العدد الحادي والثلاثون

منار القران
الحسين(ع) يحيى أمة محمد (ص)
لم يكن كتاب الله عز وجل محصوراً بزمن محدد أو طائفة معينة أو أمة واحدة بل هو لكل الأمم والشعوب والأزمان والعصور ، وإنطلاقاً من هذه الشمولية التي يتمتع بها القرآن ، نستطيع القول بأن القرآن عندما يتحدث عن فئة من الناس فهو بالتأكيد لا يخصها فقط بل يخص غيرها أيضاً ، وقد ورد ما يوافق ذلك من الروايات الشريفة ، فعن محمد بن علي عن أبي عبد الله(ع) قال : (سألته عن قول {يا بني إسرائيل } قال : هي خاصة بآل محمد ) تفسير العياشي ، وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) :(سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثل بمثل ......) بحار الأنوارج28ص4  ، وورد كذلك :( إن كل يا بني إسرائيل هي يا بني علي ) وينطبق ذلك أيضاً على الأشخاص بل حتى على الأنبياء ، فعندما نتحدث عن شخص من الأشخاص أو نبي من الأنبياء ، فإن معنى ذلك إن هناك دوماً من يقوم بدور هذه الفئة -كما قدمنا - أو الشخص أو النبي الذي ذكر لنا الله تعالى ، وقد أثبتنا مبكراً في الأعداد الأولى من الصحيفة من خلال دراسة تحليلية قرآنية قائمة على الربط النوعي بين الأنبياء والأئمة الأطهار (ع) الشبه الكبير بين الأنبياء والأئمة ، وإن هناك نقاط اشتراك كثيرة بينهم ، وأثبتنا حينها بأن الإمام علي بن الحسين (ع)هو داود آل محمد (ع) وإن السيدة فاطمة الزهراء (ع) مريم أمة محمد (ص) ، وسنثبت في هذا البحث إن الإمام الحسين (ع) هو يحيى أمة محمد (ص) وذلك من خلال نقاط الشبه الكثيرة بينهما (عليهما السلام) والتي سنذكر قسماً منها في هذه العجالة ، وهي كالآتي:
أولاً : فترة الحمل  تشابهت فترة الحمل بالحسين (ع) مع فترة حمل يحيى (ع) فكانت ستة أشهر لكليهما ، فقد ورد في كتاب الإحتجاج عن سعد بن عبد الله قال : سألت القائم (ع) عن تأويل كهيعص قال (ع): ( هذه الحروف من أنباء الغيب - الى أن قال - كان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين (ع) كذلك).
ثانياً: التسمية قال تعالى {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً }مريم7 - لم يسمى أحد قبل نبي الله يحيى (ع) بهذا الإسم ، وكذلك الحسين (ع) فإنه لم يكن له من قبل سمياً ، حيث جاء في بحار الأنوار ج45 -ص211 عن عبد الخالق بن عبد ربه قال : سمعت أبا عبد الله(ع) يقول : [ {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } الحسين بن علي لم يكن له من قبل سميا ويحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميا.....].
ثالثاً : الرضاعة لم يرضع يحيى بن زكريا ولا الحسين بن علي ( عليهما السلام ) لبناً قط لا من أمهما ولا من أية إمرأة أخرى ، حيث ورد عن أبي حمزة عن أبي جعفر(ع) قال : ( لما ولد يحيى (ع) رفع الى السماء فغذي بأنهار الجنة حتى فطم ثم نزل الى أبيه وكان البيت يضيئ بنوره ) بحار الأنوار ج14 ص180  - وعن أبي عبد الله (ع) قال : ( لم يرضع الحسين من فاطمة (ع) ولا من أنثى كان يؤتى به الى النبي (ص) فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث فنبت لحماً للحسين (ع) من لحم رسول الله ودمه ) الكافي ج1 - ص464 ، وقد جاء في خبر آخر ذكره الشيخ المجلسي في بحاره الجزء 25 -ص245 عن عبد الرحمن بن المثنى الهاشمي قال : قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن وهما يجريان في شرع واحد ؟ قال (ع):( ..... كان رسول الله (ص) يأتيه في كل يوم فيضع لسانه في فم الحسين فيمصه حتى يروي فأنبت الله عز وجل لحمه من لحم رسول الله (ص) ولم يرضع من فاطمة (ع) ولا من غيرها لبناً قط.....).
رابعاً: طريقة القتل إن يحيى (ع) قُتل ذبحا ووضع رأسه في (طست) وكان ذلك في مجلس الملك الطاغية ، وكذلك الحسين(ع) قتل ذبحاً ووضع رأسه  في طست وادخل على يزيد الطاغية (لعنه الله) وان الذي قتل يحيى بن زكريا ابن زنا والذي قتل الحسين بن علي هو ابن زنا ايضا حيث  ورد عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله (ع) قال : ( كان الذي قتل الحسين بن علي (ع) ولد زنا والذي قتل يحيى بن زكريا (ع) ولد زنا ) بحار الأنوار ج14 - ص183 . وقد ذكر علي بن الحسين (ع) عندما توجه الحسين (ع) الى العراق ، فقال:( خرجنا مع الحسين (ع) فما نزل منزلاً ولا إرتحل منه إلا وذكر يحيى بن زكريا (ع) وقال يوماً : من هوان الدنيا على الله عز وجل إن رأس يحيى بن زكريا أُهدي الى بغي من بغايا بني إسرائيل ) بحار الأنوار ج14 - ص175.
خامساً: تكلم الرأس  تكلم رأس يحيى بن زكريا (ع) بعد مقتله فخاطب الملك الجبار الذي أمر بقتله . فقد ورد عن هاورن بن خارجة عن أبي عبد الله (ع) قال:(....... يحيى بن زكريا (ع) وكان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل وكان يمر بيحيى بن زكريا (ع) فقال له يحيى : إتقي الله أيها الملك لا يحل لك هذا ، فقالت له إمرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر ، أيها الملك أقتل يحيى بن زكريا ، فأمر أن يؤتى برأسه ، فأتوا برأس يحيى (ع) في الطست ، وكان الرأس يكلمه ويقول له: يا هذا إتق الله لايحل لك هذا ثم علا الدم في الطست حتى فاض الى الأرض فخرج يغلي ولا يسكن ....) بحار الأنوار ج14- ض356  . وقد كانت هذه المعجزة أيضاً للإمام الحسين (ع) بعد أن قتلوه أولاد البغايا فتكلم الرأس المفصول عن الجسد ، فقد ورد في كتاب المناقب القديم ( إنه لما حمل رأس الحسين (ع) الى الشام جن عليهم الليل فنزلوا عند رجل من اليهود فلما شربوا وسكروا قالوا : عندنا رأس الحسين (ع) فقال : أروه لي ، فأروه وهو في الصندوق يسطع منه نور نحو السماء فتعجب منه اليهودي ، فأستودعه منهم ، وقال للرأس : إشفع لي عند جدك ، فأنطق الله الرأس فقال : إنما شفاعتي للمحمديين ولستَ بمحمدي ، فجمع اليهودي أقربائه ثم أخذ الرأس ووضعه في الطست وصب عليه ماء الورد وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر ثم قال لأولاده وأقربائه هذا رأس أبن بنت محمد(ع) ثم قال : يالهفاه حيث لم أجد جدك محمداً (ص) فأُسلم على يديه يالهفاه حيث لم أجدك حياً فأسلم على يديك وأقاتل بين يديك ، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيامة ؟ فأنطق الله الرأس فقال بلسان فصيح : إن أسلمت فأنا لك شفيع قاله ثلاث مرات وسكت ، فأسلم الرجل وأقربائه ، ولعل هذا اليهودي كان راهب قنسرين لأنه أسلم بسبب رأس الحسين (ع) وجاء ذكره في أشعار وأوردة الجوهري الجرجاني في مرثية الحسين (ع) )بحار الأنوار ج45 - ص172 وقد جاء في الروايات ايضاً ان رأس الحسين(ع) كان محمولاً على الرمح وهو ينطق بأية من سورة الكهف قوله تعالى :{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }الكهف9.
سادساً : بكاء السموات والأرض   لم تبك السموات والأرض إلا على يحيى بن زكريا (ع) والحسين بن علي (ع) وقد وردت روايات كثيرة تؤكد على ذلك ، فعن أبي عبد الله (ع) قال :( إن الحسين بن علي (ع) بكت لقتله السماء والأرض وأحمرتا ولم تبكيا على أحد قط إلا على يحيى بن زكريا )  وعن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى  {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ }قال :( لم تبك السماء على أحد قبل قتل يحيى بن زكريا وبعده حتى قتل الحسين (ع)فبكت عليه ).   وعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال في قوله تعالى  {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } قال :(يحيى بن زكريا(ع) لم يكن له سمي قبله والحسين بن علي (ع) لم يكن له سمي قبله وبكت السماء عليهما أربعين صباحاً ، وكذلك بكت الشمس عليهما وبكائها أن تطلع حمراء وتغيب حمراء) بحار الأنوار ج14 - ص182.
 وكما قدمنا في الرواية السالفة الذكر إن دم يحيى بن زكريا (ع) علا في الطست حتى فاض الى الأرض فخرج يغلي ولا يسكن ، وقد دلت الأخبار الكثيرة عن ظهور الدم العبيط تحت أحجار بيت المقدس بعد قتل الحسين (ع) ، وكذلك أمتلاء القارورتين اللتان فيهما تراب كربلاء - بالدم وهو ما قاله رسول الله (ص) لأم سلمة عند مقتل الإمام الحسين (ع) ، وقد قالت أم سلمة (رض) :( فلما كان يوم عاشوراء نظرت الى القارورتين بعد الظهر فإذا هما قد فاضتا دماً فصاحت ، ولم يقلب في ذلك اليوم حجر ولا مدر إلا وجد تحته دم عبيط ( وورد عن عمر بن سعد حدثني أبو معشر الزهري قال :( لما قتل الحسين بن علي لم يبقى في بيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط ) البحار ج45 - ص205.
سابعاً: الحنان اللدني  قال تعالى {وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً }مريم13 كما يظهر من الآية الكريمة إن الله عزوجل قد خص نبيه يحيى بصفة الحنان اللدني ، فإن الخلق المرتبطين بالله جل وعلا يتحلون بصفات الهية ، أي إنه يتحلون ببعض صفات الخالق ، وقد خص المولى سبحانه وتعالى يحيى (ع) بالحنان اللدني أي بدون واسطة أي إنه حنان من المولى الى وليه مباشرة كما إنه قد خص الخضر (ع) مثلاً بالعلم اللدني ومكة بالرزق اللدني والإمام المهدي (ع) بالحرب اللدنية فإن بيعته هي بيعة الله كما ورد ، وإن الحرب ضده حرب ضد الله ، لأن الله قد تجلى في وليه الإمام المهدي (ع) . وهذا يجري بعينه على الإمام الحسين (ع) فإن الله قد خصه أيضاً بالحنان اللدني ، فإن الحسين (ع) شبيه يحيى كما قدمنا ، وورد عن حنّان عن الصادق (ع) قال:( زوروا الحسين (ع) ولا تجفوه فإنه سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة وشبيه يحيى بن زكريا (ع) وعليهما بكت السماء والأرض ( وقد تجلى الله في السماوات والأرض قال تعالى : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} النور 35  فمن هذا يتبين لنا كيف بكت السماء والأرض على نبي الله يحيى  والإمام الحسين (عليهما السلام) ، فإن الله قدخصهما بالحنان اللدني كما ذكرنا ، وإنه سبحانه وتعالى تجلى في السماوات والأرض ، لذا فإنه قد أشتدت صفة الحنان من قبل السماء والأرض ليحيى بن زكريا والحسين بن علي (عليهما السلام) ، ولما كان حنان المولى تقدست ألآئه حناناً لدني ليحيى والحسين وإن الله قد تجلى في وليه الإمام المهدي (ع) فهو بقية الله ونور الله في أرضه ، وكما ورد في تفسير قوله تعالى  {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا}قال الإمام الصادق(ع)( أشرقت بنور المهدي )لذا يتبين لنا السبب في إن شعار ثورة المهدي (ع) هو (يالثارات الحسين)علماً إن أمير المؤمنين (ع) أفضل من الحسين (ع) وكذا أمه الزهراء (ع) فهي أفضل منه ، وإنه (ع) يبكي على الحسين وإن الأئمة كلهم يقيمون العزاء على الإمام الحسين (ع) ويبكون عليه ، ويأمرون شيعتهم بالبكاء عليه ،وقد ورد عن الإمام المهدي (ع) في زيارة الناحية المقدسة الواردة عنه (ع) حيث قال مخاطباً جده الحسين (ع)( لأندبنك صباحاً ومساءاً ولأبكين عليك بدل الدموع دماً )وكل ذلك نتيجة الحنان اللدني الذي خص الله تعالى به الحسين (ع)وقد تجلى الله في وليه الإمام المهدي (ع) ، والجدير بالذكر إن زكريا (ع) دعا الله تبارك وتعالى وطلب أن يرزقه بولد بعد أن عرف قصة أستشهاد أبا الأحرار (ع) وأراد من المولى أن يفتنه بهذا الولد ثم يفجعه به كما يفجع محمد(ص) بولده الحسين (ع)وكما كانت المصيبة على علي وفاطمة (عليهما السلام )فسأل زكريا أن يجري على ولده يحيى ماجرى على الحسين (ع) مواساة لمحمد وعلي وفاطمة (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد سأل سعد بن عبد الله القائم (ع) عن تأويل كهيعص فقال (ع) :(هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع عليها عبده ثم قصها على محمد (ص) وذلك إن زكريا (ع) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط الله جبرائيل فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسن (ع) إنكشف عنه وإنجلى كربه وإذا ذكر الحسين (ع) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة يعني الزفير وتتابع النفس ، فقال (ع) ذات يوم ، الهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم سليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين (ع) تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله تعالى عن قصته ، فقال :(كهيعص فالكاف إسم كربلاء والهاء هلاك العترة والياء يزيد وهو ظالم الحسين (ع) والعين عطشه والصاد صبره ، فلما سمع زكريا (ع) لم يفارق مسجده ثلاث أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه ويقول ، الهي أتفجع خير خلقك بولده أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه الهي أتلبس علي وفاطمة ثياب هذه المصيبة الهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتها ، ثم كان يقول : الهي أرزقني ولداً تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فأفتني بحبه ثم أفجعني به كما فجعت محمداً حبيبك بولده ، فرزقه الله يحيى (ع) وفجعه به وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين كذلك ) كتاب الأحتجاج.
ثامناً:  طريقة الثأر  سلط الله على ذراري قتلة يحيى (ع) من يسومهم سوء العذاب ويقتلهم شر قتلة وهو الملك البابلي بخت نصر ، وكذلك الأمر مع الإمام الحسين (ع) فيقوم الإمام المهدي (ع) ثائراً بشعار (يالثارات الحسين) ويقتل ذراري قتلة الحسين (ع) فلا يبقي منهم أحد . والإمام المهدي (ع) سوف يقتل ثأراً للحسين (ع)قتلاً أعظم من قتل بخت نصر وقد ذكر الإمام الصادق (ع) عن قصة يحيى (ع)فقال :( إن ملكاً كان على زمن يحيى بن زكريا (ع) لم يكفه ما كان عليه من الطروقة حتى ينال أمرأة بغياً فكانت تأتيه حتى أسنت هيأت أبنتها ثم قالت لها أني أريد أن آتي بك الملك فإذا واقعك فيسأل حاجتك فقولي حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا ، فلما واقعها سألها عن حاجتها ، فقالت : أقتل يحيى بن زكريا فبعث الى يحيى (ع) فجاءوا به ،فدعا بطست فذبحه فيها وصبوه على الأرض فيرتفع الدم ويعلو فأقبل الناس يطرحون عليه التراب فيعلو عليه الدم حتى صار تلاً عظيماً . ومضى ذلك القرن فلما كان من أمر بخت نصر ما كان رأى ذلك الدم فسأل عنه فلم يجد أحداً يعرفه حتى دل على شيخ كبير فسأله فقال :أخبرني أبي عن جدي إنه كان من قصة يحيى بن زكريا (ع) كذا وكذا وقص عليه القصة والدم دمه ، فقال بخت نصر : لا جرم لأقتلن عليه حتى يسكن فقتل عليه سبعين الفاً فلما وافى عليه سكن الدم )قصص الراوندي -  ودم الحسين (ع) لا يسكن أبداً حتى يبعث الله الإمام المهدي (ع)فيقتل على دمه الزكي آلاف المنافقين ، حيث بينت الروايات العديدة ذلك بوضوح ، فقد جاء في حديث مقاتل عن زين العابدين عن أبيه :( فذكر قصة يحيى ثم قال - وسلط الله عليهم بخت نصر فجعل يرمي عليهم بالمجانيق ولا تعمل شيئاً ، فخرجت عليه عجوز من المدينة فقالت : أيها الملك إن هذه مدينة الأنبياء لا تنفتح إلا بما أدلك عليه . قال : لك ما سألت . قالت: أرمها بالخبث والعذرة ، ففعل فتقطعت فدخلها فقال : عليّ بالعجوز ، فقال لها : ما حاجتك قالت: في المدينة دم يغلي فقتل عليه حتى يسكن . فقتل عليه سبعين الفاً حتى سكن - فقال الحسين لولده السجاد - يا ولدي يا علي والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين الفاً)البحار ج45- ص299 والمقصود بسبعين الفاًهو ليس العدد بالضبط بل هو للتكثير وقد أستخدم العرب في لغتهم ذلك إذا أرادوا الكثرة والزيادة .  وورد عن أبن عباس عن النبي (ص) قال :( قال لي جبرائيل قال الله عز وجل قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين الفاً وإني أقتل بدم أبنك الحسين بن علي سبعين الفاً وسبعين الفاً) البحار ج45 - ص322.
وقد يتسائل القارئ الكريم كيف أنتصر الله لنبيه يحيى بن زكريا بملك كافر مثل بخت نصر وينتصر للحسين (ع) بالإمام المهدي (ع) ؟؟. قال أبي عبد الله (ع) :( إن الله عز وجل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه أنتصر لهم بشرار خلقه ، وإذا أراد أن ينتصر لنفسه أنتصر لأوليائه ، ولقد أنتصر ليحيى بن زكريا ببخت نصر ) قصص الراوندي. وكما قدمنا بأن الله جل وعلا يتجلى في وليه الإمام المهدي (ع) وإن حربه هي حرب لدنية لذلك ينتصر بالإمام المهدي (ع)فيأخذ ثأره ويقتل ذراري قتلة سيد الشهداء (ع) ويشفي صدور قوم مؤمنين بقتل المنافقين والدجالين ، لان ثأر الحسين هو ثار الله كما جاء في الزيارة الواردة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) :(السلام عليك ياثار الله).
اللهم أشف الحسين بظهور الحجة ، وأرزقنا طلب ثأره وع وليه الإمام المهدي يا رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.

الموعود
سنته من نوح (ع)
الدعوة
قدمنا في الحلقات السابقة من الأعداد الماضية من الصحيفة أن الأمام المهدي ((عليه السلام)) له سنن من الأنبياء والرسل((عليهم السلام)) كما ذكرنا أن المهدي ((عليه السلام)) له سنن من نوح ((عليه السلام))
وقد أوردنا في العدد السابق بعض الروايات التي تثبت أن للمهدي سنة من نوح ((عليه السلام )) من هذه الروايات الرواية الشريفة عن أبي يصير عن أبي عبد الله ((عليه السلام) قال)ان سنن الانبياء( (عليهم السلام)) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا اهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة  بالقذة) الاكمال ص 334 - ومن السسن المهمة التي تقع مع المهدي((عليه السلام)) من النبي نوح((عليه السلام)) هي الدعوة وما مرت به من مراحل في زمنه((عليه السلام)) والذي يظهر من الايات القرانية ان دعوة النبي نوح سلام الله تعالى عليه مرت بمرحلة الدعوة السرية والدعوة العلنية  وغيبة وظهور وهذا يتبين من قوله تعالى حكاية عن نوح((قال ربي اني دعوت قومي ليلا  ونهارا )) اذن فلما كان للمهدي سنة من نوح فلا بد ان تكون له غيبة وظهور في دعوته لان الليل في الاية الشريفة يشير الى الغيبة بينما يشير النهار الى الظهور أي ان دعوة المهدي ستبدا في مرحلة غيبة الامام ((عليه السلام)) ثم تستمر حتى يتم ظهوه الشريف. الا ان دعوة النبي نوح((عليه السلام)) لم تقف عند هذا الحد بل تتعداه  الى الاجهار بالدعوة قال تعالى حكاية عنه((عليه السلام ))(( ثم اني دعوتم جهاراً)) نوح8 - وهذا مايكون بالنسبة لدعوة المهدي ((عليه السلام)) فلا بد ان يتم الاجهار بالدعوة في بداية ظهورها واستمر نوح((عليه السلام)) بدعوته حتى بدا ت  بمراحلها  كما يذكرنا المولى تبارك وتعالى في القران عن نبيه نوح (( ثم أعلنت لم وإسررت لهم أسرارا)) وفي الاية الشريفة دلالة واضحة على ان دعوة نوح (( عليه السلام)) مرت بمرحلتين هما الدعوة السرية والدعوة العلنية شأنها شأن كل الدعوات الإلهية  السابقة وكما كان من شأن دعوة الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه واله وسلم) فلا يمكن ان تكون دعوة المهدي ((عليه السلام)) مختلفة عن الدعوات الالهية التي سبقتها بل ان النتيجة التي وصلت اليها دعوة نوح (عليه السلام) هي نفس النتيجة التي ستؤول اليها دعوة المهدي (عليه السلام) فأن الناس في زمن ظهور هذه الدعوة ستعصي الداعي ولا تقبل دعوته بل ترفضه ويتبعون الرجال من اصحاب الاموال والجاه الذين يضلونهم فلا يهتدون كما جرى مع نوحقال تعالى ((قال نوح رب انهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً)) نوح21 ثم ان الاصنام التي امن بها قوم نوح في ذلك الزمان ستكون موجودة في الوقت الذي  تظهر فيه دعوة المهدي ((عليه السلام)) الا انها هذه المرة اصناما بشرية وليست حجرية كما دلت الاخبار والروايات فقد قال تعالى في شأن قوم نوح ((وقالوا لا تذرن ألهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد اضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين الا ضلالا)) نوح23-24 اما بالنسبة لما يكون من شأن القوم التي تظهر في زمانهم دعوة المهدي(عليه السلام)) فانهم سوف يتبعون رجال الدين الذين يكونوا كالاصنام في الواقع والذين يلاقي منهم الامام المهدي ((عليه السلام)) اشد مما لاقا رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) من عباد الاصنام الحجرية فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي عبد الله ((عليه السلام)) قال:(ان القائم يلقى في حربه مالم يلق رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) لان رسول الله اتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشب المنحوت  وان القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه) بحار الانوار(ج52) فانظر عزيزي القارئ كيف قارن الامام الصادق ((عليه السلام )) بيت عبادة الأصنام الحجرية وما لاقا منها رسول الله((صلى الله عليه واله وسلم)) وبين الاصنام البشرية في اخر الزمان الذين يلاقي منهم الامام المهدي((عليه السلام)) اشد مما لاقا رسول الله((صلى الله عليه واله وسلم)) والذين سوف يتسببون في ضلال الناس والمسلمين.

المسلمون وحديث الثقلين
ربما يُعذر بعض المسلمين حينما يخالفون غيرهم من باقي المذاهب الأسلامية في مسألة معينة لم يرد حولها حديث أو رواية من طرقهم ، إلا إننا نتسائل ما عذر اللذين يهملون التمسك بالأحاديث والروايات الواردة عن طريق جميع المذاهب ؟! ومن هذه الأحاديث التي يؤمن بها جميع المسلمين (حديث الثقلين) ذلك الحديث المتواتر والذي أشتهر بين المسلمين على أختلاف مذاهبهم فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه واله ) :( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا إذاً أبدا)إن هذه الوصية الصادرة عن الرسول الكريم (صلى الله عليه اله وسلم ) لنا من أعظم الوصايا وأهمها فهي تتكفل للعاملين بها والسائرين على ضوئها بعدم الضلال أو الإنحراف عن طريق الإسلام المحمدي الأصيل الذي بينه لنا الرسل الكريم محمد (صلى الله عليه واله) وأما بالنسبة لمن لا يعمل بها كاملة أو إنه يعمل ببعضها ويترك البعض الآخر فإن مصيره كما هو واضح الضلال والأنحراف عن الإسلام الحقيقي وليس الإسلام الصوري كما هو سائد في زماننا اليوم . إنني ومن هذا المنبر أدعو أخوتي القراء الى عرض أنفسهم على هذا الحديث الشريف الذي أجمع على صحته المسلمون جميعاً ليتأكدوا من أسلامهم وطريقهم الذي يسيرون عليه ، كما إن دعوتي هذه لكل المسلمين خاصة وعامة علماء وعوام فليتفكروا في هذا الحديث وهذه الوصية العظيمة التي تركها لنا رسول الله (صلى الله عليه واله) وجعله ميزاناً نوزن فيه أنفسنا فهل نحن حقاً مسلمون كما أراد لنا رسول الله ؟ وهل إننا متمسكن حقاً بالثقلين في آن واحد ؟ أم إننا تركنا الثقلين معاً ؟ أو تمسكنا بأحدهما دون الآخر ؟ كل هذه الأسئلة سيتبين الجواب عليها بعد مناقشة هذا الحديث مناقشة موضوعية معتدلة.
فأقول: من الواضح إن رسول الله (صلى الله عليه واله) حينما أطلق هذه الوصية أراد أن تكن لنا قاعدة نسير عليها ونختبر بها أنفسنا بين الحين والآخر فقد قيد الرسول (صلى الله عليه واله) عدم الضلال والأنحراف بالتمسك بالثقلين وهما الكتاب والعترة أي الأئمة الطاهرين (ع) وبناءاً على هذا فالنسأل أنفسنا كمسلمين من منا متمسك حقاً بالثقلين ؟ هل هم السنة ؟ أم هم الشيعة ؟ أم إن هناك شيء آخر ؟! فلو تناولنا السنة لوجدنا إنهم قد تمسكوا بالكتاب حيث نراهم يؤكدون عليه وعلى ما جاء فيه وعلى تلاوته وحفظه والأهتمام بهذه الأمور وهم في هذه المسألة يفوقون الشيعة إلا إنهم تركوا الثقل الآخر وأهملوه وهو العترة الطاهرة (عليهم السلام) حيث لم يولوهم الأهتمام الكافي وتركوا الثروة العلمية التي تركها أهل البيت (ع) وأهملوها ولم يعتمدوا عليها في أحكامهم وأبحاثهم الدينية والعلمية فهم في الواقع قد أهملوا جانب وتمسكوا بآخر ثم إن تمسكهم بالثقل الأول وهو كتاب الله ليس هو إلا تمسك ظاهري لا يعدوا ظاهر الكتاب من حيث الألفاظ ومعانيها كالتلاوة وحفظ آيات القرآن وما يشابهها  ، أما بالنسبة الى الشيعة فإنهم تمسكوا بالعترة الطاهرة (صلوات الله وسلامه عليهم ) فهم لا يأخذون إلا بالروايات الواردة عنهم (ع) وينتحلون حبهم ويزورون مراقدهم بين الحين والآخر إلا إنهم أهملوا الثقل الآخر وهو كتاب الله فلا نكاد نجد من يهتم به حتى على مستوى الحوزة العلمية حيث يبحث البعض من طلبة العلوم الدينية على درس في القرآن فلا يجدوا إلا درس أو درسين في أحكام التلاوة والقراءة ليس إلا ، بل إن الأعم الأغلب من الشيعة لا يجيدون تلاوة القرآن ، وحتى لو قلنا إن الشيعة متمسكون بالأئمة الطاهرين (ع) الثقل الثاني إلا إن هذا التمسك في الواقع ليس هو المطلوب ، إنما المطلوب أن يسير المرء بسيرتهم ويفعل أفعالهم ويعمل وفق ما أرادوا وبينوا . وبناءاً على هذا فالشيعة كالسنة من حيث عدم التمسك بالثقلين الذين أوصى بهما الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله)  وليس معنى ذلك أنه لا يجد من يتمسك بالثقلين معاً . إلا إن هؤلاء المتمسكون في الحقيقة قلة قليلة سواء كانوا من السنة أو الشيعة هؤلاء هم المسلمون الحقيقيون وهم بيننا كالغرباء إن سألت أحدهم عن دينه ومذهبه لم يقل لك سني أو شيعي بل يقول لك أنا مسلم وهذا ما نحن بحاجة له اليوم فإن الفرقة قد فرقتنا وجعلت الأعداء يطمعون بنا فكفاكم أيها السنة وكفاكم أيها الشيعة عداوة وعودوا الى الإسلام الحقيقي وتمسكوا بالثقلين تهتدوا والحمد لله رب العالمين.

المهدي يدعو الى اسلام جديد
الموؤدة في عصر
 الظهور الشريف
عصر عُرف بعصر الجاهلية مورست فيه الكثير من الأفعال التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة حيث لم يكن من يعيب تلك الأفعال والتقاليد أو يثور عليها أو يرفضها بل على العكس تماماً فإن من لا يقوم بفعلها يكون منبوذاً وشاذاً ويلحقه العار نتيجة رفضه لها أو عدم فعلها وقد برزت في ذلك العصر الذي وصفه المولى تبارك تعالى في كتابه الكريم بالجاهلية الأولى ، قال تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}الأحزاب 33.الكثير من الظواهر السلبية ومن أهم تلك الظواهر الظاهرة وَإد البنات التي كانت سائدة ومعروفة آنذاك فحينما تلد المرأة  بنتاً تقوم قيامة الزوج ويستاء أيما إستياء ، ويصير ذلك اليوم يوم حزن ومصيبة فيبادر الى البيت ويأخذ البنت من أمها ويخرج خارج المدينة فيقوم بدفنها وهي حية ، وكان يتفاخر الرجال بهذا الفعل الخالي من أي شكل من أشكال الإنسانية والبعيد كل البعد عن الرحمة التي فطر الله تعالى عليها الخلق ، وأما من لا يفعل ذلك فيكون محتقراً بين عشيرته وقومه وهكذا هو الحال آنذاك حيث إنقلبت الموازين رأسا على عقب وقد ذم الله له عز وجل ذلك الفعل ونهى عنه بقوله {وَإِذَا الْمَْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }التكوير9 . كما إن رسول الله (ص) نهى عنه وحذر منه وحارب هذه الظاهرة والتقليد المتوارث بين الآباء والأجداد، وليس هو إلاإفراز من إفرازات الجاهلية الأولى والذي ما كان لينتهي ويختفي في ذلك العصر لولا أرادة الله عز وجل ومحاربة الرسول (ص) له ونهيه عنه ومعاقبة كل من يقوم به حتى أنتشر الإسلام المحمدي في ربوع الجزيرة فإختفت تلك الظاهرة ولله الحمد.
إلا إن الجاهلية قد عادت من جديد في عصرنا هذا وبدأت أفعالها تبرز وتظهر من جديد ، وهذا ليس مجرد إستنتاج نابع من التفكر وملاحظة ما يقع من تلك الأفعال على الساحة الإسلامية وفي المجتمع الإسلامي بل إن ما يجعلنا متأكدين ومعتقدين من عودة عصر الجاهلية من جديد وهذا يظهر من مفهوم قوله تعالى{ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} الأحزاب 33 فإن مفهوم هذه الآية الشريفة يشير الى وجود جاهلية ثانية أو أخرى وقد دلت الأحاديث والأخبار على إن الجاهلية الثانية يكون أوانها قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه واله) إنه قال [بعثت بين الجاهليتين لآخرهما شر من أولهما ]معجم أحاديث الإمام المهدي ج1 - وجاء في الرواية الشريفة عن أمير المؤمنين(ع) إنه قال :( يا قوم أعلموا علماً ييناً إن الذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليتكم ليس بدون ما أستقبل الرسول من أمر جاهليتكم ، وذلك إن الأمة كلها يومئذ جاهلية إلا من رحم الله )بحار الأنوار ج51 - وقد تحدثنا عن أمر الجاهلية في الأعداد السابقة فمن أراد المزيد فاليراجع . وبعد أن تبين ذلك لابد لنا الآن معرفة المؤودة في عصر الظهور الشريف فأقول إن الكثير من الأفعال التي وقعت في ذلك العصر سواء كانت قبل الدعوة الإسلامية أو بعد ظهورها إنما تكون مصاديقها في عصر الظهور مختلفة شيئاً ما عن مصاديق تلك الأفعال السابقة ، فالربا في عصر الجاهلية الثانية موجود ولا بد أن يظهر وتبدأ الناس بالتعامل به إلا إنه يختلف عن حالته الأولى التي ظهر عليها في الجاهلية الأولى حيث كان الربا يقع في القرض إلا إنه في الجاهلية الثانية شمل عدة تعاملات ودخل في البيع والشراء وغير ذلك من المعاملات ، وهكذا بالنسبة لباقي الأفعال . لذا فإن الموؤدة في عصر الجاهلية يختلف أمرها بعض الشيء عن المؤودة في هذا العصر إلا إن محورها المرأة في كل الأحوال.
إن الموؤدة في زماننا اليوم هي تلك المرآة التي تظلم وتدفن وهي حية ولكن ليس تحت التراب كما كان يفعل أهل الجاهلية الأولى إنما تدفن في هذا العصر في البيوت ، حيث تقبع المرآة القريشية في بيت أبيها الذي يرفض تزويجها إلا من شخص قرشي مثلها وإن لم يتقدم لها سيداً قريشياً فإنها ستبقى من دون زواج حيث يرفض أبيها تزويجها من غير القرشي مهما كانت مكانته وحاله وشأنه وهذا الأمر معروف وموجود بكثرة وشائع في مجتمعاتنا وخاصة الشيعية منها بل إن تلك القبائل القرشية جعلت هذا الأمر من ضمن قوانينها المعتمدة في التعامل أما من يخالف ذلك فإنه سوف يحارب في قبيلته ويكون عاراً عليهم كما يقولون . ولم يقتصر الأمر على السادة من قريش فقط بل تعداه الى عامة الناس حيث ظهر هذا الأمر وانتشر بين الناس في بعض العوائل ذوات الشأن الذين يرفضون كل من يتقدم الى الزواج من بناتهم إلا أن يكون من عائلة غنية وذات مكانة أجتماعية معروفة ، إن هذه الأفعال التي أنتشرت في مجتمعاتنا اليوم لا تمت الى الإسلام بصلة بل هي من أفعال الجاهلية التي نهى عنها الله عز وجل ونها عنها رسوله الكريم محمد (ص) . وإننا كمسلمين ومؤمنين بهذا الدين الحنيف علينا أن نثبت أسلامنا حقاً وأن ننتهي عما نهانا عنه الله ورسوله وعلينا إن نحذر من الدخول في الجاهلية والخوض فيها ، علينا أن نبتعد عن تلك الأفعال التي تبعدنا عن الله ورسوله ودينه القويم . نتمنى أن ينتهي المسلمين عن تلك الأفعال مع علمنا إن نهايتها ونهاية الجاهلية الأخرى لا تكون إلا على يد الإمام المهدي (ع) الذي سيدعو الى أسلام جديد في آخر الزمان كما دلت الأخبار والروايات.

سياسة عقائدية


بحوث مستلة
مستقبل حوار المسيحية والاسلام.. التوحيد منطلقاً
الحلقة الثانية
موسى والتوحيد
قال موسى (ع) وهو يخاطب بني اسرائيل: اسمع يا إسرائيل ان الرب الهنا هو رب واحد. فاحبب الرب الهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قوتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا آمرك بها اليوم في قلبك. ورددها على بنيك وكلمهم بها، إذا جلست في بيتك وإذا مشيت في الطريق وإذا نمت وقمت. واعقدها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها عل دعائم ابواب بيتك».
وتكلم الله بهذا الكلام كله قائلاً: انا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر، من دار العبودية.
لا يكن لك آلهة اخرى تجاهي. لا تصنع لك منحوتاً ولا صورة شيء مما في السماء من فوق، ولا مما في الارض من أسفل، ولا مما في المياه من تحت الارض. لا تسجد لها ولا تعبدها، لأني أنا الرب الهك إله غيور، اعاقب إثم الآباء في البنين، إلى الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع رحمة الى الوف من محبّي وحافظي وصاياي»
موسى (ع): ملعون الرجل الذي يصنع تمثالاً أو صورة مسبوكة ـ قبيحة لدى الرب ـ صنع يد النحات ويضعه في الخفاء. فيجيب جميع الشعب ويقول: آمين»
بعد السبي

بعد احتلاله لفلسطين عام 586 ق.م وجلبه اليهود سبايا من هناك الى بابل صنع نبوخذ نصر تمثالاً من ذهب طوله ستون ذراعاً وعرضه ستة أذرع، وأوقد قريباً منه اتوناً وطلب الى الشعوب والامم ان تسجد له، ومن لا يسجد يلقي في النار. وقد خالف هذا الأمر ثلاثة من وجهاء اليهود كان الملك قد عينهم على أعمال ولاية بابل.
تقدم رجال كلدانيون واشتكوا على اليهود امام الملك قائلين: «يوجد رجال يهود الذين وكلتهم على أعمال ولاية بابل: شدرج وميشح وعبد نغو، هؤلاء ارجال لم يجعلوا لك أيها الملك اعتباراً. آلهتك لا يعبدون، ولتمثال الذهب الذي نصبت لا يسجدون...). 
وقد استدعاهم الملك وهو غاضب وسألهم عن سبب عدم سجودهم للصنم فقالوا: يا نبوخذ نصر، لايلزمنا ان نجيبك عن هذا الامر. هوذا يوجد الهنا الذي نعبده يستطيع ان ينجينا من اتون النار المتقدة..... ولكن معلوماً لك أيها الملك اننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتماثل الذهب الذي نصبته». وتواصل التوراة فتقول ان الملك قد القاهم في النار مقيدين إلا انها كانت برداً وسلاماً عليهم وانقذهم ملاك الرب»
انه الدرس الذي يقدمه العهد القديم للمؤمنين اليهود، بأنه حتى لو كنت ذا منصب هام وثراء وجاه، وحتى لو هُددت بالاحراق بالنار فلا تنس الهك الواحد الاحد، ولا تسجد لصنم أو أي شيء آخر سواه. وان كل ما ورد في التوراة من تصريحات او تلميحات قد تفسر على أساس الشرك ينبغي ان تكون مرفوضة رفضاً قاطعاً. لأن الموسوية ديانة توحيدية ولا تقبل الشرك.
المسيحية
تؤكد المسيحية ما جاء على لسان موسى (ع) عن كون الله تعالى الهاً واحداً لا ينبغي ان يشرك به. وهو ما ورد على لسان المسيح (ع) نفسه: ان اول كل الوصايا هي: اسمع يا اسرائيل. الهنا رب واحد. وتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى»
وهو نص لا مجال فيه للقول بأن الله ثالوث ـ أي ثالث ثلاثة هم الأب، والابن والروح القدس ـ وهي فكرة غامضة لم تفلح الشروح الكثيرة في تفسيرها. وقد ادى هذا الغموض الذي أضيف على أصل الفكرة ـ فكرة الثالوث ـ الى ازدياد توجيه النقد الى الاحبار المسيحيين بأنهم يؤمنون بثلاثة آلهة وهو شرك يتناقض مع الفكرة التوحيدية التي بشر بها المسيح (ع) ودعا فيها الى توجيه التقديس والعبادة لله سبحانه وحده.
بين أيدينا «معجم اللاهوت الكتابي» وهو جهد ممتاز يشكل خطوة متقدمة على طريق توضيح ما ورد في العهدين، القديم والجديد كتبه الاب كزافييه ليون دوفور اليسوعي باللغة الفرنسية وترجم للعربية. يقول هذا المعجم: وقد نسب لقب (الرب) الى يسوع منذ فجر المسيحية بحسب شهادة بولس، الذي يذكر قانون الايمان المسيحي الأول (يسوع رب) رومة 10: 9، وهو يعبر هذا الاسم تماماً عن سر المسيح الذي هو في آن واحد، ابن الانسان وابن الله».
إذن فأول من قال بربوبية المسيح هو (بولس) واسمه الأول (شاول) وهو يهودي متعصب ضد المسيح والمؤمنين به وكان «ينفث تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب» وقد فعل الشرور بحق القديسين المسيحيين في اورشليم حتى أنه أخذ رسائل من رئيس الكهنة اليهود الى حاكم دمشق تخول له صلاحية القاء القبض على المؤمنين المسيحيين الذي يصادفهم في الطريق من الرجال والنساء ليسوقهم موثقين الى اورشليم. إلاّ انه حينما اقترب من دمشق أبصر بغتة نوراً من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتاً يقول: شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟ فقال: من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده. وقد كان ذلك سبباً لايمانه بالمسيح.
بولس إذن لم يلتق بالسيد المسيح ولم يتتلمذ عليه. وحين كان في «اورشليم حوالي السنة 36 م، ذعر من تبشير بطرس والآخرين. فلأنه كان لاهوتياً فقد شعر أكثر من بطرس ولاشك ان خطب الرسل تهدد بقلب أوضاع الدين اليهودية، لأنها تجعل يسوع ـ مع ان السلطات حكمت عليه كمجدّف ـ على قدم المساواة مع الله. ولما كان فريسياً غير متساهل في امور صحة الايمان، فقد عزم على محاربة هذه الشيعة الجديدة ـ أي المسيحية ـ فوافق على اعدام اسطفانس وذهب الى دمشق ليطارد تلاميذ اسطفانس الذين لجأوا اليها»
إذن، فبولس الذي كان مذعوراً بحكم ايمانه اليهودي المتعصب من أن يوضع يسوع المسيح على قدم المساواة مع الله، تحول فجأة الى منادي بربوبية المسيح بعد ما جرى له على الطريق الى دمشق.
نعتمد الآن على معجم اللاهوت الكتابي وهو كتاب مهم كما قلنا وعلماء القوم أدرى بمرامي كتبهم ومعانيها، وذلك لتكوين صورة عن السيد المسيح كما وردت في التوراة والانجيل أو كما يفسرها المعجم اعتماداً على ما في كتب العهدين حيث سيكون ما وضع بين هذين القوسين () منقولاً عن التوراة والانجيل:
1ـ «يسوع: رب، ومسيح، وابن الله» ص869.
2ـ «ان المسيح الذي ارتفع إلى السماء وتمجد هو ديّان اليوم الأخير» ص870.
3ـ «ان الله قد أقام يسوع رباً ومسيحاً (اعمال 2: 36)، وجعله ابن الله (رومة 1: 4، أعمال 13: 33) وانه قائم عن يمين الله (اعمال 7: 56 وربما أيضاً 2: 33 ـ 35، 5: 31، مرقس 14: 62 رومة 8: 34). وأخيراً ان المسيح يشارك الله في قدرته الالهية اللامتناهية (راجع متى 28: 18)» ص870.
4ـ «يسوع الصاعد الى السماء هو رب ومسيح» ص780.
5ـ «يسوع ابن الله الوحيد: ان لقب ابن الله يقترن عادة بلقب المسيح (متى 16: 16، مرقس 14: 61)». ص34.
6ـ «هكذا تتجلى عقيدة التجسد بكل أبعادها: ارسل الله ابنه الواحد الى العالم ليخلص العالم (يوحنا 4: 9 ـ 10 و14)» ص35.
7ـ «ان الله الذي يعلنه لنا يسوع هو أبوه، وعندما يخاطبه يسوع، فهو يفعل هذا بدالة الطفل وتلقائيته: أبا. ولكن هو أيضاً الهه، لأن الآب، الذي له الالوهية بدون ان يستمدها من أحد آخر، يعطيها كلها للابن المولود منه أزلياً، وللروح القدس الذي فيه يتحد كلاهما. هكذا يعلن لنا يسوع عن مطابقة الآب والله، وعن السر الالهي، وعن سر الثالوث. ويردد بولس ثلاث مرات العبارة التي تعبر عن هذا الاعلان: (اله ربنا يسوع المسيح وأباه)» ص95، 96.
8ـ وعند الحديث عن موت يسوع ودمائه يقول المعجم: «هذا الدم هنا هو دم ابن الله ذاته (بطرس 1: 18 ـ 19، عبرانيين9: 12) راجع اعمال 20: 28، رومة 3: 25» ص596.
9ـ وعن التوجه في الصلاة «ان الكنيسة في طقوسها توجه كل صلاة الى الله الآب بربنا يسوع المسيح» ص367.
10ـ «يسوع رب كل البشر (رومة 14: 9)» ص369.
11ـ «تتخذ عبارة الايمان (يسوع رب) مظهر الاحتجاج على ادعاءات الاباطرة بالالوهية. يوجد Kyrios (الرب) بين (الآلهة المزعومين) ولكن يسوع هو (الرب) الوحيد المطلق (اكورنتس 8: 5 ـ 6) الذي يخضع له الآخرون. ويبين أيضاً كتاب الرؤيا ان لقب (رب الارباب) الذي ثبت استعماله منذ زمن طويل جداً في الشرق (حوالي عام 1100 قبل المسيح) لا ينبغي اطلاقه على الامبراطور المؤلّه، بل يليق بالمسيح وحده، كما يناسب الآب (رؤيا 17: 14، 19: 16، راجع تثنية 10: 17، اتيموتاوس 6: 26)» ص369.
12ـ «يسوع يعد بمنح الروح» ص389.
13ـ «يسع يمنح الروح» ص389.
14ـ «غضب يسوع: إلاّ ان هناك ما هو أشد هولاً من اسلوب الالهام هذا، وما نريد في المأساة من اختبار الانبياء الرازحين بين الله القدوس والشعب الخاطىء، ألا وهو رد فعل انسان هو الله ذاته. ففي غضب يسوع يظهر غضب الله» ص588.
15ـ يسوع رب، ومسيح، ابن الله» ص869.
16ـ «ان يسوع هو (ابن الله) هذا هو ايمان المسيحي(1 يوحنا 4: 15، 5: 5) الذي تعلنه الانجايل بلا انقطاع (مرقس 1: 11، 9: 7، 14: 61، لوقا 1: 35، 22، 70. متى 2: 15، 14، 33، 16، 16، 27: 40، 43) بمثابة صدى لكلام يسوع عن الابن (متى 11: 27، 21: 37 ـ 39، 24: 36). اما حركة الوحي فتؤدي الى الاعلان (لعله منذ الرسالة الى أهل رومة 9: 5، وعلى الارجح في عبرانيين 1: 8، تيطس 2: 13، وأكيداً في يوحنا 1: 1، 18، 20: 28) ان يسوع هو الله، واحد مع الله في الجوهر» ص872.
17ـ «ان كل من ينكر ان يسوع هو المسيح وينكر الأب والابن(1 يوحنا 2: 22) يكون هذا هو المسيح الدجال. لذلك من لا يعترف بيسوع المسيح الذي تجسد(1 يوحنا 4: 3، 2 يوحنا 7) فإنه مضل ومسيح دجال، ص740.
18ـ «كشف لنا العهد الجديد ان هذا العبد الذي جاع ليخلص من الخطيئة (أشعيا 53: 11) ليس سوى إبن الله عينه» ص316.
19ـ «لقد كشف الله بإعطائه ابنه، انه هو الذي يعطي نفسه بدافع الحب (راجع رومة 8: 32) وإذا يحيا الابن الوحيد مع ابنه في حوار محبة مطلق يكشف ايضاً انه هو والأب (واحد) منذ الازل (يوحنا 10: 30، راجع 17: 11 و21 ـ 22) وانه هو ذاته الله (يوحنا 1: 1 راجع 10: 33 ـ 38، متى 11: 27) ويعرفنا الابن الوحيد، الذي في حضن الأب، بالله الذي (ما من احد رآه) (يوحنا 1: 11) وهذا الاله الواحد قائم فيه وفي ابيه المتحدين في الروح القدس، ص715.
20ـ «يسوع المسيح هو الرب: يعلن الرسل ان العبادة الواجبة لله وحده واجبة ايضاً ليسوع المصلوب الذي يعترفون به مسيحاً ورباً (اعمال 2: 36) لاسمه تجثو كل ركبة في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض (فيليبي 2: 9 ـ 11، رؤيا 15: 4) يقدم هذا السجود للمسيح القائم من بين الاموات والممجد (متى 28: 9 و17، لوقا 24: 52). إلا اننا نرى بالايمان ابن الله في هذا الانسان المعرض للموت (متى 24: 33، يوحنا 9: 38)، بل في هذا الطفل الصغير (متى 2: 2 و11، راجع اشعيا 49: 7) ونقدم له واجب العبادة، ص523.
21ـ «العبادة بالروح والحق: ان الجديد في العبادة المسيحية لم يكن في التصور الجديد لله فقط ـ وهو الإله المثلث الاقانيم ـ وانما في ان هذا الاله (الذي هو روح) يحول العبادة ويسمو بها الى كمالها، ص523.
22ـ «على ان المسيحي إذا كان قد اهتدى، فقد حدث ذلك لأنه قد ترسمت نصب عينيه صورة المسيح المصلوب (غلاطية 3: 1) وان كان قد تبرر، فلم يكن ذلك بفضل الاعمال بحسب الشريعة، بل بايمانه بالمصلوب، لأنه هو ذاته قد صلب مع المسيح في المعمودية، الى حد انه قد مات عن الشريعة ليحيا الله (غلاطية 2: 19) ولم يعد له أي تعلق بالعالم(6: 14، ص484).

الترتيب الزمني وتسلسل أحداث معارك الإمام المهدي وحروبه
علماء دولة الخلافة يعثرون على نظرية الإمام المهدي
بوقت قصير جدا عثر علماء دولة الخلافة على نظرية الإمام المهدي المنتظر(ع)، واكتشفوا أنها نظرية إسلامية من جميع الوجوه، وأن الأحاديث المتعلقة بها قد صدرت بالفعل عن رسول الله(ص)، وأن هذه النظرية جزء لا يتجزء من النظام السياسي الإسلامي وأن الرسول (ص)قد بشر بالفعل بالمهدي المنتظر(ع)، وأكد وبكل اوسائل التأكيد على حتمية ظهوره، وأن هذا المهدي من عترة النبي أهل بيته، وأنه خاتم أئمة أهل بيت النبوة(عليهم السلام)، وأنه سيبايع حتما بين الركن والمقام، أو بين زمزم والمقام، وأنه سيؤسس دولة آل محمد، وسيفتح أقاليم الأرض كلها، وينتقم من الظالمين، ويسقط كافة حصونهم، ويكون دولة عالمية، وأنه سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وأن سكان العالم في زمانه سيعتنقون جميعهم دين الإسلام، وأن عيسى ابن مريم سينزل من السماء في زمانه، فيكون وزيرا له، ويصلي خلفه، وتوصلوا إلى اسمه واسم أبيه وكنيته، وإلى علامات ظهوره، وكل هذه المعلومات قد استقوها من أحاديث نبوية صحت عندهم، وتواترت بينهم، ورووها عن النبي بنفس الطرق والوسائل التي رووا فيها أحام الدين الأساسية من صلاة وصوم وزكاة وحج... الخ، وبعد أن رووا هذه الأحاديث أخرجوها في صحاحهم ومسانيدهم واشد ما عجبوا عندما اكتشفوا أن أهل بيت النبوة كانوا يعرفون هذه الأحاديث قبلهم بمئات السنين، وأن مضامين هذه الأحاديث صحيحة عند أهل بيت النبوة، ومتواترة بينهم.وهكذا أجمعت الأمة أئمة أهل بيت النبوة وشيعتهم، والخلفاء وشيعتهم على صحة نظرية الإمام المهدي المنتظر، وجزمت الأمة بأسرها على أن الأحاديث النبوية التي تحدثت عن المقاطع الأساسية لنظرية الإمام المهدي المنتظر(ع) قد صدرت بالفعل عن رسول الله(ص)، وأنها جزء من أنباء الغيب التي أوحاها الله لرسوله، لأن الرسول لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله إياها، وبالتالي صار الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر جزء من عقيدة المسلم الدينية، وظهرت نظرية الإمام المهدي ظهورا عاما وشاملا ونهائيا، فليس بإمكان قوة في الأرض أن تمحو هذا الاعتقاد من نفوس المسلمين، وقد فشلت كافة محاولات التشكيك بهذا الاعتقاد، وبقيت نظرية الإمام المهدي صامدة، وشامخة، وقد تعرضنا لمحاولات التشكيك وأثبتنا فسادها وفشلها..
ترتيب أحداث ووقائع ظهور الإمام المهدي المنتظر
صحيح أن الإمام المهدي المنتظر(ع) سيظهر فجأة كالساعة، ولكن وبالضرورة تسبق ظهوره سلسلة من الوقائع والأحداث التي تفضي حتما إلى هذا الظهور، وتؤدي إليه مباشرة، فيكون الظهور التام للإمام المهدي (ع)هو قمة حركة الوقائع والأحداث المبرمجة إلهيا، والمسيرة تماما وفق مخطط إلهي، بحيث يترجم هذا المخطط ترجمة تصب في خانة نواميس نظرية الابتلاء الإلهي، فتستوعب البشرية المكلفة ما يحدث، وتفهمه، وتتفاعل معه سلبا أو إيجابا ليكون هذا التفاعل موضعا للثواب أو العقاب.وباستقراء الأحاديث النبوية التي غطت أنباء نظرية المهدي المنتظر يتبين لنا، بأن حركة الظهور ستمر عبر سلسلة من المراحل، تتمخض عن ولادة عصر الإمام المهدي(ع) بكل ما فيه من كفاية ورخاء وعدل وانسجام مطلق.
المرحلة الأولى
انتشار الاعتقاد بالإمام المهدي وإيمان المسلمين بهذا الاعتقاد
وقد تولى الرسول الأعظم(ص) بنفسه، نشر هذا الاعتقاد، فهو الذي بشر بالإمام المهدي المنتظر(ع)، وأكد وبكل وسائل التأكيد على حتمية ظهوره، وأنه سيملأ. الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، وأن عيسى ابن مريم (ع)سيصلي خلفه، ويكون أحد أعوانه وأنصاره، والرسول نفسه هو الذي تولى بيان كافة الأمور الكلية والتفصيلية المتعلقة بالإمام المهدي، مؤكدا بأنها من أنباء الغيب التي خص الله بها نبيه، وبالرغم من المحنة التي تعرض لها الحديث النبوي إلا أن هذه الأنباء قد شاعت وانتشرت بين المسلمين واعتقدوا بها، وآمنوا بأنها من أنباء الغيب المحتومة الوقوع.
والفئة المتنورة من المسلمين أخذت ترصد حركة الأحداث وتتمنى أن تتاح لها الفرصة لتكون من أنصار الإمام المهدي وأعوانه، وأن تساهم بصنع وإخراج عهده الذهبي، بمعنى أنها لا تكتفي بأن تشهد عصر المهدي(ع)، بل تريد أن توطد له، وأن تنال شرف المشاركة طمعا بما عند الله، وهروبا من مخاطر السلبية، واستفادة من تجارب التاريخ حيث أنه لا ينبغي على المؤمن أن يقف من الأحداث موقف المتفرج، بل يتوجب عليه أن يؤثر بها سلبا أو إيجابا، ثم إن المهدي المنتظر إمام شرعي اختاره الله، ومن واجب المؤمنين أن يضعوا أنفسهم تحت تصرفه، وأن يسلموا له قيادتهم، وأن يكونوا حيثما يتوقع منهم الإمام أن يكونوا.
المرحلة الثانية
إفلاس كافة العقائد الوضعية وأنماط حكمها واعتراف البشرية بعجز تلك العقائد وعدم أهليتها
قبل أن يظهر الإمام المهدي، تتاح الفرصة للبشرية لتجرب كافة العقائد الوضعية، وأنماط الحكم المنبثقة عنها، وأن تخضع لسيطرة حكام من مختلف النوعيات، ثم تكتشف البشرية بالتصوير الفني البطئ فشل وإفلاس وعجز كافة العقائد الوضعية، وكافة أنماط الحكم المنبثقة عنها، وتقر وتعترف ولو في قرارة النفوس، وبعد التجربة والمعاناة، بعدم أهلية العقائد الوضعية، وأنماط الحكم المنبثقة عنها لتحقيق العدل والكفاية والرخاء لبني البشر، ولتتساءل: أليس لله عقيدة ؟ أليس لعقيدته نمط حكم!! أليس لله أولياء يمكنهم أن يحكموا البشرية. وتقيم البشرية الموقف، وترى أن الأرض قد فاضت بالظلم والجور، وأن كافة. الوسائل البشرية للإنقاذ قد استنفدت وفشلت فشلا ذريعا، وأن الحياة لا تطاق، ولا شئ ينقذ العالم إلا المهدي، عندئذ يتهيأ المناخ النفسي، والجو العام الملائم لظهور الإمام المهدي. وتقديره حق قدره، وإبرازه بصورة المنقذ الفعلي الوحيد في العالم. والتطلع إليه على هذا الأساس.
المرحلة الثالثة
بروز علامات الظهور وتواليها
لم يترك رسول الله المسلمين في حالة غموض، إنما بين لهم بيانا كافيا كافة الأمور المتعلقة بالإمام المهدي(ع)، ووصفها وصفا دقيقا، فأكد على وجود علامات تسبق ظهور الإمام المهدي وتتزامن مع هذا الظهور، وأن هذه العلامات ستبرز تباعا ويتوالى ظهورها، حتى إذا اكتمل ظهورها، طلع الإمام المهدي وظهر للعالم كالنجم الثاقب المتألق. وقد وصف رسول الله (ص)هذه العلامات وصفا علميا دقيقا، تفهمه العامة والخاصة، وهي من الوضوح بحيث أنها لا تخفى على أحد إن بدأت بالظهور، وقد أفردنا في البحوث السابقة فصلا خاصا عن علامات الظهور.ولا تبدأ إلا بعد أن يتيقن العالم ويقر إقرارا صريحا أو ضمنيا، بإفلاس كافة العقائد الوضعية، وأنماط الحكم المنبثقة عنها وعدم أهليتها لسياسة وإدارة الجنس البشري، وأن تلك العقائد والأنماط هي التي ملأت الأرض بالظلم والجور، وأن مشاكل العالم عصية ومستعصية على الحل، وأن المهدي المنتظر هو المؤهل الوحيد والقادر على أن يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، وأن العدل الإلهي والحكم الإلهي وقيادة أولياء الله هي المخرج الوحيد للعالم عندئذ تبدأ علامات الظهور بالبروز واحدة تلو الأخرى، وبالصورة التي بسطناها في موضعها وحتى تكتمل.
المرحلة الرابعة
وجود فئة مميزة تؤمن بالإمام المهدي وتضع نفسها تحت تصرفه
عندما تبدأ علامات الظهور بالبروز واحدة بعد الأخرى، وعندما تعصف المحن بأبناء الجنس البشري، ويشتد البلاء وعندما يكتشف الناس أن الحل الوحيد والمصلح الوحيد للعالم هو المهدي يخرج من بين المسلمين أفراد هم أكثر الناس إحساسا بالبلاء، ورغبة بالخلاص، وإيمانا بالإمام المهدي المنتظر(ع) وثقة بقدرته الهائلة على التغيير، وفوق هذا وذلك هم في قمة الوعي والإخلاص لله، فيطلبون الإمام المهدي(ع)، ويبحثون عنه وكل واحد منهم لا يعرف الآخر، وفي ساعة مباركة تلتقي هذه الفئة التي تجمعت من بلاد شتى على غير موعد بالمهدي المنتظر(ع)، في مكان ما حول الكعبة المشرفة، بين الركن والمقام أو بين زمزم والمقام، فيتعارفون ويتعرفون على الإمام المهدي، ويتعلقون به، ويضعون أنفسهم تحت تصرفه والأحاديث النبوية المتواترة تؤكد بأن عدد أفراد هذه الفئة لا يتجاوز ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا وهو عدد يطابق لعدد الذين خاضوا مع الرسول (ص)غمار معركة بدر، وفي معرض حديثنا عن أصحاب المهدي وأنصاره تعرضنا إلى مواطن أفراد هذه الفئة، وعددهم، وصفاتهم ووثقنا كل ذلك فارجع إليه إن شئت.وهنالك فئة من المؤمنين رصدت الأحداث وراقبت علامات الظهور، وأيقنت أن الإمام المهدي(ع)، يتأهب للظهور وأنه بحاجة إلى الأعوان والأنصار، فأعدت للأمر عدته، واستعدت للخروج والبحث عن الإمام المهدي المنتظر، لتعثر عليه وتضع نفسها تحت تصرفه وتنال شرف صحبته ومشاركته في عملية التغيير الكبرى، وأبرز مثال على هذه الفئات حملة الرايات السود القادمون من إيران أو المشرق.الفئة المؤمنة المؤسسة تضع نفسها تحت تصرف الإمام المهدي الذي يتأهب للظهور بعد جهد مضن، وعناء كبير، وجدت الفئة المؤمنة الإمام المهدي وتعرفت عليه، وتعرف عليها، ووضعت نفسها تحت تصرفه، وأقسم أفرادها بأنهم لن يفارقوه حتى الموت، واطمأن المهدي بهم، واطمأنوا به، وأيقن الإمام المهدي، بأنه قد آن أوان ظهوره، وبدأ بانتظار الأمر الإلهي بالظهور..
المرحلة الخامسة
ظهور السفياني ومسابقته للزمن
أكد الرسول الأعظم(ص)، وأئمة أهل بيت النبوة الأطهار بأن ظهور السفياني من الأمور المحتومة حتى قيل: لا مهدي بدون سفياني، ولا سفياني بدون مهدي، فظهور السفياني من أبرز وأشهر العلامات الدالة على ظهور الإمام المهدي، بل إن ظهور الإمام المهدي(ع) سيتزامن مع عصر السفياني، وقد فصلنا ذلك وبيناه في الفصول السابقة. والسفياني كما بينا سابقا رجل من ذرية أبي سفيان حاقد على آل محمد(ع)، كاره لدولتهم، وهو خبيث وذكي، فقد رصد الأحداث رصدا دقيقا، وقدر بأن الإمام الهاشمي المهدي سيظهر، وسيحاول أن يبني دولة لآل محمد، فأراد السفياني أن يسبق المهدي، ويبني ملكا أمويا، ليصرف شرف المهدي عن آل محمد، كما حاول أجداده أن يصرفوا شرف النبوة والخلافة عن بني هاشم فيجمع حوله الناصبة وشانئي أهل البيت، وطلاب الدنيا والمغامرين ويؤسس لنفسه قاعدة بالوادي اليابس، ثم ينطلق منه إلى درعا وحوران ودمشق والعراق والحجاز، ويرفع شعارات براقة كوحدة العرب، ووحدة المسلمين، ويصمم على تكوين امبراطورية أموية فقط لغايات التصدي لآل محمد، وبناء الملك الأموي الذي سيحول بين آل محمد وبين ما يريدون. يسابق الزمن، ويحاول أن يستبق الأحداث ليواجه الإمام المهدي(ع) بملك قائم ومستقر، وبأمر واقع فيجهض حركة المهدي (ع)عند ظهورها. ويئدها وهي في مهدها.
المرحلة السادسة
مبايعة الإمام المهدي وظهوره
بينما تكون جيوش السفياني مشتبكة بحروب ومعارك متعددة لبسط نفوذ السفياني على العالمين العربي والإسلامي، وبالوقت الذي تكون فيه منطقة الحجاز في حالة ضعف وتفكك واسترخاء بسبب أزمة حكم تعصف بالنظام السائد فيه.وفي ليلة مباركة، وبين الركن والمقام، أو بين زمزم والمقام يبايع الإمام المهدي(ع) الـ313 رجلا، ويلتقي الإمام المهدي(ع) أمرا إلهيا بالظهور، فيظهر بالفعل. وتبدأ الآيات والمعجزات والعلامات المتزامنة مع ظهوره بالظهور.وبمدة محدودة يبسط الإمام المهدي(ع) سلطانه على منطقة مكة ويبايعه أهلها، وينضم إلى جيشه عشرة آلاف مقاتل منهم، ثم يولي على مكة أحد أصحابه، ويتوجه إلى المدينة، قال الإمام الباقر(ع): (يبايع القائم بمكة على كتاب الله وسنة رسوله، ويستعمل على مكة، ثم يسير نحو المدينة فيبلغه أن عامله على مكة قد قتل، فيرجع إليهم، فيقتل المقاتلة ولا يزيد على ذلك).ثم ينطلق فيدعو الناس بين المسجدين إلى كتاب الله وسنة رسوله والولاية لعلي بن أبي طالب والبراءة من عدوه.. ، ويبسط الإمام المهدي(ع) سلطانه على المدينة المنورة، ويبايعه أهلها فيقيم فيها ما يشاء، ثم يخرج متوجها إلى العراق، وعندما يسير المهدي باتجاه العراق يكتب السفياني لأهل المدينة (إن لم تقتلوه) أي والي الإمام المهدي لأقتلن مقاتلكم، ولأسبين ذراريكم)، فيقتلونه فيأتي الخبر المهدي، فيرجع إليهم، ويقتل قريش، حتى لا يبقى منهم إلا أكلة كبش..). ، ويرتب الإمام المهدي(ع) أمور المدينة، ويتابع استعداداته للذهاب إلى الكوفة.
آية الخسف أوضح علامات ظهور الإمام المهدي (ع)وأدلها عليه
يسمع المسلمون كلهم بظهور الإمام المهدي(ع)، وبمبايعته بين الركن والمقام وبإخضاعه مكة لسلطانه، ومبايعة أهلها له، وأنه قد كون جيشا من أصحابه وممن اتبعه من أهل مكة قوامه عشرة آلاف مقاتل وأن جيش المهدي ينوي دعوة الناس بين المسجدين، ثم الاتجاه إلى المدينة المنورة لإخضاعها لسلطانه أيضا.
ويسمع السفياني ما سمعه الناس، فيجن جنونه، ويجهز جيشا عظيما من خيرة رجاله، ويولي قيادة هذا الجيش لأحد أقربائه (سفياني آخر) ويأمره بأن يتوجه إلى مكة وأن يقضي بكل العنف والقسوة والشدة على الإمام المهدي (ع) وحركته، ويتوجه جيش السفياني إلى الحجاز بالفعل، ويسمع المسلمون كلهم بهذا الجيش، يصل جيش السفياني إلى الحجاز، ويعتقد أنه لم يبق بينه وبين القضاء على الإمام المهدي، يخسف الله الأرض بذلك الجيش فلا ينجو منه إلا اثنان أحدهما يبشر بالخسف، والآخر يخبر السفياني بما حدث، هناك يتيقن المسلمون أن الإمام المهدي (ع) قد ظهر بالفعل، وأن السفياني هو عدو الله الذي حذر منه رسول الله، فتفيض عواطفهم الدينية نحو الإمام المهدي(ع) فالخسف آية ظهور يعلمها الخاصة والعامة، والسفياني آية ظهور أخرى، ونتيجة للخسف بجيش السفياني يتلقى ضربة معنوية قاتلة، ويبدأ نجمه بالأفول السريع، وترتفع الروح المعنوية لأنصار الإمام المهدي(ع)، ويوقنون بأن الله معه، وأن كل ما أخبرهم به رسول الله (ص) من أنباء الغيب حق لا ريب فيه.
المرحلة السابعة
الذهاب إلى العراق، وإنشاء قاعدة للعمليات، واتخاذ الكوفة عاصمة له
قد روى الإمام الباقر: (أن الإمام المهدي(ع) يدخل الكوفة، وفيها رايات ثلاث قد اضطربت، فتصفو له، ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء)... . وروى الإمام الباقر (ع) أيضا: (كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد. . وروى الإمام الباقر (ع) أيضا (بأن الكوفة ستكون عاصمته... ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه، والقوم من بعده، وهي منازل الأنبياء والأوصياء والصالحين..) 
لماذا اختار الإمام المهدي (ع) العراق قاعدة للعمليات والكوفة عاصمة له ؟
لأن العراق نقطة تجمع كبرى لشيعة أهل بيت النبوة، ففيه أعوانه وأنصاره ولأن العراق مجاور لبلاد الشرق / فارس وما حولها، تلك البلاد التي تضم نخبة. شيعة أهل بيت النبوة، ولأن في إيران آنذاك موالين لأهل بيت النبوة وجند مجندة للمهدي وهم حملة الرايات السود، ولأن الكوفة عاصمة أبيه التي شهدت انتصار الحق وهزائمه، ويريدها الإمام المهدي (ع)أن تشهد انتصار الحق الأعظم، وهزيمة الباطل الساحقة، ثم إن الإمام المهدي يتصرف بتوجيه رباني، وبعهد من رسول الله.
المرحلة الثامنة
قاعدة الإمام المهدي (ع) وقيادة عملياته العسكرية
يفهم من الأحاديث النبوية، ومن أحاديث أئمة أهل بيت النبوة، بأن الإمام المهدي سيجعل من مدينة الكوفة قاعدة له، ومنطلقا لأعماله الحربية، ومقرا لقيادة عملياته العسكرية، فمنها يسير الجيوش، ومنها يصدر أوامره إلى أنصاره في مختلف البلاد.
القضاء على السفياني وحركته
يبدو من الأحاديث بأن السفياني سيخطط للاستيلاء على كافة البلاد العربية والإسلامية وتكوين امبراطورية أموية تسخر كافة طاقاتها ومواردها لإجهاض حركة الإمام المهدي(ع) والقضاء عليه، وتنفيذا لهذا المخطط يسير السفياني سراياه وجيوشه إلى فلسطين والأردن وسوريا والعراق والجزيرة، ويشتبك عسكريا مع الأتراك ويكتب إلى الإيرانيين للدخول في طاعته وإلا غزاهم.وعندما يعلم السفياني بظهور الإمام المهدي(ع)  وبعزم المهدي(ع) على المسير إلى المدينة، ومنها إلى العراق، عندها يجن جنون السفياني ويجهز جيشا كبيرا من خيرة قواته، ويأمره بالزحف على الحجاز والقضاء على المهدي وحركته، ولكن الله تعالى يخسف الأرض بذلك الجيش ولا ينجو منه غير اثنين، ويتلقى السفياني بهذا الخسف ضربة معنوية ساحقة تقصم ظهره عمليا، وتنهي أمره، وتبدأ جيوشه الأخرى بالتراجع، ويفقد بعضها الاتصال بقيادته، وتتفكك قواته، وتنهار روحها المعنوية تماما، بالوقت الذي تكون فيه قوات الإمام المهدي (ع) وأنصاره يطاردون بقايا جيوش السفياني.

مشاركات القراء
الامام الحسين الشهيد الفاتح
جاء في رسالة ارسلها الامام الحسين الى بني عمومته يستنهضهم للقيام معه في ثورته الكبرى ضد طاغية عصره واشقى اشقياء بني امية يزيد عليه اللعنة ويحثهم باللحاق به ويلوم على المتخلف منهم بقوله ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح. ان الفتح العظيم المتمثل بالاطروحة الالهية المثلى التي جسدها على ارض الواقع الامام الحسين عليه السلام في ملحمة الطف الخالدة هي تحول كبير وكمال ارقى لمسيرة الدعوة الاسلامية.فتلك المفاهيم السامية العظيمة لملحمة الطف جاءت لتمثل أنفراجا" واضح في اسلوب نشر الدعوة الاسلامية وترسيخ دعائمها في اذهان ونفوس الناس جيل بعد اخر فالحال المستقرأ في سيرة حياة؟أنبياء الله عليهم السلام عند تصديهم بدعوة السماء الى تلك المجتمعات الانسانية التي هيمنت عليها معالم الجهل والضلالات الكثيرة أثر تسلط الطواغيت والجبابرة . ان ذلك الحال الملئ بالمحن والابتلاءات الكثيرة التي في اغلب الاحيان تنتهي فيها حياة ذلك النبي او الرسول ولم يستكمل بعد نشر دعوتة الحقة فالطواغيت على مر العصور والازمنة لم يتورعوا من ان يامروا بقتل ذلك النبي او الرسول لا لذنب أقترفة سوى انهم دعوا الى الله ونهو الناس عن عبادة العبد دون المعبود العظيم وهو الله جل شأنة ومن بين اهم اولائك الانبياء نبي الله زكريا ونبي الله يحيى الذي شابهة ملحمة استشهاده ملحمه استشهاد الامام الحسين (ع) ان الامر وقف به اولائك الطواغيت لاخماد نار الثورة التحررية التي ياتي بها اولائك الانبياء أي تصفيتهم جسديا وبالتالي الحيلولة دون اتساع مدها الجارف وتوسيع رقعتها المباركه .ان هذا الامر قد حال أيضا دون بلوغ رسالة السماء ارقى مراتبها حتى كان العهد الذهبي للعالم الانساني في بعثة الخاتم صلى الله عليه واله وسلم وانبثاق انوار الهداية الحقة من مكة .؟ وفي خضم تلك المراحل الملئ بالفتن والضلالات في الزمن السابق كانت رسالة السماء تاخذ مراتبها العضيمة في نفوس الناس نشوءا" وارتقاء" ولقد تمخض هذا الحال في سياق الخطة الالهيه في فترة بعثة الخاتم ومن بعدة خليفة الله ووصي رسول الله الامام امير المؤمنين فكانت المرحلة هي المهد الامثل والاستكمال الارقى لاعطاء دعوة السماء دفعة كبيرة . قال تعالى (ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا" ولينصرن الله من ينصرة ان الله لقوى عزيز) الحج (40). ان حركة الدفع والتدافع القائم عليها جميع نواحي الكون والمرتكز عليها كامل الارتكاز فحركة الكواكب وجريان الشمس المركز الام وجميع معالم الكون الوجودي المادي هذا من رطبة ويابسة وماءه وناره وعناصر الطبيعة هي كلها موجودات قائمة على الحركة والتدافع من اجل ادارة عجلة الحياة الدنيوية وهذه الصورة الظاهرية هي حقيقة من اهم الحقائق الدنيوية على العكس من عالم الاموات وعالم مابعد هذه الطبيعة فألنظرة التي ينظرها الانسان في عالم الامكان هذا الى عالم ما بعد الموت نضرة ظاهرية لطبيعة الوجودية بسبب ابتعاده عن المفاهيم الايمانيه الصحيحة ولهذا أشار الامام زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام في خطبته العظيمة في مسجد الشام عندما قرع اسماع مجتمع الشام الظال بتلك الحقائق الدامغة التي جسد مبادئها أبيه الشهيد  الامام الحسين (ع) ففي غمرة سكرة اولائك القوم في حياتهم الوجودية التي ركنوا فيها الى ملذات هذه الدنيا واختاروا عبدة العبد دون المعبود العظيم وهو الله جل شانه : فقال (ع) واصفأ اولئك الجبابرة والذين عمروا في هذه الدنيا وزينتها وغرهم زخرفها الزائل واصف حالهم ما بعد الممات فيقول (ع) فهم في منازل البلوى همود وفي عساكر الموتى خمود ينتضرون حلول يوم الطامة . فهذا الحال من حركة الدفع والتدافع بمفهومها المادي الظاهري اما بمفهوم الحركة المعنوية فقد القى جسد الامام الحسين (ع) في حركته الدافعية المجتمع الانساني نحو الكمال والتحرر وعدم الانقياد الى الاهواء والملذات التي تودي باالنفس الانسانية المكرمة الى حيث الجمود والانقيد بقيود العبودية الروحية . فحركة الدفع الحسينيه العظيمه قد الهبت الفكر الانساني بزخم فكري قل نظيره من خلال انشراحه عليه السلام على المجتمع الاسلامي باطروحته الالاهيه والمتمثلة بملحمة كربلاء العظيمة فلغة المضلومية وصياغة تلك الاسباب بحكمة الاهية شحذة همم المجتمع الاسلامي الشيعي بطاقة الثورية لاتزال تاخذ طريقها في النفوس الانسانية جيل بعد اخر حتى عصر الضهور المقدس وقيام القائم (عج) والذي تمثل مفاهيم الطف الخالدة المحور الثابت في فترة ضهورة (ع) قيم حركة الاصلاحية العالمية ليملئ الارض عدلا وقسطا" كما ملئت ظلما" وجورا" وهذة الحقيقة نستشفها من شعار الثورة المهدوية المباركة : يالثارات الحسين . ان الوهج الروحي الحسيني قد الهب الضمائر الانسانيه التي اطلعت على مبادئ تلك الثورة المباركة ولقد خط الامام الحسين (ع) طريق الهداية الحقة بدماءة الزكية فكان منار لجميع الثوار وعشاق الحرية فاالثورات التي أعقبت ملحمة الطف هي من ثمار تلك الثورة المباركة وعلى هذا الطريق وهذا النهج الامثل سار أحفاده عليه السلام من علماء الامة وقادتها الحسينين أمثال روح الله الموسوي الخميني قدسه الله نفسه الزكية الذي سئل بعيد قيام الثورة الاسلامية المباركة في ايران الاسلام عن سر نجاح كفاحة الطويل وتتويج بقيام النظام الاسلامي فقال قدسة نفسة الزكية أن كل مالدينا من عاشوراء فقيل له وكيف ذلك فقال ان كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء ولقد مضى حسين العصر وحفيده البار السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدسة نفسه الزكية على هذا الطريق الامثل عندما أعلن في بيانه وخطابه الى الامه عن عزمه على الشهادة ليفتح الطريق من بعده لمواكب الشهداء على الخط الحسيني الاصيل في مقارعة هيمنة الطغيان اليزيدي العفلقي ولقد اخذت الخطب الحماسية للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم قدسهة نفسه الزكيه مأخذها في نفوس المقاومة الاسلامية ضد الطغيان الاموي الصدامي عندما كان يعرج رحمة الله عليه في خطبة على واقعة كربلاء وتضحيات ابو الائمه (ع) والثلة الطاهرة من اهل بيته وأصحابه فتمتلئ العيون دموعا وتزداد القلوب قوةً “ واصرارا" على مقارعة الباطل . اما في قضية الثورة الروحيه الفكرية التي قام بها السيد الشهيدمحمد محمد صادق الصدر فلقد سادها الطابع الحسيني جملة وتفصيلا حتى انه قدست نفسه الزكيه عندما اراد ان يختبر مدى نجاح ثورته التجديديه المباركة في نفوس المجتمع أمر رحمة الله علية الامة الشيعية الممتحنه في هذه البلاد بوجوب السير على الاقدام لزيارة جده الحسين عليه السلام في زيارة شعبان فكانت تلك التلبيه الكبيرة من قبل الناس حتى ان النظام الاموي العفلقي الكافر قد ارعب بهذه الحادثه اشد رعبا .وهذا كله ماكان ليتم لو لافتح الله المتمثل بثورة الشهيد الفاتح الامام الحسين عليه الصلاة السلام.

محرم الحرام
هو احد الاشهر الحرم عظيم الحرمة في الجاهلية والاسلام لان اهل الجاهلية كانوا يحرمون فيه القتال وفي سائر الاشهر الحرم وجاء الاسلام فأقر ذلك ومحرم هو شهر المصيبة والحزن والاسى والبكاء على اهل بيت النبوة لما اصابهم من بني امية وغيرهم وذلك لقتل رجالهم ذبح اطفالهم وسبي نسائهم وغير ذلك من الفجائع فينبغي على المسلمين ان يستشعروا الحزن ويعقدوا المجالس الحسينية والمآتم لذكر ما جرى على ابو عبد الله الحسين واهل بيته والصفوة من اصحابه وذلك عظيما لشعائر الله تعالى وامتثالا لأمر رسول الله (ص)ومواساة واقتداء بالائمة المعصومين ومن الاحاديث المروية عن الحجج الطاهرة (ع) ما في ثواب الاعمال عن الامام الباقر(عليه السلام) قال كان علي بن الحسين (ع) يقول ايما مؤمن دمعت عيناه قتل الحسين(ع) حتى تسيل على خده بوأه الله تعالى بها في الجنة غرفاً يسكنها احقابا ومنها مافي قرب الاسناد عن ابو عبد الله الصادق (ع) قال لفضيل بن يسار اتجلسون وتحدثون قال نعم جعلت فداك قال (ع)ان تلك المجالس احبها فاحيوا امرنا فرحم الله من احيا امرنا يافضيل من ذكرنا او ذكرنا عنده تخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه .
مناسبات هذا الشهر 
اليوم الاول منه اول السنة الهجرية 
اليوم الثالث منه كان خلاص يوسف عليه السلام من الجب
اليوم الخامس منه كان فيه عبور موسى عليه السلام البحر 
اليوم السابع منه كلم الله موسى بن عمران على جبل طور سيناء 
اليوم التاسع منه اخرج الله تعالى يونس بن متي(عليه السلام) من بطن الحوت وفيه ولد موسى ويحيى ومريم (عليهم السلام) 
اليوم العاشر منه هو يوم عاشوراء وهو اعظم واشد وم في التاريخ الاسلامي حيث قتل فيه ريحانة رسول الله(ص) وسيد شباب اهل الجنة بو عبد الله الحسين(عليه السلام)
اليوم السادس عشر منه جعلت القبلة بيت المقدس
اليوم السابع عشر منه انصرف اصحاب الفيل عن مكة وقد نزل عليهم العذاب 
اليوم الخامس والعشرون منه سنة 94هـ كانت فيه وفاة الامام زين العابدين (عليه السلام) 
ابو براهيم السنجري

سلوني قبل ان تفقدوني
عن الاصبغ بن نباتة قال : خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس سلوني قبل ان تفقدوني فأن بين جوانحي علماً جماً ... فقام اليه رجل من أقصى المسجد متوكياً على عكازة فلم يزل يتخطى الناس حتى دنى منه فقال : يا أمير دلني على عمل أذا أنا عملته نجاني الله من النار ... فقال له : أسمع يا هذا ثم أفهم ثم أستيقن ، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه ، وبغني لا يبخل بماله على اهل دين الله عز وجل ، وبفقير صابر . فاذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور ، وعندها يعرف العارفون الله أن الدار قد رجعت الى بدئها ( أي الى الكفر بعد الايمان ) ... أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى ، أيها الناس أنما الناس ثلاثة : زاهد وراغب صابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته ، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فأن أدرك منها شيئاً صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأما الراغب فلا يبالي من حلٍ أصابها أم من حرام . فقال الرجل : يا أمير المؤمنين فما علاقة المؤمن في ذلك الزمان ؟ قال أمير المؤمنين عليه السلام : ينظر الى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه ، وينظر الى ما خالفه فيتبرأ منه وأن كان حبيباً قريباً . . . قال الرجل : صدقت يا أمير المؤمنين ، ثم غاب الرجل فلم نره ، فطلبه الناس فلم يجدوه ، فتبسم علي عليه السلام على المنبر ثم قال : ما لكم هذا أخي الخضر (عليه السلام).
من كتاب (سلوني قبل ان تفقدوني ) لمولفه الشيخ محمد رضا الحكيمي ج1ص353.

دفاع الامام الرضا (ع) عن الحق
بسم الله والحمد له بارىء الخلائق وجامع الناس ليوم لامرد له؛ والصلاة والسلام على باب الله الذي منه يؤتى وحبل الله الممدود بين الارض والسماء محمد واله الطيبين الطاهرين.
روى محمد بن سنان(ره)
لما جاء الامام الرضا (ع) الى خراسان وقرر المأمون العباسي ان يقصده للناس يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع وكان الامام (ع) يجلس الى يمين المآمون فجيء اليه يوما برجل الصوفية أتهم بالسرقة.
فلما نضر اليه وجده متقشفا بين عينيه اثر السجود .فقال له .اثار جميلة وفعل قبيح اتنساق الى السرقه مع ما ارى من حسن ضاهرك .فقال العبد .فعلت ذلك اضطرارآ لا اختيارا حين منعتني حقي من الخمس والفيىء . فقال المأمون : وأي حق لك في الخمس والفيء . قال العبد ان الله عز وجل قسم الخمس ستة اقسام وقال : وعلموا ان ما غنمتم من شىء فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل ان كنتم أمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم ألتقى الجمعان ( وكذلك ورد هذا الموضوع في موارد صرف بيت المال في الايه ( 7) من سورة الحشر ) فعليه لماذا منعتني حقي وأنا ابن السبيل تقطعت بي الاسباب ومسكين لا ارجع الى شىء ومن حملت القرأن فقال له المأمون:
أعطل حد من حدود الله وحكما من احكامه في السارق من اساطيرك هذه ؟ وقال العبد ابدء بنفسك فطهرها ثم طهر غيرك واقم حد الله عليها ثم على ما تقول؟ ( اراده بذالك ان يبدي الامام (ع) برأيه ) فقال الامام الرضا (ع) :انه يقول (سرقت فسرق ) فغضب المامون غضبا شديدا ثم قال للعابد : والله لآقطعتك . يعني اقطع يدك جزاء سرقتك. فقال العابد .اتقطعني وانت عبد لي ؟ فقال المأمون ويلك ومن اين صرت عبداً  لك ؟ قال العابد  لان امك اشترت من قبل هارون الرشيد . من مال المسلمين ، فانت عبد لمن في المشرق والمغرب حتى يعتقوك وانا لم اعتقك ثم صادرت الخمس بعد ذلك فلا اعطيت ال الرسول حقا . ولا اعطيتني ونظرائي حقنا والاخرى ان الخبيث لايطهر خبيثاً مثله . انما يطهره الطاهر ، ومن في جنبه الحد لايقيم الحدود على غيره حتى يبدا بنفسه اما سمعت الله عزوجل يقول :(اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون كتاب الله افلا تعقلون) فبهت المامون امام البراهين القاطعة للعابد فالتفت الى الامام الرضا(ع) وقال: ماترى في امره؟ فقال الامام الرضا(ع) : ان الله جل جلاله قال لمحمد (ص) (قل فالله الحجة البالغة) وهي التي تبلغ الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه ، والدنيا والاخرة قائمتان بالحجة وقد احتج الرجل ، فامر المامون عند ذلك باطلاق العابد ، ثم حول وجهه عن الناس واشتغل بالحديث مع الامام الرضا(ع) وصب جميع افكاره ومكره لقتل الامام الرضا (ع) حتى نفذ مؤامرته اللئيمة فسم الامام الرضا(ع) وقتله .

واحة المرأة
هل تعلم ؟
× هل تعلم إن القائم يعرض الإيمان على النواصب فإن لم يؤمنوا ضرب أعناقهم أو يدفعوا الجزية.
فقد ورد عن سلام بن المستنير قال سمعت أبا جعفر (ع) يحدث ( إذا قام القائم عرض الإيمان على كل ناصب فإن دخل فيه على حقيقة وإلا ضرب عنقه أو يؤدي الجزية كما يؤدي اليوم أهل الذمة ويشد على وسطه الهميان ويخرجهم من الأمصار الى السواد.
× هل تعلم إن القائم إذا قام يبطل ما كان قبله.
فقد ورد في إثبات الهداة عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن القائم إذا قام بأي سيرة يسير في الناس ؟ فقال : بسيرة ما سار به رسول الله (ص) حتى يظهر الإسلام . قلت وما كانت سيرة رسول الله (ص)؟  قال : أبطل ما كان في الجاهلية وأستقبل الناس بالعدل وكذلك القائم (ع) إذا قام يبطل ما كان في الهدنة مما كان في أيدي الناس ويستقبل العدل.
× هل تعلم إنه لا يثبت على أمر الإمام المهدي (ع) إلا المخلصون الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه. 
فقد جاء عن الحسين بن خالد عن الرضا (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) إنه قال : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق والمظهر للدين والباسط للعدل . قال الحسين(ع) فقلت: يا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن ؟ قال أي والذي بعث محمداً بالنبوة وأصطفاه على جميع البرية ، ولكن بعد غيبة وحيرة لا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه.
×هل تعلم إن الأمور لا تستقيم للقائم (ع)إلا بالجهد والقتال.
فقد ذكر هذا المعنى فيما ورد عن موسى بن بكير عن بشير عن أبي جعفر(ع) مثله إلا إنه قال : قلت له : إنهم يقولون إن المهدي لو قام لأستقامت  له الأمور عفواً ولا يريق محجة دم ؟ قال : كلا والذي نفسي بيده لو أستقامت لأحد عفواً لأستقامت لرسول الله (ص) حيث أدميت رباعيته وشج في وجهه ، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ثم مسح جبهته.
×هل تعلم إن القائم (ع) طعامه الجشب ولباسه الغليظ.
عن معمر بن خلاد قال :ذكر القائم عند أبي الحسن الرضا (ع) فقال أنتم اليوم أرخى بالاً منكم يومئذ قالوا وكيف ؟ قال : لو قد خرج قائمنا لم يكن إلا العرق والعلق والنوم على السروج وما لباس القائم (ع) إلا الغليظ وما طعامه إلا الجشب.

الحرية الحقيقية
في صباح يوم مشرق على ارض الانبياء وتحت وطأة الاحتلال الجاثم على هذه الارض المباركة تتعالى الاصوات من كل مكان تستغيث بالله عز وجل عن منقذ ينقذ ارض قد اغتصبت ولحياة شعب قد صودرت ولحريات قد قتلت وباسم الجهاد قد سبيت .هذا هو يومنا في العراق في كل صباح ومساء تتعالى اصوات الادعياء ..الحريات.. الحريات. للنساء العراقيات .ياترى ما وراء هذه الاصوات ؟قد قيل سابقا ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لاتدري فالمصيبة اعضم قد ساومو البلاد بأزالة الطاغيه قبال نشر الحريات ان من ورأها الخطر العظيم . ولنأخذ اهم جانب من جوانب الحياة والعائلة عندنا الا وهو (حرية المرأة ) ذالك الستارالذي من وراءه يكمن الخطر فبأسم حرية المرأة اصبح واجبا على المسلمين ان يقبلوا بانخراط المرأة في الجيش والاختلاط بالرجل الاجنبي ناهيك عن التدريب على ايدي القوات المتعددة الجنسيات ونحن لانقول بان المرأة لا تدخل في السلك العسكري بل يحدثنا التاريخ ان المرأة قد خدمت في الجيش الاسلامي فبعهد الرسول الكريم (ص) ولكن هنا الفرق في عهد اسلامي  وتحت ولاية اسلامية شرعية من الله عز وجل الا وهو الرسول الكريم (ص) وبذلك تحفظ المرأة في هذا الجيش بكامل كرامتها على ان وظائفها تختلف عن وظائف الرجل في الجيش ناهيك عن ميدان القتال . أو ان نقبل بالتبرج الذي اصبح عادة تزامن التطور الحضاري الذي ستنعم به البلاد واما الخدر للمرأة والحجاب فهو مصادرة لحرية المرأة  وهو الرجعية بعينها ؛ والواجب التحاق المرأة بالدراسة الجامعية والاختلاط بالرجل .أذن لامجال ان تكون هناك نظرة اسلامية للامورفي الكيان الاجتماعي والوظيفي الا ان تنحصر الوظائف على حسب طبيعة المرأة وامكانياتها ومميزاتها من حيث الوضائف التربوية والانسانية لا من حيث كل الوظائف وليس هذا الرأي هو معبر عن رجعية فكرية ولكن هو وضع النقاط على الحروف ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب .ومن جهة اخرى جعل المرأة تطلع على احدث مودة للازياء من على قنوات الفضائيات وأرتدائها في الجامعات والاماكن الوظيفية كعرض للازياء مجاني لانتظار الرجل.اهكذا هي الحرية المطلوبة للمرأة ؛ أن تبيع جسدها وتعرض مفاتنها امام الناس .اصبحت على ما اعتقد الحرية المنادى بها هو الانفلات في البيت والمجتمع والشارع وأن تكون المرأة العراقية رخيصة كالمرأة الغربية ولامريكية بصورة خاصة وأن تمتلئ السجون بالنساء وتحت طائلة الجنود الامريكان وهذا هو واقع الحال .عصابات لخطف النساء وعدم توفير الامان فأين يكمن التصرف الحكيم فلا بد ان تكون المرأة العراقية المؤمنة واعية الى خطورة المد الفكري الجارف لحياء المرأة واخلاقها ؛ولابد ان نبني بيتا من جديد ان نجعل الحرية هي حرية الاسلام المنشود بيد الامام المهدي (ع) حيث ذكرت لنا روايات اهل البيت (ع) أن نساء كثيرات يكونن من ضمن الاصحاب ال (313) ومن ضمن جيش الامام (ع) ولكن بما يكسبهن كل الاحترام وحفظ الكرامة والعفة .اذن ان الحرية المزعومة من الغرب ما هي الا انهاء النفس الاسلامي الحقيقي في الذات الاسلامي واما الحرية الحقيقية ننشدها من كربلاء الثورة .. كربلاء الدم حيث كان لوقفة بطلة كربلاء امنا زينب (ع) اكبر تجسيد لهذه الحرية حيث بعدما استنفذ الدم مجال الحسم في النصر كان لوقوف بنت امير المؤمنين (ع) امام الطاغية يزيدهو استمرار لثورة الحسين بن علي (ع) وكان لوقوفها الشجاع هو القيادة العامة لامر الاسلام فأين المرأة العراقية والاخت المؤمنة من منهاج زينب (ع) ووقفتها وثورتها وقيادتها وعفتها ورباطة جأشها .الم تكن زينب (ع) هي الام والاخت والعمة والخالة في نفس الوقت الم يكن واجب زينب (ع) هو ام العيال بعد المعركة وحرق الخيام ألم يكن لوقفتها في ذلك اليوم هو الوفاء بعينه لعيالات الرسول (ص)الم يكن لكلام زينب (ع) في الكوفة البيان الحقيقي للثورة الحسينية الم تكن لوقفة زينب (ع)الدور الفاعل في سقوط الطاغية يزيد الم تقل امنا زينب (ع) يا يزيد اسعى سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحي ذكرنا ولا تقطع وحينا فهل ايامك الا عدد وهل جمعك الا بدد.فما معنا الحرية بعد هذه الوقفة وما هي الحرية بعدهذه الثورة الزينبية .والحمد لله رب العالمين.
التربية الاسرية
في زمن تظافرت فيه جهود الباطل لحرب الاسلام  وتعاضدت  فيه جهات الشر لتحطيم  عرى الدين وتكالبت فيه اذناب الكفر لمحق اهل الدين وتنوعت فيه أساليب التحطيم .فكان من اهم مرتكزات تهديم الفكر الاسلامي هو محق وتهميش دور العائلة المسلمة التي تعد من أهم اسس البناء الاجتماعي في الجسد الاسلامي . وأفضل ما نشير اليه في هذه العجالة ، إنه اذا كان الغرب قد صمم على تحطيم البناء الفكري والاخلاقي والديني للفرد داخل العائلة وجعل العائلة بمثابة هيكل هش لا قدرة له على حماية أبناءه أو السيطرة عليهم ولَم شتات أفرادها وأن ينعموا بدفئ الحياة لهم فيها ، إذا فمن الواجب على مربي الاسرة ان يخندقوا جنود الحق في انفسهم اولاً حتى تبني العزيمة التي تهيئ مستلزمات النهوض في البناء الاسري ،وبعد التوكل على الخالق البارئ تبدأ مرحلة العمل في إنشاء أسس هذا البناء المبارك الذي أوصى الله به الانبياء ولا سيما رسوله الكريم محمد (ص) والأئمة الطاهرين (ع) إذا لماذا في هذا الوقت ؟ لماذا بدأت الحرب ؟ نعم إنه الوقت المناسب لبدء الحرب من قبل الشيطان وفرعون وأعوانهم إنه زمن الظهور المقدس إنه التسابق بعينه أما ان يكون المجال واسعاً مناسباً للمنقذ الالهي أن يحضى بالتمهيد من قبل المسلمين وتتهيئ الحلقة والعقد أي (العشرة الاف والثلاث مئة وثلاث عشر) ويخرج هذا النور البهي لينير ظلمات العالم أو لا سامح الله ان يستطيع أبناء الخنازير حسب أدراكهم القاصر أن يحجبوا نور الشمس من أن تنير دربهم فيكون المسلمين عبيد لرعات البقر عبيد للشهوات  وأدوات للفساد هذه هي المعادلة . إذاً من أي المنابع يغترف مربي الأسر كي ينتهلوا من الماء العذب الذي يروي ضمأهم فهناك منابع كثيرة ليغرف الانسان منها ، ولكن لربما إن كثير منها لا يروي العطشان فعلى الضامئ ان يبحث عن عين الله فهي عين الحياة التي لم يجعل لها الله مثيلاً ولا بديلاً في أن تكون هي العين التي تحيي الموتى الذين أماتتهم الحياة فكانوا أجساد تمشي على الارض بلا روح فقد قتلوا رواحهم في مستنقعات الدنيا الفانية . هكذا هو الامر فعين الله هي أهل البيت (ع)في الحياة فقد أعطاهم الله سبحانه وتعالى ما لم يعطي أحد من العالمين وجعلهم بابه الذي من دخله كان آمناً ، وجعل فيهم كتابه الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا من فوقه ولا من تحته هكذا هو الامر ، فالى أنفسنا نوجه هذا النداء كفانا بعداً حقيقياً عن أهل البيت (ع) ولنصل الى عين الحياة ونغترف من حياتهم ونعيش ونبدأ منذ أن توقف التأريخ في كربلاء حين لم يستطيع حتى التأريخ أن يسير بعد كربلاء فقد تكسرت اقلامه وجف مداده فبدأ الحسين (ع) يكتب التأريخ لنا فبعد أن كان القلم واحداً وأنكسر كتب لنا الامام الحسين (ع) بثلاث أقلام أستخرجها من قلبه ومن ذاك السهم المثلث وجعل يكتب لنا بأحرف من نور مدادها دماءة الزاكية وأن اراد الحسين (ع) أن يبدل المداد أبدله بدم الرضيع كي ينموا المداد من جديد فكانوا هم كلمات الله قال تعالى { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً} الكهف 109 ، هكذا هو امر السهم المثلث كان هو منبع أقلام التاريخ الجديد بقصباته الثلاث ودماء الحسين (ع) وأبناءه وأهل بيته وأصحابه ولكن سيبقى هذا التاريخ بدون تصفيح كي نعرف تفاصيله فكانت الاجساد المقطعة هي التي تمثل صفحاته فكل جسد في كربلاء قدقطع الى اشلاءمتناثرة ، فكانت تلك الاشلاء للأجساد الطاهرة صفحات التأريخ والورق الذي يكتب عليه الحسين(ع) وكانت أول صفحة للتأريخ الجديد وأول فصل قد كتب على أشلاء جسد الحسين (ع) وكان عنوان الصفحة الاولى للتأريخ الجديد هو(ثأر الله)ولكن ما زال كتّاب التأريخ الجديد ناقصاً ، نعم قد تكامل المداد والاقلام والورق ولكن من الذي سيفتح لنا أوراق التأريخ ؟ ومن الذي سيضع غلاف الكتاب ؟ لا بد أن نعرف حتى نأخذ التأريخ ، فكانت أصابع كف أبي الفضل العباس (ع) هي من تصفح لنا التأريخ وكان الغلاف هو غربة زينب (ع) فكانت زينب (ع) هي المحافظة على التأريخ الاسلام فكما يكون غلاف الكتاب هو الذي يحمل العنوان ويحافظ على صفحات الكتاب كانت زينب (ع) هكذا وكانت أصابع العباس التي حملت راية ولواء الحسين (ع) هي التي تحمل لنا كربلاء في تاريخها الجديد ، هكذا هو الامر ، والامر بأيدينا وبيننا ونحن في الظهور وجائت كربلاء الظهور فعلينا أن نحزم أمرنا في طاعة الله تعالى لنخوض كربلاء جديدة كربلاء آخر الزمان ....كربلاء المهدي (ع) ... كربلاء التمهيد . هكذا هو الامر . هكذا هو التاريخ .... وهكذا هو الواقع .... وهكذا هو النصر . ولكن يبقى آمر واحد ومهم الا وهو موقف زينب (ع) فلولا أمنا زينب لمات الاسلام اذ في كل بيت من بيوتنا زينب (ع) ولن ينصلح حال عوائلنا ولن يكون هناك اصلاح حقيقي بدونهما  فزينب (ع) هي الثورة والام والاخت والعمة وهي التي تمهد لآبقاء الاسلام حتى ظهور الحجة بن الحسن (ع) فلا ننسى دور زينب في التمهيد للامام المهدي (ع) هكذا هو الامر أيتها المربية الفاضلة والحمد لله رب العالمين.

التحديات والمراة المسلمة
بات معلوماً أن زماننا هو عصر الظهور الشريف أنشاء الله تعالى ، ,اصبحنا قاب قوسين او ادنى من أطلالة الفجر الصادق لظهور الامام المهدي(عج) ، فالواجب منا أن نعلم ان لكل عصر تحدياته ولكن مكان مواجهاته التي يفرزها أقطاب الصراع للقضية المعينة ، فأوشك الفهم والادراك أن يصل الى أن المعركة بحجمها هي معركة كونية وليست اقليمية او داخلية وأن اقطاب الصراع هما أقوى قطبين في الكون فالامام(ع) هو خليفة الله على ارضه ، والشيطان هوعدو الله في أرضه وأن لقيادة الخير حزب وتنظيم وعدة تتمثل بالحركة التمهيدية الخاصة لليماني الموعود كوزير للأمام المهدي (ع) ، وأن حزب الشر للقيادة الشيطانية هي أمريكا وأسرائيل عالمياً والسفياني في الاطار الاسلامي ، فلا ضير أن تكون جهة الحق هي واحدة وحركة الباطل جهات متعددة وهكذا … ولكن ما هو دور نساءنا وأخواتنا وأمهاتنا وبناتنا في دعم المشروع المهدوي داخل بيوتهن ودحرالمشروع الشيطاني وأخراجه من داخل النفوس اولاً ومن ثم البيوت ثانياً ، كخطوة أولى لايجاد التحصين الذاتي للأسرة المسلمة ومن بعدها كمرحلة ثانية أنشاء أسلحة ذاتية في داخل الوسط الاسري لمكافحة الفكرالمادي والفساد الخلقي والانحراف العقائدي وأن تمكنت الاسرة المسلمة من تنظيف أنفس أفرادها ومكونات بيوتها وكسب الطهارة المادية والمعنوية لها في المجتمع تبدأ مرحلة مواجهة الباطل عند الجار والصديق والاقارب ، كحق شرعي وأسلامي فرضه ديننا الحنيف : ومنهنا تبدأ الحرب التي لا هوادة فيها والتي تتميز بأن الضحية فيها والخاسر يقتل فيصبح بعد القتل أسيراً حيث يكون أداة لنشر الفكرالذي قتله فهنا القانون يتمثل بقتل النفس ومن بعد القتل أسرها فتصبح أسيرة الشهوات والشيطان والهوى فتكون مصدرة ومهيأ لأجواء الفكر الشيطاني فلقد فرضت هذه الحرب علينا . والا هي الحرب الفكرية والتي تسبق دائماً الحرب العسكرية . فتصبح أفرازات هذه الحرب ونتائجها السلبية عبارة عن أنشاء مجتمع خالي من العقيدة والدين ومنغمس باللذات والشهوات فعندما تبدأ الحرب العسكرية والمواجهات الحاسمة في الصراع الكوني يكون المجتمع الاسلامي مجتمعاً خاوياً لا يستطيع نصر أمام زمانه قبال الغرب والسفياني الملعون ، فنحن نقول أن الحرب قد بدأت منذ سنين على مجتمعنا وعوائلنا في أفسادها وان الاوان أن تبدأ بأدارة المعركة بأنفسنا كاصحاب أسر وكمربيات بيوت أسلامية يجب أن تكون ارادتنا لنا وعندنا لابيد الغرب ولا بيد الشيطان ، فالمعركة اليوم هي معركة المرأة المسلمة كما هي معركة الرجل ، وبعد هذه التفاصيل لا بد أن نكون على دراية تامة بأنواع وحجم الاسلحة المستخدمة للعدو في هذه الحرب وعند تفحص طرق مواجهة العدو الفكرية نرى عناوين براقة قدغزت الساحة الفكرية كالعلولمة وحرية المرأة ومصطلح قوات التحالف الصديق ...الخ من العناوين.
فلنتفحص بيوتنا ولنرى ما بها من الغرب الذي يعمل كالسرطان يتفشى بين أركان نفوسنا لتهديمها ، هذه الفضائيات التي تبث سمومها يومياً لهي أمضى سلاح لافساد العائلة من شبابها وبناتها وصغارها وحتى كبارها ، نرى بحجة مزاعم حرية المرأة انكثير من القنوات تبث الصور الخليعة والافلام الماجنة وتصدير فكرة وفلسفة تعرية المراة في المجتمع المسلم تارة وفكرة أدخال المراة لممارسة الانشطة الثقافية والرياضية تارة أخرى فنرى أن المرأة أصبحت في مفهوم المحطات الفضائية سلعة تجارية مهمة تارة تخرج لتلقي نشرة الاخبار وبكامل مفاتنها وتبرجها ومرة نرى أنها تتصدر أخبار الساعة في ممارسة الرياضة وأخراجها كالعوبة خليعة امام انظار العائلة ومرة تخرج لنا في مفاسد غنائية ودعايات تجارية وما الى ....الخ . حتى باتت قنوات خاصة للنساء والدعايات التجارية تظهر للعائلة النساء متعريات فكيف نسمح بهذه الاسلحة الفتاكة  من أن تقتل حياء بناتنا وشبابنا كيف نسمح لهم من أن يقتلوا ديننا في بيوتنا لماذا نسمح لأسلحة عابر القارات من أن تهدم بيوتنا بأيدينا ؟ ألم يحن الوقت أن تتمكن المرأة والرجل من غلق هذه القنوات وجعل القنوات المفيدة فقط وجعل البرامج القرآنية والدينية فيها الم يحن الوقت أن يكون كتاب الله هو سلاحنا الكوني الذي يحطمهم ألم يحن الوقت أن يكون التمهيد للأمام (ع) من بين أظهرنا وفي عوائلنا فقد قال تعالى {  وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }النازعات 40-41. وقال عز من قال { بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين} هود 86. ألم يحن الوقت أن نتمسك جميعاً وخصوصاً نسائنا بالثقلين ( كتاب الله وأهل البيت (عليهم السلام)) بدل التمسك بالريمونت ( الكونترول ) لعرض القنوات على جميع اجهزة الستلايت فتخرج الاسلحة لتقتل مصادر التقوى في النفوس . والله أنها لمسؤولية عظيمة للمرأة في محاربة الطاغوت العلماني في البيوتات المسلمة وهكذا فلكي ايتها المجاهدة العظيمة الدور الاهم في النصر ولك أن تتأسي بأمنا الزهراء وأمنا زينب ( عليهما السلام) فأنني أبنت تلك المٌخدَارات اللائي دافعن عن بيضة الاسلام بعد رحيل ليوث الوغى صرعن حماة للدين وقربان لله عز وجل . وخاتمة لهذه الكلمات لا نقول أننا نريد أن نرجع بمجتمعاتنا الى الجمود كما يزعمون ولكن أصبح اليوم عنوان أوحد لنا يجب أن يدخل بيوتنا ونفوسنا ومن أفواه امهاتنا الا وهو ( المهدي (ع)) الذي سيكسر جميع أصنامهم التي نحتوها داخل نفوس ابنائنا ، وأخيراً عتباً شديداً على من فضلوا السياسة على الاخلاق فباتت قنوات الغرب الكافر تبث الفساد وقنوات المسلمين تبث دعايات اصحابها ومن تنتمي لهم هذه الفضائيات وأصبح فكر أهل البيت (ع) مركون في طيات الكتب التي تعج بها المكتبات الخاصة . وأنا لله وأنا اليه راجعون . فالامام على الابواب ينتظر صحية حقيقية للأستغاثة به ولكن رسائل أهل الكوفة كما عادت على الحسين (ع) بالدماء تعود رسائل أهل هذا الزمن بالانكارعلى الحجة بن الحسن (ع) ، فالويل من سيف ابن فاطمة (ع) أن جاء أوانه أيها المسلمون .      

علوم
الجبــــــــال في القرآن
قال الله تعالى: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ، ( النحل /15 )
الجبــــــــــــل :يعرف الجبل بأنه كتلة صخرية بارزة فوق اليابسة بشكل واضح‏ ولها وتد ممتد في الطبقات التحت سطحية ويكون طوله تسعة أضعاف القمة وثقله النوعيSpecific Gravity اقل من الثقل النوعي للطبقات التي يخترقها‏.‏ ويطلق مصطلح الجبل عادة علي الارتفاعات التي تزيد عن ستمائة متر فوق مستوي سطح البحر وإن كان هذا الارتفاع ليس محدداً لأنه أمر نسبي يعتمد على تضاريس الأرض المحيطة ففي منطقة سهلة التضاريس قد يكون نصف هذا الارتفاع مناسبا للوصف بالجبل‏ وتوجد الجبال عادة متصلة في سلاسل جبلية طويلة‏ ولكنها قد تكون أحيانا علي هيئة مرتفعات فردية معزولة‏.‏
نصــــــب (تكوين) الجبال
يقول الحق ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏ "أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت وإلي السماء كيف رفعت ‏ وإلي الجبال كيف نصبت‏‏ وإلي الأرض كيف سطحت" [‏الغاشية‏:17‏ ـ‏20]‏إن للحركات الأرضية دور رئيسي في تكوين الجبال كما لها أيضاً دور رئيسي في تكوين القارات والفرق بينهما أن حركات تكوين الجبال Orogenic Movements تكون قوية عنيفة قصيرة المدى ينتج عنها سلاسل جبلية بينما حركات تكوين القارات Epeirogenic Movements فتكون العكس بمعنى إنها تكون بطيئة وتستغرق أزمنة جيولوجية متعددة ويظهر نشاطها في تقدم أو انحسار البحر أي هي المسئولة عن رفع أجزاء كبيرة من قاع البحر لتجعل منه أرضاً يابسة أو التي تسبب هبوط مساحات واسعة من اليابسة ليغمرها البحر وينتج عنها تكوين المرتفعات أو المنخفضات مثل الجبال والهضاب أو الأحواض أو الوديان الفالقية مثل :- بحيرة رودولف - الحبشة - خليج عدن - البحر الأحمر - خليج العقبة -خليج السويس- البحر الميت - وادي الأردن.
أسباب الحركات البانية للجبال
ا- نظرية الانكماش Contraction Theory قول أن الأرض تنكمش كلما بردت وبالتالي تنضغط رواسب متقابلات الميل الأرضية Geosynclinesفتفقد بمحتوياتها من المواد الرسوبية المفتتة إلى الخارج مكونة أحزمة الانثناء الجبلية.
2- نظرية التيارات الناقلةConvection Currents Theoryنتيجة لارتفاع الضغط ودرجة الحرارة بالاتجاه نحو مركز الأرض فتتولد في منطقة الوشاح  Mantle تيارات ناقلة وهى عبارة عن صهارة ترتفع لأعلى فتحدث تفتت أو تأكل في طبقة الليثوسفير Lithosphere فتحدث تقارب في الألواح الصخرية مما ينتج عنه انثناءات جبلية.
3- نظرية حركة القارات The Theory Of Continental Drift إن كل القارات الموجودة الآن كانت متحدة فى كتلة أرضية واحدة تعرف بأرض بنجايا Pangaeaقسمها الشمالي أوراسيا وأمريكا الشمالية وقسمها الجنوبي استراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وانتاركتيكا (القسم الجنوبي يعرف بأرض جوندوانا)Gondwanaland ويفصل القسمين بحر التثزTethysثم تكسرت هذه الكتلة في العصر الكربوني ثم انفصلت وتحركات أجزاؤها متباعدة فى بداية الميوزوزيك Mesozoic في اتجاه الشمال فالتحمت الهند بقارة أسيا لتكون جبال الهميالايا كما ارتطمت ايطاليا بالقارة الأوروبية لتكون جبال الألب كما انجرفت الأمريكتين غرباً بسبب انفتاح المحيط الأطلسي مما نتج عن ذلك تكوين جبال الروكى والأنديز (بأمريكا).
4- نظرية الألواح التكتونية Theory Of  Plate Tectonic إن الكرة الأرضية مقسمة إلى عدة ألواح تكتونية وهذه الألواح تتحرك على طبقة لدنة منصهرة نعرف بطبقة الضعف الأرضي Asthenosphere ويمكن لهذه الألواح أن تتصادم  Convergent(Collision) فتتكون جزر بركانية على هيئة سلاسل جبلية أو تتباعد Divergent فيتكون حيد وسط المحيط Sea Floor Spreading أو ينزلق بعضها تحت البعض فيتكون خندق Trench . وبالنظر فى خريطة العالم الطبيعية ، نجد وجود الجبال على حواف القارات (الألواح) فتلك الجبال تقوم بتثبيت تلك القارات وصدق الله العظيم إذ يقول (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ( النحل /15 ). ويجب أن نلاحظ الإعجاز العلمي الكامن في كلمة (ألقى) التي تشير بصورة مذهلة إلى عملية تكون الجبال كما كشفها علم الجيولوجيا مؤخراً. فإن الجبال البازلتية والجرانيتية تكونت بفعل الإلقاء أي بما يقذفه باطن الأرض الملتهب من الحمم والصهارة بفعل حركة الألواح الأرضية وتلك الحمم بردت وتراكمت على مر السنين  ثم ارتفعت فوق سطح البحر وروي عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : (لما خلق الله الأرض جعلت تميد - فأرساها بالجبال) وكلمة تميد - أي تضطرب وتميل. وقال تعالى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النبأ: 6-7].  
ومن أهم الحركات البانية للجبال :- الحركة الكاليدونية في آخر العصر السيلورى-العصر الديفونى  - الحركة الهرسينية في العصر الكربوني-البرمى  - الحركة الألبيه في آخر الميزوزويكLate Mesozoic  - الحقب الثالثTertiary كما هو مبين بالشكل الآتى :
وصـف الجبال إن أدق وصف للجبال هو استخدام كلمة أوتاداً كما فى قوله تعالى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} سورة سبأ7،6. فجبل يبلغ ثقله النوعيspecific gravity   2.7 في المتوسط (كالجرانيت مثلاً) يستطيع أن يغوص داخل طبقة من الصخور السيماتية simatic rock (البالغ ثقلها النوعي 3.0 في المتوسط) حتى يبلغ طول الجزء القابع داخل الأرض 9/10 والجزء الظاهر فوق سطح الأرض 1/10 من الطول الإجمالي. وهكذا نرى كيف تصف كلمة واحدة - وهي كلمة الوتد - جزئي الجبل العلوي والسفلي ووظيفته من تثبيت للكرة الأرضية وألواح الليثوسفيرLithospheres  وبالتالي فإن الكلمة التي يستخدمها القرآن الكريم لوصف الجبال أكثر دقة من الناحية العلمية واللغوية من كلمة "جذر" المستخدم حاليًا من قبل العلماء لوصف الجزء السفلي المختبئ داخل الأرض كما هو مبين بالشكل الآتي :
ا- مكونات الجبال  بفحص الصخور المكونة للجبال وجد إنها تتكون من صخور رسوبية ونارية ومتحولة (بركانية) ولقد صدق الله العظيم إذ يقول (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ  مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ) فاطر27. فالجدد البيض هي الصخور الرسوبية وحمر مختلف ألوانها : الصخور النارية ، وغرابيب سود : الصخور البركانية. 
ب- ألوان الجبال ومن الآية السابقة( فاطر27) نجد من الجبال ما هو أبيض، ومنها ما هو أحمر، ومنها ما هو أسود، ومنها ما تختلط فيه الألوان الثلاثة أو غيرها وفى الشكل الآتي نرى صخور البازلت السوداء والجرانيت الوردي قاطعة للصخور الرسوبية.
ج- أطوال الجبال إن سطح الأرض ليس تام الاستواء وذلك بسبب اختلاف كثافة الصخور المكونة لمختلف أجزاء الغلاف الصخري للأرض فهناك قمم عالية شامخات للسلاسل الجبلية وتنخفض تلك القمم السامقة إلي التلال ثم الهضاب ثم السهول‏ ثم المنخفضات الأرضية والبحرية‏ ‏وصدق الله إذ يقول (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا)( المرسلات: 27)ويبلغ ارتفاع أعلي قمة علي سطح الأرض‏(‏ وهي قمة جبل إفرست‏)‏ في سلسلة جبال الهيمالايا‏8848‏ مترا تقريبا فوق مستوي سطح البحر بينما يقدر منسوب اخفض نقطة علي سطح اليابسة‏(‏ وهي حوض البحر الميت‏)‏ بحوالي‏395‏ مترا تحت مستوي سطح البحر كما بالشكلين الآتيين. والمناطق الجبلية الرئيسية في العالم هي الهملايا في آسيا ، وجبال روكي في أمريكا ، والألب في أوروبا ، والأنديس في أمريكا الجنوبية .ولقد استخدمت الجبال لدلالة على صفة الطول كأداة تشبيه كما في قوله تعالى (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً)الاسراء37
د- مناخ الجبال  وللجبل قدم ورأس ، أما عند قدم الجبل فالحر شديد في الصيف ، ولكن عند تسلقه فتجد البرد في أعاليه ورجال الجبال يعيشون في هواء أخف كثافة من هواء ساحل البحر ومن أجل هذا كان لساكني الجبال رئتين أوسع وقلب أكبر ودم كراته الحمراء أكثر.
ه- حركة الجبال إن تعاقب الليل والنهار لدليل على دوران الأرض حول محورها وبالتالي دليل أيضاً على حركة الجبال حيث الجبال جزء منها لقوله تعالى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل88
و- تسبيح الجبال قال تعالى (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ)الانبياء79. وكان وقت تسبيح الجبال في العشاء وفي صلاة الضحى عندما تشرق الشمس ويتناهى ضوئها {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} سورة ص الآية 18.
ل- سجود الجبال فإذا تأملنا قوله تعالى في الآيتين التاليتين لعرفنا أن الجبال كسائر المخلوقات تعبد الله وتخشى عذابه. قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ  وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء)الحج18، وفي الآية التالية تصوير بليغ لما يصيب الجبال لفزعها من خشية الله: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} سورة الحشر الآية 21
فـوائد الجبـال بناء المساكن في الجبال من مواد البناء من حجر وإسمنت ورخام يقوم عليها عمران الأرض ، واستقرار الإنسان في بيوت مشيدة ، وقصور شامخة ، قال تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} سورة الشعراء الآية 149. وقال تعالى (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ  بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) الاعراف74.بيوتاً للنحل       قال تعالى:(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) النحل68أكنان الجبال      يقول الله تعالى:(وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) النحل81. فالجبال بمثابة الحصون التي يحتمي بها فلقد اتخذ الإنسان من الجبال مواقع حصينة ضد الأعداء والمعتدين. وفي القرون الوسطى بنى الإقطاعيون حصونهم فوق الجبال ومنهم من اتخذ الذروة موقعاً لبناء قلعة  حيث الجبل له حوائط قائمة لا تغري عدواً غازياً بتسلقها .المعادن الاقتصادية       في الجبال منها كنوز نفيسة كالذهب والحديد والنحاس وأمثالها قال تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} سورة النازعات الآية  33,32.الجبال والمياه العذبة      ولقد كانت الفكرة السائدة لدى علماء الجيولوجيا أن مصادر المياه العذبة والينابيع الجوفية من مياه البحر التي تتسرب إلى داخل طبقات الأرض حيث تتخلص من ملوحتها ثم تتفجر أنهاراً لتعود إلى البحر من جديد ولكن القرآن أشار إلى أن مصادر المياه العذبة هي من السماء وليس من البحر (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)( الحجر: 22.) كما أشار القرآن إلى دور الجبال العالية في تخزين المياه وتكوين الأنهار العذبة (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًاً)( المرسلات: 27.). وفي العصر الحديث، اكتشف العالمان سبايك وجرانت أن مياه النيل الأبيض تأتي من اصطدام بخار الماء المتصاعد من المحيط الهندي بجبال القمر العالية في كينيا حيث يتكاثف لدى اصطدامه بقمم الجبال الباردة فيتحول إلى شلالات هي مصدر مياه النيل الأبيض.  الشكل التالي يبين دورة الماء في الطبيعة ودور الجبال في إنتاج المياه العذبةتثبيت الأرض كما أوضحنا سابقا في كيفية تكوين الجبال ، أن الأرض مقسمة إلي عدة ألواح تكتونية وهذه الألواح سابحة على طبقة الضعف الأرضي فلذا تظهر وظيفة الجبال فى تثبيت هذه الألواح والإ تناثرت وتحطمت تلك الألواح وصدق الله العظيم إذ يقول {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} سورة سبأ7,6 ، وقال تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(سورة النحل).

انفلونزا الطيور مرض الموت
إن غرائب هذه الدنيا كثيرة و عجيبة و الخوض فيها محير و لكن...! قديماً و قبل سنة 1991 لم يكن يعرف العراقيين الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب و مع ذلك كان هناك مثل شائع في العراق و بين العراقيين و هو " بلاء بوش " لم يكن هناك أحد يعرف ما معناه و بعد سنة 1991 اتضحت فكرة المثل و ماذا يعني و خصوصاً عندما اشتد الحصار على الشعب العراقي و بقي بلاء بوش لغزاً محيراً عند العراقيين كيف عرفوه قبل حرب الخليج ( حرب بوش ) ؟ لماذا ؟ و من أين جاء هذا المثل و غيرها من الأسئلة الكثيرة و المحيرة. و هناك ما هو اغرب و اعجب في نفس الوقت و هو مرض عرفه الناس في العراق و في الجنوب خصوصاً بحدود سنة 1997 يصيب الدجاج و يقضي عليها بالكامل سماه الناس " مرض الموت " و لم يهتم لهذا أحد سوى أصحاب حقول الدجاج الذين أضرهم هذا المرض كثيراً و بالطبع هذا المرض قلص منتجات العراق من البيض و الدجاج المحلي لهذا بعد 1998 نسمع بان العراق اعتمد على الدجاج المستورد من الخارج بالإضافة إلى البيض و لهذا السبب و لصعوبة الحالة الاقتصادية حينها التجأ الناس إلى تربية الدجاج في المنازل للحصول على منتجات الدجاج الضرورية من البيض و اللحوم و لكن " الموت " لم يترك لهم الخيار فكان لهم بالمرصاد حيث هلك الكثير من الدجاج في المنازل حتى يومنا هذا. سابقاً ماذا يفعل الناس في ظل حكومة كحكومة صدام اللعين الذي ربما هو أو الأكيد انه وراء هذا المرض اللعين لأنه الوحيد من كان لديه علماء مختصين في بحث أمور الماضي و تطبيقه في الحاضر مثل سم الألمنيوم في الماء فهو قديم جداً و طُبق في العراق و طبعاً السبب نفسه في زمن صدام كان السكوت أو الموت و بعد صدام لم يبقى لنا ما نعتمد عليه فصدام لم يحكم العراق و يعمل ما فعل لولا استفادته من تجارب السابقين من الحكام و طبعاً إحدى أساليبه هي وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب و بالتالي ضاع العراق كما تهدم الاتحاد السوفيتي فالاختصاص ضروري و مطلوب و ليس هذا فقط بل يجب أن يكون هناك اختبار للمتقدمين و الموظفين الحالين للاختصاصات كافة فكل العراق من ابسط موظف إلى المدير العام يحتاج إلى أن يختبر لمعرفة المستوى العلمي و طبعاً هذا مستحيل بوجود أمريكا إذن ننتظر و ندعوا ؟ الاسم غريب " الموت " ، ماذا يعني به العراقيين ؟ و لماذا ؟
ما هو مرض ( الموت ) ؟
هناك أربعة أمراض متشابه من حيث الأعراض هي ؛ كوليرا الدجاج ، أنفلونزا الطيور ، نيوكاسل ، مرض الدجاج التنفسي المزمن ، جميع هذه الأمراض متشابه من حيث إنها تصيب الجهاز التنفسي للدجاج و بالتالي يصعب تشخيص أحدها عن الأخر ، و لكن تبقى هناك البديهيات و الأمور العلمية الصحيحة و المتفق عليها عالمياً و الأعراض ، فأعراض كل مرض تختلف عن الآخر في أمور بسيطة ، مرض كوليرا الدجاج شُخص قديماً في أوربا وهناك صعوبة الإصابة به في العراق و هو أمر متفق عليه ، لذلك يبقى لنا ثلاث أمراض. المرض التنفسي المزمن و الذي يصيب الدجاج تكون نسبة الهلاكات فيه في الدجاج قليلة لا ترتقي إلى نسبة 100% فهي في احسن الحالات تكون اقل من 70% على العكس من أنفلونزا الطيور التي تكون فيه الوفيات بنسبة 100% ، بهذا يبقى لنا مرضين هما ؛ نيوكاسل ، و أنفلونزا الطيور. مرض النيوكاسل مرض معروف و قديم و العلم وجد له لقاح مضاد معروف و يباع و يعطى للدجاج ثلاث مرات أو اكثر منذ اليوم الأول لولادة ففي اليوم الأول يعطى للفرخ ثم في اليوم الخامس عشر و هكذا ، و بهذا من المفروض من اللقاح أن يقلل نسبة الوفيات لا أن يزيدها أي لا يمكن أن يكون مرض " الموت " هو مرض النيوكاسل لان مرض الموت يقضي على الدجاج بنسبة عالية تصل إلى 100% أي جميع الدجاج و هو ما يحصل و بهذا يكون مرض الموت هو مرض أنفلونزا الطيور. لكن لماذا مرض أنفلونزا الطيور و ما الغاية منه ؟ هناك 15 عترة للمرض جميعها تؤثر في الشخص الضعيف المناعة و طبعاً هذا ما يوفره الألمنيوم للشعب العراقي المناعة الضعيفة و لكن النوع الوحيد القاتل هو H5N1 و لكن ليتأمل الإنسان العراقي في مكر الله و حفظه للبشر سابقاً حرارة الجو كانت تقضي على الفيروس و طبعاً من منا لا يتذكر حرارة الجو في السابق طبعاً لها سبب و برودة الجو هذه الأيام لها سبب ؟ و يبقى لغز مرض الموت ، لماذا هذا الاسم ؟ هل انه يعني الموت الأبيض الذي تشير له الروايات قبل ظهور الإمام المهدي (ع) فهناك موتان ؛ موت احمر نراه كل يوم و موت ابيض بماذا لا ندري ؟ أم ماذا وراء هكذا تسمية " الموت " ؟ و يبقى أن نقول المرض كان موجود و لم يؤثر بنا إذا اتبعنا الحيطة و الحذر التام من تبعات هذا المرض ، حفظنا و حفظكم رب العالمين من كل سوء انه نعم المولى و نعم المجيب و القادر على ما يريد . و الأيام القادمة توضح فكرة مرض الموت كما و ضحتها في 1991 في بلاء بوش؟

الاجتهاد في الدواء يؤدي الى الداء
غالباً ما يسعى الانسان لمعرفة ما لم يكن يعرف وما لا يعرفه الغير بحيث يحاول ان يبني ويستنتج امور كثيرة بداخله دون الرجوع الى المتخصص او حتى تصل العزة بالاثم لحد الاعتراض على المتخصص ونفي ما هو مؤمن به ، وهذا ما نلاحظه كأطباء ومتخصصين اذ ينبع احياناً هذا الامر من خوف المريض على صحته والمسارعة في جلب العلاج او حتى من هو مسؤول عن أي مريض أذ يطالب المريض ببعض العقاقير الطبية خوفاً على صحته وأسراعاً بالعلاج ولكن هذا الامر يخفي سلبيات جسيمة في كثير من الاحيان وخصوصاً إنها تتعلق بحياة انسان.
إن من اكثر الاخطاء شيوعاً طبقاً لما ارى هو مسألة استعمال الادوية بشكل خاطيء غير مبرر سواء كان من المريض او من ينوب عنه او يتولى رعايته او بأيعاز من الطبيب المعالج قليل الخبرة ، وهنا سنستعرض بعض تلك الحالات:-
1- ان الكثير من الحالات والامراض لا تستدعي علاجاً اصلاً ذلك لأنها امراض لا علاج لها فلدينا مثلاً البرد البسيط وهو نتيجة الى التهاب فايروسي يرافقه احتقان في الجيوب الانفية وحرارة بسيطة ورشح مع او بدون عطاس أو سعال احياناً نتيجة لامتداد الالتهاب الى منطقة البلعوم أو الحنجرة .... ان هذا المرض لا يوجد علاج له يقضي على هذا الفايروس وبالتالي فانه لا ضرورة بتاتا لأخذ المضادات الحيوية أو ( artibiotics )لأنها لا تؤثر في المرض بل ان لها اثار سلبية كثيرة على الانسان أذ:-
أ-هذه المضادات ستعمل على القضاء على البكتريا المتعايشة سلمياً في جسم الانسان مؤثرة في محيطها المتواجدة فيه لتعطي هذه المضادات العديدة من الامراض الجانبية كالاسهال والالتهابات المعوية.
ب- ان الاستعمال الكثير الغير مبرر لهذه المضادات سيعطي البكتريا الفرصة لتطوير اساليب مقاومته للعقاقير وبالتالي ضعف هذه المضادات وفرصة اكبر للامراض والاصابة بها مسقبلاً ذلك لكون الجراثيم ستكون مقاومة للعلاج المستعمل بكثرة ومضعفة بذلك فرصة الشفاء في الوقت الذي سيحتاج المريض لذلك العلاج مما يستدعي الطبيب الى تغيير العلاج وبالتالي تضيق العلاجات أمامه.
2- الاستعمال الغير دقيق للعلاج الموصوف من قبل الطبيب المعالج ذلك بأن المريض او المسؤول عن اعطاء العلاج يقطع فترة العلاج عندما يتصور المريض انه قد تحسن او تشافى وذلك عندما يرى زوال بعض الامراض وراحة وانتعاش بعد حالة الاعياء التي كان يعانيها فيتصور انه لا ضرورة لأكمال العلاج خاصة اذا كان العلاج ذو مذاق غير محبب او ان اوقاته متباعدة فيصاب المريض بنوع من الملل ... هذا ربما يؤدي الى حصول عواقب وخيمة يكون الجسم ساحة للمواد الكيمياوية والتي ستكون في هذه المرحلة ضعيفة التأثير على البكتريا في الوقت التي ستستفاد اابكتريا من أستعادة نشاطهاوبصورة مضاعفة.
3- هناك صورة أخرى للممارسات الخاطئة في أستعمال العلاج وهي إن المريض يقوم بأعادة الوصفة الطبية من تلقاء نفسه رغم إن المريض وإن تشابه بالأعراض العامة إلا إنها ليست تعني بالضرورة نفس المرض الذي أصيب به في المرة الأولى ولو أفترضنا إنه نفس المرض إلا أنه هناك مسببات أخرى له لأن هناك أنواع عديدة من المسببات التي تصيب عضواً واحداً أو جهازاً احداً ولكن علاجها يختلف عن الآخر مثل أمراض الجهاز التنفسي والجهاز البولي ....الخ. والمريض يغفل هنا عن حالة مهمة جداً وهي إن تكرر المرض يكون ناتج عن خلل معين لم يكشفه الطبيب في المرة الأولى لعدم وضوحه ، وربما يكون نتيجة لحالة خطرة أو يمثل بذاته أعراض لأمراض أخرى أكثر خطورة مثل مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) حيث يصاب مرضاه بأعراض والتهابات متكررة كما لو أن هناك خلل في البنية التشريحية للمجرى البولي كألانسداد أو التضيق بحصى أو ورم يؤدي الى التهاب متكرر.
4- ومن الممارسات الخاطئة الأخرى تدخل المريض بصورة غير علمية وأعتراضه على علاج الطبيب أو إنه يمارس ضغوطاً على الطبيب لأعطائه علاج ضروري الذي سوف يكون بالنهاية مضراً له وفي بعض الأحيان يكون التدخل الخاطئ عن طريق تغيير فنفذ العلاج كأن تكون الوصفة تؤخذ عن طريق الفم فيغيرها الى الحقن الوريدي أو العضلي.
5- في كثير من الأحيان خصوصاً في حالة كون المريض طفلاً أو شخصاً كبيراً يقوم ذويه بأتخاذ قرارات تناسب ضروفهم الخاصة ولا تناسب المريض ، من قبيل التأخر بأستشارة الطبيب أو عدم مراعات أوقات الدواء أو حتى رفض أدخال المريض الى المستشفى بأعذار العمل والمسؤليات الأخرى ولهذا الشيء إنعكاسات خطيرة على صحة المريض. أثبتت الدراسات والبحوث المختبرية والسريرية فيما يخص فعالية الادوية وضراوة الجراثيم إن الكثير من الجراثيم طورت قدراتها على مقاومة العقاقير وهذا الأمر أدى الى نشوء جيل جديد من الأمراض التقليدية التي لا تستجيب للأدوية التقليدية بسبب تطور مقاومة تلك البكتريا مما يضطر الباحثين الى البحث عن أدوية جديدة . إذاً من أجل سلامة وصحة المريض يجب علينا الألتزام بوصايا الطبيب وعدم الأسراع في أستعمال الأدوية وعندما يساورنا شك في نصيحة ما للطبيب المعالج يمكننا أستشارة أكثر من طبيب للوصول الى وصفة صحيحة وعدم الأجتهاد في أخذ أو ترك الدواء دون أساس علمي مع تمنياتنا للجميع بالصحة والعافية.

القائم بين السائل والمجيب
أسئلة عامة حول  
الامام المهدي(ع) 
بين السائل والمجيب
وردت الينا عدة اسئلة من السادة القراء فمن الاخ القارئ ابو احمد العبودي من قضاء الشطرة في محافظة ذي قار وردتنا مجموعة من الاسئلة الجيدة والجميلة حيث كتب لنا يقول :-
جاء في العدد(29) في الصفحة الاخيرة من الصحيفة ان الشهيدين الصدرين (قدس) والنفس الزكية واليماني الموعود رسل المهدي(عج) وممهديه في اخبار المسيح (ع) ونحن نؤمن بهذا وهنا نطرح بعض الاسئلة:

س1: كيف يتم ارسال الممهدين من قبل الامام المهدي(عج) هل يتم ذلك عن طريق اللقاء به شخصياً؟
ج/ لايخفى  على كل موحد فضلاً عن المسلمين ان الله عزوجل قادر ويتصرف بالاشياء ويتدخل في افعال العباد وتحركاتهم وسكناتهم وما الى ذلك وليس معنى ذلك القول بالجبر اي ان الناس مجبرين على الافعال والاعمال التي يقومون بها فهذا غير صحيح بل ان الناس مخيرين في افعالهم واعمالهم الا ان كل تلك الافعال والاعمال تكون بمشيئة الله تبارك وتعالى كما لايخفى وان الله عزوجل يؤيد اوليائه ويوفقهم للعمل الصالح سواء قل اوكثر نتيجة قربهم منه وميلهم الى طريق الحق والهداية وجزاء على ماقدموه في سبيل هذا الهدف وهذا هو السبب الاولي لاختيار رسل الامام المهدي (عليه السلام) وممهديه حيث يكون ارسالهم بهذه الكيفية كما ان طرق الاتصال بالامام المهدي(عليه السلام) ليست مختصرة على طريقة واحدة وهي ((اللقاء المباشر)) بل ان هناك عدة طرق لذلك الا انها لاترتقي الى مستوى ((اللقاء المباشر)) بل هي دونه وتكون للممهدين كل بحسبه وقربه من الامام المهدي(عليه السلام) فالممهد الذي يأتي اولاً وتكون بينه وبين ظور الامام المهدي (عليه السلام) فترة زمنية أبعد ليس بمستوى ودرجة الممهد الاخير والذي يمتد ظهوره الى زمن الامام(عليه السلام) ولايكون لقاءه بنفس الكيفية فالممهد الاخير يكون اتصاله بالامام (عليه السلام) اتصالاً مباشراً بينما يكون اتصال الممهد الاول على نحو التسديد او التأييد او الرؤيا في المنام وهكذا علماً ان كيفية الارسال لاتكون بالامر المباشر من قبل الامام المهدي(عليه السلام) الا بالنسبة للممهد الاخير اليماني الموعود اما بالنسبة لباقي الممهدين فانما يكون هناك باعث نفسي على الاصلاح والدعوة الى التغير والتجديد ومحاربة الانحراف والضلالة والدعوة الى الاعداد والنصرة للامام المهدي(عليه السلام) لايكون بطريق اللقاء المباشر الا بالنسبة لليماني الموعود فقد دلت الاخبار انه يتصل بالامام المهدي(عليه السلام) اتصالاً مباشراً وانه يأخذ توجيهاته منه(عليه السلام) نفسه.

س2: أول من تصدى لمعارضة الشهيدين الصدرين(قدس) هم العلماء والحوزويون دون فحص القضية ومن البديهي يتبعهم العوام اصحاب التقليد الاعمى الا القليل ممن وفى لرعاية الحق فيهم وصارت النتيجة الى ما صارت اليه فعلى عاتق من تقع المسؤولية على المكلفين الذين صيروا الدين حسب الامثال ((ذبها براس عالم واطلع منها سالم)) ام على عاتق الجتهدين ؟
ج/ لم يأت من تصدى لمعارضة الشهيدين الصدرين (قدس) بجديد ولم يسبقوا غيرهم من المعارضين لدعوات الحق في مسألة التصدي والمعارضة ولو رجعنا الى القرآن وسيرة الانبياء والاوصياء والاولياء سلام الله عليهم اجمعين لوجدنا ذلك واضحاً فالقرآن يخبرنا بان من تصدى للانبياء هم كبار اقوامهم وعلمائهم ومثالاً على ذلك ان الذي وقف بوجه موسى (عليه السلام) بلعم بن باعورا وكان عالماً عارفاً عابداً لله الا ان الشيطان غره واستماله فرعون بالاموال فحرضته نفسه على الوقوف بوجه موسى (عليه السلام) ورد دعوته وتكذيبه علماً انه كان لديه حرفاً من اسم الله الاعظم يدعو به ويستجاب له فاراد ان يستغل ذلك في الدعاء على موسى فسلبه الله ذلك الحرف فدعا ولم يستجب له ووصفه الله في القرآن حيث قال عزوجل {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ{175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{176}.الاعراف. اما بالنسبة لعيسى فقد حصل معه الامر نفسه فقد وقف بوجهه وكذب بدعوته ونبؤته رجال الكنيسة وعلمائها الذين كانوا من ذرية هارون ((عليه السلام)) اما بالنسبة لنبينا محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يخفى عليكم ان الذين كذبوه وردوا دعوته هم سادة قريش وكبارائهم وشعراء مكة ومن حولها كما ان من وقف بوجه امير المؤمنين هم كبار المسلمين انذاك وكذا بالنسبة لاولاده المعصومين فالذين قتلوا الحسين(عليه السلام) كانوا كبار اهل الكوفة وسادتها وتلامذة امير المؤمنين(عليه السلام) وكذلك فان الذين يكذبون بدعوة المهدي(عليه السلام) ويكذبونها هم علماء عصر الظهور وهذا مادلت عليه الاخبار والروايات الشريفة وهؤلاء حتماً يتحملون جانب كبير من المسؤولية في تصديهم للدعوات الحقة اما بالنسبة للعوام فهم ايضاً يتحملون جانباً من المسؤولية فلولا قلة وعيهم وجهلهم وانصياعهم وطاعتهم لأولئك الضالين المضلين لما تمكن اولئك من تنفيذ مخططاتهم فالعوام وللاسف كانوا اليد والاداة التي نفذبها اولئك المنحرفين مخططاتهم ومآربهم . وسوف يحارب الكثير منهم دعوة المهدي(عليه السلام) ويكذبونها بل يحاربون المهدي نفسه نتيجة رجوعهم الى علماء السوء والضلالة في قضية المهدي(عليه السلام) ومعرفتها علماً ان اولئك العلماء انفسهم لايجوزون التقليد في امر الامامة لانها من اصول الدين التي لايصح التقليد فيها اضف الى ذلك ان علماء عصر الظهور سوف ينحرف اكثرهم بل والاعم الاغلب منهم كما اوضحت الروايات . ومن هنا ادعو جميع اخواني من محبي ومريدي الشهيدين الصدرين(قدس) الذين عانوا من الظلم والتكذيب والاتهامات ان لايكونوا كأولئك الذين ظلمو وكذبوا واتهموا الشهيدين الصدرين(قدس) اذا ماظهرت دعوة المهدي(عليه السلام) بل عليهم التورع والتأمل وعدم الحكم من دون دليل كما فعل الاخرين مع حركة الشهيدين الصدرين(قدس) كما انني ادعوا كل من كذب بحركة الشهيدين ثم تبينت له الحقيقة وندم واستغفر ان لايقع بنفس الخطا الذي وقع فيه سابقاً اذا ما ظهرت دعوة المهدي(عليه السلام) خاصة ونحن نعيش عصر الظهور الشريف للامام (عليه السلام) والمؤمن لا يعثر بالحجر مرتين .

س3/ هل هناك فترة زمنية بين الممهد الثالث وبين ظهور اليماني او ان اليماني موجود ولكن بخفاء العنوان عند ارسال الممهد الثالث ؟
ج- ان الذي يظهر من الاخبار والروايات الشريفة ان اليماني يكون موجوداً قبل تحرك النفس الزكية وقتله في ظهر الكوفة ولربما كان ذلك بخفاء العنوان اول الامر بل ان المتيقن ان تحرك النفس الزكية الذي يكون سبباً في مقتله من قبل حكومة بني العباس التي تقوم قبل قيام الامام المهدي ( عليه السلام ) بامر من اليماني الموعود لاجل اعلان الدعوة التي تكون سرية انذاك او لغيره من الاهداف .

س4/ كيف يقوم السيد اليماني بعمله ؟
اولاً : في باديء الامر سراً او علانية ؟
ثانياً : هل عن طريق التبليغ الشفوي او التحريري ؟
ثالثاً : ما هي أقوى علامة يعرف بها السيد اليماني ؟
اما بالنسبة لجواب الفقرة الاولى فأقول : يظهر ان حركة اليماني ودعوته ستكون في باديء الامر بصورة سرية لان الوارد في الاخبار ان لدعوة المهدي ( عليه السلام ) شبه من دعوة جده رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي بصير عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) انه قال : ( الأسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء ، فقلت : أشرح لي هذا اصلحك الله ، فقال : يستأنف الداعي منا دعاءً جديداً كما دعا رسول اله ( صلى الله عليه واله وسلم ) ) بحار الانوار ج13 وعن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( ان قائمنا اذا قام دعا الناس الى امر جديد كما دعا اليه رسول الله وان الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) بحار الانوار ج13 . 
ولما كانت دعوة المهدي (عليه السلام) مشابهة لدعوة جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وان اليماني هو القائم بالدعوة للامام وهو صاحب دعوته (عليه السلام ) فلا بد اذن ان تبدا حركة اليماني التي هي دعوة المهدي (عليه السلام) بشكل سري ثم تمر بالمرحلة العلنية ثم الهجرة والفتح كما بدأت دعوة النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) بالدعوة السرية ثم العلنية ثم الهجرة والفتح ، هذا اولاً .
ثانياً : فيما يخص الفقرة ثانياً من السؤال الرابع فالجواب عليه كالتالي :
الظاهر ان التبليغ سوف يكون بمختلف السبل والاساليب في جميع الاوقات والاحوال وبحسب التمكن والاستطاعة فلا بأس ان تكون الدعوة عن طريق التبليغ الشفوي او التحريري من قبيل تبليغ المؤمنين بتلك الدعوة للاشخاص غيرهم افراداً او جماعات او عن طريق الخطابة او الاذاعة او التلفاز والفضائيات او عن طريق الكتابة والمنشورات والابحاث والكتب وما الى ذلك ، كما كان من شأن دعوة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والمؤمنين والمسلمين الاوائل الا ان الاختلاف في تطور الاساليب المستخدمة في ذلك وتطور المجتمعات واتساعها وقد جاء في الاخبار ما يؤكد هذا المعنى فعن عباية الاسدي قال : ( سمعت امير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو متكي وانا قائم عليه : لأبنين بمصر منبراً ، ولانقضن دمشق حجراً حجراً ولاخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه قال : قلت له : يا امير المؤمنين ، كأنك تخبر انك تحيى بعدما تموت ، فقال ( عليه السلام ) هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني ) بحار الانوار ج53 . فلربما يكون المقصود من المنبر في مصر هو فضائية خاصة بدعوة المهدي عليه السلام او ما شابه ذلك والله العالم . كما جاء في الرواية عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) والتي جاء فيها : ( … حتى يخرج صحابي من مصر يريد القدس ، يمهد للمهدي ، قد سبقه ظهور المهدي على الافواه ، برجال علم يعلمون الناس ما لم يعلموا ، يظهرون خبيء العلامات لمن جهلوا ، يقيم الله بهم الحجة على من قرأوا وكان لهم اذان تسمع وما سمعوا ) كتاب المفاجأة . فالذي يظهر من هذه الرواية ان هناك تمهيد للامام (ع) عن طريق التبليغ التحريري كما وصفه السائل اي عن طريق المنشورات والابحاث والكتب  والتي تقام بها الحجة على من قرأ ومن سمع بتلك المنشورات والابحاث  والكتب ولكنه لم يقراها .
وفي الجواب على الفقرة ثالثاً من نفس السؤال نقول : الظاهر ان اقوى علامة يُعرف بها اليماني هي انه يعلم بعظائم الامور التي لا يستطيع الاجابة عليها الا من كان في مقامه ودرجته العلمية والايمانية . اما من تلك العظائم فقد بينت الروايات الشريفة الواردة عنهم عليهم السلام ان الرجعة من عظائم الامور كما في الرواية الشريفة الواردة عن حمران عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( سألت ابا جعفر ( عليه السلام ) عن الامور العظام من الرجعة وغيرها فقال ان هذا الذي تسألون عنه لم يات اوانه قال الله { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ }يونس39) بحار الانوار ج2 . وعن زرارة قال : ( سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن هذه الامور العظام من الرجعة واشبابهها فقال : ان هذا الذي تسالون عنه لم يجيء اوانه ، وقد قال الله عز وجل { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ }يونس39. ) بحار الانوار ج53 - اضف الى ذلك بعض العلوم القرانية الباطنية الغيبية التي لا يعلمها الا الله والراسخون في العلم . 

س5/ ومن الاخت القارئة ام مريم جاءنا هذا السؤال الذي تقول فيه : ورد في احدى الزيارات للامام المهدي (ع) : ( السلام عليك يا امام الانس والجان ) وسؤالي هو هل ان للجن ممهد للامام ( عليه السلام ) واذا كان لهم فهل هو منهم ام من غيرهم وكيف يكون ذلك ؟ هذا ولكم فائق الشكر وخالص الدعاء بالتسديد ؟
ج- نعم فأن للامام المهدي (عليه السلام) ممهد يرسله الى الجن فالمهدي ( عليه السلام ) كما هو معروف امام الانس والجن وقد دلت الروايات الشريفة ان للمهدي انصاراً من الجن كما له انصاراً من الانس ومن الملائكة وان له اصحاباً من الجن بعدد اصحابه من الانس والملائكة ثلاثمائة وثلاثة عشر ، ولما كان للامام ( عليه السلام ) اصحاباً من الجن فلا بد ان يكون له ممهد منهم ، اما عن كيفية ذلك فان الله عز وجل قد سخر لاوليائه الكثير من الاشياء والامام كما لا يخفى يتكلم مع كل انواع الخلائق بما فيها الجن بل ان بعض الجن المخلصين والمؤمنين يتشرفون بلقاءه (عليه السلام).

بحوث و دراسات
نظرية الحتمية التاريخية
ان مجرد التسليم بوجود حوادث محتومة ضمن سلسلة مجريات التاريخ يشير الى ان التاريخ الانساني خاضع- ولو جزئياً- الى ما يشبه النواميس العامة التي تقوم بتوجيه مساره نحو غاية، ومتى استطعنا ان نكشف عن ماهية هذه النواميس صار بالامكان التنبؤبما سيأتي به الغد لقد دعيت هذه المسألة التي عقدنا لاجلها هذا البحث بمبدأ الحتمية التاريخية ، ولابد لنا في سبيل ان نكون موضوعين في عرضنا للاطروحة المقترحة من مناقشة كافة العناصرالتي تساهم - بشكل او بأخر - في تبني المبدأ او رفضه. لقد عولجت مسألة الحتم في التاريخ بمجموعة من النظريات في الفكر الغربي وكان ابرز من تناولها الفيلسوف والمفكرالالماني اشبنغلر ، فانه  بعد طرح نظريته في التاريخ في كتابه الشهير (افول الغرب ) الذي ترجم خطأ (بسقوط الحضارة الغربية ) وسجل فيه فلسفته في التاريخ اثر هزيمة المانية في الحرب العالمية الاولى. ولقي الكتاب رواجاً منقطع النظير لان نهايته توافقت مع المزاج السائد عقب الحرب .وفلسفته في التاريخ (جبرية)فهو يعتقد ان التاريخ عبارة عن حضارات لارابط بينها ولااسباب لقيامها ، وانما تخضع كل حضارة ، بمجرد قيامها لدورة حياة بايولوجية كانها الكائن حي لها ربيع وصيف وخريف وشتاء ، وان شتاء الحضارة قد يعني اندثارها ،فاندثارها قد يكون بسبب تواجدها لصق حضارة اكبر.اما افول الحضارة قبل الاوان فقد يكون بسبب ظروف خارجية تقضي عليها من الخارج . ومهمة الفلسفة لدى اشبنلغر هي فهم البناء المورفولوجي (الشكل الخارجي) للحضارة ، وكل حضارة لها روح ، وربيع الحضارة هو زمن بطولاتها وملاحمها ودينها ، وذلك حينما تكون الحضارة بدوية وريفية ، وياتي صيفها بقيام المدن الى جانب الريف ، ويشهد الخريف التدفق الكامل لينابيع الحضارة الروحية وارهاصات استنفادها المحتمل او الوشيك وهو عصر نمو المدن وازدهارالتجارة وتوسع الدول وتحدي الفلسفة للدين ، ويتصف الانتقال الى الشتاء بظهور المدن العالمية وقيام المدن الرأسمالية وحكومات الاثرياء. وهو عصر تزايد الشك والتحول الى الامبريالية والاستبداد السياسي المتزايد والحروب المستمرة
وبالاختصار:فان الحضارة - عند اشبنغلر - في شتائها تفقد روحها وتموت ، ويعتقد اشبنغلر ان دورة حياة الحضارة تستغرق نحو الف عام .ومن القائلين بالحتمية التاريخية بهذا المعنى ايضاً: المفكر والمؤرخ الانكليزي ارنولد توينبي ، وقد عرض نظريته في التاريخ في كتابه الضخم (دراسة في التاريخ ) ، وذلك في اثني عشر مجلداً وهو متاثر جداً في عرضه للنظرية بالفيلسوف اشبنغلر الانف الذكر حيث يقول (ان التاريخ يسير في دورات كبرى من الارتفاعات والانخفاضات وانها محصلة للحضارات المختلفة التي تمر بنفس المراحل من الميلاد الى النمو فالتفكك والافول والسقوط ، وان الحضارات في نموها تتجاوب مع التحديات التي تواجهها ، وانها في افولها تعجز عن التصدي لما يعترض سبيلها من مصاعب ، وان النمو والتحلل في الحضارة لايكونا بالضرورة بشكل مستمر ، فقد تعقب الهزيمة لحظات تستجمع فيها الامة طاقتها استجماعاً مؤقتاً سرعان وينتهي بنكسة اخطر) ويربط تويبني في معالجته للقوى المحركة للتاريخ بين الايمان بالكشف الالهي باعتباره معناه التاريخ والامل في الاتحاد بالله ، وبين عبادة الافراد الخلاقين .ويختلف تؤينبي عن اشبنغلر في زعمه بامكان انقاذ الحضارة الغربية عن طريق الدين . وهناك نظريات اخرى ، منها نظرية هيغل ونظرية فوكو وغيرهما اثرت ان اضرب عنها صفحا واطوي كشحا بسبب غرقها في الخيال . وتشترك كل هاتين النظريات في التأكيد على ان التاريخ يسير هذه وفق قوانين وله انماط وان للامم والحضارات دورات حيات شبيهة بدوراة الحياة لدى الكائنات الحية ، ولقد استقى اصحاب تلك النظريات نظرياتهم من قرائتهم للتاريخ القديم واطلاعهم على مصائر الامم كما نقلها المؤرخون والقصاص وغيرهم . ولم نعثر على نظرية متكاملة لدى الغرب قادرة على استيعاب كافة المتغيرات التي يمر فيها تاريخ البشرية بحيث تكون ممثلة لمبدأ الحتمية تمثيلاً كاملاً ، اما ماطرحه شبنغلر وتوينبي وغيرهما من فلاسفة التاريخ فليس سوى تفسيرات نمطية ووصفية لسير الحوادث وضعت في اطار شمولي واسقط عليها نموذج التجربة الانسانية في جانبها البيولوجي ،ولا اثر فيها للحتمية كما نفهمها ، وذلك لان الحتمية الحقة ينبغي ان تستوعب عمر التاريخ ككل . وذلك يفتقر الى استكشاف منظومة العلاقات التي توجه التارخ نحو تحقيق غاية حقيقية . ويمكن ان نمتحن نضج اية نظرية تدعى استيعابها لمبدا الحتمية التاريخية من خلال ايمانها بالمصادفة او عدمه ، فاذا وجدناها تؤمن بالمصادفة ولو بدرجة ضئيلة فهي عير جادة في طرحها لمبدأ الحتمية التاريخية ، لتادية ذلك الى المفارقة في نهاية المطاف ، اذكيف يسوغ لنا ان نقول بمبدأ الحتمية وننتهي في التفسير الىٍ ما يخالفه او يناقضه ، ومن هذا الفهم تنجد ان نظرية شبنغلر وتوينبي لاتخلو من عنصر المصادفة ، ويتجلى ذلك في عرضها للمتغيرات والتحولات التاريخية في ضوء التكرار المتعاقب المقطوع الغاية، صحيح ان ذلك التكرار المتعاقب لنشوء الحضارات وزوالها يجري وفق قوالب ثابته مما يوحي بوجود الحتمية غير ان العبثية الناجمة من عدم انها التكرار المتعاقب الى غاية حقيقية ونهائية يعني ان الحتمية المدعاة ليست حقيقية ، وان بدأ الامر على خلاف ذلك . واذا كان الامر كذلك فلا مفر من القول بان النظريتين المشار اليهما تستنبطان الايمان بالمصادفة في احد طرفي الزمان ، اذ ان عبثية الغاية تستلزم القول بالمصير المجهول للتاريخ ، فكيف يا ترى يتخلص هؤلاء من ورطة المصادفة في تفسيرهم للتاريخ ؟ ويكمن الخطأ الذي وقع فيه اغلب من فسر التاريخ على النحو المتقدم في عدم استيعاب ان هناك في الحقيقة حتميتان ، الاولى الحتمية الطبيعية ، والثانية الحتمية التاريخية ، والى الخلط بينهما ، ومن الخطأ تفسير التاريخ بالحتمية الطبعية ، او تفسير الطبيعة بحتمية التاريخ ، لان النواميس المهيمنة على التاريخ والتي من خلالها تتحقق الحتمية التاريخية ، فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون التاريخ انعكاساً لمجرى سير الطبيعة ولا العكس . ولابد في المقام من الاشارة الى ان النواميس التي في عالم الكون والفساد في المستوى الطبيعي ليست سوى قوانين كلية قابلة للانطباق على مايندرج تحتها من عناصر ، وكل ناموس يحكي نمط خاص من انماط العلاقة التي تربط بين تلك العناصر ولايتعداها الى غيرها من العلاقات ، وهذه الحكاية تعطي للناموس سمة الاطراد بحيث لانجد في الحالات المتشابهة ما يخرج عن الاطراد فيؤدي الى خرق الناموس ، تلك هي الحتمية الطبيعية. ولكن البعض يعتقد بأن الحتمية الطبيعية بهذا المعنى هي النموذج الاعلى والارقى للسلوك ، ومتى ماتمكن الانسان من ضبط سلوكه لكي يتسق مع سلوك الطبيعة فإنه يصل الى تحقيق نتائج مطردة بحيث لايمكن ان تتخلف ، ويصبح بالامكان التنبؤ بمسير التاريخ ومصير الانسان بدقة متناهية كما يتنبأ العالم الطبيعي بنتائج اختباراته وتجاربه قبل ان يجريها.يتجاهل هذا البعض ان انماط التي تربط بين مختلف العناصر الطبيعية لايمكن ان تنسحب على الانسان الا في نطاق ماتشارك فيه تلك العناصر في توجيه سلوكه ، وذلك لايحتل الا مرتبة متدنية من مجمل السلوك الانساني ، اذ ان هنالك مستويين من السلوك لدى الانسان ، المستوى الهابط من السلوك الذي يشترك فيه الانسان مع سائر العناصر الطبيعية الاخرى وهذا - بطبيعة الحال - لايمكن ان يكون ممثلا للتاريخ ، لانه يقع في صقع اللاتاريخ ، اما المستوى العالي من السلوك فهو في الواقع التمثيل الحقيقي للتاريخ فيجب ان يلتمس فهم الحتمية في هذا المستوى لاغير.ولابد في سبيل ان تتضح الصورة ان نعي ماهية الحتمية التاريخية ، ولايتأتى لنا ذلك الا بعد البحث عما تمتاز به عن نظيرتها الطبيعية ، فالاطراد الذي يكشف عنه الناموس الطبيعي والذي يعطي الحتمية الطبيعية معناها هل يوجد في المستوى الراقي او العالي من السلوك عند الانسان ام لا ؟نستطيع ان نجيب على هذا التساؤل من زاوية تشخيص اهم ما يتميز به السلوك الانساني في مستواه الراقي ، ولا شك ان الناموس التاريخي ، والذي سوف نطلق عليه منذ الان السنة التاريخية - لايمكن ان يكون كاشفاً عن اطراد بالمعنى الذي تناولناه مسبقاً ، بل هناك امر اخر غير الاطراد . ان الانسان هو الكائن الوحيد من بين كائنات الطبيعة الذي يكون قادراً على املاء ارادته الحرة على بقية الموجودات من حيث التصرف ، وكأن الطبيعة ممثلة بموجوداتها قد قدر لها ان تكون منقادة لارادة الانسان ، وهذا الانقياد يكشف عن نوع من النقص التكويني في الناموس بالقياس الى السنة ، اعني ان السلطة التي يستطيع بها الانسان اخضاع الطبيعة لارادته تكشف عن علو او لنقل حاكمية وهيمنة السنة على الناموس ، وتتجلى تلك الحاكمية وتلك الهيمنة بشكل سافر في بعض الحلات كالمعجزة التي يتم بواسطتها خرق الناموس الطبيعي ، وهذا يدل دلالة قطعية على تخلف النتائج عن مقدمتها مما يعني ان الاطراد المزعوم في الناموس الطبيعي ليس ذاتياً اي ان العناصر التي تربط فيما بينها داخل نسيج الطبيعة بروابط يمكن ان تنفصم فلابد من وجود قوة قادرة على مثل هذا الفعل ، وهي ناجمة كما سوف نثبت من عنصر الارادة الحرة الذي يتصف به الانسان خليفة الله في الارض . وعندما نحاول فهم ماهية (الحتمية التاريخية) يجب علينا قبل كل شيء ان نوضح بأن مصطلح الحتمية قد صيغ وفق ماندركه من معنى الناموس الطبيعي، وليس له في اذهان الناس من صلة بما نعنيه بالسنة ، فاذا قلنا حتمية تاريخية يتصور البعض ان الامر يتعلق بسلسلة من النواميس الطبيعية التي تسير التاريخ البشري . وهنا تكمن الصعوبة في فهم كثير من الناس للحتمية التاريخية وهذا الفهم قد ادى الى بروز بعض التيارات التي تؤمن بالجبرية وتنادي بها ، والفرق عظيم بين الجبرية والحتمية التاريخية كما سوف نسمع.اولا يجب ان نفهم بان الحتمية التاريخية لاتستند في الواقع الى السنة بغض النظر عن الناموي ، بل هي مستندة الى نفس الحاكمية والهيمنة التي للسنة على الناموس ، وهذا فرق دقيق قل من ينتبه اليه.ان كثير من الناس الذين ادركوا معنى السنة حينما ارادوا ان يفهموا ماهية الحتمية المرتبطة بها عزوا الحتمية الى السنة من حيث هي بغض النظر عن اي شيء اخر ، ولذلك كانوا بعيدين عن فهم الدور الحاسم الذي يمارسه الانسان في اعطاء.إذا اتضح ذلك يصبح بالامكان المضي قدماً في عرض النظرية حتى النهاية : ان التاريخ عبارة عن مدونة كبرى سطر فيها نماذج من سلوك الانسان وتفاعله مع نفسه او مع الطبيعة ، وذلك السلوك بطبيعة الحال يستهدف غايات يسعى الانسان الى بلوغها ، بغض النظر عن نجاحه أم فشله في تحقيقها . وسعي الانسان هذا لايمكن ان يكون مثمراً الا اذا كان منبعثاً من ارادة حرة واعية قادرة على اختيار انسب الممكنات المتاحة واصوبها ، فاذا اغفل الانسان اختيار اصلح الممكنات فشلت الاهداف ولم يتمكن بلوغ الغايات ولكن السعي هل يبطل كلية ؟ الجواب بالنفي ؛ الان هذا السلوك له اثر في صنع التاريخ وله يد في اضعاف او تقوية العلاقات التي تربط الانسان بأخيه الانسان وبالطبيعة ، وقد نبه القرآن الكريم على هذه الحقيقة بقوله تعالى:( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس)، والفساد الذي تتحدث عنه الاية ليس بالضرورة ان يكون فساداً اجتماعياً بل وحتى فساد طبيعي تنجم عنه الكوارث البيئية وغير ذلك.ولذلك فإن السنن التاريخية على نوعين سنن مترتبة على اصلاح الانسان وصلاحه ، وسنن مترتبة على افساده وفساده.فالسنن المترتبة على الصلاح تكون ناجمة عن قوة ارتباط العلاقات داخل منظومة العناصر في المستوى الراقي من السلوك (اعني السلوك الانساني الارادي لا الطبيعي القسري) كما اوضحنا ذلك من قبل ، والسنن المترتبة على الفساد تكون ناجمة عن ضعف ارتباط العلاقات داخل تلك المنظومة . ويبدو ان دور السنن التاريخية انما هو ترتيب الجزاء على مختلف انواع السلوك في حياة الفرد او الامة.إن القرآن الكريم يوضح كيفية عمل السنن التريخية في جانبي الفساد والصلاح على حد سواء . ففي حالة انحراف السلوك وضعف وتفكك العلاقات داخل المنظومة يضرب القرآن مثلا ببعض الاقوام الذين عوقبوا بسنة من سنن التاريخ ، وبسنة اخرى من سنن التريخ لم يبق من ذكر اولئك الاقوام الا اقل القليل ، وكأن الزمان قد تعرض الى انقطاع في الحقب التي ظهروا فيها وحدثت في نسيجه فجوة لايمكن ملؤها ، اننا نتحدث عن اقوام ساهموا في صناعة التاريخ ثم بسنة من سننه انمحوا عن وجه البسيطة.

القرض الحسن في مدرسة اهل البيت(ع)
قال تعالى : { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }الحديد11. لقد جاء الاسلام الحنيف بقيم واخلاق سامية وجعلها مقياساً لقيمة الايمان في قلب المسلم حتى ان هذه الاخلاق والمعاملات كانت تفوق العبادات في الاجر والثواب ودرجة التقرب الى الباري عز وجل ، فبني الاسلام على هذه المباديء ، وكانت هذه المباديء تجد ذروتها في تعاملات رسول الله الاكرم (ص) وأهل بيته الكرام ( صلوات الله عليهم ) مع الناس من المسلمين وغير المسلمين الذين كانوا غالباً ما يعلنوا اسلامهم على يد الرسول (ص) واهل بيته (ع) لحسن اخلاقهم وطيب تعاملهم معهم ومن هذه المباديء مبدأ (( القرض الحسن )) الذي سنتناوله على ضوء القرأن والسنة الشريفة . القرض هو عقد بين طرفين يتضمن تمليك المال لأحدهم من الاخر لمدة محدودة ، والقرض يساهم في عملية التكافل الاجتماعي ، فهو يوفر للذي تمر به ضائقة مالية ما ينقذه ويخرجه من ذلك الضيق ، وقد ناشدنا القران وحثنا على اقراض المحتاجين ابتغاء لمرضاة الله سبحانه ، فقد جاء في محكم كتابه الكريم { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }البقرة245. وعن رسول الله (ص) قال : ( من أقرض ملهوفاً فأحسن طلبته استأنف العمل وأعطاه الله بكل درهم الف قنطار من الجنة ) ، وللقرض ثواباً عظيماً يفوق الصدقة فعن الامام الصادق (ع) قال : ( على با ب الجنة مكتوب : القرض بثمانية عشر والصدقة بعشرة ، وذلك ان القرض لا يكون الا في يد المحتاج ، والصدقة ربما وقعت في غير المحتاج ) ، وأعتبر الدين الاسلامي الحنيف ان المال المقرض يكون في زكاة لحين ارجاعه فعن الرسول الاكرم (ص) قال : ( من اقرض مؤمناً قرضاً ينتظر به ميسورة كان ماله في زكاة ، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه اليه ) ، وعن الصادق (ع) قال : ( قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر ، إن ايسر قضاك ، وإن مات قبل ذلك أحتسبت به من الزكاة ) . وقد ادى اهل البيت (ع) هذه الوظيفة على أحسن الوجوه ، واليكم هذه القصة : جاء رجل الى ابي عبد الله (ع) فقال له : يا ابا عبد الله ، قرض الى ميسرة ، فقال له ابو عبد الله (ع) : الى غلة تدرك ؟ فقال الرجل لا والله ، قال (ع) : فالى تجارة تؤب ؟ فقال الرجل : لا والله ، قال (ع) : فالى عقدة تباع ؟ فقال الرجل : لا والله ، فقال ابو عبد الله (ع) : فأنت ممن جعل الله له في أموالنا حقاً ثم دعا بكيس فيه دراهم فادخل يده فيه ، فناوله منه قبضة ، ثم قال له : إتق الله ولا تسرف ولا تقتر ، ولكن بين ذلك قواماً ..) ، وهذا خير مثال لمن يقتدي بأهل البيت (ع) . ومن جهة أخرى حذر الاسلام من الذي يستطيع مساعدة أخوانه وهو قادر ومتمكن على اقراضهم ولم يفعل ، ففي مثل الموقف قال رسول الله (ص) : ( من أحتاج اليه اخوة في قرضاً وهو يقدر عليه فلم يفعل حرم الله عليه ريح الجنة ) ، وعن الصادق (ع) قال : ( ايما رجل أتاه رجل مسلم في حاجة وهو يقدر على قضاءها فمنعه اياها ، عيره الله يوم القيامة تعييراً شديداً وقال له : (أتاك اخوك في ماجة ، جعلت قضاءها في يدك فمنعته اياها زهداً منك في ثوابها ، وعزتي وجلالي ، لا أنظر اليك في حاجة معذباً كنت او مغفوراً لك )) . وكذلك أكد الاسلام على انظار المعسر ( الذي أقترض ولم يتمكن من رد المال في وقته ) الى حين تمكنه من ارجاع المال ، فقد جاء في كتاب الله تعالى { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة280. وقال رسول الله (ص) : ( من أنظر معسراً أظله الله بظله يوم لا ظل الا ظله ) . وقال (ص) أيضاً : ( كما لا يحل لغريمك ان يمطلك وهو موسر ، فكذلك لا يحل لك ان تعسره اذا علمت انه معسر ) .  فأسعوا ايها المؤمنون في قضاء حوائج اخوانكم المعسرين واعينوهم على مصاعب الحياة لتنالوا مرضاة الله ورسوله (ص) وبالتالي الاجر والثواب في الاخرة والكرامة ودفع البلاء في دار الدنيا ، فقد جاء في الحديث القدسي (( الخلق عيالي (1) فأحبهم الي الطفهم بهم واسعاهم في حوائجهم (2) )) ، وعن امير المؤمنين (ع) قال في وصيته لابنه الحسن (ع) : ( واذا وجدت من اهل الفاقة من يحمل لك زادك الى يوم القيامة فيوافيك به غداً حيث تحتاج اليه فأغنمته وحمله اياه ، وأكثر من تزويده وانت قادر عليه فلعلك تطلبه فلا تجده ، وأغتنم من أستقرضك في حال غناك ، ليجعل قضاءه لك في يوم عسرك ) . واذا دققنا النظر في مسألة القرض الحسن نستلهم عدة امور حسنة منها :
أ- نفي الربا : هذه المعاملة التي حرمها الله عز وجل ، فأذا وجد القرض لا يبقى مكان للربا وهذا ما أكده امامنا الصادق (ع) حينما سُئل عن علة تحريم الربا حيث قال : ( لئلا يتمانع الناس المعروف ).
ب- ترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي ، حيث يأخذ المحتاج مِن مَن له القدرة على اعطاءه ليسد حاجته ويرده اليه عندما تتيسر اموره ،  فينال المُعطي بذلك رضا الله عز وجل ، فعن رسول الله (ص) قال : ( من قضى لاخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهراً ) .
جـ - المساهمة في التقليل والحد من الجريمة : لان معظم السرقات والجرائم تكون دوافعها العوز والفقر ، فعندما يتوفر هناك مورد مادي حلال يساعد الناس على قضاء حوائجهم وعندما تتيسر امورهم يردونه فأن الجزء الاكبر يتجه نحو طريق الحلال .
د - المساهمة في اصطناع المعروف والحث على العمل به : حيث انه اذا انتشر بين الناس فعمل الخير ومنه القرض الحسن ، ووجد المحتاج من يمد له يد المساعدة ، ستكون في نفسه الرغبة والعمل في مساعدة الاخرين ، على العكس عندما  يُرَد المحتاج ، فعن الامام الصادق (ع) قال : ( ان ليسألني الحاجة فأبادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها فلا يجد لها موقعاً اذا جاءته ) . فهذه امور نستلهمها من القرض الحسن وهناك غيرها الكثير ، ولكن تبقى العبرة بمن يطبق هذا المبدأ وغيره من مباديء الاسلام والاقتداء برسول الله (ص) واهل بيته الكرام (ع) في العمل على مساعدة الناس وقضاء حوائجهم ، لا أن نمنعهم ونردهم ونضع العقبات والشروط التي ليس لها مبرر في طريق من اراد قرضاً ، كما تفعله الان بعض المؤسسات الاسلامية التي تتبنى هذا المبدأ ، حتى ان القروض تكون فيها خاصة وليس لعامة الناس ، كما هو يجب أن يعمل به ، فيجب ان تكون هناك تسهيلات فيها وان تصل الى الناس الاكثر حاجة ، كي نبني مجتمع متعاون على البر والاحسان ..

الاركان الاربعه للكعبة تتجه نحو الاتجاهات الجغرافية الاصلية
في محاولة جديدة لدراسة الوضع الديموغرافي للكعبة المشرفة، في ضوء الاتجاهات الأربعة الجغرافية الأصلية، أكد العالم المصري أستاذ بحوث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية التابع لوزارة البحث العلمي المصرية الدكتور مسلم شلتوت لـ"الشرق الأوسط" أن الحسابات الفلكية الحديثة أثبتت أن قواعد الكعبة التي تأخذ شكل متوازي المستطيلات تتجه أركانها نحو الاتجاهات الأربعة الجغرافية الأصلية، موضحاً أن ركن الحجر الأسود يأخذ اتجاه الشرق والركن اليماني يأخذ اتجاه الجنوب، والركن الشامي يأخذ اتجاه الشمال، أما الركن المقابل للحجر الأسود فيأخذ اتجاه الغرب. ويذكر الدكتور شلتوت: أن أشعة الشمس تشرق على الحجر الأسود في الاعتدالين الربيعي والخريفي أي بداية فصلي الربيع والخريف، بينما يأخذ الاتجاه المتعامد على الضلع الواصل بين الركن للحجر الأسود والركن الشامي اتجاه شروق الشمس في فصل الصيف، وأن الاتجاه المتعامد على الضلع الواصل بين الركن للحجر الأسود والركن اليماني يأخذ اتجاه شروق الشمس في فصل الشتاء، مشيراً إلى أنه في نفس الوقت يأخذ اتجاه النجم سهيل "سهيل اليمن" عند شروقه في الجهة الشرقية الجنوبية. أما الضلع الواقع بين الركن اليماني والركن الغربي فإن الاتجاه المتعامد عليه يأخذ اتجاه رؤية هلال أوائل الشهور العربية في فصل الشتاء، والضلع الواقع ما بين الركن الشامي والركن الغربي فإن الاتجاه المتعامد عليه يأخذ اتجاه رؤية هلال أوائل الشهور العربية في فصل الصيف، وفي نفس الوقت اتجاه ثلاثة نجوم في يد المجرات في مجموعة الدب الأكبر والتي كان يسميها العرب "نجوم بنات نعش". ويؤكد العالم المصري أن نجم "سهيل" ونجوم "بنات نعش" لعبت دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات القبلة في البلدان الاسلامية المترامية الأطراف في عهد النهضة الاسلامية بجانب المزولة الشمسية، وأنه بخلاف علم الفلك المتوارث الشعبي Folk Astronomy. كما تم العثور على مخطوط عربي نادر في مكتبة ميلانو الإيطالية (المجموعة 73) لفلكي مسلم من عدن باليمن وسمي محمد بن أبو بكر الفارسي، كتبه عام 1290 الميلادي وينص على أن الكعبة بنيت بحيث ان كل ركن فيها يقابل اتجاه ريح من الرياح الأربعة التي تهب على مكة المكرمة خلال فصول العام، وان الرياح الأولى تسمى "الصابا" وتهب على ركن الحجر الأسود أي أنها رياح شرقية، والرياح الثانية تسمى الجنوب وتهب على الركن اليماني، والرياح الثالثة تسمى "الدابور" وتهب على الركن الغربي، والرياح الرابعة تسمى الشمال وتهب على الركن الشمالي، موضحا ان مخطوطات من القرن السابع حتى القرن السابع عشر الميلادي أثبتت أن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق النجم سهيل بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف، ولما كان النجم سهيل نجماً عملاقاً وجباراً، وأبيض اللون، ويعد ألمع النجوم في السماء بعد نجم الشعري اليمانية فقد كان الفلكيون المسلمون في العصور الوسطى يحددون اتجاه القبلة بواسطة هذه المعلومات الجغرافية، مع استخدام معادلات دقيقة لحساب المثلثات ومن بينهم العالم اليمني الذي أشرنا إليه، والذي كانت له جداول دقيقة (أزياح) حسبها بمهارة لبلاد اليمن، وكان الجزء الأول من المخطوط المعثور عليه يتناول عمليات تحديد القبلة اعتماداً على النجوم والرياح، وفقاً لعلاقاتها بجوانب وأركان الكعبة. ويوضح الدكتور مسلم شلتوت أن فيلسوف قرطبة ابن حبيب قال ان القبلة عند قرطبة في اتجاه شروق النجم "ألفاسكو" وهو ألمع نجم في مجموعة القوب، لأن هذا النجم يشرق في اتجاه ركن الحجر الأسود بالكعبة، وأن هناك الكثير من جوامع قرطبة التي أقيمت في العصور الوسطى تتجه ناحية الجنوب من الشرق بمقدار 30 درجة في اتجاه شروق الشمس في الشتاء وهو نفس اتجاه النجم "ألفاسكو" وعلى الطرف الآخر فإن الجامع الكبير في قرطبة والذي بني في القرن الثأمن الميلادي فإنه يأخذ اتجاه 60 درجة جنوب شرق، ويبدو أنه يتجه ناحية الضلع الشمالي الغربي للكعبة ولذلك فإن حائط القبلة لهذا الجامع الكبير يكون موازياً للضلع الشمالي الغربي للكعبة، مشيرا إلى ان ارتفاع التلال المحيطة بالكعبة مقدرة بالزاوية، وهي 7.70 درجة للضلع الشمالي ـ الشرقي، و3.2 درجة للضلع الجنوبي ـ الشرقي، و4.40 درجة للضلع الجنوبي ـ الغربي، و6.70 درجة للضلع الشمالي ـ الغربي، وأنه إذا وقف الإنسان بمقام ابراهيم عليه السلام ونظر في اتجاه الضلع الشمالي ـ الشرقي للكعبة فإنه يمكنه رصد الهلال المولود حديثا في أوائل الشهور العربية لفصل الشتاء، كما أن الحسابات الفلكية الحديثة تثبت أن قواعد الكعبة المرساة والمحددة منذ بدء الخليقة تمثل مركز أطراف الأرض كلها، وأن مكة المكرمة هي "صرة" العالم، وهو الأمر الذي يؤكد الاعجاز المعماري والفلكي في بناء الكعبة المشرفة، ولا نملك أمامه إلا القول "سبحان الله”.

تحقيقات
علم التوسم عند اهل السنة
اتماما لما قدمناه سابقا في الاعداد الماضية من الصحيفة حول علم التوسم وحقيقته وماهيته نكمل تلك الابحاث بهذا البحث المتواضع عن علم التوسم عند اهل السنة فانه لم يختصر ذكر هذا العلم عند الشيعة فقط بل ان هناك الكثير من الاحاديث والوقائع الواردة في كنب اخواننا اهل السنة فعن ثابت بن انس بن مالك قال : قال النبي (ص) : ( ان لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم ) وعن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : ( اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بنور الله ثم قرأ (( ان في ذلك لأيات للمتوسمين )) ) قال مقاتل وابن زيد للمتوسمين للمتفكرين ، وقال الضحاك للناظرين .
ولأهل العلم والفضل في الفراسة اخبار وحكايات معروفة ، اخرج البهيقي من طريق المزني قال : كنت مع الشافعي في الجامع اذ  دخل رجل يدور على النيام قال الشافعي للربيع قم فقل له ذهب لك عبد اسود مصاب بأحدى عينيه قال الربيع فقمت فقلت له فقال نعم فقلت تعال فجاء الى الشافعي فقال اين عبدي فقال مر تجده في الحبس فذهب الرجل فوجده في الحبس قال المزني : فقلت له اخبرنا فقد حيرتنا فقال نعم رأيت رجلاً دخل من باب المسجد يدور بين النيام فقلت يطلب هارباً ورايت يجيء الى السودان دون البيض فقلت هرب عبد له اسود ورأيت يجيء الى مايلي العين اليسرى فقلت مصاب باحدى عينيه قلت فما يدريك انه في الحبس قال الحديث في العبيد ان جاعوا سرقوا وان شبعوا زنوا فتأملته انه فعل احدهما فكان ذلك . (فيض القدير ) 
رواه الطبراني وابو نعيم والعسكري عن ثوبان رفع بلفظ احذروا دعوة المسلم وفراسته فأنه ينظر بنور الله وينظر بتوفيق الله ، ورواه العسكري عن ابي الدرداء موقوفا بلفظ اتقوا فراسة العلماء فأنهم ينظرون بنور الله انه شيء يقذفه الله في قلوبهم وعلى السنتهم ، ورواه الدليلي عن ابي الدرداء بلفظ اتقوا فراسة العلماء فوالله انه لحق يقذفه الله في قلوبهم ويجعله على ابصارهم ، وطرقه كلها كمال وبعضها متماسك ، وفي مستدرك الحاكم عن عروة مرسلاً ان النبي (ص) قال : ان لكل قوم فراسة وانما يعرفها الاشراف ( كشف الخفاء ) .
وقد عد اهل السنة الفراسة من علم التوسم والواقع ان الفراسة جزء من علم التوسم فالتوسم اعم ولفراسة اخص فان كل فراسة توسم ولكن ليس كل التوسم فراسة وهذا ما ذكرته الاحاديث الواردة عند اهل السنة وقد عد علم الفراسة صاحب مفتاح السعادة من فروع العلم الطبيعي وقال وهو علم يعرف فيه اخلاق الناس من احوالهم الظاهرة من الالوان والاشكال والاعضاء وبالجملة الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن وموضوعه ومتقوله ظاهران ومن الكتب المؤلفة فيه كتاب الامام الرازي خلاصة كتاب ارسطو مع زيادات مهمة والاقليميون كتاب في الفراسة يختص بالنسوان وكتاب السياسة لمحمد بن الصوفي مختصر مفيد في هذا العلم كفى بهذا العلم شرحا قوله تعالى (( ان في ذلك لايات للمتوسمين )) وقوله تعالى (( تعرفهم بسيماهم )) وقوله (ص) : ( اتقوا فراسة المؤمن ) .
( التفرس ان يركض قلبه فارساً بنور الله تعالى الى امر لم يكن بعد فيدركه مثل ما ادركه ) واذا امتلأ القلب من نور الله تعالى نظرت عينا قلبه بنوره فأبصر في صدره ما لا يعاظ به وحقاً فالفراسة من الله تعالى لعبده كائنة وبنور الله القلب وذلك ان على الاشياء دلائل وسمات وقد وسم الله تعالى خلقه بنور تدرك تلك السمات حتى يدرك مالم يأت بعد وعن ابن عمر (رض) قال ما حير محمد شيئاً قط فتكلم به الا كان . وقال النبي (ص) ان لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم ، وقال قوله تعالى (( ان في ذلك لأيات للمتوسمين )) قال المتفرسين . فالتوسم مأخوذ من السمة وهو ان يعرف سمات الله تعالى وعلائمه في الامور ( نوادر الاصول من احاديث الرسول ) .

التمر والحكمة
قال الله سبحانه مخاطبا مريم عليها السلام { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً }مريم25. انظر عزيزي القاريء كيف يؤكد الله سبحانه الصلة وكيف يبين العلاقات الانسانية ومشابهة ذلك مما حوله من المخلوقات ونحن عندما نتكلم اكثر عن الجانب النباتي اي جانب الرحمة والخير بعد ان عرفنا ان اللون الاخضر هو النور الذي خلق الله منه جبرائيل (ع) وهو نور اهل البيت اذن اصبح من الواجب نتيجة هذا الجانب في النفس لكي نصل الى معرفتهم وبالتالي معرفة الله سبحانه وتعالى اذن كم هو جميل ان يريك الله كيف تنجوا وانت تترك ذلك وكما في دعاء الامام زين العابدين عليه السلام ( انك لا تحتجب عن خلقك لكن تحجبهم الاعمال دونك ) فالسؤال قد يكون لماذا اوردنا الآية الكريمة ان السبب من ذلك نحن كمسلمون نعتقد ان القرآن هومعجزة محمد صلى الله عليه وآله وانة متجدد ولكل زمان ومكان فأذا حددنا آية فقط بسبب نزولها نعني بذلك انتهى اكثر من ثلثي القرآن واصبح غير نافذ المفعول وبالتالي فانه لايصلح ان يكون معجزة ولايطابق ماقاله الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله ( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي وغيرهم يقول سنتي ) وان الله سبحانه ضرب الامثال للهداية اليه فعلينا ان نكون دقيقين ونمعن النظر عند قراءة كتاب الله وان نقوم كما أمرت مريم عليها السلام ان تهز جذع النخلة لكي تحصل على الرطب الجنيا , رب سائل يقول كيف يكون ذلك نقول ان الحديث ( من اخلص لله اربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) فكل منا قادر على هز جذع النخلة لكن بشرط ان يكون موحدا لله سبحانه وكما يشير الحديث القدسي ( عبدي اطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون ) اذن حتى كن فيكون التي هي لله سبحانه يعطيها للعبد اذا اخلص وان الاخلاص ليس مختصا بواحد دون آخر ولا هو اختصاص بديانة دون اخرى فكل  من يخلص لله يدله سبل النجاة , ولاتخفى علينا قصة الرجل الصالح في سورة ياسين عندما جاء من أقصى المدينة يسعى وقال ( ياقوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لايسألكم اجرا وهم مهتدون ) من اين عرف هذا الرجل المرسلين دون غيره ولماذا هل نزل عليه الوحي ام كيف اذن , لماذا لانراجع انفسنا من اي ديانة كنا . انه كيف سنعرف المرسلين اي كيف سنعرف المسيح المنتظر والامام المهدي كيف سنعرف طريق النجاة الذي قاله هذا العبد الصالح( ياقومي مالي ادعوكم الى النجاة وتدعونني الى النار ) اذن يتضح من قوله انه نبذ عبادة الصنمية التي كان الناس يعبدونها ونقصد بالصنمية كل شيء يتخذه الانسان الها سواء كان فكرة او زوجة اومالا او جاه اوسلطان او اتباع احد المفكرين او الفلاسفة او اللذين جعلوا انفسهم ائمة على الناس فعند نبذ كل هذه نكون مثل هذا العبد الصالح ونهتدي الى الله وندخل حصنه الذي اذا دخلناه أمنا عذابه . فقال سبحانه في الحديث( لااله الا الله حصني فمن دخلها امن عذابي ) اذن يقول لااله الا الله ولايقول ادخل عند احد الانبياء اوالرسل او الاوصياء او الخلفاء او العلماء لتأمن عذابي ادخل مباشرة الي فليس بيني وبينك حجاب فلماذا تجعل الحجب بيني وبينك وذلك مصداق للآية (ولاتتخذوا السبل فتضل بكم عن سبيله) فهذا خطاب واضح انه لاتتبعوا السبل الى حد يصبح معبودا فيضل بك عن سبلي الواضحة وصريح القرآن انه يخاطب الانبياء وبقوله (ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله *) اذن واضح من ذلك انه لااله الا الله هي التي يريدها الله ولايريد غيرها فنرى قول عيسى عليه السلام ( ماقلت لهم الا كما امرتني تعلم مافي نفسي ولااعلم مافي نفسك ) اذن هذا الذي نتخذه سبيل الى الله الى حد العبادة ولانقبل بغيره من الهدى اذا جاءك سوف يتبرأ لانه قال لك انه لااله الاالله اعبد    الله لاتعبد غيره  وتمسك به فأنا بشر مثلك واخخاف الله اشد خيفة وحتى ابليس عليه اللعنة يقول (أني أخاف الله رب العالمين ) فيتضح ان الخوف من الله هو المهم في طريق معرفته ليس الخوف الذي يمنعنا عن عبادته ولكن الخوف الذي يؤدي بنا الى معرفته وكما في الرواية عن الامام السجاد عليه السلام انه اذا قام الى الصلاة ارتعدت فرائصه وكل الانبياء والائمة المعصومون هم كذلك , فما لنا عن التذكرة معرضون ومالنا اذا قيل لنا آمنوا لانؤمن ونتكبر في انفسنا ونعتبر اننا مؤمنون لاننا نصلي ونصوم ونقرأ القرآن ونزور هل هذا يكفي او هل هو الحقيقة اذن علينا ان نعرف كيف نهزجذع النخلة لنحصل على الحكمة من الله سبحانه والتي في علم اهل البيت عليهم السلام يعبر عنها بالتمر , ولايظن ان ما كتبناه من انفسنا .
 فعلينا ان نبحث عن الاعمال التي تقربنا الى ربنا وان نزيل الحجب التي تمنعنا عنه فأبحث في سيرة الانبياء والرسل والاوصياء والحكماء لأعرف كيف احسن علاقتي بربي اي كيف اجعل لصلاتي معنى لدعائي طعم ولقراءة القرآن حلاوة فأذا لايجتمع القبيح والجميل في مكان واحد فكلما اقتربنا من الجميل بصدق لاكما تريد شهوات انفسنا بطرد القبيح وابعاده عن انفسنا لكن ليس كما فعل السابقين والاحقين كان من قتل الائمة وولدهم جميعهم يصلون ويصومون ويقرأون القرآن لكن لم يكونوا موحدين الله اي انهم ماعبدوا الله وحده بل اشركوا معه خلقه فأدى ذلك بهم الى الهاوية وأصبحوا ملعونين في الدنيا والآخرة فهؤلاء ظلوا ظلالا بعيدا وهم مصداق الآية (وأكثرهم للحق كارهون ) فهم كرهوا الحق وأحبوا الباطل فزهق الباطل وزهقوا فهذا ليس خاص بزمن وانما هو مستمر الى قيام الساعة ففي كل زمن يترك الناس الحق وحده ويتبعوا الباطل رغم انهم يصلون ويصومون لكن لايعبدون الله واصبح ذلك متوارث بحيث في كل جيل يقتل الحق ويكون انصاره قليلين لان الناس ( استحبوا العمى على الهدى ) فكان ان ماربحت تجارتهم وخسروا خسرانا مبينا والعياذ بالله

المحيط الخارجي 
وتأثيره بالنفس
علينا ان  نأخذ العبرة مما حولنا فعندما نرا أو نسعى الى زراعة نبات لكي نحصل على ناتج اوثمر جيد وبعد ان تجاوز النبات مرحلة الانبات وبدأ عوده يشتد شيئا فشيئا وجب علينا حمايته من المحيط الخارجي لانه مؤكد يتعرض الى مؤثرات قد تؤدي الى هلاكه أو أصابته بأمراض عديدة تؤدي به الى الموت أو بالأقل الى عدم الحصول على ثمر منه اي يصبح غير مثمر ويذهب المجهود هباء منثورا وحتى ان حمايته من الظروف الجوية قد لاتكفي وحتى اذا تجاوزها فهناك مؤثرات تعيش معه وهي الادغال التي تنموا حوله وقد يكون بعضها متطفل عليه اي يعيش على ساقه او جذوره ويتغذى من غذائه فيجب الالتفات الى ذلك والعناية به عناية خاصة ولا تفوتنا الآية المذكورة في حق مريم (ع) والتي كررت في بحثنا للفائدة ( وأنبتها نباتا حسنا ) فيتبادر الى اذهاننا كيف ان المحيط الخارجي يؤثر فينا ونتاثر فيه سلبا وأيجابا فللحفاظ على أنفسنا من ما حولنا من أدغال أن نحاول القضاء عليها وأزالتها من حياتنا وهذه المؤثرات تقسم الى قسمين:
1- مؤثرات ظاهرية
2- مؤثرات باطنية
فالمؤثرات الظاهرية أي مانعيشه من عالم مادي وما تحتاجه الحياة المعقدة التي نحن فيها من متطلبات وما فيها من ارتباطات وأنشغال لكي يستطيع الفرد ان يواكب مسيرتها والمعاناة الشديدة التي فيها والتحجر الذي يقيدنا بقيود شتى. والمؤثرات الباطنية هذه تمثل الافكار والفلسفات التي تطرح فيها والتعقيدات العلمية التي كثيرا ما تكون خاطئة وبعيدة عن رضا الله سبحانه والمؤثرات الباطنية يكون أثرها أكبر على الانسان من المؤثرات الخارجية حيث ان مايتعرض له من ضغوط مادية ممكن التخلص منها بكل سهوله مقارنة لما يحمله من عقيدة خاطئة والمصيبة الكبرى أنه يتمسك بها وتصبح متوارثة من السلف الى الخلف وأكثر مانحمله من عقائد هي شرك بألله وأبتعاد عن وحدانيته , وكما مرت به العصور التي قبلنا ومانمر به نحن الآن من ابتعاد عن الله بسبب هذه المعتقدات الخاطئة التي توارثناها عن الآباء والاجداد وكيف سنتحرر منها ونهتدي الى سفينة النجاة التي ننتظرها بمجيء سيدنا الامام المهدي (ع) , في هذه اللحظة يحظرنا موقف سلمان المحمدي (ع) وكيف أهتدى الى سفينة النجاة وعلينا ان نأخذ العبرة من موقفه وكيف ان المؤثرات الخارجية تخلص منها بسهولة وعزيمته القوية وصلته بألله ساعدته على التخلص من المؤثرات الباطنية فكان ان حظي بالرحمة الكبرى بأنه عرف النور من اين يأتي لانه اعد وأستعد له فلنا فيه عبرة.

الاخيرة
اطروحه معاصرة – الصيحه في مفهومها العلمي
كثيراً ما يقف الباحثين في قضية الامام المهدي(عليه السلام) متأملين ومتفكرين حينما تواجههم الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن الصيحة او النداء او الصوت كما في بعض الاخبار وذلك يرجع حتماً الى اختلاف تلك الاحاديث والروايات الواردة فيما بينها او نتيجة ما يدور في الذهن او يخطر في القلب من تساؤل حينما تواجههم الاحاديث والروايات التي تذكر قلة أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) وأنصاره وكثرة أعدائه حيث يقفز السؤال سريعاً والذي مفاده : لو أن الصيحة كانت من السماء ومن جبرائيل مباشرة وهي على هذا الحال تكون بنحو الاعجاز فلماذا لا ينصر الناس المهدي (عليه السلام) ؟ وكيف يقع الشك في نفوسهم ويكثر أعدائه يا ترى ؟ . ونتيجة لهذه الحيرة وهذه التساؤلات كانت هذه الاطروحة المعاصرة حول الصيحة ومفهومها بدراسة روائية علمية جديدة تفسر لنا الروايات بطريقة قريبة من الواقع الذي نعيشه اليوم ، أذن فهي أطروحة وليست أمر أكيداً مفروغ منه فأن كانت قائمة على الادلة الشرعية وموافقة لمنطق العقل والامكان فلا مبرر لرفضها او ردها وتبقى محتملة الوقوع وان لم تكن مدعمة بالادلة او ان ادلتها غير ناهضة ولا توافق العقل والامكان فهي مرفوضة ومردودة ، وقد يتساءل البعض لماذا هذا التردد اذن من قبلكم ؟ فأقول : اننا اذ نعرض هذه الاطروحة على الاخوة القراء فأننا لا نريد فرض راينا على الاخرين لأن الاعتقاد بشي ما يجب ان يكون من الشخص ذاته لا بتأثير خارجي .
لقد جاء ذكر الصيحة في الكثير من الاحاديث والروايات الشريفة وقد عبر عنها في بعض الروايات بالنداء او الصوت وهذه الاسماء في الواقع تتحدث عن معنى واحد ، وهو الصيحة او النداء او الصوت الذي يكون عند السحر من ليلة الثالث والعشرين ( ليلة القدر ) من شهر رمضان الذي يسبق قبام الامام المهدي (عليه السلام) وأن ما دعانا للذهاب الى هذه الاطروحة هو تعدد الصيحة فأن الذي يظهر من الروايات المعصومية الشريفة ان هناك اكثر من صيحة تقع قبل قيام الامام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت الكثير من الروايات الشريفة ان الصيحة تكون عند السحر من ليلة القدر في شهر رمضان فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال : ( الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة جمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان ) بحار الانوار ج52 ، وعن ابي بصير ، عن ابي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) انه قال : ( يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا .....) غيبة النعماني ، الا ان هناك أحاديث وأخبار أخرى تروي لنا ان الصيحة تكون في أشهر اخرى غير شهر رمضان ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله 0 صلى الله عليه واله وسلم ) قال : ( تكون هدة  في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقضان ، ثم تظهر عصابة في شوال ، ثم تكون معمعة في ذي القعدة ، ثم يسلب الحاج في ذي الحجة ، ثم تنتهك المحارم في المحرم ، ثم يكون صوت في صفر ، ثم تتنازع القبائل في ربيع ، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب ) الملاحم والفتن . فأن الذي يظهر من هذا الحديث الشريف ان هناك صوت آخر غير الصوت الذي يكون في شهر رمضان وهذا الصوت المشار اليه في الحديث السابق يكون في شهر صفر . وعن الحسن بن محبوب قال : قال لي الرضا ( عليه السلام ) : ( انه يا حسن سيكون فتنة صماء - الى ان قال - كاني بهم أيس ما كانوا قد نودوا نداءً يسمعه من بالبٌعد كما يسمعه من بالقرب ، يكن رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين ، فقلت بأبي وأمي انت وما ذلك النداء ؟ قال : ثلاثة اصوات في رجب اولها : الا لعنة الله على الظالمين ، والثاني : أزفت الازفة يا معشر المؤمنين ، والثالث : يرون يدأ بارزاً مع قرن الشمس ينادي : الا ان الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين ، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم ، ويذهب غيظ قلوبهم ) دلائل الامامة . وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال : ( في المحرم ينادي مناد من السماء الا ان صفوة الله ( من خلقه ) فلان فاسمعوا له وأطيعوه ، في سنة الصوت المعمعة ) برهان المتقي . فمن هذه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة يظهر لنا واضحاً ان هناك اكثر من صوت وصيحة تكون في اوقات متعددة ومختلفة فصيحة تكون في شهر رمضان واخرى في شهر صفر اضف الى ذلك ثلاث صيحات في شهر رجب كما في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) وصيحة في شهر المحرم ، اذن فلا يعقل ان تكون كل هذه الاصوات عن طريق الاعجاز بل المتوقع ان تكون تلك الصيحات عن طريق القنوات الفضائية التي باتت منتشرة في كل بقاع العالم كما هو معلوم والكل يمكنه سماعها وهي في الواقع من السماء اما لانها تمثل جانب الحق والدعوة الى الله عز وجل فيعبر عنها بأنها من السماء او لان الفضائيات تستلم بثها من الاقمار الصناعية التي هي في الواقع منتشرة في السماء اما بالنسبة لكونها من قبل جبرائيل (عليه السلام) فذلك لانها من الله والى الله وجبرائيل هو الواسطة كما لا يخفى بين جناب المولى تبارك وتعالى وبين خلقه . وقد يتسائل البعض اذا كان الامر كذلك فلابد ان تكون الصيحة الثانية عند المغرب من يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان هي ايضاً عن طريق الفضائيات واذا كان كذلك فلم عبر عنها في الروايات بأنها من الارض ولم يقال انها من السماء كما في الصيحة الاولى ؟ فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي حمزة الثمالي قال: قلت لابي عبد الله(ع) : ان ابا جعفر (ع) كان يقول: خروج السفياني  من المحتوم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم واشياء كان يقولها من المحتوم ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : وأختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت : وكيف يكون النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء اول النهار يسمعه كل قوم بالسنتهم الا ان الحق في علي وشيعته ثم ينادي أبليس في أخر النهار من الارض الا ان الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون ، غيبة الطوسي - الظاهر ان الائمة الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) عبروا عن الصيحة الثانية انها من الارض اشارة الى انها ليست من الله ولا تدعو الى الحق أي بتعبير اخر ليس لها ارتباط بالسماء انما هي من أهواء نفوس بعض النواصب لاهل البيت (عليهم السلام) لذلك عبر عنها انها من الارض وقد عبر عنها انها من الشيطان ونسبت اليه   لأنها من ضلالته التي يضل بها الناس واتباعه من الانس الذين غرهم وخدعهم وأستمالهم باساليبه الشيطانية والا لو قلنا بأن صيحة الحق تكون من قبل جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة لأستلزم ذلك انها تكون على نحو الاعجاز وان كانت صيحة الباطل من قبل ابليس ويسمعها كل الناس كذلك لكانت على نحو الاعجاز ايضاً وهذا لا يمكن القول به فلا كرامة لابليس 0عليه اللعنة) ولا يمكن ان يجري الله على يديه المعجزات لاي سبب كان والا لما امتاز اهل الحق من اهل الباطل فما هي الحكمة والفائدة اذن من ان تكون صيحة الحق من قبل جبرئيل (عليه السلام) بالمباشرة اذا كانت لاتمتاز عن صيحة ابليس وكانت الصيحتان على نحو الاعجاز ياترى؟ !  ثم ان المعجزات لا تكون الا للأنبياء والرسل (عليهم السلام) ولربما يتسأل البعض ان لم تكن الصيحة من قبل جبرائيل (عليه السلام) وعلى نحو المعجزة فكيف ذكرت الروايات ان الصيحة يسمعها كل قوم بلغتهم ؟ والحقيقة ان هذا الامر ليس بالصعب فكما نرى في الفضائيات وجود الترجمة الفورية بحيث اذا نقل خطاب لاحد الاشخاص بلغة ما عبر الفضائيات هناك من يترجم ذلك الخطاب فوريا واثناء خطاب ذلك الشخص ولعدة لغات حسب الحاجة اليها . ومما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الروايات المعصومية الشريفة من وقوع الشك والارتياب في نفوس السامعين للصيحة الثانية بعدما أمنوا بالصيحة الاولى ((صيحة الحق)) فلو كانت الصيحة الاولى تمتاز عن الصيحة الثانية من ناحية الكيفية على فرض انها من جبرائيل بالمباشرة وعن طريق الاعجاز فلماذا اذن وقع الشك والارتياب علماً ان الصيحة الثانية اذا قلنا انها من ابليس ومن الارض فلا يمكن ان تكون كصيحة جبرائيل (عليه السلام) أطلاقاً . فأن الذي يظهر من الرواية الشريفة المتقدمة ان الصيحة الثانية اذا وقعت يرتاب الناس . وقد جاء ايضاً في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة بن اعين قال :( قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : عجبت أصلحك الله واني لاعجب من القائم كيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش ، ومن النداء من السماء ؟ فقال : ان الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم العقبة ) غيبة النعماني - وعن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام ) قال : ( ينادي مناد وبأسم القائم (عليه السلام) ، قلت : خاص ام عام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي بأسمه ؟ قال : لا يدعهم ابليس حتى ينادي في اخر الليل يشكك الناس )الاكمال - والروايات في هذا الصدد كثيرة ولا يمكن ان تشك الناس وترتاب اذا كانت الصيحة من جبرائيل بالمباشرة وتكون على هذا الفرض مختلفة من ناحية الكيفية عن صيحة ابليس حتماً ، الا ان الروايات كما بينا تؤكد وقوع الشك والارتياب وهذا لا يكون الا ان كانت الصيحتان متماثلتان من حيث الكيفية أي انهما تكونان من الفضائيات . كما ان الذي يظهر من الروايات الشريفة الواردة عنهم (عليهم السلام) ان هذه الصيحة ((صيحة الحق ))تكون معروفة من ناحية الكيفية وقد سمع بها البعض من الناس قبل ان تقع وهؤلاء هم الذين سوف لا يقع منهم الشك والارتياب لانهم قد سمعوا بها وعرفوها وهذا أيضاً يلزم منه ان تكون هناك دعوة للأمام المهدي (عليه السلام) تكون موجودة قبل قيامه المقدس(عليه السلام) وهي التي تتبنا هذه الصيحة فقد جاء في الرواية الشريفة عن الجريري قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام) : ان الناس يوبخونا ويقولون : من اين يُعرف المحق من المبطل اذا كانتا فقال : ما تردّون عليهم ؟ قلت : فما نرد عليهم شيئاً ، قال : فقال : قولوا لهم يصّدق بها اذا كانت من كان مؤمناً يؤمن بها قبل ان تكون ، ان الله عز وجل يقول {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }غيبة النعماني . فالذي يظهر من هذه الرواية ان الامام الصادق (عليه السلام) قد اكد ان الذي يصدق بصيحة الحق هو المؤمن وليس كل مؤمن بل المؤمن بالصيحة وكيفيتها كما ان هذه الرواية تؤكد ما ذهبنا اليه من ان الصيحة لا تكون من جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة وليس عن طريق الاعجاز والا لو كان كذلك لكان الامام (عليه السلام) ، قد ذكر للسائل ان التصديق بها وتميزها عن الصيحة الثانية ((صيحة الباطل)) بأنها سوف يكون مصدرها من السماء ومن جبرائيل مباشرة وعلى نحو الاعجاز ولما لم يذكر ذلك ، تبين ان الصيحتين تكونان متماثلتان من ناحية الكيفية بحيث لا تستطيع الناس التمييز بينهما ومعرفة الصيحة الحقة من الباطلة . بقيت مسألة أود ان الفت اليها نظر الاخوة القراء وهي ان الروايات الواردة في نص الصيحة انما تكلمت برمزية ولم تذكر لنا النص الحقيقي وهذا يتبين من اختلافها في نص الصيحة سواء اكانت صيحة الحق ام صيحة الباطل فقد جاء في الرواية عن ابي جعفر (عليه السلام) : ( قال ينادي مناد من السماء : أن فلان بن فلان هو الامام . وينادي بأسمه ) الاكمال - وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) : ( ... قال ينادي مناد من السماء اول النهار : الا ان الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي ابليس لعنه الله في اخر النهار : الا ان الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون ) الاكمال - وعن الامام الصادق (عليه السلام) ايضاً انه قال : ( ينادي مناد من السماء بأسم القائم واسم ابيه .. ) غيبة النعماني - وعنه (عليه السلام) ايضاً قال : ( .... اذا سمعوا الصوت من السماء (( الا ان الحق في علي بن ابي طالب (عليه السلام) وشيعته )) قال : فأذا كان من الغد صعد ابليس في الهواء حتى يتوارى عن اهل الارض ، ثم ينادي (( الا ان الحق في عثمان بن عفان وشيعته فأنه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه )) ...)غيبة النعماني - وعنه (عليه السلام) ايضاً انه قال : ( ينادي مناد من السماء : (( ان فلاناً هو الامير )) وينادي مناد (( ان علياً وشيعته هم الفائزون )) قلت : فمن يقاتل المهدي بعد هذا ؟ فقال : ان الشيطان ينادي (( ان فلاناً وشيعته هم الفائزون - لرجل من بني امية )) غيبة النعماني - وعن الامام الباقر (عليه السلام ) انه قال : ( ان المنادي ينادي ان المهدي (من ال محمد) فلان بن فلان )) بأسمه وأسم ابيه فينادي الشيطان (( ان فلاناً وشيعته على الحق - يعني رجلاً من بني امية ) غيبة النعماني - وعن الصادق (عليه السلام) انه قال : ( انه ينادي بأسم صاحب هذا الامر مناد من السماء (( الا ان الامر لفلان بن فلان ففي مَ القتال ؟ )) ) غيبة النعماني - وفي الحديث المروي في الملاحم والفتن لابن طاوس جاء فيه : ( .... انه يسمع صوت من السماء ومناد ينادي الا ان اولياء الله اصحاب فلان ...) . وفي خطبة البيان : ( فيقول جبرائيل في صيحته : يا عباد الله اسمعوا ما اقول : أن هذا مهدي ال محمد (صلى الله عليه واله وسلم) خارج من مكة فاجيبوه ) . اذن تحصل لدينا من مجموع هذه الروايات ان نص صيحة الحق يكون اما :-
1- باسم الامام المهدي (عليه السلام) ، 2- ان الحق في علي وشيعته  ، 3- النداء يكون باسم شخص يدعو الى الحق والى نصرة الامام المهدي (عليه السلام) ، 4- ان علي وشيعته هم الفائزون ، 5- ان يكون النداء باسم القائم ، 6- ان يكون بأسم صاحب هذا الامر ، 7- ان يكون النداء للتعريف بأصحاب المهدي ( عليه السلام) وأنصاره، وهذه هي مجمل النصوص في صيحة الحق ، اما نص صيحة الباطل فيكون:-
1- ان الحق في السفياني وشيعته ، 2- الا ان الحق في عثمان وشيعته فأنه قتل مظلوماً فأطلبوا بدمه ، 3- ان فلان وشيعته هم الفائزون - لرجل من بني امية ، 4- ان فلاناً وشيعته على الحق - يعنتي رجلاًَ من بني امية.
ولو لاحظنا نصوص صيحة الباطل لأستطعنا ان نحصل على نتيجة ان الصيحة ستكون باسم السفياني الملعون الذي اسمه كما اشارت الروايات عثمان وهو من بني امية - فتفكر.
3-اما بالنسبة لصيحة الحق فقد اختلفت الاقوال فيها كما هو واضح فلو قلنا ان الصيحة ستكون : (( الا ان الحق في علي وشيعته )) او ما شابه ذلك من النصوص فأن ذلك ليس بالشيء الجديد او المجهول فهذا الكلام ما زال يدور ويصرح به الكثيرون منذ الفجر الاول للأسلام والى يومنا هذا ثم ان الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة قد بينت لنا الكثير من الشيعة سيكذبون دعوة الامام ويردونها بل انهم يحاربون الامام (عليه السلام) ، وان قلنا ان النداء سيكون باسم الامام المهدي (عليه السلام) ، فلا ادري ما معنى ذلك فاسم الامام معروف وقد جاء ذكره في الاحاديث والروايات وهو لا يخفى على احد حسب ظني فما هي الحكمة او النتيجة من النداء بأسمه يا ترى ؟! ، اما القول الثالث ان يكون النداء للتعريف باصحاب المهدي وانصاره فهو اقرب الاحتمالات لان الحكمة منه تعريف الناس بجهة الحق وتمييزها عن جهة الباطل وحتماً من يكون من اصحاب المهدي او انصاره فهو مع الحق ، أضف الى ذلك ان النداء للتعريف بهؤلاء يكون مقروناً بأحد الدعاة للأمام المهدي ( عليه السلام) الذي يكون قائداً لأصحاب الامام وأنصاره انذاك وسوف يكون على هذا الاحتمال في قباله الصيحة بأسم السفياني وأصحابه وهذا هو اقرب الاحتمالات والله اعلم بالصواب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العدد الثالث عشر

العدد الثالث والثلاثون

العدد الحادي والخمسون