمية الثابتة ومن هذه الآيات قوله تعالى ( خلقكم من نفس واحدة ) والمرآة أدارتها   في البيت وشؤونها مع الزوج والأولاد . وأن تحفظ زوجها في كل الأمور فقد جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال : أني لي زوجة اذا دخلت تلقتني وأذا خرجت شيعتني وأذا رأتني مهموم قالت لي : ما يهمك ؟ , أن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك وأن كنت تهتم لأمر آخرتك فزادك الله هما , فقال رسول الله (ص) ( إن لله عمالا , وهذه من عماله لها نصف أجر الشهيد ) وبهذا يتبين لنا كيف احترامها وكرامتها للإسلام ومن النظر إليها من خلال مكانتها الكريمة ومنزلتها العظيمة التي وظعها الإسلام الحنيف فيها , من عفة وطهارة وأداب ومثل سام ومسؤولية مقدسة كبرى في بناء جيل صالح مؤمن بالله جلت عظمته , وبرسوله وأوصيائه وخلفائه ألائمة ألاثني عشر المعصومين (ع) .. ولنا نساء يذكرهن التاريخ بسيرتهن العطرة , مثل أم البنين (ع) هذه السيدة التي قدمت أولادها الأربعة لرضا الباري عزوجل ونصرة الأمام الحسين (ع) ومع كل ذلك عندما جاء الناعي ينعى الحسين (ع) تقدمت إليه وسألته عن الحسين (ع) وعندما عرف الناعي أنها أم البنين قال لها عظم الله لكي الأجر وبقي يردد أولادها الأربعة وهي تريد خبر الحسين (ع)إلا نتأمل من منا مثل هذه المرأة الجليلة ونحن في هذا اليوم نفتقر إلى مثل هذه المرأة
الجمال الروحي وعلاقته بالجمال الشرعي
لا بد لنا قبل التطرق في بحث الجمال الشرعي او الاسلامي  ان نتكلم عن الجمال الروحي للإنسان . فإن الانسان ميال بطبعه الى حب الجمال وتعشقه . واذا كان اليوم يحب الطبيعة من خلال لوحة معلقة على الجدار او تحفة فنية ترقد على الرف يستهوي به الجمال في المصنوعات التي تفنن مهندسوها في ابتكارها وصناعتها فأن حبه للجمال لم يتغير حتى انه يحن في كثير من الاحيان الى الارتماء في احضان الطبيعة لينفض عن كاهله بعض هموم الحياة العصرية المليئة بالضجيج والحركة اللاهثة المحمومة .
ان الحاجة الى التربية الجمالية هي حاجة ليست كمالية كما يتصور البعض انما هي حاجة اساسية فكما يحتاج احدنا ان يربي عقله ويربي نفسه ويربي روحه ويربي جسده فهو بحاجة ايضاً الى ان يربي ذائقته الجمالية من خلال الحجاب وقد يفهم بعض شبابنا وشاباتنا من تربية الذائقة الجمالية . إنها الاستمتاع بالجمال الحسي فقط . في حين ان الجمال واسع سعة هذه الدنيا الذي نعيش فيها . وهو ليس محصوراً في المناظر الخارجية للاشياء .
وما نقرأه في كتاب الله الجميل ، وفي السنة النبوية الشريفة وعن الائمة الاطهار عليهم السلام . ان ذلك يعطينا من التربية الجمالية ما لا تمحوه الايام ولا تغيره الطبائع المستقبلية حتى لو انقلبت مفاهيم الناس فصاروا يرون القبيح جميلاً والجمال قبيحاً .
وتجدر الاشارة هنا الى اننا احياناً نتربى جمالياً حتى ونحن نواجه المشاهد المقززة التي يفترض انها تعلمنا كيف نتجنب المخدشات للإحساس بالجمال والمفسدات للذوق الجمالي العام من خلال الملابس او ما يسمى الحجاب وللجمال نوعان هما :
أولاً - الجمال الظاهري:
 وهو جمال الانسان الذي يطالعنا لأول وهلة قد يكون يبهر الابصار فإن جمال الظاهر يتمثل في حس الطلعة وفي النظافة وفي الاناقة وفي الزينة .
ثانياً - الجمال الباطني :
وهو الجمال الذي لا تلتقطه عيوننا الا بعد حين أو اننا نراه بعيون اخرى وهو الجمال الباطني الذي يمكن ان نسميه بجمال الروح . والجاذبية وخفة الدم وهو الذي يضفي على جمال الجسد جمالاً أبهى وأحسن وهو جمال الوقار وطلاقة الوجه وجمال البيان ورجاحة العقل والاخلاق الفاضلة الحميدة وهو مسعى اهل البيت الاطهار (عليهم السلام) وأخيراً ان الفرق بين الجمالين  هو كالفرق بين وردة اصطناعية موضوعة في مزهرية على طاولة . وبين وردة طبيعية تبعث برسائل أريجها المنعش الى القلب الصادق .
ماقاله الرسول في المؤمنين
روي أن رسول الله (ص) قال لايكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال فعل وعمل ونية وباطن وظاهر فقال أمير المؤمنين (ع) يارسول الله مايكون المائة وثلاث خصال فقال ياعلي من صفات المؤمن أن يكون جوا ل الفكر جوهري الذكر كثيرا علمه عظيما حلمه جميل المنازعة كريم المراجعة أوسع الناس صدرا وأذلهم نفسا ضحكه تبسما وأجتماعه تعلما مذكر الغافل معلم الجاهل لايؤذي من يؤذيه ولايخوض فيما لايعنيه ولايشمت بمصيبة ولايذكر أحد بغيبة بريء من المحرمات واقفا عند الشبهات كثير العطاء قليل ألأذى عونا للغريب وأبا لليتيم بشره في وجهه وخوفه في قلبه مستبشرا بفقره أحلى من الشهد وأصلد من الصلد لايكشف سرا ولايهتك سترا لطيف الجهات حلو المشاهدة كثير العبادة حسن الوقار لين الجانب طويل الصمت حليما إذا جهل عليه صبورا على من أساء إليه يجل الكبير ويرحم الصغير أمينا على ألأمانات بعيدا من الخيانات إلفه التقى وخلقه الحياء كثير الحذر قليل الزلل حركاته أدب وكلامه عجب مقيل العثرة ولايتبع العورة وقورا صبورا رضيا شكورا قليل الكلام صدوق اللسان برا مصونا حليما رفيقا عفيفا شريفا لالعان ولا نمام ولاكذاب ولا مغتاب ولا سباب ولا حسود ولابخيل هشاشا بشاشا لاحساس ولاجساس يطلب من ألأمور أعلاها ومن ألأخلاق أسناها مشمولا لحفظ الله مؤيدا بتوفيق الله ذا قوة في لين وعزمه في يقين لايحيف على من يبغض ولايأثم في من يحب صبور في الشدائد لايجور ولايعتدي ولايأتي بما يشتهي الفقر شعاره والصبر ثأره قليل المئونة كثير المعونة كثير الصيام طويل القيام قليل المنام قلبه تقي وعمله زكي إذا قدر عفى وإذا وعد وفى يصوم رغبا ويصلي رهبا ويحسن في عمله فأنه ينظر إليه غض المطوف سخي الكف لايرد سائلا ولايبخل بنائل متواصلا الى الأخوان مترادفا للأحسان يزن كلامه ويخرس لسانه لايغرق في بغضه ولايهلك في محبته لايقبل الباطل من صديقه ولايرد الحق من عدوه لايتعلم إلا ليعلم ولايعلم إلا ليعمل قليلا حقده كثيرا شكره يطلب النهار معيشته ويبكي الليل على خطيئته إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم وإن سلك مع أهل ألاخرة كان أورعهم لايرضى في كسبه بشبهةولايعمل في دينه برخصة لطيف يعطف على أخيه لزلته ويرعى ما مضى من قديم صحبته ...... التمحيص ص74.
هل تعلم؟
× هل تعلم ان الاموات يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم .
فقد جاء عن ميمون اللبان في اثبات الهداة ج3 عن ابي عبد الله (ع) : ( ........ الى ان قال ........ فإذا وضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن الا صار قلبه أقوى من زبر الحديد واعطاه قوة اربعين رجلاً ولا يبقى ميت الا دخلت عليه تلك الفرصة في قلبه وقبره وهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم (ع).
× هل تعلم ان الصيحة لا يعرفها الا من سمع بها قبل ان تكون .
فقد جاء في غيبة النعماني عن هشام بن سالم انه سمع ابا عبد الله (ع) يقول : هما صيحتان صيحة في أول الليل وصيحة في آخر الليل قال فقلت كيف ذلك ؟ قال : فقال : واحدة من السماء وواحدة من ابليس ، فقلت : فكيف تعرف هذه من هذه ؟ فقال : يعرفها من كان سمع بها قبل ان تكون .
× هل تعلم انه تقع فتنة يكثر فيها القتل بين الكوفة والحيرة القاتل والمقتول على حد سواء .
فقد جاء في اثبات الهداة ج3 ص739 عن يعقوب السراج عن جابر عن ابي جعفر (ع) انه قال : يا جابر لا يظهر القائم حتى تشمل الناس في الشام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه ويكون قتل بين الكوفة والحيرة قتلاهم على سواء وينادي مناد من السماء.
دراسات
كبرياء الامم سبب رفض القضية الالهية الكبرى
أكد القرآن الكريم أن كل أمة تعامل معاملة الإنسان يوم الورود إلى الساحة الإلهية للحساب قال تعالى (( وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون )) الجاثية 28-29 بحيث يتجلى إرتباط الجعل التكويني بين الإنسان والأمة بوضوح قال تعالى( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..). يقرر هذا الإرتباط بالتالي العلاقة بين الأمة وبين ممثل السماء , ذلك لأن الإنسان لبنة من لبنات المجتمع فكلما قرب الإنسان المجتمعي من خط إرادة السماء وطاعتها والإيمان بأن ما يأتي من السماء عن طريق ممثلها حق قربت الأمة من هذا الخط واضعة نفسها تحت إرادة السماء منصاعة لأوامرها. أن الإنسان مجبول على الكبر وهو في صراع مع ذاته من أجل الخلاص من هذه الصفة الذميمة التي يميل الذوق الفطروي إلى رفضها ,ويصدق نفس هذا المعنى بالنسبة للأمة حيث أبتلت الأمم بآفة الكبر وإغترت بنفسها وتراثها وحضارتها فحسبت بعض الأمم نفسها بأنها الأمة المعدودة المجتباة  ونتيجة لهذا الكبر والجبروت رفضت ممثل السماء الداعي إلى الحق ولم تدرك حقيقة ذلك الموفد السماوي ولم تكلف نفسها في التدقيق في دعواه كما حصل لنبي الله عيسى(ع) حيث كان اليهود في أيام السيد المسيح منقسمين إلى طائفتين هما الفريسيون وهما أهل التقاليد، والصدوقيون وهم منكرو عالم الأرواح. علاوة على بعض الطوائف الصغيرة الأخرى ,وههنا نص إنجيلي يتضح فيه رفضهم لدعوة السيد المسيح(ع) مخاطبا اليهود::"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35 وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36 فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. 37 أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. (عدد 30-37). ثم يتحدث السيد المسيح على رفض الناس لممثل السماء الإمام المهدي(ع) ثم قال لتلاميذه سيأتي زمان تتشوقون فيه أن تروا إبن الإنسان ولن تروا ولو يوما واحدا من أيام إبن الإنسان ولن تروا وسوف يقول بعضهم لكم هاهو هناك أو هاهو   هنا , فلا تذهبوا وتتبعوهم فكما أن الذي يلمع تحت السماء من إحدى الجهات يضن في جهة أخرى هكذا يكون إبن الإنسان يوم يعود ولكن لا بد له أولا من أن يعاني آلاما كثيرة وأن يرفضه هذا الجيل وكما حدث في زمن نوح هكذا سوف يحدث في زمان إبن الإنسان)) . إنجيل لوقا (الإصحاح 17 ص82)وإقتضت الضرورة إن يكون لكل أمة قائدا محنكا ينظم شؤونها ويرعى مصالحها وتظهر هذه الحاجة في النص القرآني (( إني جاعل في الأرض خليفة ......)) بحيث يجب أن يكون هذا الخليفة في أعلى درجات الكمال والتهذيب النفسي من أجل الوصول بالأمة إلى تحقيق العدل الإلهي والفوز برضا الله تعالى , لذلك أرسلت السماء مبعوثين ليقوموا بهذا الدور العظيم فإذا ما وقفت الأمة من هذا الممثل موقف الرافض له وقعت في جهة مضادة للسماء وغيرت الجعل الخلائفي ورفضت شروط السماء ومقدراتها وإختارت اللامعصوم الذي يتخذ إلهه هواه يعبد من دون الله تعالى (( أرأيت من إتخذ إلهه هواه )) وهنا تدخل الأمة في صراع مع السماء وممثلها , إن لطبيعة هذا الرفض أسبابا يمكن إجمالها فيما يلي:
1- السلطة الفرعونية (فراعنة العصر الحديث):
 وخير مثال على ذلك فرعون الذي تسلط وإستعبد الأمة وجعلهم عبيد لديه وأدعى الإلوهية ليضع بذلك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها من قبل الطبقة المستعبدة وجعل هذه الطبقة في حالة من الخوف والذعر من تجاوز الحدود المرسومة من قبله وشدد العذاب على من عصاه وبذلك جعل من نفسه مثلا أعلى لأمته محافظا بذلك على جبروته وعرشه (( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت من إله غيري )) القصص 38 .وبذلك جمد فرعون تلك الأمة فأصبحت متبعة له غير ناظرة بعين البصيرة لكل دعوة إلهية تبعث لها وإتبعت في ذلك رمزها المفروض عليها الذي سلبها إرادتها في الخلاص من سطوته وظلمه , وإندمجت هنا الأمة والحاكم الظالم إندماجا لا يسمح لها بالخلاص فقررت أن يكون مصيرها ومصير طاغيتها واحدا وإن إستوجب ذلك العذاب المهين .قال تعالى (( ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملأه فإستكبروا وكانوا قوما عالين فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدين )) المؤمنون 45-47 ومن ضمن المقدرات التي قدرها الرمز الظالم هو أن يبقي هذا الشعب أو ذاك شعبا جاهلا غير واعي وغير مدرك للحقائق ولا يكون همه سوى خدمة سيده وإتباعه وطاعته.
2- السلطة الدينية الموالية لفراعنة العصر:
وتندرج تحت هذه السلطة سلطة مناصرة أخرى ألا وهي السلطة الدينية التي تخدم فرعون كل عصر حيث يعتبر رجال الدين محط أنظار المجتمع الإنساني في كل عصر لإعتقاد المجتمع أن هؤلاء يمثلون أصحاب الرسالات السماوية ولكن حقيقة الحال وواقعه عبر السنن التاريخية التي جرت أوضحت عكس ذلك فنراهم في أحيان كثيرة يجعلوا من أنفسهم آلهة تعبد من دون الله تعالى لا بالتصريح وإنما من خلال ما يظهر عليهم ذلك من حب الآنا والتبجيل والإعتزاز بالنفس وإظهار القداسة . عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) فَقَالَ وَاللَّهِ مَا صَامُوا لَهُمْ وَلَا صَلَّوْا لَهُمْ وَلَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلَالًا فَاتَّبَعُوهُمْ .وسائل‏الشيعة ج : 27 ص : 126 قال عيسى(ع) “ فإنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس. وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم. ولك أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس. فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم. ويحبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع والتحيات في الأسواق وأن يدعوهم الناس، سيدي سيدي. وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعًا إخوة. ......" (عدد 4-12). وكلمة السيد المسيح(ع) أوضحت حقيقة الحال (( لا تؤمن بمن يأتيك على هيئة قديس فعسى أن يكون شيطان أخرس )) ."ولكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس فلا يدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون" (عدد 13). في هذا القول ينادي المسيح بويلات خطيرة على أولئك المُعلمين الذين أضلوا شعوبهم وقادوهم إلى رفض الممثل الإلهي والذي سيرفض من قبل أمثال هؤلاء ممثل السماء الإمام المهدي(ع) قال تعالى(( ولقد آتينا موسى الكتاب فإختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنَهم لفي شك منه مريب )) عن الباقر(ع) في الآية قال : إختلفوا كما إختلف هذه الأمة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره الناس فيقدمهم فيضرب أعناقهم .الكافي :8 /287,ح432 إن إعتقاد الناس بهؤلاء أنهم أهل القداسة والصلاح سيجعلهم مقلدين لهؤلاء تقليدا أعمى والذي نهى الشارع المقدس عن إتيانه فلا يجوز التقليد في أصول الدين وإنما التقليد في فروعه كذلك حذر الله تعالى من قبلنا من التقليد الأعمى في العقائد لغرض حث الناس على البحث والتدقيق في عقائدها فلا ترفض ممثلا سماويا على أساس رفض المتسلطين من أصحاب الأهواء والرغبات ويقعون كما وقعت الأمم السابقة في فخ الشيطان(( قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون )) البقرة 170. ((بل قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون )) الزخرف 22 والأحرى عرض مصاديق القضية الإلهية وصفات صاحب هذا الأمر من خلال بشارات الأديان ومن النصوص الواردة لدراسة واقعية بعيدة عن التعصب والتطرف لمعرفة الحقيقة الإلهية.
3- غياب فكرة الإمتحان الإلهي:
إن غياب إطروحة الإمتحان الإلهي في القضية المهدوية سيكون سببا في رفض حركة الإمام القائم لمجهولية الشخصية التي لم تحددها بشارات السماء في الأديان السابقة فالإشارات الواردة في الكتب المقدسة كانت تتحدث عن خط غيبي مستقبلي ولم تعطي السماء مكنون هذا الخط لأي نبي من الأنبياء فهو يمثل خرق لقوانين الحصانة الإلهية لهذه الشخصية ويكون من الصعب بعد حصول الإخبار الغيبي أن ينطبق السيناريو الإلهي لأنه يكون واضحا فلا يكون هنالك مجال لتمحيص الأمم وإختبارها ((الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ )) لا يكون تقييم نتائج ذلك الإختبار إلا من حيث أن يكون الأمر الإلهي سرا منطويا عن عباده وهذا يسنده حديث أمير المؤمنين(ع) ((كم إطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا إخفاءه هيهات علم مخزون)).
عن أبا جعفر(ع) يقول سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين(ع) فقال أخبرني عن المهدي ما اسمه فقال أما اسمه فإن حبيبي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله قال فأخبرني عن صفته قال هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه و نور وجهه يعلو سواد لحيته و رأسه بأبي ابن خيرة الإماء. بحار الأنوار ج : 51 ص : 37ومستدرك‏الوسائل ج : 12 ص : 288
كانت حقيقة الإخبار الإلهي على لسان أهل البيت يخص الخط العام للشخصية دون الخط الخاص الذي تكون فيه الإسرار الإلهية وعدم طرحها فيها مصلحة إلهية.وكذلك عدم تحديد الهوية يؤيده سؤال أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ للرضا u ولو حددت هوية القائم من قبل لما سأل أيوب الثقة الأمين عن ذلك :عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(ع) إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ وَأَنْ يَسُوقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ بِغَيْرِ سَيْفٍ فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ فَقَالَ مَا مِنَّا أَحَدٌ اخْتَلَفَتْ إِلَيْهِ الْكُتُبُ وَأُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ وَسُئِلَ عَنِ الْمَسَائِلِ وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الْأَمْوَالُ إِلَّا اغْتِيلَ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ لِهَذَا الْأَمْرِ غُلَاماً مِنَّا خَفِيَّ الْوِلَادَةِ والمنشأ غَيْرَ خَفِيٍّ فِي نَسَبِهِ). الكافي ج : 1 ص : 342
سأل رجل أبا عبد الله (ع) عن قوله عز وجل بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال نحن هم فقال الرجل جعلت فداك حتى يقوم القائم(ع) قال كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجي‏ء صاحب السيف فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا ).  بحار الأنوار ج : 23 ص : 190
عن أبي عبد الله(ع) قال:( إذا قام القائم(ع) دعا الناس إلى الإسلام جديدا وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور وإنما سمي القائم مهديا لأنه يهدى إلى أمر مضلول عنه وسمي القائم لقيامه بالحق). إعلام‏الورى ص : 462بحار الأنوار ج : 51 ص : 31
أسباب رفض ممثل السماء:
1- الاعتماد على الظن بدل اليقين .
2- رغبات وميول الأمة .
3- التعصب الأممي .
4- العجلة .
5- التقليد الأعمى في العقائد. أكد القرآن الكريم أن كل أمة تعامل معاملة الإنسان يوم الورود إلى الساحة الإلهية للحساب قال تعالى (( وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون )) الجاثية 28-29 بحيث يتجلى إرتباط الجعل التكويني بين الإنسان والأمة بوضوح قال تعالى( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..). يقرر هذا الإرتباط بالتالي العلاقة بين الأمة وبين ممثل السماء , ذلك لأن الإنسان لبنة من لبنات المجتمع فكلما قرب الإنسان المجتمعي من خط إرادة السماء وطاعتها والإيمان بأن ما يأتي من السماء عن طريق ممثلها حق قربت الأمة من هذا الخط واضعة نفسها تحت إرادة السماء منصاعة لأوامرها. أن الإنسان مجبول على الكبر وهو في صراع مع ذاته من أجل الخلاص من هذه الصفة الذميمة التي يميل الذوق الفطروي إلى رفضها ,ويصدق نفس هذا المعنى بالنسبة للأمة حيث أبتلت الأمم بآفة الكبر وإغترت بنفسها وتراثها وحضارتها فحسبت بعض الأمم نفسها بأنها الأمة المعدودة المجتباة  ونتيجة لهذا الكبر والجبروت رفضت ممثل السماء الداعي إلى الحق ولم تدرك حقيقة ذلك الموفد السماوي ولم تكلف نفسها في التدقيق في دعواه كما حصل لنبي الله عيسى(ع) حيث كان اليهود في أيام السيد المسيح منقسمين إلى طائفتين هما الفريسيون وهما أهل التقاليد، والصدوقيون وهم منكرو عالم الأرواح. علاوة على بعض الطوائف الصغيرة الأخرى ,وههنا نص إنجيلي يتضح فيه رفضهم لدعوة السيد المسيح(ع) مخاطبا اليهود::"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35 وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36 فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. 37 أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. (عدد 30-37). ثم يتحدث السيد المسيح على رفض الناس لممثل السماء الإمام المهدي(ع) ثم قال لتلاميذه سيأتي زمان تتشوقون فيه أن تروا إبن الإنسان ولن تروا ولو يوما واحدا من أيام إبن الإنسان ولن تروا وسوف يقول بعضهم لكم هاهو هناك أو هاهو   هنا , فلا تذهبوا وتتبعوهم فكما أن الذي يلمع تحت السماء من إحدى الجهات يضن في جهة أخرى هكذا يكون إبن الإنسان يوم يعود ولكن لا بد له أولا من أن يعاني آلاما كثيرة وأن يرفضه هذا الجيل وكما حدث في زمن نوح هكذا سوف يحدث في زمان إبن الإنسان)) . إنجيل لوقا (الإصحاح 17 ص82)وإقتضت الضرورة إن يكون لكل أمة قائدا محنكا ينظم شؤونها ويرعى مصالحها وتظهر هذه الحاجة في النص القرآني (( إني جاعل في الأرض خليفة ......)) بحيث يجب أن يكون هذا الخليفة في أعلى درجات الكمال والتهذيب النفسي من أجل الوصول بالأمة إلى تحقيق العدل الإلهي والفوز برضا الله تعالى , لذلك أرسلت السماء مبعوثين ليقوموا بهذا الدور العظيم فإذا ما وقفت الأمة من هذا الممثل موقف الرافض له وقعت في جهة مضادة للسماء وغيرت الجعل الخلائفي ورفضت شروط السماء ومقدراتها وإختارت اللامعصوم الذي يتخذ إلهه هواه يعبد من دون الله تعالى (( أرأيت من إتخذ إلهه هواه )) وهنا تدخل الأمة في صراع مع السماء وممثلها , إن لطبيعة هذا الرفض أسبابا يمكن إجمالها فيما يلي:
1- السلطة الفرعونية (فراعنة العصر الحديث):
 وخير مثال على ذلك فرعون الذي تسلط وإستعبد الأمة وجعلهم عبيد لديه وأدعى الإلوهية ليضع بذلك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها من قبل الطبقة المستعبدة وجعل هذه الطبقة في حالة من الخوف والذعر من تجاوز الحدود المرسومة من قبله وشدد العذاب على من عصاه وبذلك جعل من نفسه مثلا أعلى لأمته محافظا بذلك على جبروته وعرشه (( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت من إله غيري )) القصص 38 .وبذلك جمد فرعون تلك الأمة فأصبحت متبعة له غير ناظرة بعين البصيرة لكل دعوة إلهية تبعث لها وإتبعت في ذلك رمزها المفروض عليها الذي سلبها إرادتها في الخلاص من سطوته وظلمه , وإندمجت هنا الأمة والحاكم الظالم إندماجا لا يسمح لها بالخلاص فقررت أن يكون مصيرها ومصير طاغيتها واحدا وإن إستوجب ذلك العذاب المهين .قال تعالى (( ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملأه فإستكبروا وكانوا قوما عالين فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدين )) المؤمنون 45-47 ومن ضمن المقدرات التي قدرها الرمز الظالم هو أن يبقي هذا الشعب أو ذاك شعبا جاهلا غير واعي وغير مدرك للحقائق ولا يكون همه سوى خدمة سيده وإتباعه وطاعته.
2- السلطة الدينية الموالية لفراعنة العصر:
وتندرج تحت هذه السلطة سلطة مناصرة أخرى ألا وهي السلطة الدينية التي تخدم فرعون كل عصر حيث يعتبر رجال الدين محط أنظار المجتمع الإنساني في كل عصر لإعتقاد المجتمع أن هؤلاء يمثلون أصحاب الرسالات السماوية ولكن حقيقة الحال وواقعه عبر السنن التاريخية التي جرت أوضحت عكس ذلك فنراهم في أحيان كثيرة يجعلوا من أنفسهم آلهة تعبد من دون الله تعالى لا بالتصريح وإنما من خلال ما يظهر عليهم ذلك من حب الآنا والتبجيل والإعتزاز بالنفس وإظهار القداسة . عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) فَقَالَ وَاللَّهِ مَا صَامُوا لَهُمْ وَلَا صَلَّوْا لَهُمْ وَلَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلَالًا فَاتَّبَعُوهُمْ .وسائل‏الشيعة ج : 27 ص : 126 قال عيسى(ع) “ فإنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس. وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم. ولك أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس. فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم. ويحبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع والتحيات في الأسواق وأن يدعوهم الناس، سيدي سيدي. وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعًا إخوة. ......" (عدد 4-12). وكلمة السيد المسيح(ع) أوضحت حقيقة الحال (( لا تؤمن بمن يأتيك على هيئة قديس فعسى أن يكون شيطان أخرس )) ."ولكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس فلا يدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون" (عدد 13). في هذا القول ينادي المسيح بويلات خطيرة على أولئك المُعلمين الذين أضلوا شعوبهم وقادوهم إلى رفض الممثل الإلهي والذي سيرفض من قبل أمثال هؤلاء ممثل السماء الإمام المهدي(ع) قال تعالى(( ولقد آتينا موسى الكتاب فإختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنَهم لفي شك منه مريب )) عن الباقر(ع) في الآية قال : إختلفوا كما إختلف هذه الأمة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره الناس فيقدمهم فيضرب أعناقهم .الكافي :8 /287,ح432 إن إعتقاد الناس بهؤلاء أنهم أهل القداسة والصلاح سيجعلهم مقلدين لهؤلاء تقليدا أعمى والذي نهى الشارع المقدس عن إتيانه فلا يجوز التقليد في أصول الدين وإنما التقليد في فروعه كذلك حذر الله تعالى من قبلنا من التقليد الأعمى في العقائد لغرض حث الناس على البحث والتدقيق في عقائدها فلا ترفض ممثلا سماويا على أساس رفض المتسلطين من أصحاب الأهواء والرغبات ويقعون كما وقعت الأمم السابقة في فخ الشيطان(( قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون )) البقرة 170. ((بل قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون )) الزخرف 22 والأحرى عرض مصاديق القضية الإلهية وصفات صاحب هذا الأمر من خلال بشارات الأديان ومن النصوص الواردة لدراسة واقعية بعيدة عن التعصب والتطرف لمعرفة الحقيقة الإلهية.
3- غياب فكرة الإمتحان الإلهي:
إن غياب إطروحة الإمتحان الإلهي في القضية المهدوية سيكون سببا في رفض حركة الإمام القائم لمجهولية الشخصية التي لم تحددها بشارات السماء في الأديان السابقة فالإشارات الواردة في الكتب المقدسة كانت تتحدث عن خط غيبي مستقبلي ولم تعطي السماء مكنون هذا الخط لأي نبي من الأنبياء فهو يمثل خرق لقوانين الحصانة الإلهية لهذه الشخصية ويكون من الصعب بعد حصول الإخبار الغيبي أن ينطبق السيناريو الإلهي لأنه يكون واضحا فلا يكون هنالك مجال لتمحيص الأمم وإختبارها ((الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ )) لا يكون تقييم نتائج ذلك الإختبار إلا من حيث أن يكون الأمر الإلهي سرا منطويا عن عباده وهذا يسنده حديث أمير المؤمنين(ع) ((كم إطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا إخفاءه هيهات علم مخزون)).
عن أبا جعفر(ع) يقول سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين(ع) فقال أخبرني عن المهدي ما اسمه فقال أما اسمه فإن حبيبي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله قال فأخبرني عن صفته قال هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه و نور وجهه يعلو سواد لحيته و رأسه بأبي ابن خيرة الإماء. بحار الأنوار ج : 51 ص : 37ومستدرك‏الوسائل ج : 12 ص : 288
كانت حقيقة الإخبار الإلهي على لسان أهل البيت يخص الخط العام للشخصية دون الخط الخاص الذي تكون فيه الإسرار الإلهية وعدم طرحها فيها مصلحة إلهية.وكذلك عدم تحديد الهوية يؤيده سؤال أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ للرضا u ولو حددت هوية القائم من قبل لما سأل أيوب الثقة الأمين عن ذلك :عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(ع) إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ وَأَنْ يَسُوقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ بِغَيْرِ سَيْفٍ فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ فَقَالَ مَا مِنَّا أَحَدٌ اخْتَلَفَتْ إِلَيْهِ الْكُتُبُ وَأُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ وَسُئِلَ عَنِ الْمَسَائِلِ وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الْأَمْوَالُ إِلَّا اغْتِيلَ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ لِهَذَا الْأَمْرِ غُلَاماً مِنَّا خَفِيَّ الْوِلَادَةِ والمنشأ غَيْرَ خَفِيٍّ فِي نَسَبِهِ). الكافي ج : 1 ص : 342
سأل رجل أبا عبد الله (ع) عن قوله عز وجل بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال نحن هم فقال الرجل جعلت فداك حتى يقوم القائم(ع) قال كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجي‏ء صاحب السيف فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا ).  بحار الأنوار ج : 23 ص : 190
عن أبي عبد الله(ع) قال:( إذا قام القائم(ع) دعا الناس إلى الإسلام جديدا وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور وإنما سمي القائم مهديا لأنه يهدى إلى أمر مضلول عنه وسمي القائم لقيامه بالحق). إعلام‏الورى ص : 462بحار الأنوار ج : 51 ص : 31
أسباب رفض ممثل السماء:
1- الاعتماد على الظن بدل اليقين .
2- رغبات وميول الأمة .
3- التعصب الأممي .
4- العجلة .
5- التقليد الأعمى في العقائد.
نظرية الطرح الصحيح والطرح الخاطئ
لو تطلعنا في نظرية خلق الإنسان من قِبل المولى سبحانه وتعالى وأدواته المجهز بها من قبل الخالق البارئ من جسم مادي وما يضم في داخله من مكونات مترابطة تعمل وفق قانون محكم ومن روح وعقل ونفس وغيرها من المعاني الدقيقة المنظمة بحكم قدرة جبارة لا تخطئ أبداً وننظر إلى النظام الدقيق التي جُلبت عليه بمعناها المادي والمعنوي وارتباطها بالغذاء المادي والمعنوي لأستنتجنا خلاصة مفادها إن ورائها حكمة بالغة تبتغي نتيجة معلومة وواضحة من خلال هذا التكوين البالغ الدقة والمجهز بكافة أدوات العمل المطلوب لغرض النجاح في الأختيار المعد من قبل الله سبحانه وتعالى فقد قال المولى جل وعلا ( كنت كنزاً مخفياً فاردت أن أعرف فخلقت الخلق ) وقال في الكتاب العزيز {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 فمن خلال مراحل التاريخ الإنساني ودراسته ونظر الإنسان في الكون والخلق ومن هداية الأنبياء والرسل والأولياء عرف الإنسان معنى وسبب خلقه وتكوينه وأقر بالتسليم للخالق وقد قال رسول الله (ص) : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) وبالتالي بعد المعرفة أقر الإنسان بأن نظرية الخلق ونظرية التكليف الإلهي بأنها حق وإنها الطرح الإلهي الصحيح والغير قابل للخطأ أبداً حتى لو تنزلنا بأن هناك من يناقش مسألة الخلق بكيف ولماذا وإلى أين فحتماً بالنتيجة سيتوصل إلى الإقرار ذاته بعد الحصول على البيانات واشباع القناعة والرغبة السائلة المجادلة {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً }الكهف54 . إذن فكما إن نظرية الخلق صحيحة ونظرية الأختيار صحيحة فإن الله قد زود الإنسان بالعلوم والمعارف الصحيحة ووضعه على طريق الإمتحان ليتوصل بنفسه {إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان3 أي بمعنى إن الله دبر له وعلمه كيفية نهج الصراط المستقيم السوي وحذره ونهاه عن طريق الإعوجاج المتمثل بمخالفة العقل والتدبر والحكمة وهو طريق الهوى والضلال{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }البلد10 فنجد العقل والهداية ونجد الضلال والغواية والنفس معلقة بين الطرفين أما أن يكون العقل قد غلبها فنخضع لسلطانه وأما أن تكون منفلتة عن سلطان العقل فيكون السلوك نحو الضلال وإن لكل من العقل والنفس أدواته النور والعلم والتفكر والحكمة والخلاصة مع أصحاب اليمين وأما النفس فأرادتها الهوى والشهوات والتكبر والجحود والخلاصة مع أصحاب الشمال فالعقل يمثل الحال العلوي النقي والنفس تمثل الحال السفلي الكدر . هذا موضوع يجرنا إلى التطرق للاطروحات التي يضعها الإنسان لنفسه ويريد أن يعكسها على الآخرين وهذا أبرز ما يكون عند الحكومات وعند المفكرين والعلماء مع بيان الفرق إن الحكومات في أغلب الأحوال تفرض اطروحاتها على المجتمع فيتأثر بها سلباً وايجاباً ولمدة قد تطول أو تقصر حسب عمر الحكومة ولكن في النتيجة يحصل التاثر حتماً وكذلك بالنسبة للمفكرين والعلماء ولو إنهم لا يفرضون اطروحاتهم فرضاً وإنما من خلال اتباع الناس لهم أو من خلال الكتب وما شابه فيكون الثائر كذلك سلباً أو إيجاباً . والسؤال المهم هنا هل إن تلك الاطروحات صحيحة وحسب ما أراد الله وما يوافق الدين والشريعة الحقة فيكون الناتج هو السير على محجة العقل الهادي إلى النجاح وبالتالي تحصين المجتمع المتاثر وإيصاله إلى شاطئ السلامة والأمان في حال الدنيا والآخرة أم إن هذه الاطروحات سلبية وخاضعة لتخرصات النفس ورغباتها ومخالفة لإرادة الحق سبحانه وتعالى والنتيجة هي منزلق وليس له قرار واطفاء نور قد وهبه الله لعباده فتكون الجريرة نفعاً مظلماً لا يمكن الخلاص منه .
يحدو بنا هذا البحث إلى ضرورة التفكر واعادة الحسابات من خلال استقراء التاريخ وما أفرزه لنا من نتائج منذ القدم والحديث هنا عما عبر عنه القرآن الكريم وهو قول الله الحق إن الإنسان لم يتخذ الطرح الصحيح ( الرباني ) منهاجاً لحياته بل اتبع ما تملى عليه نفسه ورغباته وصنع لنفسه نظريات متضاربة وغير ناهضة للسير في طريق مستقيم وقوانين وضعية قاصرة لا تفي بالغرض المطلوب وتحقيق الإستقرار والسعادة والسير بالإتجاه الصائب بل وضع القانون والدستور الإلهي وراء ظهره وسار بإملاءات النفس والهوى فحدث ما حدث ( والتاريخ مفتوح لمن يقرأ) والنتيجة  {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }ق30 . لقد تكررت دعوات الأنبياء والمرسلين من الله الى البشر وعلى مر العصور ولكن لم يزدد الإنسان إلا كفراً وضلالاً وتخبطاً في كيفية الخلاص بالإعتماد على نفسه الأمارة بالسوء وفكره القاصر وطرحه الخاطئ وفي هذا الزمان لم يبق من الدنيا إلا طرحاً صحيحاً واحداً ومصيرياً وقائداً للخلاص والنجاة وهو الرجوع إلى الحكم الإلهي ( الطرح الحكيم) المتمثل بقيام دولة الحق بقيادة الإمام الحجة بن الحسن مكن الله له في الأرض وهي دولة الرب عندما تشرق شمس الإمام على العالم فينقيه من الشرك والضلال والطرح الخاطئ المبتدع ويقود العالم إلى سعادتين في الدنيا والآخرة  {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }الأنبياء105فيا أيها الناس الطرح الإلهي حق هل من معيد لحساباته فتنفع فهل من مدكر وهل من مطالع للتاريخ هل من محاسب لنفسه قبل أن يحاسب فالإمام لا يستتيب أحداً لأن معه عهداً من رسول الله (ص) فيه ( أقتل أقتل ولا تستتيب أحداً) هل من مهتدي إلى الله بولاية المهدي هل من عودة بعد الضياع  والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين .
العقيدة والفكر الإنساني
أن نمو وتطور الفكر الإنساني عبر مراحل الزمن كان أساس في اعتماد السماء إرسال المبعوثيات السماوية فكان كلما تطور المجتمع وفكره تم إرسال مبعوث سماوي  يتناسب مع تطور ذلك المجتمع بجميع امتداداته لذلك نرى اختلاف رسائل الأنبياء وطريقة معالجتهم لعلل كل مجتمع بصيغة تختلف عما سبقها من طرق العلاج السماوي إليها لكن ما يلفت الانتباه أن أصحاب المبعوثيات السماوية وممثليها  كانوا يحثون الإنسان على التطور الفكري الفردي والمجتمعي ويعتنون بتطويره وفتح أفاقه وفتحوا باب الاستنباط أمامه كما أمروا الناس بالسير في التكامل من الوجود إلى الموجود للوصول إلى المبتغى لتحصل حالة الشوق إلى الله عز وجل وبه تفتح البصائر وتنار ليضحى هذا الإنسان خليفة الرحمن في أرضه وتختلف درجة السالكين كل حسب طاقته وانفتاح الأنوار الربوبية عليه وقوة تحمل فكره وبقي لنا ان نعرف بحقيقة المعرفة إن اصل الفكرة في هذا الفكر الإنساني وأسسها التي تستند عليها  لتكون فكرة مقبولة وصائبة هي تلك التكاملات والاستنارة من خلال تلك التكاملات بإزاحة الحجب عن الفطرة وتحررها أما ما خلاها فهي لا تعدوا ألا أن تكون فكرة ناتجة عن أهواء ورغبات نفسية لها مصلحية في إشباع تلك الرغبات ولتردي صاحب هذه الفكرة أو تلك إلى الهاوية السحيقة وجعله مطية للشيطان ، أن اصل الفكرة الإسلامية العامة مبنية على النظرة حول مصلحية الإنسان ودفعه في قوس الصعود نحو الله تعالى بتكامل بناءه الروحي والأخلاقي والنفسي من خلال صحة اعتقاده وعقيدته التي لا تبنى هذه أو تلك على فكرة من رمز محدد غير متكامل وإنما من الرموز المتكاملة التي تمتاز بعقل فعال وهم أهل البيت (عليهم السلام) وهذه الفكرة الإسلامية العامة نابعة من الفطرة الإنسانية التي جبل الناس عليها (فطرة الله التي فطر الناس عليها ) بقي لنا أن نعر ف هل لنا أن نفكر في عقائدنا وعقائد غيرنا لنميز الدعوات الصادقة والدعوات التي تلتبس في ظاهرها بدعوة الحق وفي باطنها باطن محض. فرجوع الإنسان إلى فطرته يجعل منه إنسانا مفكرا تفكيرا حياديا باتجاه العقائد ودلائلها ولا تجعل منه أداة تحركه الرموز غير المتكاملة تقذف به في ساعة إلى الهاوية السحيقة وتجعله أداة لتحقيق مصالحها وبناءا على هذه المقدمة فيجب على الإنسان التفكر والتفكير في عقيدته على ضوء ما قال رسول الله (ص) (( لا تأخذ العقائد إلا عين يقين )) أن للعقيدة لونان هما عقيدة نظرية : وتعني مدى انطباق تلك العقيدة مع الحقيقة والواقع وتعرف بالأدلة العقلية في موارد وقد يعرف إنطابقها بالتجربة والمشاهدة في موارد أخرى .عقيدة عملية :وهي انه لا يهمنا أية نظرية هي المطابقة للواقع ولكن أية نظرية هي الأنفع للبشرية فهل تلك العقيدة هي الأنفع أو لا ؟ ومن جملتها العقائد الدينية . وهنا يبرز سؤال هل يمكن لعقيدة محرفة لم تستفيد البشرية منها أن تكون واقعية؟ أم عقيدة نصت السماء على أنها سر من أسرارها ومنعت من التعرض لها ومعارضتها ووضعت الخط العام لها وجعلتها السماء ثابت من الثوابت وأصل من الأصول ؟
وجوابنا على ذلك إن كل حقيقة وكل عقيدة وأيمان مبني على أساس الحقيقة الإلهية الكلية فهو لن يكون مضرا للبشرية فإذا كان البناء العقائدي صحيحا مطابقا للواقع مبني على أساس الحقيقة الإلهية الكلية فانه لا يمكن أن يصبح الاعتقاد بخلافه عقلائيا وضارا للإنسان  .وعليه فلا بد هنا من دراسة العقائد والتفحص عن محتواها ونيل شرف مساهمة الإنسان لنفسه في بناء عقيدته والإيمان بها ثم بعد ذلك يصل الأمر (( امنوا بسواد على بياض ))  .نعرف جميعا أن الأصول ليس فيها تقليد وإنما التقليد في الفروع لذلك نرى انه من الواجب على كل مكلف البحث عن الحقائق في أي عقيدة ومدى صحة هذه العقائد .
إن المصدر الرئيسي للأخطاء والضلالات نابع من الفلسفة الشخصية للرموز الأرضية الخالية من التكاملات والتي لا تتتبع إلا الظن كما أشار القران الكريم لذلك بقوله تعالى (( وان تطع أكثر من في الأرض يظلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن )) أما بالنسبة للرموز الإنسانية المتبعة فان الفلسفة الشخصية التي تحويها والتي تنبثق منها خطرة في جوانب كثيرة وخصوصا إذا ارتبطت تلك التنظيرات لعقيدة ما من عقائدنا وخصوصا في تزييف وتحريف في موضع ما من المواضع فستتدخل الرغبات والميول والإرهاصات النفسية في هذا الرمز أو ذاك يسبب الكثير من التشويه  في الحقائق لعدم خلوصية هذا الرمز أو ذاك وبناء هذا الرمز وفق الشروط الإلهية أو وفق نظام سماوي من حيث التشكيل الإنساني وتواصل حركته في قوس الصعود إلى الله وفي سيره التكاملي ليتوفق في النتيجة النهائية للتحرر والتجرد من الوجود نحو الموجود ليضحى متوهجا بالنور الإلهي متنورا عادلا في حكمه وفي وضع الحلول المناسبة للإشكالات العقائدية أو  رفع تزييف أو تحريف مع علمنا بان الرمز الشخصي لقلة المادة المعرفية وعدم كفايتها ولعدم تكامله لا تشرق في ذاته الأنوار الربوبية إلا بنحو ضئيل لا يستطيع أن يتقدم أنملة واحدة باتجاه من يدعوه إليه وهو الرب العظيم ...  وهنا تبرز الحاجة  للمصلح الغيبي الذي يكشف غب ما أسس الأولون. ألا إننا نرجع في أحيان كثيرة على فلسفتنا الشخصية في اغلب الأمور والمواطن ونكاد نقاتل من اجل أن نحكم رأينا لا رأي المقابل وهذه أزمة أخرى تضاف إلى أزمات نفوسنا العليلة ألا وهي الكبر والزهو بالعلم المكتسب لا العلم اللدني الإلهي الذي حرمنا منه أنفسنا (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) وهذه المسائل أو تلك التي من أسرار عقائدنا لم تستطع تلك الرموز الشخصية من معرفة عللها وأسرار وجودها وشرفها  للقصور في الدور التكليفي والدور التكاملي فأي شيء يأتي إلينا من جهة العقيدة ومن أسرار وجودها لو طرح علينا لكذبنا به كما كذب به الأولين لعدم إحاطتنا الإحاطة الفكرية النيرة بوجود هذه الزاوية أو تلك وعلة مقتضاها ووجودها فنكذب بها ((بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه)). إن الرموز البشرية المحاطة بهالة من الشهرة والمجد تجعلها سلطوية سواء كانت مشرعة أو غير مشرعة أو بأي إختصاص آخر يجعل كثير من خلق الله متبعين هذا الرمز أو ذاك فلو بدا ذلك الرمز رأيه وفلسفته الخاصة في عقيدة ما كان موضوع قبول المجتمع المقلد تقليدا أعمى قابلا لتلك الفلسفات دون أي دراسة أو تفحص ولا يملك هؤلاء المقلدون أدنى مستوى من الاستقلال الفكري وهذا مما أدى إلى إتباع بعض العقائد الفاسدة كما يحصل الحال عند الخارجين عن الدين الإسلامي كالنواصب وغيرهم من أصحاب الضلالات (( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آبائهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون)).فالتمسك بتلك الرموز كان وسيكون سببا في خلل وزلل في فكر الجانب الآخر ألا وهو العوام من الناس وهذا الاحتلال والاستعمار لتلك النفوس من خلال تأثيرهم باعتبارهم أصحاب علم ومجد ولكن باطنهم مملوء بالأهواء والرغبات وغالبا ما تكون أحكامهم سطحية وغير دقيقة مما يؤدي بالتالي إلى إنحراف كثير من خلق الله نتيجة أن الكثير يفكر بما يفكر به ذلك الرمز ويقرر ما يقرره الرمز ويعمل بما يأمره الرمز الذي لم يحرر نفسه وضل عبدا لسيده كما حكى لنا القرآن الكريم (( ربنا أنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا )) أن الله تعالى يدعونا لدراسة التأريخ والسنن التاريخية بفكر نير لمعرفة سنن الذين خلوا من قبلنا في عقائدهم وفيمن حاربهم وفيمن نصرهم ليكون لنا عبرة في ذلك (( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقة المكذبين)). ومن الواجب علينا أن ندرس القضية المهدوية التي أكتنفها الغموض والتي لم تدرس دراسة واقعية لكشف الرمز الإلهي لهذه القضية من قبل الكثير من الناس والذين هم شيعة للقائم (ع) فنرى أن في الحديث (( يلاقي القائم أشد مما لاقى جده رسول الله )) دليل على عدم دراية الناس لهذه العقيدة ومعرفة القواعد التي بنيت عليها وكثير من الأحاديث الحاكية لنا (( لا يظهر المهدي إلا في أياس من الناس )) فلو كانت العقيدة المهدوية واضحة المعالم مفهومة بحكميتها لما أيس الناس من ظهوره المقدس (( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا )) وكذا من الأحاديث التي تدلل لنا على عدم  فهم القضية الإلهية الكبرى بشموليتها مما سيؤدي بكثير من الناس بالاتجاه السلبي الذي سيكونون به مناصرين للظلم وأهل الجور مقابل الرمز الإلهي الإمام القائم (ع) قال أبو عبد الله(ع) لا يخرج القائم حتى يكون تكملة الحلقة . قلت :وكم تكملة الحلقة ؟ قال : عشرة آلاف , جبرئيل عن يمينه , وميكائيل عن يساره , ثم يهز الراية ويسير بها فلا يبقى أحد في المشرق ولا في المغرب إلا لعنها وهي راية رسول الله (ص) نزل بها جبرئيل يوم بدر... الغيبة للنعماني ص320 ح2 باب 19 إثبات الهداة ج3 ص545 ح533 بشارة الإسلام ص272هيئة الأمين
علوم ومشاركات
أصغر من مثقال ذرة
جاء ذكر الذرة في القرآن الكريم في ستة مواضع، حيث أشار القرآن إلى أنها ذات ثقل ووزن، وإلى أنه يوجد ما هو أصغر منها، كما تحدث عن مواضعها، وكيف أنها تشغل السماوات والأرض، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 40). {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلاَ  أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (يونس: 61). {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (سبأ: 3). {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ} (سبأ: 22). وقوله تعالى {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ  وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} الزلزلة: 7،8). 
وكلمة الذرة في اللغة العربية نسبة إلى نوع ضئيل الحجم جدا من النمل يطلق عليه النمل الأحمر، وهو أصغر أنواع النمل، وتطلق على ما يُرى من هباء، والجسيمات الدقيقة التي تبدو لنا في أشعة الشمس عندما تدخل من النافذة أو أي ثقب ضيق. والمعنى البياني المقصود بها في الآيات هو التصغير والتقليل، إلا أن الآيات تظهر أن هناك ما هو أصغر من الذرة، وهى حقيقة علمية .
الذرة وحدة بناء الكون
ساد في القدم الاعتقاد بأن الذرة تعني الجوهر الذي لا يتجزأ إلى ما هو أصغر. وقد ظل هذا الاعتقاد قائمًا حتى عام 1789، عندما عثر العالم الألماني "مارتن كلابروث" على عنصر يصدر ومضات ضوئية في الظلام، لكنه لم يتمكن هو أو غيره من العلماء من وضع تفسير لهذه الظاهرة الغريبة. وتكريما لكوكب يورانوس أو أورانوس الذى كان قد اكتشف في نفس التوقيت أطلق عليه اسم "يورانيوم”. مضى قرن من الزمان والمادة الجديدة في عزلتها كما لو كانت أعجوبة في معامل الأبحاث، حتى استطاعت العالمة البولندية ماري كوري اكتشاف عناصر الثوريوم والبولونيوم والراديوم، وبذا تأكدت ظاهرة النشاط الإشعاعي الذاتي لبعض العناصر الموجودة في الطبيعة . استفاد رذرفورد أبو الطاقة الذرية من هذه الظاهرة في دراسة تركيب الذرة، وقد عرف فيما بعد أن المواد المشعة تقذف بجسيمات يطلق عليها "ألفا" أو إشعاع بيتا وجاما؛ وفكر رذرفورد فيما سيحدث لو قام بتعريض رقاقة من الذهب لمصدر يقذف بجسيمات ألفا. وقد كان من المتوقع أحد احتمالين: الأول أن تنفذ جسيمات ألفا من رقاقة الذهب مخترقة إياها، أو أن تنفذ بداخلها وتستقر بها محدثة بعض التغييرات في تركيبها. ولكن كانت المفاجأة في نتائج التجربة ..
ففي الوقت الذي نفذ فيه عدد كبير من جسيمات ألفا خلال الرقاقة دون أن تغير من اتجاهها انحرف البعض بزاويا مختلفة، كما ارتد البعض الآخر عائدًا للخلف. وقد استغرب رذرفورد النتائج، وعلق عليها قائلا: "لقد كان الأمر غريبا، تمامًا كما أطلقت قذيفة من عيار 15 بوصة على ورقة رقيقة، فلم تنفذ خلالها، وإنما ارتدت إليك لتصيبك”. 
وبعد تفكير عميق استنتج أن الظاهرة تعود إلى أن جسيمات ألفا موجبة الشحنة قابلت في طريقها في رقاقة الذهب جسمًا آخر له نفس الشحنة؛ وهو ما يعد تطبيقًا لقاعدة علمية؛ مفادها أن "الأجسام متشابهة الشحنة تتنافر، والأجسام مختلفة الشحنة تتجاذب”. واستنتج رذرفورد أن كتلة وشحنة هذا الجسم الموجود داخل نطاق ذرات الذهب كانتا كبيرتين ومركزتين جدًا؛ لدرجة أن جسيمات ألفا قد انحرفت جانبا، بل وإلى الخلف على الرغم من سرعتها الكبيرة التي تصل لحوالي 20 ألف كم في الثانية. وبعد سنتين من البحث تم فيهما قذف كل مكان محتمل بالذرة، تم التأكد من صحة الاستنتاج، وقد أطلق على هذا الجزء "النواة"، وتبين أنها تشغل حيزا صغيرا جدا داخل الذرة، إلا أنها تتركز فيها غالبية كتلتها، وكان هذا أول باب يفتح أعين العلماء على أن الذرة تتألف من مكونات أصغر، ولكن يبقى السؤال: ماذا يشغل الجزء الباقي من الذرة؟
عالم من الفراغ
توصل العالم البريطاني ج.ج.طومسون قبل اكتشاف رذرفورد إلى أن هناك جسيمات دقيقة تحمل شحنة سالبة أقل كثيرًا من كتلة الذرة، مسئولة عن توصيل وحمل الكهرباء، أطلق عليها مصطلح "الإلكترونات". ومن ناحية أخرى تبين أن النواة ذاتها تستمد شحنتها الموجبة من جسيمات أخرى بداخلها تعرف بالبروتونات، وهي جسيمات يعادل كتلة الواحد منها كتلة الإلكترون 1836 مرة. وكان شادويك الفيزيائي الإنجليزي هو الآخر قد قام في عام 1923 بقذف معدن البريليوم بطلقات من جسيمات ألفا؛ حيث كانت المفاجأة انطلاق دقائق لها كتلة غاز الهيدروجين، ولا تحمل أي شحنة كهربية، وقد أطلق على هذه الدقائق اسم النيوترونات؛ وهو ما يعني "الدقائق المحايدة". وبذلك يكون شادويك قد أزاح الستار عن مكون جديد من مكونات الذرة.
وفي ضوء هذه الكشوفات اكتملت صورة جديدة للذرة في ضوء العلم الحديث؛ حيث قدر العلماء قطر الذرة بأنه يبلغ 10-8 سم، ويقع في مركزها نواة موجبة الشحنة تتركز فيها معظم كتلة الذرة، وذلك على الرغم من الحجم الصغير جدا الذي تشغله؛ حيث يقدر حجمها بـ10-13، وبالمقارنة بالحجم الكلي للذرة يتضح أنها تشغل حيزا يبلغ 1: 100000 من حجم الذرة.
وتتكون النواة من نوعين من الجسيمات الصغرى؛ هي البروتونات موجبة الشحنة، والنيوترونات وتحمل شحنة متعادلة؛ لذا فإن النواة هي الأخرى موجبة الشحنة. وتبلغ كتلة البروتون الواحد (1.673× 10-24) جم، بينما تبلغ كتلة النيوترون (1.675× 10-24) جم، وهنا تبرز الحكمة الربانية في اقتران مصطلح "الذرة" بلفظة "مثقال" في كل الآيات التي وردت بها؛ فعلى الرغم من الصغر المتناهي لمكونات الذرة؛ فإن لكل منها وزنا محددا. وتدور حول النواة جسيمات متناهية في الصغر ذات شحنة سالبة تعرف بالإلكترونات.
الذرة تتألف من دقائق صغرى
يجدر الذكر إلى أن بنية كل الذرات الموجودة في الكون واحدة، إلا أنها تختلف باختلاف عدد البروتونات داخلها، وتؤلف الذرات فيما بينها الجزيئات المادية.
وتتألف مكونات الذرات والجزيئات التي تعد النواتج النهائية لعملية الخلق من دقائق صغرى، تعرف بـ"الجسيمات دون الذرية" أو "الجسيمات الأساسية"، ويحلو للبعض أن يطلق عليها "بذور المادة"؛ حيث تعد لبنات البناء المشتركة لكل مادة الكون. وقد انبثقت هذه الجسيمات خلال اللحظات الأولى من عمرالكون مع حدوث الانفجار العظيم . وربما يدهش الغالبية إذا علموا أن حبة مفردة من السكر أو الرمل بها عالم خفي يمتد لأبعاد سحيقة لا يعلم مداها إلا الله. وقد توصل العلم الحديث باستخدام المجهر الإلكتروني إلى أن هذه الأشكال المفردة من المادة تتألف من بلورات منتظمة ثلاثية أو رباعية وما هو أكثر من ذلك، بعضها يكون على شكل الهرم أو المثلث أو المربع أو نجمة سداسية أو ثمانية وما إلى ذلك من الأشكال العجيبة والمتفردة . وفي حين يعتقد أن الالكترونات من الجسيمات الأولية -أي أنها لا تتألف من جسيمات أصغر- فإنه قد تأكد للعلماء خلال الأربعين سنة الماضية أن البروتونات والنيوترونات تتألف من جسيمات أصغر أطلق عليها الكواركات. وعند التعامل مع جسيمات على مستوى الكواركات نكون قد دخلنا نطاقا جديدا من الأحجام هو 10-15 من السنتيمتر، أو ما يطلق عليه الفيمتو.. فسبحان الله خالق الكون والملكوت .
آخر الزمان
خصائص المجتمع الإسلامي
في دولة المهدي(ع)
أن البشرية ومنذ أن خلق الله آدم (ع) تعيش حالة خوف وقلق شديدين حيث نجد قوى الشر دائماُ هي المسيطرة على الأمور ونجدها تعيث في الأرض فساداً وتمارس اقصى أنواع العنف بسبب الأنانية والحقد الموجودين في نفوسهم لذلك نجد أن جميع الأنبياء والأولياء والصالحين كانوا في حال غالبين وأخرى مغلوبين مضطهدين معذبين مشردين لذا  بشر جميع الأنبياء (ع) بما فيهم سيدنا ونبينا محمد (ص) بمنقذ يظهر في آخر الزمان ليخرج البشرية من الظلمات إلى النور يقضي على قوة الشر والعدوان الموجودة على سطح الأرض  حيث يملؤها قسطاً وعدلاً بعدما ملأت ظلما ً وجوراً حيث دلت جميع الروايات الواردة عن الرسول (ص) وعن الأئمة الأطهار (ع) أن هذا المنقذ هو سيدنا وأمامنا محمد بن الحسن العسكري (ع) الملقب بالمهدي وهو الأمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (ع) لذلك نرى المجتمع المهدوي يتمتع بخصائص ومميزات تختلف عن خصائص ومميزات جميع المجتمعات من ظهور آدم (ع) إلى قيام دولة الحق في زمن المهدي عليه السلام لذلك نجد أن مجتمع المهدي (ع) له الخصائص والمميزات التالية :
1- التحلي بالأخلاق الفاضلة وتثقيف المجتمع الإسلامي عليها كما قال رسول الله (ص)  ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) فلا تتم مكارم الأخلاق إلا في المجتمع الإسلامي لدولة المهدي (ع)
2- التخلي الكامل عن الخرق والعنف وعن الغلظة والقسوة في أمور الحياة فلا تعذيب ولا مصادرة أموال أو غصب حق أو تجسس على أحد من أفراد المجتمع أو التضييق على أحد منهم .
3- السعي الجاد على رفع المستوى الثقافي والوعي الديني لدى المجتمع
4- الحرص الكبير على الاستقامة والمداومة في العمل بحيث تستمر النشاطات دائما كما قال الله تعالى ( الذين قالوا ربنا  الله ثم استقاموا)
5- السعي الحثيث على جمع الكلمة وذلك كل عوامل التفرقة ووضع كل الخلاقات جانباً كما قال الله سبحانه وتعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)
6- إيصال الرسالة الإسلامية التي هي رسالة الحياة إلى العالم كله والحرص الشديد لتبليغ أهداف الإسلام وكيفية سلوك النبي الأكرم (ص)و الأئمة الأطهار (ع) للوصول إلى السعادة والعزة التي أرادها الله للناس كافة .
7- ترسيخ أصول العقيدة الإسلامية في التوحيد وما يتعلق به من صفات الله الثبوتية وما يتنزه عنه تعالى في الصفات السلبية وبعثة الأنبياء وما يرتبط بها وبعثة رسول الإسلام وخاتم الأنبياء (ص) وما يتصل بذلك من الإمامة وبحوثها والمعاد وشؤونه ونتائجه من الثواب والعقاب والجنة والنار.
من الطرائف
ينقل التأريخ أن الحجاج أستدعى رجلين أحدهما أناني حسود والآخر بخيل وقال لهما :ليطلب كل منكما طلبه فأني أعطيه ماطلب وأعطي صاحبه ضعف طلبته فلو إن أحدكم طلب ألف دينار أعطيت صاحبه الفين دينار فليبدأ أحدكما بالطلب فدب التردد في نفسيهما الى أن تقدم ألأناني وقال : أطلب أن تفقأ عيني اليسرى ، فقال الحججاج لماذا؟
فرد ألأناني الحسود لكي تعطي صاحبي ضعف ماتعطيني فتفقأ عينيه فقال الحجاج : ما رأيت طلبة ألاّ هذه الطلبة ، لماذا لم تطلب مالا أو منصبا حتى تستفيد منه ، فقال الأناني : والله أن تفقأ عيني أهون علي من أن أرى صاحبي يأخذ ضعفين وأنا آخذ نصف ما أخذ
مما قاله الصادق(ع)
في الرجاء
روى الطبرسي في مشكاة ألأنوار ص124 الفصل الرابع - عن ألإمام الصادق (ع) (( ارجو الله رجاء لايجرؤك على معصيته ، وخف الله خوفا لايؤيسك من رحمته)).
وقيل للأمام الصادق (ع) : ماكان في وصية لقمان ؟ فقال عليه السلام كان فيها ألأعاجيب وكان أعجب مافيها إن قال لأبنه : خف الله خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك ، وأرجو الله رجاءلو جئته بذنوب الثقلين لرحمك.
وروي الكليني في الكافي عن الحسين بن أبي سارة قال : سمعت أبا عبدالله (ع) يقول (( لايكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ، ولايكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو)).
وأيضا قال عليه السلام (( أنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا)).
من مواعظه(ع)
قال رفاعة بن أعين :قال لي الصادق (ع) ألاأخبرك بأشد الناس عذابا يوم القيامة قلت بلا يامولاي قال أشد الناس عذابا يوم القيامة من اعان على مؤمن بشطر كلمة ثم قال الا اخبرك بأشد من ذلك فقلت بلا ياسيدي فقال من عاب عليه شيئا من قوله أوفعله ثم قال أدن مني أزدك أحرفا أخر ما آمن بألله ولا برسوله ولا بولايتنا أهل البيت من أتاه المؤمن في حاجة لم يضحك في وجهه فإن كانت عنده قضاها وإن لم تكن عنده تكلفها له حتى يقضيها له وإن لم يكن كذلك فلا ولاية بيننا وبينه ولو علم الناس ماللمؤمن عند الله لخضعت له الرقاب فأن الله تعالى إشتق للمؤمن إسما من أسمائه فالله هو المؤمن سبحانه وسمى عبده مؤمنا تشريفا له وتكريما وأنه يوم القيامة يؤمن على الله تعالى فيجير إيمانه وقال الله تعالى ليأذن بحرب مني من آذى مؤمنا أو اخافه وكان عيسى عليه السلام يقول  يامعشر الحواريين تحببوا الى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا الى الله بالبعد عنهم وإلتمسوا رضاه في غضبهم وإذا جالستم فجالسوا من يزيد في عملكم منطقه ويذكركم الله روؤيته ويرغبكم في ألآخرة عمله
اما نحن فنقول هذا مايريده أئمتنا منا فما لنا لانكون من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه ونكون لهم زينا ولانكون لهم شينا
مقارنة الاديان
الرب سيفيض بالاشراقة (الفيض الالهي) عند ظهور المخلص (القائم (ع))
يمتاز نص يوئيل ذي الفصول الثلاث ببنائه الأدبي الرصين وخياله الواسع وبحبكة رؤياوية تأخذ سمة الاستغراق في عمق التاريخ البعيد نحو المستقبل وليس الراجع وهو إذ يوجز رحلة العصيان الإسرائيلي بنثره الجميل لم ينسَ أن يخلي سبيله من مسؤولية التبليغ عن المصير المحتوم الذي ينتظر المارقين من بني إسرائيل , ووسط هذا الجو يطرح قضيته الابوكالبتية بذكاء نبوي ليدلي بغموض بهوية الحدث وموضعه وموضوعه وامتياز الشخصية المخلصة وشروط الأمة التي سيخضعها في تنفيذ مشروعه ورغم بصمة التصرف والتحريف إلا أنه لن يشتكل عليك فرز الحقيقة من خلطة العطار التي يتعاطاها المحرفون باستهلاك غير ضروري يفقد النص اللاهوتي هويته حيث لم يتداركها المتأخرون فشاءت حكمية الرب أن تصل بهذا الشكل المستهلك بقوامه الهزيل وهو تسهيل الهي لا ريب فيه , فلو شاركت يوئيل في رحلة  تقريع هذا الشعب المخمور بأمتياز النسب لحد الاستهلاك الممل ستجد أن يوئيل شأن كل القدماء من أقرانه قد أستوفي هوية هذا الشعب الذي يعشق التمرد والعصيان والغريب أن كل أسفار التوراة بما فيها "البانتاتيك" أو الاسفار الخمسة تسقط الشعب العبري من إمتيازاته في حالة تجاوزه لاستحقاقات الحفاظ على هذه الإمتيازات ولعل ذلك يدل على كمال عدل الرب وهو من الثوابت التي يعتقد بها المتدينون حتى في الأديان غير المنزلة والوثنية .. في حين تجد أن بني إسرائيل قد خلقوا كذبة وجعلوا منها حكاية وحدث لاهوتي بوعد الهي دائم وهو الاجتباء واختيار بني إسرائيل دون الامم  الابد  وقد حسم يوئيل كذبة الاجتباء بأن حث الكهنة أن يلطموا جراء تمردهم وفتكهم بالشريعة الحقة " تحزموا وألطموا ايها الكهنة ولولوا ياخدام المذبح " [ الفصل 1 آية 13]. وبرغم قصر رؤية يوئيل وقلة فصولها ألا أنه غطى مساحة لا يستهان بها ابتدأت من عهده لتستوعب الموضوع الأكثر قداسة وخطورة وهو موضوع صاحب التغيير المستقبلي موضع البحث وقيامته وأبتدأ بالظهور الأول للمسيح وأنتهى بالقيامة الثانية للمخلص الأخير الذي يبدوا أنه طلسم هويته بل تعدى ذلك ليتذاكر ظهور الأمة المعنية بصحبته والتي ستصبح أداته السببية في التعامل مع مجريات الإحداث وضرورات الحسم والقضاء ولذلك عبر يوئيل دائما عن تلك الأمة بعبارة  " عسكر الرب "  أو جيش الرب . وسيتضح من الفصل الثاني بأن يوئيل رسم خارطة لصيرورة الشعب إسرائيلي في رحلة عصيانه وأنقلابه على شريعته لتستنفذ  كل آماد الإنذارات والمراحم الإلهية ليعلن كفره بالتسهيلات والعون الإلهي على مر كل تلك الدهور السحيقة و غير زمن معين لن يتوقف هذا الشعب عن إعلان تمرده في تحدٍ سافر لسلطة السماء وممثلياتها وبهذا الخضم يطرح يوئيل مشروعه الرؤياوي بتحليل مروع لحوادث المستقبل ولملامح القضاء الإلهي على يد المسيح الثاني أو المخلص الأخير وتلك الأمة القادمة معه في آخر الزمان والتي سماها يوئيل " عسكر الرب”. وقد ترى أن معظم أدبيات الأسفار بما فيها يوئيل تناولت مساحة جغرافية محددة وهي يهوذا وأورشليم بالتحديد كمكان لموضوع الحسم العسكري والقضاء وإجراء مراسيم القضاء عند ظهور ذلك المخلص ويتذاكر المفسر العبري هذه القضية ببديهية الوعد الألهي القائل   بـ " هر مجدون " كمكان معلوم وأرضية لتلك القيامة وطبقا لرسومهم فأن الأمر سيعود لنصرة بني إسرائيل وأقامة الحد على الأمم الأخرى كما تروي الميثولوجيا التي يتبنونها . . وببديهية تجاوز بني إسرائيل لمشروع المسيح ونكران أنجيله والبقاء على أسفارهم سوف ترى أن لامسوغ لأصطفاءهم كأمة نبيلة بارة بإمتيازاتها العبادية والروحية والاخلاقية لتستحق أن تكون أمة  " عسكر الرب " لأن بديهية رفضهم لأنجيل يسوع ونكرانه لرسالته وبشارته سوف تجعلهم ببديهية القول  " عسكر الشيطان "  وهو وصف غير انفعالي لأمة تمردت على الله وعلى شريعته ورسومه  الأبد. وإذا مارست نوع من الاستغراق بتوسيط العقل المستدل بنور واشراقة اليقين فستعطيك الآيات [1-12 من الفصل 2 ]  حلا للأسرار القدسية المتحققة في شروط الأمة التي ستؤيد المخلص الاخير والتي تتجاوز مساحة طاعتها لربها وتنفيذها للمهمة الموكلة اليها طاعة الملائكة  كونهم معنيون بإرادة مخيرة استحقت بصحة اختيارها أن تقبل كل رسوم وضرائب الغربلة والاستحقاق ليكونوا إلهيين أمناء على مقدرات الرب من شريعته  تنفيذ قضائه وبسط قانونه على الأرض المتمردة بأهلها”. أنفخوا في البوق في صهيون وأهتفوا في جبل قدسي وليضطرب جميع سكان الأرض فأن يوم الرب وافد وأقترب . يوم ظلمة وديجور يوم غمام وضباب مثل الفجر المستطير على الجبال . شعب كثير ومقتدر لم يكن له شبيه منذ الدهر ولايكون له من بعد  سني جيل وجيل . قدامه النار تأكل وخلفه اللهيب يحرق . قدامه الأرض كجنة عدن وخلفه قفر مستوحش ولاينجو منه شيء . كمنظر الخيل منظره وكالفرسان يركضون . كصوت العجلات على رؤوس الجبال يطفرون . كصوت لهيب النار التي تأكل العصافة وكشعب مقتدر للقتال . من وجهه يرتعد الشعوب وجميع الوجوه قد نصبت نضرتها . كالجبارة يركضون وكرجال الحرب يتسلقون السور كل منهم يسير في طريقه ومنهجه ولايعدل عن سبيله . ولا يزاحم أحد أخاه بل يسيرون كل واحد في منهجه وإذا سقطوا على السلاح لاينجرحون...” ثم يتعرض يوئيل  الوجه الحاسم والصارم للمخلص بقوله [الفصل 3 الآية 10-11]. “من وجهه تزلزلت الأرض وأرتعدت السموات وأظلمت الشمس والقمر ومنعت الكواكب ضياءها . وجهر الرب بصوته أمام جيشه لأن عسكره كثيرا جدا مقتدر ينفذ كلمته لأن يوم الرب عظيم وهائل من يطيقه”. ويتجاوز صك الأمان الأبدي الممل لبني إسرائيل الممنوح لهم من الرب ضمن هذا النص فأنك ستستوفي  الشروط التي تتفق وعدل الرب في انتقائه للمصطفين كما ستتفق البيانات التي تعلق بظهور القائم بالسيف مع غالبية البيانات التي وردت في نبوءات الأنبياء بأختلاف مسميات أديانهم حتى المتعلقة بأصحابهم ومهامهم وامتيازا تهم المعرفية والنورانية المقصود بها تلك العلوم المتحققة عندهم بدعم ألهي لأعانتهم على أقامة العدل بلا قصور والذي سيستلزم أيادٍ نزيهة وعقول نظيفة لذلك كتب الله أن يفيض عليهم بسطة في العلم والجسم كي يكون أداؤهم السببي عادلا يخلوا من العيوب القاصرة والميول الهوائية واضطراب العواطف فكان لابد أن يمدهم الله بعونه بعد تمحيصهم وغربلتهم التي ستعلن عن أهبتها لاستيعاب ذلك النور وفيوضاته التي لو أفيض بها على الناس فاقدي الأهلية لأحالتهم  مجانين وأفقدتهم عقولهم بلا رجعة تلك هي شروط الفيض الروحي الاشراقي التي عناها يوئيل حتى أنه حسم مستوى هذه الفيوضات من مجموعة لأخرى وبالتأكيد سيكون هناك عامة الناس من المصدقين والانصار الذين ستكون لهم حظوة مجددة من هذه الافاضة ليؤدوا أدوارا محددة وضرورية أشار إليها يوئيل بصراحة , فهي أشبه بهبة سيمنحها الرب لهؤلاء المصدقين كي يستعملونها في التبليغ والبشارة قبل الحسم العسكري أو الحربي سواء كان أعجازيا أو بوسائط سببية وقد ظهر هذا المعنى في   [ الآية 28 من الفصل 2 ] :  " وسيكون بعد هذه أني أفيض روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبانكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاما, وعلى عبيدي أيضا وإمائي أفيض روحي في تلك الأيام”. ولعل ذلك سيذكرنا بقدرة صحابة الامام القائم (ع) بالسير على الماء عند فتح القسطنطينية عن أبي محمد جعفر بن محمد (ع) قال (( اذا قام القائم بعث في أقاليم الارض في كل اقليم رجلا يقول عهدك في كفك فاذا ورد عليك امر لاتفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر الى كفك واعمل بما فيها قال ويبعث جندا الى القسطنطينية فاذا بلغوا الخليج كتبوا على اقدامهم شيئا ومشوا على الماء فاذا نظر اليهم الروم يمشون على الماء قالوا هؤلاء اصحابه يمشون على الماء فكيف هو فعند ذلك يفتحون ابواب القسطنطينية فيدخلونها فيحكمون فيها مايشاؤون )) الغيبة للنعماني ص 320. علما أن نعمة الاشراقة هي أصلا نعمة مودعة يهبها الله لكل وليد على الأرض على أنها محجوبة عنه وموقوفة تتحرر وفق استحقاقات أدائه الاخلاقي والروحي ومتانة علاقته بالسماء ومدى كمالاته النفسية وهي ثوابت تحدد مقدار الإفاضة وتحرير العقل من ظلمانية وسطوة هوائيته فينبعث النور الاشراقي وتتحقق الإفاضة الموعودة من الرب ولعل تلك المضامين مسلم بها في الفكر المسيحي الديني وقد طرحها قديسيهم باستمرار ولعل أبرزهم القديس أوغسطين في اعترافاته ومدوناته . ولعل رسالة التمكين التي سيمتاز بها القائم (ع) كأمتياز رسالي ستؤدي بالنتيجة الى أن يفاض على أصحابه بالعلوم التي تمكنهم من ادارة الأرض واداء ادوارهم الرسالية ولكن بتمكين المعصوم اليهم بالوساطة وبفيض وجوده معهم ولن يشهد التأريخ مثيلا لتلك الافاضات التي سيحررها القائم (ع) حيث سينفتح عالمنا على جميع العوالم من عالم الملكوت الى عوالم الجن والكشف الالهي  حيث سئل الامام الصادق (ع) من المفضل بن عمر  قائلا (( ياسيدي وتظهر الملائكة والجن للناس ؟  قال : أي والله يامفضل ويخاطبونهم كما يخاطب الرجل مع حاشيته واهله . قلت ياسيدي ويسيرون معه .. قال أي والله يامفضل ولينزلن ارض الهجرة مابين الكوفة والنجف وعدد اصحابه ستتة وأربعون الفا من الملائكة وستتة الاف من الجن ))  بشارة الاسلام  ص 361. وسيمنح القائم بأمر الله تعالى أصحابه مسحة من النور الفيضي الالهي لموجبات الرسالة العملية لتحقيق العدل الالهي ورسالة التمكين ليتسنى لهم ادارة الارض من غير اخطاء او غواية او هوى فعن امير المؤمنين قال (( ثم يرجع الى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا الى الافاق كلها فيمسح أكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعبون في قضاء .. )) بشارة الاسلام ص 308 وهكذا ترى ان نص يوئيل اتفق كثيرا مع بيانات الظهور المقدس بصدد النور والافاضة الالهية على اصحاب القائم والناس الذين سينصرون قضية الله من العوام والخواص  عن أبي جعفر (ع) (( انه لو قد كان ذلك اعطي الرجل منكم قوة ارعين رجلا وجعل قلوبكم كزبر الحديد ، لو قذف بها الجبال لقلعها وكنتم قوام الارض وخزانها ))  روضة الكافي ص 240-229 وبشارة الاسلام 321ص . ومما يؤكد بأن الافاضة ستتم بالوساطة أي بتمكين الامام وأمتيازاته الممنوحة اليه من قبل الرب  قول ابي جعفر (ع) (( أذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها احلامهم )) بشارة  الاسلام ص 328. وإذ يفسر المتصرفين بنبوءة يوئيل بأن جبل صهيون هو ملتقى جميع الأمم التي سيرغمها الرب لملاقاة الشعب التلمودي في   " هرمجدون" في يوم المقاضاة العظيم فأننا نصادق معهم على هذه الواقعه ولا نتفق مع تفاصيلها المتحيزة مع العصاة من آل صهيون لأن هذه الواقعه مكملة لسلسلة طويلة من عقوبات الرب لهؤلاء العصاة ومنذ تهودهم وحتى سقوطهم من الاختيار حتى يومنا هذا فسيكون بديهية هدف "هرمجدون" هو سحق كبرياء هؤلاء المتمردين العصاة في معاقلهم ومعهم الأمم الداخلة ضمن هذا الحلف المتمرد والذي يقدم سلطته على سلطة الرب بل يتعداها الى فسخ ارتباطه بشريعته فكانت علة اختيار مكان " هرمجدون " لأنه معقل الجبابرة وليس لقدسيتها فهي أرض منسوخة بجغرافيتها وبشريعتها بعد أن نجسها الخارجون عن الشريعة بكل الموبقات ولن ينجو لامن يعتصم بجبل صهيون ولا الذي يدعي بعرق داود النبي فهوية الأتقياء قد رسمت باستحقاقات وضرورات وغايات هي أكثر عدالة وأتم حكمية مما يطرحه بني صهيون من هشاشة أطروحتهم الواهية الخرافية ولمباديء عثت بها أرضة الاستهلاك والمراوغة والتضليل فاليوم يجلس رب الجنود لمقاضاتهم وسيزحف عليهم بعسكره الجرار المغربل بغرباله العتيد :   [فصل 3 الآيات 10-12] “ أضربوا سكككم سيوفا ومناجلكم رماحا وليقل الضعيف أني جبار , أسرعوا وهلموا ياجميع الامم من كل ناحية واجتمعوا هناك . أهبط يارب جبابرتك . لتنهض الامم وتصعد  وادي يوشافاط فأني هماك أجلس لأدين جميع الامم من كل ناحية”. وبسهولة يتلقاك يوئيل بمفهوم سهل يسير وهو اجتماع تلك الأمم بما فيها الأمة المضيفة التي يفترضها المحرف التوراتي " بني صهيون "  , لكن يوئيل بنفس التسهيل يدلك على جدية الفعل الإلهي  ونفاذ أمره في عملية المقاضاة وقد ورد على لسانه بأنه سيجلس لإدانة جميع الأمم , على إن  هذا المعنى مجازيا بكل تفاصيله يحمل السمة الرؤياوية فهو يستند في فك رموزها  سياق تكرار الواقعة في أدبيات من سبقوه من الملهمين كذلك فيما سبقتها من الآيات التي تعاطاها يوئيل , فالرب هنا ليس الرب المطلق الكلي القدرة سبحانه بل رب الأرض المفوض أو السلطان المفوض من السماء وهو القائم بالسيف أو المسيح العسكري ليتمثل تمثيلا سببيا ويباشر مهامه ويتم قضاء الله في الأمم المتمردة , وبنظرة خالية من التفسير الانفعالي المغالي ترى أن أورشليم اليوم تقطنها أمة متسلطة تحكم بالعصا النووية لتعلن أن هذا الامتياز أكثر فعالية من معونات الرب وعدته فيما يفسر الجو السائد في العالم صورة للعلاقات النفعية للأمم المنقلبة على سلطة السماء وتتسلح بالذره وتدين بالكمال لهذا الإله المدمر وترتبط مع شعب صهيون بأواصر متملقة ودعم غير محدود لتطرح تلك الأمم المتجبرة مشروعا وضعيا تعسفيا ينظم بالإكراه علاقات الشعوب ومقدراتها الاقتصادية والمادية ولاريب في أن بني إسرائيل يؤمنون بأن هذا السند النووي هو التفاتة إلهية مباشرة ليقيموا بها العدل على الأرض على أن توراتهم لم تنفك تذكرهم بأيام القهر العسكري وسطوة جبابرة الأرض وآلتهم العسكرية والقمعية من الاشوريين والكلدانيين والرومان أيام سنحاريب وأسرحدون ونبوخذ نصر وفرعون وشلمنصر وأنطيوخس وغيرهم الكثير من الجبابرة الذين طالما استعبدوهم بسلاحهم وجيوشهم ونارهم وخيلهم فأين هم وأين كبريائهم وجبروتهم وقصصهم حاضرة لم تمت في متن التوراة بكل أسفارها , فما الذي تغير , هل بانت علامات السمو الروحي والاخلاقي والنفسي وسمات الإلهيين منهم كي تتأهب هذه المدينة بقدسية هذا الشعب المغربل وأتمت استعدادها ليوم الجزاء وقضاء الرب الذي سيجلس على جبل صهيون ليشهر صولجان العدل والقضاء بالقسط ؟
إيليا (المهدي ع ) ويوم الرب الرهيب
في نبوءة النبي ملاخي
أفاض ملاخي كثيرا بنفس المعطيات التي أوردها النبي  زكريا لشروط الاستحقاق وأصل العهد الذي عهده الرب لبني إسرائيل ,  ليضيف بأنه كان عهدا مشروطا وأن خيانة ذلك العهد وتجاوز شروطه تفقد العهد من كل امتيازا ته وتسقط فعاليته وتنقضه حتما كما هو واضح من لغة ملاخي في خطابه مع بني إسرائيل بقوله : [الفصل 2 الايه:8] “ أما أنتم فعدلتم عن الطريق وشككتم كثيرين في الشريعة ونقضتم عهد لاوي قال رب الجنود , فأنا أيضا جعلتكم مزدرين وأدناء عند جميع الشعب كما أنكم لم تحفظوا طرقي وحابيتم الوجوه في الشريعة”. ولعل ملاخي يطرح سؤالا سيشمل كل المعتنقين للأديان الثلاثة ويلتمس جوابا أشترطه أن يكون نابعا من أعماق فطرة المجيب ورجوع  كينونته النقية ومعدنه الأصيل والا فأن الجواب لن يساوي شيئا ولن يفيد في الفات نظر السائل واهتمامه , فسأل ملاخي النبي سؤاله الآتي في [فصل 2 الايه:10] “أليس أب واحد لجميعنا . أليس أله واحد خلقنا . فلم يغدر الواحد بأخيه مدنسا عهد آبائنا”. ورغم بداهة هذا الاحتجاج والتظلم الذي ورد بصيغة هذا السؤال والذي وجهه ملاخي فيما يبدوا ليكون إدانة متجددة وسارية المفعول غير موقوفه على حادثة أو عارض رسالي معين , ومع ذلك لن تسمع من مجيب وذلك لليقين الذي يعرفه ملاخي أصلا في عدم الائتلاف فيما بين الأخوة الاعدقاء وقد تهكم من كل هذه الهويات في رده على بني إسرائيل قائلا في [ الفصل 2 الايه :17] “لقد أسأمتم الرب بكلامكم وتقولون بم أسأمناه . بقولكم كل من يصنع الشر فهو صالح في عيني الرب وبهؤلاء يرتضي والا فأين اله العدل” .هكذا أرادها ملاخي " أين اله العدل " في أمه ارتضت لنفسها قوانينا متمردة تتزاحم مع رسوم السماء لتمحو قوانين السماء من شريعتها وتصرح لنفسها سن الشريعة التجديدية لأن شريعة الله قد نالها من العتق ما أفقدها الأهلية لتكون صالحة للعمل فكان لابد من أن تضع هذه الأمة لها نصابا راقيا لا يفيد ولا يضر معه كل اجتراحاتها  تجاه شريعة السماء المقدسة ليصرخ ملاخي النبي بمقولته الشهيرة " والا فأين اله العدل”. تتعرض نبوءة ملاخي لمشروعين يحملان هويتين وهما قيامة شخصيتين للمهمة الخاصه المتعلقة بالمساحة المستقبلية الأخيرة وفيها يتم الحسم الخاص بفرض الشريعة وتعميم السلام وتوطيده على كل أصقاع الأرض ويبدوا أن ملاخي قد تعرض للشخصية الأولى وكأنه يلمح  للمجيء الثاني الافتراضي للمسيح كونه صوره بأنه شخصية عتيدة وغير متساهلة في فرض شريعة الرب ومقاضاة المرتدين والمارقين في عملية مطاردة عنيفة يتم فيها إفراز الجدير بالبقاء منهم وإرغام الآخرين للامتثال لخيار الأيمان بالشريعة والعمل بها أو الفناء بوعد الهي قديم ولهذا فأن المسيح هنا يتمثل بحلة حربية أو عسكرية أو يتأيد بصولجان أعجازي يستخدم فيه القوه والعنف وهي لغة لا يتجاوب معها إلا الجبابرة والخارجين عن القانون فيكون حتما عليهم أما الامتثال وأما الابادة وبذلك فأن هذه الكيفية التي ظهر بها هذا المسيح تدلل على الصرامة والحدة في التعامل مع ظروف المرحلة الأخيرة وتعقيداتها فهو يتعامل مع أناس يؤمنون بعقيدة الحرب والدمار وفي عالم يسوده ثقافة الحرب وفكر السلطة وحكم العنف والهيمنة وغياب العدالة وسيادة الظلم في توزيع ثروات الأرض واستحواذ أمة دون أخرى على مقدرات السواد الأعظم من ثروات الكرة الأرضية .. فكيف ستتعامل تلك الشخصية برأيك مع هذا الواقع ؟ هل سيسلك التنظير بنعمة ملكوت الله وبانوراما الفردوس الأعلى وهول القيامة الكبرى مع هؤلاء ؟ لذلك فأن الوداعة ومشروع السلام الذي أتى به المسيح الأول لن يتجدد في هذه الحقبة التي يتعاطاها ملاخي في مادته الرؤياوية فهي تعكس شخصا صارما يمسك بصولجان الحسم ويستعمل القوة وأدواة الإعجاز أو قد يتدخل الرب في عقوبات ستبدوا سببية يتم فيها تصفية الأمم لبعضها البعض فيكون بذلك قد تمهد لهذا المنقذ بسط يده على الأرض بخسائر أقل وفي الحالتين فأن هذا المسيح لن يكون متساهلا تجاه الخارجين عن قانون السماء والمنقلبين على شريعتها والرافضين رسومها. [الفصل 3 الايات 1-2:] “ها أنذا مرسل ملاكي فيهيء الطريق أمامي وللوقت يأتي هيكله السيد الذي تلتمسونه وملاك العهد الذي ترتضون به . ها أنه آت قال رب الجنود . فمن يحتمل يوم مجيئه ومن يقوم عند ظهوره فأنه مثل نار الممحص وكأشنان القصارين “. وملاخي ومن غير المعتاد أن يتذاكر النص التوراتي شخصية رؤياوية بصراحة أسمها وبدون استخدام الرموز ويوردها بصراحة نصابها التكليفي ضمن مهام ومساحة متجددة وفق سياق زمني غير مرتب ليعطي مدلولات حكمية وأسرارا حتمتها ضرورات مرحلية تعاطاها ذلك النبي فأراد بقضية " إيليا " أن يلزم العقل بتمحيص الأسرار المرتبطة بفهم قضايا السماء الابوكالبتية الموقوفة وفق استحقاقاتها الزمنية المستقبلية وإيليا شخصية محاطة بأسرار لاهوتية هائلة ستجدها عند التصدي لرحلته عبر الزمن المضطرب بمقصودية إلهية وستجد أن هذه الحكمية عظيمة في مقاصدها وأسبابها لأنها ستغطي ليس فقط مراحل زمنية واسعة وحاسمة بل ستقوم بتغطية موضوعية لأسرار الكتب السماوية برمتها مادام هدف تلك الكتب هو الإنسان كهدف سامي للتغيير فكان حتما أن يتنقل إيليا عبر الأزمان وبين الأجناس البشرية دون أن يعنيه الإنسان العرقي أو يعني قاموسه بشيء , فكانت الحلول التي يحملها هي جوهر قضيته التي سيطرحها على البشر ليستنقذ هم من التقليدية التي حرصوا على استنباطها من كهنة ضالين وكتب محرفة مباحة للمتصرفين على مر تلك الحقب المظلمة . ولعلك ستجد أن النص الذي طرحه  ملاخي النبي متعرضا فيه لإيليا كشخصية دبلوماسية تعتمد خيار النصح والحوار , في حين ستكتشف عند الاستغراق المناسب لموضوعه الرؤياوي بأن إيليا شخصية تدخر حسما وصرامة كبيرة يعمد إليها لمعالجة الأمم المتجبرة والمتمردين وذلك عند قيامته بالمجهود الحربي أو عملية الحسم معهم والذي ربما أخذ ثلاث صور منها تدخل السماء المباشر بأعجازات كحوادث كارثية طبيعية كالتي تحدث كل يوم وربما كان بعضها رسائل تنذر السلطويات المتجبرة والشعوب الممتثلة والخانعة تحتها ناكرة شريعة الرب , والثاني اضطراب تلك الأمم في حروب تصفوية ربما كان الحسم النووي أحد خياراتها فيكون قد صفي ثلث سيدين لله بعد المحنة النووية التي ستقضي على المعاندين وتغبط الباقين ,  والثالث أن يستخدم ذلك المخلص أمكاناته السببية الأخيرة بأن يتدخل هو في حروب صغيرة بعد توليه الأمر ليطهر الأرض من المرتدين .. أما نحن فنعتقد أن كل تلك الأسباب ستجتمع في خدمته سواء كانت اعجازية مغلفة بالكوارث الطبيعية أو سببية كالحروب أو الحسم النووي الذي لايتدخل فيه بشكل مباشر  أو انقياد بعض الأمم تحت لوائه في باديء الأمر وغيرها من الأسباب المهم أن إيليا سيلجأ  الى خيار القوة عاجلا أم آجلا لفرض قانون وشريعة السماء وتوطيد حالة السلام والاستقرار على الأرض وتوحيد العمل بالشريعة التي سيكون ظاهرها جديد لكن باطنها سيؤكد ثوابت وسنن إلهية لم تتغير وتحمل السمات الأخلاقية العالية والأحكام الصالحة لكل ألازمان والأجناس. يلاحظ من الفصل الرابع أن ملاخي أعطى النتيجة قبل حسم معادلتها , فحالة الحسم والقهر ستكون الخيار الأخير , وكان النصح والحوار السلمي خيار أولي ثم يجيء يوم الرب العظيم الذي سيتم على يد إيليا كمحصلة ونتيجة لعدم الاتفاق والاستجابة من قبل تلك الأمم ليبرز الاحتمال الخطير الذي لا يستند الى نص ولكنه يميل الى  الاستنباط الحتمي ,  فما دام التوراة والإنجيل قد حسمتا قيامة المسيح الحربي أو القائم بالسيف بمجيئه الثاني , لذلك سيتفق ظهورهما سوية ليغطيان مساحة حسم  زمنية واحدة محتومة وبأدوار متوازنة كل وامتيازا ته الرسالية فالأرض تزدحم بمعتقدات دينية منزله وغير منزلة ولن يكفيها ظهور نبي واحد بالسببية التي اعتادت المهام النبوية السابقة تغطيتها لذلك سيتحتم وبحتمية مناسبة محاكاة تلك التركيبة المعقدة للذهنية المجتمعية العامة على الأرض على اختلاف مركباتها الدينية وخصوصية دين اليهود والمسيحيين المنزلان واللذان سيكفيهما خطاب موحد لترابط موضوعهما اللاهوتي  وامتزاجه التشريعي وتوجده الديني الى حد كبير أما الإسلام وباقي الأديان فتحتاج  خطاب آخر فكان ظهور المسيح الصارم وإيليا ذلك المكلف بوظائف ومهام متعددة وضرورية , فقد ورد هذا التلميح في نبوءة ملاخي في مطلع [ الفصل 4:] “ فأنه هوذا يأتي اليوم المضطرم كالتنور فيكون جميع المتكبرين وجميع صانعي النفاق عصافة فيحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود حتى لايستبقي لهم جرثومة ولا أفنانا”. لقد تناول ملاخي في نبوءته صرامة وحسم ذلك المخلص العتيد الذي يتحتم عليه أنجاز مهمته في القضاء على جبابرة الارض ومحو سلطوياتها الجائرة وبسط القانون الالهي الموحد والشريعة الموحدة بين كل اهل الارض ولذلك كان اليوم الذي وعدهم الله به كالتنور ليس يقبل التساهل والحلول الوسطية بعدما منح البشر كل التسهيلات الالهية من النذر والوعيد وخصوصا المتجبرين والمنقلبين على القانون السماوي ولم يبق الا اخر الخيارات وفرض الوصاية الالهية على الارض لتقويم الضمير الانساني المتصدي  بآفة الكبر والجحود حتى يجيء صاحب السيف المؤيد بنصر الله بأمر غير الذي يتوقعه الناس لتشرق على يديه شمس العدالة والامن على الارض ولكن لابد من قيامة تقاضى وتحاكم المرتدين الجبابرة سيقيمها الله عليهم على يد هذا المخلص العتيد بعد أن يفاوضهم القائم (ع) ويلقى عليهم الحجة فأذا تمردوا كان ذلك اليوم رهيبا عليهم. وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقَائِمِ فَقَالَ كُلُّنَا قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يَجِي‏ءَ صَاحِبُ السَّيْفِ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُ السَّيْفِ جَاءَ بِأَمْرٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ. الكافي ج : 1 ص : 537. وهذا الحسم سيرد تباعا رغم أن ملاخي قدمه كخيار أول وأما الفرصة الاولى قبل الحسم الذي ذكرناه توا فهي تسهيل الحوار الذي سيقيمه إيليا مع الأمم العاصية والوارد في الآية [5 من الفصل 4 ] والتي ينبغي أن تسبق حالة الحسم اعلاه  وهي كما يلي:”هاأنذا أرسل اليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب العظيم الرهيب فيرد قلوب الآباء  البنين وقلوب البنين  آبائهم لئلا آتي وأضرب الأرض بالابسال”. ولو تمعنت في مقصودية هذه التغطية لاستنتجت بأنها تصدت لنتيجة الحوار وثمرته والتي لن تكون سريعة ومباشرة وايجابية لأن اليوم المضطرم قد تلى عملية الحوار التي لم تنفع مع الآخرين في الآية [5] فجاءت عملية الحسم متقدمة في الآية [1]  فكانت تتمة الآية الآية الأولى هي عملية توحيد الشريعة وفرض القانون الموحد وتعميم السلام على الأرض ونورد هذه التتمة "  وتشرق لكم أيها المتقون لأسمي شمس البر والشفاء في أجنحتها”. ويترتب على ذلك إذا ظهور الشخصيتين وهم إيليا والمسيح معا لتحقيق النتيجة في المعادلة الرؤياوية العظيمة التي طرحها ملاخي النبي في فصله [4] من نبوءته العتيدة . وبذلك يسعنا ترتيب نتائج الفصل الرابع كما يلي:” هاأنذا أرسل اليكم إيليا النبي قبل أن يجيء يوم الرب العظيم الرهيب , فأنه هوذا يأتي اليوم المضطرم كالتنور فيكون جميع المتكبرين وجميع صانعي النفاق عصافة فيحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود حتى لايستبقي لهم جرثومة ولا أفنانا . فتشرق لكم أيها المتقون لأسمي شمس البر والشفاء في أجنحتها . وتطأون المنافقين وهم رماد تحت أخامص أقدامكم يوم أعمل قال رب الجنود . فيرد قلوب الآباء  البنين وقلوب البنين  آبائهم لئلا آتي وأضرب الأرض بالابسال”. وأيليا في هذا النص قد أرتسم له خريطة التغيير التي عنيت بالقائم في آخر الزمان حتى أنك ترى أن النص قد أكد أن الامم كلها سترضخ له ولجنده وسيملك على جميع الامم وزيادة في توكيد هذا الحدث العظيم وأرتباطه بشخصية المخلص (القائم) في آخر الزمان فقد ثبت النص بأن أيليا سيأتي قبل يوم الرب العظيم الذي عنى أما يوم القيامة أو قبل موقعة هرمجدون في دعوته العلنية وفي كلا الحالتين فأنهما يشملان أيليا أسلامي سيظهر بمرتسم صاحب زمان التغيير الاخير على الارض . عن الباقر (ع) (( في صاحب هذا الامر اربع سنن من اربعة انبياء سنة من موسى وهو خائف يترقب وسنة من يوسف وهي  " السجن " واما عيسى فيقال مات ولم يمت واما محمد (ص) فالسيف)). ويتحقق من ترتيب الفصل موضوعيا النتيجة الرؤياوية الأكثر توازنا واستيفاءا  للأطروحة الرؤياوية التي طرحها الأنبياء الملهمين في أسفارهم ممن سبقوا ملاخي فيكون الموضوع الابوكالبتي عندهم متوحدا برؤى موضوعية واحدة لا تغترب عن بعضها البعض وتطرح نفس الحلول وتغطي مساحات زمنية وشخصيات رؤياوية موحده الهوية والنصاب التكليفي . ويذكر أن التقليد الراهن والمتفق عليه عند أغلب اليهود والمسيحيين أن إيليا النبي سيجيء بشخصه في منتهى العالم لمقاومة الدجال وقد صرح بذلك السيد المسيح نفسه كما هو مذكور في [ متي 17:11 , ومرقس  9 : 11] “ وأقول لكم أن إيليا قد جاء ولكنهم لم يعرفوه بل صنعوا به كل ما أرادوا . هكذا أبن البشر أيضا مزمع أن يتألم منهم . وسألوه قائلين كيف يقول الفريسيين والكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولا . فأجاب وقال لهم أن إيليا يأتي أولا ويرد كل شيء ويجري عليه مثل ماكتب  على أبن البشر أن يتألم ويرذل”. وسيتفق هذا النص مع ماورد بشأن ماسيصادفه القائم (ع) من الاذى من  جهلة الناس وغيرهم بسبب تأويلهم كتاب الله عليه وجهلهم بشخصه وزمان ظهوره ومضامين الكتاب الشديد الذي عبرت عنه الروايات بأنه على العرب شديد وماسيأتي به من أحياء السنن الموقوفة  ،  عن الباقر (ع) (( أن صاحب هذا الامر لو ظهر لقي من الناس مثل مالقي رسول الله (ص) واكثر)). ولعل هذا المسح الموضوعي الذي أعطاه لهذه الشخصية الفذه قد كشف توا أسرارا رؤياوية جمة لحوادث ووقائع رسالية ستتخطاها هذه الهوية العتيدة حتى أن المسيح بصراحة قوله أكد أن ما سيلاقيه إيليا من تكذيب وتشريد وعذابات مثل ماسيلاقيه هو أي المسيح على يد اليهود والرومان ولعل مثل هذه الصراحة الموضوعية ستعطينا التسهيل المناسب أن نفترض وباستحقاقات منطقية هائلة أن إيليا سيبتديء مشروعا سريا أو دعوة سرية يتم بمقتضاها استيفاء دوره السببي لتهيئة أدواته السببية ليستخدمها في طرح مشروعه والا لن يكون يتيما من التسهيلات وفاقدا لأدوات التغيير , لأن ذلك لم يتم مع كل النصابات التكليفية التي سبقته من أنبياء ومرسلين وأوصياء فهم غالبا ما يهيئون القاعدة الأساسية من مجموعاتهم المغربلة كما حصل مع موسى النبي وجماعته ويسوع وحوارييه ونبي الإسلام وصحابته , فيكون إيليا مع عظم الدور التكليفي الذي سيتحمله وخطورة وتعقيد المساحة الزمنية التي سيتناولها بمشروعه مؤيدا بمجموعة ربانية أو إلهيين لنصرته في عملية التغيير الآتية ولتساهم بتكليف فرض الشريعة والقانون الإلهي الموحد لاحقا لذلك سيترتب على إيليا أن يكون محتجبا في دعوة سرية كما حصل ليسوع والنبي محمد رسول المسلمين ليعد مجموعته ويعيش معهم ظروف غربلتهم واستحقاقات أدوارهم ليصبح قوام الدعوة العلنية جاهز بعدما تصب كل التسهيلات السببية والغيبية لصالحهم بعد رحلة شاقة وطويلة مليئة بالاختبارات والتمحيص والغربلة. وبذلك يكون المسيح قد طرح لنا شخصية معذبة ستواجه ألوانا من الاضطهاد والتعسف قبل أن تبتدىء مهامها كي تتفق مع مجريات الرسائل السماوية وتتوحد مع عذاباتها ومعاناتها فيكون إيليا  بذلك نموذجا حيا لعذابات الأنبياء بالهول الذي عاشوه على يد معانديهم لكنه سيكون في النهاية شخصية غالبة وقاهرة سيلجأ  الحدة والصرامة والحسم في التعامل مع المرتدين والجبابرة وربما أستخدم السيف لردعهم أي وسائل القوة المتاحة في وقته. لماذا يواجه المسيح بألوان من الاضطهاد والتعسف في مجيئه الثاني وقد اخبر عن انه يأتي بحلة المنتصر المنتظر الذي سيلقاه منتظروه دون مقاومة ليقيم دولة الملكوت الارضي والروحي معا  ولم تخبرنا الكتب بأن المسيح سيواجه مقاومة أو رفض عند مجيئه الثاني بل سيأتي مسددا قاهرا وبهذا سيتسوفي هذا النص شخصية القائم (ع)  الذي تأكد الروايات شدة ماسيلقى من أذى من الناس في بداية دعوته لدولته واقامة العدل الالهي فيها حتى يؤيده الله بالنصر  عن الصادق (ع) (( أن قائمنا اذا قام أستقبل من جهلة الناس أشد مما أستقبله رسول الله (ص) من الجاهليه فقيل له : كيف ذلك ؟ فقال : ان رسول الله (ص) اتى الناس وهم يعبدون الحجاره والصخور والعيدان والخسب المنحوته وأن قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأولون عليه كتاب الله .. ويحتج عليهم به  ويقاتلونه عليه ، اما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقمر)). ويتفق النص الانجيلي برسم هوية هذا الامام العتيد الذي سينال من العذابات والاذى قبل أن يقيم دولته ويمضي برسالة العدل حتى انه تناول صراحة رفض هذا الجيل الذي أبتعد عن أستبصار النور الالهي ومطابقة بيانات الظهور المقدس وانطباق الادلة على هويته وشخصه فجحدوه بما جاء لهم من الحق والخلاص والعدل الذي حمله من اجلهم فكانت جائزته الاذى والنكران : انجيل لوقا الاصحاح 17- 82 (( فكما ان البرق يلمع تحت السماء من احدى الجهات يضىء ابن الانسان يوم يعود ولكن لابد له اولا من ان يعاني آلاما كثيرة وان يرفضه هذا الجيل وكما حدث في زمان نوح هكذا سوف يحصل في زمان ابن الانسان)). وربما على المعتنقين للديانتين اليهودية والمسيحية أن يمحصوا أطروحة المسلمين الشيعة ويولوها عناية بحثية مناسبة والتي تدعي أن إيليا هو أحد ممثلياتهم المعنية بالظهور في الزمن الأخير وبنفس الادبيات التي عرضتها التوراة والإنجيل ونفس طرح ملاخي ولا تفترق عن الصورة التي رسمها السيد المسيح ثم أن لديهم أدبيات غزيرة تحمل أسرارا ستتوافق كثيرا مع مجمل ما تصدت له التوراة والإنجيل لهذه الشخصية , ولعلهم يحتفظون بسجل مناسب لعلامات ظهوره وسر شخصه وتفاصيل دعوته التي لا تختلف في موضوعها عن المادة التوراتية  أو الإنجيلية لذلك سيكون داعيا مثاليا للإطلاع والتحقيق في تلك الأدبيات وأخذها بنظر الاعتبار والتمحيص. وبنبوة ملاخي تنتهي الأدبيات الابوكالبتية التوراتية وتبتدأ رحلة أخرى مع الأدب الرؤياوي المسيحي الميال  تفرد كتبته  برؤى ملهمة ولكن عن طريق الرؤيا المنامية المبلغة وربما أفترق عن أنبياء التوراة في أن المادة الرؤياوية عند المسيحيين سترد عن طريق الحواريين أما برؤيا منامية أو باستلهامها من الأصل أي عن طريق يسوع المسيح نفسه وموثقة عنه .
تحقيقات
بشرية الرسل والأئمة عليهم السلام
إن في القرآن الكريم آيات وضعت شخصية الرسل في الإطار البشري والذي لا يسمح لأحد أن يخرجه من هذا الإطار مهما بلغ من كمال وجلال ، يقول الله تعالى لنبيه الكريم " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي "الكهف110. يعلمنا الله تعالى من خلال هذا النص أن هذا الإنسان المتصل بالسماء المتصف بالكمالات ما هو إلا بشر مثلنا ويقول تعالى " قل سبحان ربي ....هل كنت إلا بشرا رسولا "الإسراء 93. قال تعالى (( إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) ، عن أبي عبد الله(ع) في قوله إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قال يعني في الخلق أنه مثلهم مخلوق يُوحى إِلَيَّ إلى قوله بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" قال لا يتخذ مع ولاية آل محمد ولاية غيرهم  وولايتهم العمل الصالح فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها و جحد أمير المؤمنين(ع) حقه وولايته. تفسيرالقمي ج : 2 ص : 48.
فيعلن الكتاب المجيد من خلال النصوص القرآنية أن للرسول أو النبي أو الإمام كل الخصائص البشرية انه كسائر الناس يتألم ويحزن ويفرح ويضيق صدره ويتزوج ويأكل ويشرب ويقول الله تعالى " ولا تحزن ولا تك في ضيق مما يمكرون "النحل 127 ويقول تعالى " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه فكان أمره فرطا "الكهف 28. جاء إعرابي إلى رسول الله فلما داناه ليتحدث إليه اضطرب كيانه وتلعثم لسانه فقال له رسول الله (ص) " هون عليك ... فاني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد” فلم نخرج عن إطار ما حدده القرآن الكريم لنا في فهم الحوادث التي مر بها الرسل والأئمة ونجعلها في إطار خارج الإطار البشري . عن أبا عبد الله(ع) يصف الأنبياء فيقول((...وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين عنه مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب مؤدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فلا تخلو الأرض من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته...)) بحار الأنوار ج : 10 ص : 165 و166. فلم نتجه بأنفسنا ما اتجه إليه من سبقنا من الأمم السابقة فالذين رووا لنا من التاريخ بتروا قسم من الصفات البشرية لدى الرسل واتجه وضعهم لما كتبوا إلى ملكوتية الرسل دون الطابع البشري المخصص لهم من الله تعالى فقسم منهم أنكروا بشرية الرسل كما حصل الحال في تأليه السيد المسيح (ع) قال تعالى (( وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)). والقسم الأخر عابوا بشرية الرسل واستشكلوا في أن يجتبي من الناس رسلا والقسم الآخر منهم حسدوا النبي إذ يقول قومه (( ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ)). قال تعالى (( إذ قالوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا))  وَقالُوا (( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا)) و أمثال ذلك كثيرة فتعجبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي والقرب مع أنهم بشر مثلهم فحسدوهم . إن الرسل عليهم السلام لهم من المشاركة في الطبيعة البشرية للناس ولكن الحال يختلف في الجعل التكويني للنبي فهو على استعداد لتلقي الوحي من الله لان المسألة متعلقة بالاجتباء الإلهي لهذا الدور العظيم فالأنبياء يشاركوننا الطبيعة البشرية ولكنهم لهم من الجعل التكويني (( العصمة الجبرية )) ما يجعلهم في أعلى مراحل التكامل والتهذيب النفسي وهذا مقتضى من مقتضيات تبليغ الرسالة السماوية فالاختلاف هنا في القابلية المودعة فيهم عليهم السلام في الاتصال والتعامل مع السماء . قال تعالى في سورة إبراهيم (( قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)).
ذكر في البحار عن مشارق البرسي عن أمير المؤمنين(ع) قال : يا طارق الإمام كلمة الله وحجة الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره ويجعل فيه ما يشاء , ويوجب بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه ......إلى أن قال ( والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي وأمر إلهي وروح قدسي ومقام عليّ ونور جلي ّ وسر خفيّ فهو ملكي ّ الذات إلهي الصفات زائد الحسنات عالم بالمغيبات مدحضا من ربَ العالمين ونصا من الصادق الأمين جبرائيل وهذا كله لآل محمد لا يشاركهم فيه مشارك لأنهم معدن التنزيل ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل ومهبط الأمين جبرائيل , صفوة الله وسره وكلمته .... خلقهم الله من نور عظمته وولاهم أمر مملكته فهم سر الله المخزون وأولياءه المقربون وأمرهم بين الكاف والنون لا بل هم الكاف والنون إلى الله يدعون وعنه يقولون وبأمره يعملون ,علم الأنبياء في علمهم وسر الأوصياء في سرهم وعز الأولياء في عزهم كالقطرة في البحر والذرة في القطر...)).
ولم يسلم تاريخنا من الوضع والغلو في وقائع كثيرة فمثلا في الولادات فقد جعلها قسم من المغالين اقرب ما تكون إلى الخيال من الواقع البشري الذي خصهم الله به رحمة لنا من لدن العزيز الجبار .ونذكر مثال على ذلك ففي  بحار الأنوار ج : 35 ص : 20ـ23 قال (ص): (( .... فوجدت فاطمة بنت أسد أم علي وقد جاء لها المخاض وهي بين النساء والقوابل حولها فقال حبيبي جبرئيل يا محمد نسجف بينها وبينك سجفا فإذا وضعت بعلي تتلقاه ففعلت ما أمرت به ثم قال لي امدد يدك يا محمد فمددت يدي اليمنى نحو أمه فإذا أنا بعلي على يدي واضعا يده اليمنى في أذنه اليمنى وهو يؤذن ويقيم بالحنيفية ويشهد بوحدانية الله عز وجل وبرسالاتي ثم انثنى إلي وقال السلام عليك يا رسول الله ثم قال لي يا رسول الله أقرأ قلت اقرأ فوالذي نفس محمد بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله عز وجل على آدم فقام بها ابنه شيث فتلاها من أول حرف فيها إلى آخر حرف فيها حتى لو حضر شيث لأقر له أنه أحفظ له منه ثم تلا صحف نوح ثم صحف إبراهيم ثم قرأ توراة موسى حتى لو حضر موسى لأقر له بأنه أحفظ لها منه ثم قرأ زبور داود حتى لو حضر داود لأقر بأنه أحفظ لها منه ثم قرأ إنجيل عيسى حتى لو حضر عيسى لأقر بأنه أحفظ لها منه ثم قرأ القرآن الذي أنزل الله علي من أوله إلى آخره فوجدته يحفظ كحفظي له الساعة من غير أن أسمع منه آية ثم خاطبني و خاطبته بما يخاطب الأنبياء الأوصياء ثم عاد إلى حال طفوليته...))
وهنا كان عمر رسول الله (ص) ثمان وعشرين عاما مع العلم أن رسول الله (ص) بلغ بالرسالة عند الأربعين وبعدها نزل القرآن الكريم وهنا يظهر لنا جليا حالة الغلو والتزييف في ولادة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام . كما أن المغالين وصلت أياديهم الآثمة إلى الإفتراء على الأئمة عليهم السلام في تزييف كثير من الأحداث المتعلقة بحياة الأئمة عليهم السلام فهنا حديث عَنْ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَزْدِيِّ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ(ع) يَقُولُ لَمَّا وُلِدَ الرِّضَا (ع) إِنَّ ابْنِي هَذَا وُلِدَ مَخْتُوناً طَاهِراً مُطَهَّراً وَلَيْسَ مِنَ الْأَئِمَّةِ(ع) أَحَدٌ يُولَدُ إِلَّا مَخْتُوناً طَاهِراً مُطَهَّراً وَلَكِنَّا سَنُمِرُّ عَلَيْهِ الْمُوسَى لِإِصَابَةِ السُّنَّةِ وإتباع الْحَنِيفِيَّةِ .بحار الأنوار ج : 15 ص : 297.
بينما نجد الرد في تاريخنا واضحا لا يحتاج إلى بيان يصعب فهمه فنرى من خلال هذه الأحاديث الشريفة ردا مناسبا من خلاله نستطيع إخراج الحديث غير الموافق للقرآن والسنة والعقل والمنطق وبهذا نستطيع أن نفهم حقيقة ما أراد الله تعالى لنا من التوفيق لمعرفة الجوانب البشرية للرسل والأولياء من غير أن نجردهم من إستحقاقهم في التقديس لا أن نجعل منهم ملائكة ظانين أولئك الذين زيفوا التاريخ بأنهم يحسنون صنعا أو أرادوا أن يزيدوا من مكانة الرسل والأولياء رفعة , فأيهما أفضل جعل الرسل والأولياء ملائكة أم نجعلهم في الإطار القرآني المقبول والذي يجعلهم أفضل من ألملائكة المقربين.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) فِي سُؤَالِ الزِّنْدِيقِ قَالَ أَخْبِرْنِي هَلْ يُعَابُ شَيْ‏ءٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؟قَالَ: لَا . قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ غُرْلًا فَلِمَ غَيَّرْتُمْ خَلْقَ اللَّهِ وَجَعَلْتُمْ فِعْلَكُمْ فِي قَطْعِ الْغُلْفَةِ أَصْوَبَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ وَعِبْتُمُ الْأَغْلَفَ وَاللَّهُ خَلَقَهُ وَمَدَحْتُمُ الْخِتَانَ وَهُوَ فِعْلُكُمْ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ اللَّهِ خَطَأً غَيْرَ حِكْمَةٍ ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع) : ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ حِكْمَةٌ وَصَوَابٌ غَيْرَ أَنَّهُ سَنَّ ذَلِكَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى خَلْقِهِ كَمَا أَنَّ الْمَوْلُودَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَجَدْتُمْ سُرَّتَهُ مُتَّصِلَةً بِسُرَّةِ أُمِّهِ كَذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ الْحَكِيمُ فَأَمَرَ الْعِبَادَ بِقَطْعِهَا وَفِي تَرْكِهَا فَسَادٌ بَيْنَ الْمَوْلُودِ وَالْأُمِّ وَكَذَلِكَ أَظْفَارُ الْإِنْسَانِ أَمَرَ إِذَا طَالَتْ أَنْ تُقَلَّمَ وَكَانَ قَادِراً يَوْمَ دَبَّرَ خِلْقَةَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَخْلُقَهَا خِلْقَةً لَا تَطُولُ وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ فِي الشَّارِبِ وَالرَّأْسِ يَطُولُ وَيُجَزُّ وَكَذَلِكَ الثِّيرَانُ خَلَقَهَا فُحُولَةً وَإِخْصَاؤُهَا أَوْفَقُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عَيْبٌ فِي تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وسائل‏الشيعة ج : 21 ص : 437. عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ (ع) قَالَ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ(ص) الْحَسَنَ(ع) وَالْحُسَيْنَ(ع) لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ وَعَقَّ عَنْهُمَا لِسَبْعٍ وَخَتَنَهُمَا لِسَبْعٍ وَحَلَقَ رُءُوسَهُمَا لِسَبْعٍ وَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شُعُورِهِمَا فِضَّةً. وسائل‏الشيعة ج : 21 ص : 440قال رسول الله إن الله عز وجل بعث خليله بالحنيفية وأمره بأخذ الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان . بحار الأنوار ج : 73 ص : 69
قال السيد المسيح(ع) “ أشهد أمام السماء وأشهد كل شيء أني بريء من كل ما قد قلتم لأني إنسان مولود من إمرأة فانية بشرية وعرضة لحكم الله مكابد شقاء الأكل والمنام وشقاء البرد والحر كسائر البشر لذلك متى جاء الله ليدين يكون كلامي كحسام يخترق كل من يؤمن بأني أعظم من إنسان” .
التحدي والعناد
ان التحدي والعناد صفتان مشتركتان بين الجن والانس والحيوان اما الملائكة فلا توجد عندهم هاتين الصفتين لأنهم أقروا بالتسليم التام فلا يحصل عندهم هذا الامر وان اول من اعلن التحدي والعناد هو ابليس لعنه الله ، وكما في قوله تعالى { قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }الحجر33، وذلك بسبب التكبر وعدم الفهم الباطن وحساب عاقبة الامور وذلك لقصور الادراك المحدود اي عدم القدرة على اختراق الباطن ولو جزء يسير من ماهيته وكذلك عدم التسليم التام لأمر الله بإعتباره الحكمة البالغة التي لا تقبل النقص او الخطأ وكذلك العجز الادراكي للتاويل فيحصل عندئذ التحدي والعناد المعتمدان على التفكير الناظر الى المادة دون الرجوع الى المعنى وهذا لا يعني النقص في الخلقة فحاشا لله ان يخلق خلقة ناقصة وهو الحكيم العليم {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين4 ، فلقد خلق قبال البصر البصيرة فكما ان البصر يرى الاشياء المادية فإن البصيرة تدرك وترى الامور الباطنية والمعنوية ولكن بدرجات متفاوتة وحسب استعداد الانسان وهذا خاضع للصفاء والكدورة والاخلاص والشك . فمن هنا يتأتى هذا الامر في القرآن ففي سورة الاعراف حيث ذكر امر نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام وما كان من قومهم وكيف كذبوهم وعاندوهم وتحدوهم فأخذهم الله القادر على كل شيء {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ }القمر42 ، فكانوا عبرة لمن بعدهم {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا }الشمس14، واما مسألة تحدي الرسل والانبياء هي بالحقيقة تحدي للأمر الإلهي الحاكم بسابق علم الله جل وعلا انه السبيل الى الوصول اليه لكن أصر على التحدي والعناد قبال الارادة الالهية فتم الانذار والامهال لغرض القاء الحجة والبينة على الناس فلم يستجيبوا للأمر الالهي فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر وهذا القرآن يحدثنا واستطراداً في سورة الاعراف في أمر موسى عليه السلام وفرعون والنتيجة هي عناد فرعون وتحديه وادعاءه الربوبية فأخذه الله واهلكه ومن معه من المعاندين الجبارين هذا ما وصل الينا من اخبار القرى والامم السابقة التي اهلكها الله نتيجة تحدي القدرة الالهية وعناد طغاة الامم السالفة وها نحن في آخر الاديان وخاتمها الاسلام الحنيف وقد مررنا بنفس ما مر على تلك الامم السابقة والبائدة اقول الا يمكن الرجوع الى الحق واتباعه والاعتبار بمن كان قبلنا هل قلوبنا تشبه قلوبهم في القسوة والعمى والتحدي والعناد ألسنا اهل خير دين انساني خاتمة الاديان اي نحن على الحافة فلماذا هذا التحدي والعناد  المستمر والقرآن ينطق والرسول واهل البيت والاولياء يدعون ولا من مجيب هل من أحد يستطيع ان يفسر الامر لماذا بالطبع انه ليس غباءً لأن علوم المخالفة متطورة جداً فما من غباء لقد بقيت نفس حالات الامم السابقة ألهذا خلق الانسان اذن لماذا الدين والقرآن لماذا السنن الواضحة لماذا الرسل والانبياء والاوصياء والعلماء والحكماء ان الله اراد بنا خيراً فجعلنا خير امة اخرجت للناس {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110 ، ونحن نريد الشر لأنفسنا لنسأل اذا خالفنا الله وعاندنا وتحدينا رسله وبالرجوع الى ضلال من قبلنا فما هي النتيجة يا ترى أنرضى هذا لأنفسنا اذن علينا بالصحوة واتباع الرسول وآل الرسول والآن نحن نعيش في زمن الظهور الشريف المبارك وهذا هو المصير فاما لله ولرسوله والى الهدى واما جهنم نصلاها مذمومين مدحورين {مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }الأعراف178 ، علينا ان نبحث عن مخلصنا ومنقذنا الامام المهدي الحجة بن الحسن (عليه الصلاة والسلام ) واتباع دعوته والسير بركبه وعدم التخلف عنه (ع) فإنه اذا قام فإن قيامه هو القيامة الصغرى حساب شديد لا إستتابة فيه ولا عُتبى لننذر انفسنا واهلينا لنتبع دعوة الحق ونموت عليها خير من الضياع في الفتن والضلال ونموت عليها قال تعالى {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }يونس35 ، وان دعوة الحق لأمر عظيم لنعيش احراراً بإتباع إمامنا صلوات الله وسلامه عليه فالامر أوضح من الشمس فقط ننظر الى الاخرة وندع الدنيا سترى قلوبنا المعين الصافي فإنه بقية الله (ع) فلنعرف امره ونأخذه بحجزته فوالله العظيم لا طريق للنجاة الا طريقه فأما حياة الايمان وموت الاحرار وأما حياة الذل وموت المنافقين والكفار:
فطعم الموت في أمرِِ حقير 
        كطعم الموت في أمر عظيمٍ
يا أخوةالايمان والعقيدة فكروا بالعاقبة فإنها للمتقين وليس للمعاندين ولا لمن يتحدى ارادة الله فالكل راجع اليه والحمد لله رب العالمين.
السيد القحطاني يناقش السيد محمود الحسني
اتسم كلام الأنبياء و الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في كثير من الأحيان بالرمزية وشيء من الضبابية وخاصة في كلامهم عن المستقبل وذلك مراعاة لمستوى الفهم والإدراك أنذاك . فليس من الممكن أن يتكلم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الطائرات أو المركبات والاكتشافات الحديثة والوصول إلى الفضاء والإنسان الآلي ( الروبرت ) والكهرباء وما شابه ذلك فالعاقل  والحكيم من تكلم بلسان قومه فليس من الحكمة أن تحدث الناس بما لا يمكن إدراكه أو فهمه لأنه لا تحصل الفائدة المرجوة عندها ومن الأمثلة على هذا الأمر كلام أمير المؤمنين عليه السلام بعد ان رجع من قتال اهل صفين اخبر بامور غائبة منها انه وقف في صدر نهر في شمال العراق ونظر الى الماء ينزل من الاعلى الى الاسفل فقال :( ليمكن ان يستضاء العراق من هذا الماء ) بيان الائمة ج1. وفي رواية اخرى انه قال :( لو شئت لجعلت من هذا الماء نوراً) بيان الائمة ج1. ولم يقل لهم اصنع الكهرباء أو يحدثهم عن كيفية ذلك وهذا المعنى نراه أيضا في أحاديث النبي (ص) وروايات الأئمة الأطهار عن الدجال حيث وصفوا مركبته بالحمار الذي بين إذنيه أربعين ذراعاً وبين يديه جبل من خبز وجبل من لحم وما إلى ذلك ومن هنا ذهب بعض العلماء والباحثين إلى إيراد أطروحة جديدة في مسألة الدجال حيث قالوا إن الدجال ليس شخصاً بعينه بل هو حركة مادية ضالة وفكر منحرف يقوم بإغواء الناس لكي يتبعونه ويؤمنون به وحاولوا تطبيق ذلك على أمريكا والغرب وما يقودانه من انحراف وفكر مادي يستخدم الدجل في سعيه لتحقيق أهدافه ومن هؤلاء العلماء الذين ذهبوا إلى هذا القول هو سماحة السيد محمود الحسني حيث ألف في ذلك بحثاً تحت عنوان (( الدجال )) ونحن بدورنا ولأجل الوصول إلى الحقيقة والفهم الصحيح نقوم بمناقشة هذا البحث نقاشاً علمياً جاداً خدمة للإمام المهدي (مكن الله له في الأرض ) ولقضيته المباركة وقبل البدء لا ننسى أن نذكر إن سماحة السيد الحسني جزاه الله خيراً قد بذل مجهوداً كبيراًَ في خدمة الإمام المهدي (مكن) وتذكير الناس بالامام المهدي (عليه السلام) فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله من أنصاره وأعوانه والداعين إليه انه نعم المولى ونعم النصير .
نود أن نلفت نظر الاخوة القراء إننا لا نستعين في نقاشنا هذا مع سماحة السيد محمود الحسني إلا بما ذكره في كتابه (( الدجال )) حيث ذهب إلى القول بأن الدجال هو الغرب وأمريكا فقد قال في الصفحة ( 203 ) من كتابه : ( إشارة الرسول الكريم (ص) إلى الدجال بالمسيح الكذاب والمسيح الدجال تدل بوضوح إلى انطباق هذا العنوان على بني الأصفر الصليبيين وأوضحهم أمريكا ) انتهى كلام السيد الحسني .
ونحن لا ننكر ما يقوم به الغرب الكافر وما تقوم  به أمريكا من دجل ونفاق وكذب وخداع إلا أن ذلك لا يعني أن الدجال الموصوف بالأحاديث والروايات انه يخرج في آخر الزمان هو الغرب وأمريكا فهذا غير صحيح فالنبي (ص) أكد وبين إن الدجال رجل اعور يمارس الدجل والكذب ويدعي باطلاً مقامات عظيمة ويتبعه الكثير من الناس ويقوم بفتنة عظيمة وتكون نهايته والقضاء عليه من قبل الإمام المهدي (مكن) سواء أكان ذلك بيده الشريفة مباشرةً أو عن طريق عيسى بن مريم(ع) كما أشارت إلى ذلك الروايات وهناك الكثير من الأدلة التي تؤكد وتدل بما لا يقبل الشك واللبس على كون الدجال رجل اعور يقود حركة ويظهر في آخر الزمان وليس دولة أو مجموعة من الدول . واليك عزيزي القارئ ما يدل على ذلك:
1- فقد استدل سماحة السيد الحسني في الصفحة (20) من كتابه على طول عمر المهدي (ع) وغيبته بطول عمر الدجال وغيبته فقد قال : ( أولاً : كما يقال : ( إن أدل دليل على الإمكان هو الوقوع ) ، وإطالة عمر الدجال بل والغيبة معها قد حصلت ووقعت بخصوص الدجال ، وبهذا يثبت إمكانها بصورة عامة ، وخصوصاً في قضية الإمام المعصوم (عليه السلام) . فالمصادر الإسلامية عموماً ومصادر أهل السنة خصوصاً تثبت بقاء الدجال على قيد الحياة منذ عهد النبي (ص) بل قبل ذلك وسيبقى إلى آخر الزمان حيث يخرج ويُقتل بيد الإمام (عليه السلام) أو وزيره نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام)...
ويتبين من كلام السيد هذا إن الدجال رجل موجود في عهد النبي (ص) وانه حي وغائب ويظهر في آخر الزمان ويقتله الإمام أو النبي عيسى (عليهما السلام) وهذا أول التناقض فأما إن يكون الدجال رجلاً أو انه دولة أو مجموعة دول كما ذكر سماحة السيد الحسني أيده الله وكونه رجل مما قام عليه الدليل كما صرح السيد نفسه حيث قال : ( فالمصادر الإسلامية عموماً ومصادر أهل السنة خصوصاً تثبت بقاء الدجال على قيد الحياة ) أما كونه دولة فليس من دليل عليه بل هو مجرد رأي وقول من دون دليل شرعي. وقال سماحة السيد أيضاً في الصفحة (22) من نفس الكتاب : (ذكرنا أن قضية الدجال تعتبر آية من آيات الله تعالى ، أما بإطالة عمره وبقاءه على قيد الحياة إلى أن يشاء الله تعالى ، أو باعتبار التنبؤ والإخبار عنه وعن علاماته وأفعاله ،...) . وهذا ما يؤكد أيضاً أن الدجال رجل فلا أدري كيف ذهب السيد الحسني إلى القول بأن الدجال هو الغرب وأمريكا ؟! أما الأحاديث التي تؤكد كون الدجال رجلاً فهي كثيرة نذكر منها ما ذكره السيد في كتابه فقط:
أ‌- ذكر السيد الحسني في الصفحة (29) هذا الحديث فقال : (..... صعد رسول الله (ص) المنبر ذات يوم وهو يضحك فقال (ص) : إن تميم الداري حدثني بحديث فرحت به ، فأحببت أن أحدثكموه لتفرحوا بما فرح به نبيكم ، حدث أن أناساً من فلسطين ركبوا السفينة في البحر ....فقالوا : ما أنت ، قالت : أنا الجساسة ، قالوا : فاخبرنا بشيء ، قال : ما أنا مخبركم ...... فأتينا القرية ، فإذا رجل موثق بسلسلة ، فقال (أي الرجل) : فاخبروني عن النبي العربي الأمي ،هل خرج فيكم ؟ فقلنا : نعم ، قال : فهل دخل الناس ، فقلنا : هم إليه سراع ، فنزّ نزوة كاد أن تتقطع السلسلة ، فقلنا : من أنت ، قال : أنا الدجال ، فقال (ص) : إنه يدخل الأمصار إلا طيبة).
ب- ذكر سماحة السيد في الصفحة (41) ما هذا نصه : (2- عن رسول الله (ص) : ((.... والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى ....)) ) . ونحن نقول ألا يدل هذا الحديث على ظهور ثلاثين كذاباً في آخر الزمان آخرهم الأعور الدجال وإلا كيف يتسنى لنا حمل كل هؤلاء الكذابين على أنهم دول .
ج- وذكر السيد في الصفحة (50) ما هذا نصه : (8- ذكر النبي (ص) : ((يومأ بين ظهري الناس المسيح الدجال ، فقال (ص) إن الله ليس بأعور ، إلا أن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ، وأراني الليلة عند الكعبة في المنام ، فإذا رجل كأحسن ما يرى من آدم الرجال ، تضرب لمته بين منكبيه ، رجل الشعر يقطّر رأسه ماء ، واضعاً يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا ، فقالوا : هذا المسيح بن مريم ، ثم رأيت رجلاً وراءه جعداً قططاً أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن  ، واضعاً يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت ، فقلت: من هذا ، قالوا : المسيح الدجال .....)) ) . أليس هذا دليلاً على أن الدجال رجلٌ؟.
د- وذكر سماحة السيد أيضاً في الصفحة (55) ما هذا نصه : (2- عن خاتم الأنبياء والمرسلين (ص) : ((.... لا يبقى شيءٌ في الأرض إلا وطأه وغلب عليه إلا روضة مكة والمدينة ، ....) . ونحن نقول : لو كان الدجال هو الغرب وأمريكا والفكر المادي المنحرف فكيف نحمل هذا الحديث فإن التواجد الغربي والأمريكي في السعودية بل في مكة والمدينة معروف وواضح بل الأعظم من ذلك اقتحام القوات الفرنسية للحرم المكي في قضية جهيمان العتبي ولو كان المقصود مجرد الفكر فالفكر الغربي الأمريكي أخذ مأخذه في المجتمعات السعودية وهذا مما لا يخفى على أحد . إذن فالدجال رجلٌ وليس دولة أو فكر معيناً . والأخبار التي تؤكد أن الدجال لا يدخل مكة ولا المدينة كثيرة فمن أراد المزيد فليراجعها في أمهات الكتب .
هـ - ذكر السيد الحسني في الصفحة (203) كما قدمنا سابقاً (إشارة الرسول الكريم (ص) إلى الدجال بالمسيح الكذاب والمسيح الدجال تدل بوضوح إلى انطباق هذا العنوان على بني الأصفر الصليب وأوضحهم أمريكا ) . إلا أنه ذكر في الصفحة (129) ما هذا نصه : ( قال الرسول الأكرم (ص) : ((اعلموا أنكم ستقاتلون بني الأصفر ، ويقاتلهم من بعدكم المؤمنين ، وتخرج إليهم روقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله ، لا تأخذهم في الله لومة لائم ، حتى يفتح الله عز وجل عليهم قسطنطينية ورومية ، فينهدم حصنها ، فيصبيون نيلاً عظيماً .... ، حتى أنهم يقتسمون بالترس ، ثم يصرخ صارخ يا أهل العراق يا أهل الإسلام قد خرج المسيح الدجال ....)) ) . انتهى ما ذكره السيد الحسني . لكن يرد عليه : إنك تقول أن بني الأصفر الصليبيين وأوضحهم أمريكا هم الدجال ثم تذكر أن المسلمين يقاتلون بني الأصفر ويقتحمون مدنهم ثم يأتيهم الخبر أن الدجال ظهر وهذا لعمري تناقض واضح والحقيقة أن بني الأصفر وأمريكا غير الدجال .
و- ذكر سماحة السيد الحسني في الصفحة (133) : (2- عن الصادق الأمين (ص) : ((لما عرج بي إلى السماء .... قال الله عز وجل لي : ...... وإني سأخرج من صلبه (علي) أحد عشر نقيباً منهم سيد يصلي خلفه المسيح بن مريم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ... قلت : يا ربي متى يكون ذلك ؟ قال (تعالى) : إذا رفع العلم وكثر الجهل وكثر القراء وقل العلماء ، وقل الفقهاء ، وكثر الشعراء ، وكثر الجور والفساد .... وصارت الأئمة خونة أعوانهم ظلمة ، فهناك أظهر خسفاً بالمشرق وخسفاً بالمغرب ، ثم يظهر الدجال بالمشرق)) ) . انتهى ما ذكره السيد.
والذي تبين من هذا الكلام أن خروج الدجال من المشرق ولو كانت أمريكا والغرب هما الدجال كما يعتقد سماحة السيد فهذا مخالف لما جاء عن النبي الخاتم (ص) من كون الدجال يخرج من المشرق وأمريكا والغرب هم من المغرب وليسوا من المشرق .
كما ان احاديث اخرى كثيرة دلت على ان الدجال يخرج من المشرق بل من خراسان على وجه التحديد نذكر منها كما آلينا على أنفسنا ما اورده  السيد في كتابه فقط فقد ذكر في الصفحة (171) : { 1- عن رسول الله (ص) : ( ان الاعور الدجال مسيح الضلالة يخرج من قبل المشرق في زمان اختلاف من الناس وفرقة)}.
وذكر في الصفحة (210) من كتابه : { 3- عن الصادق الامين (ص) : ( الدجال ليس به خفاء ، يجيء من قبل المشرق فيدعو لنفسه فيتبع...)}.
وذكر أيضاً في الصفحة (225) تحت عنوان ( من خراسان ) ما هذا نصه : ( ومما يشير الى خروج الدجال من خراسان واصفهان والمشرق : عن رسول الله (ص) : ليهبطن الدجال بجور ( مدينة فارس ) وكرمان في ثمانين ألفاً كأن وجوههم مجان (تروس) مطرقة ، يلبسون الطيالسة وينتعلون الشعر).
وذكر أيضاً في الصفحة (266) : ( عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( ..... يخرج الدجال من بلدة يقال لها أصفهان من قرية تعرف باليهودية......).
دخل على الامام الباقر (عليه السلام) رجل من اهل بلخ ، فقال (عليه السلام) له : ( يا خراساني تعرف وادي كذا وكذا ، قال : نعم ، قال 0عليه السلام) : تعرف صدعاً في الوادي من صفته كذا وكذا ، قال الرجل : نعم ، قال (عليه السلام) : من ذلك يخرج الدجال ) انتهى ما ذكر سماحة السيد .
فكيف أمكن لنا بعد كل هذه الاحاديث ان نتصور ان الدجال هو أمريكا وهي كما هو واضح من الغرب وليست من الشرق .
كما ان ما يؤكد كون الدجال رجلاً وليس هو امريكا والغرب هو ما ذكره السيد الحسني في كتابه في الصفحة (161) وما بعدها حيث ذكر ما هذا نصه : ( 1- عن رسول الله (ص) : ( الدجال اعور هجان . . . أشبه رجالكم به عبد العزى بن قطن ...) . 2- قال رسول الله (ص) : ( خرجت اليكم وقد بينت لي ليلة القدر ومسيح الضلالة . . . أما ليلة القدر فلتحسبوها في العشر الأواخر وتراً ، واما مسيح الضلالة فانه اعور العين اجلى الجبهة عريض النحر . . .  كأنه قطن بن عبد العزى ....).
3- قال الرسول الكريم (ص) : ( ..... ان الدجال مطموس العين كانها عين  عبد العزى بن قطن الخزاعي).
4- قال خاتم الانبياء (ص) :  ( ..... انه لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون آخرهم الاعور الدجال ممسوح العين اليسرى كانها عين أبي يحيى ... ) انتهى ما ذكره السيد الحسني .
والا أدري ما معنى ما يذكر السيد من روايات صريحة تؤكد على ان الدجال رجلاً وله شبيه في ذلك الزمان ( عصر النبي ) وبين قوله ان الدجال هو أمريكا والغرب . ثم ان الاحاديث الشريفة اجمعت على ان الدجال يخرج بعد قيام الامام المهدي (ع) وان الامام (ع) هو من يقتله او ان الذي قتله عيسى بن مريم (ع) والمعروف ان امريكا نشأت منذ مئات السنين وان الامام لم يقم بعد وهي ما زالت تتحرك وتنشر فكرها وتبث سمومها في مجتمعاتنا الاسلامية وغيرها اما من ناحية حمار  الدجال وضخامة جسده فانما القمصود من ذلك ان الدجال يستقل في حركته وانتقاله الطائرة فإن لها جناحين كإذني الحمار وان المسافة ما بينهما تعدل ما ذكر في الاحاديث عن المسافة بين اذني حمار الدجال وهي اربعين ذراعاً او سبعون ذراعاً وقد كتبنا بحثاً مفصلاً عن شخصية الاعور الدجال نشر في العدد السادس من صحيفة القائم (مكن) فمن شاء فليراجع .
ومن الامور التي لم يصيب فيها سماحة السيد الحسني ما ذكره في الصفحة (203) وما يليها من كتابه حيث حاول ان يثبت ان المسيح الدجال شخصان لا شخص واحد فاحدهما يحاول اغواء المسيحيين واليهود والآخر يحاول اغواء المسلمين فقد ذكر ما هذا نصه : ( ...... ومن الواضح وكما اشرنا سابقاً ان دعوى المسيحية لا تجدي الا بالاحتجاج على المسلمين من بني الاصفر وكذلك اليهود ، أما على المسلمين فلا تاثير لها لأنهم يرتبطون مع الرسول الاعظم (ص) وبولده قائم آل محمد (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه) ، فالدجال الذي يريد خداع المسلمين يدعي انه الامام المهدي (ع) او انه يمثل الامام (ع) او نائبه او رسوله او وكيله ، أما الدجال الذي يريد خداع المسيحيين وكذلك اليهود فإنه يدعي انه يمثل المسيح (ع) نائبه او رسوله او وكيله او ممثله ) انتهى كلام السيد الحسني .
ويرد على هذا الكلام : ان ما ذهب اليه السيدغير صحيح نعم فإن الدجالين كثيرون الا ان آخر الدجالين والذي يظهر في آخر الزمان بعد قيام الامام المهدي (ع) هو شخص واحد لا غير وهو من يسمى الاعور الدجال او المسيح الدجال اما الدليل على هذا الكلام فهو ما اورده السيد الحسني نفسه في كتابه في الصفحة (204) حيث اورد : ( عن دعاء الامام الصادق (ع) : ( اللهم اني اعوذ بك من قتنة المحيا والممات وعذاب القبر ، ومن فتنة الدجال ).
قال رسول الله (ص) : ( اعلموا انكم ستقاتلون بعدي بني الاصفر ويقاتلهم من بعدكم من المؤمنين ..... ثم يصرخ صارخ يا اهل الاسلام قد خرج المسيح الدجال ... ) انتهى ما اورده السيد الحسني .
والحقيقة ان في هذين الحديثين ما يدل بصورة واضحة على ان المسيح الدجال هو نفسه يدعي انه المسيح وانه المهدي ، فلو كان المسيح الدجال يظهر فقط بين المسيحيين كما يقول السيد الحسني فما معنى ان الامام الصادق يتعوذ منه والصادق (ع) امام من ائمة المسلمين فما شانه والمسيحيين لو كان الامر كما يدعي السيد الحسني ثم ما معنى ان رسول الله (ص) يخاطب المسلمين كما في الحديث الثاني ويخبرهم انهم يقاتلون المسلمين وان قوم يأتون من بعدهم يقاتلون بني الاصفر وفي هذه الاثناء يصرخ صارخ يا اهل الاسلام قد خرج المسيح الدجال فما شأن المسلمين بالمسيح الدجال لو كان الامر كما قال السيد الحسني ولكن الحق ان المسيح الدجال شخص واحد يدعي هو المسيح المنتظر وهو نفسه المهدي المنتظر . ثم ان كلام السيد الحسني الذي ذكرناه اعلاه : ( ان دعوى المسيحية لا تجدي الا بالاحتجاج على المسيحيين من بني الاصفر وكذلك اليهود ، اما على المسلمين فلا تأثير لها لأنهم يرتبطون مع الرسول الاعظم (ص) وبولده قائم آل محمد (صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابائه ) ) . ليس صحيحاً بل انه مخالف لما عليه عقيدتنا فالاسلام لا يفرق بين احد من الرسل قال تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285 ، كما ان امر عيسى (ع) على وجه التحديد والخصوص له علاقة وارتباط بالمسلمين وبالامام المهدي (ع) ونحن في الواقع ننتظر المسيح (ع) كما اننا ننتظر الامام (ع) فكيف ان هذا لا يجدي مع المسلمين ؟ ! ، وقد اورد السيد الحسني في كتابه في الصفحة (50) : ( 7- قال (ص) : ( .... يخرج في آخر الزمان قوم كان هذا منهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم .... لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال ....) ) انتهى ما اورد السيد .
وهذا الحديث يناقض كلام السيد الحسني من ان المسيح الدجال لا يجدي مع المسلمين فهذا الحديث يؤكد ويدل بصورة واضحة ان المسلمين وهم الموصوفون بأنهم يقرأون القرآن يخرجون مع المسيح الدجال ولا ادري كيف فات السيد الحسني ذلك وقد سطر هذا الحديث في كتابه ؟.
والحقيقة فأن هناك الكثير من الاشكالات والمؤاخذات نركتها مراعاة للإختصار ولعلنا نتوفق في المستقبل لذكرها والله ولي التوفيق .




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العدد الثالث عشر

العدد الثالث والثلاثون

العدد الحادي والخمسون