العدد السادس والاربعون

منار القران
الحسد في مفهومه العلمي
ذكر المولى عز وجل الحسد في الايات التالية :-
1- قال تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }البقرة109. 
2- قال تعالى : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً }النساء54. 
3- قال تعالى :{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً }الفتح15.
4- وقوله تعالى :{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }الفلق5.
ركز العلماء والباحثين في طروحاتهم وبحوثهم في هذا المجال على تعريف الحسد وأسبابه ومؤثراته غير ملتفتين الى الحقيقة العلمية التي يقوم عليها الحسد ، لذا سوف نقوم بعونه تعالى بتوضيح الابعاد المهمة لهذه الحقيقة العلمية التي تبين عملية الحسد اضافة الى الاسباب والمؤثرات العلمية المتأتية من ذلك ، مع تبيان امور مهمة اخرى ذات علاقة لصيقة بهذا المرض القاتل .
الحسد أصل الكفر
كان الحسد ولازال من اخطر الامراض التي تفتك بالمجتمع المسلم وتؤدي الى تناحره وشرذمه بل حتى الى الكفر والضلالة ، وهو مذموم في كافة الشرائع السماوية ، وقد وردت الكثير من الاحاديث الشريفة عن الرسول الاكرم واهل بيته الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) التي تنهي عن الحسد وتبين آثاره ، فقد ورد عن رسول الله (ص) انه قال :(لا تتحاسدوا فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب اليابس) مستدرك الوسائل ج12ص16. وقد وردت عدة روايات عن ائمة الهدى (ع) تبين ان الحسد نصف الشرك وآفة من آفات الدين وثلث الكفر بل هو اصل الكفر ، فعن السكوني عن ابي عبد الله(ع) انه قال :(يقول ابليس لجنوده ألقوا بينهم الحسد والبغي فانهما يعدلان عند الله الشرك) الكافي ج2ص327. وعن ابي عبد الله (ع) قال :( اصول الكفر ثلاثة الحرص والاستكبار والحسد ) وسائل الشيعة ج15ص365، وقد ورد عن جابر عن ابي جعفر (ع) انه قال :(آفة الدين الحسد والعجب والفخر) وسائل الشيعة ج15ص89، وغيرها من الروايات التي تركاها تحاشياً للافراط . 
الحاسد والمحسود
كان الحسد ولاستكبار معصية ابليس التي أدت الى عصيانه وتكبره وعدم اطاعته وتلبية أمر السجود ، فأبليس أول من حسد آدم (ع) ، وكذلك الحسد كان معصية ابن آدم فحسد قابيل اخاه هابيل فقتله ، فقد ورد عن علي بن الحسين (ع) انه قال :(...الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله) الكافي ج2ص130.
ان الضرر الذي يقع على الحاسد هو اعظم بكثير من الضرر الذي يقع على المحسود ، فالحسد يوهن القلب ويُمرض الجسم ، والحاسد ميزانه خفيف أبداً بثقل ميزان الحاسد ، والحسد اصله من الجحود بفضل الله تعالى ، فلما حسد ابليس آدم (ع) أضر بنفسه قبل ان يضر بآدم ، وكذلك قابيل عندما حسد هابيل فأنه اضر بنفسه قبل ان يضر بهابيل . فقد ورد في مستدرك الوسائل ج12ص17 عن الامام الصادق(ع) انه قال:(الحسد لايجلب الا مضّرة وغيضاً يوهن قلبك ويُمرض جسمك وشر ما استشعر قلب المرء الحسد) وجاء عن الامام الصادق (ع) قوله :(الحاسد يضر بنفسه قبل ان يضر بالمحسود كأبليس أورث بحسده لنفسه اللعنة ولآدم (ع) الاجتباء والهدى والرفع الى محل حقائق العهد والاصطفاء فكن محسوداً ولاتكن حاسداً فان ميزان الحاسد أبداً خفيف بثقل ميزان المحسود والرزق مقسوم فماذا ينفع الحسد الحاسد وماذا يضر المحسود الحسد ، والحسد اصله من عمى القلب والجحود بفضل الله تعالى وهما جناحان للكفر وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الابد وهلك مهلكاً لاينجو منه ابداً ولاتوبة لحاسد لايتغير عن الاصل وان عُولج) مستدرك الوسائل ج12ص18. ويتبين لنا ايضاً من هذه الرواية الشريفة للامام الصادق(ع) بأنه لاتوبة للحاسد المصر على الحسد المعتقد به لانه مطبوع فيه ، والطبع لايتغير مهما عُولج ، ويتجلى جحود الحاسد على الله تعالى في قول الشاعر: 
أيا حاسداً لي على نعمتي
                 أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه
                   لانك لم ترضى لي ما وهب
فأخزاك ربي بأن زادني
                     وسد عليك وجوه الطلب
وهذا ليس معناه ان الحسد لايؤثر نهائياً في المحسود بل انه يؤثر بالحاسد تارة وبالمحسود تارة اخرى ، ومن ذلك يمكننا تقسيم الحسد .
اقسام الحسد
ينقسم الحسد في أصله الى قسمين رئيسيين :-
القسم الاول (الحسد الداخلي) والقسم الثاني (الحسد الخارجي)
الحسد الداخلي تكون مؤثراته داخلية اكثر مماهي خارجية وبالتالي يكون الضرر المتأتي من هذا الحسد يؤدي الى ترك أثره البالغ في نفس الحاسد ، فمثلاً أخوة نبي الله يوسف(ع) قد حسدوا أخوهم لكنهم لم يؤثروا عليه مثلما أثروا على انفسهم ، فكان التأثير داخلياً فنفوسهم قد فسدت وتأثرت. ان شعور الحاسد بالنقص والتجرد من جميع الامور التي يتمتع بها المحسود مما يسبب الى تفضيله عليه وعلى غيره من جميع الجوانب ، فان ذلك يجعل الحاسد . واما القسم الثاني من الحسد وهو (الحسد الخارجي) ويكون تأثيره مباشراً على المحسود فيوقع به الضرر الكبير نتيجة لذلك ، وهذا القسم من الحسد نراه شاخصاً في حياتنا اليومية بكثرة وهو معروف عند الناس . ومن الممكن ان يجتمع هذان القسمان معاً في بعض الاحيان ، فمثلاً قصة قابيل وهابيل قد وقع الحسد في نفس قابيل فأفسدها بسبب تفضيل هابيل عليه واجتبائه من الله عز وجل لخلافة أبيه آدم(ع) ، وذلك هو الحسد الداخلي ، وبعد ان فسدت نفسه ولم يصدق ابيه آدم (ع) بأن هذا الامر هو من الله تعالى ، فكان تقديم القربان الذي تم بأمر الله تعالى لادم كي تتم الحجة ، وعندها تقبل الله عز وجل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل غضب قابيل وثارت ثائرته ودفعه الحسد الى قتل أخيه ، وذلك هو اقصى حالات الحسد ، فوقع الحسد الخارجي بقتل قابيل لأخاه حسداً منه إليه .
كيف تتم عمليه الحسد علمياً ؟
تتم عملية الحسد من خلال تجميع الانسان لكل طاقته ومن ثم توجيهها ضد الخصم ، وتعتمد هذه العملية على قوة الطاقة الروحية . فالحسد حزمة ضوئية أو أشعة تخرج من العين بعد اتمام عملية التجميع لهذه الاشعة وتحديد الهدف في جسم الخصم وضبط المسارات ، ثم تسديد الرمية بتوجيه هذه الاشعة نحو الخصم ، وبذلك تتم عملية الحسد ، ولايمكن إطلاق هذه الاشعة إلا عبر العدسة التي تجمعها من جانب وتقذفها من الجانب الاخر وهي العين اللامة ، لذلك فان رسول الله (ص) كان يرقي الحسن والحسين (ع) بقوله : أعيذكما من شر السامة والهامة ومن شر كل عين لامه ، فقد ورد عن امير المؤمنين (ع) قوله : ( رقّى النبي(ص) حسناً وحسيناً فقال اعيذكما بكلمات الله التامات واسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة ومن شر كل عين لامة ومن شر حاسد إذا حسد ثم التفت النبي(ص) إلينا فقال: هكذا كان يعوذ ابراهيم اسماعيل واسحاق (ع)) الكافي ج2ص569. والغريب ان احد العلماء ذكر بان قوله (ص) عين لامة هي لاجل السجع!! ، اذن فالحاسد لديه العدسة اللامة في عينه والتي يقوم فيها بتخزين تلك الطاقة التي قام بتجميعها من كافة انحاء جسمه ابتداءاً وبالتالي قذفها باتجاه الهدف المطلوب اصابته ، ولذلك تجد في بعض الحالات شبه العين مرسومة في جسم المحسود ، ويقوم الحاسد بتحديد مسارات الارسال ليتسنى له تحديد الهدف ثم قذف الاشعة ضد الخصم ، وهذه الاشعة كما ذكرنا هي مستقاة من طاقة الروح . وتشترك جميع اعضاء جسم الحاسد في تنفيذ عملية الحسد التي يمكننا تحديدها بالمراحل التالية :- 
1- مرحلة جمع المعلومات عن المحسود وخزنها في الدماغ عن طريق رؤية الهدف .
2- بعد ان يتم اتخاذ القرار يقوم الدماغ بتحفيز كافة اعضاء الجسم لفرز الطاقة ، فيقوم الدماغ بجمعها وارسالها الى العدسة اللامة (العين) وهذه هي المرحلة الثانية .
3- المرحلة الثالثة يقوم الدماغ بتحديد المسارات وضبط الهدف .
4- المرحلة الرابعة وهي مرحلة الترقب والاستعداد لقنص الهدف فعند رؤية الهدف يقوم الدماغ بالايعاز السريع الى العين ، فتكون عملية الاطلاق نحو الهدف . (لاحظ الاشكال المبينة)
 ومن الممكن ان تتم عملية الحسد دون رؤية الهدف ، وايضاً يكون مؤثراً ، ولكن يحتاج من الحاسد تحميل قوات طاقة كاملة في أنحاء الجسم ، فيقوم الدماغ بتجهيز المعلومات عن طريق الوصف ، فيكون نظام عمله كعمل الرادار ، ودلالة على ذلك مايقوم به الانسان من تنبؤات وتوقعات مستقبلية بعد قراءة الماضي والحاضر ، فيقوم الدماغ بتشغيل عاملي التنصت والاستقبال ، فيقوم الحاسد بتحديد المسارات كجهاز الكمبيوتر من خلال التصور الذهني ، فيحضر ماحصل عليه من معلومات في الشاشة الذهنية للدماغ ثم يستحضر الشيء الموصوف له ، ثم يسدد رميته عن طريق (رادار الدماغ) ولا حاجة لرؤية الهدف بشكل مباشر ، وهذه العملية مؤثرة شأنها شأن العملية التي تتم عن طريق الرؤية ، ولكنها في ذات الوقت تتسبب في إجهاد الحاسد أكثر من حسد الرؤية ، فحسد الوصف كما ذكرنا يحتاج الى عملية استنفار وتحميل لطاقات كامنة حتى يكون بأستطاعة الحاسد أن يقذف اشعة الحسد نحو الهدف الموصوف وهذا موجود في التكنلوجيا الحديثة ، فكثير من الاسلحة الليزرية تقوم بقذف أشعتها عن بُعد بدون تحقق عملية الرؤية المباشرة ، ولكن يتم استقاء هذه المعلومات عن طريق مجسات الاستقبال والتنصت ، وكذلك يكون التحكم بها عبر الرادار عن بُعد .
وثبت عند انتهاء عملية الحسد فأن الانسان الحاسد يتعب كثيراً ، وهذا دلالة على خروج الطاقة من الجسم فأستخراج الطاقة او الاشعة يؤدي الى التعب بل ان استمرارية الحسد تؤدي بالحاسد الى الوهن والمرض ، فقد ورد عن الامام الصادق (ع) انه قال :(صحة الحسد من قلة الحسد) وسائل الشيعة 15-367 وعن امير المؤمنين(ع) قوله :(لله در الحسد ما اعدله بدأ بصاحبه فقتله) ، وبامكانك اخي القارئ مراجعة الروايات التي ذكرناها آنفاً والتي تبين الضرر الكبير على الحاسد . ومن الامور التي تؤثر في الحاسد هي تعرضه للمفاجأة ، فأن المفاجأة تجعل طاقته تتشتت بعد ان قام بتجميعها وتهيئتها استعداداً لتسديد الرمية ، فلا يستطيع في حينها ان يحسد لأنه يحتاج الى وقت آخر كي يستطيع القيام بتجميع طاقته مرة اخرى ويستخدم (سن الذئب) للوقاية من الحسد . لكن لماذا سن الذئب بالتحديد ؟ الجواب : لان الحسد صفة حيوانية أكثر من ان تكون نباتية ، فالحيوانات تتحاسد فيما بينها بينما النباتات لاتتحاسد فيما بينها هذا من جانب ، ومن جانب آخر فأن اللحوم حاوية على نسبة عالية من الحديد ، ونترات الحديد لها مدخلية مباشرة بشق الحجاب وقوة البصر . قال تعالى {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }ق22. فعندما تتجمع نترات الحديد عن طريق اللحوم فتستقر (نترات الحديد) في القلب ، وعندها يقوم بإفراز طاقة عالية ورؤية قوية ، والذئب لايأكل الا اللحم ، لذلك فسن الذئب يمنع الحسد .
ومن المعروف ان اللون الاخضر او السمائي يستخدم لصد الحسد فيستخدم في الخواتيم والقلائد ، وقد ثبت علمياً ان هذين اللونين لهما القابلية على تشتيت البصر وتفريق الاشعة الصادرة من الحاسد ، وقد ورد عن ائمة الهدى (ع) ان الاية القرآنية التالية تستخدم ضد الحسد ، وليس علاج له . قال تعالى :{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }البقرة164.
فهي الاية الوحيدة في القرآن التي ذُكرت فيها السماء مرتين ، وقول ائمة الهدى (ع) انها وقاية ضد الحسد لأن فيها شيء روحي من السماء . وتستخدم حذوة الحصان لمنع الحسد ، لكونها تحتوي على مجال مغناطيسي قادر على تفريق الطاقة المتولدة من عين الحاسد ، وكذلك الامر مع (السبع عيون) التي يستخدمها الناس فهي قادرة على تشتيت هذه الاشعة وتفريقها الى سبعة إتجاهات وبالتالي عدم حصول الحسد . ويكون الحسد في حالة نقص الشيء او فقدانه أو عدم وجوده أصلاً ، فمثلاً الذي ليس عنده ولد ويرى غيره عنده أولاد فأنه يحسده ، أي نتيجة الشعور بالنقص وفقدان الشيء فأنه يستجمع كل قواه حول هذا الشيء فيحسده لأنه طالب هذا الشيء بقوة ، وذلك يولّد الحسد .
بما أن الحسد يعتمد على الطاقة الروحية للمرء كما قدمنا ، فأن الحسد يشتهر بين العلماء اكثر من غيرهم لانهم يمتلكون تلك الطاقة ، ولقد دلت الاحاديث الشريفة على اشتهار الحسد فيما بينهم ، ذلك الحسد المتأني من الغيره والتغاير على الحضوة والمناصب ، فقد ورد في الحديث عن ابن عباس قوله :(خذو العلم حيث وجدتموه ولاتقبلوا أقوال الفقهاء بعضهم في بعض ، فانهم يتغايرون كما تتغاير التيوس في الزريبة) منية المريد ص323. وقد قال رسول الله(ص):(ستة يدخلون النار قبل الحساب بستة . قيل يارسول الله من هم ؟ قال : الامراء بالجور والعرب بالعصبية والدهاقين بالكبر والتجار بالخيانة واهل الرستاق بالجهالة والعلماء بالحسد)منية المريد ص324. 
ويكثر الحسد عند النساء ايضاً لأنهن يمتلكن طاقة روحية عاطفية قوية ، فعن جابر عن ابي جعفر (ع) انه قال:(غيرة النساء الحسد والحسد هو أصل الكفر إن النساء إذا اذا غرن غضبن واذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن) الكافي ج4ص89. وكما ذكرنا ان الذي يشعر بالنقص في جانب من الجوانب تتكون لديه طاقة روحية عالية نتيجة لذلك .
والجدير بالذكر ان ائمة الهدى (ع) قد اخفوا اسم صاحب هذا الامر وحامل دعوة الامام المهدي(ع) على خُلّص صحابتهم خوفاً من أن يعرفوه (الذين هم من ولد فاطمة عليها السلام) ويقطعونه بضعة بضعة ، هذا العمل يصدر من ولد فاطمة (ع) فكيف بالذين هم ليس من اولادها ! فقد ورد في غيبة النعماني عن ابي خالد الكابلي قال:(لما مضى علي بن الحسين دخلت على محمد بن علي الباقر(ع) فقلت: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي الى ابيك وانسي به ووحشتي من الناس . قال : صدقت يا ابا خالد تريد ماذا ؟ قلت جعلت فداك قد وصف لي ابوك صاحب هذا الامر بصفة لو رأيته في بعض الطرق لأخذت بيده قال فتريد ماذا يا ابا خالد ؟ قال : اريد ان تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال سألتني والله يا ابا خالد عن سؤال مجهد ولقد سألتني عن أمر لو كنت محدثاً به احداً لحدثتك ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة) بحار الانوار ج51ص135.
سنن المهدي من الانبياء
سنته من موسى(ع)
مواجهته لفرعون
ما إن بعث الله تبارك وتعالى نبيه وكليمه موسى بن عمران (عليه السلام) حتى أمره بمواجهة فرعون طاغية زمانه الذي ادعى الربوبية وعلا في الارض وأفسد فيها ، قال تعالى {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى }طه43 ، وفعلاً قام موسى بذلك يرافقه اخيه ووزيره هارون (عليهما السلام) حيث دخلا الى فرعون وهو في مصر وبين حاشيته ودعاه الى عبادة الله عز وجل والتصديق بنبوته وترك ما كان عليه هو وقومه ، قال  تعالى {                                               } ، إلا ان فرعون أبى ذلك واستهزأ بموسى وهارون (عليهما السلام) . وقد يقول قائل كان بإمكان موسى ان يدعو الناس الى الله عز وجل والتصديق بنبوته ولا داعي عندها الى دعوة فرعون وملائه وفتح المجال لهم للتصدي الى تلك الدعوة وبالتالي محاولتهم القضاء عليها وعلى أتباعها.
الا ان هذا الامر غير صحيح ، نعم فبالامكان فعل ذلك الا انه ليس صحيحاً فان من يريد الاصلاح لا بد له اولاً من مواجهة الظالمين والمفسدين والطغاة والمتجبرين والقضاء على الظلم والجور والفساد ، فإن الاصلاح لا يقوم ولا يتم ما دام الفساد موجوداً والمفسدين يعيثون في الارض فساداً يظلمون ويهتكون الخدور ويقتلون الآخرين ، وهذا ما قام به الامام الحسين (عليه السلام) حينما اعلن عن ثورته الاصلاحية فإنه لم يبدأ بالاصلاح الا بعد ان يقضي على الظلم المتمثل بالطاغية يزيد وأتباعه وأشياعه المفسدين ، وقد بين الامام الحسين (عليه السلام) مشروعه وحركته وثورته بقوله (عليه السلام) : ( ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ) . لذا فان رسالة موسى ودعوته ما كانت لتتم لولا القضاء على الظلم والجبروت والطغيان المتمثل بفرعون لعنة الله ، وبذلك نفهم السر في امر المولى تبارك وتعالى لنبيه موسى بدعوة فرعون من اول الامر . ولما كان للإمام المهدي (مكن) سنة من موسى (عليه السلام) ، فلا بد أن يواجه الامام (عليه السلام) وفي بداية قيامه المقدس فرعون زمانه المتمثل بأكبر طاغية في زمان الظهور الشريف لدعوة المهدي المنتظر (عليه السلام) ، فلما كانت المهمة الاولى والأسمى للإمام سلام الله عليه هي ملء الارض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً ، كما بينت الاحاديث والروايات الشريفة الواردة عن النبي واهل بيته الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كان من المنطقي مواجهة دعاة الظلم والجور وطواغيت العصر وخاصة فرعون ذلك الزمان الداعي الرئيسي للظلم والجور لأن في القضاء عليه وعلى دولته وحركته قضاء على الظلم والجور في كل مكان.
زواج المتعة في الميزان
المتعة من المستحبات الثابتة التي صرح بها القرآن ، حيث قال تعالى {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }النساء24 ، تدل هذه الآية الشريفة على حلية الزواج المنقطع وإستحبابه وقد اكد عليها الامام الصادق(ع) كسنة مباركة عندما قال : ( ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ويستحل متعتنا ) الفقيه . وعمل بها وكذلك الائمة المعصومين (ع) والصحابة التابعين لما لها من أهمية كبرى في حماية وحصانة الفرد والمجتمع من الوقوع في حبائل الشيطان ( لعنه الله ) وكذلك سلامة للدين والخُلق الرفيع الذي أوصى به رسول الله (ص) حيث قال : ( انما بعث لأتمم مكارم الاخلاق ).
لهذا أوجد الله سبحانه وتعالى هذه المتعة ولكن بشرطها وشروطها ، حيث ورد عن الامام الصادق (ع) إن المفضل بن عمر سأله عن شرائط المتعة قال يا مفضل : سبعون شرطاً، من خالف منها شرطاً واحداً ظلم نفسه. قال: فقلت: يا سيدي، فأعرض عليك ما علمته منكم فيها ـ إلى أن قال ـ فقل: "يا مفضل".قال: يا مولاي قد أمرتمونا: أن لا نتمتع ببغية، ولا مشهورة بفساد، ولا مجنونة، وأن ندعو المتمتع بها إلى الفاحشة، فإن أجابت فقد حرم الاستمتاع بها، وأن نسأل أفارغة هي أم مشغولة ببعل، أم بحمل، أم بعدة؟ فإن شغلت بواحدة من الثلاث، فلا تحل له، وإن خلت فيقول لها: متعيني نفسك على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، نكاحاً غير سفاح، أجلاً معلوماً بأجرة معلومة، وهي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو شهران أو سنة، أو ما دون ذلك، أو أكثر. والأجرة ما تراضيا عليه، من حلقة خاتم، أو شسع نعل، أو شق تمرة، إلى فوق ذلك من الدراهم، أو عرض ترضى به، فإن وهبت حل له كالصداق الموهوب من النساء المتزوجات، الذين قال الله تعالى فيهن: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }النساء4. ورجع القول إلى تمام الخطبة، ثم يقول لها: على أن لا ترثيني ولا أرثك، وعلى أن الماء لي أضعه منك حيث أشاء، وعليك الاستبراء خمسة وأربعين يوماً، أو محيضاً واحداً ما كان من عدد الأيام. فإذا قالت: نعم، أعدت القول ثانية وعقدت النكاح به، فإن أحببت وأحبت هي الاستزادة في الأجل زدتما. وفيه ما رويناه عنكم من قولكم: "لئن أخرجنا فرجاً من حرام إلى حلال، أحب إلينا من تركه على الحرام" ومن قولكم: "فإذا كانت تعقل قولها، فعليها ما تقول من الإخبار عن نفسها، ولا جناح عليك، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية، لأنه كان للمسلمين غناء في المتعة عن الزنى".  بحار الانوار ج100 ص305. فهذه الرواية الشريفة عن الامام الصادق (ع) تدل بوضوح على بعض الشروط المهمة الواجب توفرها في المرأة عند احياء تلك السنة المباركة وغير ذلك يعتبر مخالف للسنة ويكون في مقام الزنى والشبهات والعياذ بالله ، حيث أكد الامام الصادق (ع) على ان تطبيق هذه الشروط بمصداقية تامة وعدم الاغفال عن اي شرط منها والاحاديث الواردة عن اهل البيت (ع) في هذا الخصوص كثيرة نتركها مراعاة للإختصار ولكن المهم في الحديث هل نحن فعلاً متمسكين بتلك التعاليم التي أوصى بها أهل البيت؟ الا اننا نجد اغلب الشباب لا يعرفون من هذه السنة سوى (لقلقة اللسان ) بصيغة ذلك العقد غير آبهين بالشروط الواجب توفرها في ذلك. فقد روى الحسن بن محبوب ، عن أبان، عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال، (إنه سئل عن المتعة، فقال: إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم، إنهن كن يؤمن يؤمئذ، فاليوم لا يؤمن فاسألوا عنهن)بحار الانوار ج100.
كما اننا نجد ان البعض يدخل الدار على تلك المرأة بطرق غير مشروعة ولا يدخل الدار من بابها وتجد البعض الآخر يذهب بها الى أماكن غير لائقة بذلك الزواج الشريف او تقوم النساء بالكذب على الرجال من ناحية العدة ، او انها فارغة او مشغولة ببعل والخروقات من بهذا المجال كثيرة واغلب المؤمنين يعرفون الكثير عنها المهم هل هذه الافعال يرضى بها رسول الله (ص) واهل بيته الطيبين الطاهرين. 
والأنكى من ذلك تجد بعض العاملين في برانيات العلماء والفقهاء يستخدم الاساليب الملتوية للإيقاع بالنساء الجميلات لغرض اجراء صيغة العقد معهن ناسي او متناسي تلك الشروط المذكورة أشباعاً لرغباته اللا متناهية ولا يكلف نفسه بالسؤال عنها  حيث انه يقنع نفسه بالركون الى القاعدة الفقهية القائلة : (النساء مصدقات على فروجهن) اي بمعنى تشديد على الفروج من هذه الناحية وعندما تأتي أحداهن لطلب المساعدة والعون من هذا البراني أو ذاك يطلب منها تزكية والأتيان بأحد يعرفها ويعرف احوالها وما شابه ذلك في التشديد وتجد البعض من هؤلاء لديه قائمة بأسماء وأرقام هواتف بعض النساء المسجلات لديهم لغرض المتعة بحجة انهن نساء عفيفات بحاجة لسد الاحتياج المادي والمعنوي ولكن لمن تحل هذه المتعة تحل للخليجيين حصراً ولا تصح لغيرهم من العراقيين سبحان الله عما يفعلون.
وهذا لا يعني اننا نقول بحرمة او كراهية المتعة بل اننا مثمنين للفائدة التي أرادها الله عز وجل ورسوله (ص) من هذه السنة  بل قد تكون نحن نعمل بها ولكن نحن نؤكد على تعاليم ووصايا الائمة المعصومين (ع) لكي تكون في مأمن من منزلقات وحبائل الشيطان (عليه لعائن الله ) والحمد لله رب العالمين
برنامج معاً على الهواء
و
القضاء في دولة المهدي(ع)
قد ذكرنا في العدد السابق من الصحيفة اننا سوف نقوم بمناقشة حلقات برنامج معاً على الهواء الذي تعرضه قناة الكوثر الفضائية نسأل الله أن يجزي العاملين عليها خير الجزاء وذلك من اجل تصحيح بعض الاراء الخاطئة التي يقع فيها ضيوف البرنامج وقد قلنا ان عملنا هذا من أجل ان تكون قناة الكوثر منبراً للهداية والصلاح لا منبراً للضلالة والعياذ بالله وقد شاهدنا الحلقة التي بث في يوم الجمعة 21 / 7 / 2006 وكانت بعنوان ( القضاء في دولة الامام المهدي (ع) ) وقد استضاف البرنامج في هذه الحلقة سماحة الشيخ جعفر الهادي والحقيقة فان سماحة الشيخ قد وقع في عدة أخطاء وسوف نحاول التنبيه عليها في هذه السطور لكي يكون الناس على بينة من ذلك ، كما اننا سنقوم بذكر الاراء والاجوبة الصحيحة فقد اتصل بالبرنامج شخصاً من الامارات يدعى ابو أحمد فسأل الشيخ عن معنى ما ورد في الروايات الشريفة من ان الامام المهدي (عليه السلام) يأتي بإسلام جديد وكتاب جديد وامر جديد فأجاب سماحة الشيخ : ( بأنه ليس المقصود من ذلك ان الامام المهدي (عليه السلام) يأتي بدين غير دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بل ان دين المهدي هو عين دين جده رسول الله (صلى الله عليه وآله ) ولكن الصحيح ان الوقت الذي يقوم فيه الامام (ع) يكون فيه ابتعاد عن الدين الحقيقي وان بعض الفرائض تكون ميته).
والحقيقة ان كلام الشيخ هذا صحيحاً الا انه لم يوضح ذلك بشيء من التفصيل حيث يكون الزمن الذي يقوم فيه الامام المهدي (ع) زمن انحراف عن دين محمد (ص) وابتعاد عن تعاليم الدين الحنيف وتعطيل للكثير من الفرائض واماتة للكثير من السنن وظهور الكثير من البدع لذلك فان الامام المهدي(ع) حينما يأتي بدين جده المصطفى (ص) وبتعاليم الاسلام ويحيي الفرائض المعطلة ويميت البدع تراه الناس قد جاء باسلام جديد وكتاب جديد وامر جديد.
- ومن العراق سئل شخص يدعى ابو عباس عن علم التوسم وان الامام (ع) يحكم به ولايسئل البينة ؟
فاجاب سماحة الشيخ قائلاً : يبدو ان الاخ السائل يسئل عن علم النفس وقد استعمله امير المؤمنين(ع) مع المرأتين اللتين ادعت كل واحدة منهما في ولد انه لها فقال امير المؤمنين اأتوني بسيف فاقطعه نصفين واعطى لكل واحدة منهما النصف فصرخت امه الحقيقية وقالت اعطه لها يا امير المؤمنين فحكم (ع) باعطائه لهذه المرأة التي طلبت من الامام (ع) اعطائه للمرأة الاخرى.
ويبدو ان سماحة الشيخ ليس له علم ومعرفة في علم التوسم فالسائل قال نشرت صحيفة القائم(عج) والسيد القحطاني موضوع عن علم التوسم وان الامام (ع) يحكم به ولايحتاج الى بينة والروايات الشريفة في ذلك كثيرة وقد قال تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ }الحجر75. وقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الباقر (ع) :( كأني انظر الى القائم (ع) واصحابه في نجف الكوفة كأن على رؤوسهم الطير فنيت ازوادهم وخلقت ثيابهم متنكبين قسيهم قد اثر السجود بجباههم ، ليوث بالنهار ، ورهبان بالليل كأن قلوبهم زبر الحديد ، يعطى الرجل منهم قوة اربعين رجلاً ويعطيهم صاحبهم التوسم لايقتل احد منهم الا كافراً او منافقاً فقد وصفهم الله بالتوسم في كتابه : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ }) بحار الانوار ج52 ص386. وعن الصادق عليه السلام قال(اذا قام قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام لايحتاج الى بينة ، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ، ويخبر كل قوم بما استبطنوه ، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال الله سبحانه : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ} ) الارشاد ص365.
- ومن العراق ايضاً اتصل شخص يدعى ابو زهراء سئل هل يوجد الان من يحكم ولايظلم ولو بقدر انمله ؟
فاجاب سماحة الشيخ قائلاً :(لايوجد من يحكم بالعدل المطلق الا الامام المهدي ولكن هناك من يحكم بشيء قريب من حكم الامام (ع) وهو الفقيه الاعلم وذلك من خلال استفادته من الاستنباط من القرآن والسنة الشريفة). والحقيقة ان سؤال ابو زهراء كان في غاية الاهمية ، وكان جواب سماحة الشيخ في غاية الخطورة لان جواب الشيخ فيه تأكيد على انه لايوجد من يحكم بالعدل غير الامام عليه السلام وان كان يوجد من يحكم قريباً من ذلك أي ان هذا الاعلم الذي يحكم بشكل تقريبي لايحكم بالعدل المطلق بل انه في بعض احكامه لايصيب العدل أي يحكم بالظلم كما هو واضح من كلام سماحة الشيخ وهذا حتماً غير صحيح وغير موافق لكلام الله عز وجل والسنة الشريفة فليس هناك عدل تقريبي فاما ان يحكم بالعدل او لا فاذا حكم بالعدل فهو حكم  الله عز وجل اما اذا لم يحكم بالعدل ولو في امر واحد او قضية واحدة فانه يكون قد حكم بحكم الشيطان قال تعالى :{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }المائدة47. وقال تعالى :{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة45. وقال تعالى :{ َمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44. وقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي بصير عن ابي جعفر (عليه السلام) انه قال :(الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية).

المقاومة الفكرية
الحرب الاهلية نذير شؤم آخر وسياسة امريكية ، يهودية ، شرقية وعربية لتمزيق اتباع الدين الواحد
والقضاء على وحدتهم الاسلامية وكل من يجري وراء هذه الزوبعة فالله عزوجل والاسلام منه براء
العراق والطوفان العظيم
يبدوا أن الطوفان الذي عصف بقوم نبي الله نوح (ع) والذي جرف الأرض و أزال كل معالم الوجود الأول وأباد الحضارات الأولى بجيدها وسيئها يعاود الكرة مرة أخرى في ذات المكان لكن باختلاف الزمان  فعراق الأمس عينه عراق اليوم, الأرض ذات الأرض ولعل البشر هم ذاتهم بفرق المتسميات لا اكثر وهنا يكمن المحور وتكتمل الحلقة المفقودة, التي بإكمالها لن تجد البشرية طوفانا أخر, وان الغضب الإلهي لا يزال يجر في سعيره أولئك القوم الضالين حتى ينجلي أخر عصر الطواغيت ليحل بدلا عنه عصر الهداية السماوية ليكون بني الأنس والجان وما خلقه الباري تحت نور واحد وان صح التعبير تحت دين واحد ليتم الله نوره وليكون الدين عند الله الإسلام.من هذا نجد المنطلق لندرك أن ما يحصل في الكون اجمع وفي العراق على الأخص هو شيء قد حصل مسبقا لكنه لم يتم بشكله النهائي فما يحدث اليوم هو الحلقة المفقودة التي لابد من إيجادها, فالقتل والخطف وأساليب القرصنة والبدع التي استحدثتها شوارع نيويورك ونمت جذورها في أحضان الغرب العاهر لتُزرع في ارض الطوفان لتكون ثورته من جديد, هي بداية النهاية لسحق عصور الطواغيت الذين تعفنت الأرض بجثامينهم وامتلاءه بغضا  بـتأريخهم المليء بصفحات كتبت بدم الثائرين. فلا يستغرب البعض من ذوي العقول المتوحدة والمتفردة بالآراء المختلفة من أصحاب الماركسية والعولمة الرأسمالية والخارجين عن وحدانية الله والعلم بالغيب الذي لا يعلمه إلا هو لما يحصل من حروب تكاد تطحن البلدان بلا استثناء سواء كانت حروب خارجية أو داخلية أو فتن طائفية تحصد أرواح البسطاء وتخلف الأرامل واليتامى ليسيروا خلف هاوية الانحراف والفقر ليظلمُوا ويبقوا في قعر الحفرة التي كانوا فيها قابعين ليعرف أولئك أصحاب الفكر السالف ذكره أن ما يجري هو أمر لابد من التفكر والاطلاع على حيثياته فهو شيء حتما ولابد لا يأتي من فراغ, فهو قدر الهي محتوم لابد منه لا يفلت من قيامه لا صغير ولا كبير فالكل سيدرك معنى تلك الحروب فهي غيب الهي كتب منذ تكوين الخلق وسيكون موعده عما قريب وان ما يحدث من فواجع أليمة ما هو إلا تمهيد لبداية النهاية. فهل يعقل العاقل يا ترى ويتعظ أم انه ينظر للأمر بمنظار دنيوي سيزول بزوال الأسباب.
وعبر التاريخ، نجد أن الصراعات بين الدول، لم تكن دائماً على المصالح المحسوسة فحسب، ولم تنشأ في استقلال كامل عما تمثله حضارة من قيم فكانت تنطوي أحياناً علي حب البقاء الحضاري متأثرة بشكل أو بآخر بالمستقرات الحضارية لدي الأطراف المختلفة وكانت عوامل حاسمة في التطور الحضاري مهما تغيرت العصور ومهما بلغ بُعد وعمق تقلباتها. وقد تندفع بقوة أحياناً أخري، ولكنها تظل في الحالتين موجودة، داخل الوعي الباطني. وثقافة أي مجتمع، مهما صغرت أو كبرت وتفاوتت في خبراتها وأعرافها وقدراتها علي التعامل مع المستجدات، تقوم بالأثر المتراكم بصياغة نظرة المجتمع إلي الكون والإنسان والمجتمع، وهي تتوسع مع العلم وتضيق مع الجهل، وتنمو بقدر قدرتها علي الاقتباس من الغير والإضافة عليه, فمنذ بداية القرن العشرين، لم تقم الدول الأوروبية بعمل الشيء الكثير لتغيير النسيج الاجتماعي والسياسي والفكري في المنطقة. كان الاهتمام منصباً علي أحداث التغييرات البسيطة لأنها ستؤدي إلي التغيرات المطلوبة. وتعتقد بعض المدارس الأمريكية بضرورة استدراك عما يحصل من الفوضى لهم وللمنطقة كلها، حيث أن تلك السياسات الضيقة أدت إلي استشراء للفساد وتمويل الصراعات الدموية، وتنمية العصبيات القبلية و تشجيع الطائفية، ثم نصل إلي نتيجة مفادها من عدم جدوى التحدث عن المصالح بمعزل عن رؤية مشتركة. فما يُجدي ويرسي العلاقة البناءة هو التحدث عن المصالح والعمل علي تطويرها وفق منظور فكري مشترك .وهكذا يبدو أن السياسة الأمريكية الجديدة تخرق المحرمات القديمة وتطرح من خلالها الأولويات السابقة جانباً، حيث لا أهمية للعلاقات الخاصة بدون التوافق في الأفكار، ولا ضرورة للتحالفات الإستراتيجية مع أنظمة لا تشاركها ثقافات شبيهة. وهي أيضاً تزعم أن الحداثة الفكرية لا تأتي بالتقليد كما أن الحضارة لا تأتي بالاستعارة.لكي تكون قوية الجذور تحتاج إلي تربة صالحة لإيجاد بيئة متماسكة، والذي يعني أن البلاد الإسلامية  بحاجة إلي التنوير الفكري والتقدم الاقتصادي، والذي نتج من هذا الفكر الغربي المتصهين كومة من جثث القتلى ودماء تسيل بين الابن وأبيه بحرب طائفية لا منتهى لها سوى مجيء الطوفان الأخير ليخلص الكون من خطايا أولئك المجهولة أنسابهم.



الصحف العراقية
المرتكز في إشعال الفتيل
حين نستطلع الصحف والمطبوعات بتنوع اختصاصاتها باختلاف الطبقات الفكرية المطلعة عليها للأخذ من نتاجها وربما تكون ازدياد وتوسع الصحف هي نعمة لم نستطع إدراكها قبل الآن لما فرضه النظام الفاشي بحكم الطواغيت الصدامي لكن ما نشهده من حالات اللا التزام بالأخلاقيات الصحفية بسبب الأقلام الضحلة الغير معرفة التي تأخذ النقد الأمريكي الأخضر حبراً يُكتب به الفكر الشاذ السارية عليه روح الرذالة لتكتب اسطر يدون المحتل الانتهاكات والتأريخ المتثاقل بنطف أولاد الرايات الحمر التي نزحت من أزقة الغرب العفن ليدون القلم العراقي الذي عُرف عند الجموع بالأخلاق والخلق, فضياع القلم النزيه الناطق بالحق الجهور ليعم سكوت الصوت المدافع عن حقوق المستضعفين وإظهار وجه العدالة ليستبد الظالمين ويستفحل جبروت الطواغيت, لذلك فأن ما نود التعريج بشأنه لا يمس الإعلاميين الغيارى إنما نستهدف المأجورين المندسين على هذه المهنة الأخلاقية الإنسانية لنوضح حقيقة هؤلاء الذين وضعوا هيبة القلم تحت وطأة قدم المحتل وأذنابه كذلك خدمة لرؤوس الأموال المغتصبة يلحقها القتلة المأجورين المطلقين لنداء الوطنية الكاذبة ليستلوا من مهنة الأخلاق آلة حرب مستحدثة ضد أبناء الوطن الواحد ليبدوا في خاتم الأمر أن سلسلة طائفة الإرهاب المذهبي لن تقف مع رجالات الإرهاب المتسيس للأصولية العالمية لإنهاك القوى الإسلامية وتشتيتها مستخدمين أولئك بائعي الضمير ليكونوا من يسكب الزيت ليشعل فتيل هذه الحرب الأهلية ليؤجج نارها لتسعر كل بيت بلا استثناء, فيندى الجبين لحال الأعلام لوضع لا يرجى صلاحه وهبوطه إلى مستوى ثقافي ضحل إضافة إلى الفساد متخذاً من صفحاته حطباً يصعد فيه الموقف حسب الولائات المذهبية والقومية ليحقق مردوداً مادي أو غاية سياسية منشودة أو مآرب أخرى غير آبهين من الضحية وعوضاً من تلون يد الصحفي بطيف الحبر ولتتشرف الكلمات بعطره لما خطه من ثقافة وخلق قويم, يرى يده ملطخة بدم الأبرياء أبناء الحرائر لتصافح يداه الاحتلال وليقود بنات الرايات الحمر إليهم متناسيا من يكون, فألاهم هو أدراك الوريقات الخضر يملئ بها بطنه الحبلى بمال سحت آخر.ويا حبذا أن يطلع القراء بشكل صحيح على تلك الصحف التابعة ليدرك أين تكمن الحقيقة وأين الحل في صلاح أمر الدين والوطن. وما علينا إلا الحذر مما تدسه من أفكار مسمومة لا تنفع إلا من كُتبت لأجله ولا نريد بيان أسمائها فهي على الأغلب معروفة بالنسبة للمثقف بوجه عام لكن لابد التنويه لأصحاب الفطرة الحسنة لعدم السير وراء تلك الصحف الطائفية ذات الأفكار اليهودية المحسوبة على الاسلام.
يقولون...!!
- تحديد موعد زمني لخروج قوات الاحتلال بمدة أقصاها موت آخر مسلم في العراق وزوال العذارى فيه حينها سيتم الانسحاب !.
- سياسة محاربة العراقيين وليس الإرهابيين بواسطة ( قطع التيار الكهربائي, رفع أسعار المحروقات أسوة بالغرب والبيع بالملي لتر لتسديد سرقات الميزانية العامة, فقدان الأمن وكثرة الأعتقالات).
- سوف تمنع المركبات الخاصة من السير بضمنها الأجرة والحمل وغيرها باستثناء مركبات الجيش والشرطة وكذلك الأرتال المحتلة والميليشيات كذلك كل مركبة لا تحمل أرقام تسجيل مع السماح للمركبات المفخخة والإرهابية التجوال متى تشاء!.
- يمنع حمل هويات التعريف المخولة من الجهات الرسمية وحمل ( هوية الأحوال المدنية بشرط اللقب) والسبب معروف !.
- قريبا جدا ستصدر تأشيرات دخول وخروج ما بين محافظات ومدن العراق وفق تصريح سابق ( فيزا) حسب قانون الفيدرالية والتقسيم الأمريكي!.
- أخيرا نأخذ قول سيد الخلق أجمعين (ص) :{ أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر....}.
من سيكون بعد العراق و لبنان!!
بعد احتلال العراق أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أريل شارون عن تطبيق الخطة المعدة والمسماة بخارطة الطريق ليصرح رسمياً بتصريح لأول مرة من نوعه عن رغبة حكومته بتوقيع اتفاقية مشتركة مع الحكومة الفلسطينية تتضمن إنهاء الصراعات القائمة بين الطرفين وإعطاء فلسطين بعض الأراضي المغصوبة منها والاعتراف رسمياً بحقوقها كدولة مستقلة لها الحق في ممارسة حرياتها بما ترتئيه وفق حدودها المقررة بها وضمان عدم الاعتداء عليها من جانب الحكومة الإسرائيلية بغية التوجه نحو تطبيق خارطة الطريق.
عندها كان الكل يتساءل عن جوهر هذه الخطة وما المقصود فعلاً بخارطة الطريق خصوصاً أن إعلان تطبيقها جاء  بتوقيت دقيق يثير المخاوف والشكوك وهو بعد دخول القوات الأمريكية العراق وإعلان سيطرتها عليه , فكان التوقع أن المقصود بخارطة الطريق هو الطريق إلى العراق, وفعلاً بعد اشهر اتضح تواجد الموساد الإسرائيلي في العراق ليكون المشرف على إدارة القوات الأمريكية والقوات الأخرى باطناً فثبت عندها أن  خارطة الطريق  إلى العراق وتم أعدادها ودراستها بشكل جيد ونفذت بالشكل المطلوب حتى جنيت ثمارها.
حيث أن الدول الإسلامية والعربية  وكما هو المعتاد ولا تزال تعيش اللامبالاة بحيث أن كل دولة إسلامية باتت تهتم بشؤونها الخاصة ولا علاقة لها بما يجري على غيرها من الدول  متناسية أن الهدف هو ضرب الإسلام وتدمير قواه وبالخصوص الدول العربية وان الحكومات التي تتسابق في العمالة وتقديم العون لإسرائيل ومنها السيطرة على هذا البلد وذلك وهذا من العار على حكام العرب أن تضرب دولة من الدول المجاورة ثم يقفون موقف المتفرج بل الأمرَ من ذلك لأجل إرضاء المحتل خوفاً على عروشهم , وبهذا تمكن اليهود من إيقاع الدول دولة بعد أخرى فمرة فلسطين ومرة العراق  واليوم لبنان التي باتت تطحن بحرب لا قرار لها حتى لا تكاد يسلم منها شيء ولا من مجيب , كل هذا بسبب جبن الحكام أولا وسوء تصرفهم ثانياً وان من التفاهة  أن تقوم حرب يذهب ضحيتها المئات من المواطنين الأبرياء وتدمر البنية التحتية لبلد ضعيف مثل لبنان مقابل الحصول على  بعض المعلومات التي لا تغير شيئاً ملحوظاً من الطرف الأخر من جنديين اثنين كان الثمن أن يدمر بلد بكامله وتقتل الأبرياء منه فضلاً عن أن هذه الحرب سوف لن تنتهي إلى هذا الحد بل ستنتهي باجتياح جنوب لبنان وإشعال الحرب الأهلية من جديد التي ما برحت أن توقفت بأعجوبة .
غير أن الجميع يتمنى أن تنتهي الحرب وفق هذا الحد فيكون الرابح الوحيد هو لبنان إلا أن الملاحظ من الحكومة الإسرائيلية أنها عازمة على المضي نحو تحقيق أملها في القضاء على حزب الله الذي يمثل العقبة الكبرى في طريق سياستها ومن المتوقع أن الذي تعمل عليه إسرائيل ألان هو أثارت الحرب من جانب المسيحيين والأطراف الأخرى ضد الحزب باعتباره هو من تسبب في هذه الحرب غير المهيأ لها وإذا لم يحصل ذلك أجبرت إسرائيل على اجتياح جنوب لبنان وقضاءها على حزب الله بنفسها باعتبار أن هذه الفرصة نادرة جداً ولا يمكن أن تتهيأ مثلها مستقبلاً .
أيمان على هدى وأيمان على ضلالة
كل إنسان على وجه الأرض له مبدأ يؤمن به , ومهما كان هذا المبدأ فهو لا يتعدى هذين النوعين من الأيمان , إلا انه أحيانا تنحرف طائفة من النوع الأول لتدخل في تكوين النوع الثاني, وأحيانا أخرى تدخل الثانية في تكوين النوع الأول, الذي يتمثل بالأيمان الحقيقي بالمبادئ السامية التي تخضع للشرائع السماوية, وتسير ضمن حدودها وان حامل هذا النوع من الأيمان لا يصل إلى مبتغيه ما لم يفضل الشهادة على الحياة عندما يكون الخيار هكذا وعندها لا يكون الاستشهاد نهاية للمبدأ بل يصبح وسيلة للاستمرار والديمومة أو الانتظار إذا ما كان الشهيد قائد ولم يأتي بعده من يحل محله ويكون امتدادا لفكره ومبادئه ومبلوراً لها, عندها لا يمتلك الذين من بعده إلا تمجيده !! وبدل الانتظار والقيام بالعمل باسمه خلافا لفكره والمؤسف عدم استقبال أي فكر يطرح بعده حتى لو كان امتدادا له أو ارجح منه بل محاربته بشتى الوسائل وهذا غالبا ما يحصل غالباً بعد وفاة أصحاب الدعوات الحق كما حصل بعد وفاة رسول الله (ص) فجاء متجسدا بقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144,ويستمر العمل بالروتين المألوف ويترك كل ما هو متجدد ومواكب للعصر, مما يؤدي إلى الاضمحلال والضياع وليس هذا ذنب القائد لان القائد الحقيقي لا يعلق الناس بشخصه , لان شخصه فانٍ كبقية الناس فيدعوا إلى التعلق بالمبدأ والعقيدة وهذا بالتأكيد لا يفوت أي قائد محنك يدعوا إلى الله عز وجل وإلا تصبح شهادته أنانية ولا يصح أن يقال عنها شهادة إذا ما ضاع اتباعه بسببه من بعده وإذا ما استمر الحال على هذا التراجع فسوف تكون النتيجة الانحراف, بعد تحول الهدى إلى ضلالة ومن ثم الأيمان يكون على ضلالة ليتكون هذا النوع من طائفتين , الأولى أصلا على ضلالة ويسيرون ضمن مبادئ مخالفة لقوانين السماء ومنحدرة نحو منزلقات الشيطان والعياذ بالله, وغالبا ما تكون هذه الطائفة هي المتسلطة على رقاب الناس سواء من خلال كراسي الحكم أو من خلال الأحزاب والاتجاهات المختلفة التي لا ترى إلا مصالحها وعلى حساب حقوق المستضعفين, أما الطائفة الثانية فتنحدر من ( الأيمان على هدى) بعد تأسير فكرها واضمحلالها وتبعيتها بصورة عمياء لمن سبقها بالانتماء إلى هذا المنحدر ويكون أصحاب هذا النوع تابعين للطائفة الأولى ويقبلون على أنفسهم أن يكونوا تابعين لهم, غالبا ما يتكاتفون لقمع أي حركة دينية حقيقية بحجة عدم التوافق مع ما هو مألوف عندهم, متناسين أن هذا المألوف هو غير متوافق مع الأديان السماوية الحقة, أن هذا النوع من ( الأيمان على ضلالة ) بفئتيه يعملون للشيطان وتكون الثانية اكثر توهما بأنها تعمل لله, وهؤلاء اشد خطراً واكثر وبالاً على الشعوب . ومن هذا النوع أحيانا تتحرر طائفة بما هي عليه من الانحدار والتخلف لترتقي إلى الأفضل فيتحول أيمانهم بهدى بعد أن كان بضلال ويحدد هذا الأمر عوامل عدة يبرز من بينها رعاية البارئ عز وجل بحكم النطفة التي خلقوا منها ولا بد من الإشارة هنا ونحن على أعتاب أبواب الظهور المقدس للمهدي المنتظر( مكن) إلى قول سيد البلغاء والمتكلمين (ع) { لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه} ففيه التحذير من السير إلى الكثرة الباطلة على حساب القلة المؤمنة فكل دعوات الأنبياء (عليهم السلام) كانت تحتضنها قلة نادرة ومن الناس البسطاء, رغم استهزاء الناس بهم ومحاربتهم ويؤكد ذلك قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ }المؤمنون70,حيث أن الكثرة غالباً ما يجمعها الشيطان ويقودهم ويكّره لهم الحق وأصحابه  ولو كان الأمر بالكثرة والموالاة الظاهرة لظهر الأمام وقام منذ زمن بعيد
واحة المرأة
الحجاب في القرآن
قال تعالى في كتابه العزيز في سورة الاحزاب الاية (59): {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}.
تعريف الحجاب : وهو الستر الشرعي الذي يعبر عنه بالحجاب ليس كما يروج له اعداء الاسلام من انه ظلم وعدوان على حقوق المرأة ، فهم انما يثيرون ذلك ليجعلوا من الشارع مسرحاً دائماً لأستعراض المفاتن . والا فإن الستر الشرعي يطالب به الدين الاسلامي الحنيف وبإعتراف حتى بعض اللواتي لم يجربنه وهو عامل من عوامل الحفاظ على:
أ- العفاف
ب- الانوثة
ج- الشخصية
ء- قيمتها الانسانية
هـ - الصيانة الذاتية
و- السلامة النفسية والاجتماعية .
وقد جاء في القرآن الكريم وفي عدة مواضع يأمر النساء بالحجاب ومنه في سورة النور الاية (31): {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فالاسلام لم يحرم على المرأة لباساً خاصاً شفافاً او واصفاً لجسدها او أي زي كان لكنه طلب منها ان تستره ولا تبديه الا لمن حددتهم الاية الكريمة وان لا تبدي منه الا ما ظهر منها وان لا تقوم بالحركة التي تلفت انظار الرجال الى زينتها ، والا فهي تعيش شكلاً من اشكال الجاهلية الاولى وان كانت تتسمى بإسم الاسلام {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
الا ان هناك ظاهرة لافتة شاعت في اكثر بلداتنا الاسلامية وهي استقبال الوافد من الازياد بحفاوة بالغة دون تمحيص وتدقيق وتحري عما يخبئه الزي  ، فهناك ازياء عليها كلمات اجنبية بعضها تافه لا معنى له ، وهناك ازياء عليها الصليب او رسمة وبعضها عليه دعاية بضاعة قد تكون ورائها نشرة صهيونية ، وبعضها عليها رسوم المطربين او الممثلين ، وغير ذلك مما هو شائع اليوم في اسواق الازياء مما يعني تاثر الشباب والشابات بشخصية صاحب الصورة ومنهجه في الحياة .
اننا كمسلمين لنا هويتنا وعاداتنا وتقاليدنا والازياء المنسجمة مع ذلك ومع تعاليم ديننا يمكن ان نلخص مقولته في ارتداء الازياء واضافة الزينة بالكلمة التالية : ( ارتدِ ما يناسبك شريط ان يكون متحمشاً ولا يحمل ما يسيء الى دينك وانسانيتك وكما قال تعالى في سورة الاحزاب الاية (32): {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} ان اقبال الشبان والشابات على الازياء العصرية ومواكبة التقليدات والصراعات قد يكون اسوأ لا خير فيه مع مراعاة الاعتبارات الشرعية اذ ليس كل زي واخذ يستقبل بحفاوة فلربما يصدره اعدائنا للإساءة الى شخصيتنا واخلاقنا لنعيش لوناً من الوان التحلل من دون ان نشعر خطورة ذلك خاصة وان للألبسة رجالية كانت او نسائية انعكاسات على شسخصية الملابس ، اما رأيت لو انك مثلاً تلبس الملابس الرياضية كيف تخف وتنشط بمزاولة الرياضة وكذلك لو لبست الملابس العسكرية كيف تشعر بروحية العسكرية ، وحتى ذلك على سائر الملابس فلا بد من الحذر من الانسياق مع الموضة في كل ما يقذفه سوقها الينا ومن اتباعها في جميع صيحاتنا : والا فكم هو مؤلم ومسيء للشابة المسلمة ان ترتدي البنطرون امام الناس والذي يسمى بالكلاسك او بصورة عامة التقاليد الغربية ومن هنا نفهم التحذير الشرعي من ارتداء ثياب الشهرة والاختيال ، فثياب الشهرة هي التي تجعل لابسها مشهوراً بواسطتها على طريق ( خالف تعرف ) وفي الحديث : (ان الله يبغض لباس الشهرة).
ولا شك في الباس الجميل وللزينة أثرين:
أولاً : على المعتنين بهندامه وأناقته ، ان نفهم ان الاسراف في الزينة والاناقة ليس شرطاً في الجمال .
ثانياً : فقد تكون البسطاة في الملبس ونظافته وكيفية اختيار اللون المناسب للبشرة هي الجمال الحقيقي كما ان الله سبحانه وتعالى : اذا نعم على عبد نعمة احب ان تظهر عليه كما جاء في سورة الضحى الاية (11): {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ولذا جاء النهي ان يلبس الانسان لباس اهل الذل والمسكنة ، وهو اللباس الرث الخليع البالي الذي ينقص من كرامة المسلم....
عادل قاسم الزبيدي
اتحاد الصحافة الاسلامية
من كانت له أذنان فليسمع
من آيات ألإنجيل ،قال السيد المسيح (ع)
ولما سأله الفريسيون متى يأتي ملكوت الله أجابهم وقال لايأتي ملكوت الله بمراقبة . ولا يقولون هو ذا ههنا أو هو ذا هناك لأن ها ملكوت الله داخلكم.
وقال للتلاميذ ستأتي أيام فيها تشتهون أن تروا يوما من أيام أبن ألإنسان ولاترون .ويقولون لكم هوذا هنا أو هوذا هناك . لاتذهبوا ولا تتبعوا , لأنه كما أن البرق الذي يبرق من ناحية تحت السماء يضيء إلى ناحية تحت السماء ،كذلك يكون أيضا أبن ألإنسان في يومه ولكن ينبغي أولا أن يتألم كثيرا ويرفض من هذا الجيل وكما كان في أيام نوح (ع) كذلك يكون أيضا في أيام أبن ألإنسان . كانوا يأكلون ويشربون ويزوجون ويتزوجون إلى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك وجاء الطوفان وأهلك الجميع ، كذلك أيضا كما كان في أيام لوط كانوا يأكلون ويشربون ويشترون ويبيعون ويغرسون ويبنون . ولكن اليوم الذي فيه  خرج لوط من سدوم امطرنا نارا وكبريتا من السماء فأهلك الجميع ، هكذا يكون في اليوم الذي فيه يظهر أبن ألإنسان . في ذلك اليوم من كان على السطح وأمتعته في البيت فلا ينزل ليأخذها والذي في الحقل كذلك لايرجع إلى الوراء . أذكروا امرأة لوط .
من طلب أن يخلص نفسه يهلكها ومن أهلكها يحيها ، أقول لكم أنه في تلك أليلة يكون اثنان على فراش واحد فيؤخذ الواحد ويترك ألآخر ،تكون اثنتان تطحنان معا فتؤخذ الواحدة وتترك ألأخرى . ويكون . يكون اثنان في الحقل فيؤخذ الواحد ويترك ألآخر ، فأجابوا وقالوا له أين يارب فقال لهم حيث تكون الجنة هناك تجتمع النسور .....(لوقا 18،17).
ألإعلام الحسيني
زين العابدين وسيد الساجدين (ع) أول مؤسسة إعلامية تدافع عن ثورة الحق -ثورة الحسين (ع) وبما أن وسائل ألأعلام رافقت ألإنسان وتطوراته بتطور الحياة وأنها تصاحبه منذ أقدم ألأزمنة وبوسائل متعددة ومتنوعة ، وما يهمنا هنا الثورة الحسينية الخالدة والتي أراد لها أعدائها من بني أمية وغيرهم طمس نورها الساطع من خلال وسائل إعلامهم التي اعتمدت على أشباه الكتاب وأنصاف الرجال ، إثناء قيام ثورة الحسين (ع) وبعدها ولكن آل البيت ألأطهار كان لهم علم مسبق بما سوف يكون وهذا ما قاله ألإمام علي (ع) في وصيته لأبنه الحسن (ع) استدل بما قد كان ألأمور أشباه .... إضافة إلى أن علمهم (ع) هو علم منزل عن طريق الوحي جبريل عليه السلام من الله تعالى إلى نبيه المصطفى (ص) ثم إلى أئمة الهدى .. لذلك كان لابد من مؤسسة إعلام مقتدرة ..شجاعة وبلاغة وحجة دامغة وشخصية ليس يدنى إليها الغبار ، تدافع عن أهداف ثورة الحسين ومظلوميته خاصة بعدما إستشهد جميع أبناء وأخوان الحسين وأصحابه في تلك الثورة العظيمة، ثورة الحق ضد الباطل ثورة الحسين الحق ضد يزيد الباطل ، تمثلت هذه المؤسسة أولا في العقيلة زينب (ع) ومن ثم الأمام زين العابدين وكانت أولى محطات هذه المؤسسة ألإعلامية كانت في بيت عدو الله وعدو الحسين يزيد(لع) ، وهنا لابد من أللشارة أن في الشام كانت ماكثة أعلام بني أمية قد لعبت دورها الكبير في تضليل ألأمة هناك ويضاف إليها الجهل الواسع عند أولئك الناس في معرفة رجالات وأئمة الهدى بعدما سلط عليهم الظل تارة والمال من أجل شراء المواقف تارة أخرى ، ومن هنا وعن علم إلهي كان لابد ومن المحتم أن يعرف الأمام زين العابدين تلك ألأمة بمن هم وأهل بيته من جهة أخرى - آل أمية -وهذا ماحدث في قصر يزيد حينما تكلم زين العابدين في خطبته الذائعة الصيت تأثيرا وبلاغة ومقدرة والتي قلبت الموازين في ذلك الحشد والتي أيضا أجبرت الطاغوت والطاغية على تلبية مطالب الأمام السجاد ، وكان أولها أخذ رؤوس الشهداء وأولها رأس الحسين الشهيد ،من هذا الموقف بدأ ألأعلام الحسيني المبشر والداعي إلى الحق ونشر مفهوم ثورة الحق ثورة الطف ثورة الحق على الباطل ..هذا أول موقف في التصدي إعلاميا للحق ونشره من جهة ومن جهة أخرى دحر الباطل وصحبه ويستمر ألأعلام الحسيني ممثلا بالسجاد (ع) حينما يصل إلى كربلاْْءْ من الشام مع السبايا وفي ذلك اليوم -ألأربعين _يقام عزاء كبير يقوده الأمام السجاد وبنات الرسالة مع جابر بن عبدالله ألأنصاري ، وهذا ماعرف بعد ذلك بزيارة ألأربعين وهنا يعود الفضل ألأول وألأخير إلى تلك المؤسسة ألإعلامية ألأولى السجاد وزينب (ع) وهنا لاينتهي دور تلك المؤسسة في نشر وبث أهداف الحسين والتي هي أهداف ألله تعالى وبعده الرسول (ص) وألأمام علي (ع) وبعدهم أهل البيت حيث تنتقل هذه المؤسسة التي أبقاها ألله تعالى بعد واقعة الطف لتأخذ هذا الدور المبارك حيث نرى هذا في دخول آل الرسول وبعد العودة من كربلاء إلى المدينة المنورة حيث بعث الأمام السجاد أحد الشعراء الذين كانوا معه إلى أن يسبقه في الدخول وأن يرثي الحسين (ع) وقد فعل ذلك الشاعر بقوله المشهور : ياأهل يثرب لامقام لكم ها قتل الحسين فأدمعي مدرار .وهنا وهذا الموقف واستخدام وسائل أخرى في نشر إعلام الحق واستخدام الشعر في تلك المؤسسة و هذا يقودنا إلى أن الأمام يرى في الشعر قوة فاعلة في إشاعة الوعي والتأثير في النفوس خاصة وأن أمتنا أمة عاشقة للشعر وهذا مامهد بعد ذلك إلى أن يكون منهجا في الدعوة ضد الظالمين واستنهاض الهمم في الناس وأحداث الثورات المتوالية ، راجين من ألله أن يوفق جميع شعرائنا لخدمة إمامنا المهدي المنتظر ونصرته بشعرهم...
مائدة المتقين
قال النبي (ص): ليس منا من خان مسلما في أهله وماله. لاتخن من خانك فتكن مثله.
أربع لاتدخل بيتا واحدا منهن إلاّخرب ولم يعمر بالبركة الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا.
إذا أحب الله عبدا إبتلاه ، فإذا صبر اجتباه وإن رضي إصطفاه . أقل الناس راحة البخيل .. النظر إلى البخيل يقسي القلب .. أول مايوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن خلقه .. إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات ألآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة.. مامن شيء أثقل في الميزان من خلق حسن .. الخلق السي ء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل .. تفرغوا من هموم الدنيا ماإستطعتم فأنه من أقبل على ألله تعالى بقلبه جعل الله قلوب العباد منقادة إليه بالود والرحمة وكان ألله إليه بكل خير أسرع .. رب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا .. ..أطوعكم لله الذي يبدأ صاحبه بالسلام ..بسط الوجه زينة الحلم ...
قال ألإمام علي (ع)( في صفة ألله سبحانه ) الذي صدق في ميعاده ،وأرتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط في خلقه .. الذنوب داء والدواء ألاستغفار ،والشفاء أن لاتعود .. من تنزه عن حرمات الله سارع إليه عفو ألله .. ألإنصاف برفع الخلاف ويوجب ألأئتلاف .. ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده ألله إلاّعزا .. المنصف كثير ألاولياء وألأوداء .. عامل سائر الناس بألإنصاف وعامل المؤمنين بألأيثار .. أختر أن تكون مغلوبا وأنت منصف ولاتختر أن تكون غالبا وأنت ظالم..
للمتقي ثلاث علامات : إخلاص العمل ، وقصر ألأمل ، وإغتنام المهل ، فالمتقون فيها هم أهل الفضائل منطقهم الصواب وملبسهم ألاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، وغضوا أبصارهم عما حرم أله عليهم ، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ، نزلت أنفسهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء...عظم الخالق في أنفسهم فصغر مادونه في أعينهم فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون ، قلوبهم محزونة شرورهم مأمونة وأجسادهم مخيفة ، وحاجاتهم خفية وأنفسهم عفيفة .. المؤمن يكره الرفعة ولايحب السمعة .. ما أرى شيئا أضر بقلوب الرجال من خفق النعال وراء ظهورهم ... الحلم تمام العقل ... آفة الحلم الذل .. من غاضك بقبح السفه عليك فغظه بحسن الحلم عنه...قال ألإمام الباقر (ع) :إن العباد إذا ناموا خرجت أرواحهم إلى السماء فما رأت الروح في السماء فهو الحق وما رأت في الهواء فهو ألأضغاث ... وقال (ع) في معنى لاحول ولاقوة إلإّ بالله :معناه لاحول لنا عن معصية ألله إلاّبعون الله ولاقوة لنا عن طاعة ألله إلاّبتوفيق ألله عز وجل... قال ألإمام الصادق (ع) : يجبل المؤمن على كل طبيعة إلاّالخيانة والكذب .. حسن الجوار يزيد في الرزق .. لايصير العبد عبدا خالصا لله عز وجل حتى يصير المدح والذم عنده سواء ... قال (ع) عن الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد  رادا على سؤال لأبي بصير : قال صدقت أما الكاذبة المختلفة فأن الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة الفسقة وإنما هي شيء يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لاخير فيها وأما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة وذلك قبل السحر  فهي صادقة لاتختلف إنشاء ألله... قال ألإمام الجواد(ع):الحلم لباس العالم فلاتعرين منه.. قال ألامام العسكري (ع) : بئس العبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا . إن أعطي حسده إذا إبتلاه خذله
الملائكة تتبرك بالمهدي (عج)
نقل أبن بابويه عن أبي علي الخيزران قال : أهديت للإمام الحسن العسكري خادمة لي
فكانت حاضرة وقت ولادة ألإمام المهدي (ع) أرواحنا فداه ، فقالت لي عن ذلك : حينما ولد ألإمام المهدي (ع) سطع منه نور عظيم وإرتقى إلى عنان السماء ، ورأيت طيورا بيضاء تنزل من السماء
، ففرشت أجنحتها على رأس ألإمام وبدنه ثم حلقت عائدة . قالت :فرويت للإمام العسكري ما رأيت فتبسم لي ألإمام وقال : إنها الطيور كانت ملائكة ألله جاءت لتتبرك في هذا المولود وستكون هذه الملائكة أنصار ولدي المهدي وأعوانه حينما يعود من غيبته ويؤذن له بالظهور.
هل تعلم؟!
- هل تعلم إن القائم إذا قام يهدم الشُرف ويسد النوافذ التي على الطريق وكل ميزاب....
فقد جاء في الكافي ج1 عن الإمام الصادق (ع) في حديث إلى أن قال : ويوسع الطريق الأعظم ويهد كل مسجد على الطريق ويكسر كل ضاح ( أي شرفة ) ويسد كل كوة ( أي نافذة ) إلى الطريق ويهدم كل ضاح و كنيف وميزاب إلى الطريق...)
- هل تعلم إن الدنيا عند القائم كيه من راحته يعرف ظاهرها وباطنها ويعلم برها وفاجرها
فقد جاء في إلزام الناصب ويوم الخلاص ص323 عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب (ع) إنه قال :  السموات والأرض عند الإمام كيده من راحته ن يعرف ظاهرها من باطنها ويعرف برها من فاجرها
- هل تعلم إن الناس في زمن القائم (ع) يعودون إلى الجاهلية فيبطلها القائم كما ابطل رسول الله (ص) أمر الجاهلية .
فقد جا في بحار الأنوار ج52 عن الباقر (ع) إنه قال :........ أبطل رسول الله (ص) ما كان في الجاهلية واستقبل الناس بالعدل وكذلك القائم .
- هل علم إنه إذا فسد العلماء فسد الناس..
فقد جاء في المحجة البيضاء ج1 ص15 وتحف العقول ص42 عن النبي الأعظم (ص) إنه قال : صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس : العلماء والأمراء.
- هل تعلم إن القائم ينتقم من أهل الفتوى
فقد جاء عن الصادق (ع) في إلزام الناصب ص108 في حديث طويل إلى أن قال : إذا خرج لقائم ينتقم من أهل الفتوى بما لا يعلمون فتعساً لهم ولأتباعهم أوَ كان الدين ناقصاً فتمموه ، أم كان به عوج فقوموه أم أهَمّ الناس بالخلاف فاطاعوه ، أم أمرهم بالصواب فعصوه أم توهم المختار فيما أوحي إليه فذكروه أم الدين لم يكتمل على عهده فكملوه أم جاء نبي بعد فاتبعوه.
دراسات
المنة الإلهية والعدالة الكونية
لم يتحقق العدل الإلهي في أي كيان أو دولة أو حتى دويلة منذ أن أرسل الله تعالى آدم ولحد الآن كما لم تسمح الفرصة لممثلي السماء من المباشرة في إطروحاتهم من أجل تهيئة القاعدة لتطبيق العدل الإلهي , وتحقيق العدالة الإلهية قضية مقتصرة على القضية الإلهية الكبرى وممثلها , فكثيرا ما عانت الشعوب والأمم من إضطهاد وتعسف وعنف يوحي بجبن أولئك المستبدين وكان من المستحيل السيطرة على النوازع والميول البشرية إلا بقانون أخلاقي تؤيده قوى سماوية مصلحة تضئ في النفس البشرية ظلماتها وتبعث إشراقة الأمل فيها فجلّ ما يحتاجه البشر هو ملكات أخلاقية تجعله متوازنا فيمنحه ذلك التوازن الآمال والصبر عند المحن وتجعل من الحرمان أداة لتصيير الفرد الإنساني في صياغة إلهية مباركة ليكون بذلك البناء الإلهي وارثا للأرض وتضفي جملة من الصفات على المسرحية الكونية للحياة تعطيها إلهاما حقيقيا وشعارا واقعيا يهب لهذا الإنسان الطمأنينة والأمن والعدل وهذا لا يتحقق إلا في زمن الدولة المهدوية والتي أصبحنا كقاب قوسين أو أدنى منها .
إن تحقيق العدل الإلهي حاجة فطروية يشترك فيها كل بني آدم لأنها مجبولة في الفطرة التي فطرنا الله تعالى عليها لكن تأجج هذه الحاجة يحتاج إلى إزاحة الحجب الظلمانية التي أحاطت بهذه الفطرة نتيجة الكدورات والأدران فلم يبزغ فجر الفطرة الإنسانية إلا بعد التطهر من تلك الكدورات لتشرق أنوار ومعارف الفطرة وتتوهج , فهذا أول قانون لتحقيق العدالة الإلهية في ذواتنا ولكي لا نكون مرتعا لمظالم نفوسنا بإتباع أهوائنا فنجعلها آلهة نعبدها من دون الله تبارك وتعالى (( أرايت من إتخذ إلهه هواه )) فإذا تمت عملية اليقظة من الذنوب والرجوع إلى المعبود في السير نحو الله تعالى ننتقل إلى مظلمة أخرى لنقوضها ونجتث شجرتها التي ذاقتنا طعم الويلات والدمار ألا وهي ظلم الناس ولا يتم هذا المنال إلا بإتباع مكارم الأخلاق التي طالما نادى بها الرسول الأعظم والذي ذاق طعم حلاوتها وتلذذ بها عندما خاطبه الله تعالى (( إنك لعلى خلق عظيم )) وإتصافنا بمكارم الأخلاق على شرط عدم التصنع لأن ذلك نفاق وكيف يحظى بالقرب من نافق لا بد أن تكون لدينا ملكات نلج من خلالها للإدراك والفهم اللذيذ للحقائق الكلية للموجودات , فكل ما نراه قبل هذا ما هو إلا سراب يحسبه الظمآن ماءا لأننا لا نرى حقيقة الوجود وإنما نرى ظاهر الوجود وهذا يدخلنا في دوامة الصراع والإختلاف والفرقة لأننا بهذه الرؤية الظاهرية قد حكمنا على ظواهر الأشياء ولم ندرك حقائقها لذا يجب أن نتأدب بآداب الله تعالى ورسوله الكريم حتى يضحى كل شئ منكشفا لنا بجوهره فنرقى بذلك للإستحقاق في الولوج والدخول في رضا الله تعالى لنستخرج بذلك مكنون ذواتنا حتى تفيض على الوجود فنصبح بذلك جوهرا مشعا نورا وبهاءا ونكون ممن شمله الحديث القدسي (( عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشئ كن فيكون )) بهذا يرثنا الله تعالى أرضه كما ورد في قوله تعالى} وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ} ومن معرفة معنى المنة الإلهية وهو الإحسان الذي تمن على من لا يستثيبه أي من غير إستحقاق كامل لهذا العطاء , فالمنة هنا لم تأتي بإستحقاق عملي تطبيقي لما جاءت به الرسل والأنبياء وإنما كان التطبيق منقوصا فيأتي التعويض الإلهي لسد النقص الحاصل في هذا البناء بالمنة واللطف الإلهي فقوله تعالى ( ونريد أن نمن ..) لم يكن جعليا كما هو الحال عند الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام فهبة الإختيار الإلهي للأنبياء والأولياء هبة جعلية تكوينية فمنحهم العصمة التكوينية الجبرية أما المستضعفين فالإرادة الإلهية أكملت النقص الحاصل بالمنة لذا يرث الله تعالى صحابة القائم لا بإستحقاق للتطبيق العملي لما أمرت به السماء وإنما بالمنة الإلهية التي يتجلى صدق إدعاءنا من خلال الحديث عن أبي عبد الله (ع) قال (( إذا خرج القائم خرج من هذا الأمر من كان يرى أنه من أهله ودخل فيه شبه عبدة الشمس             والقمر ))غيبة النعماني ص332 ح1 باب21 والبحار ج52 ص363 ح137 لو كانت المسألة مسألة إستحقاق لما دخل هؤلاء الذين يصفهم بشبه عبدة الشمس والقمر في خضم السر الإلهي الذي حارت العقول عن مجاراته والتطلع للحقيقة , فدخولهم لهذا الأمر بمنة إلهية وسبب هذه المنة العهد الذي أخذ منهم في عالم الميثاق لنصرة الإمام القائم(ع) فالإختيار والإجتباء من الله تعالى عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) نَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ لَا يَا فُضَيْلُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً أَمَرَ مَلَكاً فَأَخَذَ بِعُنُقِهِ فَأَدْخَلَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ طَائِعاً أَوْ كَارِهاً. الكافي ج : 1 ص : 168
وهنا مرحلة الإختيار تمت فيدخل هذا العبد في صياغة إلهية خاصة يتخللها التواصل مع هذا الأمر لينتقل من الإختيار إلى مرحلة الإصطفاء وهذا طريق طويل شاق من الإعداد والتهيئة للإستعداد لتلقي الفيض الإلهي والعلم اللدني يمر من خلالها بعدة مراحل وهي:
شبه عبدة الشمس والقمر ـ التمييز ـ التمحيص ـ الغربلة ـ الإصطفاء ـ رهبانيون ـ ربانيون ـ إلهيون.
ولكل مرحلة آدابها وقانونها الخاص بها ومن خلال هذه المراحل نستنتج مدى خطورة الصحبة الإلهية ومدى معاناة الصحابة في محاربتهم لنفوسهم من أجل الإنتقال بنفوسهم من النفس اللوامة إلى النفس القدسية القادرة على تلقي الفيض الإلهي والعمل به خدمة للإنسانية , فالمنة الإلهية إذن هنا منقطعة وليست دائمية كما هو الحال عند الرسل والأنبياء حيث يكون الإختيار الإلهي بالجعل أي دائمية لا إنقطاع لها , ويتضح ذلك من الحديث الذي يقول بأن أصحاب القائم يمشون على الماء ومنهم من ينتقل في الهواء ومنهم من تطوى له الأرض وهذا الحال لم يحصل إلا عند بعض الأنبياء ولم يحصل عند الكثير من الأنبياء فلو إعترض معترض بقوله أن حصولهم على هذه الطاقة الإلهية بإستحقاق لكان معنى حديثه تفضيلهم على الأنبياء الذين لم تكن لهم هذه الطاقة وهذا مخالف للعقل والمنطق فكيف يفضل اللامعصوم على المعصوم لذلك نرى أن المسألة كانت هبة ومنة إلهية من دون الإستحقاق الكامل الذي يتناسب مع مستوى العطاء الإلهي للصحابة عن محمد بن جعفر بن محمد(ع)عن أبيه(ع) قال (( إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا يقول عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك و اعمل بما فيها قال و يبعث جندا إلى القسطنطينية فإذا بلغوا الخليج كتبوا على أقدامهم شيئا و مشوا على الماء فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء قالوا هؤلاء أصحابه يمشون على الماء فكيف هو فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها ما يشاءون)) الغيبة للنعماني ص : 320
وعلة كون المنَة منقطعة أو الأحرى لها إرتباط مركزي بإمامة القائم وقيموميته على الصحابة نتيجة عدم معصومية الصحابة ولا يخلو غير المعصوم من الوقوع في الخطأ أو النسيان لذلك منَ الله تعالى على الصحابة بالمسحة الإلهية ليسد هذا النقص الحاصل في الأداء عن أمير المؤمنين(ع) قال (( ..... ثم يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلها فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعابون في قضاء...)) بشارة الإسلام ص308 
فإذن عملية تحقيق العدالة الإلهية الكونية لها أدواتها ومن ضمن أدواتها الصحابة الذين إجتباهم الله تعالى لتأدية وظيفة إلهية يكونون من خلالها أداة للإمام في تحقيق إطروحة العدل الإلهي وبقيموميته عليهم وكل ما طرحناه من حديث المنة الإلهية لا يقدح في منزلة الصحابي وإمتيازاته وحصانة السماء له وإنما يكون ذلك سببا ليكمل به الطريق الإلهي وبهذا البناء لا بغيره يتم تحقيق الإطروحة الإلهية للعدالة
نظرية الإنتساب الروحي
إن نظرية الإنتساب الروحي مبنية على أسس الرعاية الإلهية للطبيعة البشرية في الإيجاد ولها حكمية إلهية بالغة منبعها الفضل والمنة الإلهية وهي من الدعائم التي يرتكز عليها النموذج المثالي للخليفة الإلهي الوارث الأرضي بإستكماله للشروط الإلهية وبعد إستحصاله على درجات الكمال التي تؤهله للقرب إلى الله وللسير التكاملي لهذا الخليفة عوالم بثلاث أبعاد تسير جنبا إلى جنب في قوس الصعود إلى الله تعالى , ليحقق العدالة الإلهية إبتدءا من نفسه.
1- عالم الروح وإنتسابها :
 إن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام عن الصادق (ع) قال : (( إن الله آخا بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الابدان بألفي عام فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخا بينهما في الأظلة ولم يورث الأخ من الولادة )) بحار ج6
وأفاض عليها مختلف العلوم ثم جعلها على صعيد وأخذ منها ميثاقها في الإقرار له بالوحدانية والعبودية والإيمان برسله وأولياءه . لو دققنا في الإرث التاريخي لأئمتنا عليهم السلام لوجدنا أحاديث كثيرة تشير إلى وجود علاقة بين المولي والموالى والعلاقة علاقة روحية وأن الموالي ولاية تطبيقية عملية  مخلوق من شعاع الصفوة الطاهرة ,عن ابن عباس أنه قال: قال أمير المؤمنين(ع) اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله قال فقلت يا أمير المؤمنين كيف ينظر بنور الله عز و جل قال(ع) لأنا خلقنا من نور الله و خلق شيعتنا من شعاع نورنا فهم أصفياء أبرار أطهار متوسمون نورهم يضي‏ء على من سواهم كالبدر في الليلة الظلماء . بحار الأنوار ج : 25 ص : 22
نستنج من ذلك أن عائدية هذا الشعاع من النور للموالي وسنخيته من سنخ نور أهل البيت عليهم السلام فالموالي يعود إنتسابه الحقيقي النوراني إلى أهل البيت عليهم السلام لذلك قال رسول الله (ص) لعلي (ع) (( أنا وأنت أبوا هذه الأمة )) الأبوة هنا أبوة حقيقية ذات رعاية إلهية محظة لم يكن عنوانها الوجودي عنوانا ماديا زائلا كما في حالة توالد الناس من أب وأم وإنما كانت هذه الرعاية الإلهية في أصل الطبيعة النورانية ونرى خلود هذه العلاقة الأبوية السامية لراعي الأمة ومنقذها حتى يوم القيامة حيث قال تعالى في كتابه الكريم{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ }المؤمنون101.وهنا أشارة إشراقية على أن نسبية الجسد المادي لا تنفع في الآخرة .
فالأبوة الروحية النفسية بعالميهما الطاهرين على شرط القداسة فيهما متوهجة فلا ينقطع نسبهما وإنتسابهما إلى سيد الكائنات محمد (ص) وعلي (ع) بإنقطاع البدن وفناءه في دار الدنيا وإنتقال الموالي إلى الآخرة حيث قال الرسول(ص) ((كل نسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي )) وقال(ص) في موضع آخر موضحا (( يا بني هاشم لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم فإني لا أغني عنكم شيئا)). وقول عيسى(ع) للحواريين (( جئت من عند أبي وأبيكم)). ملاخي النبي [فصل 2 الايه 10:]
(أليس أب واحد لجميعنا . أليس أله واحد خلقنا . فلم يغدر الواحد بأخيه مدنسا عهد آبائنا). وقوله تعالى (( ملة أبيكم إبراهيم )). بقي أن يكون جديرا بنا أن نسعى لهذه النسبية وأن نتشرف بفيوضاتها ونصونها .
2- عالم النفس:
إن النفس الإنسانية جبلت على القهر وهي تتدرج بمنازلها حسب تكاملاتها وسيرها من النفس اللوامة إلى النفس المطمئنة القدسية وحسب خلوصها من الكدورات والآثام بسلسلة من التطهيرات حتى تضحى مشرقة متنورة بنور الله تعالى وكلما إزدادت طهارتها كثر فيضها حتى تفيض هي على الموجودات . والعلاقة الروحية النفسية علاقة إرتباطية تكوينية باقية بعد فناء الجسد .
إن النفس هي حلقة الوصل بين عالمين كما جاء في الحديث الشريف (( إن النفس حلقة وصل بين الروح والجسد تقبل تأثير أحدهما وتنقله إلى الآخر)).
إن النفس التي هي حلقة الوصل بين عالم الروح وعالم الطينة كلما سارت بتكاملها كلما إزدادت تلألأ وإشراقا وقمة بلوغها أعلى مراحل التهذيب تكون سببا لتوهج الفطرة الإنسانية وتفعيلها في إخراج مكنون العلم المرتسم في داخلها من أسرار إلهية وعلوم ربانية كما جاء في الحديث الشريف (( ليس العلم في السماء فينزل إليكم أو في تخوم الأرض فيخرج لكم ولكن تأدبوا بآداب الروحانية يظهر   لكم)). وبعد الوصول لهذه المرحلة نعود إلى إنتسابنا الحقيقي النوراني .
3- عالم الطينة:
إن جسد الإنسان خلق من الطين وعجنه الله تعالى بيد القدرة الإلهية حتى جعله جسدا (( وخلقنا ألإنسان من صلصال كالفخار )) وهذا هو الأصل التكويني للإنسان . وأن للجسد نصيب في السير التكاملي ومسيرته ألا وهو تحوله من الجسد الكثيف إلى الجسم اللطيف والذي به تكون القدرة على العروج والولوج إلى ساحة القرب الإلهي ويكون بذلك ممن حرم لحمه ودمه على النار لوصوله في التكامل إلى الجسمانية الشفافية فبه يضحى خليفة الله في أرضه .عن أبي عبد الله(ع) قال إن الله عجن طينتنا وطينة شيعتنا فخلطنا بهم وخلطهم بنا فمن كان في خلقه شي‏ء من طينتنا حن إلينا فأنتم و الله منا . بحار الأنوار ج : 25 ص : 12 وعن صالح بن سهل قال قلت لأبي عبد الله(ع) المؤمن من طينة الأنبياء عليهم السلام قال نعم . بحار الأنوار ج : 25 ص : 13 قال إبراهيم(ع): (فمن تبعني فهو مني) قال السيد المسيح : 55 لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق. 56 مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيه .
صحابة الإمام أعز من الكبريت الأحمر
إن الله تعالى خلق الإنسان مدركا عاقلا وميزه تعالى بهذه الصفة عن باقي خلقه وغرز فيه الشهوات وأمره بإشباعها عن طريق قوانين وضعها الله تعالى بإطار يجعل فيه للإنسان كرامة من خلال السيطرة على هذه الشهوات التي طالما كانت نافذة لإبليس لعنه الله لإغواء الإنسان وإستدراجه نحو الرذيلة وبالمقابل منح الله تعالى الإنسان قوة العقل والإرادة والعلم لتكون قوة يجابه بها القوة الشيطانية , فالإنسان يعيش في حالة صراع داخلي بين أن يحكم في نفسه فضيلة أو رذيلة وهذا الصراع  حدد في إطار الآية (( إعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد )) فكلما حكم الإنسان هذه الشهوات تحت العقل بإدراك وتفهم قرب من مستوى السير والسلوك إلى الله تعالى , ولهذا الصراع ولوجود القوتين كان الإنسان محورا للتكليف السماوي ومنشأ لبعث الرسل إليه من أجل تكامله وفهمه للحقيقة الكاملة لنفسه وبالتالي معرفة ربه ,لذلك تختلف الناس في منازلهم ومراتبهم الوجودية حسب الكمالات ولكل نصيب من السعي للحلول في رتبة أعلى لكسب رضا الله تعالى , وهذه المراتب مثلها رسول الله(ص) بقوله (( الناس معادن وأندرها الذهب )).
وكما هو معروف أن من المعادن ما هو متدني في وجوده وما هو في رتبة أعلى حتى يتدرج نحو النفيس من المعادن وهو الذهب ومثل المؤمن بالذهب لندرة وجوده أولا , ولأن الذهب يوجد في الطبيعة ممزوجا بمواد ومعادن مختلفة فيعامل معاملة قاسية من خلال إضافة مواد أخرى إليه مثل النشادر وغيرها ومن ثم معاملته عدة مرات بالنار من أجل تنقيته وهذه عملية شاقة ثم بعد ذلك يخلص الذهب من الشوائب والكدورات ويكون معدنا جاهزا للصياغة  كذلك الإنسان المؤمن في بداية صياغته فإن الله تعالى يصيبه بالبلاء حتى يغفر له ذنوبه فإن لم يكن يضيق عليه رزقه فإن لم يخّلص أصابه بالمرض فإن لم يكن يشدد عليه عند الموت إلى أن يصل به في نهاية المطاف إلى أن يكون جاهزا للصياغة الإلهية ومستعدا لتلقي النورانية , وهنا نلاحظ أن الذهب إذا إختلطت معه شوائب مرة أخرى بعد تنقيته تعاد عملية التصفية مرة أخرى فيصفو .
وهنا نرد حديث عن رسول الله(ص) :((إن علي بن أبي طالب إمام إمتي وخليفتي عليهم بعدي ، ومن ولده القائم المهدي المنتظر الذي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما , والذي بعثني بالحق نبيا إن الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر)).
فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال : يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة ؟ فقال : أي وربي (( وليمحص الله الذين أمنوا ويمحص الكافرين )) .كمال الدين ص287باب 25 ح7 فهنا يصف رسول الله(ص) المؤمنين بالإمام المهدي في غيبته أعز من الكبريت الأحمر ولم يصفهم  بالذهب , كما وصف المؤمن بالأندر في الحديث السابق والحقيقة أن الكبريت الأحمر ( الزئبق الأحمر ) يوجد في الطبيعة في باطن الأرض على هيئة مركب الزئبقيك ثم يستخلص عن طريق تفاعلات كيميائية فيصفو من الشوائب بعد عدة معاملات والصفة المميزة لهذا المعدن أنه بإستخلاصه وصفائه من الشوائب إذا خلط مع التراب أو أي شوائب أخرى فلا تؤثر فيه ولا تمتزج معه يبقى نقيا ولا يمتزج مع أية مادة وهذه المادة نادرة الوجود وهي أنفس من الذهب لذلك ميز رسول الله(ص) بين الإنسان المؤمن وبين مرتبة الإيمان بالأمر الإلهي وصاحب الأمر بصفة أخرى أجل شأنا وأعظم قدرا وكما وصفهم أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(ع) ِفي خُطْبَةٍ لَهُ (( اللَّهُمَّ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَأْرِزُ كُلُّهُ وَلَا يَنْقَطِعُ مَوَادُّهُ وَأَنَّكَ لَا تُخْلِي أَرْضَكَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ عَلَى خَلْقِكَ ظَاهِرٍ لَيْسَ بِالْمُطَاعِ أَوْ خَائِفٍ مَغْمُورٍ كَيْلَا تَبْطُلَ حُجَجُكَ وَلَا يَضِلَّ أَوْلِيَاؤُكَ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُمْ بَلْ أَيْنَ هُمْ وَكَمْ أُولَئِكَ الْأَقَلُّونَ عَدَداً وَالْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ قَدْراً الْمُتَّبِعُونَ لِقَادَةِ الدِّينِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الَّذِينَ يَتَأَدَّبُونَ بِآدَابِهِمْ وَيَنْهَجُونَ نَهْجَهُمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْجُمُ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ فَتَسْتَجِيبُ أَرْوَاحُهُمْ لِقَادَةِ الْعِلْمِ وَيَسْتَلِينُونَ مِنْ حَدِيثِهِمْ مَا اسْتَوْعَرَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَيَأْنَسُونَ بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْمُكَذِّبُونَ وَأَبَاهُ الْمُسْرِفُونَ...)) الكافي ج : 1 ص : 336
علوم ومشاركات
الإيمان الحقيقي ومرحلة الإختيار الإلهي في قضية الإمام المهدي (ع)
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت 2-3 ، يتدرج الإيمان في قلوب الناس على عدة مراحل في كل دعوة وفي كل رسالة حسب مقدرات الإنسان وتواصله مع الخالق جل وعلا . فمنهم من يكون إيمانه عالٍ يعتمد على موازين الفطرة والعقل والتهذيب النفسي وفهم معنى ومحتوى الرسالة الملقاة على عاتق الإنسان تجاه ربه ، ومنهم من تجد إيمانه شكلياً يعتمد على ظواهر الأمور ولا يأخذ العمق الرسالي الحقيقي لمعنى الإيمان الذي يرقى لفهم حيثيات الرسالة وحل رموزها الخفية لباطنية التي تحتاج إلى عقول جبارة ومتفكرة ومنصرفة إلى الله سبحانه وتعالى لفهم كل كبيرة وصغيرة في مجال القضية المطروحة ، ولذلك سن الباري عز وجل بهذه الآيات المباركات على أن القول بالإيمان مقرون بالفتنة ، { حتى يحي من حي عن بينة ويموت من مات عن بينة } إلا إنه بعد الموت لا يعذر الإنسان على شيء كان قد فرط به في الحياة الدنيا دون معرفة أو تبيان وجاء التنبيه أيضاً على لسان الرسول الكريم محمد (ص) إذ يقول : ( إن هذا الدين عميق كالبحر فأولجوا فيه رويداً فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ) تحف العقول .
إذن  المطلوب من كل مسلم لا بل من كل مؤمن أن يرتقي مراحل الإيمان درجة درجة وصولاً إلى أعلى مراحل اليقين بمعرفة ما هو المطلوب وواجب معرفته . يقول الرسول الكريم محمد (ص) : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) وإلى ذلك الدعاء المروي عن أهل بيت العصمة : ( اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ) وعلى هذا يكون غاية المطلوب من الإنسان هو معرفة الحجة والحجة هو الإمام المعصوم الذي يتولى أمور العباد والبلاد بأمر إلهي ، ولولا وجوده لساخت الأرض باهلها ، فالواجب الإيماني يتطلب معرفة الحجة فإنه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية . الآن وبعد مضي كل هذه ا لسنوات منذ بدأ الرسالة المحمدية إلى وقتنا الحاضر تبين لنا من خلال الأدلة النقلية بوجود أثنى عشر اماماً إبتداءاً من ولاية الإمام علي (ع) إلى الحسن العسكري وبقي لدينا الإمام الثاني عشر الحجة المهدي (ع) .
يقول الرسول الكريم: (  من آمن بالأئمة ولم يؤمن بالمهدي كان كمن آمن بجميع الأنبياء ولم يؤمن بمحمد (ص) ) والإيمان بمحمد هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
وإذا سلمنا بمرحلة الإيمان هذه يبقى لدينا مسألة الفتنة التي ذكرتها الآية الكريمة في بداية موضوعنا هذا ، فالفتن تحصل في زمن الإمام المهدي (ع) وهذا ما ذهبت إليه الكثير من الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة في اختلاف أمة محمد (ص) بالإمام الثاني عشر . يقول الرسول الكريم (ص) : ( القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي وسنته سنتي يقيم الناس على ملتي وشريعتي ويدعوهم إلى كتاب الله عز وجل من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن أنكره في غيبته فقد انكرني ومن كذبه فقد كذبني ومن صدقه فقد صدقني وإلى الله أشكو المكذبين لي في أمره والجاحدين لقولي في شأنه والمضلين لأمتي عن طريقته وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) الإكمال ج2 ص412 والواضح لدينا من هذا الحديث الشريف إن الأمة سوف تتكالب على مهديها بين عاصي ومكذب ومنكر وجاحد ومضل وهذا كله ظلم وجناية على النفس قبل أن تكون الجناية على الغير من الأمة . وهنا دعوة ننشرها لجميع المسلمين بكل طوائفهم وتوجهاتهم وخصوصاً شيعة آل محمد ، نقول لهم الله الله في حجة الله الغائب لا تغرنكم الفتن والأهواء في الإبتعاد عن معرفته ونصرته ومشايعته وهذا لا يكون إلا بالتبصرة اليقينية للعقيدة الإثنى عشرية ومعرفة كل حقائقها الإيمانية ومن ثم معرفة الإمام الحق بتبصر وتفكر للأدلة النقلية الواردة عن أهل البيت وعرضها على العقل لأستخلاص النور البصائري لتجنب اي فتنة أو اشكال يكون سبباً للإبتعاد عن الحقيقة . فقد ورد عن الرسول الكريم (ص) قال : ( إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، فما ورد عليكم من حديث آل محمد فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد ، وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء لا يحتمله فيقول والله ما كان هذا والإنكار هو الكفر ) بصائر الدرجات ص21 .  وهذه هي الفتنة بعينها إذ يكون الحديث عن المهدي (ع) واضحاً وجلياً ومنهجياً عن العترة الطاهرة وبلسان الداعي لنصرة هذا الأمر بصرخة الحق المدوية وتجد مع كل هذا من لا يحتمل ويتحامل على الإنكار والتكذيب .
نسأل الله جل وعلا أن تتنور البصائر وتعي حقيقة المطلوب منها حتى ينطبق كلام سيد البلغاء أمير المؤمنين (ع) على رجال آخر الزمان الممحصين المغربلين بالإيمان الحقيقي فيقول عليه لسلام : ( هجم بهم لعلم على حقيقة البصيرة .وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى ، اؤلئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه آه آه شوقاً إلى رؤيتهم ) الأسرار الفاطمية ص50.
فلاح الصافي
الروح النضالية في الثورة الحسينية
كانت ثورة الحسين (ع) السبب في انبعاث الروح الثورية في الإنسان المسلم من جديد بعد فترة طويلة من الهموم والتسليم ، فقد حطمت كل الحواجز النفسية والإجتماعية التي حالت دون الثورة .
فواقع الإنسان المسلم كان يدعوه إلى الإستسلام والمساومة والدعة ويقولون له حافظ على ذاتك وعطائك ، حافظ على منزلتك الإجتماعية ، فجائت ثورة الحسين (ع) وقدمت للإنسان المسلم أخلاقاً جديدة لتقول له : لا تستسلم ، لا تساوم على انسانيتك ناضل قوى الشر ما وسعك ، ضحي بكل شيء من أجل أو في سبيل مبدئك كان الرضا عن النفس يحول بينه وبين أن يقوم  ويغريه بالقعود عن الجهاد ، فجائت ثورة الحسين (ع) فخلقت في اعقابها جماهير كثيرة شعورا بالإثم وتأنيساً للنفس ورغبة عارمة في التفكير وجاءت لتعد الناس إعداداً كاملاً للثورة وإن للروح الثورية شان كبير وخطير في حياة الشعوب وحكامها فحين تكون الروح الثورية خامدة وحين يكون الشعب مستسلماً لحكامه يشعر حكامه بالأمان فيرتكبون ما يشاوؤن دون أن يحسبوا حساب أحد ، هذا من جهة الحاكمين أما من جهة المحكومين ، فنلاحظ أنه كلما امتد الزمن بخمود الروح الثائرة سهل التسلط على الشعب مما يجعل اصلاحة وتغييره أمراً بالغ الصعوبة ، ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسين (ع) في بعث روح الثورة في المجتمع الإسلامي يحسن بنا أن نلاحظ إن هذا المجتمع منذ مقتل الإمام علي (ع) إلى حيث ثورة الإمام الحسين (ع) أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو أي احتجاج جدي جماعي على ألوان الإضطهاد والتقتيل والسرقة للأموال التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم بل وقفت الجماهير موقف الخضوع والتسليم عشرون عاماً من سنة أربعين إلى سنة ستين للهجرة أما بعد ثورة الحسين (ع) فقد انبعثت الروح الجهادية في الأمة وبدأت ترقب زعيماً يقودها وكلما وجد القائد وجدت الثورة على حكم الأمويين ... ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسين (ع) ، ثورة التوابين التي اندلعت في الكوفة وكانت رد فعل مباشر لقتل الحسين (ع) وانطلقت من شعورها بالأثم لتركهم نصرة الحسين (ع) بعد أن استدعوه بكتبهم إلى الكوفة وأرادوا أن يغسلوا عارهم بالإنتقام من قتلة الحسين (ع) وكانت سنة 65 للهجرة أعقبتها ثورة المدينة فهي اختلفت في دوافعها عن ثورة التوابين فلم تستهدف الإنتقام بل استهدفت تقويض سلطان الأمويين الظالم وقد ثارت المدينة على الأمويين وطرد الثائرون عامل يزيد والأمويين وقدرهم ألف رجل ولكن الثورة قمعت بجيش من الشام وبوحشية متناهية ، ولم تنتهي الثورات فبقيت تطالب بثأر الحسين (ع) وقام المختار بن أبي عبيدة الثقفي سنة 66 ه في العراق وقد تتابعهم المختار أي قتلة الإمام (ع) فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلاً أعقبتها ثورة مطرف بن المغيرة سنة 77 هـ وثورة أبي الأشعث سنة 81 هـ وثورة زيد بن علي بن الحسين (ع) سنة 122 هـ وهذه نماذج من الثورات التي تأثرت ونفذت بروح الثورة التي بثها الحسين (ع) في الشعب المسلم والتي استمرت طيلة الحكم الأموي حتى قضت عليه بثورة العباسيين والتي لم تكن لتنجح لو لم تعتمد على احياء ثورة الحسين (ع) واستغلالها لشعار الرضا من آل محمد الذي أكسبها الكثير من القواعد الشعبية المؤيدة والعطف الجماهيري.
ولمن الثورات أستمرت على حالها الأنحرافيين للحدود ولم تخمد بل بقيت ناشبة أبداً يقوم بها الإنسان المسلم دائماً فيعبر دائماً بها عن إنسانيته التي خنقها الحاكمون وزيفوها  . وكان كل ذلك بفضل الروح الثورية التي بثتها ثورة الحسين (ع) في كربلاء فقد كمانت ثورته رأس الحرية في التاريخ الثوري فهي الثورة الأولى التي عبأت الناس ودفعت بهم في الطريق الدامي الطويل طريق الجهاد بعد أن يفقدوا هذه الإرادة
فوائد الإسلام الفردية والاجتماعية
فمن فوائد الإيمان الفردية ن تكوين ضمير إسلامي في نفس الفرد يأمره بالخير ويردعه عن الشر . وهذا الضمير الوازع الرئيسي للإنسان في جميع أعماله لأنه صوت نابع من داخل النفس صاعداً من حناياها وأضلاعها . وهو صوت تحبه النفس وتصدق به وهو أقرب الأصوات إلى الإنسان والصقها به وأشدها أثراً في توجيه سلوكه ، وهو أكثر الأصوات للإنسان في جميع ظواهر  أعماله وخفاياه .
وبهذا الدرع الحصين الذي يتدرع به أفراد المجتمع الإنساني ضد الخبائث والرذائل وفي سبيل الخير والإصلاح تضمحل الجرائم والاعتداءات ويسود الخير والسلام في ربوع المجتمع .
ومن فوائد الإسلام الفردية تكوين ضمان قوي في نفس المؤمن فيستهين بالغالي والرخيص في سبيل الاتجاه إلى الله تعالى وإطاعة أوامره ونواهيه وكذلك عدم اندفاعه اندفاعاً حماسياً في سبيل جمع المال وبهارج العيش واقتصاره على ما يسد به حاجته ، ومن ثم تقل قيمة المال في نظره ، مما هو فائض عن حاجته فيسمو به عن طيب نفس للفقراء والمعوزين والمرضى والمحتاجين من مواطنيه في المجتمع وأخوته في الدين وبذلك يتخلص المجتمع الإسلامي من ويلات الرأس مالية والإقطاع ويسود في ربوعه الرخاء والرفاه ومما ينبغي أن يلحظ بهذا الصدد إن الإسلام لم يحرم من طرق جمع المال إلا أمور معينة نظم بها الحياة الاقتصادية وقد أباح ما وراء ذلك من الطيبات من الرزق {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ }الأعراف32 إلا إنه في نفس الوقت صاغ نفسية المسلم يستغني معه حتى عن الأمر المباح فإنه ليس كل مباح هو راجح أما فوائد الإيمان الاجتماعية فمنها هذه الوحدة العقائدية الجبارة التي تربط الأفراد بعضهم ببعض والمجتمعات الإسلامية ببعضها البعض حيث إن جميعهم يفكرون بأسلوب واحد وينظرون إلى الحياة من زاوية واحدة ويفسرون الأحداث بشكل واحد ويقومون بعمل واحد ويتجهون إلى هدف واحد مثل اعلى وحدة بحيث إن المسلم في زاوية من زوايا الأرض يعلم إن المسلم في أقاصي الدنيا يرى ما يراه وينظر إلى الحياة من خلال الزاوية التي ينظر هو من خلالها .
وقد بدأت فوائد الإيمان على المجتمع وهي سيادة الأخوة والمحبة والتضامن بين أفراده بما تربطهم من وحدة في الدين والشعور أولا بما أمر الإسلام من تراحم وتعاطف وتآخي بين الأفراد . فقد حث الإسلام على صلة الرحم والأخوة في الله وعلى بر الفقير وإغاثته والملهوف وقضاء حاجته والتعاون على البر والتقوى وغير ذلك من أعمال البناء التي تبذر في المجتمع المحبة والتعاون وتقضي على البغضاء والخلاف وسوء الظن ومن ثم تصعد في المجتمع إلى قمة السعادة والعدل ونحن أحوج لها في هذه الأيام التي وصلنا إلى هذا الحال بسبب التخلي عنها وعلى الجميع التدرع بالحصن الحصين ومن الله التوفيق .
طريقة جديدة لإصلاح الأعصاب المقطوعة
يأمل الجراحون البريطانيون في علاج الشلل عن طريق تطبيق ونجاح أول تجربة توصَّلوا إليها لتحفيز الأعصاب على النمو من جديد، وقد بدأت تجارب لزرع الأعصاب لتشمل مرضى يعانون من تدمير بعض أعصابهم بدءاً من فقدان الإحساس بأحد أعصاب الأطراف، وحتى الشلل الشديد. والعصب يشبه كابل التليفون، وهو مزوَّد بألياف عديدة تحمل الرسائل الحسية وغيرها إلى المخ والجهاز العصبي المركزي، وتقوم الأعصاب بربط الأعضاء بعضها ببعض وبالمخ، والترابط الجديد يساعد على أداء العصب وظائفه بشكل طبيعي، وحينما يصاب عصب أو يتلف عادة من خلال حدوث صدمة تنمو الألياف الصغيرة في نهاية المنطقة المصابة الأقرب للمخ أو النخاع الشوكي كمحاولة لسدّ الفجوة وإصلاح الأمر، وإذا كانت الفجوة صغيرة يمكن للعصب أن ينمو خلالها؛ ليرتبط مع الجزء المقطوع ويساعد بعد ذلك في نمو العصب الجديد، ولكن عادة لا يحدث ذلك، فكلما زاد عرض الفجوة يصعب على العصب إصلاح نفسه . ومن حسن الحظ فقد توصل مؤخرًا الدكتور "جس ماكجروثر" -أستاذ جراحة التجميل والتكميل بالمستشفى الجامعي بلندن مع فريق من المتخصصين في هندسة الأنسجة- إلى علاج فعّال للمشكلة، حيث استخدم أنبوبة تزرع داخل الجسم لتربط نهايتي العصب التالف ليشجعه ذلك على النمو بطول الأنبوبة في المكان الصحيح، ويرجع نجاح فريق العمل إلى حسن اختياره للمواد التي صنعت منها الأنبوبة، وهي بروتينات الدم المأخوذة من دم المريض نفسه، فتلتصق بها خلايا العصب، ويجفّ البروتين تحت ضغط، ثم يتشكَّل بالشكل المرغوب فيه لسد الفجوة، وتهدف التجربة إلى تحفيز نمو الأعصاب؛ لاستعادة الإحساس من جديد في المناطق المشلولة . وتحتاج الحالات المعالَجة أن تكون حديثة الإصابة؛ لأنه بعد مضي شهر أو أكثر تفقد نهايات العصب التالف قدرتها على النمو من جديد وخلال التجربة.. يتمّ أخذ عينة من الدم من أجسام المرضى قبل إجراء العملية بأسبوعين ليتم استخراج البروتين منها لتشكيل الأنبوبة، ثم يتم بعد ذلك زراعة النسيج ومراقبته لمتابعة نمو العصب وانتقال أي إحساس للمنطقة المصابة ويؤكد "جس ماكجروثر" أن نجاح هذه التجارب التي تجري على إصلاح الأعصاب سيؤدي إلى حدوث ثورة في مجال إصلاح الأعصاب خلال العشرة أو الخمسة عشر عامًا القادمة
بعض أصناف الناس
في عصر الظهور
عصر الظهور من العصور المهمة للغاية والذي تمناه وحلم به كل الأجيال وهو خلاصة عصر الزمن منذ الإبتداء بل هو عصارة جهود الآنبياء والرسل والربانيون منذ آدم ونوح إلفى الخاتم (ص) وهو عصر تتويج الحكمة الإلهية أو قل الخلافة الإلهية في الأرض { إني جاعل في الأرض خليفة } البقرة 30 . والخليفة لا يمكن أن يكون خليفة إلا أن يأخذ كل صفات المستخلف فأعلى درجاة الخلافة سوف تتجلى في دولة الظهور . إذن عصر الظهور من أهم عصور البشرية الذي تتجلى به الخلافة الإلهية ، ومما لا شك فيه إن في هذا العصر يوجد الإنسان كما في العصور الرسالية كما في عصر نوح وإبراهيم وعيسى وعصر الخاتم (ص) والإنسان هو مادة كل عصر بل هو مادة التطبيق والتنظير للأديان وبما إن العصر الأخير هو خلاصة جهود البشرية وقمة التراكمات العلمية على جميع المستويات والأصعدة وبالإتجاهين السلبي أو الإيجابي فينقسم الناس في هذا العصر إلى عدة أصناف يمكن أن نقف عليها بشيء من التفصيل.
فقسم من الناس في هذا العصر وصلوا إلى مستوى عالٍ من التوحيد بعد أن مروا بعدة تمحيصات وأختبارات إلهية وصلوا إلى هذه المرتبة والتوحيد هو محور الرسائل السماوية في الأرض وهو نتيجة كل الأنبياء والرسل والربانيين ، وهو الجوهرة التي أراد الله تعالى أن يتحلى بها الإنسان ليصل إلى القرب الإلهي وهو سلم تفاضل العباد يوم الجزاء . فتلك الطبقة من الناس ستحضى بالقرب من الإمام (ع) الذي يمثل رب الأرض { وأشرقت الأرض بنور ربها } الزمر 69  - لأن الإمام يمثل تجليات الرب وساحة قدسة فيصبحون على اختلاف درجات التوحيد عندهم من القرب والبعد من الإمام أصفياءه وأولياءه وأنصاره وهو (العقد والحلقة ) كما عبرت الروايات عن ذلك.
والقسم الثاني من الناس في هذا العصر على مستوى عالٍ من الشرك بالله على جميع الأصعدة وإن رأيناهم ظننا منا أنهم علماء وعباد وكما قال تعالى في كتابه { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون } المنافقون 4 - فقد دب الشرك في قلوبهم فأضلهم الله عن علم { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } النمل 14 { ويعلمون أن الله هو الحق المبين } النور 25 - وعندما نقول إن هؤلاء على مستوى عالٍ من الشرك لأنهم أشتغلوا لفن العلم وأحاطوا بأركانه ومبتنياته فعرفوا التوحيد بأبعاده ولكنهم جحدوا نعمة الله عليهم فضلوا وأضلوا فحملوا على أكتافهم وزرهم ووزر من اتبعهم فهم يعلمون أن الإمام (ع) حق فتربعوا على مكانه ولبسوا ألقابه واستحلوا أمواله وأبعدوا الناس عنه وابتدعوا نظريات عنه من أنسهم الذهني وذكروا لهم مراسيل الروايات لأن فيها مصالحهم وجعلوها حجة وأبعدوا التواتر من الروايات لأن فيها كشف زيفهم وكذبهم على الله ورسوله ولطالما حذرنا منهم رسول الله (ص) كما في هذه الرواية قال رسول الله (ص) : ( سيأتي على أمتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه يسمون به وهم أبعد الناس عنه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ضل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود ) معجم أحاديث المهدي (ع) ج1 ص44 ، بحار الأنوار ج18 ص146 . وسوف يكون هؤلاء محل غضب الله سبحانه وانتقامه وإن مما لا شك إن غضب الله هو غضب الإمام ولهذا السبب فإن الإمام وكما عبرت الروايات عند قيامه سيتجلى فيه الغضب الإلهي ( إنه يخرج موتوراً غضبان اسفاً لغضب الله على هذا الخلق ) بحار الأنوار ج52 ص360 وسوف تكون نهايتهم على يديه الشريفتين ( ويسير إلى الكوفة ويخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين في السلاح فقهاء في الدين قد قرحوا جباههم وسمروا ساماتهم وعمهم النفاق وكلهم يقولون يا بن فاكمة أرجع لا حاجة لنا فيك فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الإثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم أسرع من جرز جزور فلا يفوت منهم رجل ولا يصاب من اصحابه أحد دماءهم قربان إلى الله ) دلائل الإمام ص455 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص306.
دمٌ أبيض بدلاً من الأحمر
عندما يصاب أحد الكائنات الفضائية أو المخلوقات الغريبة في أفلام الخيال العلمي؛ نجد أن هذا الكائن ينزف دمًا أبيض، لا يمت بأي حال إلى دم الإنسان الأحمر القاني، ولكن يبدو أن الخيال قد أصبح حقيقة، وأمكن تصنيع أول دم أبيض يمكن أن يحل محل الدم الطبيعي.
والدم البديل يسمى أوكسيجنت(Oxygent) وهو يحتوي على مادة البرفلوبرون (Perflubron)وهي مادة صناعية تنتج من مادة التفلون المستخدمة في تصنيع بعض الأدوات المنزلية، وقد قامت شركة أمريكية تسمى (Alliance harmaceutical corporations)  بإنتاج هذا الدم البديل، وهو يحتوي على حبيبات دقيقة الحجم من مادة البرفلوبرون تصل في حجمها إلى أقل من حجم كرات الدم الحمراء، وينتج مُسْتَحْضر الـ Oxygent على هيئة مستحلب لبني الشكل، ويعطى عن طريق الحقن في الدم.
ومقارنة بالدم الطبيعي، فإن الدم البديل يتميز بأنه يمكن أن يعطى لجميع الفصائل دون أن يسبب مخاطر صحية، حيث إنه لا يحتوي على أي من مشتقات الدم الطبيعي، بل هو مصنع كيماويًّا، كذلك يمكن تخزين الدم البديل لمدة سنتين مقارنة بستة شهور يمكن خلالها استخدام الدم الطبيعي بعد تخزينه.
وعقب حقن الدم البديل؛ تقوم المادة الفعالة بالتقاط الأكسجين من الرئة، ونقله لجميع أنسجة الجسم خاصة التي تعاني نقصًا شديدًا في نسبة الأكسجين، ويتم انتشار الأكسجين من الحبيبات بصورة غاية في السهولة، كذلك يتميز (الدم البديل) بقدرته على نقل ثاني أكسيد الكربون بكفاءة عالية إلى الرئة للتخلص منه، ولا يتحد الدم البديل بالأكسجين، كما هو الحال بالنسبة للدم الطبيعي؛ ولذلك يمكن زيادة كمية الأكسجين بالدم عن طريق زيادة كمية الأكسجين أثناء الشهيق، كذلك يتميز الدم البديل بأنه ليس له أي أعراض جانبية على الإطلاق على صحة الإنسان، حيث أثبتت الدراسات التي أجريت على ما يقرب من 540 مريضًا، عدم وجود مخاطر صحية على الدورة الدموية أو الكبد أو الكلي كما يقول الدكتور "بيتر كيبرت" المدير التنفيذي لمشروع الدم البديل والتابع للشركة الأمريكية. أثبتت الدراسات أيضًا أن هذا الدم البديل أكثر فاعلية من استخدام الدم الطازج المأخوذ من نفس المريض، كما أن استخدام هذا الدم البديل يغني عن عمليات نقل الدم المتعاقبة كما يقول الدكتور "كيبرت”.
ويتم حاليًا تجربة الدم البديل على نطاق أكبر يصل إلى 600 مريض من أمريكا وأوروبا؛ لمعرفة ما إذا كان هذا الدم يمكن أن يسبب مخاطر صحية عند استخدامه على أعداد كبيرة من المرضى أم لا .
ويتم استخدام الدم البديل أثناء إجراء العملية الجراحية، بعد أن يتم سحب حوالي 1/3 دم المريض وحفظه، ثم يُعْطَى المريض الدم البديل وبعده يتم إعطاء الدم الطبيعي المخزن عند نهاية العملية، والهدف من هذا هو الحفاظ على نسبة تركيز الأكسجين بصورة طبيعية داخل جسم المريض، وكذلك تقليل كمية الدم المنقول من أشخاص آخرين.
ومن المتوقع أن يستفيد من هذا الدم البديل أكثر من 7.5 مليون شخص معرضين لإجراء عمليات جراحية مختلفة في جميع أنحاء العالم سنويًّا.
وتخطط الشركة الأمريكية لإنتاج أكثر من 850 ألف عبوة من هذا الدم البديل سنويًّا.ورغم الفوائد والمزايا التي يتمتع بها الدم البديل مقارنة بالدم الطبيعي، فإن الفائدة الكبرى التي سوف تعود من استخدام هذا المستحضر هي أنه سوف يقوم بتقليص نسبة الإصابة بأمراض نقل الدم مثل مرض الإيدز والتهاب الكبد الوبائي
مقارنة الاديان
أمة قديسي الارض ( اصحاب القائم ) وشخصية المسيح الرئيس (المهدي) في سفر دانيال (ع)
بعد ان طرحت لنا التوراة وتلاها الانجيل رموزا للمخلص تعدى رسمه وشخصه وامتيازاته مساحة المجيء الثاني للسيد المسيح (ع) فأن هذه النبوءات لم تنسى الامة المعدودة أو صحابة ذلك المنقذ الذين سيباشرون معه ادارة الارض واقامة دولة الحق ولكي يتحقق العدل الالهي على الارض فأن مستلزماته ستستوجب صياغة شخصيات الهية بأمتيازات راقية تفوق كل صحابة الانبياء ذلك ان صاحب التغيير الاخير سيعمل بسبعة وعشرين حرفا وهي رسالة تمكين الهيه امتاز بها كي يسيطر على سلطويات الأرض ومستبديها ويستحدث علوما لم تأخذ دورها في الامم السابقة كعلم التوسم  فكان من الطبيعي أن يفيض بأذن الله على مجموعته الخاصة من الامة المعدودة ببعض العلوم والامتيازات الخرقية التي تمكنهم من السيطرة على العالم وتطبيق العدل الالهي فيه  حتى ان هذا الامام العتيد سيحكم مجموعته بقانون اخلاقي يضيء في نفوسهم ظلماتها وتنبعث في عقولهم اشراقة الفيوضات الالهية التي  تمنحهم التوازن في التعامل مع العالم الخارجي وتجاوز المحن وتصير احكامهم متوافقة مع مطاليب السماء دون شطط او زيغ أو هوى نفسي  فيتدخل بذلك الامام (ع) في رسالة التمكين ويلقن اصحابه ويفيض عليهم فيتم أزاحة الحجب الظلمانية التي أحاطت بفطرتهم نتيجة الادران  وكدر الرغبات والميول الهوائية لمطاليب الحياة فيبزغ نتيجة هذه الفيوضات فجر الفطرة الانسانية السليمة بعد رحلة التطهير التي  سيشرف على مراحلها الامام (ع) بنفسه  فيتحقق بذلك مفهوم الحديث القدسي (( عبدي اطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون ))  وفق قاعدة المنة الالهية الضرورية  لتتوفر المكنة المناسبة للأمة المعدودة (( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِين)).
فدانيال أوعز الى  مجيء مملكة عتيدة يرئسها أبن البشر تدوم الى انقضاء الدهر ليبقى هذا الموضوع من الموضوعات التي أثارت  جدلا واسعا في الوسط الديني العالمي إذ يلوح المسيحيين أن المملكة العتيدة قد أسسها يسوع المسيح سلفا وستستمر الى انقضاء الدهر في حين يتصل التوراتيون بشخصية عسكرية أو لنقل غالبية تمتلك أدوات القوه والنصر والعون الإلهي ستقيم مملكة السماء الأرضية قسرا بالقوة وترغم أنوف الجبابرة وترضخ جميع البشر لقانون السماء الموحد لكن التوراة تطرح مشاريعا وهويات ترجع  نسب داود بالضرورة في حين يطرح المسلمون شخصية تمتاز بامتلاكها لنفس الأدوات التي أشارت إليها التوراة كالقوة لترسيخ عدل الله وسيادة شريعته الموحدة .
ومن هنا فأن المملكة العتيدة في نظر النبي دانيال هي التي سترغم الخارجين عن قانون الله  الأمتثال له وهي ليست مملكة يسوع المسيح المسالم الذي كانت مهامه نسخ الشريعة الموسوية الجريحة والتبليغ بالبشارة الرؤياوية الابوكالبتيبة لما بعده والتي اختصت شخصيات مستقبلية والحديث عن تغيير شرائعي وقانوني جديد سيسود الأرض كما فعل غيره من أنبياء التوراة ومن ثم أخبر عمن سينجس إنجيله وهذه الحقيقة لايمكن أن يقر بها المسيحيين المعتنقين لعقيدة الثالوث والتي أقرها برنابا بإنجيله الذي يحمل تلك المعطيات , أما اليهود فهم غير مندوبون لهذه المهمة لأنهم أسقطوا أنفسهم من امتياز الاختيار باستمرارهم في تحدي قانون السماء ورفض رسائلها بعدما رفضوا رسالتي يسوع  التي ألزمتهم نسخ شريعتهم ولازالوا معترضين عليها حتى اليوم وألا لأنضووا تحت شريعتها , لذلك يبقى الخيار الرؤياوي المطروح مختصا بأمة ومخلص عتيد من غير عرقهم أو ملتهم تبدوا ملامح شخصيته جليه من خلال مايعرضه كتابهم المحرف بعهديه القديم والجديد وحتى الذي طاله التحريف والتصرف يأزر بحقائق ويدلك على تناقضات معالمها أبين من نور الشمس ,  وبأي حال نرجع  ماتناوله دانيال بالشكل الذي سيصب بما ذكرناه من معنى .. ففي [ الفصل 2 الايات 44]  في مستهل عرضه للممالك التي ستنهار والممالك التي ستحيا أغتنم دانيال الفرصة للإفصاح عن المملكة العتيدة الموعودة التي يثبت فيها الملك  الأبد:
(وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم اله السماء مملكة لاتنقض  الأبد ولكنه لايترك لشعب آخر فتسحق وتفنى جميع تلك الممالك وهي تثبت  الأبد)
وكأن دانيال أراد أن يثبت لنا من خلال الصورة القصصية بأن شرائط المملكة تحتاج  أدوات القوة والسبل السببية وأما مملكة الرب فلا تتعدى القانون السببي على الإطلاق على أنها تقدم الشرط الروحي والإيمان العميق واليقيني لسلطة السماء القوة والقاهرة اللذان سيقهران كل متجبر وقاهر على رعية الله والا فأن بني إسرائيل ما كانوا ليستقيموا في بعض المراحل لولا العقوبات الإلهية بتسليط المسببات الأرضية لأنها لغة قريبة ومفهومة يستجيب لها العصاة في التوجه لإلههم وشريعته, ويفترق الناس هنا بمنازلهم من خلال يقينهم وعدم افتتانهم بالأداة المادية ,  لذلك لن يعدم الرب الحلول السببية وهي شروط ضرورية لإخبار بني البشر لذلك منهم من يؤمن بحبر على ورق لشدة يقينه ومنهم من يحتاج  المعجزات المادية , ولن يعدم الله الحجة في النهاية وعلى حد قول السيد المسيح بهذا الصدد  "  طوبى للذين أمنوا بملكوت الرب  دون أن يروه "  ليؤكد منزلتهم الرفيعة في حين لا ينسى الذين رؤوا المعجزات وأعطاهم حظهم , لكن العاقبة السيئة لمن لم يؤمن بكلا الحالين وقد أتصل هذا الحال بالسياق التاريخي الطويل لبني إسرائيل.
فالمملكة التي تعرض لها دانيال أو حكومة الله على الأرض هي ليست طرحا سلميا سيستهوي سكان الأرض بوثنيتهم ومعانديهم وديمقراطيات التعددية الدينية التي ترى كل منها أحقية مشروعها الروحي وتستقتل من أجله , والتاريخ دليل قاطع على عدم قيام ملكوت يرغم أهل الدنيا كلهم تحت لغة توحيدية واحدة  أو لنقل مشروع عبادي واحد وألا لكان قد تم في عهود الأنبياء بما فيهم يسوع المسيح أو موسى أو لنقل نبي الإسلام ,  في حين ظلت تلك الديانات محتفظة بهويتها وصحة معتقدها وتمام مشروعها الروحي وظل كل يدعي على اللآخر وخالف البعض حكمية نسخ الموضوع الديني أو الشريعة بعد أن تحولت كتبهم السماوية  مشاريع رخيصة لأصحاب الغايات الضحلة على مر تلك الدهور فأين وجهة الحقيقة ؟
أنها المملكة العتيدة التي ترغم كل شعوب الأرض من يهود ومسلمين ومسيحيين ووثنيين وكل عبدة الآلهة الأخر للانقياد والانضواء تحت شريعة وقانون سماوي موحد وشامل لأنه وعدها الذي أخبرنا عنه في كل كتبها السماوية المنزلة.
تلك هي المملكة التي أرادها دانيال وأدلت عليها حكمية ورود خبرها ضمن سياق الإحداث الحربية والحملات العسكرية التي قادها ملوك الممالك التي تعرض لها دانيال من عصر نبوخذ نصر وسنحاريب وأسرحدون وغيره فأقتران هذه النبوءة وتعمد أدراجها ضمن الأسفار التي تروي محن الحرب والأسر والدمار يشير إلا أن البشر لايؤخذ إلا بهذه اللغة لذا ضرب له المثل بما أراده وفهمه فمقصو دية الله هنا تختص معظم البشر المعاندين وهم السواد الأعظم من الإنسانية الضالة لذلك كان على دانيال أن يبلغ بقيام مملكة عتيدة يقودها مفوض سماوي يحمل صولجان القهر والقوة والغلبة في يد وعدل الله وشريعته وقانونه السامي في اليد الأخرى ليقتص من كل المعاندين .
وإذا تمعنت في مدلولات كل النبوءات حتى في الكتب المحرفة فأنها لم تعطي هوية ذلك الملك إنما حددت هوية افتراضية بمشتهيات ورغبات انفعالية ترجع  عقدة عرقية أو دينية ,  فعقدة أبناء داود هي عقدة تلمودية قديمة لم يكن اليهود ليقدروا على تفاديها في معتنقهم حتى أنهم أورثوه للمسيحية لتتورط بنفس الورطة المستهلكة مع العلم أن المسيحيين لديهم نظرية الدليل الاشراقي واليقيني وهي أقرب اليهم من اليهود مع ذلك أصبحوا أكثر غلوا من اليهود أنفسهم في أمتياز النسب ليهدم يقينهم الاشراقي الذي يعول عليه دائما في معرفة الحقيقة والا فما ثمرة العقل وحده وهو الذي آلت معرفته غير المؤيدة بالنور الاشراقية  فساد الشريعة والتمرد على قانون السماء .
ونقول مإذا لو كان المعني بالتغيير أو المنقذ من أبناء  وليس أسحق ومإذا يضير اليهود أو المسيحيين وغيرهم مادام هو أبن لإبراهيم أيضا وأن مشروعه هو إقامة عدل الله ومإذا لو أيده المسيح الذي سيظهر معه ؟ هل سيرى اليهود والنصارى موجبا للتمسك بنظريتهم وعقدة النسب .. ومإذا لو صدقت الاطروحة الابوكالبتية لبعض المسلمين والقائلة بظهور منقذ أو مهدي يشبه المسيح الحربي عندهم أو المجيء الثاني ليسوع ويؤيده ظهور المسيح فهل سينكرون المسيح للمرة الثانية ؟
على تلك المكونات الدينية أن تؤجل سخريتها وتتناول هذه المباحث ولو على سبيل الفضول بشرط التخلي عن الروح الانفعالية ودواعي التعصب وتجاوز عبادة النسب ولو مؤقتا ولتتحقق مما في أيدي هذه الفئة القليلة من المسلمين لأنها تدعي بدينونة صغرى تقوم على المسلمين أنفسهم أولا وتقلب عاليهم سافلهم وتطيح بكل الرؤوس المعاندة والمخالفة لشريعة السماء وتعرض قانون الله كما يعرفه موسى وعيسى وكل الأنبياء بما فيهم نبي الإسلام , وهذه الفئة تفترض قيامة هذا المفوض السماوي أولا على المسلمين ليحكم فيهم بالعدل ويقتص ممن تجاوز على شريعة الله وسوفها وحرفها أو عبث ببعض مصاديقها وأصولها .
إذا كان هذا المصداق من موجبات عقيدة هؤلاء لم نجعل عقدة داود عثرة في الاستغراق معهم في أطروحتهم واللجوء  طلب السند من الرب وحده في تأييدنا بالدليل الاشراقي والنور اليقيني لعين هذا العقل الذي لهث كثيرا باستيعابه لنظريات الماضي الهزيلة  والمثيرة للشك والجدل ,  هل الأولى منطقا العناد والرجوع  خيارات العصبية الدينية أم الرجوع  الله والتماس النور والإلهام ليدلنا على فرز هذه الحقائق واستخراج الدليل الحقيقي منها  . وعموما لن نقطع سبيل البحث والتقصي مادام ذلك مرتبط بتوفيق الرب ومقترن بالنور الاشراقي المفترض أذ لايمكن أن تستحصل الحقائق اللاهوتية جاهزة دون عناء وبلا مقابل وألا لما اتخذت هذه القضية كل هذه التعقيدات والمغيبات وطلسميات أخبارها ووقائعها وأشراطها لذلك من البديهي أن تبرز الحالة العبادية التي تدعوك  معرفة صاحب زمان التغيير والتمحول على الأرض من الديانات المتعددة  وحدة الدين والقانون الواحد والشريعة الواحدة والتوجه نحو السماء التي يسودها آله واحد.
ولعلك إذا تأملت عند قراءتك لسفر دانيا فستجد نفسك تجاه شخص لا يأبه للروح العرقية والعصبية فهو مشدود  ربه أكثر من شدة شده  روح قومه ونسله وآبائه ويفيض عليك بمناجاته الشفافة عند طلب العون الإلهي ويميل  الثقة بقوة هائلة للإجابة الالهية دون أن يوسط أحدا لأنه قد أتصل بخط عبادي نقي مع الله فهو قلما يشير  موضوع الانتساب  داود بل يرجع في الأغلب  إبراهيم وهو حتى في هذا فأنه مقل وكأن العلاقة بينه وبين الرب غير خاضعة لرهان أو مساومة أو تسهيل وضعي أو افتراضي كنظرية النسب فهو رسالي بقدر اتصاله بقضيته الجوهرية وهي الوحدانية التي فرضها على الوثنيين من الملوك كنبوخذ نصر وأبنه شلمنصر .
وهكذا ترى حتى نبوءته العظيمة في [الفصل 7] التي يسترسل فيها وكأنها بانوراما تاريخية تتعرض لمجريات التي تحدث أو ستحدث في ممالك الأرض منذ عصر مابعد دانيال وحتى موضوع نبوءته المستقبلية العظيمة التي يستذكر فيها فتنة الدجال وأمده على الأرض حتى يعطي السلطة لملك يدين السلاطين له ويدفع  قديسي الأرض مع ملكهم.
التوراة تحسم هرمجدون ضد بني  إسرائيل
لم تقرع الكتب السماوية بني اسرائيل بالقدر الذي قرعتهم التوراة واستبعدتهم من تركة احداث التغيير عند ظهور المخلص بل ادانتهم وتوعدتهم بقيامة ومقتلة عظيمة لهم في هرمجدون الا القليل النزر ممن سيستسلمون للقائم (ع) في حين تحدثت التوراة بمقتلة عظيمة تنتظر بني اسرائيل جراء تسلطهم وتجبرهم وعتوهم في الارض وانقلابهم على شريعة السماء والقانون الالهي ونحن ندعوك للتأمل بالآيات الاتية من نبوءة ميخا وهي [8-12 الفصل 1] “لكني قد أمتلأت قوة بروح الرب وحكما وبأسا لأخبر يعقوب بمعصيته وإسرائيل بخطيئته , أسمعوا هذا يارؤساء آل يعقوب وحكام آل إسرائيل  الذين يمقتون العدل ويعوجون كل أستقامة , الذين يبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالأثم , أنما رؤسائهم يحكمون بالرشوة وكهنتها يعملون بالاجرة وأنبيائها يتخذون العرافة بالفضة ويعتمدون على الرب قائلين أليس الرب في وسطنا فلا يحل بنا شر , لذلك ستحدث صهيون بسببكم كحقل وتصير أورشليم رجما وجبل البيت مشارف غاب”. وقد ترى أن سياق التقريع لميخا لايختلف كثيرا عن أشعيا والأنبياء الاخرين لكنهم جميعا أرادوا أن يصلوا  بهذه الاخلاقية  السابقة ويتصلوا بها في بعد رؤياوي خفي بالاخلاقية المستقبلية التي لن تختلف عنها وكأنهم بهذا أعطوا المشروعية المناسبة والامتياز المقبول بوضع صيغة مقارنة بين الذهنيتين ونفسية كل منها  في الجيلين  العتيق والجديد ويعطوا سماته الاجتماعية المنهارة وفكره الديني المحرف , وبهذا لم يعطوك سببا واحدا للاعتزاز بهذه الشخصية وحسب معطياتهم المستمرة التي ضمنوها توراتهم وأطروحتهم الرؤياوية ودون أن يتجاوز الملهم  التوراتي الثلة الناجية وهم المؤيدون بأسباب عقلية ويدعمها السبيل الاشراقي والنور الإلهي الذي استحقوه بمقتضى أدائهم دون النظر ما إذا كانوا من نسل داود أو من غيره وتلك الحقيقة لم تتخطاها أحيانا حتى الأدبيات المحرفة بما سيسقط نظريتهم العرقية الأبدية , وكنا قد أسلفنا أن تلك الصراحة في الموضوعات التي تتضمن أدانتهم والتي تتكفل بتجاوز الشرط العرقي أنما بقيت صامدة حتى في أسفارهم المحرفة لحكمية إلهية ومن أجل هذا نقوم اليوم بالتجوال دون خوف من التعرض لإحباط الاتهام بإسرائيليات الطرح  الذي يتغنى بها بعض المسلمين لنتصدى لأخطر موضوع لاهوتي ولو لا الضمانة التي نألفها في نجاة الكثير من المعطيات اللاهوتية في الكتب المقدسة وسهو المحرف القديم عن غالبية هذه الأدبيات لعدم تمكنه من فهم أبعادها الموضوعية ومساحة وهوية تغطيتها اللاهوتية , لما لجئنا  اعتماد هذه الكتب ونصوصها كخيار للبحث والتقصي عن الحقيقة وألا فأن تلك الضمانة ليس حلا وهميا ذرائعيا لبناء موضوع بحثي  , فالحقائق التي تطلق ألسنتنا دون استنطاقها تعد ضمانات أصيلة ليس من العقلانية تجاوزها مادامت تضعك على محك جاهز للحوار مع الآخر دون تشنج وجاهزية هذه الحقائق تكمن في صراحتها ووجود النقيض في القسم الآخر منها بما يسيء الى الكثير من الثوابت التي لاتقبل النسبية أو الخيار الوضعي ولا يفيد معها الحل الانفعالي والنزعات النفسية القاصرة التي تميل الى تقديس العرق بل يصح معها تحليل تلك الحقائق بتجرد ووعي يلزمه الكثير من الشجاعة ونكران الذات وقدر هائل من الموضوعية وتجاوز العقد الدينية والتاريخية الذي صاغته الأيادي المتصرفة ولم يتدخل فيه الفاعل المقدس  والممثليات الإلهية الأخرى , ومهما تحمل الحقيقة من قساوة وصراحة يبقى عنوانها حقيقة والا فأن تجاوزها لا يثبت ولادة جديدة مشروعة ستعتمد على أنها حقيقة , ومن هنا كان البناء الوهمي للموضوع السماوي والانقلاب على أصله في غيبوبة اختيارية كمن يتعاطى أقراصا للهلوسة ويضلع في جريمة قتل أو كمن يحصل على التوكيد بأن الخمر يضمن له أداءا مناسبا لارتكاب جريمة قتل بلا تردد ثم يطالب بالبراءة لوقوعه في حالة السكر , هكذا حصل للموضوع اللاهوتي التوراتي ومنشئيه المتصرفين. ففي الفصل الرابع يتعاطى ميخا المحرفة مادته الموضوعية طرحا يختص بالضمانة النهائية لأسباط داود ويضمن لهم الأداء المقدس في الرحلة الأخيرة للتغيير بحيث يعطيهم الامتياز في تثبيت شريعة الرب وفرضها على الأمم المتمردة وبأيديهم بالقهر والغلبة .. على أنه ابتدأ في الفصلين الأول والثاني من سفره بإعطاء مسحا شاملا لأخلاقية الشعب المنهار المنحطة بقوامها العام من مدن ورؤساء شعب وكهانة ضالة كما فعل أنبياء التوراة من قبل وما كانت هذه الهوية لتعطي بيانات ايجابية أو حتى أمل صريح في انقلاب ايجابي اللهم ماعدا حالة الاطمئنان للحل العنصري الذي  يولونه أهمية عالية والتي يميل إليها الكاتب التوراتي المتورط بشروعه دغدغة مشاعر الشعب المرتد فقد أستهلك هذا المشروع نفسه بالطريقة المملة التي يلح في طرحها ومكانها المعهود في كل نص حيث ترد في نهاية النص دائما على اختلاف هويات كتبتها وأزمانها كشرط أساسي لختم النص والانتهاء من موضوعه وكأن على هذا المنشيء المحرف مطالب بأيجاد وسيلة كهذه يخرج الشعب المتورط من مأزقه مع الله وأنقاذه من السقوط من أعين الناس  الابد مع العلم أنهم أهل كتاب ويعلمون أن خداع الرب مهمة خاسرة تماما فوقع الإنسان ضحية لهذا الخداع الذي أنطوى عليه لضعف ملكته الروحية والاخلاقية والنفسية وهشاشة أداءه العبادي تجاه خالقه فكان حتما أن تنطوي عليه قصة التحريف . وفي الفصل الرابع  يتصدى ميخا لأدبيات ظهور شخصية ستأخذ على عاتقها أرغام الامم للتعايش بسلام والانقياد لشريعة تطبيقية وفكر ملزم موحد فترغم جميع هذه الامم عن التخلي عن عقيدة الحرب والدمار ليطرح مشروعا سلام أبدي لن يكون معه عودة للتمرد ويطاح بسلطويات الأرض من الامم المتجبرة لتعلن شريعة وسلطة الرب وحدها على الأرض وبالرغم من أن المسميات الموجودة تظهر مصلحة توراتية نفعية وأشارة عرقية وتدلل على بصمة المحرف الذي بالغ بأعطاء ذلك الدور المبالغ للشعب المنهار , ألا أننا نسلط الضوء على جوهر الطرح العام وخصوصية الحدث وزمانه وسنتجاوز المسميات والادوار المزيفة المستهلكة للأمة المدللة لنورد مسحا موضوعيا لهذا النص الوارد في   :  [ الفصل 4:] “ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يوطد في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري له الشعوب وينطلق أمم كثيرون ويقولون هلموا نصعد  جبل الرب وبيت أله يعقوب وهو يعلمنا طرقه فنسلك في سبله, ويحكم بين الشعوب الكثيرين ويقضي للأمم الأقوياء  بعيد فيضربون سيوفهم سككا وأسنتهم مناجل فلا ترفع أمة على أمة سيفا ولايتعلمون الحرب من بعد , ويقيم كل واحد جفنته تحت تينته ولا أحد يذعره لأن فم  رب الجنود قد تكلم , في ذلك اليوم يقول الرب أجمع الطالعة وأضم المدحورة التي عنيتها . وأجعل من الظالعة بقية ومن المقصاة أمة قوية فيملك الرب عليهم في جبل صهيون من الآن  الأبد “. اما النبي عاموص فقد  إبتدأ رحلة أخرى في معاقبة  ومقاضاة الشعب الضال ليكمل ما بدأه سابقه يوئيل فيزيد هذا الشعب بعدا عن أي أداء إشراقي مستقبلي.
[الفصل 8 الآية 2 ] : " فقال الرب لي قد أتى الانقضاء على شعب إسرائيل فلا أعود أعفوا عنه من بعد”. ليؤكد حقيقة هذا الشعب العاق الذي لا يستحق العفو بلا مقابل وبلا حساب فقد أبغ هذا النبي القروي في تثبيت بيانات عدل الرب في ملامسته لقضية جنوح شعب يهوا فهو لم يعد أحد بشيء من الوعود المستهلكة في طول التوراة وعرضها بل ميز القليل النزر ممن سيغربل من آل يعقوب والا فكل بني إسرائيل موصومون بالشر عند عاموص النبي وقال بأن الرب سيبطش بهم بطشة لاعدول له عنها  فلا يهرب منهم هارب ولاينجو منهم ناج حتى يصرح عاموص  بأن الله سيدمر مملكة الخاطئين هذه إلا القليل من آل يعقوب سيخصهم الله بالنجاة بالاستحقاقات التي ذكرناها سابقا وقد أورد النبي عاموص هذا المضمون في رؤياه في [الفصل 9 الايات 1-5:] “ رأيت السيد الرب واقفا على المذبح فقال أضرب النجران فتزلزل الاعتاب ويحل سحتهم على رؤوسهم جميعهم , وأني سأقتل أواخرهم بالسيف فلا يهرب منهم هارب ولايفلت منهم ناج , أنقلبوا  الجحيم فمن هناك تأخذهم يدي أو صعدوا  السماء فمن هناك أنزلهم , وأن أختبئوا في رأس الكرمل فمن هناك أفتش فآخذهم , أو أستتروا أمام عيني في قعر البحر فمن هناك آمر الحية فتبلعهم”. وفي [ الآية 8 الفصل 9]  يقول عاموص  " ها أن عيني السيد الرب على المملكة الخاطئة فأدرها عن وجه الأرض ( في أشارة مركزة على أحداث هرمجدون )  إلا أني لا أستأصل آل يعقوب استئصالا يقول الرب ...  أن يقول في الآية  [10 فصل 9] " وبالسيف يموت جميع خطأة شعبي القائلون أن الشر لايدانينا ولايدركنا “. 
بحيث لم يبق النبي عاموص شكا في ذلك اليوم المحتوم وسقوط جبابرة صهيون في واقعة "هرمجدون" التي وضعوا لها تضاريسا وخريطة تخدم أوهامهم المريضة وتباهوا بنصر لن يكون له وجود إلا في خيالهم فهم قد جمعوا أنفسهم ليوم لايعرفون عقباه بل يتناسون عاقبته بعد كل هذه الانذارات  والفرص الهائلة التي أحاطتهم السماء بها مرار. وهكذا توعدهم النبي باروك بقوله لاتجعلوا امة اخرى (( امة القائم المعدودة ))  تأخذ منزلتكم وتقاضيكم وتذهب بمنزلتكم ياآل يعقوب فتذهبون ادراج الرياح ويقع عليكم العذاب وقد بدا من كاتب سفر النبي باروك الذي يلي أرميا بأنه كاتب متأخر كثير الانفعال نتيجة وقوعه على سر أمة ستأخذ مكانة بني إسرائيل ولن تكون منهم ولن تخلف مجد داود الذي أضاعوه  فيكون أن  منشيء سفر باروك النبي منشيء غير حقيقي وأن مدونات ذلك النبي قد حرفت أغلبها ,  رغم ذلك فقد توافق موضوع أرميا وباروك النبي  مع مجمل ما أتت به التوراة وبانفعال وإلحاح شديد مشوب باليأس وتحذر من أمه يقودهم مخلص ,  يبدوا من انفعالية ويأس ذلك المنشيء المتأخر بأن نسبه وأصله سيكون من خارج نسب داود بما في ذلك  الفئة التي ستظهر معه وتأخذ هذه الإفاضة الدقيقة من الفصل : [ -4 للنبي باروك الآيات من 2-3] “تب يا يعقوب وأتخذها وسر في الضياء تجاه نورها. لا تعط مجدك لآخر ومزيتك لأمة غريبة”. فلو كان المعني بهذه الصورة يسوع ومصدقيه فهو من آل داود والمصدقين به هم أغلب بني إسرائيل ولعل مثل تلك الصورة تذكر بتركيز في أغلب الأسفار الملهمة إذ تبكي مجدا سوف يزول  الأبد وهو سقوط اليهود من دائرة الاجتباء والخطوة التي ينظرون لها دائما ودون هوادة. غير أنهم متيقنين من أن مصيرهم بائس ومجدهم ذاهب بعد أن خانوا الله و أنبيائهم وكتابهم .
لهذا السبب فقد ابتدأ الساسة والملوك والكتبة المتأخرين من الكهنة بمشاريع تحريفية يعيدون بها مجدهم الذي سيفقدونه حتما لينطلي هذا الوهم عليهم بالنتيجة ويضعون أنفسهم وسط دوامة أخرى من الزيف والتمرد وهي ردة فعل الخاسر والمتيقن بمصيره المحتوم,  ويبدوا أن هذا المعنى مؤكدا في الآيتين التي ذكرناها .
تحقيقات
القوى الكامنة في الإنسان والاتحاد((الإنسي ـ ملكوتي))
إن للإنسان وجودان وجود مادي , ووجود ذاتي . ونرى أن الوجودين متداخلان متناسقان على الرغم من النقص الموجود فيهما , ولكن حكمية الجعل الإلهي رتبت هذا الأمر بهذه الصيغة ليكلف الإنسان في معرفة ذاته وعلة وجوده , ومن خلال معرفة الذات تتم معرفة الله تعالى.
ليسير من خلال ذلك إلى الكمال المنشود في الوجودين لان الوجود المادي له طبيعته التكوينية الخاصة التي ينتقل الإنسان خلالها من الجسدية الكثيفة إلى الجسمانية الشفافة وهذه غاية الكمال الجسدي , أما بالنسبة إلى الوجود الذاتي فعلى الإنسان أن يسبر أغواره ليستدل من خلاله على عظمة المعبود وإبداع الله تعالى في الخلق والإيجاد وجعل الإنسان الخليفة الإلهي الذي يرث الأرض, وكذلك معرفة ما أودع الله تعالى فيه من طاقة عظيمة ومن خلال إتباع ما أمرت به السماء من الأوامر والنواهي لتحرير تلك الطاقة إلى الوجود كما أن الله تعالى جعل ارتباط الذات الإنسانية بهذا العالم عن طريق تلبس الأرواح بالأبدان فجعل النفس صلة ذات الإنسان بهذا العالم والذي من خلالها يكتشف هذا الوجود ويتصل ويتفاعل معه ويؤثر فيه ويتأثر به حسب مرتبته الوجودية ومرحلته الإيمانية .
لذلك فالإنسان محتاج إلى فهم ثلاثة عوالم : عالم الذات الإنسانية , وعالم الطبيعة , وعالم ما وراء الطبيعة  ليسعى إلى التنسيق بما أودع الله تعالى فيه من القدرة النفسية على التوفيق بين المثالية المودعة في فطرة ذاته وبين مستلزمات الوجود ومقتضياته وضرورياته , ليسير هذا الإنسان إلى دار المقام بما يضمن له الحصول على رضا الله تعالى .
إن فهم الإنسان لذاته ولعلة وجوده يمَكنه ذلك من معرفة طاقته الكامنه وتحريرها والسعي إلى الاتحاد مع العوالم من اجل تهيئة القاعدة لتحقيق أطروحة العدل الإلهي في الظهور المقدس الشريف .
وهنا لابد أن نعرف إن عالم الأرواح المقدس والتي هي أهم هذه العوالم لها مستلزماتها ومقتضباتها وضرورياتها وتتمتع بقوانين خاصة أنهم مع كثرة عبادتهم و عدم إقدامهم على الزلات يكونون خائفين وجلين حتى كأن عباداتهم معاصي قال تعالى (( يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ويفعلون مايؤمرون )) وقال (( وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)) قوله تعالى (( حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)) ومن الممكن جمع القانون الإلهي المتحكم بهذا العالم الملكوتي بقاعدة النص القرآني الذي قال الله تعالى فيه (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ )) وقوله تعالى    (( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ  يَعْمَلُونَ)).
وتقتضي عملية الاتحاد الإنسي  الملكوتي معرفة هذه المقتضيات والضروريات والقوانين التي تحيط بهذا العالم من اجل تهيئة القاعدة الإنسانية لعملية الاتحاد والاتصال بحيث لا يحصل خرق لهذه النظم ونحرص على أن لا يحصل خلل في هذه العملية , كما أن عدم معرفة هذه المقتضيات والقوانين تعد مانعا لعملية الاتحاد والاتصال .
إن عملية الاتحاد والاتصال لا تتم إلا أن يسمو الإنسان بنفسه إلى النفس القديسة المطمئنة وعلى أن يتماثل تماثل تطابقي مع الملائكة وفق النص القرآني ((لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ )) وقوله تعالى (( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)).
فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة من الطهارة والطاعة والنقاء أزاح بذلك الحجب الظلمانية التي تغشى الفطرة كما يزيح الفجر الصادق غشاوة الليل المظلم وهنا يبزغ فجر الفطرة وتشرق عليها الأنوار الربوبية فيضحى الإنسان في عالم الكشف والشهود والتعريف الإلهي كما قال الحديث الحاكي عن أصحاب القائم ((يبايعونه بين الركن والمقام اسعد الناس أهل الكوفة ويقيم المال بالسوية ويعدل في الرعية ويفصل في القضية يخرج على فترة من الدين ومن أبى قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله (ص) كان يحكم به وأعدائه الفقهاء والمقلدون يدخلون تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق عن شهود وكشف وتعريف الهي وله رجال يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة........ الخ. بشارة ألإسلام : ص : 333)).
ليضحى بذلك هذا الإنسان الخليفة الإلهي الوارث لهذه الأرض المباركة وليحقق عليها أطروحة العدل الإلهي وهنا يكون الإنسان المبارك محط ومزار الملائكة (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا تتنزل عليهم الملائكة )) فعملية التنقية من الشوائب تجعل قلب الإنسان كعبة وحرما لله تعالى كما حكى لنا الحديث القدسي الشريف (( لولا أن الشياطين يحومون حول قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات)).
إذن عملية الاتحاد والاتصال مع الملكوت تحتاج منا إلى طهارة بالغة الدرجة والى النقاء القلبي .إن عملية الاتحاد والاتصال تعود بفوائد لا تحصى منها أنها تعطي الإنسان القوة الخارقة لمجابهة الظلم المتفشي في أرجاء المعمورة بحيث تتصاغر أمام هذا الإنسان(( الذي يمثل سطوة الله تعالى )) التكنولوجيا الحديثة للأسلحة , على شرط أن يكون هذا المشروع مشروع سماوي بإشراف المصلح الغيبي ليستطيع الإنسان من خلاله خدمة المشروع الإلهي وليس خدمة المصلحة الشخصية وإلا لم نخرج من دائرة الظلم. كما لا يخفى أن الملائكة أولو قوة في دحر مردة الشياطين والجن وهوام الأرض كما ذكر لنا أمير المؤمنين (ع) (( وإن الله برأفته ولطفه أيضا وكلهم أي الملائكة بعباده يذّبون عنهم مردة الشياطين وهوام الأرض وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله تعالى إلى أن يجئ أمر الله تعالى )) ,  وهنالك تأييد لله تعالى لمن رقى بنفسه إلى الخلوص والطاعة والانقياد بحيث أضحى هذا الإنسان عارفا بنفسه وبربه محترقا بالشوق إلى الله تعالى يسلبه هذا الشوق راحة فؤاده حتى يطمئن بأن أصبح في ساحة القرب إلى الله تعالى بعد أن طهر ذاته وكشف حيل إبليس (لع) في إغوائه حتى آيس من غوايته , فعن أبي عبد الله(ع) قال (( ما من مؤمن إلا ولقلبه أذنان في جوفه أذن ينفث فيها الوسواس الخناس وأذن ينفث فيها ملك فيؤيد الله المؤمن بالملك فذلك قوله( فأيدهم بروح منه)).
ولا بد هنا من أن نعرج على عملية التأييد التي حصلت في معركة بدر وما علة عدم حصول الاتحاد والاتصال ؟
أيد الله تبارك وتعالى المسلمين في معركة بدر بثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا نصروا المسلمين في هذه المعركة فقد ذكر لنا التاريخ هذا الإرث المبارك ألا أنه لم تحصل حالة الاتحاد والاتصال مع الملائكة وكان في الحقيقة أن المسلمين لم يبلغوا من مكارم الأخلاق ما كان مطلوبا منهم في تلك الفترة كما أن الإرث الجاهلي كان من الصعوبة الخلاص منه والانتقال إلى ما يطلبه الإسلام من رجولة إلهية خالية من الرجولة البيئية الموروثة والتي كانت محل تفاخر وتناحر بين الناس والطبيعة الخاصة بالرقعة الجغرافية كان لها قسوتها أيضا والعادات القبلية الموروثة حيث كان الثأر والقتل والغزو عادة عندهم وكانت هذه الظروف أو تلك مانعا من عدم التكامل والوصول إلى أعلى مراحل التهذيب والتكامل التي كانت شرطا رئيسيا في عملية الاتحاد والاتصال  كما أن مكارم الأخلاق لم تثبت عند البعض وهذا مما وثقه التاريخ لنا من خلال معركة أحد حيث ترك المسلمون الجبل ولهثوا وراء الغنائم وكانت سببا في خسارة الحرب ولهذه الأسباب كان نزول الملائكة تأييدا لا إتحادا. وعودة إلى ذي بدء نرى من خلال ما تحقق من علامات الظهور المقدس الشريف وقرب مستوى الظهور كان من الواجب علينا بناء القاعدة الإنسانية للرجل الإلهي من خلال البناء الأخلاقي والروحي لننقل أنفسنا من خلاله من النفس اللوامة إلى النفس المطمئنة القدسية لتكون راضية مرضية متنورة بالأنوار الربوبية مشرقة عليها الفيوضات القدسية الإلهية وبها نستطيع الاتحاد والاتصال مع العوالم المختلفة لنكون وحدة لهذه الذات مع ذوات الموجودات لنحصل من خلاله على خلاصة (( عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشئ كن فيكون)).
فإذن عملية الاتحاد والاتصال التي بها يرقى الرجل الإلهي الأسباب تحصل الخوارق من العادات ومن خلال التخلية من الرذائل والتحلي بالفضائل وهذا يكون سببا في تحرر الطاقة الكامنة وتوهجها وهو بالتأكيد كما ذكرنا راجع إلى بلوغ أعلى درجة من الكمال الموهوب بحيث تتم عملية الاتحاد والاتصال مع العوالم المختلفة وبالتأكيد إن هذا الفعل متوقف في القضية الإلهية الكبرى على ساعة الصفر التي يأذن بها الرب للمولى في الخروج بعدما يكتمل النصاب العددي والأخلاقي والروحي لدى الأصحاب  وندرج هنا أحداث مستقبلية على ضوء ما ذكر التاريخ على لسان الأشهاد من أهل البيت عليهم السلام لتكون لنا منارا وعلامة نعمل بموجبها :
1- عن أمير المؤمنين(ع) قال (( ..... ثم يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلها فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعابون في قضاء....))
بشارة الإسلام ص308
2- عن أبي جعفر(ع)((.... أنه لو قد كان ذلك أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلا وجعل قلوبكم كزبر الحديد ، لو قذف بها الجبال لقلعتها وكنتم قوام الأرض وخزانها)) روضة الكافي ص240 ح229وبشارة الإسلام ص321.
3- قال أبي جعفر(ع) ((إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم)) بشارة الإسلام ص328
4- الخسف في البيداء :
عن أمير المؤمنين(ع)أنه قال المهدي أقبل جعد بخده خال يكون مبدؤه من قبل المشرق و إذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه و يأتي المدينة بجيش جرار حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به و ذلك قول الله عز و جل في كتابه وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ  وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ الغيبة للنعماني ص : 305
5- قال أبو عبد الله(ع) إذا أذن الإمام دعا الله باسمه العبراني فأتيحت له صحابته الثلاثمائة و ثلاثة عشر قزع كقزع الخريف فهم أصحاب الألوية منهم من يفقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة   ومنهم من يرى يسير في السحاب نهارا يعرف باسمه و اسم أبيه و حليته ونسبه قلت جعلت فداك أيهم أعظم إيمانا قال الذي يسير في السحاب نهارا وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الآية أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً الغيبة للنعماني .
6- طي الأرض : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد(ع) بينا شباب الشيعة على ظهور سطوحهم نيام إذ توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير ميعاد فيصبحون بمكة . الغيبة للنعماني ص : 317
7- السير على الماء .ولا يستشكل عليهم شئ في القضاء عن محمد بن جعفر بن محمد(ع)عن أبيه(ع) قال (( إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا يقول عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك و اعمل بما فيها قال و يبعث جندا إلى القسطنطينية فإذا بلغوا الخليج كتبوا على أقدامهم شيئا و مشوا على الماء فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء قالوا هؤلاء أصحابه يمشون على الماء فكيف هو فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها ما يشاءون)) الغيبة للنعماني.
أسرار صلاة الآيات في الخسوف والكسوف
الاخيرة
السيد القحطاني يناقش السيد كمال الحيدري في تأويل القرآن
والراسخون في العلم
- لقد ذكر سماحة السيد الحيدري في الصفحة (81) من كتابه(تأويل القرآن) ما هذا نصه :[... ان الراسخين في العلم سبب للعلم بالتأويل فان الاية لاتثبت ذلك ، بل ربما لاح من سياقها جهلهم بالتأويل حيث قال تعالى :(يقولون آمنا به كل من عند ربنا)]. ثم قال ايضاً في نفس الصفحة :[والحاصل ان الاية ليست بصدد اثبات ان الرسوخ في العلم سبب للعلم بالتأويل كما تصوره القائلون بان الواو للعطف ، لذا لايثبت ان كل راسخ في العلم عالم بالتأويل بالضرورة ، وانما الثابت ان العلم بالتأويل سبب للرسوخ في العلم] انتهى كلام السيد الحيدري -
ويرد على كلام السيد هذا : ان قوله هذا غير صحيح حتى لو ذهبنا الى القول بان الواو استئنافية فان الاستئناف هنا ليس معناه الجهل بالتأويل بل معناه انهم لايعلمون التأويل الا بتعليم من قبل المولى عز وجل وليس من تلقاء انفسهم ، فالله هو العالم بالتأويل والراسخون في العلم ايضاً عالمون بالتأويل ولكن ليس كعلم الله بل بتعليم منه تعالى . كما ان كلام السيد هذا معارض للكثير من الروايات والتي نقل قسماً منها في كتابه والتي تثبت ان الراسخين في العلم يعلمون التأويل حيث نقل في الصفحة (85) بعض تلك الروايات فعن بريد بن معاوية قال :(قلت للباقر (ع) :قول لله تعالى :(وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) قال: يعني تأويل القرآن كله الا الله والراسخون في العلم ، فرسول الله صلى الله عليه وآله  قد علمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان لله منزلاً عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله ، واوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، فقال الذين لايعلمون : مانقول اذا لم نعلم تأويله ؟ فاجابهم لله : (يقول امنا به كل من عند ربنا) تفسير العياشي ج1ص293. ونقل ايضاً في الصفحة التالية من كتابه :[وعن الفضل بن يسار عن بي جعفر الباقر (ع) قال:(وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم ) نحن نعلمه ] تفسير العياشي ج1. وذكر ايضاً في الصفحة ذاتها :[وعن ابي بصير عن ابي عبد الله الصادق(ع) قال:(نحن الراسخون في العلم) فنحن نعلم تأويله] تفسير العياشي ج1. فهل بعد كلام اائمة لاطهار عليهم السلام كلام خاصة وان هذ الروايات قد ذكرها السيد الحيدري في نفس كتابه فلماذا هذا التناقض ياترى ؟!
- لقد ذهب سماحة السيد كمال الحيدري الى القول بأن العلم بالتأويل ليس من لوازم الرسوخ في العلم بل هو من لوازم التطهير فقد قال في الصفحة (81) ما هذا نصه:
[فإن المقدار الثابت بذلك ان المطهّرين يعلمون التأويل ، ولازم تطهيرهم ان يكونوا راسخين في علومهم ، لما ان تطهير قلوبهم منسوب الى الله وهو تعالى سبب غير مغلوب ، لا أن الراسخين في العلم يعلمون التأويل بما انهم راسخون في العلم...].
اشكال مهم ذكر سماحة السيد ان العلم بالتأويل لايكون ولايصل اليه احد ان لم يكن من المطهرين وليس الامر عائداً للرسوخ في العلم . ثم يبين من هم المطهرون حيث قال في الصفحة(88) ماهذا نصه :[من هنا لابد من الاجابة على هذا التساؤل من هم المطهرون في القرآن ؟ قال تعالى :{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33، كلمة (انما) تدل على حصر الارادة في اذهاب الرجس والتطهير ، وكلمة (اهل البيت) سواء كان لمجرد الاختصاص او مدحاً او نداء يدل على اختصاص اذهاب الرجس والتطهير بالمخاطبين بقوله(عنكم) -الى ان قال- وقد ورد في اسباب النزول ان الاية نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسين عليهم السلام خاصة لايشاركهم فيها غيرهم).
ويرد على كلام السيد هذا اشكالان:
الاشكال الاول: ان السيد الحيدري ذهب الى القول بان التأويل من لوازم التطهير فلا يعلم التأويل الا المطهرون ثم بين ان المطهرين هم الخمسة اصحاب الكساء ولازم هذا الكلام ان التأويل لايعلمه الا الخمسة اصحاب الكساء الا اننا في الواقع نجد ان جميع الائمة الاطهار عليهم السلام عندهم العلم بالتأويل وقد اؤلوا الكثير من ايات القرآن وتاريخنا الاسلامي وكتبنا الروائية شاهدة على ذلك فقد نقلنا مجموعة من الروايات التي تدل على ان الباقر والصادق عليهما السلام يعلمان التأويل والتي قام الحيدري بنقلها في كتابه في الصفحة (85) فالرواية الاولى هي التي وردت عن الفضل بن يسار عن ابي جعفر الباقر(عليه السلام) قال:(ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم) نحن نعلمه) تفسير العياشي ج1. الرواية الثانية الواردة عن ابي بصير عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال:(نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله) العياشي ج1. ومن هاتين الروايتين يخبرنا الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام) بانهما يعلمان التأويل فكيف يقول السيد بان علم التأويل لايعلمه الا الخمسة اصحاب الكساء.
الاشكال الثاني : ان السيد كمال الحيدري جعل الرسوخ في العلم من لوازم التطهير اي ان الانسان لا يكون راسخاً العالم ما لم يكن من المطهرين الا انه يفاجئنا بعد عدة سطور بأن يقول : ( وانما الثابت ان العلم بالتأويل سبب للرسوخ في العلم ) فقد جعل بقوله هذا المقدمة نتيجة ولا أدري ما معنى هذا التناقض يا ترى ، ثم اننا لو سلمنا بقول السيد : ( ان التأويل من لوازم التطهير فما معنى اقتران التأويل بصورة واضحة بالراسخين في العلم ولماذا لم يقرن المولى تبارك وتعالى التأويل بالمطهرين ، قال تعالى { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7 ، وقال تعالى {لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }النساء162 ، كما ان روايات كثيرة وردت في التأويل اقترنت بالراسخين في العلم كالروايات التي ذكرناها سابقاً .
وأما استدلاله بقوله تعالى {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} فهذا من أعجب العجب وهو من قبيل الاختلاف في معنى المس حيث ذهب ابناء العامة الى ان المقصود بذلك لمس كتابة القرآن من دون طهارة فرد عليهم الشيعة بأن هناك الكثير من الناس الغير متطهرين قد مسوا كتابة القرآن ، وقال فريق ان المس بمعنى التفسير فرد عليهم آخرون بأن هناك الكثير من المفسرين وهم من غير المطهرين وذهب آخرون الى القول ان المس بمعنى التأويل الا اننا نجد ان هناك من قام بتأويل القرآن وبدليل ما نقله السيد الحيدري في كتابه في الصفحة (158) من رأي السيد الآملي والذي تبناه الحيدري حيث قال ما هذا نصه : ( يجيب الآملي على ذلك مؤكداً إمكانية حصول التأويل بالمطلق وقدرة البشر - بلا استثناء - على ممارسته والقيام بأعبائه وتحقيق مضامينه ، بمطابقته بعالمي الافاق والنفس اجمالاً وتفصيلاً صورة ومعنى ) ، وقال السيد الحيدري بعد ذلك : ( فإن المقدار الثابت بذلك ان المطهرين يعلمون التأويل ) ومسبق وان ذكرنا ان السيد الحيدري ذهب الى القول بأن المطهرين هم اهل البيت وبالتحديد هم محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسنان (عليهم السلام).
وهذا هو التناقض بعينه فمرة يبين كلام الآملي من ان التأويل ممكن الوصول اليه وتحصيله ومرة يقول ان التأويل لا يكون الا للمطهرين وهم أهل البيت خاصة . ثم ان المقصود بالقرآن الكريم الذي لا يمسه الا المطهرون، قرآن لايعلم حقيقته وتأويله الا المطهرون وبعد البحث وربط القرآن بالقرآن ثبت ان المقصود بالكتاب الكريم الذي لايمسه الا المطهرون البسملة فقط وليس كل القرآن وذلك بحسب الربط المعادلاتي القائم على ربط القرآن بالقرآن وهو على ثلاث مراحل :
المرحلة الاولى :- ان لفظ القرآن يعني مايقرأ في كل آن والبسملة اصدق مايتصف بهذه الصفة ، فقد ورد عن ابي عبد لله (ع) انه قال(بسم الله الرحمن الرحيم ، احق ما جهر به ، وهي الاية التي قال الله عزوجل :{وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً }) بحار الانوار ج82ص51. فأتضح من هذه الرواية ان البسملة هي الاية الموصوف بانها القرآن فثبت ان البسملة قرآن . 
المرحلة الثانية :- قال تعالى حكاية عن بلقيس : {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ* إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} النمل 29-30. حيث وصفت الاية الكتاب بانه كريم وانه بسم الله الرحمن الرحيم ، اذن فالبسملة هي الكتاب الكريم .
المرحلة الثالثة :- بعد الجمع بين المرحلتين حيث ثبت اولاً ان البسملة قرآن وثبت ثانياً ان البسملة كريم تكون النتيجة ان البسملة قرآن كريم .
ومن كل هذا يتبين ان المقصود بالكتاب الذي لايمسه الا المطهرون البسملة لاشيء غيره . اذن فلا يصح للسيد الحيدري الاستدلال بهذه الاية على عدم مس غير المطهرّين للقرآن كله 
الاشكال الثالث : ذكر السيد الحيدري في الصفحة (81) من كتابه ، وقد وصف الله رجالاً من أهل الكتاب برسوخ العلم ومدحهم بذلك وشكرهم على الايمان والعمل الصالح  في قوله {لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }النساء162 ، وقد قال السيد الحيدري معلقاً على الآية : ( ولم يثبت مع ذلك كونهم عالمين بتأويل الكتاب).
ويرد على كلام السيد هذا انه قال في الصفحة (81) من كتابه ماهذا نصه :( لذا لايثبت كل راسخ في العلم عالم بالتأويل بالضرورة ، وانما الثابت ان العلم بالتأويل سبب للرسوخ في العلم) 
ومعنى كلامه هذا كما هو واضح ومبين في المخطط التوضيحي ادناه ، ومعنى هذا اننا اذا وصفنا احداً بكونه راسخ في العلم اقتضى ذلك ان يكون عالم بالتأويل فكيف يرد السيد الحيدري قول الله عز وجل حينما يصف اؤلئك القوم بالرسوخ بالعلم ، ويدعي ان هؤلاء الراسخون ليس لديهم علم بالتأويل.
واما استدلال السيد الحيدري بآية التطهير {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}الأحزاب33 ، على ان التطهير سببٌ في التأويل وان هؤلاء المطهرون بهذه الآية هم من لهم القدرة على التأويل ، فيرد عليه ان هذه الآية نزلت في المدينة ورسول الله (ص) وأمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام قضوا ثلاثة عشر سنة في مكة قبل ان يهاجروا الى المدينة فهل يعني هذا انهم قبل حصول التطهير ونزول الآية غير عالمين بالتأويل والسيد الحيدري قد ذكر الروايات التي صرحت بأنه ما من آية نزلت الا  ورسول الله (ص) يعلم تنزيلها وتأويلها.
فاذا كان هذا هو رأي السيد الحيدري الذي يُعد من فلاسفة الحوزة فما هو حال عامة الناس يا ترى ؟.
وأخيراً نقول : ان العلم بالتأويل لا يناله الا الراسخون في العلم والرسوخ في العلم درجات كل بحسب معرفته بربه واعترافه بعجزه ، فكلما كان الانسان عارفاً بربه مقراً بعجزه معترفاً بتقصيره عن نيل درجات الكمال عالماً بان العلم بالاشياء اياً كانت لا يتأتى الا من العليم قال تعالى حكاية عن نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}طه114 ، وقال تعالى  {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}يوسف76 ، وقال تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} الاعراف 53.
فكل هذه الآيات دلت على عجز الناس أياً كانوا بما فيهم الانبياء عن حصول العلم من تلقاء انفسهم بل اقرارهم بذلك العجز على انفسهم وتسليمهم في الامور التي لا يعلمها الا الله عز وجل ، وقد دلت الآية الأخيرة على ان علم التأويل لم يأتي كاملاً وسيأتي كاملاً في زمن الامام المهدي (عليه السلام) فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة في تفسيرها نقلاً عن تفسير البرهان ج2 ص558 : {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها . قال : ذلك في قيام القائم (عليه السلام)....).
ومن هذه الرواية يتبين ان الكثير من تأويل القرآن لا يأتي الا في زمن القائم (عليه السلام) ، والا ما معنى ان الملائكة والروح تنزل في كل ليلة قدر على الامام (عليه السلام) فهل ان نزول هؤلاء الملائكة والروح بقرآن جديد ام ان نزولهم بتأويل القرآن بما يلائم كل عصر وزمان وظروف ومتطلبات.
والحقيقة ان هناك الكثير من المؤاخذات على كتاب سماحة السيد كمال الحيدري وفيه الكثير من الآراء الغير صائبة والبعيدة عن الحق والواقع ، واذا وفقنا في الايام المقبلة فإننا سنناقش مواضع وأراء اخرى سواء من هذا الكتاب او غيره تبياناً للحق والله من وراء القصد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العدد الثالث عشر

العدد الثالث والثلاثون

العدد الحادي والخمسون