العدد السابع والعشرون
منار القران
الذباب هم المنافقون في عصر الظهور
لم يترك المولى تبارك وتعالى شيء من الاشياء لم يتحدث عنه في كتابه المنزل على رسوله الاكرم (ص) سواء أكان هذا الشيء انسانياً او حيوانا او نباتا اوجمادا ، فقد قال تعالى { وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون } الانعام 38 يعني جعلها مشابهة للانسان من الناحية الاجتماعية والسلوكية ، ثم ان كتاب الله استخدم لغة الامثال ( اياك اعني واسمعي يا جارة ) واستخدم لغة التأويل اللفظي والتأويل المعنوي فتارة يتحدث عن الحيوان والمرادمنه الانسان ، واخرى يوبخ الحيوان لكن المقصود هو الانسان ( المشابه سلوكه لذلك الحيوان ) وهو بذلك عاصياً لله ومخالفاً لأوامره ، وقد تحدثنا سابقاً عن النحل والنمل فقلنا ان ،النحل يمثل المؤمنين والنمل يمثل الكافرين ، وذكرنا نقاط التشابه بينهما ، فقلنا ان النحل في التأويل - الحاء - والنمل - الميم فالحاء تشير الى الاحياء حيث ان النحل معيشته حية من خلال تنقله واماكن وجوده وغذائه فذلك متصل بصفاء الحياة ما بين الاشجار والثمار والزهور والهواء والطبيعة الخضراء التي تؤنس النفس وتبهج القلب وتسر الناظر ، وذلك يقترن بأهل الدين العابدين الورعين المتقين المهتدين الذين تصفى نفوسهم بدخولهم الدوحة الالهية المقدسة . اما النمل فان الميم تعني الموت فهم يعيشون تحت الارض في مسالك متشعبة وفي ثقوب الجدران واماكنهم معتمة وملوثة فهم الاموات حقاً بالرغم من حركتهم الدائبة ، واقتران ذلك بالانسان المتسافل الذي جعل نفسه في قفص الدنيا الزائلة وارتكب المعاصي وخالف ربه ، فهم احياء بابدانهم فقط ، فهل يستوي الاحياء والاموات ؟ وذكرنا ان النحل يوحى اليه فهو لايخطأ المسير ولايظل الطريق يسير بهداية ربانية وانوار الهية ، قال تعالى:(واوحى ربك الى النحل ) فهو لايخالف ايحاء ربه بل يسير بهداه وهو مطيع لذلك واقتران ذلك بالانسان قول الله تعالى:(واوحينا الى الحواريين) ، اما النمل فهو يعتمد على قدراته الذاتية وله نظام معقد متشابك ، ورغم ذلك فهو يخطأ ويكذب وثبت ذلك من خلال التجارب والابحاث العلمية وهو ليس لديه قدرة على استلام الايحاء ، لذا نجد النملة ضالة تمشي ذات اليمين وذات الشمال وهو عكس النحلة التي تمشي على خط مستقيم ، واقتران النمل بالانسان الذي يعتمد على نفسه وذاته في كل امره فهو غير متوكل ولا يقبل الهداية وبذلك يكون ضال ومضل . وذكرنا ان النحل يتخذ من الاماكن العالية والعروش والجبال والاشجار بيوتاً يسكن فيها ويأوي اليها ليجعل فيها خلاياه من اجل اقامة مملكة كاملة ، قال تعالى: ((واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون)) فأن هذه الاماكن مرتفعة عن الارض وتدل على الترقي ، وهو في بيته يعمل وينتج العسل ، واقتران ذلك بالانسان الذي يعمل من اجل رفعته الروحية البعيدة عن حطام الدنيات وتسافلها ، ولنا في ذلك المثل الاعلى الذين ذكرهم الله تعالى بقوله :(في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه) فذكر الله البيوت كما ذكر للنحل البيوت وهم اهل البيت(ع) وهم قدوتنا في ذلك ، ولهذه البيوت يأوي انصار اهل البيت واتباعهم ، اما النمل فيسكن باطن الارض والاماكن الخراب والوديان وشقوق الجدران وثقوب الارض ، فقد قال تعالى :(قالت نملة ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده) فذكر الله عزوجل المسكن للنمل ولم يقل بيت او بيوت ، كما قال للنحل وكذلك قال(اهل البيت) ولم يقل اهل (اهل المسكن) وقال تعالى: (حتى اتوا على وادي النمل) ذكر وادي ، وكذلك قوله تعالى واصفاً اصحاب العذاب من الامم السابقة ((لاترى الامساكنهم)) . ووضحنا مشابهة النحل الملائكة عن طريق الهداية والخلقة - والاجنحة- قال تعالى:( اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع) اما النمل فقد شابه جنود ابليس وهم الجن الذين يسكنون الوديان والثقوب والخراب . وقلنا ايضاً النمل لايصدر منه الا العطل وذلك لانه يأخذ المواد فيعطلها مثل ان يأخذ بذور الحبوب كالقمح وغيره فيشطرها الى شطرين او اكثر حسب نوع الحبة لكي لاتنمو وهي في الخزن وهو وان كان اسلوب صحيح في التخزين لكنه واقعاً يعطل بالنسبة لغيره من المخلوقات وذلك خلاف عمل النحل فهو ينتج مابه فائدة للاخرين كالعسل والشمع والغذاء الملكي ، ثم انه اثناء تنقله بين الازهار يقوم بعملية التلقيح للنباتات .
بعد ان تبين ان النحل يمثل المؤمنين والنمل يمثل الكافرين ، سنتحدث الان عن الذباب الذي يمثل المنافقين : لقد ذكر المولى عز وجل (الذباب) في القران لمرة واحدة فقط ذلك في سورة الحج بقوله تعالى:( ياايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئاً لايستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) الحج73. وقد ورد في اسباب نزول هذه الاية عن عبد الرحمن بياع الانماط عن ابي عبد الله(ع) قال:( كانت قريش تلطخ الاصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ، وكان يغوث قبال الباب ويعوق عن يمين الكعبة ، وكان نسر عن يسارها ، وكانوا اذا دخلوا خروا سجداً ليغوث ولاينحنون ثم يستديرون بحيالهم الى يعوق ثم يستديرون عن يسارها بحيالهم الى نسر ثم يلبون فيقولون : لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك الا شريك هو لك تملكه وما ملك . قال : فبعث الله ذباباً اخضر له اربعة اجنحة فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئاً الا اكله ، وانزل الله عزوجل :(يا ايها الناس ضرب مثل ...الاية) الكافي .
والذباب من الذب والتذبذب ، وقد قال صاحب مجمع البيان :(ذبذبته اي حركته فتحرك فهو كتحريك شيء معلق) فكون الشيء مذبذباً ان يتردد بين جانبين من غير تعلق بشيء منهما ، وهذه هي صفة المنافقين فهم يتذبذبون بين الايمان والكفر فلاهم الى المؤمنين ولا الى الكافرين ، وبسبب تذبذبهم وترددهم بين الجانبين من غير تعلق بأحدهم فأن الله تعالى أضلهم عن السبيل فلا سبيل لهم يردونه، فقد قال تعالى في وصف المنافقين:(مذبذبين بين ذلك لا الى هؤلاء وا الى هؤلاء من يضلل الله فلن تجدله سبيلاً) النساء 143.
وقد ذكر بعض المفسرين ان معنى مذبذبين اي مطرودين من هؤلاء ومن هؤلاء ، وهي من الذب والذب هو الطرد ، وقد نعتهم سبحانه بالحيرة في دينهم وانهم لايرجعون الى صحة نية لا مع المؤمنين على بصيرة ولا مع الكافرين على جهاله . اذن فيكون لدينا ترابطاً بين (الذباب) ووصف المنافقين بقوله:( مذبذبين) ، وهذا الترابط يكون بالفعل ايضاً ، وكما قدمنا ان النحل يمثل المؤمنين والنمل يمثل الكافرين وسيكون الذباب ممثلاً المنافقين قالذباب يحاول جاهداً ان يتمثل في النحل ظاهرا ، وهو فعل المنافق الذي يمثل الايمان ظاهراً وهو غير مؤمن اصلاً ، فعند مقارتنا النحل مع الذباب يتضح الامر ، وتبيان ذلك في النقاط الاتية :-
اولاً : النحل لديه مملكة وهي غاية في الانضباط والدقة ففيها العمل مقسم بين افرادها بشكل متساوي حيث يقوم يعسوب النحل بقيادة الخلية وفق نظام دقيق وعادل فيأمر بتوزيع الغذاء الملكي بين افراد الخلية بالتساوي فهو لايميز بين احداً عن الاخر حيث ان (الحضنة والشغالات والذكور) كلها تأكل من الغذاء الملكي وكل حسب احتياجه ، ويتعطل هذا النظام عند غياب اليعسوب ، ويحصل الظلم وتنتفي العدالة ويبقى هذا الامر حتى عودة اليعسوب الحقيقي ، وخلال غيبة اليعسوب الحقيقي تظهر يعاسيب كاذبة تتسبب في الظلم والاضطهاد الذي يقع على افراد الخلية ، وهذا انطبق في اضطهاد وقهر المؤمنين اثناء غيبة الامام المهدي(ع) الذي يلقب بيعسوب الدين كأبيه علي امير المؤمنين(ع) الذي يلقب بيعسوب الدين فخلال هذه الغيبة اخذت اليعاسيب الكاذبة من بني البشر محل الامام المهدي(اليعسوب الحقيقي) وتسببت هذه اليعاسيب بالجوع والقهر والظلم لهذه الامة (الخلية) من خلال توزيع الاموال(الغذاء الملكي) حسب المصالح الشخصية والمنافع الدنيوية ، اما الذباب فليس له مملكة تذكر وهو فوضوي وعبثي ولايعمل الا لقوته اي همة بطنه ، وهو ليس لديه قائد يقوده كالنحل بل هم متناثرين هنا وهناك ، وهو يأكل بشراهه عكس النحل الذي يأخذ مايكفيه لسد رمقه ، فالذباب لديه القابيلة على التهام الاجسام الصلبة وتحويلها الى سائلة من خلال فرز انزيم خاص ويقوم بأسالة المادة الصلبه ، وهذه الصفات تنطبق على المنافق فالمنافقين ليس لديهم كيان يجمعهم او قائد يقودهم ظاهرياً اما في الواقع فقائدهم ابليس من حيث يشعرون او لا يشعرون وهم ليس لديهم هدف معين او عقيدة واضحة انما تدفعهم الاهواء وهم بارعين في تغير الامور وتهويل التافه منها والعكس بالعكس وحسب مصالحهم الشخصية ، وقد قال رسول الله(ص)عن شراهة المنافق:( المؤمن يأكل في معاء واحد والمنافق في سبعة امعاء) مستدرك الوسائل ج14- ص444.
ثانياً : النحل مفيد ويعمل بجد ونشاط وهدوء فهو ينتج العسل الذي يمثل الحكمة في التأويل الذي (فيه شفاء للنساء)، والنحل مسالم ولايعتدي على احد الا دفاعاً عن النفس فمثله كمثل المؤمن الذي شبه النحل فأصوات المؤمنين كدوي النحل ، وقيل عن اصحاب الحسين(ع) في ليلة عاشوراء لهم دوي كدوي النحل ، والمؤمن المسلم لايضر احداً وقد وضحه رسول الله(ص) بقوله: (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) ، اما الذباب فهو مضر وكسول فيقوم بنقل الجراثيم مسبباً الامراض والاوباء وبالتالي انتشارها بين الناس ، وهو ضوضائي وله طنين مزعج ومتطفل على الاخرين ، وينطبق ذلك في قول رسول الله(ص) قال:(اذا رايت المؤمن صموتاً فأدنوا منه فانه يلقي الحكمة والمؤمن قليل الكلام كثير العمل والمنافق كثير الكلام قليل العمل) والمنافق يقوم ببث افكاره المسمومة في الناس مما يؤثر عليهم ويضلهم .
ثالثاً : يمتلك النحل اربعة اجنحة اي زوجان من الاجنحة بينما الذباب فلديه زوج واحد من الاجنحة وتسمى علمياً (رتبة ثنائية الاجنحة) والنحل يقتات من رحيق الزهر متنقلاً في روضات الجنات والحدائق بينما الذباب يقتات على الفضلات والجيف وهو متنقل من قذارة الى جيفة ليأخذ قوته منها، وهكذا المنافقون الذين يبغون الدنيا ويتركون الاخرة هذه الدنيا التي مثلها امير المؤمنين(ع) بالجيفة بقوله : (مثل الدنيا كجيفة اجتمع عليها طلابها) والذباب يمثل ايضاً رجال الدين والمنافقين القائمين على السلب المادي والمعنوي تجاه عامة الناس ، كون الذباب يسلب الشيء من صاحبه ويبتلعه بعد تحويله ان كان صلباً الى مادة سائلة - كما ذكرنا آنفا - وقوله تعالى: (وان يسلبهم الذباب شيئاً لايستنقذوه) يطابق هذه الصفة ، وقد وصف الامام الصادق(ع) بقوله : (قد رضي ببعده عن رحمة الله تعالى لانه يأتي بأعماله الظاهرة شبيهاً بالشريعة وهو لاه ولاغ وباغ بالقلب عن حقها مستهزئاً فيها).
رابعاً : ان لون النحل هو اصفر كالشمس التي تمثل النور وهو اصفر كالذهب وهو يمثل المؤمن والايمان فقد قال الشاعر في مدح امير المؤمنين(ع):
عليٌ الدر والذهب المصفى
وباقي الناس كلهم تراب
اما الذباب فلونه اسود والسواد هو الظلام عكس النور وهو لباس اهل النار والمنافقين هم في الدرك الاسفل من النار ، فقد قال تعالى:( ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً) النساء145.
الموعود
اليماني اشبه الناس بعيسى بن مريم
وردت الكثير من الاخبار والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن صفة المهدي (ع) وقد دلت اغلب تلك الروايات على ان للأمام المهدي (ع) شبه من موسى بن عمران (ع) من ناحية البنية ولون البشرة واما من ناحية الشبه في الخلق والخُلق فقد تحدثت الروايات عن الشبه بين الاما م(ع) وجده المصطفى (ص) ولكن وردت بعض الروايات التي تذكر ان للقائم المهدي شبه من عيسى بن مريم (ع) ومن المعروف ان هناك اختلاف في صفة عيسى (ع) وصفة موسى (ع) ومحمد (ص) فقد جاء في الروية التي ذكرنا سابقاً والتي نقلها الحر العالملي في كتابه اثبات الهداة والتي جاء فيها : ( ان القائم المهدي من ولد علي عليهما السلام ، اشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخُلقاً وسمتاً وهيبةً ....) اثبات الهداة ج3 ص - حيث يظهر من هذه الرواية ان هناك شبه كبير بين القائم المهدي وبين عيسى بن مريم (ع) من الناحيتين الخلقية والخُلقية وهذا في الواقع مناقض لما ورد من كون الامام المهدي (ع) له شبه بموسى بن عمران (ع) وله شبه من جده رسول الله (ص) من الناحيتين الخلقية والخُلقية ، فمن الروايات التي تتحدث عن صفة الامام (ع) والتي تثبت الشبه بينه وبين كليم الله عز وجل موسى بن عمران (ع) فقد جاء في الرواية الواردة عن عمران بن الحصين قال : صف لنا يا رسول الله هذا الرجل وما حاله ( أي المهدي ) فقال النبي (ص) : ( انه رجل من ولدي كأنه من رجال بني اسرائيل ) بحار الانوار ج52 - والمقصود من هذه الرواية ان الامام المهدي (ع) ضخم الجثة طويل القامة وهذه هي صفة رجال بني اسرائيل كما هو معروف وشائع ، وفي رواية اخرى في صفة المهدي (ع) قال رسول الله (ص) : ( انه رجل من ولدي كأنه من رجال بني اسرائيل يخرج عند جهد من امتي وبلاء ، عربي اللون ابن اربعين سنة ) الملاحم والفتن - وهذه الرواية كسابقتها من حيث ضخامة جسم الامام (ع) وطول قامته اضافة الى ان اللون العربي معناه الاسمر فأن اكثر العرب سمر الوجوه كما لا يخفى ، وهذا ما يظهر من هذه الرواية الواردة عن ابي جعفر الباقر (ع) قال : ( المهدي رجل من ولد فاطمة وهو رجل ادم ) بحارالانوار ج51 ص35 - ورجل ادم يعني رجل اسمر ، وعن حذيفة قال : قال رسول الله (ص) : ( المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم اسرائيلي على خده الايمن خال كأنه كوكب دري يملأ الارض عدلاً كما ملئت جورا .....) بحار الانوار ج51 ص80 - والذي يظهر لنا من هذه الطائفة من الروايات الشريفة التي تثبت لنا الشبه بين الامام المهدي (ع) و بين النبي موسى (ع) ، ان الامام المهدي (ع) ضخم الجثه طويل القامة اسمر اللون . اما في ما يخص الشبه بين الامام (ع) وبين جده رسول الله (ص) والذي يكون من الناحيتين الخلقية والخُلقية هو ما جاء في الرواية الواردة عن رسول الله (ص) انه قال : ( يخرج رجل من اهل بيتي يواطيء اسمه اسمي وخلقه خلقي ، فيملأ ها عدلاً وقسطا كما ملئت ظلماً وجوراً ) معجم الملاحم والفتن ج1 ص86 - وعن الامام الصادق (ع) عن ابائه عن امير المؤمنين سلام الله عليهم قال : قال رسول الله (ص) : ( المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وهو اشبه الناس بي خلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيرة في الامم حتى تضل الخلق عن اديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) ينابيع المودة - والذي يظهر من هاتين الروايتين ان للامام المهدي (ع) شبه من جده رسول الله (ص) من الناحية الخلقية والخُلقية وبعد ان ذكرنا الروايات التي تذكر لنا الشبه بين كل من الامام المهدي (ع) وبين موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين بقي ان نعرف هل ان موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام . متشابهون في الصفات ام لا ؟ ونبدأ اولاً مع نبي اله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام فقد ورد في الاخبار في صفة موسى (ع) انه ادم أي اسمر وانه طويل القامة فقد جاء في تفسير علي بن ابراهيم بأسناده الى ابي عبد الله (ع) في خبر المعراج عن النبي (ص) قال : ثم صعدنا الى السماء الخامسة فأذا فيها رجل كهل عظيم العين حوله ثلة من امته فأعجبني كثرتهم فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا المجيب في قومه هارون بن عمران فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي واذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السموات ثم صعدنا الى السماء السادسة واذا فيها رجل ادم طويل وسمعته يقول يزعم بنو اسرائيل اني اكرم ولد ادم على الله وهذا رجل اكرم على الله مني فقلت من هذا يا جبرائيل قال هذا اخوك موسى بن عمران ) ، واما بالنسبة لصفة عيسى (ع) فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله(ص) انه قال : ( رأيت ليلة اسري بي موسى بن عمران رجلاً ادم طوالاً جعداً كأنه من رجال شبوه ورأيت عيسى بن مريم رجلاً مربوع الحلق الى الحمرة والبياض سبط الرأس ) بحار الانوار ج13 ص3 - اما في صفة رسول الله (ص) فقد دلت الروايات على ان (ص) كان فوق المربوع واقل من الطويل والى الطول اقرب وبملاحظة هذه الصفات يتبين لنا واضحاً الفرق والاختلاف في الصفة فان صفة موسى ليست كصفة عيسى (ع) اذن فكيف صح ان نحمل الرواية التي تتحدث عن شبه القائم من عيسى (ع) على الامام المهدي (ع) وتأتي في نفس الوقت وتحمل الشبه من موسى ومن محمد ( صلوات الله وسلامه عليهم ) على الامام المهدي (ع) علماً ان صفاتهم متباينة ومختلفة وهذا حتماً غير صحيح فموسى طويل القامة ضخم الجثة اسمر الوجه ورسول الله (ص) فوق المربوع ويحمل الطول وعيسى مربوع القامة أي ليس بالطويل وليس بالقصير كما انه متوسط البنية ابيض الوجه يميل الى الحمرة ومسترسل الشعر ، والذي يظهر من الاخبار ان الثابت في صفة الامام المهدي (ع) انه شبيه موسى بن عمران (ع) وشبيه جده المصطفى (ص) وان الذي له شبه من عيسى بن مريم (ع) ليس الامام المهدي (ع) بل هو وزيره المهدي اليماني الذي هو من ذرية علي (ع) ولو لاحظنا صفات اليماني الواردة ، في الروايات لوجدناها مشابهة لصفات النبي عيسى (ع) بل الظاهر ان اليماني هو شبيه عيسى (ع) ولا يوجد من يشبه عيسى (ع) كاليماني . حيث ان من صفة اليماني والتي ذكرت في موضوع صفة صاحب هذا الامر انه مربوع القامة ابيض الوجه مع حمرة طويل الشعر مسترسله كما ان اليماني يظهر في الثلاثين من عمره كما يظهر عيسى بن مريم في نفس هذا العمر حينما اعلن دعوته ، وهذا المعنى ليس غريباً فقد تحدث القران عن الشبيه وذكر ان لعيسى شبيه بحيث ان بني اسرائيل لم يميزوه عن النبي عيسى (ع) قال تعالى (وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم). النساء 157. كما انه عرف الشبيه في التاريخ حتى ظهر للطاغية صدام عدة اشباه كما ان العلم الحديث اثبت امكان ايجاد الشبيه فقد اكتشف علم الوراثة والجينات بأن هناك اطلس كامل للجينات البشرية تحمل جميع صفات الانسان الجسدية والسلوكية والاخلاقية بحيث يكون لكل صفة جين ( موروث ) ينتقل من الاباء الى الابناء حتى الوصول الى المبدأ البشري وهو ادم (ع) فالجينات الموجودة في الناس اليوم هي مجموعة الجينات الوراثية الواصلة اليهم من ابائهم واجدادهم في القرون الاولى ولو نضرت هذه الجينات في مولود في زماننا هذا بنفس التنضير لأحد ابائه في القرون الاولى لكان المولود شبيه لذلك الشخص الذي وجد قبل الاف السنين مثلاً بل انه يصعب على الاخرين التمييز بينها لو امكن وشوهد الاثنان معاً . وبناءاً على هذا فليس غريباً ان يكون اليماني شبيه لعيسى (ع) في اخر الزمان كما كان لعيسى شبيه في زمن ظهوره (ع) بل انني على اعتقاد ان اليماني يصعب تمييزه عن النبي عيسى (ع) لقوة الشبه بينهما.
رايات في عصر الظهور الشريف
يتميز عصر الظهور الشريف للامام المهدي(ع) باشتداد الظلم والجور وتصاعد وتيرته وارتفاع نسبة المظلومين في الارض وظهور الكثير من القوى الاستكبارية في العالم وكثرة الحكام والحكومات الجائرة ويتسبب ذلك في ازدياد الالم وانين المظلومين وظهور المضطهدين والمحرومين وكثرة المستضعفين وظهور الفتن وكثرة الحروب واختلاف الناس والواقع ان كل ذلك يكون بسبب ظهور الكثير من الحركات والتيارات والدعوات المنحرفة المتنازعة فيما بينها حيث يقف بعضهم بوجه البعض الاخر ويكذب بعضهم البعض ويتهم بعضهم البعض الاخر مما يتسبب ذلك في انقسام الناس وتشتتهم وتناحرهم واختلافهم فقد جاء في الرواية الواردة عن المفضل بن عمر عن الامام الصادق(ع) انه قال:(ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لايدري اي من اي . قال: فبكيت ، ثم قلت له : كيف نصنع ؟ فقال : يا ابا عبد الله - ثم نظر الى شمس داخله في الصفة - اترى هذه الشمس ؟ فقلت : نعم ، فقال: والله لامرنا ابين من هذه الشمس) غيبة النعماني ص154. وعن ابي خديجة عن ابي عبد الله(ع) قال: (لايخرج القائم حتى يخرج قبله اثنى عشر من بني هاشم كلهم يدعو الى نفسه ) الارشاد ص358. والحقيقة ان ظهور هذه الحركات والتيارات والدعوات يكون متقدماً قليلاً على ظهور دعوة الامام المهدي(ع) وبعضها مقارناً لظهور تلك الدعوة الالهية وبعضها يبقى حتى قيام الامام المهدي(ع) من مكة وخروجه العسكري منها ، فان نهايتها تكون على يديه الشريفتين ثم ان ظهور هذه الحركات والدعوات الضالة المضلة يكون في منطقة ظهور دعوة المهدي(ع) ومنطقة قيامه وتحركه العسكري (ع) فان الملاحظ في الاحاديث والروايات الواردة عن النبي وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ان الاعم الاغلب منها يتحدث عن مكة والمدينة وخراسان والعراق وبلاد الشام حيث ان هذه المنطقة تكون محلاً لظهور دعوة المهدي(ع) على يدي الممهدين له(عليه السلام) كما ان قيام الامام المهدي(ع) وتحركه العسكري واعلانه لثورته العالمية ضد الظلم والجور يكون في مكة ثم يتجه بعد ذلك الى المدينة ومن ثم الى العراق وبيت المقدس . لذا فان النبي والائمة صلوات الله عليهم قد ركزوا في احاديثهم ورواياتهم على هذه المنطقة بصورة واضحة واولوها اهمية خاصة في كلامهم صلوات الله عليهم ، وقد عبر النبي (ص) واهل بيته (عليهم السلام) عن هذه الحركات والدعوات بلفظ الراية او الرايات فالمراد بالرواية هي الدعوة او الحركة وليس الراية بمفهومها الاولي فان الراية او العلم كما هو واضح ليس لها اهمية سواء رفعت او لم ترفع الا اذا كان هناك اتباع وحركة ودعوة تكون تلك الراية شعارهم ، ففي الرواية المتقدمة الواردة عن المفضل بن عمر عن الصادق (ع) :( ولترفعن اثنتا عشر راية مشتبهة لايدري اي من اي ..) انما يقصد الامام اثنا عشر دعوة وحركة تظهر وتكون مشتبهة بدعوة الحق الدعوة الى الامام المهدي(ع) ونصرته والا فلا معنى لها لكنها رايات بالمفهوم الاولي او الحقيقي للراية وهذا المعنى قد ذكره السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) في كتابه موسوعة الامام المهدي في الجزء الثالث صفحة (422) حيث قال ما هذا نصه : ( والمقصود من (راية الحق) : دعوة المهدي(ع) العامة المتمثلة بالاطروحة العادلة الكاملة ونشرها او رفعها اعلانها في العالم كما ان المقصود من لعنها الغضب عليها والاشمئزاز منها من قبل اهل المشرق والمغرب وهم اكثر سكان العالم ).
والذي يتضح من كلام السيد الشهيد الصدر (قدس) ان الراية هي الدعوة سواء كانت دعوة حقة ام دعوة باطلة . ان الذي يظهر من الاخبار المروية عن النبي واهل بيته صلوات الله عليهم هو ظهور الكثير من الرايات ((الدعوات)) في زمن ظهور دعوة الامام المهدي(ع) فهناك راية اليماني التي هي اهدى الرايات وراية الخراساني وراية السفياني وراية الاصهب وراية الابقع وراية لآل جعفر وراية لبني العباس والمعبر عنهم في بعض الروايات ببني فلان او آل مرداس كما ان هناك الرايات السود وهي على نحوين فرايات حقه تنصر الامام المهدي (ع) ورايات سود وهي رايات بني العباس التي تقبل من خراسان وهناك رايات صفر تظهر ايضاً وهناك رايات كثيرة غير ما ذكرنا ولكن اقتصرنا على اهم الرايات واخطرها .
فقهاء السوء شعراء عصر الظهور
من المعروف ان الانبياء لما بعثهم الله عز وجل لأقوامهم أيدهم بعلوم تتناسب والعلوم التي كانت سائدة في مجتمعاتهم ليقيم بذلك الحجة على الناس لكي لاتكون الحجة للناس على الله والرسل وليحيى من حيا عن بينة، فقد بعث الله موسى عليه السلام وايده بالعصا والايات الاخرى فكانت العصا تلقف ما كانوا يسحرون به اعين الناس فقد اشتهر في عصر موسى (ع) السحر عند الناس ، اما في عصر عيسى فقد اشتهر علم الطب حتى ان الاطباء كان لايصعب عليهم اي مرض ولايقف في شفاء أي مريض عائق في وجوههم فأيد الله نبيه عيسى عليه السلام بهذا العلم وزيادة فقد كان عيسى يحي الموتى بأذن الله عز وجل وهذا هو الذي قصم ظهر المكذبين لنبوته ولما جاء عصر الرسالة الخاتمة كان قد ازدهر عند العرب الادب والبلاغة والشعر فكان العرب يعرفون بالفصاحة فكانوا يعلقون قصائد شعرائهم على جدار الكعبة احتراماَ واجلالاَ منهم لاولئك الشعراء فاصبحن تلك القصائد تسمى المعلقات وكانت لهم اسواق يقيمون فيها منتدياتهم الادبية حيث كان الشعراء يقصدون تلك الاسواق لقراءة قصائدهم فأخذ فيهم الشعر مأخذاَ عظيماَ ولما بعث الله محمد (ص) ايده بالقرآن فكان القرآن معجزة الرسول الكريم(ص) من قبل الله عزوجل فقد عجز كبار الشعراء واعلمهم بهذا الفن ان يردوا عليه رغم تحديه لهم مراراَ وتكراراَ وهكذا هو الحال في كل عصر واوان حيث ان الايات ماتزال باقية يؤيد بها الله اولياءه وحججه على خلقه ولكن لما ختم الله النبوة بـ(محمد)(ص) ؟ وانزل معه القرآن ولم يعد هناك تنزيل جديد؟ ولما كانت الحاجة مستمرة للبشارة والانذار والهداية فانه لابد من تأيد من قبل المولى عز وجل لأئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم ولابد ان يكون ذلك التأييد بما يتناسب وعصر كل امام حيث تزدهر علوم وتندثر اخرى لذلك استمر القرآن الكريم مؤيداَ من الله للائمة الطاهرين وذلك بحسب التأويل حيث ان التنزيل انتهى بوفاة الرسول(ص) ولكن التأويل ياتي على مراحل الى الائمة عليهم السلام بما يناسب عصر كل امام ولما كان الامام المهدي عليه السلام هو وارث الانبياء عليهم السلام وهو خاتم الائمة والاوصياء صلوات الله وسلامه عليهم وهو الذي تكون له دعوة في اخر الزمان الى الاسلام الجديد كما ان دعوته كما ذكرنا سابقاً يكون لها شبه كبير بدعوة جده رسول الله ( ص) كان لا بد ان يلاقي كما لاقى رسول الله (ص) واشد من ذلك كما انه يعيش عصراً مشابهاً لعصر جده المصطفى (ص) من حيث ان دعوته عليه السلام تمر بنفس المراحل التي مرت بها دعوة النبي (ص) كما ان هناك شخصيات مهمة عاشت في زمن النبي (ص) وكان لها اثر ظاهر انذاك سلباً او ايجاباً ومن هذه الشخصيات او الفئات الشعراء الذين كان لهم اثر واضح في مواجهة دعوة النبي (ص) اذن فلا بد ان يكون لهذه الفئة حضور واضح في دعوة المهدي (ع) ولكن ذلك لا يكون بحسب التفسير الظاهر بل بحسب التأويل الباطن لأن دعوة الامام المهدي (ع) دعوة تأويلية فقد ورد في تفسير قوله تعالى (( يوم يأتي تأويله))
(( هل ينظرون الا تأويله يوم ياتي تأويله)) الاعراف53 فقد جاء في تفسير علي بن ابراهيم قوله (هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله) فهو من الايات التي تأويلها بعد تنزيلها قال : ذلك في قيام القائم(ع) ) تفسير نور الثقلين ج2 ص38.
وقد ذكر المولى تبارك وتعالى الشعراء في كتابه الكريم في قوله تعالى( ( والشعراء يتبعهم الغاون * الم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لايفعلون ))الشعراء 226-224. وجاء في تأويل هذه الاية المباركة عن الامام الصادق (ع) انه قال : (( والشعراء يتبعهم الغاوون الم تر انهم في كل وادِ يهيمون وانهم يقولون مالايفعلون ـ اية 224 ـ 225)) حيث قال في الرواية الواردة عنه عليه السلام في قول الله عزوجل (( والشعراء يتبعهم الغاوون)) فقال من رأيتم من الشعراء يتبع؟ انما عنى هؤلاء الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل فهم الشعراء الذين يتبعون وقد ورد ايضاَ عن الامام ابي جعفر الباقر(ع) في قول الله عزوجل (( يتبعهم الغاوون ))، قال هل رأيت شاعراَ يتبعه احد؟ انما هم قوم تفقهوا لغير الدين وضلوا واضلوا. وورد ايضاَ عن ابي عبدالله عليه السلام في نفس الاية الكريمة حيث قال:ـ هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم فضلوا واضلوا.
لقد انزل الله سبحانه وتعالى على نبيه القرآن وانزل هذه السورة المباركة سورة الشعراء وهذه الايات الكريمات وقد كان بحسب التنزيل والظاهر ان المقصود في الاية الكريمة الشعراء الذين ينشدون الشعر والذين كانوا سادة القوم في هذا العلم الذي اشتهر بينهم انذاك ولكن عندما جاء عصر الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام) وازدهر علم الفقة في ذلك العصر حتى قيل انه قد تتلمذ على يد الامام جعفر بن محمد عليه السلام اربعة الاف طالب فقه كانت هذه الاية بحسب التاويل الباطن تشير الى الفقهاء أي (( الشعراء)) حيث انه في زمن النبي محمد(ص) كانت الناس تتبع الشعراء وتفتخر بهم وتعتبرهم سادة القوم انذاك ولكن في زمن الامامين الباقر والصادق عليهما السلام والى يومنا هذا ازدهر وانتشر علم الفقه وكثر الفقهاء ولما كان القرآن بكل العصور والازمان وانه يتجدد ولا تفنى عجائبه ولما كان سادة القوم هم الفقهاء لا الشعراء الذين ينشدون الشعر بل الشعراء الذين تتبعهم الناس في اخذ احكامهم الشرعية منهم وترجع اليهم في كل صغيرة وكبيرة كان المقصود من الاية اؤلئك الفقهاء(( الشعراء)) الذين قال عنهم الصادق(ع) الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس وقال عنهم الباقر(ع) قوم تفقهوا لغير الدين فضلوا واضلوا.
والاتباع المقصود هنا هو الميل مع هؤلاء الفقهاء فيما ذهبوا اليه من أرائهم العقلية وفتاويهم ومبانيهم، والغاوون هم القريبين والمقربين من قبل هؤلاء الفقهاء(( الشعراء)) وهم تلامذتهم وحاشيتهم وبطائنهم وهم من يقوم بأغواء الاخرين وايقاعهم في شراك هؤلاء الفقهاء الشعراء حتى يكونوا اتباعاَ لهم وبالتالي يكونوا ايضاَ من الغاوين فقد قال الامام الصادق(ع) في قوله تعالى(( الم ترأنهم في كل وادٍ يهيمون)) قال يهيمون بأرائهم العقلية وهوى نفوسهم فتجدهم يتخبطون ويخرجون من واد ويقعون في اخر. واما قوله تعالى (( وانهم يقولون ما لايفعلون)) فأن هنا ثلاث مراحل:ـ
المرحلة الاولى: مرحلة الاعراض عن الحق وعن دعاته واهله وبألاخص الاعراض عن دعوة ونصرة القائم (عليه السلام) ومثلهم في هذه المرحلة وحقيقتهم الملكوتية كالحمير المتوحشة التي هجم فيها الاسد ففرت منه مذعورة خائفة فقد قال تعالى(( فما لهم عن التذكرة معرضين*كانهم حمر مستنفرة فرت من قسورة))(المدثر 49،50،51)والقسورة هو الاسد والسبع الضاري وهو تعبير مجازي عن الامام (عليه السلام).
المرحلة الثانية:مرحلة ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث تجدهم معتزلين عن الناس تاركين للمجتمع ان يتخبط في الظلمات والناس يظلم بعضهم بعضاَ وهم مع ذلك ساكتين يرون الحق لا يعمل به والباطل لايتناهى عنه واهل الحق ودعاته مقهورين مظلومين وهؤلاء الفقهاء العلماء ساكتين لا الى هذا ولا الى ذاك ومثلهم في هذه المرحلة كما قال تعالى في سورة الجمعة الاية (5)(( مثل الذين حملوا التوراةثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفاراً))..
المرحلة الثالثة: وهي اخطر المراحل واشدها وهي الوقوف بوجه الرسل والانبياء والاوصياء والاولياء ودعاة الحق وبالاخص الوقوف بوجه دعوة الامام المهدي (ع) وممهديه والدعاة اليه ومن ثم الوقوف بوجهه (عليه السلام) واعلان مناصبته والحرب عليه كما فعل بلعم بن باعوراء العالم الرباني والعارف الالهي والذي كان عنده اسم الله الاعظم عندما وقف بوجه موسى (ع) ورسالته بعد ان استماله فرعون وخدعه ابليس اللعين. وكما فعل علماء اليهود مع عيسى (عليه السلام) فقد وردت الروايات الكثيرة التي تؤكد على وقوف الكثير من الفقهاء والعلماء بوجه الامام المهدي (عليه السلام) ودعوته المباركه وهؤلاء مثلهم كما قال تعالى في كتابه الكريم (( كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث)).
فقد قال الامام الصادق (ع)(( ان الكلب انجس المخلوقات وان الناصب لنا لانجس من الكلب)) وهكذا ترى الفقهاء الشعراء يسحرون الناس بلفظهم وبيانهم وارائهم العقلية ومبتنياتهم الاصولية كما سحر سحرة فرعون الناس بسحرهم وكما ادهش الاطباء الناس في زمن عيسى(ع) بطبهم وكما هام الناس بالشعر والشعراء في زمن النبي الخاتم محمد(ص) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(( ان من البيان لسحرا)).واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
سياسة عقائدية
ألف يوم على الاحتلال الأمريكى للعراق
فى ذكرى مرور ألف يوم على الاحتلال الامريكى للعراق، من الضرورى بالطبع تأمل ما حدث.. ووضع تصور للمستقبل ايضا.. ذلك ان تداعيات الاحتلال الامريكى للعراق، ونجاح المقاومة العراقية سوف يكون لهما أثر كبير فى رسم خريطة المنطقة والعالم. بداية سنأخذ شهادة صحيفة الاندبندنت البريطانية التى كتبت تقريرا خطيرا عن الاحتلال الامريكى للعراق بمناسبة مرور ألف يوم على ذلك الاحتلال. وفقا للصحيفة المذكورة فإن الثمن الذى دفعته الولايات المتحدة الامريكية حتى الآن كان 204 مليار دولار، اما ما تكلفته الخزانة البريطانية فكان حوالى ما يزيد على 3.5 مليار جنيه استرليني!! ولو كانت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا تريدان حقا تحقيق عراق مزدهر وديمقراطى لانسحبتا بعد اسقاط النظام ودفعتا هذه الاموال لإعمار العراق، ولكن لإن هناك اجندة امريكية لتحقيق امبراطورية امريكية وهيمنة صهيونية فإنها تكبدت هذه الاموال التى كان يكفى اقل من 20% منها لاعمار العراق.. وفقا لتقديرات البنك الدولى فان العراق تحتاج الى 36 مليار دولار لتحقيق اعمار كامل ونهائي. تقول الاندبندنت ايضا: انه بعد ألف يوم من الاحتلال فان القتلى الامريكيين وفقا للاحصائيات الامريكية الرسمية ـ ناهيك عن الحقيقة ـ بلغ 2339 قتيلا، 16 الف جريح، و98 قتيلا بريطانيا ناهيك عن خسائر القوات الاخرى ـ البولندية ـ الاسترالية ـ البلغارية ـ الايطالية.. الخ. ووفق الصحيفة ذاتها فان 30 الف مدنى عراقى قد قتلوا بالاضافة الى عشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين. وان 80% من اطفال العراق يعانون من سوء التغذية، ويتسرب الكثير منهم من المدارس وان 67% من العراقيين يشعرون بأنهم اقل أمنا، وانه تم اختطاف 251 اجنبيا منذ بدء التحرير، وان خمسة مدنيين اجانب يختطفون شهريا، وان معدل التضخم بلغ 20% فى العراق فى عام 2005 وتتراوح البطالة بين 25 الى 40% وان 47% من العراقيين لايحصلون ابدا على امدادات كافية من الكهرباء وان 70% من العراقيين يعانون من سوء خدمات الصرف الصحي. وما لم تقله الصحيفة هو بدوره مروع: ـ عشرات المدن التى تم قصفهاوتدمير بيوتها ومرافقها مثل الفلوجة والرمادى والحديثة وبعقوبة.. وكل مدن المثلث السنى تقريبا، وتنظيم مذابح جماعية على يد القوات العراقية او الامريكية او هما معا. ـ عشرات الالوف من الاسرى والمعتقلين، بل وممارسة انواع شتى من التعذيب وانتهاك حقوق الانسان بعضها تم فضحه مثل ما حدث فى سجن ابى غريب على يد القوات الامريكية، او سجون وزارة الداخلية وفيلق بدر التابع للمجلس الاعلى جماعة الحكيم والتى افتضح منها ما حدث فى الجادرية وغيرها، وبديهى ان ما لم يتم فضحه وكشفه اكثر عشرات المرات مما تم كشفه، وهكذا فبعد الف يوم من الاحتلال، فان حقوق الانسان التى زعم الامريكان انهم جاءوا لتحقيقها هى اكبر ضحاياهم!! ـ لم يتم العثور على اى نوع من اسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، والتى كانت المبرر الرئيسى للعدوان حسب ادعاءات بوش ورامسفيلد ووزراء الخارجية ومندوبى امريكا فى الامم المتحدة، وهذا معناه ببساطة ان كبار مسئولى الادارة الامريكية كاذبون
من الاختلاف إلى الصراع:
الخطابات العربية والأميركية بعد 11 أيلول/ سبتمبر
أولاً: الخطاب الأميركي القديم والجديد
عام 1998 صدر بالإنجليزية والعربية كتاب فواز جرجس بعنوان: ((أميركا والإسلام السياسي: صراع الحضارات أم صراع المصالح))؟ كتاب جرجس يَقُصُّ القصةَ كلّها منذ الثورة الإسلامية في إيران، وإلى مقتل الرئيس السادات، والمشهد الأفغاني وصولاً إلى الخطاب غير المكتمل حول الإسلام السياسي لإدارة الرئيس كلينتون حوالي منتصف التسعينيات. ومع أن الكتاب صدر عام 1998 أي بعد تكوين أسامة بن لادن وأيمن الظواهري للجبهة العالمية لمجاهدة اليهود والصليبيين، فإن رأيَ جرجس لم يتغير: الصراعُ صراعُ مصالح وليس صراعَ ديانات، والإسلام ليس الخطر الأخضرَ الجديد بعد انقضاء الحرب الباردة. بيد أن فواز جرجس، كما لم يهتم كثيراً لتهديدات أسامة بن لادن، فكذلك لم يهتم لوجهة نظر هنتنغتون واليمين الأميركي الجديد حول ((صراع الحضارات)) والدور الجديد الذي أُعطي للإسلام في هذه المقولة المطروحة منذ العام 1993. والواقع أن هذا ليس خطأ فواز جرجس، ولا خطأ الدارسين الآخرين للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط. فقد جرت العادة ـ حتى من جانب سياسيين وواضعي سياساتٍ كبار مثل هنري كيسنجر على اعتبار أن الهدف الرئيسي للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط بالذات ينبغي أن يبقى: الاستقرار الذي يحفظ المصالح الكبرى، والتعامل مع سائر الأطراف بطريقة تحفظ تلك المصالح التي تتركز حول أربعة أمور: النفط، وأمن إسرائيل، والممرات الاستراتيجية، والحدود. والجديد الجديد في سياسة الإدارة الأميركية بعد انتخاب الرئيس جورج بوش الابن ـ وهو ما لم يكن بوسُع أحد من الدارسين أو الاستراتيجيين التنبؤ به ـ أن الإدارة الحالية لا تربطُ سياساتها بحفظ المصالح بل بالمبادئ ثم إنها لا تربط المصالح المبدئية باعتبارات أخرى أياً كانت كالاستقرار وغيره. وهذا الرأي هو رأي غراهام فوللر، أحد كبار موظفي وكالة المخابرات المركزية الأميركية سابقاً، وصار الآن رأي أكثر المراقبين الموضوعيين بعد التعرف الدقيق على المحافظين الجدد، وانكشاف دورهم الفائق الأهمية في السياسة الخارجية الأميركية. بيد أنّ الأمر الآخر والأهمّ لاتصاله بموضوع هذه المداخلة مباشرةً، هو الفصل لدى سائر الدارسين والاستراتيجيين بين العقائد والأطروحات الثقافية الشاملة من جهة، والسياسات من جهة ثانية. فمجيء رونالد ريغن للسلطة عنى صعوداً لليمين الجديد الديني والثقافي السياسي، لكن أحداً ما ربط السياسات العملية لإدارته أو إدارة بوش الأب بجيري فولويل أو روبرتسون أو بيرل وولفويتز وعجمي وبرنارد لويس، وسائر أقطاب اليمين الديني والثقافي، بسبب الفكرة السائدة القائلة بأن السياسات تخضع في النهاية لاعتبارات براغماتية وعملية تعدل أو تخفف كثيراً من النزعات العقدية الكامنة وراءها. وقد اختلف الأمر من هذه الناحية أيضاً في عهد إدارة بوش الابن. فاليمين الديني والثقافي أو العقائدي هو في الإدارة، أي في السلطة الآن، وليس فقط وراءها أو يمارس ضغوطاً عليها تختلف تأثيراتها من حالة لحالة. وهذا الرأي هو رأي بول كروغمان، أستاذ الاقتصاد السياسي المعروف، في عشرات المقالات التي ما يزال ينشرها بصحيفة نيويورك تايمز. كما أن هذا هو رأي جوزف ستغلتز ـ الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد ـ في كتابين صدرا له ثانيهما قبل ثلاثة أشهر. يقول كروغمان إن في أميركا وأوروبا على حد سواء فئات غاضبة ليس لأسباب اقتصادية، بل لاعتبارات ثقافية وأخلاقية تتصل بصورتها عن العالم المثالي، الذي تعتبر أنه كان سائداً حتى منتصف القرن العشرين في الغرب كله. وهناك مشتركات بين هذه الفئات الغاضبة في أوروبا وأميركا في صورتها عن العالم التقليدي، وصورتها عن العالم الحالي الفاسد، وطرائق إصلاحه. والمشترك الآخر أنها أقليات ليست منظمة بالطرائق الحزبية المتعارف عليها، لكن بينها تناغماً عميقاً وسط الأخطار التي تعتقد أنها تتهدد عالمها، والتي أوشكت أن تسيطر عليه وتلغيه كلياً. لكن الفارق الرئيسي بين اليمين الأوروبي مثل Le Pen والأميركي أن الأول الأوروبي هو خارج السياق العام، ولن يستطيع الوصولَ للسلطة مهما جمع من ناخبين. أما اليمين الأميركي فقد صار جزءاً من الـ Main Stream أو التيار الرئيسي وهو الآن في السلطة، وتشمل الفئة الأولى منه ذات الشعبية العريضة مختلف فئات الإنجيليين الجدد، والمولودين ثانية ـ والأخرى النخبوية أولئك الذين يُعرفون باسم المحافظين الجدد. هناك رأيان إذن في الخطاب والممارسات الأميركية الحالية في منطقتنا وفي العالم. الرأي الأول يقول إنه خطاب اليمين وممارساته منذ أواسط الثمانينيات. والرأي الآخر يقول إنه كان جزءاً من السلطة فعلاً منذ أيام ريغن، لكنه الآن وبعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر يملك الجزء الرئيسي من القرار تجاه منطقتنا على الأقل. لكن أياً يكن تاريخ وصوله أو مشاركته في صنع القرار تجاه العالمين العربي والإسلامي، سأحاول بإيجاز قراءةَ وقائع الخطاب بعد 11 أيلول/ سبتمبر تبعاً لوروده في وسائل الإعلام، والاستشهادات، والجدالات. بعد 11 أيلول/ سبتمبر تتكرر عند الحديث عن الإسلام والعرب عدة أسماء مع ذكر أطروحاتها وهي بالتحديد: هنتنغتون وبرنارد لويس وغلنر، وبدرجة أقل جوديت ميللر وبسام طيبي وفؤاد عجمي ومارتن كريمر ودانييل بايبس وستيفن أيمرسون وباري روبن. والملاحظ أنه فيما عدا برنارد لويس ومارتن كريمر ـ وهما مستشرقان بالمعنى المتعارف عليه للاستشراق ـ ، فإن الآخرين (باستثناء غلنر) هم من أساتذة دراسات الشرق الأوسط، أو العلوم السياسية. أما غلنر، المتوفى قبل سنين قليلة، فهو أنتروبولوجي مشهور له دراسات عن مصر والمغرب وطبائع الإسلام والشرق الأوسط. ووجهة نظره أن الإسلام يملك جوهراً ثابتاً تتوالى عيه الدهور فيتغير المظهر دون الجوهر. ومعنى ذلك أن الأصولية أصيلة فيه، وفي ظروف الأزمات تعود للظهور والسواد باعتبارها الجزء الأصيل من ماهيته. بيد أن برنارد لويس هو الذي يتكرر ظهوره أكثر في وسائل الإعلام، كما أن آراءه أكثر وروداً في سائر المناسبات، بما في ذلك كتابات هنتنغتون. ومقاربته للإسلام بعكس مقاربة غلنر من الناحية المنهجية. فهو يتبع المنهج التاريخاني المعروف عن الاستشراق التقليدي. بيد أنه ينتهي لنفس النتيجة. فللإسلام عبر تاريخه عنده آليات وميكانيزمات صارت معروفة. وقد ظهرت إبان حقب المجد والقوة. وقد عانى المسلمون من تراجع وهزائم طوال أكثر من قرنين. ثم عجزوا عن دخول الحداثة باستثناءات قليلة (تركيا مثلاً). ولهذا يتنازعهم شعوران: الإعجاب بالغرب، والحقد عليه بسبب تقدمه وتخلفهم. ولذلك فإن الأصولية الحالية المعادية للغرب وللولايات المتحدة بالذات هي جزء من حالة الغضب والخيبة والاستعصاء على تقبل قيم الحداثة والديمقراطية. وعلى برنارد لويس اعتمد هنتنغتون في رؤيته للإسلام، باعتباره المواجه الرئيسي اليوم للحضارة الغربية. بعد هؤلاء الثلاثة يأتي السبعة الآخرون الذي ذكرتهم. وأولئك يتراوحون في تعليل الخصومة العربية والإسلامية مع أميركا بين لويس وغلنر، ويزاوجون بينهما أحياناً في التعليل. ولهؤلاء جميعاً تاريخ مع دراسة العرب والمسلمين قبل 11 أيلول/ سبتمبر، لكنهم صاروا مراجع معتمدة بعدها. ولا يعني هذا أنه ليس هناك آخرون ممن يحاولون تعديل الصورة بعض الشيء. والتعديليون أو المعتدلون هم الذين هاجمهم مارتن كريمر في كتيب صدر قبل عامين بعنوان: ((برج عاجي على رمال فشل الدراسات الشرق أوسطية في أميركا)). وقد ذكر في ذاك الكتيب الإداني كلاً من ريتشارد بوليت (من جامعة كولومبيا) وأسبوزيتو (من جامعة جورجتاون)، وإدوارد سعيد (من كولومبيا أيضاً). بيد أن الخط الذي يتبعه أمثال بوليت وأسبوزيتو وكارين أرمسترونغ بعد 11 أيلول/ سبتمبر تعدل بعض الشيء أيضاً. كانوا يقولون إن الإسلام دين عالمي عظيم، وحضارة كبرى. أما الآن فيقولون إن الإسلام ممتاز، لكن المسلمين قسمان: معتدلون ومتطرفون. وقد اختطف المتطرفون الإسلامَ، وعلى المعتدلين استعادته. وهذا الخط أو هذه الفكرة هي التي عبر عنها المفكرون الأميركيون الستون في رسالتهم إلى المسلمين في 12 شباط/ فبراير 2002 عندما دعوا المسلمين المعتدلين لمشاركتهم في الحرب على المتطرفين المسلمين، إنقاذاً للإسلام، ولأنفسهم، وللقيم الحضارية والإنسانية.
ثانياً: الخطاب الإسلامي القديم والجديد
على مشارف النصف الثاني من القرن العشرين، كانت ثلاثة تيارات تشغل فضاء التفكير في البلاد العربية على الخصوص، بعد أن نضجت وتمايزت خلال العقود الخمسة الأولى من القرن المنقضي. تيار التقليد الإسلامي، إسلام المذهب التاريخية، والطرق الصوفية، والتجربة العريقة والمتفاوتة مع الدولة أو الدول السلطانية والوطنية. وتيار الإصلاح والتجديد الذي حمل مشروعاً للتغيير والتقدم باستلهام روح الإسلام، والتطلع للنموذج الغربي. وتيار الإحياء الإسلامي الطهوري، الذي حكمته إشكالية حفظ الهوية وتطهيرها من خرافية التقاليد، ورجس الغرب. وعلى الرغم من اختلاف النموذج المرجعي، والأهداف بين الإصلاحيين والإحيائيين، فقد اشتركوا في الهجوم على التقليد الذي اعتبروه متخلفاً وأسطورياً وممالئاً للسلطات على أنواعها. ومع نشوب الحرب الباردة العربية (1958 ـ 1968) ـ حسب تعبير مالكولم كير ـ على هامش الحرب الباردة بين الجبارين ازدادت راديكالية التنويريين والإحيائيين على حد سواء، فتصادم الفرقان على أرض التقليد الذي تضاءلت قدراته الثقافية وما وجدت نخبه غير السلطات ملجأ، في حين تحطم الإصلاحيون لانفجار التنوير يساراً أو يميناً. وما بقي في الميدان، وفي عيون الجمهور وبعض أطراف الحرب الباردة غير الإحيائيين، الذين تعملقت في أدبياتهم الخصوصيات العقائدية والثقافية الصدامية، الجاذبة لفئات من الشباب من جهة، والمعينة على التوظيف والاستنصار والتحشيد من جانب آخر. خاض الإحيائيون الإسلاميون الحرب الباردة بخلفية ثقافية تعتمد القطائع والولاء والبراء والخصوصيات المؤولة تأويلاً تنابذياً. وما بدا ضعف تلك الأطروحات آنذاك لأن الحرب الباردة كانت حاميةً وغلبت فيها قعقعة السلاح التي تتطلب روحاً نضالياً، وليس أفقاً ثقافياً أو سياسياً مفتوحاً. لكن الحرب كانت محسومة النتائج. فحلفاؤهم في الصراع الداخلي في بلدان الوطن العربي، كانوا أعداءهم في المجال العالمي، وفي الصراع الثقافي. وفاجأهم الغرب بعد انتهاء الحرب الباردة بالعداء السياسي والثقافي فترددوا بين القول بحوارية الإسلام أو الحضارة الإسلامية، ونضالية أو جهادية المسلمين. وما كان يمكن للحوار الحضاري أن يسود أياً يكن الرأي في صحة مفهومه، إذ إن الإحيائيين كانوا يملكون ميراثاً من العداء للغرب والتغريب والغزو الثقافي يمتد على مساحة أكثر من خمسين عاماً. ثم حسم الأميركيون أمرهم حوالي العام 1995 بالاتجاه لمناضلتهم، فتوقف أكثر الحديث عن حوارية الإسلام في مواجهة صدام الحضارات، ليقول الفريق الأكثر راديكاليةً من بينهم بالجبهة العالمية ضد اليهود والصليبيين ثم بالفسطاطين.
ثالثاً: الأصول والنتائج
يقول الأنثروبولوجي الأميركي D.Redfield إن الدارسين الأميركيين سواء أكانوا من المؤرخين أو من أساتذة العلوم السياسية يميلون لتعليل الظواهر تعليلاً ثقافياً. وهو يرجع ذلك إلى الأصول الدينية والإثنية والذهنية للرواد الأوائل، والارتباط البالغ التعقيد بالدولة الأميركية الأولى من جهة، أي التنظيم السياسي الفضفاض، وعلاقة الدولة وجماعاتها بالآخر أو الآخرين. فقد كان الرواد الأوائل، أو كانت نخبة منهم ذات توجهات دينية متشددة، واعتبرت أرض هجرتها: صهيون الجديدة. وقد اعتبرت نفسها صاحبة رسالة تجاه أرض النبوة البكر هذه، وتجاه العالم فيما بعد. وما تزعزع هذا الوعي التبشيري حتى بعد نشوب الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. وعندما ازدادت الدولة الفيدرالية قوةً بعد تلك الحرب، حملت معها تلك الموروثات الثقافية باعتبارها رموزاً وثوابت في رؤيتها الاستراتيجية للخارج الصديق والعدو. كتب ردفيلد دراسته هذه، في ظل حرب فيتنام. وقد تعرضت وقتها لانتقادات من عدة جهات. فكان هناك مَن قال إن مفتاح فهم علاقة الإمبراطوريات بالخارج هو الدولة نفسها، أي البنية السياسية، وليس الثقافة، في عصور ما قبل عصر القوميات. وهي تميل إلى استلحاق الخارج أو استيعابه، بينما تحولت الدولة في عصر القوميات إلى نابذ وطارد أو مهمش وفي الداخل والخارج. وحسب وجهة النظر هذه، فإن الدولة القومية الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية احتفظت ببعض السمات الإمبراطورية في مجال السعي لتوحيد السوق، والهيمنة السياسية، بينما اتخذت سمات قوميةً ذات طبيعة ثقافية إلى حد ما في مجالات الاندماج الداخلي، وأنماط العيش، والتفكير. لكن، أياً تكن صحة مقاربة ردفيلد أو معقولية توجهات نقادها، فإن الذي يمكن قوله إن أطروحتي فوكوياما عن ((نهاية التاريخ))، وهنتنغتون عن ((صراع الحضارات)) أو صدامها، هما أطروحتان تعتمدان التأصيل الثقافي، وإن تكن أهدافهما سياسيةً واستراتيجية. بالنسبة لهما كانت الحرب الباردة تجربةً هائلة الآثار. فانتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة ما غير العالم وحسب، بل غير الولايات المتحدة والغرب أيضاً. فوكوياما ذو الأصول الآسيوسية، رأى أن انتهاء الحرب الباردة يعني اتجاهاً غلاباً للتوحد على المستوى العالمي، وفي ظلّ القيم الليبرالية ذات النزعة الإنسانية الشاسعة. فالنموذج الأميركي (والأوروبي) الذي انتصر في الحرب الباردة، هو نموذج العالم كله. وجيوب المقاومة الباقية قليلة وضئيلة التأثير. أما صمويل هنتنغتون، اليمني الوُسبي، فقد رأى في الصراع مع الاتحاد السوفياتي، صراعاً داخل الثقافة الغربية بمعنىً من المعاني، ولذلك اتخذ سمات سياسيةً واقتصاديةً وأيديولوجية وعسكرية. أما الآن، وقد انتهى الصراع الغربي/ الغربي، فإن النزاعات تعود لطبيعها الأصلية بما هي صراعات بين مجالات حضارية أو بين حضارات وثقافات. لكنه بعد هذه المقدمة الثقافوية عاد لاقتراح سياسات استراتيجية إذا صح التعبير، حسب قُرب الثقافات الأخرى أو بُعدها مما اعتبره ثقافة غربية ـ وهنا رأى أن هناك تحديين ثقافيين استراتيجيين للغرب: المتحد الثقافي أو الحضاري الكونفوشيوسي/ البوذي، والمتحد الثقافي الإسلامي. وقد رجح إمكانَ التلاؤم أو المُسالمة مع المتحد الأول، والتصارع أو الصدام مع الثاني، الذي رأى أنه يملك تخوماً دموية. وهنا هبّت العاصفةُ التي لم تهدأ بعد، لدى المسلمين، والعرب على الخصوص، والذين كانوا يخرجون لتوهم من تحت رما لعاصفة الصحراء، ووطأة دماء أطفال الحجارة، ليدخلوا في مفاوضات مدريد، والحروب الأهلية وغير الأهلية في الجزائر وأفغانستان والبوسنة والشيشان وكوسوفو. حلفُ الإطلسي الذي انتصر في الحرب الباردة، اعتبر يمينيوه الانتصار ثقافياً وحضارياً إضافةً للمكاسب السياسية والاقتصادية. والعرب المجردون من كل شيء رأوا أن عيهم خوض المعركة الفاصلة في الثقافة والدين بعد أن تجاوز العدوان عليهم كل حد. كانت الهجمة في الحقيقة عسكرية وسياسية واقتصادية، لكنهم اندفعوا للرد ثقافياً للعجز في المجالات الأخرى، ولأنهم اعتبروا أنهم أقوى هنا منهم هناك وهنالك. في ندوة بالمعهد الألماني للأبحاث الشرقية ببيروت، منتصف شهر آذار/ مارس 2002، شارك فيها رؤساء معاهد بحثية غربية في البلاد العربية، طرح السؤال التالي: كيف ينمكن للباحثين الغربيين، وللمؤسسات العلمية الغربية، الإسهامُ في حوار الثقافات، أو في التواصل بين الغرب والإسلام؟ وتباينت وجهات النظر في جدوى السؤال، ثم في ملاءمته. والواقع أن سؤال الحوار هو مثل سؤال الصراع بين الثقافات والحضارات. فالثقافات لا تتحاور ولا تتصارع، وإنما يتصارع الأفراد أو يتحاورون، وتتصارع الدول أو تتواصل. إن الثقافات ليست عناصر فاعلةً في الأحداث، وإنما تحضر وتؤثر وتتأثر في المديات الطويلة. نستطيع أن ندرس العلاقات بين الحضارات الصينية والأوروبية والإسلامية في العصور الوسطى مثلاً فنصل إلى ترجيح طابع لها خلال حقبة معينة، أما أن نبحث في هذا الحدث أو ذاك عن العنصر الثقافي، فيبدو أمراً عسيراً أو مستعصياً. فالمشكلات بيننا وبين الولايات المتحدة مثلاً هي مشكلات سياسية واقتصادية واستراتيجية، وليست مشكلات ثقافية. وأسامة بن لادن نفسه الذي تحدث عن الجبهة العالمية، وعن الفسطاطين للإيمان والكفر، عاد فذكر سببين لهجومه على الولايات المتحدة، كلاهما سياسي: تعطيل القرارات الدولية، والعدوان على الشعبين الفلسطيني والعراقي. وإذا كان هنتنغتون، المنتمي إلى اليمين الجديد الصراعي، يتحدث عن صدام حضاري، استناداً إلى كتابات برنارد لويس وكريمر وغيرهما عن الإسلام، فإن هناك أميركيين كثيرين لا يرون الرأي نفسه. أما نحن فإننا لا نستطيع القول بالصراع أو بالانفصال أو بالتجدد الذاتي اليوم، ذلك أن الثقافة الغربية هي ثقافة العالم المعاصر، والمشكلة معها مشكلة مع العالم والعصر، وخروج من التاريخ ومن الحاضر. وهناك مشكلات كبيرة وكثيرة مع الأميركيين وغيرهم، لكنها مشكلات لا تحل إلا بالسياسة، ومن ضمن التحافات والتوازنات والمشاركة الجدية. والقول إنها مشكلات ثقافية يعني أنها ليست قابلة للحلّ. كما يعني أن الثقافة الأقوى هي التي تسود وستظل سائدة. بعد الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 ازدادت المقاربات السلبية للعرب والإسلام من جانب النخب الثقافية والسياسية الأميركية والأوروبية، ومن منطلقات ثقافية. واستخدم الاستشراقان الأنثروبولوجي والتاريخاني، واللذان سادا في العقود الثلاثة الأخيرة، بكثافة. والأسماء المشاركة كلها معروفة من قبل، بيد أن الجديد فيها ثلاثة أمور: استخدام السياسيين والاستراتيجيين للاستشراق الجديد هذا كما فعل هنتنغتون من قبل، وشيوع الأطروحات الاستشراقية الأصالية في وسائل الإعلام، وتبني بعض تلك الأفكار من جانب الإدارة الأميركية وبعض الأوروبيين في خطابهم أو خطاباتهم للعرب والمسلمين. بالنسبة للاستشراق التاريخاني والأنثروبولوجي استخدم ـ كما سبق القول ـ كل من برنارد لويس وغلنر بكثافة. وبرنارد لويس وصل بعد خمسين سنةً من الكتابة في التاريخ والفكر الإسلامي إلى أن التجربة الإسلامية كانت مخيبةً للآمال باستثناء العثمانيين، الذين أحسن مصطفى كمال صنعاً على أي احل بإنهائهم، وفشل العرب لأنهم لم يكونوا حاسمين في القطع مع الإسلام. وغلنر ـ كما نعرف ـ يرى أن الإسلام يملك أصلاً أوج وهراً ثابتاً، وعلى هذا الأساس فسر ظهور السلفية الطهورية في الجزائر في وقت مبكر. أما وسائل الإعلام فقد لجأت في أحاديثها عن طبائع الإسلام، وأصول فكر ابن لادن إلى الاستشراق الجديد في العقود الثلاثة الأخيرة، فلم يعد غريباً أن تنشر صحيفة يومية أميركية أو إسرائيلية مقالةً في نقد القرآن، وأنه يتضمن نصوصاً تفرض على المؤمنين به معاداة كل الآخرين، أو أن المسلمين هم بين التقليدية والأصولية، ولا مخرج لهم للحداثة إلا بالخروج من الإسلام كله. وقد تبنت الإدارة الأميركية الأفكار التي عرضها توماس فريدمان أخذاً عن برنارد لويس وفؤاد عجمي وبسام طيبي في ضرورة تحديث برامج المدارس الدينية الإسلامية حتى لا تظل تُخرّج أصوليين. وما سُرَّ فريدمان ولا مارتن كريمر بفكرة رئيس الوزراء البريطاني المستمدة من كارين أرمسترونغ حول العودة لإسلام الـ Main Stream أو إسلام الاتجاه الرئيسي، وهو يعني به الإسلام التقليدي المعتدل. فهم يرون ـ كما يرى غلنر ـ أن الأصولية تقع في قلب وجوهر هذا الإسلام، الذي لابد من التخلص منه كله وإن تحت مصطلحات أخرى. فأين تلوح إذن معابرُ التغيير؟ بدأت الأجواء تهدأ في الوسط الأكاديمي الأميركي، لكن المقاربات الثقافية ما تزال غالبة. وهي تدور على محورين: محور إثبات أن العلة في بعض المسلمين لا في الإسلام، ومحور البرهنة على أن غالبية المسلمين (وبخاصة في المدى الآسيوي) هم من المعتدلين. وفي الوقت نفسه مطالبة العرب والمسلمين بالتحدث إلى الأميركيين عن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وإدانة ذلك بما لا يدع مجالاً للشك. أما في المجال العربي فما حدث بحث عميق في ظاهرة الأصولية في مجالنا الثقافي والسياسي. وما تزال مواريث حرب الخليج الثانية قويةً، وأُضيف إليها الغزو الأميركي المدمر للعراق في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل من العام 2003، وقد أحدثت الحربان تحالفاً من نوع ما بين الإحيائيين الساخطين على الغرب كله منذ أكثر من خمسين عاماً، واليساريين الساخطين على العولمة التي يعتبرونها هيمنةً أميركية. بيد أن هناك أوساطاً عربيةً سياسيةً وثقافيةً تدعو للحديث مع الأميركيين والأوروبيين في المسائل السياسية والاقتصادية كما يفعل العالم كله، واعتماد التواصل والحوار في سائر المسائل لتحديد المشكلات الحقيقية والتشاور بشأنها. والواقع أن الواعد كمن في هذه الناحية بالذات: ناحية الخروج من الثقافوية العقائدية، والدخول في حوار حول القضايا الحقيقية التي ترتكز سياسياً على المصالح، وثقافياً على النسبية والتعددية والحرية، والقيم العالمية المعاصرة، بعيداً عن التمثيلية الثقافية، والمسؤولية الجماعية، والعقيدة السياسية أو الأيديولوجية التي تريد أن تفرض نفسها على عقيدة أخرى. والطريفُ هنا أنه في حين يصر برنارد لويس وفريدمان على ضرورات الإصلاح الثقافي الإسلامي، فإن هنتنغتون وهنري كيسنجر يريان الحل بعد 11 أيلول/ سبتمبر في الحوار السياسي والاقتصادي. يقول الفيلسوف النمساوي غادامر ـ الذي توفي قبل ثلاث سنوات عن عمر ناهز المائة عام ـ رداً على دلتاي، صاحب النظرية المعروفة حول ((رؤية العالم)): ((صحيح أن الوعي يملك مقومات ثقافية بارزة. لكن التغيير لا يتم في الوعي، بل في الواقع، وهو سياسي واجتماعي وفردي)). بيد أن الأمر ((يتوقف في النهاية ـ كما يقول غادامر أيضاً ـ على مفهومنا للثقافة والوعي)). تشكل الثقافات إذن مجموعةً أو منظومةً من الأعراف والنصوص والتقاليد والرموز المتسمة بثبات نسبي. بيد أن ردات الفعل على الأحداث والوقائع، والقرارات المتخذة نتيجةً لذلك تتم في الوعي، وليس في الثقافة، التي لا تتحول عنصراً فاعلاً وواعياً إلا في المديات الطويلة. ويستنثي غادامر من ذلك أزمنة الزلازل، التي تزعزع اليقينيات، فتغلب الثقافة في نطاق الوعي، وتسيطر الرموز، مما يزيد من تأزم الموقف داخل ثقافة أو مجال ثقافي معين، ومن نتائج التوتر الداخلي الشديد تأزم العلاقة مع الخارج، أو أن ذلك يحدث متساوقاً داخل المجتمعات وفيما بينها ـ وفي ظروف وأزمنة الزلازل تلك يتراجع الوعي بالمصالح لصالح الثقافة، ثقافة الهوية غالباً، فيبدو أنه لا مخرج من الأزمة أو المأزق غلا بالصدام مع الخصم الحقيقي أو الموهوم. فالأزمة الحالية على الرغم من السياقات العالمية، هي أزمة داخل الوعي والمجال الثقافي العربي الإسلامي. والمخرج منها تغيير في الواقع نتيجة العودة لمعالجة المشكلات الحقيقية مع العالم، وبطريق الحوار والمشاركة الفاعلة والمقتدرة. فحل المشكلة الفلسطينية يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً. بل إن الخروج من العراق، أو حصول كاتب أو شاعر عربي على جائزة نوبل يمكن أن يكون فارقاً، وعلامةً لبدء تغلب الوعي بالمصالح على الرموز. وينبهنا أميركيون إلى عدم الاستخفاف بآثار نجاح بعض جالياتنا على تغير الواقع في وعينا وإن بالتدريج. هذه هي معابر التغيير أو إمكانياته أو احتمالاته، وهي متواضعة كما نرى، لكنها ممكنة بسبب ذلك، وبغيره. لقد كانت أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر ضربةً كبرى لنا أمام العالم وأمام أنفسنا. ولقد حركت صوراً نمطيةً كثيرة، كما حركت لدينا أيضاً ردود فعل نمطية إذا صح التعبير. بيد أن تغير الواقع ممكن ومتاح رغم الحيرة والأسى والتردد، وعدم وضوح الطريق حتى الآن:
فيا دارَها بالخَيف إنّ مزارَها
قريبٌ، ولكن دون ذلك أهوالُ
بحوث مستلة
الانقلاب الكوني
بين يدينا ثلاث قضايا ، يتلو بعضها بعضا
القضية الاولى: الانقلاب الكوني الشامل الذي يشير إليه القرآن في أكثر من موقع:
يقول تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدّلنهم من بعد خوفهم أمنا).
ويقول تعالى : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) . القصص 5 - 6.
ويقول تعالى : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون).
ويتم هذا الانقلاب عندما يتحكم المستكبرون في حياة الناس ويستضعفون عباد الله ويسلبون الناس قيمهم وعقولهم وضمائرهم ويشيعون الفساد في حياتهم ، وتصل البشرية إلى طريق مسدود ، عندئذ تتدخل الإرادة الإلهية ، وتحوّل القوة والسلطان من أيدي الظالمين المستكبرين إلى أيدي الصالحين المستضعفين.
وقد تكرر هذا الانقلاب الكوني في التاريخ ، ومن ذلك ما حدث في تاريخ بني إسرائيل عندما استكبر فرعون وأفسد في الأرض.
يقول تعالى : ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم انه كان من المفسدين). وهذه هي الحتمية الاولى ، وهي انقلاب القوة من المستكبرين الظالمين إلى المستضعفين الصالحين ، وهو انقلاب شامل في القيم والمواقع والقوة والسيادة ، وهي سنة من سنن الله الحتمية.
القضية الثانية: إن الذي يقود هذا الانقلاب الكوني الشامل ، هو المهدي من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وقدر وردت في ذلك روايات صحيحة بلغت حدّ التواتر.
وهذه هي القضية الثانية التي يقرّرها الحديث النبوي ، ويتفق عليها المسلمون .كما كانت القضية الاولى حكم القرآن الشريف وليس في هذا شك ولا ذاك . وقد بلغت أحاديث المهدي عجل الله فرجه الشريف حدّاً لا مكان للتشكيك فيه ، ولسنا نريد أن ندخل هذا البحث ولا البحث السابق عليه.
القضية الثالثة: أن المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف الذي اخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي عليهم السلام ، ولد سنة 255 هـ . بسامراء ، ثم غيّبه الله تعالى ، وهو الذي يرسله الله حيث يشاء لإنقاذ الناس من الظلم ، وإزالة الشرك من على وجه الأرض ، وتقرير التوحيد وعبودية الإنسان لله ، وتحكيم شريعة الله وحدوده في حياة الناس . وهو الذي يقود هذا الانقلاب الكوني الشامل الواسع ، في انتقال القوة من الطبقة المترفة المستكبرة الفاسدة إلى الطبقة الصالحة المستضعفة ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
وقد تواترت الرواية عن أهل البيت عليهم السلام بان المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف الذي بشّر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هو ابن الحسن العسكري ، والثاني عشر من أهل البيت عليهم السلام.
الثقافة الإسلامية بين الأصالة والانبهار
من الصحيح أن يتحّدث الإنسان عن معالم متميزة للصحوة الإسلامية في بلاد الغرب وأمريكا، فقد استطاع المهاجرون ان يدفعوا بقضيتهم الإسلامية إلى مواقع متقدمة وأن يعرفوا بالاسلام في دائرة واسعة، وقد انضم الى الصف الاسلامي الكثير من أبناء هذه البلدان وتحمسوا لعقيدتهم بدرجة كبيرة، ولقد أصبحت الحالة الإسلامية مألوفة في كثير من هذه المناطق، بعد أن كانت ظاهرة تدعو إلى النفور والاستغراب. ومن الممكن أيضا ان نذكر بعض حالات التعقل لدى البعض من الباحثين والمفكرين الغربيين الذين بدأوا يدرسون الظاهرة الإسلامية بأساليب منصفة على العكس مما كانت عليه حال أوروبا في عصر الاستشراق وهي الحال التي اضطلعت بمهمة النيل من الإسلام والمسلمين وتشويه صورته المشرقة وتوهين مفاهيمه بطريقة فضة. كل تلك المظاهر امور معروفة تحققت بفضل الوعي الاسلامي في بعض اوساط المهاجرين لكن النظرة العلمية تدعو أيضاً إلى رصد المظاهر السلبية التي نشأت لدى البعض بسبب البيئة الجديدة التي انفتح عليها المهاجرون. فالشرائح المسلمة التي دفعتها الظروف إلى مختلف السوح الغربية تواجه ظرفاً جديداً مغايراً لما تحمله من أفكار ومفاهيم وعادات وتقاليد، ويمكن القول ان الثقافة الإسلامية والمتمثلة بكل المظاهر التي أكدتها الشريعة الإسلامية هي غير الثقافة الغربية وتفترق معها من أول الطريق بسبب تباين المنهجين في التفكير، ومن الطبيعي أن يكون لهذا التباين استحقاقه المعين. وقد تكون ضريبة الاستحقاق تلك عالية جدا حين يغيب الموقف الاسلامي ويتلبد الوعي وعندها تبرز ظاهرة الانبهار بالثقافة الغربية بسبب انعدام الرؤية الصحيحة واختلاط المقاييس فتنعكس اعراض الانبهار على المظاهر الفكرية والسلوكية وعندها يصعب تمييز هذه الشريحة عن المجتمع الأوروبي وقد يشطح البعض بعادات الغرب وتقاليده بدرجة أكبر مما عليه الغربيون أنفسهم. ولعل مرد هذه الظاهرة يعود للأسباب والحيثيات التالية:
1ـ تدني حالة الالتزام لدى هذا النمط من الناس بالفكر والسلوك الاسلامي بسبب أخذهم الإسلام بالطريقة التقليدية، وفي هذه الحال يستجيب هؤلاء بسهولة لشتى المؤثرات خصوصا إذا كان المؤثر «أجنبي»، وهذه عقدة متفشية في أوساط مثل تلك الشرائح الاجتماعية.
2ـ عقد مقارنة بين المظاهر المادية والنظم الادارية والقانونية في الغرب وبين الوضع المرتبك والمتناقض الذي تعيشه بلداننا المسلمة وتحميل الواقع الاسلامي ذلك التخلف وكأنه نتيجة للحالة الإسلامية دون وعي الأسباب الاساسية التي أنتجت مثل هذا التفاوت الكبير.
3ـ انخراط الأعم الأغلب من هذه الشرائح في المؤسسات الغربية وهذه بطبيعتها تمارس دور الهيمنة والتسلط على مشاعر وأفكار المنتسبين لها الامر الذي يؤدي إلى حجب الرؤية والنفوذ إلى خارجها وكأنها نهاية المطاف في العالم.
4ـ تأثير الحملة الاعلامية الظالمة التي تمارسها الدوائر المختصة ولتي تهدف إلى تشويه المعالم الإسلامية واتهام الفكر الاسلامي بطريقة مدروسة هادفة، وإذا ما صادف هذا التوجه خواءاً فكرياً واستعداداً نفسياً فان تأثيره يتسع باستمرار ويؤدي إلى غسيل كامل للدماغ.
5ـ غياب المؤسسة الإسلامية القائمة على أسس علمية لتحصين الفرد المسلم وتغذيته فكرياً وسلوكياً لمواجهة مظاهر التحدي الغربي. وقد تتداخل أسباب أخرى إلى العوامل أعلاه فتؤدي بالتالي إلى تحقيق حال الانبهار بالثقافة الغربية، ومردود هذه الظاهرة - كما هو معروف - افراز حالة سلبية مؤثرة في الوسط الاجتماعي المسلم في الغرب يعمل على تشويه المظاهر الإسلامية ويؤدي إلى تثبيط المشاريع النافعة التي تساهم في تصعيد المنسوب الاسلامي للجاليات المسلمة في الغرب. والحديث عن تحقيق مظهر الأصالة الثقافية الإسلامية في مواجهة ظاهرة الانبهار بالثقافة الغربية ليست شعاراً نظرياً وانما هو مشروع عمل كبير يتطلب الكثير من الجهود والامكانات في سبيل ايجاد حالة تستوعب ظاهرة الانبهار، وتعمل على احتوائها وتقليل تأثيرها في أوساط الجالية المسلمة في الغرب وأن الدراسة الموضوعية لطبيعة هذا المشروع وفق أسس علمية تمثل الخطوة الاولى لنجاحه وتحقيق أهدافه ومن غير ذلك فأن الفكرة تتحول إلى أماني وشعارات عريضة لا تتعدى الخطابات أو اللقاءات العاطفية. وتتمثل الخطوة الناجحة - باعتقادنا ـ من تحقيق عملين في آن واحد يقوم الأول على تعميق معاني الأصالة في الثقافة الإسلامية وتجذيرها على مستوى الفكر والسلوك ويعتمد الثاني ايجاد مؤسسات علمية وتشكيلات اجتماعية تعبر عن الاسلوب العلمي لتلقي الثقافة الإسلامية وايصالها إلى الشرائح المسلمة في مختلف مناطق الغرب، ولسنا بحاجة إلى الحديث عن تفاصيل هذه المؤسسات فهي وسائل متعارفة تمارسها الكثير من الوجودات الرسمية والاجتماعية في البلدان الغربية، انما الذي نؤكده هنا هو أن تقوم هذه الفعاليات على ممارسة المنهج الاسلامي وأصول الثقافة الإسلامية في تنفيذ برامجها الفكرية والاجتماعية وهو المائز الأساس الذي يؤكد طابعها الاسلامي. ان ما تبقى من المشروع المقترح فهو الحديث عن ثقافتنا الإسلامية والعمل على أدائها من حيث المنهج والمضمون كي تكون قادرة على بقاء الإنسان المسلم والحفاظ على هويته الإسلامية في بلاد الغرب. ويحتل الفكر المركز الرئيس في خلق الثقافة الإسلامية وقد شكل المنهج الاسلامي في طرح الفكرة الإسلامية معلماً متميزاً في وضوح مفاهيمه وأنسجامها وتعبيرها الدقيق عن تطلعات وآمال الاُمّة لذا نجد أن التجربة الإسلامية شهدت أندفاعاً كبيراً للفرد المسلم في سبيل التعبئة الحضارية من أجل التغيير وأعداد المجتمع الإسلامي أستجابة لنداء القرآن الكريم والسنة المطهرة، ومرد ذلك إلى وجود حال تفاعل حقيقي ووضوح كامل بين الفرد والفكر الذي يغذيه ويقوده نحو معالم طريق لا لبس فيه ولا التواء، وتزداد الحاجة إلى تأكيد هذا المنهج وطرحه بين يدي الفرد المسلم في الغرب الذي يواجه تحديات فكرية واضحة لأن بناء الأفراد في ضوء المنهج الإسلامي يقطع الطريق أمام ظاهرة الانبهار بالحالة الغربية. والواقع ان تحقيق مثل هذه المهمة لا يأتي عن فراغ وانما يتحقق ذلك من خلال خطوات عملية مدروسة تقوم على أسس عديدة نذكر منها:
1ـ دراسة المؤثرات المباشرة للواقع الغربي على نفسية الفرد المسلم وأيجاد الجو الملائم الذي يحقق درجة من الاستجابة للتفاعل مع الفكر الاسلامي.
2ـ طرح المفهوم الاسلامي بطريقة علمية مدروسة وفق عبارة مدركة وواضحة وبالدلالات التي تمثل حالة تماس لما يعيشه جيلنا في السوح الغربية.
3ـ الاهتمام بتعميق درجة معينة من اللغة العربية بالحد الذي يتكفل هضم المفهوم لدى المتلقي، كما ينبغي اعداد برنامج لغوي خاص لمن تحولت لديهم اللغة العربية إلى لغة ثانوية.
4ـ العمل على ايجاد تنسيق مشترك بين البيت والمؤسسة، وذلك لأن الأجواء العائلية تؤدي دوراً مهماً في تغذية الفكرة وتعميقها لدى أبنائها، بشرط تحقيق درجة معقولة من الهيمنة التربوية.
5- مراعاة المنهج العلمي في طرح فعالياتنا الفكرية وأخص منها الكلمة والمحاضرة أو الخطابة، والتأكيد على الطرح والمضمون بما يحقق هدف بناء المفهوم الإسلامي لدى أفراد المجتمع، وأنه لمن المعيب جدا أن يتحدث المحاضر أو الخطيب في الساحة الغربية عشية القرن الحادي والعشرين بمادة تنتمي إلى نصف قرن مضى، ولكي تكتمل عملية البناء في نفوس الشرائح المسلمة وتأكيد الأصالة في الثقافة الإسلامية ينبغي فتح ملف الثقافة الغربية والتعريف بها بشكل مقارن وتقويم الدلالة والمضمون فيها، فالواقع أن ظاهرة اللمعان في هذه الثقافة والتي بهرت عيون بعض أبنائنا ما هي إلاّ «كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماءاً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً». وانني هنا لا أجد نصاً عبّر عن طبيعة الحالة الغربية أعمق وأدل من النص الذي افاده السيد الشهيد الصدر «رض» في معرض تقويمه للواقع الغربي بقوله: «يختلف الإنسان الأوروبي عن الإنسان الشرقي أختلافاً كبيراً، فالانسان الاوروبي بطبيعته ينظر إلى الأرض دائما لا إلى السماء وحتى المسيحية - بوصفها الدين الذي آخى به هذا الإنسان مئات السنين - لم تستطع أن تتغلب على النزعة الأرضية في الإنسان الاوروبي بل بدلا من أن ترفع نظره إلى السماء استطاع هو أن يستنزل اله المسيحية من السماء إلى الأرض ويجسده في كائن أرضى، وليست المحاولات العلمية للتفتيش عن نسب الانسان في فصائل الحيوان وتفسر انسانيته على أساس التكييف الموضوعي من الأرض والبيئة التي يعيش فيها أو المحاولات العلمية لتفسير الصرح الانساني كله على أساس القوى المنتجة التي تمثل الأرض وما فيها من امكانات، ليست هذه المحاولات إلاّ كمحاولة استنزال الاله إلى الأرض في مدلوله النفسي وارتباطها الاخلاقي بتلك النظرة العميقة في نفس الإنسان الأوروبي إلى الأرض وان اختلفت تلك المحاولات في أساليبها وطابعها العلمي أو الاسطوري، وهذه النظرة إلى الأرض أتاحت للانسان الأوروبي أن ينشىء قيماً للمادة والثروة والتملك تنسجم مع تلك النظرة». وفي ضوء هذه الفلسفة الحسية والافتتان بالارض والقيم النفسية أصبح الإنسان الغربي سيد نفسه، فهو مصدر التشريع وهو منبع الاخلاق، والمعروف ما تعارف عليه الناس والمنكر ما أنكروه، فليست هناك ثوابت للاخلاق ولا للقيم وكل ما في الحياة نسبي لا ثبات له. ونتيجة لهذا الارتباط المطلق بالارض وقيم المادة أفرزت الساحة الغربية مظاهر متنوعة في البؤس والاستغلاب والضياع الاجتماعي والنفسي وشيوع مظاهر الجريمة والفتك والاغتصاب والقتل وأصبحت أشد الاجهزة الأمنية لا تقوى على أيقاف هذا الانحدار الاجتماعي الذي يشكل فوضي أجتماعية حقيقية، ولقد حاولت الانظمة الغربية والولايات المتحدة بشكل خاص أن تجد مخرجاً لهذا المأزق الاجتماعي ولكن دون جدوى، وأن أقصى ما استطاعت أمريكا أن توجده هو العمل على تكوين الدولة العالمية من خلال النظام الدولي الجديد الذي تسوده الآن، الا أن هذه الدولة العالمية سوف لا ترى النور ولا يكتب لها البقاء، كما أفاد ذلك الكاتب الفرنسي والمحلل الاقتصادي المشهور «لورن» في كتابه «بلقنة العالم». ويعلق المحلل والمفكر البلجيكي «روبير شنوكير» على الحالة الأوروبية الراهنة بأن «القوى الغربية المنتصرة في حربها الباردة اكتشفت - بفضل هذه الحرب - أن القوة ليست دائمة وأن الانحطاط والتآكل سيدب إليها ومهما طال الزمن فهي لم تعد قادرة على السيطرة على المجتمع - مجتمع الرفاهية والسهولة والمكتسبات الاجتماعية والدولة التي توفر كل شيء - وللمرة الاولى في تاريخ البشرية ينهار نظام عالمي دون أن تسبقه حرب عسكرية شاملة بين قواه العظمى. وبعد أن شعر النظام الغربي والأمريكي بافلاسه الحقيقي بدأ يدرك أهمية البديل الاسلامي الذي اخذ يتحدى ذلك الواقع ويطرح نفسه رقما حقيقيا في ساحة الصراع الاجتماعي، وبدل أن تتعقل تلك الأنظمة طبيعة الواقع الاسلامي وما يحمل في ثناياه من حلول حقيقية لمأساة الإنسانيّة المعذبة اليوم، اخذت تواجه الإسلام بطريقة بربرية خلافا لمدعيات الأساليب الديمقراطية التي تنادي بها هذه الأنظمة، وأن الحملة العدائية للمسلمين في البلاد الغربية فضلا عن معاناتهم على أيدي صنائعهم في العالم الاسلامي خير شاهد على ذلك، وقد عبرت مجلة فلوار البلجيكية الفصلية لعام 1994 عن التوجه الغربي لمعاداة الإسلام والمسلمين، تقول هذه المجلة: «النغمة السائدة في المجتمع الفرنسي خاصة والمجتمعات الأوروبية عامة هذه الأيام هي عن الغزو الاسلامي الجديد الذي تموله أموال البترول وتقوده ملايين المهاجرين المسلمين من جميع الجنسيات خصوصا بعد عودة الوعي الديني والنزعة التدينية لدى الاجيال الشابة التي ولدت في رحم المجتمعات الاوروبية. وبذلك برزت من جديد اطروحات معاداة الإسلام وتهديده للعلمانية والديمقراطية... وقد اتخذ الفرنسيون من موضوع لبس الحجاب أو الخمار وغطاء الرأس في المدارس حجة وعذرا لشن الحرب الاعلامية باسم الدفاع عن العلمانية. وتقول في جانب آخر: «وعلى الصعيد السياسي فقد وقف الكثيرون من القادة الفرنسيين مواقف متشنجة ومنحازة ضد أطراف معينة لا لشيء إلاّ لأنها رفعت راية الإسلام والدفاع عن المسلمين في العالم وهذا ما حصل بالفعل أبان حرب الخليج الاولى حيث وقف الغرب برمته إلى جانب العراق «العلماني» ضد ايران «الإسلامية» بحجة وقف زحف المد الديني الاصولي المتطرف ومنع انتشار الارهاب العالمي. وقد أوردت المجلة نصوص أخرى تظهر فيها دور الاعلام الفرنسي في تسميم الرأي الفرنسي والأوروبي ضد الإسلام من خلال مناقشة موضوع الإسلام بصورة استفزازية ولا موضوعية. هذه المظاهر وغيرها تعكس النفس الذي تحمله الأنظمة الغربية أزاء الحالة الإسلامية وهو بالتالي صراح حقيقي بين ثقافتين متمايزتين وأن وعي هذا الواقع بين صفوف الشرائح المسلمة في الغرب يؤدي إلى ايجاد قراءة واعية صحيحة يتسلح بها أبناؤنا تقيهم تأثير حالة الانبهار وتعمق لديهم الاعتزاز بثقافتهم الإسلامية التي قامت على أساس تكريم الإنسان وتحقيق عزته في الدنيا والآخرة. أفمن يهدي إلى الحق احق أن يتبع أمن لا يهدي الا أن يُهدى فمالكم كيف تحكمون.
مشاركات القراء
ضياء الشمس ونور القمر
لقد فرق العزيز الحكيم في الآية الكريمة ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا ) بين أشعة الشمس والقمر , فسمى الأولى ضياء والثانية نورا . وإذا نحن فكرنا في أستشارة قاموس عصري لما وجدنا جوابا شافيا للفرق بين الضوء الذي هو أصل الضياء والنور , ولوجدنا أن تعريف الضوء هو النور الذي تدرك به حاسة البصر المواد . وإذا بحثنا عن معنى النور لوجدنا أن النور أصله من نار ينور نورا أي أضاء . فأكثر القواميس لا تفرق بين الضوء والنور بل تعتبرهما مرادفين لمعنى واحد . ولكن الخالق سبحانه وتعالى فرق بينهما فهل يوجد سبب علمي لذلك ؟ دعنا نستعرض بعض الآيات الأخرى التي تذكر أشعة الشمس والقمر . فمثلا في الأيتين التاليتين ( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) ( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ) نجد أن الله سبحانه وتعالى شبه الشمس مرة بالسراج وأخرى بالسراج الوهاج والسراج هو المصباح الذي يضيء إما بالزيت أو بالكهرباء . أما أشعة القمر فقد أعاد الخالق تسميتها بالنور وإذا نحن تذكرنا في هذا الصدد معلوماتنا في الفيزياء المدرسية لوجدنا أن مصادر الضوء تقسم عادة إلى نوعين : مصادر مباشرة كالشمس والنجوم والمصباح والشمعة وغيرها , ومصادر غير مباشرة كالقمر والكواكب . والأخيرة هي الأجسام التي تستمد نورها من مصدر آخر مثل الشمس ثم تعكسه علينا . أما الشمس والمصباح فهما يشتركان في خاصية واحدة وهي أنهما يعتبران مصدرا مباشرا للضوء ولذلك شبه الخالق الشمس بالمصباح الوهاج ولم يشبه القمر في أي من الآيات بمصباح . كذلك سمى ما تصدره الشمس من أشعة ضوءا أما القمر فلا يشترك معهما في هذه الصفة فالقمر مصدر غير مباشر للضوء فهو يعكس ضوء الشمس إلينا فنراه ونرى أشعته التى سماها العليم الحكيم نورا . ومن العجيب حقا أننا لم نستوعب هذه الدقة الإلهية في التفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر , فكان المفروض أن نفرق بين الضوء والنور ونسمى الآشعة التي تأتي من مصدر ضوئي مباشر بالضوء وتلك التي تأتي من مصدر ضوئي غير مباشر بالنور ولكنا خلطنا لغويا بين الضوء والنور , واقتصرنا في العلوم على استخدام كلمة الضوء ونسينا مرادفها وهو النور والسبب واضح ففي الإنجليزية والفرنسية بل والألمانية - وهي اللغات التي جاءت عن طريقها العلوم الحديثة - لايوجد إلا مرادف واحد لهذا المعنى وهو بالترتيب ( Light-Lumiere-Licht ) ولم يخطر ببالنا أو ببال المترجمين أن اللغة العربية أغـنى منهم وأدق فـفيها مرادفين لهذه الكلمة يجب أن نفرق بينهما تبعا لنوعية مصدر الضوء سواءً أكان مباشراً أو غير مباشر
بكاء الملائكة وضجيجها
عن الفضل عن ابي عبد الله (ع) قال : ( ما لكم لا تأتونه يعني قبر الحسين (ع) فان اربعة الاف ملك يبكون عند قربه الى يوم القيامة). وعن ابي عبد الله (ع) قال : ( وكّل الله بالحسين بن علي (ع) سبعين الف ملك يصلون عليه كل يوم شعثاً غبراً منذ ويوم قتل الى ما شاء يعني بذلك قيام القائم المؤمل عجل الله فرجه الشريف ما كان من امر الحسين ن علي (ع) ما كان ضجيج الى الله تعالى وقالت يا رب أيفعل بالحسين صفيك وبن صفيك وابن نبيك قال : ( فاقام الله عز وجل ظل القائم عجل اللاهفرجه وقال بهذا انتقم له من ظالميه).
وعن ابي جعفر عليه السلام قال : ( اربعة الاف ملك يبكون الحسيم الى يوم القيامة فلا يأتيه احد الا استقبلوه ولا يمرض احد الا اعادوه ولا يموت احد الا شهدوه).
نعم ان قربه الشريف واستقبالهم لزواره واكرامهم لهم هو من كوامن قصة الحسين ابن علي (ع) وم الحقائق الباطنة التي اخبرنا عنها الله عز وجل وذلك يؤكد على عظمة قصة الحسين (ع) واهميتها واثرها البالغ ومعناها الاسمة وذكر صاحب الذخيرة عن عكرمة انه سمع ليلة قتله عليه السلام بالمدينة مناد يسمعونه ولا يرون شخصه:
أيها القاتلون جهلاً حسناً أبشروا بالعذاب والتنكيل
كل اهل السماء تبكي عليهم من نبي وملك مقرب
قد لعنهم على لسان النبي داود وموسى وصاحب الانجيل
وفي كامل الزيارات مسند قال : بكت الحسين (ع) الجن وماذا تقولون اذا قال النبي لكم:
ماذا فعلتم وانتم اخر الامم
بأهل بيتي واخواني وصحبتي
من بين اسرى وقتل ضرجو بدم
والحمد لله رب العالمين
مواعظ المعصومين
رسول (ص):
((صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، والصدقة الخفية تطفيء غضب الله ، وصلة الرحم زيادة في العمر وكل معروف صدقة ، واهل المعروف في الدنيا هم اهل المعروف في الاخرة ، واهل المنكر في الدنيا هم اهل المنكر في الاخرة واول من من يدخل الدنيا هم اهل المعروف)).
الامام علي المرتضى (ع):
((عز المؤمن فناه عن الناس ، والقناعة مال لا ينفد ، ومن اكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ومن علم ان كلامه من عمله ، قل كلامه الا فيما ينفعه)).
الامام الحسن (ع):
((إن أبصر الابصار ما نفذ في الخير مذهبه ، واسمع الاسماع ما وعى التذكير وانتفع به ، أسلم القلوب ما طهر من الشبهات)).
الامام الحسين (ع):
((من دلائل علامات القبول : الجلوس الى اهل العقول ، ومن علامات اسباب الجهل المماراة لغير اهل الكفر ، ومن دلائل العالم انتقاده لحديثه وعلمه بحقائق فنون النظر)).
الامام زين العابدين (ع) :
((اتقوا الكذب ، الصغير منه والكبير في كل جد وهزل ، فأن الرجل اذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير)).
الامام محمد الباقر (ع):
((من لم يجعل الله له في نفسه واعظاً ، فأن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً)).
الامام جعفر الصادق (ع):
((صلاح حال التعايش والتعاشر ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل)).
الامام موسى الكاظم (ع):
(( ليس حسن الجوار كف الاذى ، ولكن حسن الجوار الصبر على الاذى)).
الامام الرضا (ع):
((الصمت باب من ابواب الحكمة ، ان الصمت يكسب المحبة ، انه دليل على كل خير)).
الامام محمد الجواد (ع).
(( من شهد امراً فكرهه كان كمن غاب عنه ، ومن غاب عن امر فرضيه كان كمن شهده)).
الامام علي الهادي (ع):
(( من أمن من مكر الله وأليم اخذه تكبر حتى يحل به قضاؤه ونافذ امره ، ومن كان على بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قرض ونشر)).
الامام الحسن العسكري (ع):
((من وعظ أخاه سراً فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه)).
الامام الحجة بن الحسن (عج):
((اما اموالكم فلا نقبلها الا لتطهر فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع وما اتانا الله خير مما آتاكم ، واما ظهور الفرج فأنه الى الله)).
امريكا .. والديمقرطية الوهمية
لقد اوهمت امريكا وحلفائها انفسهم بانهم اعطوا العراقيين الحرية ولكن في الحقيقة انهم لم يعطوا سوى الفوضى والفساد وبث الرعب . ان الشعب العراقي لم يمر بتجربة الحرية طوال السنين الماضية بفعل سيطرة الطاغوت الاول ومن ثم نرى امريكا الطاغوت الثاني تفهم العالم بانها اعطت الشعب الحرية . ان امريكا لم تعطي الشعب العراقي أي نوع من انواع الحرية بل انها اعطت لنفسها الحرية في ممارسة اعمالها العسكرية الغير منظمة والغير شرعية القانونية حيث انها دمرت وقتلت واستباحت الدماء عانا ، فنرى كل يوم يسقط العديد من الناس الابرياء الذين لم يكن لهم أي ذنب في تلك العمليات العسكرية سوى انهم يريدون الذهاب الى اماكن عملهم ومدارسهم اثناء سيرهم في الشوارع ، امريكا حولت تلك الشوارع الى ساحات معارك دامية . مالذي قدمته امريكا وتحالفها الى الشعب العراقي خلال وجودهم في العراق في جميع الاصعدة سوى وعود كاذبة وواهية على لسان قادتها ، ولم تقدم سوى تدخل سافر في حياة الشعب العراقي في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها .... اذن هذه دعوة للعراقيين جميعا للوقوف بوجه امريكا والطغات الظالمين ، لقد تبدل ذلك الطاغوت الراحل بطاغوت جديد هو الاحتلال ، نعم انه احتلال قد بدئت خطته تنكشف انه لم ياتي محررا ومنفذا لخطة ستراتيجية بالرغم من الحرب التي انقذت الشعب العراقي من الظلم الصدامي بل انه جاء ليحول العراق الى قاعدة عسكرية كمنطقة لنفوذه ، ويخطط لصنع قاعدة جديدة في خططه المستقبلية التي يهدد بها هذه الدولة او تلك ، فيجب علينا الوقوف بوجه هذا الاحتلال فلا يمكن بعد الان ان يخضع العراقيين لاي شكل من اشكال الظلم والاستبداد ومعرفة الحقيقة بعيدا عن امريكا وديمقراطيتها الوهمية .
واحة المرأة
هل تعلم ؟
× هل تعلم : انه اذا ظهر قادة الامام المهدي (ع) فلا يجوز القعودعنهم!!
حيث ورد في غيبة الطوسي باسناده الى عمار بن ياسر انه قال : دعوة اهل بيت نبيكم في اخر الزمان فالزموا الارض وكفوا حتى تروا قادتها فاذا خالف الترك الروم وكثرت الحروب في الارض وينادي مناد على سور دمشق ويل لازم العرب من شر قد اقترب ويخرب حائط مسجده.
× هل تعلم :ان قبل القائم (ع) تكون فتنة لا ينجو منها حتى الحاذق!!
فقد روى الكليني الى ابي جعفر الباقر (ع) قال في اخره : انه لابد من ان تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة بشعرتين حتى لا يبقى الا نحن وشيعتنا.
× هل تعلم : ان في اخر الزمان يحكم اهل الشرك في البلاد!!
فقد ورد في كتاب بيان الائمة ج6 ان امير المؤمنين (ع) قال : ان في الزمان الذي يحكم اهل الشرك في البلاد ويحصل لهم الاستيلاء على العباد وتكون القوة واليد لاحزاب البغي والعناد فتخرب كثير من البلاد........
افضل الخلق
في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في غيبة الامام (ع) فقد جاء عن علي (ع) قال : ( قال رسول الله (ص) ما خلق الله خلقاً افضل مني ولا أكرم عليه مني .
قال علي ( ع) فقلت : يا رسول الله فأنت افضل ام جبرائيل ؟ فقال (ص) : يا علي ان الله تبارك تعالى فضل انبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك .
فأن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا . يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا يا علي لولا نحن ما خلق الله ادم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الارض وكيف لا نكون افضل من الملائكة وقد سبقناهم الى التوحيد ومعرفة ربنا عز وجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله .
لأنه لما خلق الله عز وجل ارواحنا فأنطقها بتوحيده وتمجيده ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا ارواحنا نوراً احداً استعظموا اموراً فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وانه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا .
فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة ان الله أكبر من ان ينال وأنه عظيم المحل ، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة قلنا : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، فقالت الملائكة لا حول لا قوة الا بالله .
فلما شاهدوا ما انعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله لتعلم الملائكة ما لحق الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه .
فقالت الملائكة : الحمد لله فينا اهتدوا الى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده .
ثم ان الله تعالى خلق ادم واودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وأكراماً وكان سجودهم لله عز وجل عبوديه ولأدم طاعة لكوننا في صلبه فكيف لا تكون افضل من الملائكة وقد سجدوا لأدم اجمعون .
وانه لما عرج بي الى السماء أذن جبرائيل مثنى مثنى.
ثم قال : تقدم يا محمد .
فقلت يا جبرائيل أتقدم عليك ؟
قال نعم ، لأن الله تبارك اسمه فضل انبياءه على ملائكته أجمعين وفضلك خاصة فتقدمت وصلّيت بهم ولا فخر .
فلما انتهيت الى حجب النور قال جبرائل (ع) : تقدم يا ممد وتخلف عني فقلت يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني ؟
قال : يا محمد ان هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان فأن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود رب جل جلاله فزّخ بي زخّة في النور حتى انتهيت الى حيثما شاء الله عز وجل من ملكوته فنوديت يا محمد فقلت : لبيك وسعديك تباركت وتعاليت .
فنوديت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فأياي فأعبد وعلي فتوكل فأنك نوري في عبادي ورسولي الى خلقي وحجتي في بريتي لمن تبعك خلقت جنتي ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتك اوصيت ثوابي .
فقلت يا رب ومن اوصيائي ؟ فنوديت : يا محمد اوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وأنا بين يدي ربي الى ساق العرش فأذا إثنا عشر نوراً في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من اوصيائي من بعدي ؟ فنوديت يا محمد هؤلاء اوليائي واحبائي واصفيائي وحجتي بعدك على بريتي وهم اوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك .
وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الارض بأخرهم من اعدائي ولأمكننه مشارق الارض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له الرقاب الصعاب ولأرقينه في الاسباب ولأنصرنه بجندي ولأمدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ثم لأديمن ملكه ولأداولن الايام بين اوليائ الى يوم القيامة .
كمال الدين ج5 ص 259 - 260 .
سوء الفهم لعبارةناقصات عقل ودين
تناقلت الالسن بهذه العبارات وهكذا اصبحت شبهه تلصق بكل امرأة وبالاسلام واهله وتنسب اليهم زوراً وبهتاناً على الرغم من ان الاسلام وضع المرأة في مكانه مرتفعه حيث لا يفهمون معناً لما يقولون الا يستمعون حديث الرسول (ص) وهو يقول : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل العاقل الحازم من احد اكراه قلن : وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله .
قال أليس شهادة المرأة كنصف شهادة الرجل ؟ قلن بلى يا رسول الله ، قال : فذلك من نقصان عقلها ، أليست اذا حاضت لم تُصل ولم تُصم ؟ قلن بلى يا رسول الله قال نقصان الدين واضح ، فالرجل يصلي في الشهر 150 صلاة مكتوبة ولكن المرأة لا تصلي اكثر من 115 صلاة ،ورمضان الرجل 30 يوماً اما المرأة فلا تصوم اكثر من ثلاثة اسابيع متتاليه وفي ذلكم تخفيف من ربكم ورحمة ) . اما نقصان العقل ( وهو بيت القصيد فلنقرأ قول الرسول المصطفى ( ص) أليس شهادة المرأة كنصف شهادة الرجل . ثم لتربطه بالاية التي نصت على هذا الحكم فرجل وأمرأتان ان تضل احداهما فتذكر الاخرى لماذا تضل المرأة حتى تحتاج الى اخرى ؟ الجواب واضحاً ، لأنها تتأثر بالعاطفة وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى لأستمرارية الحياة فلو كان البيت يتجاذبه طرفان حازمان قويا العزيمة رابطا الجأش لأصبح البيت معسكراً لا ملجأ رحمة وحنان : هذا يكفي ان تكون هذه الاختلافات رحمة وتنطوي على اعجاز عظيم سلوكي بين الرجل والمراة دفع مجموعة من الباحثين الى دراسة ما اذا كانت هناك فروق بين دماغ الرجل ودماغ المراة . هل لهذه الفرق علاقة بالتصرفات المختلفة ؟ نتيجة هذه البحوث وجدناها في صفحات شبكة الانترنت تحت عنوان ( neuroscience resources ) وصنفت فروقات كألتالي ( she brains - he brains ) :
1- فروق تشريحية ، 2- فروق وظيفية .
أ- وزن وحجم الدماغ : أثبتت هذه الدراسات ان وزن دماغ الذكر يفوق وزن دماغ الانثى بـ 12- 20 % في الاطفال وبـ 11% في البالغين ، كما ان حجم دماغ الرجل يكبر حجم دماغ المرأة 12 % بالمعدل 2 .
) data from dekaban A.S and sadowsky ، D. Changes in brain weights during the span of human life : relation of brain weigt to body heights and body weight , ann. Neurology , 4:345 - 356 , 1978 (
ب - 1- حجم الـ ( hypothalamus ) في الاناث اكبر من الـ hypothalamus ) في الذكور ( وكما هو معلوم فهذا الجزء هو المسؤول عن العاطفة في الدماغ .
2- preoptic area وهي المسؤولة عن النشاط التزاوجي في الانسان ، فقد ثبت ان هذه المنطقة اكبر في دماغ الرجل بـ 2،2 مرة من دماغ المرأة وتحتوي على ضعفين في عدد الخلايا .
3- suprachiasmatic nucleus في الذكر تكون كروية spherial اما في الانثى فتكون بيضوية oval وهذا الشكل يؤثر على الترابط مع الاجزاء الاخرى في الدماغ .
2- الفروقات الوظيفية : المعروف حالياً عند العلماء ان بعض الفعاليات الذهنية تتغلب فيها المرأة على الرجل مثل استرجاع نصوص وكلمات محفوظة بطلاقة ، وهناك فعاليات اخرى يتغلب فيها الرجل على المرأة مثل استغلال الخيال الواسع والتفكير الدقيق في اتخاذ القرار وحل المشاكل وهناك فعاليات اخرى ينقدها الجنسان بكفاءة متساوية لكن بآلية مختلفة أحياناً..
هل يعود مسلم بن عقيل من جديد
عندما هَمّ الحسين بن علي (ع) بالخروج الى الكوفة لمواجهة الطاغية يزيد (لعنه الله ) اراد في باديء الامر ان يهيء الارضية لأستقباله (ع) ونصرته والوقوف بجانب المتمثل به انذاك وتهيئة القاعدة لنصرته وموالاته لأعلان الثورة على الظالمين فأستدعى هذا الامر وجوب ان يرسل الامام الحسين (ع) الى الكوفة رسولاً منه الى شيعته ومواليه ولما كان من الواضح عندنا ان الحسين (ع) من الائمة المعصومين المسددين من قبل الله تعالى فأن اختياره لشخص او لأحد الناس رسولاً منه وممثلاً عنه فهو اختيار الله تبارك وتعالى فوقع الاختيار من جانب المولى سبحانه وتعالى كما اخبرنا به الامام الحسين (ع) على مسلم بن عقيل (ع) ابن عم الامام الحسين (ع) فعند ذلك اوصاه الامام بكل وصاياه وحمله كتابه الى اهل الكوفة كما تروي الاخبار الواردة عن اهل البيت (ع) فقد جاء في كتاب الامام الحسين (ع) الى اهل الكوفة : ( أني ارسلت لكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي مسلماً بن عقيل (ع) فأن اختيار الحسين (ع) لمسلم لم يكن صادراً الا عن رضاه واختياره فأنه من الواضح لدينا ان قول الحسين (ع) اخي وابن عمي ليس المقصود به من حيث النسب فقط بل انه تأكيد على ان مسلماً بن عقيل (ع) سائر على منهاج الحق والتقى وعلى خطى الامام الحسين (ع) وألا لو لم يكن كذلك لم يقل في حقه الامام الحسين (ع) ذلك الكلام حتى لو كان بالقرابة القريبة من اهل البيت (ع) مضافاً الى ذلك قول الامام (ع) ثقتي من اهل بيتي فهذه شهادة من الامام بحق مسلم فهو ثقة الامام الحسين انذاك قلنا انه صار من الواجب على الامام ان رسوله الى اهل الكوفة والجميع يعرف ما آلت اليه الامور في الكوفة فقد وصلها مسلم واجتمع عليه الناس وبايعوه ثم بعد ذلك خذلوه وعدوا عليه وقتلوه في الثامن من شهر ذي الحجة لسنة 60 من الهجرة هذا ما جرى باختصار ممن كانوا يظهرون التشيع لأهل البيت (ع) بعدما بعثوا بالكتب والرسائل الى الامام الحسين (ع) يطلبون منه القيام بالثورة وان يقدم عليهم لينصروه ويعضدوه . ونحن اليوم ننتظر ان يقدم علينا الامام الحسين من جديد لننصره ونعلن معه الثورة على الظالمين والطغاة والجبابرة والغاصبين لكن الامام الحسين هذه المرة هو الامام المهدي (ع) فكما واضح عندنا ان الامام المهدي هو الممثل لكل الانبياء والائمة وهو ابن الحسين (ع) وهو حامل مبادئه والسائر على نهجه وامل شريعة جده رسول الله (ص) ونحن الذين بدأنا بدعوته وانتظاره والاستغاثه به وهو يعلم بكل ذلك فيا ترى هل يرسل لنا حسين العصر ( الامام المهدي ) رسولاً ؟ هل يرسل لنا مسلماً بن عقيل (ع) ؟ هل يعود مسلم بن عقيل من جديد ويدخل الى كوفتنا ؟ ونحن هل سنكون افضل حالاً من ابائنا واجدادنا ؟ هل ننصر من يأتي من الامام المهدي (ع) ممهداً خاصاً ؟ ونحن متأكدون من خلال من جاء في الروايات الواردة عن اهل البيت (ع) ان الامام يرسل ممهدين له لتهيئة القاعدة لنصرته بل اننا على ثقة من انه يرسل شخصاً هادياً وهو اليماني الموعود الهاد الى الحق والى طريق مستقيم .
الوقفة الخالدة بوجه الطغات
السلام عليكِ يا بنت سيد الانبياء السلام عليكِ يا بنت صاحب الحوض واللواء يا سيدتي يا زينب يا بنت من عرج به الى السماء ووصل الى مقام ... قاب قوسين او ادنى يا بنت نبي الهدى وسيد الورى ومنقذ العباد من الردى يا بنت صاحب الخلق العظيم والشرف العميم والايات والذكر الحكيم يا بنت صاحب المقام المحمود والحوض المورود واللواء المشهود يا بنت منهج دين الاسلام وصاحب القبلة والقرأن وعلم الصدق والحق والاحسان يا بنت المظلل بالغمام سيد الكونين ومولى الثقلين وشفيع الامة يوم المحشر يا بنت ركن الاولياء يا بنت عماد الاصفياء يا بنت يعسوب الدين يا بنت امير المؤمنين يا بنت من قادزمام ناقتها جبرائيل وشاركها في مصابها اسرافيل وغضب بسببها الرب الجليل وبكى لمصابها ابراهيم الخليل ونوح وموسى الكليم في كربلاء .... يا بنت الشموس الطوالع يا بنت ولي الله المكرم يا ام المصائب يا زينب ايتها الصديقة المرضية ايتها الفاضلة الرشيدة ايتها الكاملة العالمة الكريمة النبيلة التقية النقية يامن طهرت محبتها للحسين المظلوم في موارد عديدة وتحملت المصائب المحرقة للقلوب مع تحملات شديدة وحفظت الامام في يوم عاشوراء في القتلى وبذلت حياتها في مجلس اشقى الاشقياء ونطقت كنطقت علي (ع) في سكك الكوفة وحولها الكثير من الاعداء ساعد الله قلبك عندما وقفتِ على حسد اخيك سيد الشهداء وخاطبت جدك رسول الله (ص) بهذا النداء صلى عليك ملائكة السماء هذا حسين بالعراء مسلوب العمامة والرداء مقطع الاعضاء وبناتك سبايا والى الله المشتكى وقالت يا محمدهذا حسين تشفى عليه ريح الصبا مجذوذ الراس من القفا قتيل اولاد البغا ... واحزناه عليك يا ابا عبد الله ... يا من تهيج قلبها للحسين المظلوم العريان المطروح على الثرى وقالت بصوت حزين بابي مَن نفسي له فداء بابي المهموم حتى قضى بابي العطشان حتى مضى بابي من شيبته تقطر دما يامن بكت على جسد اخيها بين القتلى حتى بكى لبكائها كل عدو وصديق وراى الناس دموع الخيل تنحدر على حوافرها على التحقيق يامن تكفلت وجمعت في عصر عاشوراء بنات رسول الله واطفال الحسين وقامت لها القيمة في شهادة الطفلين الغريبين المظلومين ... يا من لم تنم عينها لاجل حراسة رسول الله (ص) يامن نادت اخيها ابا الفضل بهذا النداء اخي ابا الفضل انت الذي اركبتني اذ اردت الخروج من المدينة .... وهي التي خطبت في ميدان الكوفة بخطبة نافعة حتى سكنت الاصوات من كل ناحية في مجلس بن زياد باحتجاجات واضحة وقالت في جوابه ببينات صادقة اذ قال بن زياد لزينب سلام الله عليها كيف رأيت صنع الله باخيك الحسين قالت ما رأيت الا جميلا وقال علي بن الحسين (ع) ليزيد يا يزيد ما ظنك برسول الله (ص) لو رآنا على هذه الحالة ثم قالت ام المصائب زينب (ع) له :لاهلو واستهلوا فرحاً ثم قالوا يايزيد لا تشل منحنياً على ثنايا ابي عبد الله سيد شباب اهل الجنة تنكتها بحضرتك ثم قالت ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك فاني لأ ستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك ولكن العيون عبرا والصدور حرا ألا فالعجب كل العجب من اقدامك لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد والى الله المشتكى وعليه المعول في الشدة والرخاء فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك امدنا ولاترخص عنك عارها وهل رايك الا فندا وايامك الا عدد وجمعك الا بدد يا يزيد أما سمعت قول الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون وحسبك بالله حكما وبمحمد صلى الله عليه واله خصما وجبريل عدوا ثم قالت :الحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولاخرنا بالشهادة والرحمة انه رحيم ودود وهو حسبنا ونعم الوكيل . ونحن معكِ سيدتي نخاطب اليزيديون بنفس النداء.
علوم
مرض يصيب النساء المتبرجات
قال صلى الله عليه واله وسلم : ( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) . وقال أيضا - ( لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار ) لقد أثبتت البحوث العلمية الحديثة أن تبرج المرأة وعريها يعد وبالا عليها حيث أشارت الإحصائيات الحالية إلى انتشار مرض السرطان الخبيث في الأجزاء العارية من أجساد النساء ولا سيما الفتيات اللآتى يلبسن الملابس القصيرة فلقد نشر في المجلة الطبية البريطانية : أن السرطان الخبيث الميلانوما الخبيثة والذي كان من أندر أنواع السرطان أصبح الآن في تزايد وأن عدد الإصابات في الفتيات في مقتبل العمر يتضاعف حاليا حيث يصبن به في أرجلهن وأن السبب الرئيسى لشيوع هذا السرطان الخبيث هو انتشار الأزياء القصيرة التي تعرض جسد النساء لأشعة الشمس فترات طويلة على مر السنة ولا تفيد الجوارب الشفافة أو النايلون في الوقاية منه .. وقد ناشدت المجلة أطباء الأوبئة أن يشاركوا في جمع المعلومات عن هذا المرض وكأنه يقترب من كونه وباء إن ذلك يذكرنا بقوله تعالى : (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) سورة الأنفال : 32 ولقد حل العذاب الأليم أو جزء منه في صورة السرطان الخبيث الذي هو أخبث أنواع السرطان وهذا المرض ينتج عن تعرض الجسم لأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية فترات طويلة وهوما توفره الملابس القصيرة او ملابس البحر على الشوطئ ويلاحظ أنه يصيب كافة الأجساد وبنسب متفاوتة ويظهر أولا كبقعة صغيرة سوداء وقد تكون متناهية الصغر وغالبا في القدم او الساق وأحيانا بالعين ثم يبدأ بالانتشار في كل مكان واتجاه مع أنه يزيد وينمو في مكان ظهوره الأول فيهاجم العقد الليمفاوية بأعلى الفخذ ويغزو الدم ويستقر في الكبد ويدمرها .. وقد يستقر في كافة الأعضاء ومنها العظام والأحشاء بما فيها الكليتان ولربما يعقب غزو الكليتين البول الأسود نتيجة لتهتك الكلى بالسرطان الخبيث الغازى .. وقد ينتقل للجنين في بطن أمة ولا يمهل هذا المرض صاحبة طويلا كما لا يمثل العلاج بالجراحة فرصة للنجاة كباقى أنواع السرطان حيث لايستجيب هذا النوع من السرطان للعلاج بجلسات الأشعة من هنا تظهر حكمة التشريع الإسلامى في ارتداء المرأة للزى المحتشم الذي يستر جسدها جميعة بملابس واسعة غير ضيقة ولا شفافة مع السماح لها بكشف الوجه واليدين فلقد صار واضحا أن ثياب العفة والاحتشام هي خير وقاية من عذاب الدنيا المتمثل في هذا المرض فضلا عن عذاب الآخرة ثم هل بعد تأييد نظريات العلم الحديث لما سبق أن قرره الشرع الحكيم من حجج يحتج بها لسفور المرأة وتبرجها ؟؟
البرزخ البحري
الصور الحديثة التي التقطت للبحار قد اثبتت أن بحار الدنيا ليست موحدة التكوين .. بل هي تختلف في الحرارة والملوحة والكثافة ونسبة الأوكسجين .. وفي صورة التقطت بالاقمار الصناعية .. ظهر كل بحر بلون مختلف عن البحر الآخر .. فبعضها أزرق قاتم وبعضها أسود وبعضها أصفر .. وذلك بسبب اختلاف درجات الحرارة في كل بحر عن الآخر .. وقد التقطت هذه الصورة بالخاصية الحرارية وبالأقمار الصناعية ومن سفن الفضاء .. وظهر خط أبيض رفيع يفصل بين كل بحر وآخر قال تعالى : ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ) نجد أن وسائل العلم الحديث قد وصلت إلى تصوير البرزخ بين البحرين .. وبينت معنى ( لَّا يَبْغِيَانِ) بأن مياه أي بحر حين تدخل إلى البحر الآخر عن طريق البرزخ فلا تبغي مياه بحر على مياه بحر آخر فتغيرها
الخضروات تقى من سرطان البنكرياس
أكد باحثون أمريكيون أن تناول خمس وحدات على الاقل يوميا من بعض الفواكة والخضروات، يمكن أن يقلل احتمال ظهور سرطان البنكرياس بحوالى 50 فى المئة.
وذكر ردايو لندن ان الدراسة التى نشرت فى دورية طبية لبحوث السرطان والوقاية أظهرت ان البصل والثوم والبقول والجزر والذرة والخضروات، ذات الاوراق الخضراء الداكنة والحمضيات والموالح، من بين أكثر الاطعمة وقاية للجسم من السرطان.
وأوضحت الدراسة أن تناول تسع وحدات من أى نوع من الفواكه والخضروات يمكن أن يكون له نفس الاثر كما وجد أن الخضروات النيئة أفضل للحماية من المرض عن الخضروات التى يتم طهيها، غير أن الباحثين اعترفوا بأن النتائج ربما تأثرت بأنواع أخرى من الاطعمة مصاحبة عادة للخضروات. و قالت اليزابيت هولى التى شاركت فى الدراسة ان سرطان البنكرياس ليس منتشرا كسرطان الثدى أو الرئة غير أن تشخيصه وعلاجه أكثر صعوبة. وقد استند البحث لمقابلات أجرتها مع 532 شخصا مصابا بالمرض و1700 شخص غير مصابين به. يذكر أن أكثر من عشرة الاف شخص يتوفون سنويا فى بريطانيا وحدها من جراء سرطان البنكرياس الذى ما زال لا يتجاوب فى الاغلب مع العلاج و التى تقل نسبة النجاة منه بعد خمس سنوات عن 3 فى المئة
اكتشاف المركبة بيغل 2 على سطح المريخ
قال كولين بيلينغر العالم البريطاني الذي أشرف على صنع المركبة الفضائية "بيغل 2" التي اختفت يوم هبوطها على كوكب المريخ إن صورا التقطت مؤخرا تظهر أن المربكة ربما عثر عليها.
وقال "بيلينغر" إن الصور تشير إلى أن المركبة كادت تعمل لكنها فشلت في الاتصال بالأرض.
ويعتقد هذا العالم أن المركبة ربما اصطمت بأرض المريخ بشدة كبيرة بسبب رقة جو المريخ في منطقة الهبوط بسبب الأعاصير الترابية هناك.
وربما أن ذلك قد ألحق ضررا بمعدات المركبة مما أعاق اتصالها بالأرض.
وكان هذا العالم البارز يمحص بجهد صور موقع الهبوط بحثا عن مركبته منذ فقدان الاتصال بها في يوم عيد الميلاد قبل عامين.
ويقول إن صورا التقطها المسبار الأمريكي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا الذي يدور في مدار حول المريخ ربما تشير إلى هبوط المركبة في صدع قرب المنطقة المقررة للهبوط أصلا. لبحث عن حياة
المركبة بيغل اثنان عبارة عن مختبر روبوتي مصمم لتفتيش المريخ بحثا عن أي دلائل على وجود حياة على سطح المريخ في الماضي أو الحاضر.
وكان من المفترض بالمركبة التي كلفت 45 مليون جنيه استرليني أن تهبط قرب منطقة تقع في الخط الاستوائي للمريخ ، لكن لم يتسن معرفة مصيرها أو حتى العثور على بقاياها بأي وسيلة سواء عبر تلسكوبات الأرض أو مراقبها أو مسابر الفضاء. وكان فريق "بيغل 2" قد أعاد تركيب سيناريو ما يمكن أن يكون قد حدث حال هبوطها.
ويقول البروفيسور بيلينغر "إن هناك بعض الدلائل حول الصدع( منطقة الهبوط المحتملة) تتطابق مع ما يعتقد أنها أكياس هوائية ربما قفزت عدة مرات قبل أن تستقر في وسط الصدع.
وقال العالم البريطاني إنه من المنطقي أن تقوم حكومة بريطانيا وبقية الحكومات الأوربية بإرسال مهمة ثانية إلى المريخ.
هذا ومن المقرر أن تقوم مركبة الفضاء "مارس ريكنيسانس أوربيتر" التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" بالتقاط صور مفصلة دقيقة غير مسبوقة حالما تصل الكوكب الأحمر العام المقبل، وهو ما قد يؤكد صحة ما توصل إليه فريق "بيغل اثنان
الوضوء وقاية من الأمراض الجلدية
قال صلى الله عليه واله وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) : وقال : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه أثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي للمزرعة الميكروبية التي علمت للمنتظمين في الوضوء .. ولغير المنتظمين : أن الذين يتوضئون باستمرار .. قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفا طاهرا خاليا من الميكروبات ولذلك جاءت المزارع الميكروبية التي أجريت لهم خالية تماما من أي نوع من الميكروبات في حين أعطت أنوف من لا يتوضئون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقوديةالشديدة العدوى .. والكروية السبحية السريعة الانتشار .. والميكروبات العضوية التي تسبب العديد من الأمراض وقد ثبت أن التسمم الذاتي يحدث من جراء نمو الميكروبات الضارة في تجويفى الأنف ومنهما إلى داخل المعدة والأمعاء ولإحداث الالتهابات والأمراض المتعددة ولا سيما عندما تدخل الدورة الدموية .. لذلك شرع الاستنشاق بصورة متكررة ثلاث مرات في كل وضوء أما بالنسبة للمضمضة فقد ثبت أنها تحفظ الفهم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة وتقى الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها فقد ثبت علميا أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسمنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسرى إلى الدم .. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضا كثيرة وأن المضمضة تنمى بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديرا .. وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم ولغسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين فائدة إزالة الغبار وما يحتوى عليه من الجراثيم فضلا عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة إلى إزالة العرق وقد ثبت علميا أن الميكروبات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل نظافته .. فإن الإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثه حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر .. التي غالبا ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد . كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتريا كي تتكاثر وتنمو لهذا فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتريا والفطريات التي تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته التي تتمثل في الوضوء والغسل ومع استمرار الفحوص والدراسات .. أعطت التجارب حقائق علمية أخرى .. فقد أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما .. ولذلك يجب غسل اليدين جيدا عند البدء في الوضوء .. وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى الله عليه واله وسلم ( إذا استيقظ أحدكم من نومة .. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ) كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته . ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام. قال الدكتور أحمد شوقي ابراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الامراض الباطنية والقلب .. توصل العلماء الى ان سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يؤدي الى انطلاق أيونات سالبة ويقلل الايونات الموجبة مما يؤدي الى استرخاء الاعصاب والعضلات ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والالام العضلية وحالات القلق والأرق. ويؤكد ذلك أحد العلماء الامريكيين في قوله : إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزلة التوتر ... فسبحان الله العظيم
تعرض الحامل لغبار حبوب اللقاح قد يصيب طفلها بالحساسية
وجد الباحثون فى مجال الربو والحساسية غبارا لحبوب لقاح مسببة للحساسية فى دماء الحبل السرى لبعض الاطفال الذين كانت امهاتهم يعانين من الحساسية بينما لم يصب أى من الاطفال حديثى الولادة الذين لم تصب أمهاتهم بالحساسية الشائعة ازاء حبوب اللقاح والتى تعرف باسم "دير بى .1 " بهذا النوع من الحساسية. ويرتبط التعرض فى اوائل العمر لغبار حبوب اللقاح المسببة للحساسية بمخاطر الاصابة بالربو فى فترة الطفولة. وذكر معدو الدراسة فى جامعة واين فى ديترويت فى تقرير نشر بدورية سجلات الحساسية والربو وامراض المناعة ان هذه النتائج التى تحدث نتيجة تعرض الرحم لمثل هذا الغبار تفترض انه من الواجب على الامهات التقليل من مخاطر اصابة اطفالهن بالربو عن طريق الاقلال من تعرضهن لمسببات الحساسية. ولاحظ الباحثون ان مخاطر الاصابة بالربو والحساسية تزداد بشكل كبير بين الاطفال الذين اصيبت امهاتهم بهذه الحالة عنه بالنسبة للاطفال الذين اصيب ابائهم بهذه الحالة مفترضين وجود تأثير بين الام ووليدها يقف وراء هذا الانتقال الوراثي. وعثرت دراسة سابقة على "دير بى 1 " فى المادة السائلة الملطفة التى تحيط بالجنين فى رحم الام والمسماة "النخط" ودماء الحبل السرى لبعض الاجنة الذين كانت امهاتهم يعانين من مستويات مرتفعة من مسببات الحساسية فى منازلهن. ولم يتضح الى الان السبب فى وجود مسببات الحساسية لدى بعض الاجنة وليس الكل وكيفية حدوث عملية الانتقال. وللتعرف على تلك العلاقة بشكل أكثر تعمقا عمد الباحثون الى قياس مستويات "دير بى .1" فى 98 أما واطفالهن حديثى الولادة. ووجد الباحثون أن 27 امراة "28 فى المئة" سجلن تأثرا بمسببات الحساسية بينما سجل 12 وليدا مستويات ملموسة من مسببات الحساسية فى دماء الحبل السري. وكشف تحليل البيانات عن وجود علاقة ارتباط سببى بين اصابة الام بمسببات الحساسية ومستويات اصابة الاطفال حديثى الولادة بنفس المسببات وذلك لدى 12 طفلا من حديثى الولادة وامهاتهم. وكان المستوى لدى الاطفال ثلث ما هو مسجل لدى الامهات. وخلص الباحثون الى ان هذه النتائج تفترض انه الى جانب محاولة تجنيب الاطفال مسببات الحساسية فان وقاية وتجنيب الامهات الحوامل التعرض لنفس المسببات خلال فترة الحمل يمكن ان يقلل من جانبه انتشار الربو بين الاطفال
الاضطرابات واحتساء الخمر يدفعان
مرضى الاكتئاب للانتحار
افترضت نتائج دراسة جديدة ان الرجال الذين يعانون من اكتئاب حاد يكونون اكثر عرضة للاقدام على الانتحار، اذا ما افرطوا فى احتساء الخمور، واذا كانوا يعانون من "المجموعة الثانية" من الاضطرابات الشخصية، التى ترتبط بارتكاب سلكويات تتميز بالاندفاع والعدوانية. وكتب الدكتور جوستافو توريكى وزملاؤه فى الدورية الامريكية للطب النفسى "يرتبط التساؤل الخاص بالسبب وراء اقدام بعض المرضى المصابين باضطرابات ناجمة عن الاكتئاب الحاد على الانتحار بينما لا يقدم البعض الاخر من المصابين فيما يبدو بنفس الاضطرابات على القيام بنفس الفعل بعدد هائل من العوامل الطبية ذات الصلة. وقارن الباحثون بين العوامل النفسية بين الرجال الذى يعانون من اضطرابات ناجمة عن الاكتئاب الحاد من بينهم 410 اقدموا على الانتحار و47 لايزالوا على قيد الحياة. ويصاحب تشخيص حالة المريض على انه يعانى من اضطرابات شخصية ترتبط بوجود سمات اندفاعية أو عدوانية تميز الشخصية مثل كون الشخص متذبذبا او غير اجتماعى بزيادة بمقدار 17 مرة فى احتمالات الاقدام على الانتحار. وفى حالة الافراط فى احتساء الخمور او الاعتماد عليها فى اخر ستة اشهر من عمر المريض تزداد مخاطر الاقدام على الانتحار باربعة امثال. وخلص فريق البحث الى ان هذه الملاحظات "تدعم الرؤية بان المستويات المرتفعة من السلوك المندفع الذى يتسم بالعدوانية المصحوب بعدم احداث كبح سلوكي، وهو الذى يسهله تناول بعض المواد المخدرة ربما يشكل عاملا وسيطا يؤدى الى الانتحار بالنسبة الى المرضى المصابين باضطرابات ناجمة عن الاكتئاب الحاد.
(ستاردست) ستعود بأول جزيئات من مذنب قديم
بعد رحلة شاقة طولها 5.4 مليار كيلومتر واستغرقت سبع سنوات أعلن العلماء أن من المتوقع أن تعود المركبة الفضائية "ستاردست" إلى الارض فى الخامس عشر من الشهر القادم وهى تحمل جزيئات قديمة من المذنب "وايلد 2". وقال أندى دانتيزلر وهو مدير قسم المجموعة الشمسية فى وكالة الفضاء والطيران الامريكية "ناسا" إن هذه الجزيئات يمكن أن تلقى الضوء على أصل النظام الشمسى وكيفية نشوء المحيطات والغلاف الجوى على كوكب الارض . وكانت المركبة "ستاردست" قد أطلقت عام 1999 وقد وصلت قبل عامين إلى مسافة لا تزيد عن 240 كيلومترا من المذنب "وايلد 2" الواقع عند الحدود الخارجية للنظام الشمسى وبالقرب من كوكب "بلوتو" وبدأت منذ ذلك الوقت رحلتها للعودة إلى الارض. وقال العلماء إن الكبسولة التى لا يزيد طولها عن متر والتى تحمل الجزيئات الثمينة ستنفصل عن المركبة "ستاردست" مساء الرابع عشر من كانون ثان القادم وتخترق الغلاف الجوى للارض بدرجة حرارة عالية قبل أن تنفتح مظلتها لتهبط بهدوء فى صحراء ولاية يوتاه الامريكية
تناول الفيتامينات بشكل عشوائى يقود الى أخطار قاتلة
حذر مسؤول صيدلانى كويتى من خطورة تناول الفيتامينات بشكل عشوائى ومبالغ فيه، مشيرا الى ان ذلك يؤدى الى اخطار كثيرة قد تكون قاتلة فى بعض الاحيان. وقال امين عام الجمعية الصيدلية الكويتية الدكتور مساعد العطية ان "الفيتامينات شانها شان اى مادة كيميائية اخرى لها منافعها واضرارها التى قد تكون خطيرة وقاتلة للانسان اذا ما تحذر فى التعامل معها. واشار الدكتور العطية وهو مسؤول وحدة الصيدلة بمركز اسعد الحمد للامراض الجلدية الى ان حصول الانسان على كمية كبيرة من الفيتامينات الذائبة فى الدهون مثل فيتامين "ا" و"د" و"ك" و"ي"، يؤدى الى تجمعها فى الانسجة وحدوث مشكلات صحية فى الجسم كما ان الافراط فى تناول فيتامين "ا" وبشكل يومى يمكن ان يؤدى الى القيء والاصابات الجلدية وفقدان الشهية وتضخم الكبد والطحال. وقال ان فيتامين "د" يمكن ان يكون مخادعا لان اجسامنا تحتاج الى القليل منه وتزداد الحاجة كلما تقدم الشخص فى السن، مشيرا الى ان تناول جرعات زائدة منه يصيب الانسان بتلف الاعصاب، وفقدان حاسة اللمس فى اليدين والقدمين وحدوث الام فى البطن واسهال وفقدان الشهية وتكلس بالكلي. وذكر انه سجلت بعض الحالات السرطانية لدى بعض الاطفال نتيجة الاستعمال المتزايد من فيتامين "ا" و"د" وحدوث تشوهات للجنين اذا ما تم تناوله لمدة طويلة وبجرعات زائدة من قبل السيدات الحوامل. وانتقل العطية الى فيتامين "ب" قائلا ان تناول جرعات كبيرة من فيتامين "النياسين" وهو احد افراد مجموعة فيتامين "ب" المركب فى صورة مستحضراته الصيدلانية كالمستعمل فى علاج ارتفاع الدهون والكولسترول بالدم يؤدى الى حدوث توسع فى الاوعية الدموية للجسم وانخفاض فى ضغط الدم وتورد لون الجلد وتهيج المعدة وارتفاع انزيمات الكبد وتركيز السكر بالدم الى جانب ظهور اعراض النقرس. واكد ان الاستخدام الزائد لفيتامين "ب6" والذى يسمى "البيرودوكسين" يقود الى الشكوى من الاعتلال العصبى الحسى المحيطى فى جسم المريض. واشار الى ان الافراط من تناول فيتامين "سي" يعرض الانسان لاخطر الاصابة بحصى الكلى والتهابات المفاصل والاسهال الحاد والغازات فى البطن وربما التسمم الغذائى اما مضار الافراط فى فيتامين "اي" فانه يشمل شعورا بالغثيان ونفخة فى البطن والاسهال. ودعا الدكتور العطية فى ختام تصريحه الى تناول الفيتامينات بشكل معتدل وحسب حاجة الجسم لها وعدم الانسياق وراء الاعلانات التجارية والتى تروج للفيتامينات المصنعة دوائيا بشكل غير مدروس.
رؤى وتحقيقات
رؤيا بالرئيس الليبي معمر القذافي
وصلتنا هذه الرؤيا من احدى القرءات ، يقول فيها:
كأن القوات الامريكية قد اتت والناس خائفين وينادون ويستغيثون بالامام وينادون ( يا ابا جعفر المهدي ) ثم جاء معمر القذافي ووقف الى جانب القوات الامريكية.
التأويل:
اصبح واضحاً لدى قراءنا الاعزاء ان القوات الامريكية ومن هم وراءها لم يأتوا لهذه الاهداف المعلنة بل جاءوا لغيرها وهو قضية المهدي الموعود وان لهم اساليب ومخططات للوقوف بوجهه والقضاء على حركته كما يزعمون ومن ضمن اساليبهم الاستعانة برؤساء الدول العربية لذلك ومن ابرز عملاءهم في هذا المجال والذي يقوم بالوقوف معهم ضد الامام المهدي (ع) ومن المتوقع انه سوف يبدأ بتصريحات مضادة للأمام (ع) وحركته وهذا احد معاني وقوفه مع القوات الامريكية فهذا الامر سوف يظهر لاحقاً بعد ان تنكشف الحقائق وتلمس الناس عظيم البلاء والمشاكل التي تسببها هذه القوات من خلال تودهما في بلاد المسلمين.
رؤيا بالممهدين للأمام المهدي (ع)
جاءتنا الرؤيا من احد القراء والتي لم يذكر فيها الاسم:
بسم الله الرحمن الرحيم
رايت انني انظر الى السماء واذا بقمر كبير يبدو في ليلة تمامه وكماله ويشع بنور ساطع أي انه ( بدراً ) ثم رأيت بدراً خافقاً اخر الى جانبه وهو اصغر حجماً ولكنه بدأ بالاشعاع تدريجياً وكلما ازداد البدر الثاني اشعاعاً ازداد البدر الكبير خفوتاً الى ان اكتمل نور الاشعاع في القمر الصغير وظهر نوره على الكون وقد ظهرت هالة كبيرة من القمر شملت مساحة كبيرة وعندما ركزت النظر وجدت في الصالة كأن ارضية القمر واضحة فيها وتتألف من خلايا شبيهه بخلايا النحل وفي رأس كل خلية تبدوا ارقام ورموز ( وتعني اسماء ) وتضاريس من جهة المشرق تبدو جبال على سطح القمر.
أما جهة الغرب فهي ارض سهلة والنور يزداد وضوحاً ولكن على ما يبدو ان هناك خلايا اخرى قادمة تلتحق بالهالة الكبيرة ولكن العدد الاكبر من الخلايا قد ظهر على سطح القمر
التأويل:
اصبح واضحاً للأخوة والاخوات قراء صحيفتنا ان القمر في التأويل يشير الى ممهد رئيسي للأمام المهدي (ع) ويتم تحديده من خلال رموز اخرى في الرؤيا وهنا فأن القمر الاول يشير الى شخص قد مهد للأمام المهدي (ع) حتى اصبحت مواعضه وسبل الهداية التي طرحها واضحة ومنتشرة بين الناس مما جعل اسمه بارزاً وسمعته وشهرته واضحة ولما اكتملت مهمته وانتهى اوانه وهو في أوج بروزه واشتهاره بدأ القمر الثاني وهو الممهد الرئيسي الحقيقي ولكن بدايته جرياً على السنة الالهية أي تدريجية يبدأ ببث نوره أي علومه ونصائحه وارشاداته التي تحقق الهداية للناس في زمن الليل وهو زمن الظلام بسبب طول غيبة الامام (ع) وهو زمننا هذا وكونه بدأ اصغر حجماً لأنه اقل شهرة من الممهد الاول اما كونه خافتاً فهي اشارة الى بداية تحركة الذي يكون فيه خامل الذكر وارشاداته بالهداية غير منتشرة بين الناس . وكونه بدأ بالاشعاع تدريجياً بحيث كلما يزداد اشعاعاً يزداد الاول خفوتاً ، فذلك لأن الممهد الثاني يبدأ تحركه تدريجياً وكلما اظهر من علوم اهل البيت (ع) شيئاً جديداً يثبت فيه تفوقه على من قبله يزداد هداية للناس واشتهاراً بينهم بما يجعله يظهر ويمتاز عن الممهد الذي قبله وذلك يستمر الى ان يتمم الحجة على اهل العراق ثم تبدأ بالتحرك لنشر نور الله من كلام اهل البيت (ع) على الكون فتكون له هالة من نور وهي السمعة او الشهرة التي تلفت الانظار اليه المتكونة من الدعوة الحقة للصراط المستقيم وتدل الهالة ايضاً على القاعدة التي يهيئها للأمام (ع) من الرجال الاشداء اما الخلايا فهي العصائب التي يشكلها وزير الامام ( اليماني ) لأنه كما هو مذكور في الروايات امير الغضب وهي المجاميع المنتشرة هنا وهناك بنظام خلايا مجموعهم يكون جيشاً كاملاً وأما كونهم نحلاً فقد اكدنا هذا المعنى كثيراً في الصحيفة مؤيداً بالروايات التي تصف اصحاب الامام بأنهم يأوون اليه كما تأوي النحل الى يعسوبها وذكرنا ان وصفهم في الملكوت نحل ومن اراد التفصيل فليترقب التفاصيل الكاملة في الكتاب الذي سوف يصدر قريباً بحول الله وقوته بعنوان (( من النحل الى النمل رسالة الهية)).
أما الرموز والارقام التي في رأس كل خلية فهي اللغات السرية الخاصة التي سوف يعلمها اليماني وزير الامام لأصحابه ليتعاملوا بها ومنها ايضاً اسماءهم المدخرة منذ القدم.
اما التضاريس التي في جهة الشرق والتي تبدوا كالجبال فهي اشارة الى الرجال البارزين في جهة الشرق الذين سوف يقفون ضد حامل دعوة الامام (ع) لأن الرجال البارزين في المجتمع يكون رموزهم في الملكوت كالجبال لأنهم صعبين بالاضافة الى بروزهم لذا هم موعودون بالنسف والدمار في اخر الزمان وهم واقعاً يجعلون مهمة الداعي صعبة في الشرق اما الغرب فأنه اسهل وذلك طبقاً للروايات التي تؤكد ان اغلب الحروب والمعارك والمصاعب هي في الشرق اما الغرب فأنه يفتح للامام باقل من هذا العناء رغم قوة الجيوش وتطورها لكن الناس فيها متحررين من التبعية للغير في التفكير وليس عليهم هيمنة فردية من رجال الدين بخلاف الشرق الذي يمتاز اهله بولائهم الاعمى لقادتهم بحيث اذا وقف قادتهم بوجه الامام ودعوته فأن الناس يقفون معهم ضد الامام (ع).
أما الخلايا التي تلتحق تباعاً بالهالة الكبيرة فهم المجاميع الاخرى من قوات الامام (ع) وجنوده الذين يلتحقون في المرحلة الثانية بعد اشتهار قضيته وكبرها بين الناس.
والحمد لله اولاً واخراً وظاهراً وباطناً
من العلامات المتحققة للظهور المقدس
113- اشتهار البرازيل بكرة القدم.
قال امير المؤمنين (ع) في مخطوطة قديمة اسماها الجفر :(ولا غالب لأمر الله عند قوم لهم نهر عظيم اسمه امزون يدعون للحق فيها مغاليس ، والظلم يفتن دهراً ، ينشر في ارضهم فقراً ، ولا يعلو لهم اسم إلا في اللعبة السارحة ، يمرح رجالها خلف مثل أضعاف بيضة نعامة ، كرة من جلود ينصبون لأجلها الرايات ويعزفون المعزف ويرقصون رقص الاحباش .....) كتاي المفاجأة.
ذكر صاحب كتاب المفاجأت ( ان البرازيل هي المرادف لكلمة الامزون وهو احداعظم انهار الدنيا ) ولقد تعرضت هذه البلاد للعديد من الفتن المتلاحقة والحروب والصراعات على مدى قرنين من الزمان مما تسبب في انتشار الظلم والفقر معاً ، فلو استعرضنا بشكل مختصر الوضع العام لهذا البلد لتبين لنا ذلك : رضخت البرازيل تحت نير الاستعمار البرتغالي وظلت تحت هيمنته حتى مطلع القرن الثامن عشر ، وفي علم 1822 م اعلن ( دوم بيدرو ) الاستقلال لدولة البرازيل ثم خلفه في الحكم ابنه دوم بيدرو الثاني الذي خاضت البرازيل في عهده ثلاثة حروب متلاحقة مع كل من (الارجنتين -اروغواي -بارغواي ) ثم اطاحت ثورة شعبية بالنظام الملكي سنة1889 م فقام ( جيتو ليوفارتماس) بأنقلاب عسكري اعلن بعده قيام الجمهورية البرازيلية الجديدة وكانت البرازيل هي اول دولة من دول امريكا اللاتينية تشارك في الحرب العالمية الثانية حيث ارسلت قوات عسكرية الى ايطاليا . عاد الحكم العسكري مرة اخرى عام 1964 م بزعامة ( اومبير توكا ستيلو) ، وفي عام 1984تم انتخاب (تانكر فيغيز )كأول رئيس مدني للبرازيل ، وبعده حكم العسكريون ايضاً وكان هدفهم الاول جعل البرازيل دولة صناعية كبرى ، فاهملت البنية التحتية والاجتماعية وتم تسخير الموارد الاساسية للبلاد لهذا الغرض فعاش الشعب في فقر مدقع حيث بلغ التضخم نسبة 5000 % ولا زالت اثار الفقر في ازدياد مستمر الى يومنا هذا . أخذ اسم البرازيل بالاشتهار في العصر الحديث من خلال لعبة كرة القدم التي ميزت أهل هذا البلد الذي اهتم بهذه اللعبة اقصى اهتمام ، وقد وصف امير المؤمنين (ع) كرة القدم ببيضة النعامة لآن هذه البيضة هي البيضة الوحيدة ذات الشكل الكروي ، وكرة القدم اليوم هي مصنوعة من الجلود كما ذكرها امير المؤمنين (ع) ولقد فازت البرازيل ببطولة كاس العالم لعدة مرات ، وهي بذلك قد حصلت على اعلى النتائج العلمية في هذه اللعبة فهي بذلك قد تربعت على عرش الشهرة -كما يقولون - لهذه اللعبة العالمية ، فاليوم عندما تذكر البرازيل يترائى للسامع مباشرة كرة القدم واشتهار لاعبيها ومنتخباتها المحلية والدولية ، وكرة القدم في هذا العصر هي كما ذكرها الامام علي (ع) في قوله (ينصبون لأجلها الرايات ويعزفون المعازف ويرقصون رقص الاحباش ) فالجمهور يرفع الرايات المختلفة لتشجيع فريقه داخل الملعب ويرفعون الرايات ايضا في الساحات والشوارع والاماكن العامة ابتهاجاً بهذه اللعبة او بفوز فريق من هذه الفرق التي تتنافس على هذه اللعبة ، وكذلك يعزفون الموسيقى والابواق ويقرعون الطبول مشجعين الفرق التي تلعب هذه اللعبة وهم يتراقصون فرحين عند تهديف فريقهم في شباك الفريق الخصم ، بل ان اللاعب الذي يسجل هدف يقوم بالرقص والمرح اخذا ساحة الملعب جيئة وذهابا فرحا بما قام به من انجاز.
114- اتيان البهائم:
ورد في روضة الكافي عن الامام الصادق(ع) في ذكره لعلامات الظهور فقال:- ( ورأيت البهائم تنكح)
قد وصل الفساد والافساد الى درجة كبيرة في المجتمعات حتى صار نكاح البهائم مألوفاً وشائعا, بل تعدى الامر ذلك فقد شاع في بلدان الغرب الغارقة في مستنقع المجون والرذيلة ما هو ادهى وامر حيث قامت وتقوم النساء الداعرات بممارسة الجنس مع الحيوانات, وقد افردت قنوات خاصة هذه الدول لعرض ذلك, ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
115- رياء المصلين:
ورد في روضة الكافي عن الامام الصادق(ع) في ذكره لعلامات الظهور فقال:- ( ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس)
الرياء هذا المرض القاتل الذي حذر منه رسول الله (ص) واعتبره القرآن من الشرك, فالمرائي يضيع عمله, وبدل ان يحرز رضا الله بعمله فهو يقع في سخط الله, واليوم يوجد المصلين المرائين بكثرة فهم يصلّون لا لله بل للناس ولاجل مدحهم ولتحقيق غايات ومكاسب دنيوية زائلة, وقد ورد عن شداد بن اوس قال:- ( دخلت على رسول الله (ص) فرآيت في وجهه ما سائني, فقلت مالذي ارى بك؟ فقال: أخاف على امتي الشرك, فقلت ايشركون من بعدك؟ فقال(ص): اما انهم لايعبدون شمساً ولا قمراً ولا وثناً ولا حجراً ولكنهم يرائون باعمالهم والرياء هو الشرك- وأستشهد رسول الله (ص) بهذه الاية المباركة- { فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه احداً} مستدرك الوسائل ج1 ص109.
116- الاذان والصلاة بالاجر:
ورد في روضة الكافي عن الامام الصادق(ع) في ذكره لعلامات الظهور فقال:- ( ورأيت الاذان بالاجر والصلاة بالاجر)
كان المؤذن يؤذن في الناس تقرباً الى الله تعالى وبدون مقابل, اما اليوم فان الامر مختلف فالمؤذن يؤذن مقابل اجر شهري يخصص له, اما الصلاة فقد اصبحت أيضاً مقابل اجر ففي صلاة الجمعة في ( مناطق) من ايران يقومون بتوزيع المال على المصلين فقط من قبل جهات خاصة تقوم بترتيب هذا الامر, واما عندنا في العراق فالامر مختلف فحينما يذهب احد المحتاجين لاحد رجال الدين طالباً مبلغاً من حقوق الله, فأول ما يسأله رجل الدين هذا قائلاً: خلف من انت تصلي؟! انت لاتصلي خلفي لازكّيك واعطيك ( مساعدة) أي مبلغ بسيط من المال, وبالتالي يقول له اذهب الى من تُصلي خلفه ليعطيك ما تريد, وعليه فيتبين ان هذا من مكاسب الصلاة المادية في هذه الايام.!!
117- تعطيل الحدود الشرعية:
جاء في روضة الكافي عن الامام الصادق(ع) في ذكره لعلامات الظهور فقال:- ( ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالاهواء)
كانت الحدود الشرعية في زمن الرسول الاكرم(ص) قائمة ومعمول بها, وظلت كذلك بعد رسول الله (ص) لفترة طويلة, ولكن في هذا الزمان لم نرى او نسمع ان رجلاً زانياً اقيم عليه الحد او امرأة زانية, او سارقاً او شارباً للخمر اقيم عليه الحد او تطبيق لاي حد من الحدود الشرعية الاخرى, وبالنتيجة فقد عطلّت هذه الحدود المنصوصة في كتاب الله وسنة رسوله (ص) وأستبدلت بالاحكام الضنية والظن لايغني من الحق شيئاً وبالتالي فهي تدخل في خانة الاهواء التي تختلف من شخص الى اخر.
118- التلذذ بالمنكر ليلاً ونهاراً:
ورد في روضة الكافي عن الامام الصادق(ع) في ذكره لعلامات الظهور فقال:- ( ورأيت الرجل يُمسي نشوان ويصبح سكران لايهتم بما الناس فيه).
لّقد ولدت كثرة بيع الخمور جيش من المدمنين الذين لايأبهون بشيء ولا يهمهم الا توفر المال الذي يستطيعون ان يشتروا فيه الخمر والتي تكون ملازمة لهم ليلاً ونهاراً, ويشمل هذا الكلام مدمني المخدرات الذين هم في ازدياد مستمر, ومستعدين ان يضحوا بكرامتهم وشرفهم مقابل ( حقنة او شمّة) من المخدر, وهم لايهتمون بما يجري حولهم من كل الامور ولا بالناس جميعاً.
119- إتخاذ الغيبة للظرافة:
ورد في روضة الكافي عن الامام الصادق(ع) في ذكره لعلامات الظهور فقال:- ( ورأيت الغيبة تستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضا).
اصبحت الغيبة التي حرمها المولى عزوجل في كتابه المنزل على رسوله الاكرم(ص) من الظُرف والظرافة, وصاحب الغيبة يبشر اصحابه بما يقول من الغيبة, وكأن الامر من المحللات او المستحبات, فالامر بات طبيعياً جداً بين اغلب الناس, وقد وصف رسول الله(ص) الغيبة بأنها اشد من الزنا ولايغفرها الله تعالى حتى يغفرها صاحبها, فلقد ذكر رسول الله (ص) في وصيته لابي ذر قال:- ( يا ابا ذر اياك والغيبة فأن الغيبة اشد من الزنا قلت : ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لان الرجل يزني فيتوب الى الله فيتوب الله عليه والغيبة لاتغفر حتى يغفرها صاحبها يا ابا ذر سباب المسلم فسوق وقتاله كفر واكل لحمه من معاصي الله وحرمة ماله كحرمة دمه قلت: يا رسول الله وما الغيبة؟ قال: ذكرك اخاك بما يكره, قلت يا رسول الله فان كان فيه الذي يُذكر به؟ قال: إعلم أنك اذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته واذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهتّه).
دراسات اسلامية
علم التوسم في الدليل القرأني
تكلمنا سابقا في بعض المقالات عن علم التوسم ومدخليته بالحياة اليومية وكيف يتوسم الناس من حيث لا يشعرون وطرحت اشكالات وتساؤلات اهمها ان كان هذا العلم ليس له دليل من الكتاب . والادلة كلها عامة ليس لها مدخلية وطيدة بالقرأن والسنة . والان سوف اطرح الدليل القرأني على السيماء وعلم التوسم ، وليس هذا الدليل الوحيد انما هناك ادلة كثيرة غيرها ، لكن المعتاد بالبحوث الاسلامية تقديم الدليل الافضل والاقوى والافضل من كلام الله كلام، ولا اقوى من دليل القرأن دليل . وقديما قيل ( اذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ) وهذه الايات الكريمة التي دلت على السيماء وعلم التوسم:
1- {ان في ذلك لأيات للمتوسمين} وقد اجمع اهل التفسير على ان هذه الاية تدل على التوسم ، سواء كانوا من السنة او الشيعة حيث ان ظاهر القرأن حجة .ويقول ان هناك متوسمين أي يعرفون الصالح من الطالح عن طريق التوسم أي في علامات ظاهرة بل لا يُقتَصَر على ذلك انما هو اعم منه . والمتوسمين هم من لديهم ملكة التوسم ، وهي ليست لكل احد انما هي خاصة . وقد وردت احاديث تدل على ان المتوسمين هم اهل البيت خاصة ومن دخل فيهم مثل سلمان المحمدي حينما قال رسول الله (ص)(( سلمان منا اهل البيت )) ومما يدل على انها خاصة بهم :
أ - جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (ص) انه قال : ( ان لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم ثم قرأ (( ان في ذلك لايات للمتوسمين..)).
ب - وعن ابي عبد الله (ع) انه قال : ( نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم والسبيل طريق الجنة )مجمع البيان ج3 ص342.
جـ - وعن عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني ، قال سمعت محمد بن حرب الهلالي ، امير المدينة يقول سألت جعفر بن محمد فقلت له يابن رسول الله في نفسي مسألة اريد ان اسالك عنها ، وقال ان شئت اخبرتك بمسألتك قبل ان تسألني وان شئت قل ، قال قلت له يابن رسول الله وباي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي ؟ قال : بالتوسم والتفرس : ما سمعت قول الله عز وجل (( ان في ذلك لايات للمتوسمين )) وقول رسول الله (ص) اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بنور الله .....) البرهان ج3 ص350.
د - عن الامام الصادق (ع) قال : ( اذا قام قائم ال محمد (ص) حكم بين الناس بحكم داود (ع) لا يحتاج الى بينة ، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استنبطوه ، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم ) الارشاد ص365.
هـ - وعن الامام الباقر (ع) قال : ( كأني انظر الى القائم (ع) واصحابه في نجف الكوفة كأن على رؤوسهم الطير فنيت ازوادهم وخلقت ثيابهم متنكبين قسيهم ، قد اثر السجود بجباههم ، ليوث بالنهار رهبان بالليل كأن قلوبهم زبر الحديد يعطي الرجل منهم قوة اربعين رجلاً ويعطيهم صاحبهم التوسم لا يقتل احد منهم الا كافراً او منافقاً ) منتخب الانوار المضيئة ص195.
و - وعن عبد الرحمن ابن اعين قال سمعت ابا جعفر (ع) يقول :( كان سلمان من المتوسمين ) نفس الرحمن في فضائل سلمان ص367.
وربما احد يشكل ويقول : ان بعض الناس عندهم توسم بشيء خاص ويعرفون اشياء عن الناس عن طريق بعض السيماء لكن لا يعلمون ان هذه الحالة هي توسم ؟ اقول ان المقصود انما هو التوسم الكلي العام لا الجزئي الخاص حيث ان اهل البيت عندهم كل التوسم اما بعض الناس فعندهم شيء من التوسم.
2- {الفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الارض يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافاً وما تنفقوا من شيء فأن الله به عليم }البقرة 273. ان هذه الاية نزلت في اهل الصفة الذين كان عددهم نحو( 400) تقريباً وملخصاً- ان هناك فقراء يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف لأنهم لا يسئلون الناس الحافا . أي ربما لا يسئلون الناس اصلاً بدليل لوكانوا يسئلون الناس لعرفهم الجاهل بأنهم فقراء اذن أنهم لا يسئلون الناس مطلقاً سواء كان الحاف ام بغير الحاف لكن رسول الله (ص) كان يعرفهم بسيماهم بأنهم فقراء . بدليل الاية القرانية السالفة الذكر ومما يؤكد ذلك ان هؤلاء الفقراء نتيجة التعفف اصبح الجاهل يقول عنهم اغنياء لأنهم ربما يلبسون ملابس جيدة نظيفة غير دالة على فقرهم لكن الرسول الكريم ينظر الى سيماهم الخاصة ويعرف انهم فقراء . اذن ان هذه الاية فيها دلالة صريحة على التوسم.
3- {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب } ال عمران 14 ان هذه الاية الكريمة اشارت الى حب الشهوات التي يقترفها الانسان ومن ضمن هذه الامور هي الخيل لكن ليس كل الخيل انما (( الخيل المسومة )) أي التي عليها سيماء الاصالة ، حيث ان العرب يحبون الخيل الاصيلة لان لها صفات حميدة لا تترك صاحبها حتى اثناء القتال ، والمهم في هذا المقام هو ان هذه الخيل لها سيماء يعرفها ارباب الخيل واهل الاختصاص وان كان اكثر العرب سابقاً يعلمون هذه السيماء ، لكن الان جهل اكثرهم بها نتيجة قلة الاحتياج الى الخيل والابتعاد عن حياة الصحراء والبادية . اذن هناك سيماء تدل على الخيل الاصيل التي تعطي جمال وروعة للخيل ، فلماذا ذكر الله سبحانه وتعالى بالملازمة اذا هناك من يتوسم أي يعرف السيماء وكلاهما معناها التوسم ، اذا ان علم التوسم علم قائم بذاته وثابت بدلالاته.
4- { وبينهما حجاب وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا اصحاب الجنة ان سلام عليكم لم يدخلوها وهو يطمعون } الاعراف 46 .. { ونادى اصحاب الاعراف رجالاً يعرفون بسيماهم قالوا ما اغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون } الاعراف 48.
في هذه الايتين ذكر رجال على الاعراف وهو مكان بين الجنة والنار يوم القبامة والحساب يقفون عليه يعرفون الصالح من الطالح عن طريق السيماء والتوسم كما قال تعالى { يعرفون كلاً بسيماهم } وهؤلاء الرجال يعرفون كل الناس عن طريق السيماء فيعرفون اهل الجنة بسيماء الصالحين و اهل النار بسيماء العصاة . وقد ورد الحديث عن الاصبغ بن نباتة قال : كنت جالساً مع علي (ع) فأتاة ابن الكوا فسأله عن هذه الاية فقال: ويحك يا ابن الكوا نحن نقف يوم القيامة بين الجنة والنار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة ، ومن ابغضنا عرفناه بسيماه فادخلناه النار . اذا ان هذه الايتين تدلان على علم التوسم ومعرفة الناس بالسيماء.
5- {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم اعمالكم } محمد 30 ان هذه الاية تتحدث عن المنافقين وكيفية معرفتهم للرسول الكريم (ص) ولو شاء الله لأراهم الرسول الكريم (ص) . وقد نص القرأن على ان الرسول ممكن ان يعرفهم عن طريق التوسم والسيماء بدليل قوله تعالى { فلعرفتهم بسيماهم } اذا ان للمنافقين سيماء تدل عليهم والدليل على ان الاية تتكلم عن المنافقين في سياق الايات التي قبل هذه الاية وبعدها . حيث ان الاية التي قبلها تؤكد على ان في قلوبهم مرض وعندهم ضغائن وهذه من صفات المنافقين ، قال تعالى {ام حسب الذين في قلوبهم مرض ان لن يخرج الله اضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم ......} اما التي بعدها {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا اخباركم } والامتحان والابتلاء بين المسلمين وعليهم كما هو واضح . اذا ان للمنافقين سيماء ، والرسول (ص) يمكن ان يعرفهم بسيماهم . وبالاخير ان هذه الاية تدل على التوسم.
6- {محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطئه فأزره فأستغلظ ......} الفتح29.
في هذه الاية دلالة صريحة على ان الرسول واصحابه المنتجبين الاخيار لهم مواصفات وسيماء تدل عليهم ولهم سيماء خاصة هي سيماء الصالحين المناصرين لله ورسوله وعن طريق هذه السيماء يعرف صدق الدعوة وصدق الداعي .حيث ان بعض علماء بني اسرائيل من النصارى ايضاً كانوا يعرفون النبي (ص) واصحابه عن طريق السيماء التي ذكرت عندهم في التوراة والانجيل لكنهم كتموها ولم يبثوها بين الناس بل اكثر من ذلك فعلوا فقد كذبوا من له سيماء الصالحين وسيماء النبي الامين (ص). اذا ان للرسول (ص) سيماء تدل عليه ، ولاصحابه سيماء في وجوههم تدل عليهم نتيجة كثرة السجود وليس المقصود من( اثر السجود ) هو الاثر الذي في الجبهة ،وذلك لان الكثير من المنافقين سود الجباه الم يكن الخوارج الذين حاربوا الامام علي (ع) من المنافقين سود الوجوه ولهم دوي كدوي النحل . انما المقصود دلالاة وسمات وسيماء وعلامات خاصة يعرفون بها . لذلك قال الامام الصادق (ع) {سيماهم في وجوههم من اثر السجود } هو السهر في الليل. لما يترك من سيماء في الوجه يعرفها المتوسم.
7- {يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام } الرحمن 41.
يقرر الله سبحانه وتعالى ان للمجرمين سيماء تدل عليهم وعن طريق هذه السيماء سوف يعرف المعاقب المجرمين من هم لكي يعاقبهم على اجرامهم سواء كان المعاقب هو الملائكة ام القائم (ع) . حيث ان الروايات دلت على ان الاية تدل على ان المعرفة تكون للقائم عن طريق السيماء . فعن معاوية الدهني عن ابي عبد الله (ع) في قول الله تبارك وتعالى { يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذوا بالنواصي والاقدام }فقال: يا معاوية ما يقولون في هذا ؟ قلت : يزعمون ان الله تبارك وتعالى { يعرف المجرمون بسيماهم } في القيامة فيأمر لهم فيؤخذ بنواصيهم واقدامهم ويلقون في النار . فقال لي : فكيف يحتاج تبارك وتعالى الى معرفة خلق انشأهم وهو خلقهم ؟ فقال: جعلت فداك وما ذاك ؟ قال : ذلك لو قام القائم اعطاه الله السيماء فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم واقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطاً.
ومما يدل على ان المقصود من المعرفة للقائم (ع) هو اما ان تكون المعرفة في الاية لله او للملائكة او للقائم (ع) فعلى الامر الاول أي لله فهناك اشكالات:-
1) ان المعرفة لا تطلق على الله سبحانه لأنه يعلم ويقال عنه عالم وليس يقال عنه عارف لأن المعرفة يسبقها الجهل على عكس العلم.
2) ان الله سبحانه وتعالى غني عن السيماء حيث انه يعلم خائنة الاعين وماتخفي الصدور . وأما ان كان المقصود من المعرفة في {يُعرف} هم الملائكة . اقول ان الملائكة ليس هم المُحاسِبين انما الحساب يوم القيامة بيد الله سبحانه وتعالى ولا يكون عن طريق علامات او دلالات انما كل شيء حاضر عنده { ووجدوا ما عملوا حاضراً عند ربهم } وكذلك { يوم تشهد عليهم ايديهم وارجلهم } اذن ان الملائكة ليس لهم ان يحاسبوا من تلقاء انفسهم حتى عن طريق السيماء انما هم مامورون . قال تعالى { بل عباد مكرمون يفعلون ما يؤمرون } اذن ثبت ان الذي يعرف المجرمين بسيماهم هو القائم (ع) في القيامة الصغرى والحساب الاصغر.
8- {تعرف في وجوههم نظرة النعيم } المطففين 24. في هذه الاية الكريمة بين الله سبحانه وتعالى بأن الابرار في نعيم ونتيجة هذا النعيم ترى في وجوههم نظرة طلقة وعليها سيماءالنعيم وملامح تدل على انهم من اهل الجنة وليس المقصود نظرة النعيم ما موجود الان عند المترفين من علماء السوء واعوانهم فنتيجة الترف ترى وجوههم بيض ووجناتهم حمراء لهم وجوه كوجوه النساء الجميلات والجهل يدفع الناس الى القول بأن وجوههم رحمانية حتى ان هناك مثل دارج يقول (وجهه كوجه سيد ) وهذا ليس من النعيم الذي وصفه الله سبحانه وتعالى ولا يعقل ان يكون النعيم الذي يعنيه الله سبحانه وتعالى باموال الفقراء والمساكين . واخيراً تبين ان هذا دل عليه القرأن وهو علم صحيح . وأهم الاستنتاجات من هذه الايات امور:
1- ان هناك متوسمون هم اهل البيت(ع) ومن دخل معهم مثل سلمان كما قال الامام الباقر (ع) ( ان سلمان كان من المتوسمين ) وان هذا العلم من مختصات القائم (ع) واصحابه.
2- ان هناك سيماء الفقراء كما دلت عليه الاية الكريمة { للفقراء الذين احصروا - الى قوله تعالى - تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافاً.
3- ان الخيل لها سمات وعليها علامات تدل على اصالتها وان اكثر الناس يرغبون الخيل المسومة أي التي عليها سيماء الجمال والاصالة.
4- ان لأهل الجنة سيماء خاصة بهم تدل عليه وان لأهل النار سيماء خاصة تدل عليهم ايضاً والتي يعرفها اهل الاعراف الوارد ذكرهم في الاية الكريمة.
5- ان للمنافقين سيماء خاصة تدل عليهم مصداق قوله تعالى { ولو شئنا لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم}.
6- ان للرسول الكريم(ص) واصحابه المنتجبين سيماء خاصة تدل عليهم ذكرت في التوراة والانجيل.
7- ان القائم (ع) هو الذي يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام . وان للمجرمين سيماء خاصة تدل عليهم هي غير سيماء المنافقين او الكافرين انما هي سيماء تدل على الاجرام.
8- ان الذين عليهم نظرة النعيم ليس هم المترفين الذين يسرقون اموال الايتام وألارامل.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . وقل ربي زدني علما.
قرقيسيا وكنز الذهب
ينبغي ان نلفت الانتباه الى لبس وقع فيه الشيخ الكوراني ( حفظه الله ) في كتابه ( الممهدون للمهدي ) ولم يصححه في كتبه اللاحقة ، اذ عد حدث ( انحسار الفرات عن كنز من الذهب ) كما جاء في بعض الاخبار ، سبباً مباشرا لحدوث معركة قرقيسيا فبيل ظهور الامام المهدي (ع) قال :( اما سببها فهو الكنز الذي يكتشف او يظهر عند نهر الفرات أو في مجراه )الممهدون للمهدي ص279 . حيث ضن ان اكتشاف الكنز في مياه المنطقة يكون سببا مباشرا في اشعال فتيل المعركة ، وهذا الضن مرتكز اساسا على رايه السابق بصدد موقع قرقيسياء . فكون المنطقة حدودية هو التبرير المعقول لحصول النزاع قياسا على ما وقع في بعض المعارك في العصر الحديث والمعاصر ، مثل التنازع على قطعة ارض او جزيرة في البحر مشتركة ... وهكذا.
ونحن لو تنزلنا وقبلنا ان يكون اكتشاف الكنز سببا للنزاع ، فانه ليس سببا لهذه المعركة حصرا ، نعم ان صح خبر هذا الحديث ، فانه يكون متزامنا مع المعركة لا اسباب لها . اذ ان القول بسببية الحدث ( الانحسار عن الكنز ) في نشوب معركة قرقيسيا يفتقر الى تبرير امرين ، وكلاهما مما لا يمكن تبريره الا بتكلف:
الامر الاول : سلوك السفياني بعد خروجه من المعركة منتصرا . اذ ورد في اخبار الظهور ان السفياني بعد ان يحسم هذه المعركة لصالحه سوف يمضي قدما في معاركه ويغزو العراق فقد ورد ان السفياني (( لا يكون له همة الا الاقبال نحو العراق . ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتلون بها ، فيقتل من الجبارين مائة الف ....)) البحار ج52 ص237 فلو كان حدث الانحسار هو السبب المباشر لحدوث معركة قرقيسيا لآدى حسم المعركة في سوريا الى توقف السفياني عن مواصلة القتال سواء كان على الجبهة العراقية ام التركية . ومنه يعلم بان الهدف ليس هو الاستحواذ على الكنز ، وبالتالي فانه من غير المرجح ان يكون سببا للقتال.
الامر الثاني : ان القرائن تشير الى ان هذا الكنز مما لا يقبل الانتفاع منه مباشرة . فقد روى الشيخ علي بن حسام المشهور بالمتقي الهندي في كتابه ( البرهان في علامات مهدي اخر الزمان ) ، (( يوشك الفرات ان ينحسر عن كنز من ذهب ، فمن حضره فلا ياخذ منه شيئا )) ج2ص640 . ويمكن ان يوجه هذا الحديث بتوجيهين:
التوجيه الاول : ان اللام في عبارة (فمن حضره فلا ياخذ منه شيئا )ناهية ، فتكون العبارة - طبقا لذلك - انشائية لا خبرية ، أي انها في مقام تحذير الناس ونهيهم عن ان ياخذوا شيئا من ذلك الكنز الذي يحسر عنه الفرات . وعليه تكون علة المنع هي : حدوث امر خطير يحول بين الناس وبين الاخذ المقدور لهم ، كالوباء او حدوث زلزال لو ما شابه.
التوجيه الثاني :ان اللام في العبارة المذكورة نافية فتكون العبارة تبعا لذلك خبرية ، أي انها في مقام تقرير واقع هو : انهم بالفعل غير قادرين على اخذ شيء . وعليه فيكون المانع في الكنز نفسه ، أي انه ليس مما يمكن الاخذ منه مباشرة ، وحينئذ يكون المراد من قوله :(يحسر عن كنز من ذهب ) المعنى المجازي لا الحقيقي .
ونحن نميل الى ترجيح التوجيه الاخير ، اذ ان هناك اخبار اخرى تؤكد على كون الكنز محمولا على المجاز لا الحقيقة . ومنه الحديث الذي رواه المتقي الهندي في كتابه المشار اليه ، قال :(( لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس فيقتل تسعة اعشارهم )) ج2ص640 . وهنا نلاحظ ان هذا الحديث استعمل عبارة ( جبل من ذهب ) عوضا عن ( كنز من ذهب ) ، وذلك صريح في ارادة المعنى المجازي ، اذ كيف يجوز ان يحسر مجرى النهر عن جبل ؟ فان قيل : لا دليل هناك على ما ذكر في التوجيه الثاني من كون الكنز مما لا يمكن الاخذ منه مباشرة ، حتى وان سلمنا لكم بصحة حمل المعنى على المجاز ، اذ لا موجب للتخصيص بذلك المذكور ، بل قد يستفاد من المجاز عكس ما ذكر في التوجيه فان الجبل يحتمل ان يكون كناية عن عظم الكنز وكبره لا عن عدم جواز الاخذ منه مباشرة . اقول : ان الاشكال انما يصح لو كانت العبارة مجردة من القرائن الاخرى ، كقرينة الاقتتال التي لا يتناسب القول بعظم الكنز بل يتناسب القول بندرته كما سنسمع . ومعنى كون ذلك الكنز مما لا يمكن الاخذ منه مباشرة ، انه شيء غير قابل للتناول او الاستهلاك الاني المباشر . أي ان الانتفاع به يفتقر الى امور كالوقت الطويل والجهد والتقنية . فقد يكون الكنز عبارة عن حقول ضخمة للبترول ( الذهب الاسود ) او منجما كبيرا لعنصر نفيس كالزئبق الاحمر او اليورانيوم او نحوهما او كنزا اثريا ذا قيمة تاريخية عظيمة ، وما اشبه ، ولا مانع من كون الكنز بالفعل كنزا من ذهب ، ولكن بتلك الصفة أي مما لا يؤخذ منه مباشرة . كأن يكون الذهب ي منجم تحت مجرى النهر او بالقرب منه.
ويبدو للناقد البصير انه من غير المناسب في ضل التوجيه الماخوذ به ان يوجد ثمة داع معقول لحدوث القتال او الاقتتال فضلا عن فناء ذلك العدد الضخم من البشر بالفعل بسببه ! ونرى ان التبرير المقبول بحدوث هذا الاقتتال بين الناس ، بعد التسليم بعدم حصول الانتفاع بالكنز مباشرة ، هو انه لا يكون بسبب نفس الكنز ، بل بسبب امر اخر عند موقع الكنز وبعبارة اخرى : فان الاقتتال بين الناس لا يحصل نتيجة للمنازعة او المباراة بينهم للاخذ منه بل يحدث في موقع تواجد ذلك الكنز . ولعلة اخرى غير نفس اكتشافه هناك . اذ لا يلزم ان نفهم من عبارة ( يقتتل عليه الناس ) ان الاقتتال يحصل بسبب اكتشاف الكنز في مجرى النهر او انحسار النهر عنه ، فدلالة العبارة ليست سببية بالضرورة ، فلعلها ان تكون ضرفية ، وربما امكن دعم هذا الراي بدليل : فقد روى كتاب البرهان ما يلي ((لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون فيقول كل رجل منهم لعلي اكون انا الذي انجو )) البرهان في علامات مهدي اخر الزمان ج2ص640 .ومنه يتبين ان الاقتتال لا يكون من اجل الكنز او معلولا لاكتشافه في مجرى النهر ، طالما ان كل واحد من الناس يكون طالبا للنجاة . ومن المستبعد ان تكون النجاة المقصودة هي : النجاة بالفوز بالذهب فذلك بعيد عن المتبادر ، اذ الطالب للنجاة انما يطلبها ليدرء عن نفسه القتل ، كما هو واضح في سياق الخبر . وروي عن النبي (ص) انه قال :( يقتتل عند كنزكم ثلاثة ثم يجيء خليفة الله المهدي (ع) المهدي الموعود المنتظر ج2 ص 185 . وفي هذا الخبر تصريح بالمقصود من عبارة ( يقتتل عليه الناس ) حيث استعمل الظرف ( عند) بدلا من حرف الجر ( على).
والنتيجة التي نصل اليها : بعد هذه المناقشة ، ان انحسار الفرات عن كنز من الذهب كما ورد في الاخبار لا يكون هو السبب الرئيسي لمعركة قرقيسيا كما ضن الشيخ علي الكوراني ( حفظه الله ) بل ان هناك سببا اخر لنشوب هذه المعركة ، نعم ان اكتشافه قد يكون من الاسباب الثانوية التي تؤثر على اتخاذ بعض الاطراف لقرار المشاركة في القتال في قرقيسيا بيد اننا لا نتوقع ان يكون ( كنز الذهب ) الذي هو في الاصل كنزاً سورياً محلاً للنزاع بين هذه الدول ودول اخرى ، فان ذلك بعيد عن منطقة النزاعات الاقليمية او العالمية في زماننا المعاصر .
اللهم الا ان يكون الكنز امراً حيويا ً بحيث تؤدي السيطرة عليه او التحكم به الى حدوث المشاكل او كوارث انسانية وبيئية كبرى ، كأن يكون المقصود من كنز الذهب المياه مثلاً بحيث يمكن لنا تبرير النزاع بين الدول حتى وان كان الكنز موجوداً في دولة معينة حصراً الا ان هذا الاحتمال رغم وجاهته يستلزم ان يكون موقع الكنز هو دولة المنبع اعني تركيا لا سوريا ، فالتحكم في مياه نهر الفرات ومناسيبه او تغيير وجهته ، ان امكن هو من شان تركيا بلد المنبع . وعلى كل حال فالنقاش في هذا الموضوع طويل الذيل نكتفي منه بما ذكرناه والله تعالى اعلم بحقيقة الحال
القائم بين السائل والمجيب
اسئلة عامة حول غيبة
الامام المهدي(ع)
بين السائل والمجيب
س1 / جاء في الرواية الواردة عن علي بن مهزيار قال : كتبت الى ابي الحسن (ع) رسالة عن الفرج ؟ فكتب : اذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج. فما معنى ذلك وكيف نتوقع الفرج ؟
ج/ اولاً يجب ان نعرف من هو المقصود بصاحبكم وبحسب اعتقادي انه ليس الامام المهدي (ع) بل هو شخص اخر غير الامام (ع) بدليل انه اذا غاب فأن الفرج سيكون قريباً أي ان القضية شرطية اذا تحقق الشرط وقع المشروط ومعنى ذلك ان الغيبة علامة للفرج ولا تكون العلامة الا قريبة على ما تدل عليه فأذا غاب كان الفرج قريباً ولا يمكن ان يكون المقصود هو الامام (ع) لأنه غاب قبل 1170 سنة ولكن الى يومنا هذا لم يأتي الفرج والوجدان يقضي بأن الرواية دالة وموضحة على قرب وقوع الفرج من الغيبة اذن فأن الرواية تقصد شخصاً غير الامام (ع) وبحسب اعتقادي انه اليماني الموعود ( وزير المهدي (ع) الذي تكون له غيبة عن حكومة بني العباس الثانية التي يكون قيامها سابقاً لقيام الامام المهدي (ع) وتكون علامة من العلامات اللابدية الوقوع الدالة على قرب القيام المقدس للامام (ع) ، ومما يدل على ذلك ما جاء في الرواية الواردة عن زرارة قال : سمعت ابا عبد الله جعفر (ع) يقول : ( ان للقائم (ع) غيبة قبل ان يقوم...)فهذه الروية حتماً لا تقصد الامام المهدي (ع) لأن الامام غاب ومضى على غيبته 1171 سنة ولم يقم والرواية دالة على ان الشخص المقصود يغيب قبل قيامه بقليل كما ان ما يؤيد هذا المعنى ايضاً ما جاء ف الرواية الواردة عن الامام الهادي (ع) : ( اذا رفع علمكم من بين اظهركم فتوقعوا الفرج من تحت اقدامكم).
والمقصود بالطبع قطعاً ليس الامام (ع) لأن توقع الفرج من تحت الاقدام دال على قرب الفرج من وقوع الغيبة ومن تحت الاقدام مبالغة في القرب كما لا يخفى ولا يكون ذلك في غيبة الامام المهدي (ع) التي استمرت طول هذه الفترة من الزمن.
س2 / جاء ف الروية عن الامام الصادق (ع) : ( لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة ، ونعم المنزل طيبة ، وما بثلاثين من وحشة ) من هؤلاء الثلاثين هل هم الابدال ؟
ج/ ليس هم الابدال وهذا القول ليس صحيح فهؤلاء الثلاثين لابد ان يكونوا مجتمعين كما يظهر من الرواية اما الابدال فهم يعقب احدهم الاخر حسب ما هو متعارف ثم ان الابدال مع الامام المهدي (ع) بينما الرواية هنا لا تتتحدث عنه (ع) بل هي عن شخص اخر فقد ورد في الروايات ان الامام المهدي (ع) لا يرى شخصه فكيف يأنس من وحشته بهؤلاء الثلاثين فعن عبيد الله بن زرارة قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( يفقد الناس امامهم يشهد المواسم فيراهم ولا يرونه ) وعن زرارة قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( ان للقائم غيبتين يرجع في احداهما وفي الاخرى لا يدري اين هو ، يشهد المواسم ، يرى الناس ولا يرونه ) . وبهذا يتبين لنا واضحاً ان صاحب هذا الامر في هذه الرواية التي تسألون عنها ليس المقصود منه الامام (ع) بل هو من يقوم بامر الامام (ع) ويدعوالى نصرته وموالاته قبل قيامه عليه السلام.
س3 / ورد في الروايات ان للأمام المهدي (ع) غيبتين يرجع في احداهما الى اهله وكما في الرواية الواردة عن المفضل بن عمر قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( ان لصاحب هذا الامر غيبتين : يرجع في احداهما الى اهله ، والاخرى يقال : هلك في أي وادٍ سلك...) لكننا نعلم ان اهل الامام (ع) قد ماتوا قبل نهاية الغيبة الصغرى بكثير فما معنى ان الامام (ع) يرجع الى اهله كما في الرواية ؟
ج/ في الواقع ان هذه الروية ليس المقصود منها الامام المهدي (ع) وان كان المتعارف بين اوساط العلماء والباحثين انها تتكلم عنه (ع) الا ان هناك ما يؤيد قولنا ومنه ما ذكرتموه من ان الامام بعد نهاية الغيبة الصغرى لم يكون له اهل فيرجع اليهم كما ان هناك رواية تعضد قولنا هذا وهي الرواية الواردة عن زرارة قال : سمعت ابا جعفر (ع) يقول : (ان للقائم غيبة ويجحده اهله ) وهذه الرواية يظهر منها ان للقائم اهل لكنهم يجحدونه والذي نستفيده من الروايتين ان القائم يرجع الى اهله وان اهله يجحدونه وهذا الامر لا ينطبق بطبيعة الحال على الامام المهدي (ع) بل الظاهر ان المقصود هو اليماني الموعود الذي تجري عليه بعض السنن من الانبياء فيغيب كما غاب الانبياء عليهم السلام.
س4 / جاء في الرواية عن عبد الكريم قال : ذكر عند ابي عبد الله (ع) القائم ، فقال : انى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال : مات او هلك ، في أي وادٍ سلك ؟ فقلت : وما استدارة الفلك ؟ فقال : اختلاف الشيعة بينهم . والسؤال هو : كما هو واضح ان الرواية تتحدث عن الشيعة وكيف يقع بينهم الاختلاف الذي يكون علامة قريبة جداً من الظهور المقدس للأمام المهدي (ع) ولكن كيف لنا ان نتصور ان الشيعة يقولون ان الامام المهدي (ع) مات او هلك في أي وادٍ سلك وهذا خلاف عقيدتهم كما هو واضح ؟
ج/ في الواقع ان كل هذه التساؤلات صحيحة ومشروعة لو كان المقصود بقولهم مات او هلك هو الامام المهدي (ع) ولكن الصحيح المقصود ليس الامام (ع) بل هو وزيره والداعي الى نصرته والقائم بدعوته فهو الذي سوف يغيب بعد دعوة الناس لنصرة الامام (ع) وسيقع اختلاف بين الشيعة حتى يقول عنه بعضهم مات وبعضهم يقول هلك واخرين يقولون في أي وادٍ سلك أي اين ذهب وكيف اختفى والشيعة في هذا الحال من الاختلاف.
س5 / جاء في الروايات ان في صاحب هذا الامر سنة من يوسف هي السجن والغيبة فلا ادري كيف يسجن الامام المهدي (ع) ومتى يكون ذلك السجن او هل انه سجن قبل الغيبة يا ترى ام ماذا ؟
ج/ هذه الروية في الواقع لا تتحدث عن الامام المهدي (ع) وقد اخطأ من ظن انها تقصد الامام بشخصه لأن الامام لم ولن يسجن ابداً بل الرواية تتحدث عن صاحب امر الامام (ع) والقائم بدعوته السيد اليماني فهو من تجري عليه سنن الانبياء وسنة يوسف بالاخص وان سجنه في الواقع سجن للأمام (ع) لأن الاساءة لوزير الامام وصاحبه والقائم بالدعوة له أساءة للأمام نفسه كما ان الثابت تأريخياً ان الامام (ع) لم يسجن قبل الغيبة الصغرى كما انه لم يسجن لا خلال الغيبة الصغرى ولا في الغيبة الكبرى وذلك لأن سجنه خلاف الحكمة من الغيبة فلو قدر وسجن الامام فما هي العلة من الغيبة اذاً ثم انه لا يمكن سجن الامام بعد قيامه مطلقاً لأن الامام لا يقوم حتى يكتمل له جيش معد وعنده عدة وسلاح حتى ان الامام يفرض سيطرته على العالم كله اما من قال ان المقصود من السجن هو الغيبة فهذا غير صحيح لانه لا يصح ان يقول حينها السجن والغيبة لان معناه سيكون الغيبة والغيبة وهذا لغو في الكلام ولا يصح نسبته الى الامام المعصوم (ع).
س6 / جاء في الروايات الواردة عن الائمة عليهم السلام ( ان الذي تطلبون وترجون انما يخرج من مكة ، وما يخرج من مكة حتى يرى الذي يحب ولو صار ان يأكل الاغصان اغصان الشجر ) فما هو معنى حتى يرى الذي يحب ؟
ج/ ان معنى ذلك ان الامام (ع) لا يقوم حتى يرى اصحابه قد اكتملوا من حيث العدد والخلق ووصلو الى مرحلة من التكامل تؤهلهم للسر في امر الامام (ع) ومواجهة العالم واقامة العدل وقد دلت على ذلك الكثير من الروايات ففي الرواي الواردة عن الامام الصادق (ع) : ( لا يخرج القائم من مكة حتى تكتمل الحلقة ، فقال الراوي وكم الحلقة فقال (ع) : عشرة الاف ) من هذه الرواية يتبين لنا ان خروج الامام (ع) متوقف على اكتمال القاعدة المؤلفة لنصرته وتلبية نداءه ودعوته اذاً فالامام (ع) ينتظرنا لكي نسعى لأجل التكامل واعداد النفس وتهيأتها لو كنا حقاً لأمره منتظرين.
س7 / ورد في الروايات ان للقائم سنة من الخضر وذي القرنين وهو طول الغيبة وان الغيبة ستطول على حد تعبير الامام وانه سيرجع عن امره اكثر القائلين به ، والسؤال هو اننا لم نرا او نسمع الا القلة القليلة الذين رجعوا في عقيدتهم في الامام المهدي (ع) بينما تقول الرواية يرجع اكثر القائلين به فما معنى ذلك ؟
ج / قبل الاجابة لا بد من معرفة ان معنى ( سيرجع عن امره ) المقصود هنا الشيعة لأنهم هم وحدهم من يعتقدون بولادة الامام (ع) وغيبته وقيامه المقدس اما الاجابة فهي ان معنى ذلك ان اكثر الشيعة سوف يبتعدون عن امر الامام الحقيقي وليس معنى ذلك ان يكون ابتعادهم ورجوعهم ظاهريا بل ان ذلك سيكون رجوعاً وابتعاداً باطنياً حيث يكون اكثرهم ظاهراً يعدون شيعة وموالين لكن الحقيقة خلاف ذلك فأنهم سوف يضيعون امر الامام المهدي (ع) وحقيقته التي كان ينبغي لهم التمسك بها وذلك بسبب الجهل او عدم الفهم الصحيح لأمر الامام المهدي (ع) وقضيته.
س8 / يفهم من الروايات الواردة في امر الامام ان الكثير من المسلمين يتزلزلون ويشكون في امر الامام (ع) ولكن طائفة منهم سوف يبقون على اعتقادهم بالامام وامره فمن هم هؤلاء الباقين محافظين على عقيدتهم وما هي صفاتهم ؟
ج/ان هذه الطائفة هم الموصوفون بالروايات والايات القرانية فقد جاء في الرواية الواردة عن المفضل بن عمر قال : كنت عند ابي عبد الله (ع) في مجلسه ومعي غيري ، فقال لنا : اياكم والتنويه يعني بأسم القائم (ع) وكنت اراه يريد غيري ، فقال لي : يا اباعبد الله ، اياكم والتنوية ، والله ليغيبن سبتاً من الدهر وليخملن حتى يقال : مات او هلك باي وادٍ سلك ؟ ولتفيضن عليه اعين المؤمنين ، وليكفأن تكفيء السفينة في امواج البحر حتى لا ينجوا الا من اخذ الله ميثاقه ، وكتب الايمان في قلبه ، وايده بروح منه ، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي.
والواقع ان هذه الرواية تتحدث عن قوم في اخر الزمان من ضمن العلامات الدالة على قرب القيام المقدس للامام المهدي (ع) والذي يظهر ان هؤلاء الثابتين على ولاية القائم (ع) والذين تنجيهم عقيدتهم من التيه والانحراف والضلال فلا يتبعون هذه الرايات المشتبهه بالحق المنحرفة عنه هم ممن اخذ الله ميثاقهم وكتب الله في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه وهم الموصوفون بالقرآن بحزب الله قال تعالى (( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الأخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون )) الحشر 22 - وهؤلاء هم انصار الامام المهدي واصحابه الذين جا ذكرهم في الروايات بانهم يتركون في سبيل الله عز وجل والامام المهدي الاباء والابناء والاخوة والعشيرة لا لشيء الا بسبب رفض هؤلاء لدعوة الامام (ع) وامره فيتبين لنا من هذه الروايات والاية السالفة الذكر ان اصحاب الامام (ع) وانصاره يكذبون ويحاربون حتى من قبل اقرب الناس اليهم وهم اباءهم وابناءهم واخوانهم وعشائرهم فلا يكون الانصار انصاراً للأمام (ع) والله يقع هذا الامر معهم ولا يكونوا صادقين في نصرتهم ما لم يقطعوا مودتهم لهؤلاء الناس الذين يحادون الله والامام (ع).
هل خرج الشيصباني في العراق؟؟
ان المتتبع لأحاديث النبي (ص) وروايات الائمة الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين الواردة في امر الامام المهدي (ع) يجد ان تلك الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة تتحدث في الكثير من عباراتها عن شخصياتها متعددة لها اثر واضح في امر الامام عليه السلام وقضيته سواء كان ذلك الاثر سلبياً او ايجابياً الا ان بعض تلك الشخصيات وخاصة التي لها دور ايجابي في قضية المهدي (ع) قد احيطت بشيء من الرمزية والتحفظ والسرية وذلك لأسباب يأتي لكلام عنها في موضوع اخر ان شاء الله تعالى . اما بالنسبة للشخصيات التي يكون دورها سلبياً في امره (ع) فأننا نجد ايضاً بعض تلك الشخصيات خافية وغامضة وغير واضحة المعالم وان كان ذلك للوهلة الاولى الا ان الباحث والمتأمل في تلك الروايات اذا ما امعن النظر فأنه سيتوصل الى الحقيقة . ومن تلك الشخصيات والتي سنتناولها في موضوعنا هذا شخصية (( الشيصباني )) الذي ورد ذكره في الاخبار وتحدث عنه بعض الباحثين ولكن بشيء مختصر ومجمل غير مفصل . حيث سنحاول في هذه السطور الكشف عن هذه الشخصية ومحاولة معرفتها . وقبل الخوض في ذلك لابد لنا ان نعرف معنى كلمة شيصبان فقد ذكر صاحب كتاب شرح القاموس ان شيصبان اسم للشيطان ، ويستعلم او يطلق على كل من يفعل فعلة كأفعال الشيطان من حيث المكر والخبث والدهاء والشر وما الى ذلك من تلك الصفات الذميمة ، والذي يظهر من الروايات ان الشيصباني يظهر في العراق وبالاخص من الكوفة والنجف ويكون خروجه سابقاً لخروج السفياني كما ان الذي يظهر من الروايات ان امر الشيصباني يبدأ بالتدرج شيئاً فشيئاً الى ان يأخذ بالانتشار والاتساع ليشمل مساحة اكثر واكبر فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سألت ابا جعفر (ع) عن السفياني فقال : ( وانى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني يخرج بارض كوفان ، ينبع كما ينبع الماء فيقتل وفدكم ، فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم (ع) ) بحار الانوار ج52 ص250 - والذي يتبين لنا من هذه الرواية اضافة الى ما ذكرنا ان الشيصباني رجلاً شيعياً او بالاحرى والاصح انه متشيع يدعي الولاء لأهل البيت عليهم السلام لكن افعاله في الواقع مخالفة لأفعالهم ومشابهة لأفعال ابليس لان الكوفة كما هو معروف مدينة شيعية وليس فيها غير الشيعة الامامية ايدهم الله . ان الشيصباني هذا هو الحاكم العباسي الذي يحكم العراق في اخر الزمان حيث ستقوم الحكومة الثانية لبني العباس قبل قيام السفياني وخروجه كما جاء في الروايات فعن الحسن بن ابراهيم قال : ( قلت للرضا (ع) اصلحك الله انهم يتحدثون عن السفياني يقوم ، وقد ذهب سلطان بني العباس ؟ فقال : كذبوا انه ليقوم وان سلطانهم لقائم ) بحار الانوار ج52 ص251 - فان في هذه الرواية ما يدل وبوضوح على ان لبني العباس دولة ثانية تقوم في اخر الزمان تسبقث خروج السفياني وقيامه . كما انه قد دلت الروايات على ان نهاية حكم بني العباس في اخر الزمان يكون على يد الخراساني والسفياني فعن ابي بكر الحضرمي عن ابي جعفر (ع) قال : ( لابد ان يملك بني العباس ، فأذا ملكوا واختلفوا وتشتت امرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان الى الكوفة كفرسي رهان ، هذا من هاهنا وهذا من هاهنا حتى يكون هلاكهم على ايديهما ، اما انهما لا يبقون منهم احداً ابداً ) غيبة النعماني ص259.
وفي هذه الرواية دليل واضح على تجدد دولة بني العباس حيث ستكون نهايتها على يد الخراساني والسفياني اللذان يسبق خروجهما خروج الامام المهدي (ع) . ومما يؤكد كون الشيصباني هذا هو الحاكم العباسي ومن الدولة الثانية لبني العباس هو ما جاء في خطبة اللؤلؤة لمولانا امير المؤمنين وامام المتقين عليه السلام : ( الا واني ضاعن عن قريب ومنطلق للمغيب فأرتقبوا الفتنة الاموية والمملكة الكسروية ومنها فكم من ملاحم وبلاء متراكم تقبل مملكة بني العباس بالروع والبأس ، وتبنى لهم مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيل الفرات ثم قال فتوالت فيها ملوك بني شيصبان اربعة وعشرون ملكاً .....) مناقب ال ابي طالب ج6 ص429 - ففي هذا الكلام على العباسي هو الشيصباني كما يظهر واضحاً . وقد اعتقد البعض من الباحثين والكتاب ومنهم الشيخ الكوراني في كتابه عصر الظهور بأن الشيصباني هو صدام لعنة الله عليه وهذا غير صحيح اطلاقاً فأن الطاغية صدام يمثل حكومة بني امية كما هو ثابت بالادلة والبراهين ومتعارف بين العلماء والباحثين والناس عامة حيث يذكرون ان حكومة صدام وزمرته تمثل حكومة بني امية كما ان صدام الملعون لم يخرج من الكوفة كما هو واضح والرواية تؤكد ان الشيصباني يخرج من ارض الكوفة ومما يدل على ان الطاغية صدام يمثل حكومة بني امية هو ما جاء في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا (ع) عن ابائه عن امير المؤمنين (ع) انه قال : ( كأني بالقبور قد شيدت حول قبر الحسين وكأني بالمحامل تخرج من الكوفة الى قبر الحسين ولا تذهب الليالي والايام حتى يسار اليه من الافاق عند انقطاع ملك بني مروان ) بحار الانوار ج9 - فأن هذه الرواية كما هو واضح تتحدث عن سقوط الطاغية صدام الذي يمثل ملك بني مروان وهم كما لا يخفى بني امية وقد تحقق هذا المعنى عندما سقط حكم الطاغية حيث بدأ الناس بالسير مشياً على الاقدام لزيارة قبر المولى ابا عبد الله الحسين (ع) وقد قصد الزائرون قبره الشريف من كل الجهات من داخل العراق وخارجه وقد خرجت المحامل من النجف وهي عبارة عن المواكب التي تستقبل الزائرين وتقدم لهم الخدمات اللازمة ، وبذلك يتبين لنا بما لا يقبل الشك ان حكم الطاغية صدام يمثل حكومة بني امية وبهذا يتبين بالدليل اننا نعيش عصر الظهور الشريف للأمام المهدي (ع) حيث ستقوم دولة بني العباس الثانية لأنها بحسب التسلسل التأريخي تأتي بعد حكومة بني امية فأن نهاية بني امية كانت على يد بني العباس كما لا يخفى . فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي بصير عن ابي جعفر الباقر (ع) قال : ( يقوم القائم في وتر من السنين - الى قاله - اذا اختلفت بنو امية وذهب ملكهم ثم يملك بني العباس فلا يزالون في عنفوان من الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم ، فأذا اختلفوا ذهب ملكهم واختلف اهل المشرق واهل المغرب واهل القبلة ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف فلا يزالون بتلك الحال حتى ينادي منادي من السماء فاذا نادى فالنفير النفير ، فوالله لكأني انظر اليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد وكتاب جديد وسلطان جديد من السماء اما انه لا يرد راية له حتى يموت ) غيبة النعماني.
وبعد ان تبين لنا كل ذلك ان الشيصباني لا بد ان يحكم العراق وسيتخذ من بغداد مقراً لحكومته ويسكن فيها الا ان له اصلاً في النجف التي هي الكوفة حسب ما يعبر عنها بروايات اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم ومن ذلك نفهم معنى انه ينبع كما ينبع الماء حيث يبدأ من النجف او ان له اصلاً في النجف ثم شيئاً فشيئاًَ حتى يستولي على بغداد ويحكم العراق كما ينبع الماء حيث للماء اصلاً وله مصباً اما ما ورد في الروية التي ذكرنا في بداية الموضوع من ان الشيصباني يقتل وفدكم ففي ذلك اشارة الى ان هذا الحاكم سيقتل بعض الرجال المعروفين والوجهاء من انصار الامام المهدي (ع) ويبدوا انه هو من يكون وراء مقتل النفس الزكية والسبعين من الصالحين الذين يقتلون في ظهر الكوفة فأن الكاف ضمير الخطاب في كلمة وفدكم تعني الانصار خاصة فأن الامام الباقر (ع) كان يخاطب الشيعة الحقيقيين وليس كل من تسمى بهذا الاسم والوفد هم وجهاء القوم وسادتهم واشرافهم او ان المراد بالوفد هم المرسلون الى الحكام في امر معين.
ان الشيصباني هذا الحاكم العباسي هو سيد بني العباس في اخر الزمان وكبيرهم الذي اليه يرجعون والذي سيواجه دعوة الامام المهدي عليه السلام وانصاره بشدة وقوة ويحاول بكل ما لديه من ايقاف حركتهم وتعطيل دعوتهم وتكذيبهم وردها بشتى الاساليب والظاهر انه هذا الشخص هو المسمى في الروايات بعبد الله ذو العين وقد ذكر بعض الباحثين ان السبب في هذه التسمية يعود لأحد ثلاث احتمالات:
الاول : ان يكون الحاكم العباسي المسمى عبد الله واسع العين.
الثاني : ان يكون في عينية شيء من الحول.
الثالث : ان هذا الحاكم يضع علي عينية العوينات سواء كانت طبية او شمسية والله العالم.
واخيراً اقول لمعرفة المزيد من التفاصيل لابد من البحث والخوض في حكومة بني العباس وسوف نتناول ذلك انشاء الله تعالى وبشيء من التفصيل في الاعداد القادمة حيث سنقوم بتوضيح معالم حكومة بني العباس وكيف تكون نهايتها وما يكون حال الناس والمجتمع عن سيطرتها على مقاليد الحكم في العراق.
والله ولي التوفيق.
تعليقات
إرسال تعليق