العدد الثلاثون
منار القران
نظرية تجدد القران
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ{4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5}). صدق الله العلي العظيم.
قد يظن الكثيرون ان اهمية ليلة القدر تنحصر في نزول القرآن على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وهي خاصة به(صلى الله عليه واله وسلم)، وقد انقضى الامر بعد نزول القرن كاملاً وموته (صلى الله عليه واله وسلم) . لذلك فأن كثير من الناس يقومون بأحياء هذه الليلة تبركاً دون معرفة المعنى الحقيقي لها ، لكن الواقع ان معرفة ليلة القدر (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ) هو اكثر شمولية من ذلك وعليه شدد الائمة المعصومين (عليه السلام) على معرفة هذه الليلة وتفسيرها وجعلوا ذلك معياراً للايمان ، فقد ورد عن ابي جعفر (عليه السلام)انه قال:(... فضل ايمان المؤمن بجملة انا انزلناه وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها كفضل الانسان على البهائم..) الكافي ج1-ص250. السؤال هنا : ماهو الايمان بليلة القدر الذي يجعل المؤمن بها والفاهم لتفسيرها فضله كفضل الانسان على البهيمة؟ اقول : ان كان على علاقة ليلة القدر ونزول القرآن فأن كافة المسلمين اجمعوا على ان القرآن انزل في ليلة القدر . فهو ليس له علاقة بتفسيرها اذن فأن هذا القول لايصلح جواباً - اما عن تحديد هذه الليلة دون غيرها من الليالي الاخرى فهو ليس له علاقة بتفسيرها والايمان بها ليكون المؤمن بها فضله على غيره كالانسان على البهيمة لأن الامر اهم من ذلك . اذن فما هو الايمان بليلة القدر(إنا انزلناه) وماهو تفسيرها الحقيقي ؟ وما علاقتها مع القرآن ؟ وهل ارتباطها المباشر مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)محصوراً أم أن هذا الارتباط متواصلاً مع الائمة المعصومين (عليهم السلام) من بعده؟ سنقوم بحول الله وقوته بالاجابة على هذه التساؤلات وتساؤلات اخرى قد تظهر في هذا البحث ويتم تبيان الاهمية الكبرى لليلة القدر وتأثيرها المباشر في جملة الامور وتفرعاتها .
ان ليلة القدر متواصلة في كل سنة وسميت بالقدر من التقدير فيقدر في هذه الليلة كل شيء لتلك السنة ويكون ذلك الامر المقضي في ليلة القدر من الامر المحتوم الذي لاتتصرف به الا مشيئة الله تعالى ، فقد ورد عن محمد بن مسلم عن حمران انه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزوجل ((إنا انزلناه في ليلة القدر)) قال:(نعم هي ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الاواخر فلم ينزل القران الا في ليلة القدر قال الله عزوجل ((فيها يفرق كل امر حكيم)) قال يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة الى مثلها من قابل من خير أو شر او طاعة او معصية او مولودة او اجل او رزق فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو من المحتوم ولله فيه المشيئة..) ثواب الاعمال124. ان محل نزول القرآن هو القلب ، فالقرآن ينزل على قلب الرسول الاعظم(صلى الله عليه واله وسلم) قال تعالى:((وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194}))الشعراء.((فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ))البقرة97. وقد ورد في الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قوله:(ان لكل شيء قلب وقلب القرآن يس وقلب الشهور شهر رمضان وقلب الليالي ليلة القدر) . وورد ايضاً عن رسول (صلى الله عليه واله وسلم)قوله: (تنام عيني ولاينام قلبي) وعليه بما ان القرآن ينزل على قلب رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)فهو ينزل على قلوب اوصيائه من بعده حيث دلت الاحاديث والروايات المتكاثرة على ذلك ، ومنها ما وردعن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قوله لاصحابه:(امنوا بليلة القدر انها تكون لعلي بن ابي طالب ولولده الاحد عشر من بعدي) الكافي ج1ص533. وعن ابي جعفر الثاني(عليه السلام) ان امير المؤمنين قال لابن عباس :(ليلة القدر في كل سنة وانه ينزل في تلك الليلة امر السنة وان لذلك الامر ولاة بعد رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم). فقال ابن عباس :من هم ؟ فقال: انا واحد عشر من صلبي ائمة محدثون ) الكافي ج1ص532. ومن ذلك نفهم شيء مهم من معنى الايمان بليلة القدر ، ونفهم ايضا معنى قوله (صلى الله عليه واله وسلم)المروي عن زيد بن ارقم :(اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) اكمال الدين . اذن فالقرآن ينزل في كل ليلة قدر على قلب الامام المعصوم لان القرآن حادث متجدد وله تأويلات ووجوه عديدة لايعلمها الا الوصي ، فقد قال ابو عبد الله (عليه السلام) عن القرآن (منه ما قد مضى ومنه ما لم يكن يجري كما يجري الشمس والقمر ) بحار الانوارج89ص97.
فالقرآن يتجدد تأويله في كل سنة من خلال نزوله على قلب المعصوم في ليلة القدر وهو امر الله الذي تاتي به الملائكة الى الائمة المعصومين(عليهم السلام).
ان الايمان بذلك هو الذي يقي الشطط من الفتن الخاصة التي اعقبت موت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) والتي اكد عليها الامام علي السجاد(عليه السلام) عند ذكره لليلة القدر ، فقد ورد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:(كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه يقول :( انا انزلناه في ليلة القدر) صدق الله عزوجل انزل القرآن في ليلة القدر - الى ان قال- ثم قال في بعض كتابه :{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} في انا انزلناه في ليلة القدر وقال في بعض كتابه{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}يقول في الاية الاولى ان محمداً حين يموت يقول اهل الخلاف لامر الله عزوجل مضت ليلة القدر مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)فهذه فتنة أصابتهم خاصة وبها ارتدوا على اعقابهم لانهم إن قالوا لم تذهب فلابد ان يكون لله عزوجل فيها أمر واذا اقروا بالامر لم يكن له من صاحب بد)الكافي ج1-ص248-249يتبين من هذه الرواية الشريفة ان المخالفين لامر الله تعالى يقولون بعدموت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)مضت ليلة القدر مع محمد(صلى الله عليه واله وسلم)فهذه فتنة اصابتهم خاصة وبها ارتدوا على اعقابهم لانهم ان قالوا ان ليلة القدر باقية ولم تذهب وعليه فيجب ان يكون فيها لله عزوجل امر ، فأن اقروا بالامر فلابد ان يكون لهذا الامر صاحب ، وقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)صاحب هذا الامر الذي يأتي بعده كثيراً واشار اليه امام الناس عدة مرات ليكون ذلك حجة على الناس ، وقد قال ابي عبد الله(عليه السلام): كان علي بن ابي طالب(ع) كثيراً مايقول:(التقينا عند رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) والتيمي وصاحبه وهو يقول: (انا انزلناه في ليلة القدر) ويتخشع ويبكي فيقولان ما اشد رقتك بهذه السورة فيقول لهما: انما رققت لما رأت عيناي ووعاه قلبي ولما راى قلب هذا من بعدي يعني علياً(عليه السلام) فيقولان:أرايت وما الذي يرى . فيتلو هذا الحرف :((تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر))قال ثم يقول :هل بقي شيء بعد قوله تبارك وتعالى :(من كل امر) فيقولا : لا فيقول : هل تعلمان من المنزول اليه بذلك؟ فيقولان : لا والله يارسول الله فيقول: نعم فهل تكون ليلة القدر من بعدي ؟ فيقولان : نعم . قال: فهل تنزل الامر فيها ؟ فيقولان : نعم فيقول : الى من؟ فيقولان : لاندري ، فيأخذ برأسي فيقول:أن لم تدريا هو هذا من بعدي . قال :فأن كانا يفرقان تلك الليلة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من شدة مايدخلهما من الرعب) بحار الانوار ج94-ص21 قد يقول قائل..هل ان هذا الامر الذي تأتي به الملائكة الى الامام المعصوم هو أمر لم يكن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد علمه؟ام ان هذا الامر قد علمه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ بالطبع ان القول الاول لايصح اطلاقا والصحيح ان الامر الذي يؤتى به للامام المعصوم هو أمر قد علمه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) . وهنا يظهر لنا سؤال يطرح نفسه بقوة : الم يُعلّم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) كل مالديه من العلم حتى جعله باباً لمدينة علمه الزاخرة ؟؟ وعلم علي (عليه السلام) قد توارثه ابنائه المعصومين من بعده ؟ الجواب : ان الله تبارك وتعالى اعلم رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) علم الاولين والاخرين وماكان وماسيكون ، وكان كثير من ذلك العلم جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر ، وكذلك الامر مع علي والائمة المعصومين(عليهم السلام) من بعده ، فقد جاء في بحار الانوار ج17ص192 نقلاً عن كتاب الكافي: عن الحسن بن العباس بن الحريش عن ابي جعفر الثاني(عليه السلام)قال:(قال رجل لابي جعفر(عليه السلام) أرأيت قولك في ليلة القدر وتنزل الملائكة والروح فيها الى الاوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد علمه؟ أويأتونهم بأمر كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يعلمه؟ وقد علمت ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)مات وليس من علمه شيء الا وعلي (عليه السلام) له واع. قال ابو جعفر (عليه السلام) مالي ولك ايها الرجل ومن ادخلك عليّ ؟ قال: ادخلني عليك القضاء لطلب الدين . قال : فأفهم ما اقول لك : ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لما اسري به لم يهبط حتى اعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وماسيكون وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك علي بن ابي طالب(عليه السلام) قدعلم جمل العلم ويأتي تفسيرها في ليلية القدر كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال السائل : أو ما كان في الجمل تفسير ؟ قال(عليه السلام) : بلى ولكنه انما يأتي بالامر من الله تعالى في ليالي القدر الى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والى الاوصياء إفعل كذا وكذا لامر كانوا قدعلموه اُمروا كيف يعملون فيه . قلت : فسر لي هذا ؟ قال: لم يمت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الا حافظاً لجملة العلم وتفسيره . قلت : فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ماهو؟ قال: الامر واليسر فيما كان قد علم..)- والخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة- اذن فليلة القدر هي المنهل الرئيسي الذي ينتهل منه المعصوم وهي الليلة التي يتجدد فيها القرآن الذي وصفه الامام الصادق(عليه السلام) بالحديث اعلاه بأنه يجري كجريان الشمس والقمر، والقرآن هو :(تبيان لكل شيء)وبذلك تتوضح العلاقة بين كتاب الله والعترة الطاهرة تلك العلاقة الوطيدة التي اكدها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في جملة من احاديثه الشريفة ومن بعده الائمة المعصومين (عليهم السلام). فلذلك كله قال ابو جعفر (عليه السلام):(يامعشر الشيعة خاصموا بسورة انا انزلناه تفلجوا فوالله انها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وانها لسيدة دينكم وانها لغاية علمنا ..) الكافي ج1ص249. وبذلك يتوضح الايمان الحقيقي بهذه الليلة المباركة ذلك الايمان الذي يبين لنا اسرار عديدة تحيط بنا، ومتغيرات كثيرة لاتحكمها الا ثوابت خاصة ، وبمعرفة كل ذلك يتوضح لنا جزء يسير من المنزلة الرفيعة والرتبة العالية التي توصل اليها محمد وآهل بيته المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) الذين جعلهم المولى تبارك وتعالى ترجماناً لوحيه وخزاناً لعلمه . ان العلم الذي ينزله الله عزوجل على قلب المعصوم في ليلة القدر هو اصل العلم وجميع العلم فيكون قلبه كالكتاب الذي يتصفحه من خلال بصره ، فانه عندما يريد علم شيء ينظر ببصره وقلبه فهو كانما ينظر في كتاب فيكون لسانه مترجماً لذلك ، هذا اضافة الى القذف المتواصل من الله تعالى الى قلب المعصوم ليزيده علماً بعد علمه، وذلك واضح في كلام الامام الصادق(عليه السلام) فقدذكر صاحب كتاب (بصائر الدرجات) عن الحسن بن حريش قال: قال ابو عبد الله(عليه السلام) :(ان القلب الذي يعاين ماينزل في ليلة القدر لعظيم الشأن . قلت : وكيف ذاك يا ابا عبد الله؟ قال: ليشق والله بطن ذلك الرجل ثم يؤخذ الى قلبه يكتب على قلب ذلك الرجل بمداد النور فذلك جميع العلم ثم يكون القلب مصحفاً للبصر ويكون اللسان مترجماً للاذن، اذا اراد ذلك الرجل علم شيء نظر ببصره وقلبه فكأنه ينظر في كتاب . قلت له بعد ذلك فكيف العلم في غيرها أيشق القلب فيه ام لا؟ قال: لا يشق لكن الله يلهم ذلك الرجل بالقذف في القلب حتى يخيل الى الاذن انها تكلم بما شاء الله من علمه((والله واسع عليم))) بحار الانوار ج94ص21.
وهناك سؤال مهم يقول : لماذا وصفت بعض الاحاديث الشريفة كتاب الله بالحبل الممدود؟
ومنها ماورد عن ابي سعيد قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) :(اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم به لن تظلوا كتاب الله عزوجل حبل ممدود وعترتي اهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض)بحار الانوار ج23ص132. قلنا ان القرآن ينزل على قلب المعصوم كما نزل على قلب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقد اثبتنا ذلك واضافة اليه فأن هناك حقائق ملكوتية للقرآن تبقى تجري متواصلة بين الارض والسماء ، وهي جارية ومتواصلة ببقاء المعصوم، وبموت المعصوم يرفع القرآن حيث ورد في الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال:(اذا مات المهدي رفع القرآن) وقد ذكر ايضاً في علامات الساعة الكبرى فقال(صلى الله عليه وآله وسلم):(لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن) الدر المنثور- فيكون رفع القرآن برفع ليلة القدر التي هي باقية ببقاء المعصوم ورفع الحقائق الملكوتية الجارية بين السماء والارض والتي هي كالحبل وهذا لايتم الا بعد موت المعصوم ، لذلك اكد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في احاديثه الشريفة عن عدم افتراق الثقلين (القرآن والمعصوم) حتى يرد الحوض وبناءاً على ماتقدم فان القرآن متجدد في كل عصر وأوان ولوكان خلاف ذلك لذهب مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) او انه انما انزله الله بزمن معين ووقت محدد وهذا غير صحيح فقد اكدت الاخبار والروايات ان القرآن باقي الى قيام القيامة وانه متجدد لكل الازمنة وليس لزمان معين وهذا هو الاعجاز الحقيقي له . جعلنا الله وإياكم من المتمسكين بالثقل الاكبر والثقل الاصغر ومن السائرين في طريق نصرة الامام المهدي (عليه السلام) . والحمد لله رب العالمين.
الموعود
سنن المهدي من الانبياء
سنته من نوح (ع)
الدعوة
قدمنا في الحلقات السابقة من الأعداد الماضية من الصحيفة أن الأمام المهدي ((عليه السلام)) له سنن من الأنبياء والرسل((عليهم السلام)) كما ذكرنا أن المهدي ((عليه السلام)) له سنن من نوح ((عليه السلام))
وقد أوردنا في العدد السابق بعض الروايات التي تثبت أن للمهدي سنة من نوح ((عليه السلام )) من هذه الروايات الرواية الشريفة عن أبي يصير عن أبي عبد الله ((عليه السلام) قال)ان سنن الانبياء( (عليهم السلام)) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا اهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة) الاكمال ص 334 - ومن السسن المهمة التي تقع مع المهدي((عليه السلام)) من النبي نوح((عليه السلام)) هي الدعوة وما مرت به من مراحل في زمنه((عليه السلام)) والذي يظهر من الايات القرانية ان دعوة النبي نوح سلام الله تعالى عليه مرت بمرحلة الدعوة السرية والدعوة العلنية وغيبة وظهور وهذا يتبين من قوله تعالى حكاية عن نوح((قال ربي اني دعوت قومي ليلا ونهارا )) اذن فلما كان للمهدي سنة من نوح فلا بد ان تكون له غيبة وظهور في دعوته لان الليل في الاية الشريفة يشير الى الغيبة بينما يشير النهار الى الظهور أي ان دعوة المهدي ستبدا في مرحلة غيبة الامام ((عليه السلام)) ثم تستمر حتى يتم ظهوه الشريف. الا ان دعوة النبي نوح((عليه السلام)) لم تقف عند هذا الحد بل تتعداه الى الاجهار بالدعوة قال تعالى حكاية عنه((عليه السلام ))(( ثم اني دعوتم جهاراً)) نوح8 - وهذا مايكون بالنسبة لدعوة المهدي ((عليه السلام)) فلا بد ان يتم الاجهار بالدعوة في بداية ظهورها واستمر نوح((عليه السلام)) بدعوته حتى بدا ت بمراحلها كما يذكرنا المولى تبارك وتعالى في القران عن نبيه نوح (( ثم أعلنت لم وإسررت لهم أسرارا)) وفي الاية الشريفة دلالة واضحة على ان دعوة نوح (( عليه السلام)) مرت بمرحلتين هما الدعوة السرية والدعوة العلنية شأنها شأن كل الدعوات الإلهية السابقة وكما كان من شأن دعوة الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه واله وسلم) فلا يمكن ان تكون دعوة المهدي ((عليه السلام)) مختلفة عن الدعوات الالهية التي سبقتها بل ان النتيجة التي وصلت اليها دعوة نوح (عليه السلام) هي نفس النتيجة التي ستؤول اليها دعوة المهدي (عليه السلام) فأن الناس في زمن ظهور هذه الدعوة ستعصي الداعي ولا تقبل دعوته بل ترفضه ويتبعون الرجال من اصحاب الاموال والجاه الذين يضلونهم فلا يهتدون كما جرى مع نوحقال تعالى ((قال نوح رب انهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً)) نوح21 ثم ان الاصنام التي امن بها قوم نوح في ذلك الزمان ستكون موجودة في الوقت الذي تظهر فيه دعوة المهدي ((عليه السلام)) الا انها هذه المرة اصناما بشرية وليست حجرية كما دلت الاخبار والروايات فقد قال تعالى في شأن قوم نوح ((وقالوا لا تذرن ألهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد اضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين الا ضلالا)) نوح23-24 اما بالنسبة لما يكون من شأن القوم التي تظهر في زمانهم دعوة المهدي(عليه السلام)) فانهم سوف يتبعون رجال الدين الذين يكونوا كالاصنام في الواقع والذين يلاقي منهم الامام المهدي ((عليه السلام)) اشد مما لاقا رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) من عباد الاصنام الحجرية فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي عبد الله ((عليه السلام)) قال:(ان القائم يلقى في حربه مالم يلق رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) لان رسول الله اتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشب المنحوت وان القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه) بحار الانوار(ج52) فانظر عزيزي القارئ كيف قارن الامام الصادق ((عليه السلام )) بيت عبادة الأصنام الحجرية وما لاقا منها رسول الله((صلى الله عليه واله وسلم)) وبين الاصنام البشرية في اخر الزمان الذين يلاقي منهم الامام المهدي((عليه السلام)) اشد مما لاقا رسول الله((صلى الله عليه واله وسلم)) والذين سوف يتسببون في ضلال الناس والمسلمين.
المسلمون وحديث الثقلين
ربما يُعذر بعض المسلمين حينما يخالفون غيرهم من باقي المذاهب الأسلامية في مسألة معينة لم يرد حولها حديث أو رواية من طرقهم ، إلا إننا نتسائل ما عذر اللذين يهملون التمسك بالأحاديث والروايات الواردة عن طريق جميع المذاهب ؟! ومن هذه الأحاديث التي يؤمن بها جميع المسلمين (حديث الثقلين) ذلك الحديث المتواتر والذي أشتهر بين المسلمين على أختلاف مذاهبهم فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه واله ) :( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا إذاً أبدا)إن هذه الوصية الصادرة عن الرسول الكريم (صلى الله عليه اله وسلم ) لنا من أعظم الوصايا وأهمها فهي تتكفل للعاملين بها والسائرين على ضوئها بعدم الضلال أو الإنحراف عن طريق الإسلام المحمدي الأصيل الذي بينه لنا الرسل الكريم محمد (صلى الله عليه واله) وأما بالنسبة لمن لا يعمل بها كاملة أو إنه يعمل ببعضها ويترك البعض الآخر فإن مصيره كما هو واضح الضلال والأنحراف عن الإسلام الحقيقي وليس الإسلام الصوري كما هو سائد في زماننا اليوم . إنني ومن هذا المنبر أدعو أخوتي القراء الى عرض أنفسهم على هذا الحديث الشريف الذي أجمع على صحته المسلمون جميعاً ليتأكدوا من أسلامهم وطريقهم الذي يسيرون عليه ، كما إن دعوتي هذه لكل المسلمين خاصة وعامة علماء وعوام فليتفكروا في هذا الحديث وهذه الوصية العظيمة التي تركها لنا رسول الله (صلى الله عليه واله) وجعله ميزاناً نوزن فيه أنفسنا فهل نحن حقاً مسلمون كما أراد لنا رسول الله ؟ وهل إننا متمسكن حقاً بالثقلين في آن واحد ؟ أم إننا تركنا الثقلين معاً ؟ أو تمسكنا بأحدهما دون الآخر ؟ كل هذه الأسئلة سيتبين الجواب عليها بعد مناقشة هذا الحديث مناقشة موضوعية معتدلة.
فأقول: من الواضح إن رسول الله (صلى الله عليه واله) حينما أطلق هذه الوصية أراد أن تكن لنا قاعدة نسير عليها ونختبر بها أنفسنا بين الحين والآخر فقد قيد الرسول (صلى الله عليه واله) عدم الضلال والأنحراف بالتمسك بالثقلين وهما الكتاب والعترة أي الأئمة الطاهرين (ع) وبناءاً على هذا فالنسأل أنفسنا كمسلمين من منا متمسك حقاً بالثقلين ؟ هل هم السنة ؟ أم هم الشيعة ؟ أم إن هناك شيء آخر ؟! فلو تناولنا السنة لوجدنا إنهم قد تمسكوا بالكتاب حيث نراهم يؤكدون عليه وعلى ما جاء فيه وعلى تلاوته وحفظه والأهتمام بهذه الأمور وهم في هذه المسألة يفوقون الشيعة إلا إنهم تركوا الثقل الآخر وأهملوه وهو العترة الطاهرة (عليهم السلام) حيث لم يولوهم الأهتمام الكافي وتركوا الثروة العلمية التي تركها أهل البيت (ع) وأهملوها ولم يعتمدوا عليها في أحكامهم وأبحاثهم الدينية والعلمية فهم في الواقع قد أهملوا جانب وتمسكوا بآخر ثم إن تمسكهم بالثقل الأول وهو كتاب الله ليس هو إلا تمسك ظاهري لا يعدوا ظاهر الكتاب من حيث الألفاظ ومعانيها كالتلاوة وحفظ آيات القرآن وما يشابهها ، أما بالنسبة الى الشيعة فإنهم تمسكوا بالعترة الطاهرة (صلوات الله وسلامه عليهم ) فهم لا يأخذون إلا بالروايات الواردة عنهم (ع) وينتحلون حبهم ويزورون مراقدهم بين الحين والآخر إلا إنهم أهملوا الثقل الآخر وهو كتاب الله فلا نكاد نجد من يهتم به حتى على مستوى الحوزة العلمية حيث يبحث البعض من طلبة العلوم الدينية على درس في القرآن فلا يجدوا إلا درس أو درسين في أحكام التلاوة والقراءة ليس إلا ، بل إن الأعم الأغلب من الشيعة لا يجيدون تلاوة القرآن ، وحتى لو قلنا إن الشيعة متمسكون بالأئمة الطاهرين (ع) الثقل الثاني إلا إن هذا التمسك في الواقع ليس هو المطلوب ، إنما المطلوب أن يسير المرء بسيرتهم ويفعل أفعالهم ويعمل وفق ما أرادوا وبينوا . وبناءاً على هذا فالشيعة كالسنة من حيث عدم التمسك بالثقلين الذين أوصى بهما الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) وليس معنى ذلك أنه لا يجد من يتمسك بالثقلين معاً . إلا إن هؤلاء المتمسكون في الحقيقة قلة قليلة سواء كانوا من السنة أو الشيعة هؤلاء هم المسلمون الحقيقيون وهم بيننا كالغرباء إن سألت أحدهم عن دينه ومذهبه لم يقل لك سني أو شيعي بل يقول لك أنا مسلم وهذا ما نحن بحاجة له اليوم فإن الفرقة قد فرقتنا وجعلت الأعداء يطمعون بنا فكفاكم أيها السنة وكفاكم أيها الشيعة عداوة وعودوا الى الإسلام الحقيقي وتمسكوا بالثقلين تهتدوا والحمد لله رب العالمين.
المهدي يدعو الى اسلام جديد
الموؤدة في عصر
الظهور الشريف
عصر عُرف بعصر الجاهلية مورست فيه الكثير من الأفعال التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة حيث لم يكن من يعيب تلك الأفعال والتقاليد أو يثور عليها أو يرفضها بل على العكس تماماً فإن من لا يقوم بفعلها يكون منبوذاً وشاذاً ويلحقه العار نتيجة رفضه لها أو عدم فعلها وقد برزت في ذلك العصر الذي وصفه المولى تبارك تعالى في كتابه الكريم بالجاهلية الأولى ، قال تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}الأحزاب 33.الكثير من الظواهر السلبية ومن أهم تلك الظواهر الظاهرة وَإد البنات التي كانت سائدة ومعروفة آنذاك فحينما تلد المرأة بنتاً تقوم قيامة الزوج ويستاء أيما إستياء ، ويصير ذلك اليوم يوم حزن ومصيبة فيبادر الى البيت ويأخذ البنت من أمها ويخرج خارج المدينة فيقوم بدفنها وهي حية ، وكان يتفاخر الرجال بهذا الفعل الخالي من أي شكل من أشكال الإنسانية والبعيد كل البعد عن الرحمة التي فطر الله تعالى عليها الخلق ، وأما من لا يفعل ذلك فيكون محتقراً بين عشيرته وقومه وهكذا هو الحال آنذاك حيث إنقلبت الموازين رأسا على عقب وقد ذم الله له عز وجل ذلك الفعل ونهى عنه بقوله {وَإِذَا الْمَْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }التكوير9 . كما إن رسول الله (ص) نهى عنه وحذر منه وحارب هذه الظاهرة والتقليد المتوارث بين الآباء والأجداد، وليس هو إلاإفراز من إفرازات الجاهلية الأولى والذي ما كان لينتهي ويختفي في ذلك العصر لولا أرادة الله عز وجل ومحاربة الرسول (ص) له ونهيه عنه ومعاقبة كل من يقوم به حتى أنتشر الإسلام المحمدي في ربوع الجزيرة فإختفت تلك الظاهرة ولله الحمد.
إلا إن الجاهلية قد عادت من جديد في عصرنا هذا وبدأت أفعالها تبرز وتظهر من جديد ، وهذا ليس مجرد إستنتاج نابع من التفكر وملاحظة ما يقع من تلك الأفعال على الساحة الإسلامية وفي المجتمع الإسلامي بل إن ما يجعلنا متأكدين ومعتقدين من عودة عصر الجاهلية من جديد وهذا يظهر من مفهوم قوله تعالى{ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} الأحزاب 33 فإن مفهوم هذه الآية الشريفة يشير الى وجود جاهلية ثانية أو أخرى وقد دلت الأحاديث والأخبار على إن الجاهلية الثانية يكون أوانها قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه واله) إنه قال [بعثت بين الجاهليتين لآخرهما شر من أولهما ]معجم أحاديث الإمام المهدي ج1 - وجاء في الرواية الشريفة عن أمير المؤمنين(ع) إنه قال :( يا قوم أعلموا علماً ييناً إن الذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليتكم ليس بدون ما أستقبل الرسول من أمر جاهليتكم ، وذلك إن الأمة كلها يومئذ جاهلية إلا من رحم الله )بحار الأنوار ج51 - وقد تحدثنا عن أمر الجاهلية في الأعداد السابقة فمن أراد المزيد فاليراجع . وبعد أن تبين ذلك لابد لنا الآن معرفة المؤودة في عصر الظهور الشريف فأقول إن الكثير من الأفعال التي وقعت في ذلك العصر سواء كانت قبل الدعوة الإسلامية أو بعد ظهورها إنما تكون مصاديقها في عصر الظهور مختلفة شيئاً ما عن مصاديق تلك الأفعال السابقة ، فالربا في عصر الجاهلية الثانية موجود ولا بد أن يظهر وتبدأ الناس بالتعامل به إلا إنه يختلف عن حالته الأولى التي ظهر عليها في الجاهلية الأولى حيث كان الربا يقع في القرض إلا إنه في الجاهلية الثانية شمل عدة تعاملات ودخل في البيع والشراء وغير ذلك من المعاملات ، وهكذا بالنسبة لباقي الأفعال . لذا فإن الموؤدة في عصر الجاهلية يختلف أمرها بعض الشيء عن المؤودة في هذا العصر إلا إن محورها المرأة في كل الأحوال.
إن الموؤدة في زماننا اليوم هي تلك المرآة التي تظلم وتدفن وهي حية ولكن ليس تحت التراب كما كان يفعل أهل الجاهلية الأولى إنما تدفن في هذا العصر في البيوت ، حيث تقبع المرآة القريشية في بيت أبيها الذي يرفض تزويجها إلا من شخص قرشي مثلها وإن لم يتقدم لها سيداً قريشياً فإنها ستبقى من دون زواج حيث يرفض أبيها تزويجها من غير القرشي مهما كانت مكانته وحاله وشأنه وهذا الأمر معروف وموجود بكثرة وشائع في مجتمعاتنا وخاصة الشيعية منها بل إن تلك القبائل القرشية جعلت هذا الأمر من ضمن قوانينها المعتمدة في التعامل أما من يخالف ذلك فإنه سوف يحارب في قبيلته ويكون عاراً عليهم كما يقولون . ولم يقتصر الأمر على السادة من قريش فقط بل تعداه الى عامة الناس حيث ظهر هذا الأمر وانتشر بين الناس في بعض العوائل ذوات الشأن الذين يرفضون كل من يتقدم الى الزواج من بناتهم إلا أن يكون من عائلة غنية وذات مكانة أجتماعية معروفة ، إن هذه الأفعال التي أنتشرت في مجتمعاتنا اليوم لا تمت الى الإسلام بصلة بل هي من أفعال الجاهلية التي نهى عنها الله عز وجل ونها عنها رسوله الكريم محمد (ص) . وإننا كمسلمين ومؤمنين بهذا الدين الحنيف علينا أن نثبت أسلامنا حقاً وأن ننتهي عما نهانا عنه الله ورسوله وعلينا إن نحذر من الدخول في الجاهلية والخوض فيها ، علينا أن نبتعد عن تلك الأفعال التي تبعدنا عن الله ورسوله ودينه القويم . نتمنى أن ينتهي المسلمين عن تلك الأفعال مع علمنا إن نهايتها ونهاية الجاهلية الأخرى لا تكون إلا على يد الإمام المهدي (ع) الذي سيدعو الى أسلام جديد في آخر الزمان كما دلت الأخبار والروايات.
سياسية عقائدية
كاتب يتساءل:
عقيدتهم الإسلام لكن ماهي عقيدتنا؟
كتب احد المرشحين سابقا للانتخابات الرئاسية الأمريكية باتريك بوكانان مقالاً استشرافياً تحليلياً نشر في منتدى "البرافدا" على الإنترنت عن الحرب التي تتزعمها أمريكا ضد ما تسميه ب "الارهاب" وخلص متحسراً بناء على "حتمية" مصير أي صراع عقائدي الى انتصار المد الاسلامي.. وأكد بنفسه أن الاسلام "غير قابل للتحطيم"!و(باتريك. ج بوكانان) قدم مرتين على قائمة المترشحين داخل الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية.
وفي عام 2000كان مرشح الحزب الاصلاحي للانتخابات نفسها، وهو الآن معلق ومحلل سياسي. اشتغل مع ثلاثة رؤساء في البيت الابيض وألف ستة كتب. وهو حالياً مدير مؤسسة "قضية أمريكا" آخر كتاب له طبع في شهر يناير 2002بعنوان "موت الغرب".يتساءل الكاتب في مقالته: "هل ستندلع حرب الحضارات"؟ ويجيب نفسه بنفسه: يمكن القول بوضوح أن ليس قليل من الاشخاص في العالم الاسلامي وفي الغرب يعتقدون ذلك بل ويتمنونه بشغف.
ومع انلاع الحرب ضد العراق، ومع اطلاق العنان لشارون بعد فظائعه في القدس وحيفا، ومع الدعوات الأمريكية لفك الروابط مع السعودية ومصر، فقد انتقل تصادم الحضارات من مجال الممكن الى مجال المحتمل.
ويبدوا الرئيس بوش واعياً بصورة "غريزية" بأن مثل هذه الحرب ستكون بمثابة الكارثة. ولا يهم كم نقتل وحجم الخسارة التي سنلحقها بالخصم، لكن لا يمكن أن نقضي على الاسلام مثلما قضينا على النازية والفاشية والروح العسكرية اليابانية والبلشفية السوفيتية.
لقد استطاع الاسلام البقاء على مدى 1400سنة تقريباً كما انه العقيدة المهيمنة على 57 بلداً.
انه غير قابل للتحطيم.والمفارقة ان قبل 63 عاماً، عندما كان الاسلام يرزح تحت اقدام الامبراطوريات الغربية كتب كاثوليكي شهير متنبئاً بأن الاسلام سينهض مرة اخرى. لقد قال هيلير بيلوك : "كان دائماً يتراءى لي احتمال وقوع نهوض الاسلام وأن أحفادنا سيعايشون تجدد الصراع الشديد بين الثقافة المسيحية من جهة وما شكل طيلة أكثر من الف عام منافسها الأكثر شراسة".واعتقد بيلوك بأن "الاسلام يواجه عبث المسيحية، كما انه كرس فكرة وحدة الاله وعدله ورحمته... مع تشديده على المساواة بين البشر امام هيمنة الخالق". ويواصل بلوك قوله: "بينما كان المسيحيون غارقين في الأمية، انتشر الاسلام طيلة 700عام الى أن هيمن على البلقان وعلى سهول هنغاريا وعلى جميع المناطق الاخرى باستثناء أوروبا الغربية نفسها محطماً معقل المسيحية بفعل تفوقه المادي
ومن بين اكبر الاستفهامات التي تبقى مطروحة في التاريخ هي: "لماذا سقط العالم الاسلامي؟ قبل قرن من يورك تاون، كان كونستانتنوبل متفوقاً في الاسلحة. لكن خلال القرنين ال 18وال 19لم يعد العالم الاسلامي متأخراً فقط مقارنة بالغرب، بل تخلف على جميع المستويات، وأصبحت الامبراطورية العثمانية تعرف ب "الرجل المريض في أوروبا”.
لكن اذا كان صدام الحضارات قادماً، كيف سيكون توازن القوى؟يفسر باتريك رؤيته لهذه النقطة بقوله: "من حيث المادة، الغرب متفوق مهما قلنا ان التفوق المادي لم يمنع انهيار الامبراطوريات الغربية كما لم يمنع سقوط الامبراطورية السوفيتية واذا كان عامل العقيدة حاسماً، فإن الاسلام نضالي حركي بينما المسيحية جامدة والاسلام ينمو بينما المسيحية تذبل. المحاربون المسلمون مستعدون لمواجهة الهزيمة والموت، بينما يتحاشى الغرب تكبد الخسائر(....)؟
ويختتم الكاتب مقالته بكلمات ذهبية ينتصر بها للاسلام فيقول: "لاتستهينوا بالاسلام انه الديانة الأسرع انتشاراً في أوروبا وقد تجاوز المسيحية عبر العالم. وبينما تقترب المسيحية من نهايتها في الغرب وحيث الكنائس فارغة تتوسع وتمتلئ المساجد.
لكي تهزم عقيدة فإنك تحتاج الى عقيدة. ما هي عقيدتنا نحن؟ النزعة الفردية ، الديمقراطية، التعددية ، الحياة الرغيدة ؟ هل بامكانهم التفوق على عقيدة لها 14 قرناً من الوجود وهي الآن تنهض مرة اخرى"؟
المسلمون أكثر الأمم تخلفاً وفقراً في التعليم
والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة
دراسة خطيرة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية: المسلمون أكثر الأمم تخلفاً وفقراً في التعليم والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة
أظهرت دراسات وإحصاءات للأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية أن الأمة الإسلامية أكثر الأمم تخلفاً وفقراً في التعليم والعلوم والتكنولوجيا وأكثرها فقراً في الاقتصاد وأقلها في السياسة.
وأظهرت إحصاءات البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة للتنمية البشرية عن أحوال أتباع الأديان المسيحية والبوذية والهندوسية والديانات القبلية والإسلامية وغير المتدينين، أن المسيحيين أكثر المجتمعات تقدما في العالم في التعليم والصحة والاقتصاد، وأن المسلمين الأكثر فقراً وتخلفاً.
وجاء في دراسة نشرها الدكتور كينيت ديفيد عن معلومات من البنك الدولي والأمم المتحدة أن محو الأمية في الدول المسيحية وصلت 90%، وفي بعض البلدان 100%.
وتقول الأمم المتحدة أن الأمية في العالم الإسلامي تصل إلى 50%. وفي العالم المسيحي 2%، ومستوى محو الأمية يختلف، ففي العالم المسيحي محو الأمية معناه أنه لم يكمل الدراسة أما الأمية في العالم الإسلامي فمعناها أنه لا يعرف الكتابة، وإذا أخذنا المعدل في العالم المسيحي فإن 90% من سكان العالم الإسلامي أميون.
وفي العالم المسيحي 40% من الطلاب يدرسون دراسات عليا في مختلف التخصصات العلمية، وفي العالم الإسلامي 2% فقط بالإضافة إلى مستوى التعليم العالي في العالم الإسلامي أضعف كثيراً عنه في العالم المسيحي.
ومعظم المسلمين يتعلمون العلوم والهندسة والطب في العالم المسيحي. والتعليم مرتبط بالاقتصاد، ونصف سكان العالم الإسلامي دخل الفرد السنوي معدله 200 دولار (باستثناء دول البترول) مقابل ذلك نصف سكان العالم المسيحي دخل الفرد السنوي معدلة 7000 دولار. وقد زاد هذا الدخل كثيراً ووصل في العالم المسيحي حالياً إلى 25000 دولار.
وقد انخفض دخل الفرد في كثير من الدول بسبب الإنفاق على الحروب بين المسلمين وميزانيات التسليح، وزاد دخل الفرد في العالم المسيحي. ويقدر عدد الجيوش في البلدان الإسلامية بعدة ملايين من الجند.
وقد أنفقت الدول الإسلامية ما بين 10 و 30% من دخلها على شراء الأسلحة من الغرب بينما أنفق العالم المسيحي 10% على ذلك. ويقول الدكتور كينيت ديفيد أن أسباب تخلف وفقر المسلمين هو الأمية والجهل وأمية وجهل المرأة خاصة.
والسبب الثاني قلة المسلمين العاملين في الصناعة أو قلة انتشار الصناعة حيث يعمل 16% من المسلمين في الصناعة. وفي العالم المسيحي يعمل 60% في الصناعة. والسبب الثالث لبؤس المسلمين وتخلفهم؛ التزايد السريع في السكان الذي تضيع معه كل برامج التنمية فلا تستطيع ملاحقته. وفي إحصاءات صندوق التنمية البشرية للأمم المتحدة تأتي الدول الإسلامية في آخر القائمة.
وأظهرت هذه الإحصاءات الجديدة التي تعود إلي بيانات عام 2002م، أن معدل دخل الفرد في إندونيسيا 850 دولاراً في العام وهي في المرتبة 112 في العالم في التنمية البشرية، وبنغلاديش 350 دولاراً في السنة في المرتبة 139.
وباكستان 500 دولار ومرتبتها 144، وأفغانستان 300 دولار، وفي نيجيريا 350 دولاراً، وفي الهند 500 دولار، وفي مصر 1200 دولار في السنة، وفي إيران 1600 دولار، وفي السودان 450 دولاراً في السنة. أما الدول الإسلامية المنتجة للبترول فمجموع سكانها 30 مليون نسمة، من 1200 مليون مسلم، ومجموع دخلها أقل من دخل اسبانيا.
أما دخل ألمانيا فهو يعادل 3 أضعاف دخل جميع دول العالم الإسلامي. ومعدل دخل الفرد السنوي في الولايات المتحدة 37 ألف دولار، وفي ألمانيا وبريطانيا والنمسا وفرنسا وكندا وهولندا وبلجيكا والسويد 25 ألف دولار. والدنمارك 31 ألف دولار وسويسرا 41 ألف دولار والنرويج 40 ألف دولار.
وفي مجال التقدم العلمي تنشر سنوياً 260 ألف مقالة في البحوث العلمية منها واحد في المئة تنشر في العالم الإسلامي. وفي كل عام يحصل في العالم الإسلامي أقل من 500 شخص على درجة الدكتوراه، مقابل 3000 في بريطانيا وحدها. وعدد العلماء والمهندسين في كل دول العالم الإسلامي أقل من عددهم في فرنسا وحدها. وقد دعا علماء المسلمين في الهند الأمة الإسلامية ومنهم أبو الكلام أزاد، ورئيس دار العلوم في ندوة العلماء، دعوا الأمة للعمل وتحصيل العلم والتقنية. ويقول الدكتور كينيت ديفيد أن كل طائفة دينية ومنهم المسيحيون وغيرهم.
وضعوا حواجز أمام التقدم العلمي في القرن 19 و20م. وعارض الرهبان البوذيون التغيرات في النظام الاجتماعي وعارضت الكنيسة الاكتشافات العلمية وكانت مواقف الكنيسة وصراعاتها معوقات للتقدم العلمي لأوروبا. كما أن الصراعات بين طبقات الهندوس انعكس في التطور البطيء لمجتمعاتهم.
كما أن الصراعات المذهبية والخلافات بين المسلمين خلقت صعوبات لتنمية الشعوب المسلمة لا يمكن تغييرها إلا إذا شجع العلماء على التغير والتطور. وأضاف أن بعض علماء المسلمين والدعاة الذين لا يعرفون عامة مدى التطور السريع للعلوم والتقنية في الدول الغربية ومستوى المعيشة الجيد؛ يعتبرون أن الفقر في بلاد المسلمين من إرادة الله، وهذا مخالف للإسلام الذي يدعو للعلم والعمل.
ولذلك فإن جمال الدين الأفغاني وغيره من العلماء، انتقدوا إهمال المسلمين للعلوم الحديثة والتفكير العلمي، فأصبحوا عالة على علوم الغرب وإنتاجه. وقال مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق (إن على المسلمين تعلم العلوم الحديثة والتكنولوجيا واعتبار ذلك واجبا وجزءا من العبادة).
الغرب وخرافة التهديد الاسلامي
ولا يعنى نقد (تأكيد الذات) من خلال الآخر الاسلامي عدم تباين الثقافة والمجتمع الاسلامي،بل يعني خطأ ومغالطة العرض غير المتوازن لأوجه التشابه والاختلاف، والتقييم بالسلب لكل ما يبدو مختلفا عن ثقافتنا بصورة آلية من خلال وسائل الاعلام، لان ذلك من شأنه الا تتحقق محاولة فهم الآخر، بل من شأنه الوصول الى أبسط الحلول الممكنة و تقترب من السذاجة والسطحية التي تقـول ببديهية الثقافة الغربية.. اذن هي الافضل)). ومن هنا لا تظهر الدول الاسلامية امام الرأى العام الغربي كنظام ثقافي متكافئ، ينبغي الاقرار به والتعامل معه وبحث اوجه التباين والتشابه ، بل ان السعي موجه الان نحو صياغة الاسلام كعدو يوفر عكاز تتكئ عليه الهوية الثقافية الغربية)) وإذ يرتبط العداء للاسلام بالعداء لعالم الجنوب بشكل وثيق، فتكاد تنطلق من (الجنوب الفقير) هكذا تصور وسائل اعلام الغرب اخطار وتهديدات ذات طبيعة اجتماعية او سياسية او عسكرية او ثقافية.. وينتمي العداء للاسلام الى خوف عام من عالم الجنوب الذي يبدو بالاضافة للشرق الاوسط. كمنطقة عدم استقرار وقلاقل وحروب عرقية واهلية وعنف غير مفهوم وامراض وأوبئة وآفات اخرى لا تحصى.. وتقف المناطق الفقيرة غير المستقرة (في مواجهة الغرب) دقيق البناء, الغني المنظم وتبرز اهمية رفاهية الغرب من واقع الخطر والمتاعب في الدول النامية, لذلك يرى الغرب من منظار التفوق الاعمى انه ينبغي الدفاع عن الرفاهية نفسيا ومعنويا, وماديا . لذلك يمثل المهاجرون القادمون من عالم الجنوب والعالم الاسلامي تحديدا تهديدا اكبر من تهديد القادمين من بلاد الجماعة الاوروبية.. وتتمثل احدى فرضيات الخوف في عدم اطمئنان الغرب لمكاسبه ومنجزاته كما يتمنى، وينطبق ذلك ايضا على السمة العقلانية التنويرية للمجتمع الغربي, والتي تشكك فيها من حين الى آخر العنصرية والاساقفة الاصوليون والحروب الدينية والعرقية في يوغسلافيا السابقة او ايرلندا الشمالية، بل وينطبق ايضا على القيمة الحضارية الاساسية للغرب وهي (الغنى المادي) , الذي يبدو حاليا موضع شك كبير من خلال شيوع مصطلحات موحية وموجزة مثل: التشرد الجديد, مجتمع الثلثين (الــ 60 في المائة), فقر كبار السن، الشرق الفقير (شرق اوروبا وشرق ألمانيا).. أي انه بما ان مستوى المعيشة والرفاهية الغربية مهدد، فالخوف من الفقر عنصر اساسي ومؤثر, هذا الفقر الذ يمثله عالم الجنوب ودينه الاسلام (كما يتصور الغرب) فالعقائد الاخرى كالهندوسية وعبادة الطبيعة، بعيدة جغرافيا وهامشية ثقافيا, والخوف من الاسلام هو المعادل الديني الايديولوجي للخوف من المستقبل الخاص والذي يتم تفسيره وربطه (بالتطورات الواقعية) المثيرة لعدم الاستقرار والمقلقة والمكلفة ايضا, مثل الكوارث البيئية، موجات الهجرة واللجوء، تصاعد وتشدد الحركات السياسية، او السياسة الدينية، فتثير حدة وتنوع الأخطار وصعوبة السيطرة عليها قلق كثير من سكان الدول الصناعية الذين يتوقعون استخدام المهاجرين في وقت ما سلاحا في وجوههم ، وينتشر في أوروبا كلها فزع من غزو خارجي على يد (الاصوليين الاسلاميين ) الافارقة الجياع والهاربين من صراعات عالم الجنوب كما يزعم فولكر ماتيسى في مقاله عن (العدو الجديد ـ عالم الجنوب). وهكذا كما كانت الماركسية اللينينية في الماضي النموذج الايديولوجي المعادي للغرب، يفهم الاسلام او الاصولية الاسلامية اليوم. لقد ظل الاسلام لزمن طويل خصما للغرب, وظل بينهما صراع ثقافي اعمق ما بين الغرب وعالم الجنوب بشكل عام، وكان الشرق منذ 300 عام محددا للهوية الغربية الحديثة, ثم محددا لاوروبا, ثم الغرب.. في هذا السياق قامت الدائرة الثقافية الشرق اوسطية بأدوار ووظائف مختلفة في نشأة النظام الغربي, واحتفظ المجتمع الغربي على مرّ مئات السنين بالمسلمات والمقولات والاحكام المسبقة عن الاسلام والتي انتقلت من جيل الى جيل ونمت جذورها, واصبحت طاقة كامنة يمكن استثمارها كلما اقتضت الضرورة السياسية, كما حدث في حرب الخليج الثانية ، والحرب على افغانستان. ولكن.. لماذا يشعر المواطنون في الغرب بتهديد الاسلام، رغم تفوقهم الذي يؤكدونه باستمرار؟هذا الخوف المتأجج والمبالغ فيه باستمرار يغذي في الشرق عداء ضد (الغرب المسيحي)، بما يسمح بدرجة كبيرة في تعضيد موقف دفاعي متشدد, وفي تأكيد واثارة عداوة مضادة. هذه العملية المزدوجة تحمل خطر تناقض الاستعداد للحوار بين الثقافتين الآن ومستقبلا، وتدعم موقف التناقض في الشرق والغرب على السواء، ما دام الاخير يرى ان هناك فجوة لا يمكن تخطيها بين الثقافتين.. لقد استخدمت وتستخدم وسوف تستخدم العداوة على الجانب الغربي ايديولوجيا, حيث يمكن ان يزيد العداء للاجانب من توظيف العداء للاسلام في السياسة الداخلية مستقبلا، وليس من قبيل الصدفة ان يعمد (يورج هايدر) السياسي اليميني النمساوي الى سرد قصة آباء التلاميذ المسلمين الذين طالبوا برفع صورة المسيح مصلوبا من فصول الدراسة، ويضيف: (اننا لم نحارب الاتراك مئات السنين لكي يأتي يوم نصحح فيه بطرق ملتوية المبادئ التي كنا ندافع عنها ومن اجلها حين حاربناهم)) في مثل هذا التوظيف للعداء تجاه الاسلام تكمن اشكالية ضخمة ستواجه المجتمع الغربي مستقبلا، وهي تتجاوز لاشك ما يسمى بالخطر الاسلامي.ويصف الكاتب الالماني فرانتس نوشلر هذه الخشية بالقول ((انني لا أخشى الخطر الجديد الذي يصنعه الغرب بيديه ، بل اخشى ردود الفعل الناجمة عن صناعته في مجتمعنا, فتثير مخاوفي من سياسة مناهضة اللاجئين التي تدور رحاها امام اعيننا، اكثر من خوفي تجاه الاصولية الاسلامية, او تجاه تزايد اعداد اللاجئين, وارى ان العداء للاسلام او للجنوب عموما يربي العنصرية ويشجع على اقامة بناء اوروبي منعزل، بالاضافة الى انه يدعم الآراء المتميزة، لذلك اعتقد ان (انسانية اوروبا) معرضة للخطر وليس امنها العسكري ولا رفاهيتها)). صفوة القول ان هستيريا معاداة الاسلام المتزايدة في الغرب ، هي هستريا ناتجة من تبني رؤى مغالطة تعكس سوء فهم او منهجية قائمة على اسس غير علمية ، وأخرى مقصودة تنم عن نظرة مريضة تجاه الاسلام ، ومالم يتم تبني رؤية موضوعية تشكل بمجلمها غالبية السلوك الغربي تجاه الاسلام والمسلمين، فان الغرب سيبقى اسير الخوف المرضي لما يسمى بالتهديد القادم من الجنوب وتحديدا العالم الاسلامي.
المسلمون أكثر الأمم تخلفاً وفقراً في التعليم
والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة
دراسة خطيرة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية: المسلمون أكثر الأمم تخلفاً وفقراً في التعليم والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة
أظهرت دراسات وإحصاءات للأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية أن الأمة الإسلامية أكثر الأمم تخلفاً وفقراً في التعليم والعلوم والتكنولوجيا وأكثرها فقراً في الاقتصاد وأقلها في السياسة.
وأظهرت إحصاءات البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة للتنمية البشرية عن أحوال أتباع الأديان المسيحية والبوذية والهندوسية والديانات القبلية والإسلامية وغير المتدينين، أن المسيحيين أكثر المجتمعات تقدما في العالم في التعليم والصحة والاقتصاد، وأن المسلمين الأكثر فقراً وتخلفاً.
وجاء في دراسة نشرها الدكتور كينيت ديفيد عن معلومات من البنك الدولي والأمم المتحدة أن محو الأمية في الدول المسيحية وصلت 90%، وفي بعض البلدان 100%.
وتقول الأمم المتحدة أن الأمية في العالم الإسلامي تصل إلى 50%. وفي العالم المسيحي 2%، ومستوى محو الأمية يختلف، ففي العالم المسيحي محو الأمية معناه أنه لم يكمل الدراسة أما الأمية في العالم الإسلامي فمعناها أنه لا يعرف الكتابة، وإذا أخذنا المعدل في العالم المسيحي فإن 90% من سكان العالم الإسلامي أميون.
وفي العالم المسيحي 40% من الطلاب يدرسون دراسات عليا في مختلف التخصصات العلمية، وفي العالم الإسلامي 2% فقط بالإضافة إلى مستوى التعليم العالي في العالم الإسلامي أضعف كثيراً عنه في العالم المسيحي.
ومعظم المسلمين يتعلمون العلوم والهندسة والطب في العالم المسيحي. والتعليم مرتبط بالاقتصاد، ونصف سكان العالم الإسلامي دخل الفرد السنوي معدله 200 دولار (باستثناء دول البترول) مقابل ذلك نصف سكان العالم المسيحي دخل الفرد السنوي معدلة 7000 دولار. وقد زاد هذا الدخل كثيراً ووصل في العالم المسيحي حالياً إلى 25000 دولار.
وقد انخفض دخل الفرد في كثير من الدول بسبب الإنفاق على الحروب بين المسلمين وميزانيات التسليح، وزاد دخل الفرد في العالم المسيحي. ويقدر عدد الجيوش في البلدان الإسلامية بعدة ملايين من الجند.
وقد أنفقت الدول الإسلامية ما بين 10 و 30% من دخلها على شراء الأسلحة من الغرب بينما أنفق العالم المسيحي 10% على ذلك. ويقول الدكتور كينيت ديفيد أن أسباب تخلف وفقر المسلمين هو الأمية والجهل وأمية وجهل المرأة خاصة.
والسبب الثاني قلة المسلمين العاملين في الصناعة أو قلة انتشار الصناعة حيث يعمل 16% من المسلمين في الصناعة. وفي العالم المسيحي يعمل 60% في الصناعة. والسبب الثالث لبؤس المسلمين وتخلفهم؛ التزايد السريع في السكان الذي تضيع معه كل برامج التنمية فلا تستطيع ملاحقته. وفي إحصاءات صندوق التنمية البشرية للأمم المتحدة تأتي الدول الإسلامية في آخر القائمة.
وأظهرت هذه الإحصاءات الجديدة التي تعود إلي بيانات عام 2002م، أن معدل دخل الفرد في إندونيسيا 850 دولاراً في العام وهي في المرتبة 112 في العالم في التنمية البشرية، وبنغلاديش 350 دولاراً في السنة في المرتبة 139.
وباكستان 500 دولار ومرتبتها 144، وأفغانستان 300 دولار، وفي نيجيريا 350 دولاراً، وفي الهند 500 دولار، وفي مصر 1200 دولار في السنة، وفي إيران 1600 دولار، وفي السودان 450 دولاراً في السنة. أما الدول الإسلامية المنتجة للبترول فمجموع سكانها 30 مليون نسمة، من 1200 مليون مسلم، ومجموع دخلها أقل من دخل اسبانيا.
أما دخل ألمانيا فهو يعادل 3 أضعاف دخل جميع دول العالم الإسلامي. ومعدل دخل الفرد السنوي في الولايات المتحدة 37 ألف دولار، وفي ألمانيا وبريطانيا والنمسا وفرنسا وكندا وهولندا وبلجيكا والسويد 25 ألف دولار. والدنمارك 31 ألف دولار وسويسرا 41 ألف دولار والنرويج 40 ألف دولار.
وفي مجال التقدم العلمي تنشر سنوياً 260 ألف مقالة في البحوث العلمية منها واحد في المئة تنشر في العالم الإسلامي. وفي كل عام يحصل في العالم الإسلامي أقل من 500 شخص على درجة الدكتوراه، مقابل 3000 في بريطانيا وحدها. وعدد العلماء والمهندسين في كل دول العالم الإسلامي أقل من عددهم في فرنسا وحدها. وقد دعا علماء المسلمين في الهند الأمة الإسلامية ومنهم أبو الكلام أزاد، ورئيس دار العلوم في ندوة العلماء، دعوا الأمة للعمل وتحصيل العلم والتقنية. ويقول الدكتور كينيت ديفيد أن كل طائفة دينية ومنهم المسيحيون وغيرهم.
وضعوا حواجز أمام التقدم العلمي في القرن 19 و20م. وعارض الرهبان البوذيون التغيرات في النظام الاجتماعي وعارضت الكنيسة الاكتشافات العلمية وكانت مواقف الكنيسة وصراعاتها معوقات للتقدم العلمي لأوروبا. كما أن الصراعات بين طبقات الهندوس انعكس في التطور البطيء لمجتمعاتهم.
كما أن الصراعات المذهبية والخلافات بين المسلمين خلقت صعوبات لتنمية الشعوب المسلمة لا يمكن تغييرها إلا إذا شجع العلماء على التغير والتطور. وأضاف أن بعض علماء المسلمين والدعاة الذين لا يعرفون عامة مدى التطور السريع للعلوم والتقنية في الدول الغربية ومستوى المعيشة الجيد؛ يعتبرون أن الفقر في بلاد المسلمين من إرادة الله، وهذا مخالف للإسلام الذي يدعو للعلم والعمل.
ولذلك فإن جمال الدين الأفغاني وغيره من العلماء، انتقدوا إهمال المسلمين للعلوم الحديثة والتفكير العلمي، فأصبحوا عالة على علوم الغرب وإنتاجه. وقال مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق (إن على المسلمين تعلم العلوم الحديثة والتكنولوجيا واعتبار ذلك واجبا وجزءا من العبادة).
بحوث مستلة
مستقبل حوار المسيحية والاسلام.. التوحيد منطلقاً
منذ المحاولات الاولى لفكرة الحوار بين الديانتين التوحيديتين المسيحية والاسلام ـ كانت الاسئلة المتعلقة بالاسس التي تقوم عليها كل ديانة هي تلك التي تطرح على السن الجماهير الغفيرة من المؤمنين بشكل واسع، وبشكل اكثر مجاملة في اروقة وقاعات كل مؤتمر للتقارب تقيمه النخبة المثقفة من المؤمنين، تحاشياً لما يمكن ان يمس مشاعر الاطراف المشاركة فيه. وإذا عدنا الى جماهير المؤمنين الواسعة وجدنا ما يدور على الالسن مما لا يسعف في حوار او تقريب مما ينادي به ذوو النوايا المخلصة من علماء ومثقفي الديانات. فبينما يعود بعض تلك الاشكالات والاعتراضات الى ما في النصوص الاساسية من مرونة تحتمل التأويل والتفسير، ويعود قسم آخر منها الى نصوص صريحة، نجد جانباً مهماً من تلك الاشكالات يعود الى المفاهيم والتصورات الخاطئة التي يحملها هذا الطرف عن ذاك او ذاك عن هذا.
وتشكل الوثيقة التي طبعتها سكرتارية الفاتيكان لشؤون غير المسيحية اثر مجمع الفاتيكان الثاني وهي بعنوان «توجيهات لإقامة حوار بين المسيحيين والمسلمين» التي طبعت للمرة الثالثة عام 1970، تشكل تحولاً عميقاً في المواقف الرسمية. اذ انها دعت الى استبعاد الصورة التي يصور المسيحيون المسلمين عليها «تلك الصورة البالية التي ورّثنا الماضي اياها او شوهتها الافتراءات والاحكام المسبقة» كما اهتمت الوثيقة «بالاعتراف بمظالم الماضي التي ارتكبها الغرب ذو التربية المسيحية في حق المسلمين». كما اكدت الوثيقة على وحدة الايمان بالله عند الجماعتين. واشارت الى ان سكرتارية الفاتيكان قد دعت المسيحيين منذ عام 1967 الى تقديم تهانيهم الى المسلمين بمناسبة عيد الفطر فهو «يمثل قيمة دينية أصيلة». وقد توجت رسائل التهاني تلك برسالة الحبر الاعظم البابا يوحنا بولس الثاني للمسلمين بمناسبة عيد الفطر لعام 1991 التي افتتحها قائلاً: «إلى اخوتي واخواتي المسلمين الاعزاء. من عادة المجلس البابوي للحوار ما بين الاديان، ان يبعث كل سنة رسالة تهنئة باسم الكاثوليك في جميع انحاء العالم، الى المسلمين بمناسبة عيد الفطر في ختام شهر رمضان. أما هذه السنة فقد قررت ان ابعث لكم هذه التهاني أنا شخصياً، نظراً الى النتائج المأساوية التي خلفتها الاشهر الماضية من نزاع وحرب في الشرق الاوسط، ونظراً الى آلام الكثيرين المستمرة»
أخيراً يمكن القول بثقة شديدة انه «لا يجوز التفاهم بين المسلمين والمسيحيين، ولا يمكن ان يحترم بعضهم البعض دون ان تكون لديهم نظرة مضبوطة الى كتبهم المقدسة»
فهيا إذن للأسس المشتركة في الديانات الثلاث وهي: التوحيد والاعتقاد بالنبوات وكون الكتب التي جاء بها الانبياء ملهمة من قدرة غيبية سامية هي الله سبحانه وتعالى.
التوحيد
يقرر عالم الفرعونيات الشهير واليس بدج في كتابه الديانة الفرعونية، حقيقة مدعمة بالبراهين الاركيولوجية عن التوحيد. وسننقل نص كلامه لأهميته الفائقة ولتفنيده الكثير من الآراء التي تربط فكرة التوحيد إما بالعبرانيين، اذ يقال مثلاً «ان العبرانيين قد منحوا العالم فكرة التوحيد او الاعتقاد بإله واحد». او ان يقال ان اخناتون هو اول من دعا لعبادة الإله الواحد، او ان يقال انه أول موحد و«يعتقد ان موسى أخذ فكرة التوحيد عنه». وهو الرأي الذي يلاحظ عليه الباحث المعروف ميرسيا إلياد ما يلي:
يجب مبدئياً التأكيد على ان العبارة المستعملة من قبل اخناتون في صلاته (الإله الاحد ـ لا إله إلاّ هو) كانت مطبقة قبل ذلك، قبل الف عام من العمارنة، الآمون ورع وآتوم والآلهة الاخرى. وأضافة لذلك وكما لاحظ جون ويهن كان يوجد على الاقل إلاهان (ربّان) لأن اخناتون كان نفسه معبوداً كما لو انه إله معبود. وان صلوات المؤمنين (أي الجماعة المحصورة بالموظفين وأعيان القصر) كانت توجه ليس لآتون، وانما مباشرة لأخناتون. ويعلن الفرعون في صلاته الشهيرة ان آتون هو الهه الخاص: (انت في قلبي ولا احد آخر يعرفك باستثناء ولدك أخناتون ـ وانك كشفت الاسرار في تصميماتك وقدرتك). وهذا ما يفسر زوال (الآتونية) بشكل خاطف تقريباً بعد موت أخناتون» اخناتون لا يختلف اذن عن غيره من الفراعنة الذي دعوا الناس الى عبادتهم هم. ولم ينف الشرك كما يُزعم حين يقال انه اول الموحدين الذي وجّه العبادة نحو إله واحد.
لنطلع على حقيقة الامر من واليس بدج الذي يقول:
حين يدرس القارىء نصوص الديانة المصرية، تحصل لديه القناعة بان المصريين قوم كانوا يؤمنون بـ(اله واحد) موجود بذاته، خالد، غير مرئي، أبدي، عليم، قدير، لا يحيط به عقل، خالق السماوات والارض والعالم الاسفل (= الآخرة)، خالق السماء والبحر، والرجال والنساء، والحيوان والطير، والسمك، والزواحف، والشجر والزرع، والكائنات غير الجسدية الذين كانوا رسله، ينفذون مشيئته ويُعملون كلمته، ولقد كان من الضروري ان نضع هذا التعريف الذي يحتل المقام الاول من ايمان المصري في بداية الفصل الاول من هذا السرد الذي أوجزنا فيه الافكار الدينية الاساسية التي يؤمن بها، لآن كل لاهوته ودينه انما هما مؤسسان عليه. كذلك من الضروري ان نضيف اننا مهما اوغلنا في العمق رجوعاً الى الوراء مقتفين أثر أدبه فربما لا نقترب أبداً من زمان كان فيه المصري بدون هذا الايمان الرائع. صحيح انه ابتدع ايضاً أفكاراً وعقائد تتصف بالشرك، وانه هذبها في حقب معينة من تاريخه باذلاً كل جهد في هذا السبيل، إلاّ ان الامم المحيطة به، بل حتى الغريب الذي يقيم في مصر قد التبست عليه افعال المصري وتصرفاته فوصفها بالوثنية والشرك.
لكن على الرغم من جميع هذه الانحرافات عن العقيدة الصحيحة التي كان التمسك بها مما يلائم من كانوا يؤمنون بالله ووحدانيته، لم تغب فكرته السامية عن الالوهة عن نظره أبداً، فكانت ما تلبث حتى تعود الى الظهور في أدبه الديني الذي انتجه على مرّ العصور. لا أحد يستطيع القول من اين جاءت هذه الخاصية الرائعة التي اختصت بها الديانة المصرية، وما ثمة دليل يثبت لنا صحة النظرية التي تذهب الى انه قد جاء بها قوم هاجروا الى مصر قادمين اليها من الشرق ـ كما قال بذلك البعض ـ ولا صحة النظرية الاخرى التي تذهب الى انها نتاج طبيعي انتجته الاقوام الاصلية الذين كانوا يشكلون سكان وادي النيل لعشرة آلاف سنة خلت ـ على رأي آخرين. كل ما نعلمه انها كانت موجودة هناك في حقبة موغلة في القدم بحيث لا يجدي معها ان نحاول ان نقيس بالسنين تلك الفترة الزمنية التي انقضت منذ ان نشأت هذه العقيدة ورسخت في قلوب الناس وعقولهم. وانه لأمر مشكوك فيه جداً ان نصل الى معرفة محددة تماماً عن هذه النقطة الهامة» وبعد ان يقدم الاستاذ بدج دليلاً من نص يعود الى أيام الملك يوناس الذي حكم في مصر حوالي 3300 ق.م حيث يرد فيه اسم الجلالة «الله» اضافة الى الحديث عن الآلهة الاخرى مثل «فعظامك آلهة السماء وإلاهاتها وانت تقيم الى جانب الله...» و«حيث يلد الآلهة بعضهم بعضاً ويولد من يلدونه ويجددون شبابهم» يقال عن هذا الملك «تيتا ينتصب في هيئة الكوكب، يزن الكلام (او يجرب الافعال) هو ذا الله يستمع الى ما يقوله» كذلك «حلت عليك هيئة الله، فأصبحت عظيماً امام الآلهة». وعن بيبي الاول الذي حكم في حوالي 3000 ق.م: «ان بيبي هذا هو الله، أو ابن الله» بعد أن يقدم كل ذلك ينتقل الى مجموعة وصايا قال انها تلقي الضوء على فكرة الله التي تنسب الى حكماء مصر الأوائل. وهي الوصايا المعروفة باسم «وصايا كاقمنا» و«وصايا بتاحتب» التي يرجع تأليفها الى 3000 ق.م إلا ان اقدم نسخة موجودة منها الأن تعود الى 2500 ق.م وكان المراد منها ان تكون عملاً توجيهياً وارشادياً يهتدي بها الشاب اثناء قيامه بواجباته تجاه مجتمعه:
1ـ يجب ان لا تخيف رجلاً ولا امرأة، فالله يمقت الخوف. ولو قال امرؤ انه يعيش بتلك الوسيلة، لأفقره الله الى الخبز.
2ـ اما النبيل الذي يملك ثروة طائلة، فليفعل ما يشاء وليفعل بنفسه ما يحلو له. وإذا هو لم يفعل شيئاً على الاطلاق، فهذا ايضاً مما يحلوله. فالنبيل ما ان يبسط يده حتى يطول مالا يطوله غيره. لكنه ان أكل خبزه بأمر الله فلا جناح عليه.
3ـ ان كان عندك أرض تحرثها. فاعمل في الحقل الذي أعطاكه الله، خير لك من ان تملأ فمك من مال جيرانك.
4ـ إذا اتضعت في خدمة انسان كامل، فانت محمود السلوك عند الله.
5ـ ان كنت تريد ان تكون انساناً حكيماً فاجعل ابنك يسرّ الله.
6ـ سدّ حاجة من يعتمدون عليك ما وسعك ذلك. هكذا يفعل من آثرهم الله (بمحبته).
7ـ اذا ارتفعت بعد ضعة، واغتنيت بعد فقر، او صرت حاكماً على مدينة، فلا يقسُ قبلك بسبب علوّ شأنك، لأنك قد اصبحت عندئذ حارساً على الاشياء التي أنعم الله بها عليك.
8ـ ان الله يحب من يطيع، ويمقت من يعصي.
9ـ الولد الصالح هبة من الله.
ثم قدم بعد ذلك نصاً فيه نفس الفكرة عن الله سبحانه يعود الى عصر الاسرة الثامنة عشرة(1590 ـ 1310ق.م). وانما اطلنا في النقل عن هذه الفكرة ـ التوحيد ـ لتبيان قدمها لدى المصريين وهم الشعب الذي عاش بنوا اسرائيل في وسطه سنين طويلة واقتبسوا كثيراً من عاداته وافكاره وتقاليده. ولا يخفى ان الظهور المصري للحضارة والمدنية كان سابقاً بقرون عديدة للظهور العبراني على مسرح الاحداث في الشرق القديم. كما انه سابق في الظهور للفرعون اخناتون الذي زُعم انه اول موحد. بل ان لدينا مجموعة من الاسماء للاشخاص والاماكن في بلاد ما بن النهرين تعود الى حوالي 2500 ق.م وقد دخل فيها لفظ الجلالة «الله» وهو ما دافع عنه بحرارة مدعمة بالادلة اللغوية والاركيولوجية الباحث الالماني فردريك ديليتش في كتابه الممتع «بابل والكتاب المقدس». يقول هذا الباحث.
ان تلك القبائل السامية الشمالية التي نجدها حوالي 2500 ق.م مستقرة في منطقة بابل شمالاً وجنوباً والتي كان الملك حمورابي(1792 ـ 1750 ق.م) اكبر حكامها، تصورت وعبدت الله كائناً روحياً واحداً، ثم سرد قائمة باسماء اشخاص كانت شائعة انذاك التي وصفها بالجمال والاهمية بالنسبة لتاريخ الدين مثل: (ايلو ـ اتيا) وتعني: الله معي وإيلو ـ امتحر: دعوت الى الله. وياربي ـ ايلو: الله كبير. وياملك ـ ايلو: الله الحاكم. وافيل ـ ايلو: عبد الله. وموتوم ـ إيلو: رجل الله. وقد اثبت بما لا يقبل الشك ان ايل (el, ill) تعني الله تماماً وليس ما ذهب اليه احد الباحثين المعترضين على بحثه انها تعني: الهاً من الالهة. إذ لا يمكن عندها ترجمة تلك الاسماء المذكورة آنفاً بـ(الله). وتساءل هل يتغير ايضاً (باب ـ ايلو)((bab - ilu) التي تعني (باب الله) الى (باب إله من الآلهة)؟ واجاب: كلا. ودعم رأيه بالقول ان شعباً لا يتمتع بثقافة فلسفية يسعى دائماً الى تعبير واضح محدد.
وهل ننسى أبا الانبياء ابراهيم (ع) العراقي المولد والنشأة الذي عاش حوالي 1800 ق.م اشهر الموحدين صاحب الشجاعة التي جعلته يحطم بفأسه أصنام المعبد الكبير التي كان قومه يسجدون لها وهو يعلم ما في ذلك العمل من خطورة على حياته؟
وإذا كان الشرك الذي شاب ديانة التوحيد في مصر أو في بلاد ما بين النهرين يشكل مسوغاً لدى البعض لحذف التوحيد من ديانات القوم، فان الاولى ان تحذف تلك الفكرة لدى دراسة كل الاديان. إذ ان الشرك ما فتأ ينفذ هاهنا وهناك من المعتقدات والاديان وكانت مهمة الانبياء على الدوام التذكير بخطورته وتشخيصه والدعوة الى نبذه وقد توجت جهودهم تلك بدعوة النبي محمد (ص) التوحيدية الخالصة التي شنت حرباً لا هوادة فيها على كل المظاهر الشركية.
ومن المعروف ان التوراة مليئة بالحديث عن الانحراف لدى بني اسرائيل نحو الشرك أو عبادة الاوثان والاصنام، وأمر العجل الذي سبكوه من الذهب وعبدوه لدى غياب نبيهم موسى في فترة المناجات اشهر من ان يشار إليه. وقد شهد القرن الثامن قبل الميلاد أشد فترات التدهور نحو الشرك حيث قاوم دعواته الانبياء هو شع وعاموس وميخا. ويفصل الاستاذ مالك بن نبّي ذلك بقوله «حدث في ذلك العصر أمران هامان: هبوط درجة رب العالمين الى مجرد إله قومي ـ من ناحية ـ ودخول كثير من الشعائر والطقوس الاشورية الكلدانية في العبادة من ناحية اخرى، حتى أصبحت الشمس تتمتع بتقديس حار في بيت المقدس، حيث كان هناك رجال يعبدون الشمس مشرقة، وفي أيديهم غصن، بالقرب من هيكل الرب نفسه». بل ان التوراة تتحدث عما هو أفضع من عبادة الاوثان مما هو مشروح بالتفصيل في سفري الملوك والأخبار إذ تتحدث حتى عن اداء اللواط والزنى في بيت الرب أيضاً. نجد في سفر الملوك الثاني(24: 4 ـ 7) عن الاصلاح الديني الذي قام به الملك اليهودي يوشيا(640 ـ 609 ق.م). وأمر الملك حلقيا عظيم الكهنة وكهنة الرتبة الثانية وحراس الاعتاب أن يخرجوا من هيكل الرب جميع الادوات التى كانت قد صنعت للبعل والعشتاروت ولجميع قوات السماء. فأحرقها في خارج اورشليم في حقول قدرون، وحمل رمادها إلى بيت أيل. وأزال كهنة الاصنام الذين اقامهم ملوك يهوذا ليحرقوا البخور على المشارف في مدن يهوذا وحوالي اورشليم، والذين كانوا يحرقون البخور للبعل والشمس والقمر والابراج ولجميع قوات السماء. واخرج الوتد المقدس من بيت الرب الى خارج اورشليم الى وادي قدرون فأحرقه في وادي قدرون، وسحقه رماداً وذرّى رماده على قبور عامة الشعب. وهدم بيوت المأبونين في بيت الرب، حيث كانت النساء ينسجن ثياباً للعشتاروت» فنحن هنا أمام تجمع هائل لكل مظاهر الشرك المعروفة في البلاد المجاورة لهم وقد أدخلت بكاملها في الطقوس والتقاليد في بيت الرب نفسه او حواليه.
وهناك عادة اجرامية لم يكن بنو اسرائيل يمارسونها بل جرى تحذيرهم منها على لسان النبي موسى (ع) نفسه وهو يبلغ عن الله. ونعني بها التضحية بالابناء لمولك وهو لقب إله الوثنيين من امونيين وفينيقيين كانوا يقدمون له أولادهم ذبائح يطرحونها عنده في النار، نقرأ في سفر الاحبار(20: 1 ـ 5).
وكلم الرب موسى قائلاً: قل لبني اسرائيل: أي رجل من بني اسرائيل ومن النزلاء المقيمين في اسرائيل اعطى من نسله لمولك، فليُقتل قتلاً: يرجمه شعب الارض بالحجارة. وانا انقلب على ذلك الرجل وأفصله من وسط شعبه، لأنه اعطى من نسله لمولك فنجس مقدسي ودنس اسمي القدوس. وان تغاضى اهل الارض عن ذلك الرجل في اعطائه من نسله لمولك فلم يقتلوه، انقلبت على ذلك الرجل وعشيرته وفصلتهم من وسط شعبهم، هو وجميع من زنوا معه ليزنوا وراء مولك.
اعتقادهم ورسوخه بذلك التقليد الوثني، ومع ذلك ـ وهذا ما نريد تأكيده من وراء ايراد هذه النماذج ـ فقد ظل الخط التوحيدي خالداً في الديانة الموسوية وإلى يومنا هذا. حتى انه رغم كل التحريف الذى اصاب التوراة خلال قرون طويلة لم يستطع أحد ان يمس الفقرات المتعددة في شتى ارجاء هذا الكتاب المتعلقة بالتوحيد الخالص لله سبحانه. وظلت قوية الصدى نداءات موسى والانبياء الكرام التوحيدية والى يومنا هذا.
خصائص عصر الظهور
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الصادق – عليه السلام - : "من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل من أدركه”.
الإنتظار يعني : ترقب ظهور وقيام الدولة القاهرة والسلطة الظهارة لمهدي آل محمد – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – وانتصار الدين القويم على جميع الأديان ، وهو أيضاً حالة قلبية توجدها الأصول العقائدية الثابتة بشأن حتمية ظهور المهدي الموعود. وهذه الحالة تؤدي إلى انبعاث حركة عملية تتمحور حول التهيئ والاستعداد للظهور المنتظر. ومن هنا يظهر أن عناصر الانتظار ثلاثة : عقائدية ، ونفسية ، وسلوكية. وانتظار الفرج نوعان : انتظار بناء باعث للحركة والإلتزام الإيماني فهو عبادة وأفضل العبادات ، وانتظار مخرب يشل الإنسان عن العمل البناء وهو نمط من أنماط الإتكال وعدم المبالات وعامل مساعد على نشر الفساد والخراب نتيجة لوعيٍ قاصر عن فهم معنى الانتظار. وهؤلاء يؤمنون أن أفضل عون يقدمه الإنسان لظهور الإمام هو السماح بالإباحية والفساد وهذا خلاف ما نصت عليه الروايات الداعية إلى العمل في عصر الغيبة على التمهيد والجهاد لتهيئة الظروف المناسبة لخروج الإمام المهدي – عليه السلام – لمحاربة الفساد والإنحراف ونشر العلم والمعرفة والثقافة الإسلامية الأصيلة والإعداد الروحي لنصرة الإمام وإقامة حكومته العادلة ، قال الإمام السجاد – عليه السلام – "إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان ، لأن الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة العيان وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وآله – بالسيف ، أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً والدعاة إلى دين الله عز وجل سراً وجهراً”.
خصائص عصر الظهور:
1- إتمام النور الإلهي وإظهار الإسلام:
من أبرز الإنجازات المهمة عند قيام القائم إشراق الأرض بنور ربها واختفاء ذلك الظلام الدامس الذي ملأ الأرض جهلاً وخرافة وقضى على أسباب العلم والمعرفة والهداية وطرق الإتصال بملكوت الله وعبادته ، فيزيل كل عوامل التخلف والإنحراف وجميع الظواهر والقيم التي لا تنتمي إلى هذا الدين وتخالف ركائز المجتمع الصالح.
إن إشراق نور الله في أرضه إنما يتحقق في عصر المهدي الموعود حيث يظهر الإسلام على جميع الأديان وتقام الدولة الإسلامية العالمية التي تحدث عنها رسول الله – صلى الله عليه وآله – "يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا”.
ولقد صرح القرآن الكريم عن هذه الخاصية في قوله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (سورة الصف ، الآية 91)
2- استخلاف الصالحين:
لقد أخبر المولى عز وجل بحتمية ميراث الصالحين واستخلافهم في الأرض وهم أولئك الأفداد من بني البشر الذين تمسكوا بتعاليم الدين وعملوا على تأصيله وتجديره ونبذوا عبادة الطاغوت وتحملوا أقسى المعاناة من أجل تحقيق أهدافهم النبيلة التي هي أهداف الأنباء والصديقين.
قال الله تعالى (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (سورة الأنبياء ، الآية 105) وقال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (سورة النور ، الآية 55).
ولا يمكن أن يتحقق هذا الاستخلاف إلاّ في حكومة الإمام المهدي الذي يخضع له الشرق والغرب في العالم ويجري حكم الحق في عهده في جميع أرجاء العالم ويزول الإضطراب والخوف والحرب وتتحقق للبشرية عبادة الله النقية من كل أنواع الشرك.
3- إقامة المجتمع الصالح:
من خصائص عصر الإمام المهدي – عجل الله فرجه الشريف – هو أن تكون مقاليد المجتمع البشري برمته بيد الصالحين الذين كانوا يستضعفون في الأرض والذين يمثلون الإسلام المحمدي الأصيل ، (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ) (سورة الحج، الآية 78) وقهروا جميع الظروف لتحقيق السعادة والرفاهية للجميع وأزالوا جميع الشوائب التي تعكر الصفاء والنقاوة. وهو المجتمع العبادي الخالص الذي تكون فيه العبادة الحقة لله سبحانه وتعالى وهذا ما لم يتحقق في تاريخ الإنسان على الأرض منذ نزوله إليها. ولذا لا بد من القول بحتمية تحققه في المستقبل في دولة إلاهية تقيم المجتمع التوحيدي الصالح العابد لله وحده لا شريك له وهذه الدولة هي الدولة المهدوية.
4- إنهاء الردة عن الدين:
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (سورة المائدة ، الآية 54)
ذكر العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان أن الآية تتحدث عن عصر الظهور المهدوي وأن المقصود من الردة في الآية هي الردة عن الدين الحق مع البقاء على الظاهر الإسلامي وذلك بموالاة اليهود والنصارى والتطبع بعاداتهم وتقاليدهم في مختلف شؤون الحياة وهو انحراف عن تعاليم الإسلام وقيمه المثالية. وبظهور الإمام المهدي – عليه السلام – يقضي على هذه الردة والتبعية لليهود والاستكبار العالمي ويعود للمسلمين عزهم ومجدهم وطريقتهم الإسلامية الصحيحة التي أصلها الإسلام.
مشاركات القراء
العراق من المحن الى الظهور
العراق ام الحضارات والرسالات . الارض التي اصطفاها واجتباها الله تعالى لتكون المنطلق العالمي للرسالات السماوية الخالدة ، ولأن هذه الارض الطاهرة أرضاً خصبة معطاء للبلاء الدنيوي وفق الحكمة الالهية العظيمة ، التي خصت هذه البقعة الكريمة لتكون منعاً منتجاً لا يتوقف في أخراج الرسالات واصحاب الرسالات والذيت انطلقوا من هذه الارض ليعلنوا للعالم اجمع رسالات الاصلاح والهداية ، وهناك انطلق من ارض العراق أسراراً عجيبة من دروس المحن والصبر التي عاشها العراقيون وعلى امتداد التاريخ . لتنهي بيوم موعود اختيار الله تعالى للعراق وأهل العراق بخاتمة سعيدة جزاءاً على ما صبروا عليه من محن والام ورزايا كثيرة لا منتهى لها . ومن هنا نتسائل لماذا العراق ؟ وما هي اسرار اختياره من دون بقاع العالم ؟ لماذا اقتضت الحكمة الالهية للعراق ذلك ؟ والجواب حسب فهمي البسيط أن الله ميز هذه الارض وجعلها ارض التمهيد والصراع وقاعدة ليوم الظهور العالمي والمحطة الاساسية لأنطلاق بركات الثورة المهدوية الى كافة انحاء العالم.
والاجابة الشافية على ما ذكرناه من حقيقة واقعية تؤيده الشواهد والادلة على ذلك التفسير المنطقي العقلائي لأختيار العراق ، وهو رأي المولى المقدس محمد الصدر ( قدس سره) اذ يقول ( ان اختيار العراق المنطلق الاساسي بعد ظهور الامام المهدي (ع) بفتح العالم والعاصمة للدولة الاسلامية العالمية المهدوية ، وهنا يمكن ان يخطر على الذهن سؤال مهم لماذا العراق هو مركز الثقل في كل الاعمال الكبرى ؟ ولم يكن غيره بهذه الصفة مع العلم إننا نؤمن بتساوي البشر عامة والمسلمين خاصة وبتساوي المناطق واللغات تجاه التشريع الاسلامي والعدالة الالهية فما الوجه في ذلك ؟ والجواب عن ذلك : ان العراق لم يحتل هذا المركز المهم من اجل عنصرية معينة ، وانما له من الصفات الواقعية التي تجعله المنطلق الوحيد في العالم لكل تلك الاعمال ، ويمكن تلخيص خصائصه الرئيسية بما يلي:-
1- ان العراق من الناحية الجغرافية يعتبر من وسط البلاد الاسلامية في عصر الغيبة الكبرى.
2- ان العراق مسكن للقواعد الشعبية التي تؤمن بوجود المهدي (ع) وغيبته.
3- ان العراق سيجمع الارض التي تتمخض عن عدد غير قليل من القواعد الرئيسية للمهدي (ع) بعد ظهوره بخلاف الدول الاسلامية الاخرى ، والسر في ذلك ليس هو فضيلة العراق ككل على غيره ، وانما ذلك باعتبار ما يمر به الشعب هناك من مآس ومظالم اكثر من غيره من الشعوب الاسلامية لأن زيادة الظلم يتمخض من كثرة الاخلاص والمخلصين.
نموذج من اخلاق الامام الكاظم (ع)
كان احد احفاد عمر بن الخطاب رجلاً مبغضاً ومعادياً للامام الكاظم(عليه السلام) في المدينة وكان كلما التقى بالامام في الازقة والطرقات يؤذي الامام(ع) ويشتم علياً(ع)...فقال له بعض اصحابه وحاشيته : دعنا نقتل هذا الرجل. فنهاهم الامام(ع) وحذرهم من ان يقدموا على عمل كهذا او يخطر ببالهم، ثم سألهم (ع) : عن العمري اين يسكن ويمكن اللقاء به . فقيل له : انه يزرع بناحية من نواحي المدينة .فركب الامام(ع) حماره متوجهاً الى مزرعة العمري فوجده في زرعة فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري : لاتطأ زرعاً ، فوطأ الامام الكاظم(عليه السلام) بالحمار على زرعه حتى وصل اليه فنزل وجلس عنده وباسطة وضاحكة وسأله عن حاله وصحته ثم قال له كم غرمت في زرعك هذا قال العمري : مائة دينار. قال الامام (ع) : وكم ترجو ان تصيب ؟ اي تربح. قال العمري: لست أعلم الغيب. قال الامام(ع) : انما قلت لك: كم ترجو فقال العمري: ارجو ان احصل على ثلاثمائة دينار . فأخرج الامام الكاظم(عليه السلام) صرة فيها ثلاثمائة دينار. وقال: هذا ثمن ماترجوه فتأثر العمري من هذا الخلق الكريم فقام فقبل رأس الامام(عليه السلام) وسأله أن يصفح عن ذنبه وتقصيره . فبتسم الامام(عليه السلام)وانصرف من عنده ، فمضت ايام على هذه الحكاية حتى ورد الامام(عليه السلام) يوماً الى المسجد وكان العمري جالساً فيه فلما نظر الى الامام(ع) قال:(الله اعلم حيث يجعل رسالته).
فوثب الى العمري اصحابه فقالوا له: ماقصتك ؟ فقد كنت تقول غير هذا ، وكنت تؤذيه واليوم تحترمه ؟ قال لهم...العمري لقد سمعتم ما قلت الان ، وجعل يدعو للامام الكاظم(عليه السلام) فطرحوا عليه اسئلة فاجابهم فقام الامام(عليه السلام) وانصرف الى داره قال لمن سألوه قتل العمري:((ايما كان خيراً ما اردت او ما اردتم وانني اصلحت امره بالمقدار الذي عرفتم وكفيت شره. -الامام الكاظم(عليه السلام) محطم الطواغيت : لما سافر هارون الرشيد الطاغوت الاكبر لبني العباس الى اداء مناسك الحج دخل المدينة ووقف الى جانب المرقد الطاهر لرسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) . وقال مفتخراً ومتعالياً على الاخرين :((السلام عليك يا ابن عم)). وكان الامام الكاظم (عليه السلام) يرى هذا الخداع والتزييف من قبل هارون ، فأراد ان يحطم طغيانه وكسر جبروته فتقدم نحو المرقد الطاهر فقال:(السلام عليك ياأبة) ! . وكانه اراد ان يقول لها رون: ان كنت تفتخر على الناس بانك ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .فانا ابن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) فتغير وجه الرشيد وتبين فيه الغضب - عقاب قاطع صلة الرحم : كان علي بن ابي حمزة(ره) من اصحاب الامام موسى الكاظم(عليه السلام) قال: قال لي ابو الحسن الكاظم(عليه السلام) مبتدءاً : ياعلي غداً يلقاك رجل من اهل المغرب يسألك عني فقل : هو والله الامام الذي قال لنا ابو عبد الله الصادق (ع) ، فأذا سألك عن الحلال والحرام فأجبه منى . فقلت : جعلت فداك فما علامته ؟
قال الامام (ع) : رجل طويل جسيم يقال له : يعقوب بن يزيد فأذا أتاك فأليك أن تجيبه عن جميع ما سألك فأنه رائد قومه ، فأن أحب أن تدخله الي فأحضره عندي قال علي بن ابي حمزة (ره) : فوالله اني لفي طوافي اذا اقبل الي رجل طويل من اجسم ما يكون من الرجال فقال لي : أريد أن أسألك عن صاحبك . فقلت : عن اي صاحب ؟ قال يعقوب : عن موسى بن جعفر (ع) . قلت : ما اسمك ؟ قال : يعقوب بن يزيد قلت : فمن اين تعرفني ؟ قال : أتاني آت في منامي وقال لي : الق علي بن ابي حمزة فسله عن جميع ما تحتاج اليه .. فسألت عنك فدللت عليك فقلت : أجلس في هذا الموضع حتى أفرغ من طوافي وأتيك ان شاء الله تعالى فطفت ثم اتيته فكلمته فوجده رجلاً عاقلاً ، ثم طلب الي ان ادخله على الامام الكاظم (ع) فأخذت بيده فاستأذنت على الامام (ع) فاذن لي . فلما رآه الامام الكاظم (ع) قال له : يا يعقوب بن يزيد قدمت امس ووقع بينك وبين اخيك شرٌ - نزاع - في موضع كذا حتى شتم بعضكم بعضاً .
وليس هذا ديني ولا دين آبائي ، ولا نأمر بهذا أحداً من الناس - شيعتنا - فأتق الله وحده لا شريك له فأنكما متفرقان عن قريب بموت - بسبب قطع صلة الرحم - أما أن اخاك سيموت في سفره قبل أن يصل الى اهله وستندم أنت على ما كان منك ، وذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما قال يعقوب : فانا جعلت فداك متى أجلي ؟ فقال الامام (ع) أما ان اجلك قد حضر حتى وصلت عمتك بما وصلتها به في منزل كذا وكذا فزيد في عمرك عشرون سنة . فقال علي بن ابي حمزة (ره) : فلقيت يعقوب في العام المقبل حاجاً .. فأخبرني أن أخاه لم يصل الى اهله حتى دفنه في الطريق . الامام الكاظم (ع) وعلو شأنه : كان الامام الكاظم (ع) ماراً بمنى قرب مكة ورأى أمراءة تبكي وصبيانها حولها يبكون وقد ماتت لها بقرة فدنا الامام (ع) منها وسألها : ما يبكيك يا أمة الله ؟ قالت المرأة : يا عبد الله ان لي صبياناً يتامى وكانت لي بقرة منها معيشتي ومعيشة صبياني وقد ماتت وبقيت منقطعة بي وبولدي لا حيلة لنا . فقال الامام (ع) : يا أمة الله هل لك أن أحييها لك ؟ فالهمت ان قالت : نعم يا عبد الله . فتنحى الامام (ع) عنهم وصلى ركعتين ، ثم رفع يده هنيئة وحرك شفتيه ثم قام فصاح بالبقرة فنخسها نخسة او ضربها برجله صاحت وقالت : (( عيسى بن مريم ورب الكعبة )) فأجتمع الناس فلما أزدحموا خرج الامام من بينهم ومضى الى سبيله (ع) ....
العصمة والخلع .. تمسيخ للأخلاق والمجتمع ؟
بين قترة وأخرى يبتدع أشقائنا المصريون بدعة جديدة وهي أقرب للفريه منها الى الفتوى ما أنزل الله بها من سلطان فبعد مصطلح أو مفهوم ( العصمة ) ويعنون به ان تكون العصمة بيد المرأة بدل الرجل وهذا اتفاق من قبل الطرفين الرجل والمراة قبل الزواج وتكون المرأة صاحبة القرار وصاحبة الكلمة في الحياة الزوجية وهو ليس من الاسلام بشيء بل هو تحقيق لرغبات الحركات التبشيرية والماسونية العالمية في تفكيك المجتمعات الاسلامية المتواصلة أساساً بقواعد الاسلام كل هذا شعار المساواة بين المرأة والرجل ويعرف اصطلاحاً بـ ( الجندر) بالامس القريب اقر القضاء المصري قانون ( الخلع ) وأصبح بأمكان المرأة خلع زوجها بسهولة وحسب القانون المصري ( الخليع ) .
ان هذه المحاولات المشبوهة لتفكيك وحدة الاسرة الاسلامية يجب الوقوف بوجهها بقوة وحزم حتى لا تعمم على بقية البلدان العربية والاسلامية بعد تجربة مصر المخزية والمشينة في فضيحة ( العصمة ) و ( الخلع ) وأخيراً نستشهد بقول الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم حين قال : ( من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ) .
واحة المرأة
هل تعلم ؟
1- ان المهدي لا يخرج حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث .
فقد جاء في كنز العمال عن علي (عليه السلام ) : ( لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث ).
2- ان لله مائدة او مأدبة بقرقيسياء :
فقد جاء في الرواية في غيبة النعماني 278 ح63 ب14 ، الزام الناصب 2/138 ن عن ابا عبد الله (ع) قال : ( ان لله مائدة او مأدبة بقرقيسياء يطلع مطلع من السماء فينادي : يا طير السماء ويا سباع الارض هلموا الى الشبع من لحوم الجبارين .
3- ان الايام المرجوة ثلاثة :
فعن ابي عبد الله (ع) قال : ( الايام المرجوة ثلاثة : يوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة ) كما ذكر في ذيل الاية (( وذكرهم بأيام الله ) ابراهيم 5 .
4- هل تعلم ان الله اذا سخط على خلقه غلى اسعارهم :
فقد ورد في تحف العقول لأبن شعبة الحراني عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قال : ( علامة رضى الله على خلقه رخص اسعارهم وعدل سلطانهم ، وعلامة غضب الله على خلقه جور سلطانهم وغلاء اسعارهم ) .
الفضائيات ودورها السلبي في افساد
عقول النساء والاطفال والشباب
بعد دخول الاستعمار الى بلدنا الجريح المخضب بجراحات الطاغية اللعين والذي استنزف هذا الشعب المظلوم ليسلمه كلقمة سائغة في فك قوات احتلال كافرة بذريعة التحرر كما فعل الاحتلال عبر العصور التي سبقت هذا العصر وبذريعة تخليص هذا الشعب من مخالب طاغية عاش في الارض فساداً وكانت هذه الذريعة لدخول قواتهم الى دول الاسلام بأنفسهم بعد أن نصبوا عملائهم من رؤوساء حكومة يعملون بأمرة دول الكفر والظلالة ليحافضوا على كراسيهم واول ما قام به الاحتلال هو توفير وبكثرة وبأسعار زهيدة جهاز الستلايت وملئت به الاسواق بنفس الوقت وكانت العوائل العراقية متعبة ومجهدة من حكم طاغوتي فأصبح ولكن للأسف الحصول على هذا الجهاز شيئاً يتباهى به الناس على بعظهم ليس من اجل الحصول على قنوات لنشر التوعية الدينية والاطلاع على ما توصل له العالم من التطورات والاستكشافات ولا من اجل سماع برامج هادفة للتوعية الدينية والاجتماعية والاخلاقية والحصول على تثقيف وتوسيع مدارك الناس بدأ هذا وجوده في البيوتات العربية بالذات قام بتحطيم مدارك وعقول الاطفال والنساء بصورة خاصة والشباب بصورة عامة فبدأ الطفل يرى افلام كارتون تحث على الجريمة والسرقة والكذب والاستهتار بالقيم .
واصبحت نسائنا بمختلف اعمارهن وخاصة الشابات منهن لا تتابع امورها الدينية وهي مسلمة ولم تسأل نفسها ماذا عملت لغد عندما تواجه امامها المهدي (عليه السلام) بأي اعمال وخاصة ان ظهوره ان شاء الله قريب واوشك على الابواب وهذا ما تشير له الدلائل والعلامات وتحققها والعالم الان كله ينتظر مجيء مصلح لهذا العالم الذي امتلء ظلماً وجوراً اذ قامت الفتاة فقط تحلم بفارس احلامها وكيف يكون شكله هل انه سيشبه الممثل الفلاني ام المطرب الفلاني ولا ترى ما جوهره وما هو سوى كالانعام ( بل اضل سبيلا ) وما هو سوى قشور وهو يرتدي ملابس تدل على ميوعته وتسافله وانحطاطه والتحدث بكلمات بعيدة عن واقعنا الاسلامي . والذي يدمي القلب ليس فقط ما يظهر في القنوات الفضائية الاوربية التي تبيح الممارسات الشاذة وانما عتبنا هو على قنواتنا العربية وبالاخص الخليجية وما تظهره من استهتار وخلاعة ومجون وتظهر الفتاة الخليجية كيف تذهب الى مكانات التسافل والانحطاط وهي ترتدي ملابس شيطانية تجعلنا نستغيث بالله تعالى كما في دعاء العهد للامام المهدي ( عليه السلام ) في كل صباح ( اللهم ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ) اللهم فأظهر لنا وليك وابن بنت نبيك حتى لا يظفر بشيء من الباطل الا مزقه ويحق الحق ويحققه ....) فحينما ادخل الى بيوتات ارى الفتيات ومع الاسف الشديد تبحلق في جهاز التلفاز وتنظر الى الشباب المتسافل بكل ما لديها من مشاعر وتنظر الى الممثلات الخليجيات والتي تظهر بها الفتاة الخليجية بمنتهى الانحطاط وهي ترتدي ملابس الغرب الكافرة وتذهب الى الحفلات الماجنة وتحتسي الخمر فاين الغيرة على الدين الاسلامي يا اسلام الهوية فاين الغيرة يا عرب الهوية فأن الطوفان قادم فأن لم تصحوا على انفسكم سيسحقكم الطوفان فكيف واسلامنا يتنخر من داخله .
فأين انتم يا امة الاسلام امة سيد الكائنات محمد صلى الله عليه واله وسلم كما قال الباري في كتابه العزيز ( كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ....) فما بالكم قد اصبح عندكم المعروف منكراً والمنكر معروفاً الا ترون ان الساعة قد حانت اشراطها ودق ناقوس الصفر ماذا دهاكم هل استحوذكم الشيطان وسلب لب عقولكم ليوقعكم في الرذيلة انتبهوا انتبهوا انتبهوا انه الامتحان الاخير وظهور الامام المهدي ( عليه السلام ) قريب وكل الفضائيات وكل الاديان تعترف بذلك وسوف يغلق بابا التوبة عند يقامه حينئذ فسارعوا الى مغفرة من ربكم والا فحضروا انفسكم للعقاب الكبير من الله فوالله انها الطامة الكبرى فاين المفر سيأتي من يحمل سيف علي ( عليه السلام ) الذي فيه السر الاعظم والذي اذا اشار به الامام عليه السلام على الجبل لشطره لنصفين سيأتي باسلحة تفوق اسلحة الدمار الشامل واسلحة الغرب الكافر وسيقضي على الطغيان والكفر والفساد في العالم ، وسيرفع راية التوحيد عالياً مرفرفتاً بأذن الله تعالى وسيكون الحكم يومئذ لله الواحد الاحد وسيحقق العدل الالهي وسوف تكون دولة الحق التي تعم الكرة الارضية كافة من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها وهناك لا ينفع الندم ولا تنفع التوبة وستكون العاقبة للمتقين .
المرأة بين الغرب والاسلام
السؤال / يتهم الغرب الإسلام بأنه يظلم المرأة ، فما هي مكانة المرأة في الإسلام ؟
الجواب/ الحمد لله - بلغت المرأة في الإسلام مكانة عالية , لم تبلغها ملة ماضية , ولم تدركها أمة تالية , إذ إن تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة و الرجل على حد سواء , فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء, كما أنهم أمام ثوابه وجزاءه في الدار الآخرة سواء , قال تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم ) سورة الإسراء /70 , وقال عز من قائل : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) سورة النساء/7, وقال جل ثناؤه ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) سورة البقرة / 228, وقال سبحانه : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة /71 , وقال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً- واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء / 23 ,24.
وقال تعالى : ( فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) سورة آل عمران / 195, وقال جل ثناؤه : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) سورة النحل /97 , وقال عز من قائل : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ) سورة النساء/124.
وهذا التكريم الذي حظيت به المرأة في الإسلام لا يوجد له مثيل في أي ديانة أو ملة أو قانون فقد أقرت الحضارة الرومانية أن تكون المرأة رقيقاً تابعاً للرجل , ولا حقوق لها على الإطلاق , واجتمع في روما مجمع كبير وبحث في شؤون المرأة فقرر أنها كائن لا نفْس له , وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية , وأنها رجس.
وكانت المرأة في أثينا تعد من سقط المتاع , فكانت تباع وتشترى , وكانت تعد رجساً من عمل الشيطان.
وقررت شرائع الهند القديمة : أن الوباء والموت والجحيم وسم الأفاعي والنار خير من المرأة , وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها - الذي هو سيدها - فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه , وإلا حاقت عليها اللعنة.
أما المرأة في اليهودية فقد جاء الحكم عليها في العهد القديم ما يلي : ( درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً , ولأعرف الشر أنه جهالة , والحماقة أنها جنون ؛ فوجدت أمرّاً من الموت : المرأة التي هي شباك , وقلبها شراك , ويدها قيود ) سفر الجامعة , الإصحاح 7 : 25 , 26, ومن المعلوم أن العهد القديم يقدسه ويؤمن به اليهود والنصارى.
تلك هي المرأة في العصور القديمة , أما حالها في العصور الوسطى والحديثة فتوضحها الوقائع التالية:
شرح الكاتب الدانمركي wieth kordsten اتجاه الكنيسة الكالوثوليكية نحو المرأة بقوله : ( خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الأوربية محدوداً جداً تبعاً لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مخلوقاً في المرتبة الثانية ) , وفي فرنسا عقد اجتماع عام 586 م يبحث شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنساناً أو لا تعد إنساناً ؟ وبعد النقاش : قرر المجتمعون أن المرأة إنسان , ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل.
وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون الفرنسي على ما يلي : ( المرأة المتزوجة - حتى لو كان زواجها قائماً على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها - لا يجوز لها أن تهب , ولا أن تنقل ملكيتها ولا أن ترهن , ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض بدون اشتراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية).
وفي إنجلترا حرّم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس وظلت النساء حتى عام 1850 م غير معدودات من المواطنين , وظللن حتى عام 1882 م ليس لهن حقوق شخصية , سلسلة مقارنة الأديان , تأليف د . أحمد شلبي , ج3 , ص: 210 - 213.
أما المرأة المعاصرة في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلاد الصناعية فهي مخلوق مبتذل مستهلك في الأغراض التجارية , إذ هي جزء من الحملات الإعلانية الدعائية , بل وصل بها الحال إلى أن تجرد ملابسها لتعرض عليها السلع في واجهات الحملات التجارية وأبيح جسدها و عرضها بموجب أنظمة قررها الرجال لتكون مجرد متعة لهم في كل مكان.
وهي محل العناية ما دامت قادرة على العطاء والبذل من يدها أو فكرها أو جسدها , فإذا كبرت وفقدت مقومات العطاء تخلى عنها المجتمع بأفراده ومؤسساته , وعاشت وحيدة في بيتها أو في المصحات النفسية.
قارن هذا - ولا سواء - بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى : ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة/71 , وقوله جل ثناؤه : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) سورة البقرة / 228 . وقوله عز وجل : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً - واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء / 23, 24.
وحينما كرمها ربها هذا التكريم أوضح للبشرية قاطبة بأنه خلقها لتكون أماً وزوجة وبنتاً وأختاً , وشرع لذلك شرائع خاصة تخص المرأة دون الرجل.
الكلام الطيب
من استقرار احداث المشاكل الاجتماعية والازمات المعكرة لصفوة المجتمع علم ان فشائها في الاغلب بوادر اللسان الباحث لتوتر العلاقات الاجتماعية واثاره الضغائن والاحقاد بين افراد المجتمع من اجل ذلك كان صون اللسان تلك القوارص والمباذل وتعويذة على الكلام الطيب والحديث المهذب النبيل وضرورة تثقيفها مصلحة الفرد والمجتمع ز فطيب الحديث وحسن المقال من سمات النبيل والكمال ودواعي التقدير وعوامل الظفر والنجاح وقد دعت الشريعة الاسلامية الى التحلي بأدب الحديث وطيب القول بصنوف الايات والاخبار وركزت متواصلاً اشاعة للسلام الاجتماعي وتعزيز الاواصر المجتمع قال تعالى { وقل لعبادي يقولون التي ي احسن ان الشيطان ينزع بينهم ان الشيطان كان للأنسان عدواً مبينا } .
جاء رجل الى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) فقال يا رسول الله اوصيني ، قال : احفظ لسانك قال : يا رسول الله اوصيني قال احفظ لسانك ويحك ول يكتب الناس على مناظرهم في النار الا حصابد السنتهم .
وعن علي بن الحسين عليه السلام القول : الحسن يثري المال وينمي الرزق وينسي في الاجل ويجيب ويدخل الجنة وينسب للصادق عليه السلام هذا البيت .
عود لسانك قول الخير تحظ به
ان اللسان لما عودت معتاد
مكانة المرأة ودورها الاجتماعي
الآيات التالية فيها الإجابات على هذا السؤال حيث جاء في سورة الزمر قوله تعالى:(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (الزمر:6) قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) صدق الله العلي العظيم إنها إجابة واضحة تعلن المساواة المعنوية بين الرجل والمرأة.إن مواضع التكريم الإلهي للرجل والمرأة في خطاب واحد يعلن المساواة لهذا التكريم ونلحظه في المواضع التالية حيث جاء في سورة الإسراء قوله تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء:70) وفي سورة التين قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين:4) وماذا عن الخطيئة ؟ وما أدراك ما الخطيئة ؟ حيث تم لصق التهمة بسيدتنا حواء وغبنها معظم أحفادها وكانوا عاقين لها ولكل أم آلا ما رحم ربنا :فما هو موقف الإسلام ؟ومن هو المتهم الأول في الأكل من ثمار الشجرة المحرمة؟هل هو سيدنا آدم أم سيدتنا حواء عليهما السلام ؟ هيا بنا لنحتكم الى القرآن الكريم لنعرف الحقيقة ونكفر بالقصص المزيفة والتي تحط من قوة الإرادة والعزيمة عند المرأة:جاء في سورة البقرة قوله تعالى:(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ*فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم*قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة60) فهذه الايه تضع آدم عليه السلام على رأس قائمة الاتهام ثم الشيطان ثم حواء في قوله اهبطا منها جميعا جاء في سورة الأعراف قوله تعالى:(وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ*فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ*فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ* قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (لأعراف:23) هذه الايه تشير الى تورط آدم وحواء في ارتكاب الخطيئة وبما أن آدم عليه السلام هو ربان السفينة حتى ولو قامت حواء بشيء من الأغراء والتشجيع فأن القرار كان بيد آدم عليه السلام. بدى واضحا إن المرأة كيان مستقل الإرادة والاختيار كما هو الرجل كيان مستقل الإرادة والاختيار حيث أشارت أليه الآيات أعلاه وتؤكده الآيات الشريفة التالية فالمرأة شريك للرجل والرجل شريك لها وليس المرأة جزء منه أوملك تحت تصرفه حيث جاء في سورة الروم قوله تعالى:(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) وجاء في قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (النحل:72) ونفهم انه مثلما الرجل شريك وعضو في الأسرة فأن المرأة تشاطره فهي أيضا شريك وعضو في الأسرة :ربما يدعى مدعي أما جهلا أو عصبيه أو التباس الأمر عليه أو عليها بسبب بعض العادات والتقاليد وسوء الفهم لأبعاد النص الإسلامي وعدم الدراسة والإحاطة بوجوهه المتعددة وهنا نذكر بعض الأمور لعلها تمنحنا شئ من الشجاعة والقدرة على التصحيح والفهم السليم والعادل للعلاقة التي رسمت حدودها الشريعة الإسلامية بين الرجل والمرأة - نسمع صوت واحد عقيم هو حق الرجل على المرأة في حين غيّب صوت يكابد لنيل الحق ذلك هو صوت حق المرأة على الرجل وتناسينا قوله تعالى:(وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (النساء:32) استخدام النص الإسلامي وتحريف مقاصده ليصب في صالح الرجل مثل ما جاء في قوله تعالى:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34) مع إن هذا النص يشير وبصوره رئيسيه إلى قضيتين:
وظيفة الرجال والنساء حيث إن العمل وتحصيل الرزق هو واجب على الرجل فقط في حين المرأة مخيره ومستحب إن تشارك الرجل بالأعمال والسعي إلى تحقيق الحياة أفضل والآية التالية تبين معاني هذه الايه قوله تعالى:(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21) وتعززها الآية في النقطة الأولى أعلاه. توزيع المسؤوليات وتبادل الأدوار لتحقيق عيشة رغيدة وحياة سعيدة وليس السيطرة والتحكم في حياة المرأة التي تتنافى مع نصوص إسلامية أخرى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء:124) من المؤسف لم نحاول إن نتفهم دور و مكانة المرأة في الشريعة الإسلامية من زوايا متعددة لكي نحصل على صورة المرأة المتكاملة واعني بالصورة المتكاملة هي تشعبات ذات المرأة ومنها:
1- المرأة عبد من عباد الله (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب:35)
2- عضو في الأسرة (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (النحل:72)
3- عضو في المجتمع (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (النساء:19)
4- شريحة من الأمة والدولة (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71) (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (التوبة:67)
5- المرأة هي المحور (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (النور:61)
علوم
ايات الكون في القران الكريم
ان القرآن الكريم كتاب هداية أنزله الله - عز وجل - لتوضيح أمور لا يستطيع عقل الإنسان وحده أن يعلمها مثل جوهر الإيمان والعبادات ومبادئ الأخلاق والقوانين التي تحكم تعاملات الناس بعضهم مع بعض.
بالإضافة إلى هذه الأمور، فإن القرآن الكريم يتعرض إلى الكون بما فيه من السماوات والأرض وعناصرها المتعددة وسكانها وظواهرها في أكثر من 1000 آية بهدف الاستشهاد بقدرة الخالق - عز وجل - غير المحدودة وعلمه وحكمته تعالى الذي خلق هذا الكون والقادر أن يخسف به ثم يعيده تارة أخرى، وبالتالي لم يكن الهدف من آيات القرآن الكريم التي لها علاقة بالكون توفير بعض المعلومات العلمية؛ حيث عنى الله – عز وجل - أن يتم عملية اكتساب العلم عن طريق الملاحظة والاستنباط والتجربة والذي يحدث على فترة طويلة من الزمان بسبب محدودية حواس الإنسان وطبيعة العلم التراكمية، ومع ذلك فلا بد لآيات القرآن الكريم أن تحمل عدة حقائق علمية غير قابلة للجدل عن الكون بما أنها كلمة موحاة من الخالق –عز وجل- وبالتالي الحقيقة المطلقة.
من هذه الآيات 461 آية تذكر الكرة الأرضية لوصفها ككل أو لوصف قشرتها الصخرية الخارجية أو التربة الواقعة فوق تلك القشرة، أما الآيات التي لها مدلول جيولوجي فهي أكثر من 110 آيات، ويمكن تقسيمها إلى 11 مجموعة:
1- آية واحدة تأمر الناس بالسير في الأرض والملاحظة والقيام بالاستنباط من خلال ملاحظاته عن أصل الخلق: "قُلْ سِيْرُوْا فِيْ الأَرْضِ فَانْظُرُوْا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْر" (العنكبوت:2)
2- مجموعة من الآيات التي تشير إلى شكل الأرض (الرعد:31، الحجر: 19، الشعراء: 28، الزمر: 5، ق: 7، الرحمن: 17، الطلاق:12، الملك: 15، المعارج:40،41) وحركاتها: (الأنبياء: 33، يس: 40، النمل: 88، الرعد:3، الشمس: 1-4، الليل: 1-2، يونس: 67، النبأ: 10-11، النمل: 61-63، آل عمران: 27، العنكبوت: 61، لقمان: 29، فاطر: 13، الحديد: 6، يس: 37، البقرة: 164، آل عمران: 190، يونس: 67، المؤمنون: 80، الجاثية: 5، إبراهيم: 33) وأصلها: (الأنبياء:30)، حيث توصف السماوات والأرض بوضوح بأنهما كانتا وحدة واحدة في الماضي البعيد حتى فتقهما الله عز وجل (وهذا ما يوصف بنظرية الـ BIG BANG (الانفجار العظيم) الحالية لتكوين الكون، تتضمن هذه المجموعة أيضًا آيات تشير إلى مواقع النجوم المتباعدة (الواقعة: 75،76) وطبيعة الكون الدائم التمدد (الذاريات: 47) وطبيعة السماء المدخنة في أول خلقها (فصلت: 11،12) ووجود مادة ما بين النجوم (المائدة: 17،18)، الحجر:85، طه: 6، الأنبياء: 16، الفرقان: 59، الشعراء: 24، الروم:8، السجدة:4، الصافات:5، ص:10،27،66، الزخرف:85، الدخان:7،38، الأحقاف: 3، ق:38، النبأ: 37) وطبيعة الكون (الملك:3، نوح:15، الطلاق:12).
3- آية واحدة تقرر أن الحديد أنزل إلينا، وتقرر بالتالي مصدره الكائن خارج الكرة الأرضية (الحديد:25).
4- آية واحدة تصف الأرض بأنها متصدعة (الطارق:12).
5- مجموعة من الآيات تصف بعض الظواهر البحرية المكتشفة حديثًا:
أ- الطبيعة المتوهجة لقيعان بعض البحار والمحيطات والتي تصف نشاطًا بركانيًّا تحت بحري شديدًا مما يؤدي إلى تمدد قاع البحر (الطور: 6).
ب- الفصل التام بين المياه المختلفة مثل المياه المالحة والمياه العذبة، أو بين المياه المالحة ذات المكونات المختلفة بعضها عن بعض التي لا تختلط بتاتًا أو مباشرة بسبب وجود دائم لسدود بينهما لا يمكن اجتيازها (الفرقان: 53، الرحمن:19-20).
ج- الظلام الدامس الكائن في أعمق أعماق المحيطات بسبب التيارات العميقة تعلوها التيارات السطحية تعلوها السحب (النور:40).
6- آية تصف الجبال بأنها أوتاد (النبأ: 7) مشيرة إلى الحجم الأصغر الكائن فوق سطح الأرض مقارنة بالجزء الأكبر منها المدفون تحت سطح الأرض كالجذور ودورها في تثبيت القارات والكرة الأرضية ككل.
يؤكد هذا الدور للجبال عشرة آيات أخرى التي تصف أدوارًا أخرى للجبال كدورها في تكثيف البخار إلى مطر وفي تكوين منابع الأنهار (الرعد: 3، الحجر:19، النحل: 15، الأنبياء:31، النمل:61، لقمان:10، ق:7، المرسلات:27، النازعات:32) في سورة الغاشية آية 19 يحض القرآن الكريم الإنسان على ملاحظة كيفية انتصاب الجبال لكي تقف فوق سطح الأرض، أدت هذه الملاحظة إلى تكوين نظرية التضاغطية (وهي الخضوع لضغط متساوٍ من جميع الجهات) والتي يفسر بها انتصاب الجبال والمرتفعات الأرضية الأخرى فوق سطح الأرض.
أما في آية 27 من سورة فاطر فيصف القرآن الكريم الجبال بأنها مكونة من أجزاء بيضاء وحمراء تتباين درجات ألوانها وأخرى شديدة السواد.
تشير هذه الآية بشكل صريح إلى الجبال الحمضية التي يغلب على تكوينها الجرانيت الذي يظهر في جميع درجات اللونين الأبيض والأحمر، والجبال القلوية وفوق القلوية التي يغلب على تكوينها البازلت والجابرو بالإضافة إلى معادن حديد المغنيسيوم السوداء اللون، كل من هذه المجموعات الصخرية الأولية الرئيسية لها تكوينها الكيميائي والمعدني الخاص بها بالإضافة إلى درجة الحرارة أيضًا في نتاجها الثانوي والثالثة من الصخور الرسوبية والمتحولة وبالتالي تظهر أهمية هذه الألوان الثلاثة (الأبيض والأحمر والأسود) في تصنيف الصخور البركانية ومشتقاتها.
7- مجموعة من الآيات تركز على الغلافين المائي والجوي للكرة الأرضية اللذين يذكر القرآن الكريم بشكل واضح أنهما أخرجا من الكرة الأرضية (النازعات:30–31) وهي حقيقة لم يكتشفها العلم إلا قريبًا.
آيات أخرى في هذه المجموعة تذكر خاصية الغلاف الجوي في حماية الحياة على وجه الأرض (الأنبياء:32، الطارق:11) وطبيعة الفضاء الخارجي الدامس الظلام (الحجر:14-15) وانخفاض الضغط الجوي مع الصعود (الأنعام: 125) والطبيعة المتوهجة لليالي في أول الخلق قبل تكوين الأغلفة الجوية الواقية للكرة الأرضية (الإسراء:12).
8- مجموعة من الآيات تصف رقة القشرة الأرضية (نوح: 19) والتسوية والتعرية المستمرة التي يتعرض لها سطح الأرض، والتغيير التدريجي للأبعاد الجغرافية للقارات، وحتى عملية الانكماش التي تتعرض لها الكرة الأرضية ككل بالإضافة إلى تشويه سطحها (الرعد:41، الأنبياء: 44، النبأ:6).
9- آيات تؤكد أن أصل المياه الجوفية من الأمطار مشيرة إلى الدورة المائية الجيولوجية (الحجر:22، الحج:5)، وأخرى تربط بين الحياة على الأرض والماء (الأنبياء:30، النور: 45)، وأخرى تشير إلى إمكانية تصنيف أنواع الحياة على الأرض (الأنعام:38).
10- آيات تؤكد أن عملية الخلق حدثت على فترات زمنية طويلة وفي مراحل متتالية (فصلت: 9-12، السجدة:5).
11- آيتان تصفان نهاية كوكبنا والكون كله عن طريق انعكاس عملية الخلق أو ما يسمى علميًّا بالـ Big Crunsh أو (السحق الكبير) (الأنبياء: 104) ثم خلق الكون الأبدي بعد ذلك (إبراهيم:48).
لم يكن هذا العلم متوفرًا قبل بداية القرن الماضي، ولم نبدأ في فهم إلا القليل من الملاحظات العلمية عن طريق تحليل دقيق لها.
تشير أسبقية القرآن الكريم إلى هذا العلم الدقيق الشامل إلى واحد فقط من دلائل الإعجاز لهذا الكتاب الكريم والذي يمثل آخر رسالة إلهية للبشرية والرسالة الوحيدة التي تم الحفاظ عليها في نفس لغة الوحي كلمة كلمة وحرفًا حرفًا لأكثر من 14 قرنًا من الزمان.
يتضح من المناقشة السابقة أن الآيات القرآنية التي لها إشارات جيولوجية تزيد عن 110 آيات وتحتاج إلى كتب ضخمة لشرحها، وبالتالي نركز في المقالات القادمة فقط على بعض هذه الآيات التي تمثل معلومات ومفاهيم مؤكدة في مجال علوم الأرض ونذكرها فقط كأمثلة للطبيعة الإعجازية للقرآن الكريم.
(ألبا) الخضراء المتوهِّجة
والتلاعب بالجينات
أثار أرنب معدل وراثيًّا خلافًا حادًّا جديدًا حول استمرار التلاعب بجينات الكائنات الحية، فلقد رفض علماء المعهد الوطني للبحوث الزراعية الفرنسي، آي إن آر آي (INRI) إهداء أرنب مُعَدَّل وراثيًّا أنتجوه معمليًّا في شباط/ فبراير الماضي إلى فنان من شيكاغو يدعى "إدواردو كاك" يُريدُ أَنْ يَعْرضَ الحيوان كقطعة فنية حية في معرض بالولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد سُمِّيت أنثى الأرنب المحوَّرة وراثيًّا "ألبا"، بعد أن حورت جيناتها؛ لتشع لونًا أخضر تحت الظروف المعملية، ولقد أكدت المتحدثة بلسان المعهد عدم السَّماح "لكاك" بعْرض ألبا كقطعة فنية حية، وقالت أيضًا: إن ألبا ستظل في المختبر كأي حيوان معملي آخر، ولقد أضافت أيضًا: إن فنان شيكاغو، علم بوجود ألبا خلال محادثة مع واحد من العلماء الذين طَوّروها، ونفت بذلك ما أعلن من قبل عن أن المعهد أنتج هذه الأرنبة خصيصًا تلبية لطلب الفنان الأمريكي، والذي ادعى أن هذا الأرنب سيستغل كرمز للتقارب الفكري بين العلماء والمجتمع؛ لتأكيد دور بحوث الهندسة الوراثية الجديدة في تغيير الواقع والثوابت الحياتية.
ولقد نقل علماء المعهد جينات تحدث وهجًا عند تعرضها لبعض المؤثرات الخارجية من قنديل البحر( Jelly Fish) إلى الأرنبة "ألبا" في مرحلة الجنين، وتنتج هذه النوعية من الجينات البروتين المشع الأخضر جي إف بي (GFB) ونتيجة لذلك، تَتوهّجُ خلاياها مثل قنديل البحر تحت المجهر في الضوء الأزرق. وتبدو الأرنبة ألبا طبيعية كأي أرنب عادي في الضوء الأبيض، ولكن تتوهج عيونها، وشواربها وفراؤها في الظلام تحت الضوء الأزرق.
ولقد استخدم علماء المعهد الفرنسي أسلوب الحقن المجهري للأجنة (zygote microinjection) لجين بروتين مشع معزول من فصيلة قنديل البحر المشع يُدعى "أيكوري فيكتوريا" (Aequorea victoria) بعد أن قاموا بتعديل الجين وتكراره ومضاعفته عدة مرات؛ ليصبح أكثر تأثيرًا بحيث يظهر توهجًا ملحوظًا عند نقله إلى خلية بويضة أرنب مُخَصَّبة والتي تم تنميتها في النهاية؛ لتنتج الأرنبة المحورة وراثيا "ألبا”.
الفأر المتوهج الأخضر
ولا تُعَدُّ "ألبا" أول كائن يُحوًّر ليشع في الظلام، بل سبقها عديد من المحاولات لإنتاج كائنات تتوهج في الظلام، أول حيوان مفضل بطبيعة الحال هو الفأر، ولقد تم بالفعل إنتاج فأر محوَّر وراثيًّا؛ ليتوهج في الظلام لأول مرة في عام 1997م في اليابان، وتم استغلال الفأر المحوّر في الأغراض البحثية؛ ليزود العلماء بمعلومات عن بعض العمليات الحيوية البيولوجية، ولدراسة طبيعة بعض الأمراض وطبيعة التعبير الجيني عن طريق استخدام جينات قنديل البحر المتوهجة في اقتفاء أثر بعض الجينات الهامة بطريقة سريعة، حيث يتوهج البروتين المشع في الظلام في حالة تنشيطُه معمليًّا.
تَوَهُّج الخلاف
ولقد صرح بعض العلماء بأن مثل هذا المشروع "مشروع طائش" وهو يُشعل المناقشة حول مثل هذه المشاريع، وحول حرية ممارسة مثل هذا التحوير الوراثي الجيني للكائنات الحية، وحول الهدف من مثل هذا العبث، ولقد ألقى مثل هذا النبأ الضوء على ما يحدث خفية في المختبرات بهذا المعهد، وأكد نشطاء حقوق الحيوان أن المشروع معالجة غير ضرورية وشيء سخيف غير مبرر، وأن إنتاج مثل هذا الحيوان قد يسلِّط الضوء على الفوضى المقبلة في تبديل المخلوقات خلال البحوث الوراثية. بينما أكد علماء آخرون أهمية مثل هذه البحوث وأن هناك أشياء أكثر أهمية من هذا العبث يمكن استحداثها بمثل هذه الجينات، فلقد اقتحمت الهندسة الوراثية حياة البشر وفرضت نفسها على هذه الحياة باعتبارها "المنقذ" الذي فتح آفاقًا بغير حدود لإنقاذ البشرية من الجوع ومن الأمراض الفتاكة، والهندسة الوراثية جاءت لتبقى، فحتى كبار المتحفِّظين عليها يصفون القرن القادم "بقرن التقنيات الحيوية" أو "عصر الجينات". ومثل هذه التقنية التي تضيف مقدرة اقتفاء الأثر الجينى تَمدُّ العلماء بسلاح مهم يَسْمحُ لهم بمُراقبة تأثير العقاقير الجديدة ومعرفة تأثيرها في التوِّ دون استعمال الجراحة. كما يمكن استغلالها في أساليب العلاج الجيني الحديثة بلصق الجينات المشعة مع جينات معالجة للسرطان على سبيل المثال واقتفاء آثارها في الحال باستخدام أجهزة حساسة للضوء، مما يساعد في سرعة العلاج ودقة تحديد الأورام السرطانية خلال الجراحة.
ولقد وصف أوسامو شيمومرا، الأحيائي الياباني الذي يُعَدُّ أول من اكتشف جين التَّوَهُّج في "أيكوري فيكتوريا"، مشروع الأرنب المتوهج بأنه مثير، ولكنه ليس مهمًا. ويحاول العديد من العلماء توظيف استخدام مثل هذه الجينات المتوهجة في الصناعة، فلقد تم طرح مسدسات مائية في الأسواق عن طريق شركة تدعى "برولوم" بحيث يَتدفّقُ منها ماء محمل بنسخ متكررة من الجينات، ليضيء السائل في حالة تلامسه مع شخص ما، أو أي جسم يحتوي على الكالسيوم.
ويعمل باحثون آخرون الآن على تطوير أزهار، وحلوى وأحبار تضيء وتتوهج في الظلام
البارود والمدافع في الحضارة الاسلامية
تحرص كل أمة صاحبة حضارة على نسبة أي ابتكار كان له شأن في تغيير مفاهيم سياسية أو اقتصادية أو حربية لها، ويحاول مؤرخو العلوم الإتيان بأدلة وبراهين لإثبات هذا الحق والسبق المزعوم. وتوجد نزعة قومية لدى مؤرخي العلوم والتقنيات في أوروبا إلى إنكار سبق المسلمين في ابتكار البارود والمدافع حتى أن بعضهم نسب ابتكار المدافع إلى الصينيين، والبعض الآخر إلى الأوروبيين بغير دليل ولا برهان، علمًا بأن المدفع لم يظهر يقينًا في أوروبا إلا في فلاندريا Flandern حوالي عام 1314 أو 1319م وهو تاريخ لاحق على استخدام المسلمين له ، وفي هذا سنسوق أدلة وبراهين تدحض مزاعم الآخرين وترد الحق إلى أصحابه المسلمين.
البارود هناك جدل واسع حول تحديد اسم المكتشف أو المخترع الأصلي للبارود و المدفع، حتى اتضح أن كثيرًا من الباحثين لم يدركوا حقيقة الأمر نتيجة لخطأ في فهم الأسلوب اللغوي الذي كتبت به المخطوطات القديمة. وقد ذكر ابن البيطار في كتابه "مفردات الأدوية" كلمة "بارود” لأول مرة، وبمناقشة الآراء التي قيلت عن أي الأمم اخترعت البارود نطمئن إلى سبق المسلمين في هذا المجال ؛ فجوستاف لوبون وسارتون وزيجريد هونكه وغيرهم كثيرون أجمعوا على أن الأوروبيين قد عرفوا البارود عن طريق العرب ونقلوه عنهم، وفي ذلك يقول جوستاف لوبون: "وعزي الاختراع إلى روجر بيكون زمنًا طويلاً.. مع أن روجر بيكون لم يفعل غير ما فعله ألبرت الكبير من اقتباس المركبات القديمة، فقد عرف العرب الأسلحة النارية قبل النصارى بزمن طويل” وتقرر المستشرقة هونكه "أن الخليط العربي العجيب الذي يحدث رعدًا وبرقًا قد وصل إلى بعض علماء أوروبا أمثال روجر بيكون وفون بولشتدن"، وتضيف: "ثم حدث أن انتقلت النظرية إلى التجارب العلمية – لدى العرب – التي هزت كيان العالم، فالعرب في الأندلس هم أول من استخدمه في أوروبا.
ويستشهد أصحاب الرأي السابق بما وجدوه في المخطوطات الإسلامية التي تعود إلى القرن 4هـ/ 10م (أي قبل بيكون بثلاثة قرون، فقد جاء في وصف صناعة البارود: "تؤخذ عشرة دراهم من ملح البارود ودرهمان من الفحم ودرهم ونصف من الكبريت وتسحق حتى تصبح كالغبار، ويملأ بها ثلث المدفع فقط خوفًا من انفجاره، ويصنع الخراط من أجل ذلك مدفعًا من خشب تتناسب فتحته مع جسامة فوهته، وتدك الذخيرة بشدة ويضاف إليها البندق (كرات الحديد)، ثم يشعل ويكون قياس المدفع مناسبًا لثقله. وفي كتاب حسن نجم الدين الرماح "الفروسية والمناصب الحربية" والذي يرجع للقرن 7هـ/ 13م، شرح وتفصيل لصناعة البارود في العالم الإسلامي، عن طريق استخلاص ملح البارود من الطبيعة وتنقيته في المختبرات الكيميائية، فهذا الكتاب يدلنا على أن تلك الصناعة كانت قد بلغت في العالم الإسلامي شأنًا كبيرًا من التطور.
ويشيع البعض أن الحضارة الصينية عرفت البارود قبل المسلمين، واستعملوه في الألعاب النارية والأغراض الدينية. والذي استعمل في حقيقة الأمر لدى الصينيين هو ملح البارود وتركيبه الكيميائي (نترات البوتاسيوم)، وهو مايعرف باسم (البارود الأسود الخام)، وسُمِّي بالبارود؛ لأنه قابل للاشتعال عند التسخين أوإذا لامسته النار.. فهذه المادة الخام هي التي عرفها الصينيون واستعملوها كما هي في الطبيعة دون تركيب أو تحضير، وكان معروفًا في مصر وسماه أهلها "الثلج الصيني” فيقول نيدهام في مؤلفه "العلم والحضارة في الصين": إن المسلمين قد عرفوا ملح البارود "Salt peter" عن الصينيين وكانوا يسمونه "الملح الصيني"، وكان هذا الملح يؤخذ من الحجارة أي من الموارد الطبيعية في أواسط وشرقي آسيا”. أما بارود المدافع Gun powder فهو تركيبة كيميائية اخترعها المسلمون في معاملهم، وتتركب من (نترات البوتاسيوم بنسبة 75%+ كبريت بنسبة 10% + فحم بنسبة 15%.
المدافع.. اختراع إسلامي
وقد اختلف مؤرخو العلوم حول نسبة ابتكار أو اختراع البارود إلى ثلاث حضارات، واختلفوا أيضًا في نسبة اختراع المدفع إلى نفس الحضارات الثلاث، ولردِّنا على ذلك سنذكر استخدام المدفع في شرق وغرب ووسط العالم الإسلامي، مقرنين هذا الاستخدام بالتواريخ التي تدحض آراء الآخرين.
المدافع في شرق العالم الإسلامي يرجع بدر الدين الصيني المدفع الناري الذي يحتاج إلى البارود في قذف مقذوفاته أنه من صناعات المسلمين، وذلك من المصادر الصينية التي تذكر استعماله (مدافع المسلمين) هوي هوي بهو، وورد في محاضرة سيانغ يانغ فو ضمن تاريخ المغول ترجمة للقائد علي يحيى الأويغوري الذي بعثه قبلاي خان إلى مهاجمة "سيانغ يانغ فو" أن في عسكره مسلمًا، يسمى إسماعيل كان يعرف كيف يصنع المدفع الناري، فتمكن القائد المذكور من فتح المدينة بمساعدة هذا النوع من المدافع، ويذكر في ترجمة (يوان سي جو) أي الإمبراطور الأول لأسرة المغول – قبلاي خان، قائدًا له يسمى باسم (لانغ كيا) (Lang Kia)، كان يستحضر كل من يعرف صناعة المدافع من ولاية خوي إلى العاصمة، وكان منهم ستمائة من المغول والمسلمين والصينيين. فأرسلهم وعلى رأسهم "جانغ لين" إلى الحملة على الولايات الشرقية، واستعملوا في هذه الحملة المدفع المعروف "بمدفع المسلمين"، وجاء في "تهونغ جيانغ" أي تاريخ الصين العام في الجزء الرابع والتسعين ما يأتي: لقد ظهرت الثورة في مدينة "فانغ" في الشهر الأول سنة 1232م. فقتل حاكمها. وكذلك ظهرت في مدينة "سيانغ يانغ فو" فمات فيها كثير من المغول. فأصدر الإمبراطور وهو (قبلاي خان) أمرًا إلى قائد كبير معروف هو علي يحيى، بإغاثة المدينتين على عجل، فحمل – أولاً - على مدينة (فانغ)، وكان المسلمون الذين في جيوشه يصنعون له نوعًا من المدافع، فاستخدمه في أعماله العسكرية حتى تمكن من فتحها، ثم توجه بجيوشه إلى "سيانغ يانغ فو" وضربها به. فوقعت المقذوفات على عمارات عالية البناء وقوع الصاعقة عليها، فارتعد السكان وارتجفوا من رَعْدِه. وأما قواد الثوار فأكثرهم قد تسوروا السور وخرجوا خاضعين لأمر (الجنرال) علي يحيى فقبل تسليمهم، ثم دخل المدينة وأمَّنها باسم الإمبراطور.
وأقوى الشهادات الصينية هو ما وجدناه في كلمة (بهو) في ديوان لغات الصين، ويقول صاحب الديوان عن هذه الكلمة: وهي آلة نارية تستعمل في الحرب، لقد صنعها إسماعيل وعلاء الدين من أهل الغرب للمغول الذين استعملوها في الحملة على مدينة "سيانغ يانغ فو" في سنة 1232م، ومن ثَمَّ تعلم الصينيون استعمال المدفع الناري في الحرب في غرب العالم الإسلامي قام الأندلسيون خاصة في غرناطة، بتطوير الأسلحة النارية واعتمدوا بشكل متنامٍ على البارود، ويعتقد أنهم أبدعوا أول أنواع المدافع في التاريخ، هذا وهناك بعض المخطوطات العربية (قسم منها محفوظ في دير الإسكوريال، قرب مدريد) التي تفيد بأن عرب الأندلس وعرب المغرب استخدموا بعض الأنواع الأولى من المدافع منذ أوائل القرن 7هـ/ 13م.
وذكر ابن خلدون في تاريخه لدى حديثه عن السلطان المريني أبي يوسف، وحصاره لمدينة سجلماسة على طرف الصحراء في سنة 672هـ/ 1273م، قال ابن خلدون: "ونصب عليها آلات الحصار والعروات، وهندام النفط القاذف بحصى الحديد ينبعث من خزانة أمام النار الموقدة في البارود، بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة باريها.
وعن الأندلسيين والمغاربة أخذت أوروبا وسواها معارف استخدام المدافع والبارود وقامت بتطوير ذلك، ويذكر هنا أن الأسبان اعتمدوا على المدفعية في حروب الاسترداد، وسقطت الأندلس، وقامت دول أوروبا وعلى رأسها كل من أسبانيا والبرتغال بنشاط بحري هدفه احتلال وتطويق العالم الإسلامي، ووقعت معارك كثيرة بين عرب المغرب وأساطيل هاتين الدولتين: ولعل أهمها معركة وادي المخازن 1578م في المغرب، ثم ما يعرف باسم حرب الثلاثمائة سنة مع الجزائر، وفي هذه المعارك كانت المدفعية هي السلاح الرئيسي والحاسم، ولقد أبدى عرب الشمال الأفريقي تفوقًا واضحًا في استخدام هذا السلاح، حتى ليخيل للمرء أن المغرب كانت بعد معركة وادي المخازن مهيأة للدخول في مرحلة تاريخية جديدة نظيرة لما عرف في عصر النهضة في أوروبا، إنما تبديد طاقات هذه المملكة في أفريقيا السوداء، وسيطرة زوايا الصوفية وتحكمها بعقول الجماهير إلى قلة المعادن والأخشاب، مع أسباب أخرى أدى إلى ضياع هذه الفرصة
القائم بين السائل والمجيب
وصلتنا مجموعة من الاسئلة من الاخوة القراء وفقهم الله تعالى لكل خير نحاول الاجابة عن بعضها في هذا العدد ونعتذر من الاخوة الذين نؤجل أجوبة اسئلتهم ونرجوا منهم التماس العذر لنا.
س1 - رأيت الكثير من الناس يبدوا على وجوههم الصلاح والايمان ولكن التعامل معهم مادياً او اجتماعياً وخصوصاً إذا اثير غضبهم أو عورضت مصالحهم تنكشف عنهم وجوه غير الوجوه الظاهرة للناس فهل هذا من علامات آخر الزمان ؟
ج- لا أظن انه يخفى عليك أخي السائل اننا في آخر الزمان ولا حتى جواب ما سألت عنه ، ولكن في الجواب عن سؤالك ايضاح لمن خفي عنه ، وتذكير لمن نسي فجزاك الله خيراً ، والحق إننا نعيش آخر الزمان وأن صفات الناس فيه وردت في أحاديث واخبار كثيرة منها ما ذكر في بشارة الاسلام ص75 والزام الناصب ص194 عن الأمام الباقر (ع) أنه قال :( ..... إذا صار لأهل الزمان وجوه جميلة وضمائر رديئة ، فمن رآهم اعجبوه ومن عاملهم ظلموه ....) ويسأل الاخ محمد الموسوي قائلاً:
س2 - قرأت في كتاب بشارة الاسلام نقلاً عن غيبة النعماني والطوسي والبحار رواية عن الامام الصادق (ع) إنه قال :( لا يخرج القائم (ع) حتى يقرأ كتابان : كتاب في البصرة ،وكتاب في الكوفة بالبراءةمن علي !!!) والمعلوم إن هاتين المنطقتين شيعيتان حتى وإن كان في البصرة القليل من السنة ولكن الكوفة كلها موالية لعلي (ع) فكيف يقرأ فيها كتاب بالبراءة من علي (ع) والعياذ بالله.
ج- لا يخفى عليك عزيزي إن الرواية تتحدث عن مرحلة محددة قبل قيام الامام (ع) وفيها يقرأ الكتابان في هاتين المنطقتين المهمتين في تمثيلهما للشيعة وهذا يدل على إن ما وراء الكتابين جهة معينة هي التي ستصدر أمثال هذه الكتب والأفتاءات ، ويحتمل أن تكون من النواصب اتباع السفياني ، ويحتمل أن تكون من الشيعة انفسهم بسبب افتاءات بعض علماء السوء الذين وصفتهم الروايات في موارد عديدة بأنهم يثورون ضد القائم ويقولون له ارجع يبن فاطمة ، وما شابه ذلك.
وعلى الاحتمال الاول : أي يكون من يصدر كتب البراءة من علي (ع) هم النواصب اعداء الله ورسوله وأهل البيت (ع) وهذا لايكون في الكوفة او البصرة إلا بعد سيطرة السفياني عليها ولكن هذا الاحتمال فيه تساؤلات وأشكالات منها ، الاولى أن تعلن البراءة من علي في المناطق المخالفة له والموالية للسفياني كالانبار وهيت والموصل وما شابهها من المناطق المذكورة بمناصرتها للسفياني . فلم خص اعلان البراءة بهاتين المنطقتين مع العلم انه لا يمكن أن يقبل او يصدق اهلهما هذه الافتاءات في حين ان اجواء الروايةتشير الى ان المراد من قراءة الكتابين حصول عملية تصديق عند الناس لأبعادهم عن هذا الطريق وهذا يؤدي الى قبول الاحتمال الثاني وهو.
الاحتمال الثاني :- كون الكتابان صادران من بعض علماء الشيعة او زعمائهم الدينيين وعلى هذا الاحتمال لا يمكن ان يكون المعني في الرواية ( بالبراءة منه ) هو الامام علي (ع) لأن هذا المعنى اشد بعداً من الاول ولكن يمكن تحققه إذا كان اعلان البراءة من شخص آخر يمثل علي (ع) ولكن ظاهراً هو غيره وبعد اختلافه مع الفقهاء البارزين عقائدياً وتكذيبهم له ولدعوته وعدم قبولها عندهم ونتيجة لأرتفاع وتيرة التصادم بينه وبينهم سواء كان فكرياً او غيره يتخذون هذه الخطوة لتحجيم دوره وايقاف نمو حركته ومنع الناس من الالتحاق به وهذا المعنى موجود في الروايات وقد اثبتناه في الصحيفة في عدة موارد اكدت فيها الروايات على إن وزير الامام (ع) يكون بمثابة وزير النبي الاكرم (ص) فعلي (ع) وزير رسول الله ، والمهدي الحسني اليماني وزير الامام المهدي (ع). وبهذا يصح التكلم على إنه علي هذا الزمان فأذا اعلنت البراءة منه فقد اعلنت البراءة من علي (ع) نفسه ومثل هذه الاخبار كثيرة بعضها يصرح وبعضها يفهم من جمعة مع غيره فالاخبار الواردة كثيرة ومتنوعة وبجمعها تخرج عدة نتائج منها هذا المعنى الذي نتكلم به فمثلاً نجد في كثير من المصادر التي ينقل عنها صاحب يوم الخلاص فيص458 عن الصادق (عليه السلام) :( اذا نادى المنادي بأسم المهدي من السماء ، يظهر اسمه على افواه الناس ) وفي رواية اخرى عن الباقر (ع) انه قال :( ينادي من السماء أول النهار : ألا ان الحق مع علي وشيعته ، ثم ينادي ابليس في آخر النهار من الارض : ألا ان الحق مع فلان وشيعته ....) وبجمعهما يتضح ان علي هو المهدي الذي ينادي بأسمه او بأسمه وأسم ابيه كما في روايات اخرى.
س3- وقرأنا في كتاب عصر الظهور للشيخ الكوراني هذا المقطع ( فعن جابر بن عبد الله الانصاري عن الباقر (ع) قال :( يوشك اهل العراق ان لا يجبى اليهم قفيز ولا درهم قلنا من اين ذلك ؟ قال من قبل العجم يمنعون ذلك) البحار :51/92 والقفيز كيل للغلات ، والمعنى انه لا يكاد يصل اليهم مواد تموينية او مساعدات مالية ، بسبب الايرانيين وحربهم معهم) . والسؤال الان هل يفهممن الرواية إننا سوف نشهد حرباً اخرى مع الايرانيين.
ج- مسألة حرب الايرانيين مع اهل العراق ليس في نص الرواية وانما هي من تعليق الشيخ الكوراني وهذا ما فهمه هو ، أما نص الرواية فلا يلزم منه حصول حرب مجدداً بين الجانبين ومسألة حصول ازمة اقتصادية في العراق بسبب العجم او بسبب منع الايرانيين (كما عبر الشيخ ) لدخول الموارد او خروجها قد تحصل بغير حرب فعلية بل بخلاف سياسي بين الحكومتين فالمحتمل ان تزداد الاوضاع سوءاً الى الدرجة التي تغلق فيها جميع منافذ العراق الحدودية مع باقي الدول المجاورة حينها لأسباب مختلفة قد تكون بسبب اضطرابات في نفس تلك الدول وقد تكون بسبب الخلاف مع حكومة العراق فبمجرد غلق الايرانيين لمضيق هرمزتسد على لعراق اهم المنافذ فليس له منفذ بحري إلا من خلال الخليج فلا صادر ولا وارد اذا اغلق ، مضافاً الى ما قدمناه من احتمالية غلق باقي النافذ البرية مع الدول المجاورة ، وعليه تتحقق الازمة الاقتصادية الخانقة التي تحدثت عنها هذه الرواية اوما شابهها.
س4- الاخ ابو حيدر من محافظة ذي قار اتصل بنا هاتفياً وهو يسأل عن انصار القائم (عج) وهل كلهم شباب لا كهل فيهمكما ذكرنا في الصحيفة استناداً الى بعض الروايات.
ج- هناك فرق بين الانصار والاصحاب فالاصحاب لفظ يطلق على ألـ (313) والقادة الخاصين بالامام (ع) وهم فيهم ايضاً كهول ولكن اقل عدداً بينهم الى الحد الذي وصفته الروايات الواردة في البحار كما نقلها صاحب كتاب ماذا قال علي (ع) عن آخر الزمان في صفحة 82 عن أمير المؤمنين (ع) : اصحاب المهدي شباب لا كهول فيهم إلا كالكحل في العين او الملح في الزاد واقل الزاد الملح ) فهؤلاء الاصحاب الـ(313) اما باقي انصار الامام ومنهم العشرة الاف والذين يعدون بعد الاصحاب ولهم شأن عظيم عند الله فغير منصوص عليهم بقلة الكهول فيهم فضلاً عن باقي انصار الامام وأتباعه . نسأل الله ان يوفقنا لخدمتهم ويحشرنا مع محمد وال محمد وفي صحبتهم.
س5- كنت دوماً اتحير في كثرة الفرق الاسلامية وكلما قرأت رواية تدل على التفرق والفرق ثم انظر الى الواقع أتأثر واتساءل في نفسي هل كل هؤلاء جهلة ام كلهم يطلبون غير الله فيؤدي ذلك الى انحرافهم وابتعادهم عن مذهب الحق بل ما يحزنني تفرق ابناء المذهب الواحد فهل يوجد في كلام اهل البيت (ع) ما يفهم منه اسباب تفرقهم وتشتتهم ؟
خير ما اراه جواباً لك هو مقطع من كلام لأمير المؤمنين (ع) كما نقله كتاب ( ماذا قال علي (ع)) ص85 : ( فيا عجباً ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ! لا يقتصون اثر نبي ، ولايقتدون بعمل وصي ، ولايؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما انكروا ، وكل أمريء منهم امام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات ، وأسباب محكمات . فلا يزالون بجور ، ولن يزدادوا الا خطأ ، لا ينالون تقرباً ولن يزدادوا الا بعداً من الله عز وجل ، أنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض ، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الامي صلى الله عليه واله وسلم ،ونفوراً مما أدى اليهم من أخبار وفاطر السموات والارض ، أهل حسرات ولهوف وشبهات ، وأهل عشوات وضلالة وريبة ، من وكله الله الى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها).
س6/ من خلال متابعتي لصحيفتكم الشريفة توضحت لدي بعض الامور وبدأت اتابع قضية الامام المهدي(عليه السلام) والحقيقة ان الفضل لله اولاً وللسيد الشهيد الصدر(قدس) ثانياً عليَّ في هذه المسألة اي مسألة الانتباه لقضية الامام(عليه السلام) وامام ما اقرأت في هذه الفترة وما اسمعه أو اناقشه مع بعض الاصدقاء حول هذه القضية اقف حائراً في اكثر اوقاتي وخصوصاً في بعض الامور مثل قضية اليماني او اي دعوة لاي شخص من الممهدين او ممن يدعون التمهيد وقد توصلت الى حل مؤخراً هو ان اسد مسامعي عن اي دعوة وانتظر العلامات الحقيقية وذلك بسبب كثرة الادعاءات الباطلة والتباس الامور علينا فهل هذا التصرف هو المطلوب والاصح برأيكم؟ ارجوا افادتي بالتكليف الحقيقي مع الادلة . اخوكم باسم البغدادي.
ج: قبل الجواب اقول ان الصحيفة هي صحيفتك وصحيفة كل الاخوة قراءنا الاعزاء وليست صحيفتنا فقط أما مسألة سد المسامع وعدم البحث او التحقق من هذه المسائل فهذا غير صحيح والحق ان هذه المسائل والقضايا هي من الامور العقائدية التي لابد للانسان ان يبذل فيها سعة للوصول الى الحقيقتها وأما مسألة كثرة المدعين باطلاً فانها مما ذكرت في الروايات مثل (يظهر في شبهة لكي يستبان) اذن ان المؤمن لابد له ان يستفيد من هذه الدعوات المشبوهة لكي تكتمل عنده الصورة فيتمكن من تمييز الدعوة الحقة عن الدعوات الباطلة ثم ان القرآن امرنا ان نتبين بمعنى نتحقق ونبحث كي نصل الى الحقيقة حتى وان كان ناقل الخبر فاسق او غير ثقة وذلك في قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6. ولعل قائل يقول انا افهم منها ان اخذ بخبر الثقة فقط ولا اعتني بخبر الفاسق او الغير ثقة ولا اكترث له فاقول ان خبر الثقة هو حجة كما هو متعارف ويؤخذ به من دون التبين وهنا (اي في الاية) الامر ان نتبين اذا كان الخبر من فاسق ومعنى التبين هو التحقق للتأكد من الخبر المنقول وليس تركه وعدم الاكتراث به .
نظرية الحتمية القرانية
ان مجرد التسليم بوجود حوادث محتومة ضمن سلسلة مجريات التاريخ يشير الى ان التاريخ الانساني خاضع- ولو جزئياً- الى ما يشبه النواميس العامة التي تقوم بتوجيه مساره نحو غاية، ومتى استطعنا ان نكشف عن ماهية هذه النواميس صار بالامكان التنبؤبما سيأتي به الغد لقد دعيت هذه المسألة التي عقدنا لاجلها هذا البحث بمبدأ الحتمية التاريخية ، ولابد لنا في سبيل ان نكون موضوعين في عرضنا للاطروحة المقترحة من مناقشة كافة العناصرالتي تساهم - بشكل او بأخر - في تبني المبدأ او رفضه. لقد عولجت مسألة الحتم في التاريخ بمجموعة من النظريات في الفكر الغربي وكان ابرز من تناولها الفيلسوف والمفكرالالماني اشبنغلر ، فانه بعد طرح نظريته في التاريخ في كتابه الشهير (افول الغرب ) الذي ترجم خطأ (بسقوط الحضارة الغربية ) وسجل فيه فلسفته في التاريخ اثر هزيمة المانية في الحرب العالمية الاولى. ولقي الكتاب رواجاً منقطع النظير لان نهايته توافقت مع المزاج السائد عقب الحرب .وفلسفته في التاريخ (جبرية)فهو يعتقد ان التاريخ عبارة عن حضارات لارابط بينها ولااسباب لقيامها ، وانما تخضع كل حضارة ، بمجرد قيامها لدورة حياة بايولوجية كانها الكائن حي لها ربيع وصيف وخريف وشتاء ، وان شتاء الحضارة قد يعني اندثارها ،فاندثارها قد يكون بسبب تواجدها لصق حضارة اكبر.اما افول الحضارة قبل الاوان فقد يكون بسبب ظروف خارجية تقضي عليها من الخارج . ومهمة الفلسفة لدى اشبنلغر هي فهم البناء المورفولوجي (الشكل الخارجي) للحضارة ، وكل حضارة لها روح ، وربيع الحضارة هو زمن بطولاتها وملاحمها ودينها ، وذلك حينما تكون الحضارة بدوية وريفية ، وياتي صيفها بقيام المدن الى جانب الريف ، ويشهد الخريف التدفق الكامل لينابيع الحضارة الروحية وارهاصات استنفادها المحتمل او الوشيك وهو عصر نمو المدن وازدهارالتجارة وتوسع الدول وتحدي الفلسفة للدين ، ويتصف الانتقال الى الشتاء بظهور المدن العالمية وقيام المدن الرأسمالية وحكومات الاثرياء. وهو عصر تزايد الشك والتحول الى الامبريالية والاستبداد السياسي المتزايد والحروب المستمرة
وبالاختصار:فان الحضارة - عند اشبنغلر - في شتائها تفقد روحها وتموت ، ويعتقد اشبنغلر ان دورة حياة الحضارة تستغرق نحو الف عام .ومن القائلين بالحتمية التاريخية بهذا المعنى ايضاً: المفكر والمؤرخ الانكليزي ارنولد توينبي ، وقد عرض نظريته في التاريخ في كتابه الضخم (دراسة في التاريخ ) ، وذلك في اثني عشر مجلداً وهو متاثر جداً في عرضه للنظرية بالفيلسوف اشبنغلر الانف الذكر حيث يقول (ان التاريخ يسير في دورات كبرى من الارتفاعات والانخفاضات وانها محصلة للحضارات المختلفة التي تمر بنفس المراحل من الميلاد الى النمو فالتفكك والافول والسقوط ، وان الحضارات في نموها تتجاوب مع التحديات التي تواجهها ، وانها في افولها تعجز عن التصدي لما يعترض سبيلها من مصاعب ، وان النمو والتحلل في الحضارة لايكونا بالضرورة بشكل مستمر ، فقد تعقب الهزيمة لحظات تستجمع فيها الامة طاقتها استجماعاً مؤقتاً سرعان وينتهي بنكسة اخطر) ويربط تويبني في معالجته للقوى المحركة للتاريخ بين الايمان بالكشف الالهي باعتباره معناه التاريخ والامل في الاتحاد بالله ، وبين عبادة الافراد الخلاقين .ويختلف تؤينبي عن اشبنغلر في زعمه بامكان انقاذ الحضارة الغربية عن طريق الدين . وهناك نظريات اخرى ، منها نظرية هيغل ونظرية فوكو وغيرهما اثرت ان اضرب عنها صفحا واطوي كشحا بسبب غرقها في الخيال . وتشترك كل هاتين النظريات في التأكيد على ان التاريخ يسير هذه وفق قوانين وله انماط وان للامم والحضارات دورات حيات شبيهة بدوراة الحياة لدى الكائنات الحية ، ولقد استقى اصحاب تلك النظريات نظرياتهم من قرائتهم للتاريخ القديم واطلاعهم على مصائر الامم كما نقلها المؤرخون والقصاص وغيرهم . ولم نعثر على نظرية متكاملة لدى الغرب قادرة على استيعاب كافة المتغيرات التي يمر فيها تاريخ البشرية بحيث تكون ممثلة لمبدأ الحتمية تمثيلاً كاملاً ، اما ماطرحه شبنغلر وتوينبي وغيرهما من فلاسفة التاريخ فليس سوى تفسيرات نمطية ووصفية لسير الحوادث وضعت في اطار شمولي واسقط عليها نموذج التجربة الانسانية في جانبها البيولوجي ،ولا اثر فيها للحتمية كما نفهمها ، وذلك لان الحتمية الحقة ينبغي ان تستوعب عمر التاريخ ككل . وذلك يفتقر الى استكشاف منظومة العلاقات التي توجه التارخ نحو تحقيق غاية حقيقية . ويمكن ان نمتحن نضج اية نظرية تدعى استيعابها لمبدا الحتمية التاريخية من خلال ايمانها بالمصادفة او عدمه ، فاذا وجدناها تؤمن بالمصادفة ولو بدرجة ضئيلة فهي عير جادة في طرحها لمبدأ الحتمية التاريخية ، لتادية ذلك الى المفارقة في نهاية المطاف ، اذكيف يسوغ لنا ان نقول بمبدأ الحتمية وننتهي في التفسير الىٍ ما يخالفه او يناقضه ، ومن هذا الفهم تنجد ان نظرية شبنغلر وتوينبي لاتخلو من عنصر المصادفة ، ويتجلى ذلك في عرضها للمتغيرات والتحولات التاريخية في ضوء التكرار المتعاقب المقطوع الغاية، صحيح ان ذلك التكرار المتعاقب لنشوء الحضارات وزوالها يجري وفق قوالب ثابته مما يوحي بوجود الحتمية غير ان العبثية الناجمة من عدم انها التكرار المتعاقب الى غاية حقيقية ونهائية يعني ان الحتمية المدعاة ليست حقيقية ، وان بدأ الامر على خلاف ذلك . واذا كان الامر كذلك فلا مفر من القول بان النظريتين المشار اليهما تستنبطان الايمان بالمصادفة في احد طرفي الزمان ، اذ ان عبثية الغاية تستلزم القول بالمصير المجهول للتاريخ ، فكيف يا ترى يتخلص هؤلاء من ورطة المصادفة في تفسيرهم للتاريخ ؟ ويكمن الخطأ الذي وقع فيه اغلب من فسر التاريخ على النحو المتقدم في عدم استيعاب ان هناك في الحقيقة حتميتان ، الاولى الحتمية الطبيعية ، والثانية الحتمية التاريخية ، والى الخلط بينهما ، ومن الخطأ تفسير التاريخ بالحتمية الطبعية ، او تفسير الطبيعة بحتمية التاريخ ، لان النواميس المهيمنة على التاريخ والتي من خلالها تتحقق الحتمية التاريخية ، فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون التاريخ انعكاساً لمجرى سير الطبيعة ولا العكس . ولابد في المقام من الاشارة الى ان النواميس التي في عالم الكون والفساد في المستوى الطبيعي ليست سوى قوانين كلية قابلة للانطباق على مايندرج تحتها من عناصر ، وكل ناموس يحكي نمط خاص من انماط العلاقة التي تربط بين تلك العناصر ولايتعداها الى غيرها من العلاقات ، وهذه الحكاية تعطي للناموس سمة الاطراد بحيث لانجد في الحالات المتشابهة ما يخرج عن الاطراد فيؤدي الى خرق الناموس ، تلك هي الحتمية الطبيعية. ولكن البعض يعتقد بأن الحتمية الطبيعية بهذا المعنى هي النموذج الاعلى والارقى للسلوك ، ومتى ماتمكن الانسان من ضبط سلوكه لكي يتسق مع سلوك الطبيعة فإنه يصل الى تحقيق نتائج مطردة بحيث لايمكن ان تتخلف ، ويصبح بالامكان التنبؤ بمسير التاريخ ومصير الانسان بدقة متناهية كما يتنبأ العالم الطبيعي بنتائج اختباراته وتجاربه قبل ان يجريها.يتجاهل هذا البعض ان انماط التي تربط بين مختلف العناصر الطبيعية لايمكن ان تنسحب على الانسان الا في نطاق ماتشارك فيه تلك العناصر في توجيه سلوكه ، وذلك لايحتل الا مرتبة متدنية من مجمل السلوك الانساني ، اذ ان هنالك مستويين من السلوك لدى الانسان ، المستوى الهابط من السلوك الذي يشترك فيه الانسان مع سائر العناصر الطبيعية الاخرى وهذا - بطبيعة الحال - لايمكن ان يكون ممثلا للتاريخ ، لانه يقع في صقع اللاتاريخ ، اما المستوى العالي من السلوك فهو في الواقع التمثيل الحقيقي للتاريخ فيجب ان يلتمس فهم الحتمية في هذا المستوى لاغير.ولابد في سبيل ان تتضح الصورة ان نعي ماهية الحتمية التاريخية ، ولايتأتى لنا ذلك الا بعد البحث عما تمتاز به عن نظيرتها الطبيعية ، فالاطراد الذي يكشف عنه الناموس الطبيعي والذي يعطي الحتمية الطبيعية معناها هل يوجد في المستوى الراقي او العالي من السلوك عند الانسان ام لا ؟نستطيع ان نجيب على هذا التساؤل من زاوية تشخيص اهم ما يتميز به السلوك الانساني في مستواه الراقي ، ولا شك ان الناموس التاريخي ، والذي سوف نطلق عليه منذ الان السنة التاريخية - لايمكن ان يكون كاشفاً عن اطراد بالمعنى الذي تناولناه مسبقاً ، بل هناك امر اخر غير الاطراد . ان الانسان هو الكائن الوحيد من بين كائنات الطبيعة الذي يكون قادراً على املاء ارادته الحرة على بقية الموجودات من حيث التصرف ، وكأن الطبيعة ممثلة بموجوداتها قد قدر لها ان تكون منقادة لارادة الانسان ، وهذا الانقياد يكشف عن نوع من النقص التكويني في الناموس بالقياس الى السنة ، اعني ان السلطة التي يستطيع بها الانسان اخضاع الطبيعة لارادته تكشف عن علو او لنقل حاكمية وهيمنة السنة على الناموس ، وتتجلى تلك الحاكمية وتلك الهيمنة بشكل سافر في بعض الحلات كالمعجزة التي يتم بواسطتها خرق الناموس الطبيعي ، وهذا يدل دلالة قطعية على تخلف النتائج عن مقدمتها مما يعني ان الاطراد المزعوم في الناموس الطبيعي ليس ذاتياً اي ان العناصر التي تربط فيما بينها داخل نسيج الطبيعة بروابط يمكن ان تنفصم فلابد من وجود قوة قادرة على مثل هذا الفعل ، وهي ناجمة كما سوف نثبت من عنصر الارادة الحرة الذي يتصف به الانسان خليفة الله في الارض . وعندما نحاول فهم ماهية (الحتمية التاريخية) يجب علينا قبل كل شيء ان نوضح بأن مصطلح الحتمية قد صيغ وفق ماندركه من معنى الناموس الطبيعي، وليس له في اذهان الناس من صلة بما نعنيه بالسنة ، فاذا قلنا حتمية تاريخية يتصور البعض ان الامر يتعلق بسلسلة من النواميس الطبيعية التي تسير التاريخ البشري . وهنا تكمن الصعوبة في فهم كثير من الناس للحتمية التاريخية وهذا الفهم قد ادى الى بروز بعض التيارات التي تؤمن بالجبرية وتنادي بها ، والفرق عظيم بين الجبرية والحتمية التاريخية كما سوف نسمع.اولا يجب ان نفهم بان الحتمية التاريخية لاتستند في الواقع الى السنة بغض النظر عن الناموي ، بل هي مستندة الى نفس الحاكمية والهيمنة التي للسنة على الناموس ، وهذا فرق دقيق قل من ينتبه اليه.ان كثير من الناس الذين ادركوا معنى السنة حينما ارادوا ان يفهموا ماهية الحتمية المرتبطة بها عزوا الحتمية الى السنة من حيث هي بغض النظر عن اي شيء اخر ، ولذلك كانوا بعيدين عن فهم الدور الحاسم الذي يمارسه الانسان في اعطاء.إذا اتضح ذلك يصبح بالامكان المضي قدماً في عرض النظرية حتى النهاية : ان التاريخ عبارة عن مدونة كبرى سطر فيها نماذج من سلوك الانسان وتفاعله مع نفسه او مع الطبيعة ، وذلك السلوك بطبيعة الحال يستهدف غايات يسعى الانسان الى بلوغها ، بغض النظر عن نجاحه أم فشله في تحقيقها . وسعي الانسان هذا لايمكن ان يكون مثمراً الا اذا كان منبعثاً من ارادة حرة واعية قادرة على اختيار انسب الممكنات المتاحة واصوبها ، فاذا اغفل الانسان اختيار اصلح الممكنات فشلت الاهداف ولم يتمكن بلوغ الغايات ولكن السعي هل يبطل كلية ؟ الجواب بالنفي ؛ الان هذا السلوك له اثر في صنع التاريخ وله يد في اضعاف او تقوية العلاقات التي تربط الانسان بأخيه الانسان وبالطبيعة ، وقد نبه القرآن الكريم على هذه الحقيقة بقوله تعالى:( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس)، والفساد الذي تتحدث عنه الاية ليس بالضرورة ان يكون فساداً اجتماعياً بل وحتى فساد طبيعي تنجم عنه الكوارث البيئية وغير ذلك.ولذلك فإن السنن التاريخية على نوعين سنن مترتبة على اصلاح الانسان وصلاحه ، وسنن مترتبة على افساده وفساده.فالسنن المترتبة على الصلاح تكون ناجمة عن قوة ارتباط العلاقات داخل منظومة العناصر في المستوى الراقي من السلوك (اعني السلوك الانساني الارادي لا الطبيعي القسري) كما اوضحنا ذلك من قبل ، والسنن المترتبة على الفساد تكون ناجمة عن ضعف ارتباط العلاقات داخل تلك المنظومة . ويبدو ان دور السنن التاريخية انما هو ترتيب الجزاء على مختلف انواع السلوك في حياة الفرد او الامة.إن القرآن الكريم يوضح كيفية عمل السنن التريخية في جانبي الفساد والصلاح على حد سواء . ففي حالة انحراف السلوك وضعف وتفكك العلاقات داخل المنظومة يضرب القرآن مثلا ببعض الاقوام الذين عوقبوا بسنة من سنن التاريخ ، وبسنة اخرى من سنن التريخ لم يبق من ذكر اولئك الاقوام الا اقل القليل ، وكأن الزمان قد تعرض الى انقطاع في الحقب التي ظهروا فيها وحدثت في نسيجه فجوة لايمكن ملؤها ، اننا نتحدث عن اقوام ساهموا في صناعة التاريخ ثم بسنة من سننه انمحوا عن وجه البسيطة.
القرض الحسن في مدرسة اهل البيت (ع)
قال تعالى : { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }الحديد11. لقد جاء الاسلام الحنيف بقيم واخلاق سامية وجعلها مقياساً لقيمة الايمان في قلب المسلم حتى ان هذه الاخلاق والمعاملات كانت تفوق العبادات في الاجر والثواب ودرجة التقرب الى الباري عز وجل ، فبني الاسلام على هذه المباديء ، وكانت هذه المباديء تجد ذروتها في تعاملات رسول الله الاكرم (ص) وأهل بيته الكرام ( صلوات الله عليهم ) مع الناس من المسلمين وغير المسلمين الذين كانوا غالباً ما يعلنوا اسلامهم على يد الرسول (ص) واهل بيته (ع) لحسن اخلاقهم وطيب تعاملهم معهم ومن هذه المباديء مبدأ (( القرض الحسن )) الذي سنتناوله على ضوء القرأن والسنة الشريفة . القرض هو عقد بين طرفين يتضمن تمليك المال لأحدهم من الاخر لمدة محدودة ، والقرض يساهم في عملية التكافل الاجتماعي ، فهو يوفر للذي تمر به ضائقة مالية ما ينقذه ويخرجه من ذلك الضيق ، وقد ناشدنا القران وحثنا على اقراض المحتاجين ابتغاء لمرضاة الله سبحانه ، فقد جاء في محكم كتابه الكريم { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }البقرة245. وعن رسول الله (ص) قال : ( من أقرض ملهوفاً فأحسن طلبته استأنف العمل وأعطاه الله بكل درهم الف قنطار من الجنة ) ، وللقرض ثواباً عظيماً يفوق الصدقة فعن الامام الصادق (ع) قال : ( على با ب الجنة مكتوب : القرض بثمانية عشر والصدقة بعشرة ، وذلك ان القرض لا يكون الا في يد المحتاج ، والصدقة ربما وقعت في غير المحتاج ) ، وأعتبر الدين الاسلامي الحنيف ان المال المقرض يكون في زكاة لحين ارجاعه فعن الرسول الاكرم (ص) قال : ( من اقرض مؤمناً قرضاً ينتظر به ميسورة كان ماله في زكاة ، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه اليه ) ، وعن الصادق (ع) قال : ( قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر ، إن ايسر قضاك ، وإن مات قبل ذلك أحتسبت به من الزكاة ) . وقد ادى اهل البيت (ع) هذه الوظيفة على أحسن الوجوه ، واليكم هذه القصة : جاء رجل الى ابي عبد الله (ع) فقال له : يا ابا عبد الله ، قرض الى ميسرة ، فقال له ابو عبد الله (ع) : الى غلة تدرك ؟ فقال الرجل لا والله ، قال (ع) : فالى تجارة تؤب ؟ فقال الرجل : لا والله ، قال (ع) : فالى عقدة تباع ؟ فقال الرجل : لا والله ، فقال ابو عبد الله (ع) : فأنت ممن جعل الله له في أموالنا حقاً ثم دعا بكيس فيه دراهم فادخل يده فيه ، فناوله منه قبضة ، ثم قال له : إتق الله ولا تسرف ولا تقتر ، ولكن بين ذلك قواماً ..) ، وهذا خير مثال لمن يقتدي بأهل البيت (ع) . ومن جهة أخرى حذر الاسلام من الذي يستطيع مساعدة أخوانه وهو قادر ومتمكن على اقراضهم ولم يفعل ، ففي مثل الموقف قال رسول الله (ص) : ( من أحتاج اليه اخوة في قرضاً وهو يقدر عليه فلم يفعل حرم الله عليه ريح الجنة ) ، وعن الصادق (ع) قال : ( ايما رجل أتاه رجل مسلم في حاجة وهو يقدر على قضاءها فمنعه اياها ، عيره الله يوم القيامة تعييراً شديداً وقال له : (أتاك اخوك في ماجة ، جعلت قضاءها في يدك فمنعته اياها زهداً منك في ثوابها ، وعزتي وجلالي ، لا أنظر اليك في حاجة معذباً كنت او مغفوراً لك )) . وكذلك أكد الاسلام على انظار المعسر ( الذي أقترض ولم يتمكن من رد المال في وقته ) الى حين تمكنه من ارجاع المال ، فقد جاء في كتاب الله تعالى { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة280. وقال رسول الله (ص) : ( من أنظر معسراً أظله الله بظله يوم لا ظل الا ظله ) . وقال (ص) أيضاً : ( كما لا يحل لغريمك ان يمطلك وهو موسر ، فكذلك لا يحل لك ان تعسره اذا علمت انه معسر ) . فأسعوا ايها المؤمنون في قضاء حوائج اخوانكم المعسرين واعينوهم على مصاعب الحياة لتنالوا مرضاة الله ورسوله (ص) وبالتالي الاجر والثواب في الاخرة والكرامة ودفع البلاء في دار الدنيا ، فقد جاء في الحديث القدسي (( الخلق عيالي (1) فأحبهم الي الطفهم بهم واسعاهم في حوائجهم (2) )) ، وعن امير المؤمنين (ع) قال في وصيته لابنه الحسن (ع) : ( واذا وجدت من اهل الفاقة من يحمل لك زادك الى يوم القيامة فيوافيك به غداً حيث تحتاج اليه فأغنمته وحمله اياه ، وأكثر من تزويده وانت قادر عليه فلعلك تطلبه فلا تجده ، وأغتنم من أستقرضك في حال غناك ، ليجعل قضاءه لك في يوم عسرك ) . واذا دققنا النظر في مسألة القرض الحسن نستلهم عدة امور حسنة منها :
أ- نفي الربا : هذه المعاملة التي حرمها الله عز وجل ، فأذا وجد القرض لا يبقى مكان للربا وهذا ما أكده امامنا الصادق (ع) حينما سُئل عن علة تحريم الربا حيث قال : ( لئلا يتمانع الناس المعروف ).
ب- ترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي ، حيث يأخذ المحتاج مِن مَن له القدرة على اعطاءه ليسد حاجته ويرده اليه عندما تتيسر اموره ، فينال المُعطي بذلك رضا الله عز وجل ، فعن رسول الله (ص) قال : ( من قضى لاخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهراً ) .
جـ - المساهمة في التقليل والحد من الجريمة : لان معظم السرقات والجرائم تكون دوافعها العوز والفقر ، فعندما يتوفر هناك مورد مادي حلال يساعد الناس على قضاء حوائجهم وعندما تتيسر امورهم يردونه فأن الجزء الاكبر يتجه نحو طريق الحلال .
د - المساهمة في اصطناع المعروف والحث على العمل به : حيث انه اذا انتشر بين الناس فعمل الخير ومنه القرض الحسن ، ووجد المحتاج من يمد له يد المساعدة ، ستكون في نفسه الرغبة والعمل في مساعدة الاخرين ، على العكس عندما يُرَد المحتاج ، فعن الامام الصادق (ع) قال : ( ان ليسألني الحاجة فأبادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها فلا يجد لها موقعاً اذا جاءته ) . فهذه امور نستلهمها من القرض الحسن وهناك غيرها الكثير ، ولكن تبقى العبرة بمن يطبق هذا المبدأ وغيره من مباديء الاسلام والاقتداء برسول الله (ص) واهل بيته الكرام (ع) في العمل على مساعدة الناس وقضاء حوائجهم ، لا أن نمنعهم ونردهم ونضع العقبات والشروط التي ليس لها مبرر في طريق من اراد قرضاً ، كما تفعله الان بعض المؤسسات الاسلامية التي تتبنى هذا المبدأ ، حتى ان القروض تكون فيها خاصة وليس لعامة الناس ، كما هو يجب أن يعمل به ، فيجب ان تكون هناك تسهيلات فيها وان تصل الى الناس الاكثر حاجة ، كي نبني مجتمع متعاون على البر والاحسان ..
الاركان الاربعة للكعبة تتجه نحو الاتجهات الجغرافية الاصلية
في محاولة جديدة لدراسة الوضع الديموغرافي للكعبة المشرفة، في ضوء الاتجاهات الأربعة الجغرافية الأصلية، أكد العالم المصري أستاذ بحوث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية التابع لوزارة البحث العلمي المصرية الدكتور مسلم شلتوت لـ"الشرق الأوسط" أن الحسابات الفلكية الحديثة أثبتت أن قواعد الكعبة التي تأخذ شكل متوازي المستطيلات تتجه أركانها نحو الاتجاهات الأربعة الجغرافية الأصلية، موضحاً أن ركن الحجر الأسود يأخذ اتجاه الشرق والركن اليماني يأخذ اتجاه الجنوب، والركن الشامي يأخذ اتجاه الشمال، أما الركن المقابل للحجر الأسود فيأخذ اتجاه الغرب. ويذكر الدكتور شلتوت: أن أشعة الشمس تشرق على الحجر الأسود في الاعتدالين الربيعي والخريفي أي بداية فصلي الربيع والخريف، بينما يأخذ الاتجاه المتعامد على الضلع الواصل بين الركن للحجر الأسود والركن الشامي اتجاه شروق الشمس في فصل الصيف، وأن الاتجاه المتعامد على الضلع الواصل بين الركن للحجر الأسود والركن اليماني يأخذ اتجاه شروق الشمس في فصل الشتاء، مشيراً إلى أنه في نفس الوقت يأخذ اتجاه النجم سهيل "سهيل اليمن" عند شروقه في الجهة الشرقية الجنوبية. أما الضلع الواقع بين الركن اليماني والركن الغربي فإن الاتجاه المتعامد عليه يأخذ اتجاه رؤية هلال أوائل الشهور العربية في فصل الشتاء، والضلع الواقع ما بين الركن الشامي والركن الغربي فإن الاتجاه المتعامد عليه يأخذ اتجاه رؤية هلال أوائل الشهور العربية في فصل الصيف، وفي نفس الوقت اتجاه ثلاثة نجوم في يد المجرات في مجموعة الدب الأكبر والتي كان يسميها العرب "نجوم بنات نعش". ويؤكد العالم المصري أن نجم "سهيل" ونجوم "بنات نعش" لعبت دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات القبلة في البلدان الاسلامية المترامية الأطراف في عهد النهضة الاسلامية بجانب المزولة الشمسية، وأنه بخلاف علم الفلك المتوارث الشعبي Folk Astronomy. كما تم العثور على مخطوط عربي نادر في مكتبة ميلانو الإيطالية (المجموعة 73) لفلكي مسلم من عدن باليمن وسمي محمد بن أبو بكر الفارسي، كتبه عام 1290 الميلادي وينص على أن الكعبة بنيت بحيث ان كل ركن فيها يقابل اتجاه ريح من الرياح الأربعة التي تهب على مكة المكرمة خلال فصول العام، وان الرياح الأولى تسمى "الصابا" وتهب على ركن الحجر الأسود أي أنها رياح شرقية، والرياح الثانية تسمى الجنوب وتهب على الركن اليماني، والرياح الثالثة تسمى "الدابور" وتهب على الركن الغربي، والرياح الرابعة تسمى الشمال وتهب على الركن الشمالي، موضحا ان مخطوطات من القرن السابع حتى القرن السابع عشر الميلادي أثبتت أن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق النجم سهيل بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف، ولما كان النجم سهيل نجماً عملاقاً وجباراً، وأبيض اللون، ويعد ألمع النجوم في السماء بعد نجم الشعري اليمانية فقد كان الفلكيون المسلمون في العصور الوسطى يحددون اتجاه القبلة بواسطة هذه المعلومات الجغرافية، مع استخدام معادلات دقيقة لحساب المثلثات ومن بينهم العالم اليمني الذي أشرنا إليه، والذي كانت له جداول دقيقة (أزياح) حسبها بمهارة لبلاد اليمن، وكان الجزء الأول من المخطوط المعثور عليه يتناول عمليات تحديد القبلة اعتماداً على النجوم والرياح، وفقاً لعلاقاتها بجوانب وأركان الكعبة. ويوضح الدكتور مسلم شلتوت أن فيلسوف قرطبة ابن حبيب قال ان القبلة عند قرطبة في اتجاه شروق النجم "ألفاسكو" وهو ألمع نجم في مجموعة القوب، لأن هذا النجم يشرق في اتجاه ركن الحجر الأسود بالكعبة، وأن هناك الكثير من جوامع قرطبة التي أقيمت في العصور الوسطى تتجه ناحية الجنوب من الشرق بمقدار 30 درجة في اتجاه شروق الشمس في الشتاء وهو نفس اتجاه النجم "ألفاسكو" وعلى الطرف الآخر فإن الجامع الكبير في قرطبة والذي بني في القرن الثأمن الميلادي فإنه يأخذ اتجاه 60 درجة جنوب شرق، ويبدو أنه يتجه ناحية الضلع الشمالي الغربي للكعبة ولذلك فإن حائط القبلة لهذا الجامع الكبير يكون موازياً للضلع الشمالي الغربي للكعبة، مشيرا إلى ان ارتفاع التلال المحيطة بالكعبة مقدرة بالزاوية، وهي 7.70 درجة للضلع الشمالي ـ الشرقي، و3.2 درجة للضلع الجنوبي ـ الشرقي، و4.40 درجة للضلع الجنوبي ـ الغربي، و6.70 درجة للضلع الشمالي ـ الغربي، وأنه إذا وقف الإنسان بمقام ابراهيم عليه السلام ونظر في اتجاه الضلع الشمالي ـ الشرقي للكعبة فإنه يمكنه رصد الهلال المولود حديثا في أوائل الشهور العربية لفصل الشتاء، كما أن الحسابات الفلكية الحديثة تثبت أن قواعد الكعبة المرساة والمحددة منذ بدء الخليقة تمثل مركز أطراف الأرض كلها، وأن مكة المكرمة هي "صرة" العالم، وهو الأمر الذي يؤكد الاعجاز المعماري والفلكي في بناء الكعبة المشرفة، ولا نملك أمامه إلا القول "سبحان الله”.
تحقيقات
علم التوسم عند اهل السنة
اتماما لما قدمناه سابقا في الاعداد الماضية من الصحيفة حول علم التوسم وحقيقته وماهيته نكمل تلك الابحاث بهذا البحث المتواضع عن علم التوسم عند اهل السنة فانه لم يختصر ذكر هذا العلم عند الشيعة فقط بل ان هناك الكثير من الاحاديث والوقائع الواردة في كنب اخواننا اهل السنة فعن ثابت بن انس بن مالك قال : قال النبي (ص) : ( ان لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم ) وعن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : ( اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بنور الله ثم قرأ (( ان في ذلك لأيات للمتوسمين )) ) قال مقاتل وابن زيد للمتوسمين للمتفكرين ، وقال الضحاك للناظرين .
ولأهل العلم والفضل في الفراسة اخبار وحكايات معروفة ، اخرج البهيقي من طريق المزني قال : كنت مع الشافعي في الجامع اذ دخل رجل يدور على النيام قال الشافعي للربيع قم فقل له ذهب لك عبد اسود مصاب بأحدى عينيه قال الربيع فقمت فقلت له فقال نعم فقلت تعال فجاء الى الشافعي فقال اين عبدي فقال مر تجده في الحبس فذهب الرجل فوجده في الحبس قال المزني : فقلت له اخبرنا فقد حيرتنا فقال نعم رأيت رجلاً دخل من باب المسجد يدور بين النيام فقلت يطلب هارباً ورايت يجيء الى السودان دون البيض فقلت هرب عبد له اسود ورأيت يجيء الى مايلي العين اليسرى فقلت مصاب باحدى عينيه قلت فما يدريك انه في الحبس قال الحديث في العبيد ان جاعوا سرقوا وان شبعوا زنوا فتأملته انه فعل احدهما فكان ذلك . (فيض القدير )
رواه الطبراني وابو نعيم والعسكري عن ثوبان رفع بلفظ احذروا دعوة المسلم وفراسته فأنه ينظر بنور الله وينظر بتوفيق الله ، ورواه العسكري عن ابي الدرداء موقوفا بلفظ اتقوا فراسة العلماء فأنهم ينظرون بنور الله انه شيء يقذفه الله في قلوبهم وعلى السنتهم ، ورواه الدليلي عن ابي الدرداء بلفظ اتقوا فراسة العلماء فوالله انه لحق يقذفه الله في قلوبهم ويجعله على ابصارهم ، وطرقه كلها كمال وبعضها متماسك ، وفي مستدرك الحاكم عن عروة مرسلاً ان النبي (ص) قال : ان لكل قوم فراسة وانما يعرفها الاشراف ( كشف الخفاء ) .
وقد عد اهل السنة الفراسة من علم التوسم والواقع ان الفراسة جزء من علم التوسم فالتوسم اعم ولفراسة اخص فان كل فراسة توسم ولكن ليس كل التوسم فراسة وهذا ما ذكرته الاحاديث الواردة عند اهل السنة وقد عد علم الفراسة صاحب مفتاح السعادة من فروع العلم الطبيعي وقال وهو علم يعرف فيه اخلاق الناس من احوالهم الظاهرة من الالوان والاشكال والاعضاء وبالجملة الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن وموضوعه ومتقوله ظاهران ومن الكتب المؤلفة فيه كتاب الامام الرازي خلاصة كتاب ارسطو مع زيادات مهمة والاقليميون كتاب في الفراسة يختص بالنسوان وكتاب السياسة لمحمد بن الصوفي مختصر مفيد في هذا العلم كفى بهذا العلم شرحا قوله تعالى (( ان في ذلك لايات للمتوسمين )) وقوله تعالى (( تعرفهم بسيماهم )) وقوله (ص) : ( اتقوا فراسة المؤمن ) .
( التفرس ان يركض قلبه فارساً بنور الله تعالى الى امر لم يكن بعد فيدركه مثل ما ادركه ) واذا امتلأ القلب من نور الله تعالى نظرت عينا قلبه بنوره فأبصر في صدره ما لا يعاظ به وحقاً فالفراسة من الله تعالى لعبده كائنة وبنور الله القلب وذلك ان على الاشياء دلائل وسمات وقد وسم الله تعالى خلقه بنور تدرك تلك السمات حتى يدرك مالم يأت بعد وعن ابن عمر (رض) قال ما حير محمد شيئاً قط فتكلم به الا كان . وقال النبي (ص) ان لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم ، وقال قوله تعالى (( ان في ذلك لأيات للمتوسمين )) قال المتفرسين . فالتوسم مأخوذ من السمة وهو ان يعرف سمات الله تعالى وعلائمه في الامور ( نوادر الاصول من احاديث الرسول ) .
التمر و الحكمة
قال الله سبحانه مخاطبا مريم عليها السلام { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً }مريم25. انظر عزيزي القاريء كيف يؤكد الله سبحانه الصلة وكيف يبين العلاقات الانسانية ومشابهة ذلك مما حوله من المخلوقات ونحن عندما نتكلم اكثر عن الجانب النباتي اي جانب الرحمة والخير بعد ان عرفنا ان اللون الاخضر هو النور الذي خلق الله منه جبرائيل (ع) وهو نور اهل البيت اذن اصبح من الواجب نتيجة هذا الجانب في النفس لكي نصل الى معرفتهم وبالتالي معرفة الله سبحانه وتعالى اذن كم هو جميل ان يريك الله كيف تنجوا وانت تترك ذلك وكما في دعاء الامام زين العابدين عليه السلام ( انك لا تحتجب عن خلقك لكن تحجبهم الاعمال دونك ) فالسؤال قد يكون لماذا اوردنا الآية الكريمة ان السبب من ذلك نحن كمسلمون نعتقد ان القرآن هومعجزة محمد صلى الله عليه وآله وانة متجدد ولكل زمان ومكان فأذا حددنا آية فقط بسبب نزولها نعني بذلك انتهى اكثر من ثلثي القرآن واصبح غير نافذ المفعول وبالتالي فانه لايصلح ان يكون معجزة ولايطابق ماقاله الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله ( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي وغيرهم يقول سنتي ) وان الله سبحانه ضرب الامثال للهداية اليه فعلينا ان نكون دقيقين ونمعن النظر عند قراءة كتاب الله وان نقوم كما أمرت مريم عليها السلام ان تهز جذع النخلة لكي تحصل على الرطب الجنيا , رب سائل يقول كيف يكون ذلك نقول ان الحديث ( من اخلص لله اربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) فكل منا قادر على هز جذع النخلة لكن بشرط ان يكون موحدا لله سبحانه وكما يشير الحديث القدسي ( عبدي اطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون ) اذن حتى كن فيكون التي هي لله سبحانه يعطيها للعبد اذا اخلص وان الاخلاص ليس مختصا بواحد دون آخر ولا هو اختصاص بديانة دون اخرى فكل من يخلص لله يدله سبل النجاة , ولاتخفى علينا قصة الرجل الصالح في سورة ياسين عندما جاء من أقصى المدينة يسعى وقال ( ياقوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لايسألكم اجرا وهم مهتدون ) من اين عرف هذا الرجل المرسلين دون غيره ولماذا هل نزل عليه الوحي ام كيف اذن , لماذا لانراجع انفسنا من اي ديانة كنا . انه كيف سنعرف المرسلين اي كيف سنعرف المسيح المنتظر والامام المهدي كيف سنعرف طريق النجاة الذي قاله هذا العبد الصالح( ياقومي مالي ادعوكم الى النجاة وتدعونني الى النار ) اذن يتضح من قوله انه نبذ عبادة الصنمية التي كان الناس يعبدونها ونقصد بالصنمية كل شيء يتخذه الانسان الها سواء كان فكرة او زوجة اومالا او جاه اوسلطان او اتباع احد المفكرين او الفلاسفة او اللذين جعلوا انفسهم ائمة على الناس فعند نبذ كل هذه نكون مثل هذا العبد الصالح ونهتدي الى الله وندخل حصنه الذي اذا دخلناه أمنا عذابه . فقال سبحانه في الحديث( لااله الا الله حصني فمن دخلها امن عذابي ) اذن يقول لااله الا الله ولايقول ادخل عند احد الانبياء اوالرسل او الاوصياء او الخلفاء او العلماء لتأمن عذابي ادخل مباشرة الي فليس بيني وبينك حجاب فلماذا تجعل الحجب بيني وبينك وذلك مصداق للآية (ولاتتخذوا السبل فتضل بكم عن سبيله) فهذا خطاب واضح انه لاتتبعوا السبل الى حد يصبح معبودا فيضل بك عن سبلي الواضحة وصريح القرآن انه يخاطب الانبياء وبقوله (ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله *) اذن واضح من ذلك انه لااله الا الله هي التي يريدها الله ولايريد غيرها فنرى قول عيسى عليه السلام ( ماقلت لهم الا كما امرتني تعلم مافي نفسي ولااعلم مافي نفسك ) اذن هذا الذي نتخذه سبيل الى الله الى حد العبادة ولانقبل بغيره من الهدى اذا جاءك سوف يتبرأ لانه قال لك انه لااله الاالله اعبد الله لاتعبد غيره وتمسك به فأنا بشر مثلك واخخاف الله اشد خيفة وحتى ابليس عليه اللعنة يقول (أني أخاف الله رب العالمين ) فيتضح ان الخوف من الله هو المهم في طريق معرفته ليس الخوف الذي يمنعنا عن عبادته ولكن الخوف الذي يؤدي بنا الى معرفته وكما في الرواية عن الامام السجاد عليه السلام انه اذا قام الى الصلاة ارتعدت فرائصه وكل الانبياء والائمة المعصومون هم كذلك , فما لنا عن التذكرة معرضون ومالنا اذا قيل لنا آمنوا لانؤمن ونتكبر في انفسنا ونعتبر اننا مؤمنون لاننا نصلي ونصوم ونقرأ القرآن ونزور هل هذا يكفي او هل هو الحقيقة اذن علينا ان نعرف كيف نهزجذع النخلة لنحصل على الحكمة من الله سبحانه والتي في علم اهل البيت عليهم السلام يعبر عنها بالتمر , ولايظن ان ما كتبناه من انفسنا .
فعلينا ان نبحث عن الاعمال التي تقربنا الى ربنا وان نزيل الحجب التي تمنعنا عنه فأبحث في سيرة الانبياء والرسل والاوصياء والحكماء لأعرف كيف احسن علاقتي بربي اي كيف اجعل لصلاتي معنى لدعائي طعم ولقراءة القرآن حلاوة فأذا لايجتمع القبيح والجميل في مكان واحد فكلما اقتربنا من الجميل بصدق لاكما تريد شهوات انفسنا بطرد القبيح وابعاده عن انفسنا لكن ليس كما فعل السابقين والاحقين كان من قتل الائمة وولدهم جميعهم يصلون ويصومون ويقرأون القرآن لكن لم يكونوا موحدين الله اي انهم ماعبدوا الله وحده بل اشركوا معه خلقه فأدى ذلك بهم الى الهاوية وأصبحوا ملعونين في الدنيا والآخرة فهؤلاء ظلوا ظلالا بعيدا وهم مصداق الآية (وأكثرهم للحق كارهون ) فهم كرهوا الحق وأحبوا الباطل فزهق الباطل وزهقوا فهذا ليس خاص بزمن وانما هو مستمر الى قيام الساعة ففي كل زمن يترك الناس الحق وحده ويتبعوا الباطل رغم انهم يصلون ويصومون لكن لايعبدون الله واصبح ذلك متوارث بحيث في كل جيل يقتل الحق ويكون انصاره قليلين لان الناس ( استحبوا العمى على الهدى ) فكان ان ماربحت تجارتهم وخسروا خسرانا مبينا والعياذ بالله.
المحيط الخارجي
وتأثيره بالنفس
علينا ان نأخذ العبرة مما حولنا فعندما نرا أو نسعى الى زراعة نبات لكي نحصل على ناتج اوثمر جيد وبعد ان تجاوز النبات مرحلة الانبات وبدأ عوده يشتد شيئا فشيئا وجب علينا حمايته من المحيط الخارجي لانه مؤكد يتعرض الى مؤثرات قد تؤدي الى هلاكه أو أصابته بأمراض عديدة تؤدي به الى الموت أو بالأقل الى عدم الحصول على ثمر منه اي يصبح غير مثمر ويذهب المجهود هباء منثورا وحتى ان حمايته من الظروف الجوية قد لاتكفي وحتى اذا تجاوزها فهناك مؤثرات تعيش معه وهي الادغال التي تنموا حوله وقد يكون بعضها متطفل عليه اي يعيش على ساقه او جذوره ويتغذى من غذائه فيجب الالتفات الى ذلك والعناية به عناية خاصة ولا تفوتنا الآية المذكورة في حق مريم (ع) والتي كررت في بحثنا للفائدة ( وأنبتها نباتا حسنا ) فيتبادر الى اذهاننا كيف ان المحيط الخارجي يؤثر فينا ونتاثر فيه سلبا وأيجابا فللحفاظ على أنفسنا من ما حولنا من أدغال أن نحاول القضاء عليها وأزالتها من حياتنا وهذه المؤثرات تقسم الى قسمين:
1- مؤثرات ظاهرية
2- مؤثرات باطنية
فالمؤثرات الظاهرية أي مانعيشه من عالم مادي وما تحتاجه الحياة المعقدة التي نحن فيها من متطلبات وما فيها من ارتباطات وأنشغال لكي يستطيع الفرد ان يواكب مسيرتها والمعاناة الشديدة التي فيها والتحجر الذي يقيدنا بقيود شتى. والمؤثرات الباطنية هذه تمثل الافكار والفلسفات التي تطرح فيها والتعقيدات العلمية التي كثيرا ما تكون خاطئة وبعيدة عن رضا الله سبحانه والمؤثرات الباطنية يكون أثرها أكبر على الانسان من المؤثرات الخارجية حيث ان مايتعرض له من ضغوط مادية ممكن التخلص منها بكل سهوله مقارنة لما يحمله من عقيدة خاطئة والمصيبة الكبرى أنه يتمسك بها وتصبح متوارثة من السلف الى الخلف وأكثر مانحمله من عقائد هي شرك بألله وأبتعاد عن وحدانيته , وكما مرت به العصور التي قبلنا ومانمر به نحن الآن من ابتعاد عن الله بسبب هذه المعتقدات الخاطئة التي توارثناها عن الآباء والاجداد وكيف سنتحرر منها ونهتدي الى سفينة النجاة التي ننتظرها بمجيء سيدنا الامام المهدي (ع) , في هذه اللحظة يحظرنا موقف سلمان المحمدي (ع) وكيف أهتدى الى سفينة النجاة وعلينا ان نأخذ العبرة من موقفه وكيف ان المؤثرات الخارجية تخلص منها بسهولة وعزيمته القوية وصلته بألله ساعدته على التخلص من المؤثرات الباطنية فكان ان حظي بالرحمة الكبرى بأنه عرف النور من اين يأتي لانه اعد وأستعد له فلنا فيه عبرة.
الاخيرة
اطروحة معاصرة –الصيحة في مفهومها العلمي
كثيراً ما يقف الباحثين في قضية الامام المهدي(عليه السلام) متأملين ومتفكرين حينما تواجههم الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن الصيحة او النداء او الصوت كما في بعض الاخبار وذلك يرجع حتماً الى اختلاف تلك الاحاديث والروايات الواردة فيما بينها او نتيجة ما يدور في الذهن او يخطر في القلب من تساؤل حينما تواجههم الاحاديث والروايات التي تذكر قلة أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) وأنصاره وكثرة أعدائه حيث يقفز السؤال سريعاً والذي مفاده : لو أن الصيحة كانت من السماء ومن جبرائيل مباشرة وهي على هذا الحال تكون بنحو الاعجاز فلماذا لا ينصر الناس المهدي (عليه السلام) ؟ وكيف يقع الشك في نفوسهم ويكثر أعدائه يا ترى ؟ . ونتيجة لهذه الحيرة وهذه التساؤلات كانت هذه الاطروحة المعاصرة حول الصيحة ومفهومها بدراسة روائية علمية جديدة تفسر لنا الروايات بطريقة قريبة من الواقع الذي نعيشه اليوم ، أذن فهي أطروحة وليست أمر أكيداً مفروغ منه فأن كانت قائمة على الادلة الشرعية وموافقة لمنطق العقل والامكان فلا مبرر لرفضها او ردها وتبقى محتملة الوقوع وان لم تكن مدعمة بالادلة او ان ادلتها غير ناهضة ولا توافق العقل والامكان فهي مرفوضة ومردودة ، وقد يتساءل البعض لماذا هذا التردد اذن من قبلكم ؟ فأقول : اننا اذ نعرض هذه الاطروحة على الاخوة القراء فأننا لا نريد فرض راينا على الاخرين لأن الاعتقاد بشي ما يجب ان يكون من الشخص ذاته لا بتأثير خارجي .
لقد جاء ذكر الصيحة في الكثير من الاحاديث والروايات الشريفة وقد عبر عنها في بعض الروايات بالنداء او الصوت وهذه الاسماء في الواقع تتحدث عن معنى واحد ، وهو الصيحة او النداء او الصوت الذي يكون عند السحر من ليلة الثالث والعشرين ( ليلة القدر ) من شهر رمضان الذي يسبق قبام الامام المهدي (عليه السلام) وأن ما دعانا للذهاب الى هذه الاطروحة هو تعدد الصيحة فأن الذي يظهر من الروايات المعصومية الشريفة ان هناك اكثر من صيحة تقع قبل قيام الامام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت الكثير من الروايات الشريفة ان الصيحة تكون عند السحر من ليلة القدر في شهر رمضان فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال : ( الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة جمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان ) بحار الانوار ج52 ، وعن ابي بصير ، عن ابي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) انه قال : ( يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا .....) غيبة النعماني ، الا ان هناك أحاديث وأخبار أخرى تروي لنا ان الصيحة تكون في أشهر اخرى غير شهر رمضان ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله 0 صلى الله عليه واله وسلم ) قال : ( تكون هدة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقضان ، ثم تظهر عصابة في شوال ، ثم تكون معمعة في ذي القعدة ، ثم يسلب الحاج في ذي الحجة ، ثم تنتهك المحارم في المحرم ، ثم يكون صوت في صفر ، ثم تتنازع القبائل في ربيع ، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب ) الملاحم والفتن . فأن الذي يظهر من هذا الحديث الشريف ان هناك صوت آخر غير الصوت الذي يكون في شهر رمضان وهذا الصوت المشار اليه في الحديث السابق يكون في شهر صفر . وعن الحسن بن محبوب قال : قال لي الرضا ( عليه السلام ) : ( انه يا حسن سيكون فتنة صماء - الى ان قال - كاني بهم أيس ما كانوا قد نودوا نداءً يسمعه من بالبٌعد كما يسمعه من بالقرب ، يكن رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين ، فقلت بأبي وأمي انت وما ذلك النداء ؟ قال : ثلاثة اصوات في رجب اولها : الا لعنة الله على الظالمين ، والثاني : أزفت الازفة يا معشر المؤمنين ، والثالث : يرون يدأ بارزاً مع قرن الشمس ينادي : الا ان الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين ، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم ، ويذهب غيظ قلوبهم ) دلائل الامامة . وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال : ( في المحرم ينادي مناد من السماء الا ان صفوة الله ( من خلقه ) فلان فاسمعوا له وأطيعوه ، في سنة الصوت المعمعة ) برهان المتقي . فمن هذه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة يظهر لنا واضحاً ان هناك اكثر من صوت وصيحة تكون في اوقات متعددة ومختلفة فصيحة تكون في شهر رمضان واخرى في شهر صفر اضف الى ذلك ثلاث صيحات في شهر رجب كما في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) وصيحة في شهر المحرم ، اذن فلا يعقل ان تكون كل هذه الاصوات عن طريق الاعجاز بل المتوقع ان تكون تلك الصيحات عن طريق القنوات الفضائية التي باتت منتشرة في كل بقاع العالم كما هو معلوم والكل يمكنه سماعها وهي في الواقع من السماء اما لانها تمثل جانب الحق والدعوة الى الله عز وجل فيعبر عنها بأنها من السماء او لان الفضائيات تستلم بثها من الاقمار الصناعية التي هي في الواقع منتشرة في السماء اما بالنسبة لكونها من قبل جبرائيل (عليه السلام) فذلك لانها من الله والى الله وجبرائيل هو الواسطة كما لا يخفى بين جناب المولى تبارك وتعالى وبين خلقه . وقد يتسائل البعض اذا كان الامر كذلك فلابد ان تكون الصيحة الثانية عند المغرب من يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان هي ايضاً عن طريق الفضائيات واذا كان كذلك فلم عبر عنها في الروايات بأنها من الارض ولم يقال انها من السماء كما في الصيحة الاولى ؟ فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي حمزة الثمالي قال: قلت لابي عبد الله(ع) : ان ابا جعفر (ع) كان يقول: خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم واشياء كان يقولها من المحتوم ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : وأختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت : وكيف يكون النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء اول النهار يسمعه كل قوم بالسنتهم الا ان الحق في علي وشيعته ثم ينادي أبليس في أخر النهار من الارض الا ان الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون ، غيبة الطوسي - الظاهر ان الائمة الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) عبروا عن الصيحة الثانية انها من الارض اشارة الى انها ليست من الله ولا تدعو الى الحق أي بتعبير اخر ليس لها ارتباط بالسماء انما هي من أهواء نفوس بعض النواصب لاهل البيت (عليهم السلام) لذلك عبر عنها انها من الارض وقد عبر عنها انها من الشيطان ونسبت اليه لأنها من ضلالته التي يضل بها الناس واتباعه من الانس الذين غرهم وخدعهم وأستمالهم باساليبه الشيطانية والا لو قلنا بأن صيحة الحق تكون من قبل جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة لأستلزم ذلك انها تكون على نحو الاعجاز وان كانت صيحة الباطل من قبل ابليس ويسمعها كل الناس كذلك لكانت على نحو الاعجاز ايضاً وهذا لا يمكن القول به فلا كرامة لابليس 0عليه اللعنة) ولا يمكن ان يجري الله على يديه المعجزات لاي سبب كان والا لما امتاز اهل الحق من اهل الباطل فما هي الحكمة والفائدة اذن من ان تكون صيحة الحق من قبل جبرئيل (عليه السلام) بالمباشرة اذا كانت لاتمتاز عن صيحة ابليس وكانت الصيحتان على نحو الاعجاز ياترى؟ ! ثم ان المعجزات لا تكون الا للأنبياء والرسل (عليهم السلام) ولربما يتسأل البعض ان لم تكن الصيحة من قبل جبرائيل (عليه السلام) وعلى نحو المعجزة فكيف ذكرت الروايات ان الصيحة يسمعها كل قوم بلغتهم ؟ والحقيقة ان هذا الامر ليس بالصعب فكما نرى في الفضائيات وجود الترجمة الفورية بحيث اذا نقل خطاب لاحد الاشخاص بلغة ما عبر الفضائيات هناك من يترجم ذلك الخطاب فوريا واثناء خطاب ذلك الشخص ولعدة لغات حسب الحاجة اليها . ومما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الروايات المعصومية الشريفة من وقوع الشك والارتياب في نفوس السامعين للصيحة الثانية بعدما أمنوا بالصيحة الاولى ((صيحة الحق)) فلو كانت الصيحة الاولى تمتاز عن الصيحة الثانية من ناحية الكيفية على فرض انها من جبرائيل بالمباشرة وعن طريق الاعجاز فلماذا اذن وقع الشك والارتياب علماً ان الصيحة الثانية اذا قلنا انها من ابليس ومن الارض فلا يمكن ان تكون كصيحة جبرائيل (عليه السلام) أطلاقاً . فأن الذي يظهر من الرواية الشريفة المتقدمة ان الصيحة الثانية اذا وقعت يرتاب الناس . وقد جاء ايضاً في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة بن اعين قال :( قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : عجبت أصلحك الله واني لاعجب من القائم كيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش ، ومن النداء من السماء ؟ فقال : ان الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم العقبة ) غيبة النعماني - وعن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام ) قال : ( ينادي مناد وبأسم القائم (عليه السلام) ، قلت : خاص ام عام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي بأسمه ؟ قال : لا يدعهم ابليس حتى ينادي في اخر الليل يشكك الناس )الاكمال - والروايات في هذا الصدد كثيرة ولا يمكن ان تشك الناس وترتاب اذا كانت الصيحة من جبرائيل بالمباشرة وتكون على هذا الفرض مختلفة من ناحية الكيفية عن صيحة ابليس حتماً ، الا ان الروايات كما بينا تؤكد وقوع الشك والارتياب وهذا لا يكون الا ان كانت الصيحتان متماثلتان من حيث الكيفية أي انهما تكونان من الفضائيات . كما ان الذي يظهر من الروايات الشريفة الواردة عنهم (عليهم السلام) ان هذه الصيحة ((صيحة الحق ))تكون معروفة من ناحية الكيفية وقد سمع بها البعض من الناس قبل ان تقع وهؤلاء هم الذين سوف لا يقع منهم الشك والارتياب لانهم قد سمعوا بها وعرفوها وهذا أيضاً يلزم منه ان تكون هناك دعوة للأمام المهدي (عليه السلام) تكون موجودة قبل قيامه المقدس(عليه السلام) وهي التي تتبنا هذه الصيحة فقد جاء في الرواية الشريفة عن الجريري قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام) : ان الناس يوبخونا ويقولون : من اين يُعرف المحق من المبطل اذا كانتا فقال : ما تردّون عليهم ؟ قلت : فما نرد عليهم شيئاً ، قال : فقال : قولوا لهم يصّدق بها اذا كانت من كان مؤمناً يؤمن بها قبل ان تكون ، ان الله عز وجل يقول {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }غيبة النعماني . فالذي يظهر من هذه الرواية ان الامام الصادق (عليه السلام) قد اكد ان الذي يصدق بصيحة الحق هو المؤمن وليس كل مؤمن بل المؤمن بالصيحة وكيفيتها كما ان هذه الرواية تؤكد ما ذهبنا اليه من ان الصيحة لا تكون من جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة وليس عن طريق الاعجاز والا لو كان كذلك لكان الامام (عليه السلام) ، قد ذكر للسائل ان التصديق بها وتميزها عن الصيحة الثانية ((صيحة الباطل)) بأنها سوف يكون مصدرها من السماء ومن جبرائيل مباشرة وعلى نحو الاعجاز ولما لم يذكر ذلك ، تبين ان الصيحتين تكونان متماثلتان من ناحية الكيفية بحيث لا تستطيع الناس التمييز بينهما ومعرفة الصيحة الحقة من الباطلة . بقيت مسألة أود ان الفت اليها نظر الاخوة القراء وهي ان الروايات الواردة في نص الصيحة انما تكلمت برمزية ولم تذكر لنا النص الحقيقي وهذا يتبين من اختلافها في نص الصيحة سواء اكانت صيحة الحق ام صيحة الباطل فقد جاء في الرواية عن ابي جعفر (عليه السلام) : ( قال ينادي مناد من السماء : أن فلان بن فلان هو الامام . وينادي بأسمه ) الاكمال - وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) : ( ... قال ينادي مناد من السماء اول النهار : الا ان الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي ابليس لعنه الله في اخر النهار : الا ان الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون ) الاكمال - وعن الامام الصادق (عليه السلام) ايضاً انه قال : ( ينادي مناد من السماء بأسم القائم واسم ابيه .. ) غيبة النعماني - وعنه (عليه السلام) ايضاً قال : ( .... اذا سمعوا الصوت من السماء (( الا ان الحق في علي بن ابي طالب (عليه السلام) وشيعته )) قال : فأذا كان من الغد صعد ابليس في الهواء حتى يتوارى عن اهل الارض ، ثم ينادي (( الا ان الحق في عثمان بن عفان وشيعته فأنه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه )) ...)غيبة النعماني - وعنه (عليه السلام) ايضاً انه قال : ( ينادي مناد من السماء : (( ان فلاناً هو الامير )) وينادي مناد (( ان علياً وشيعته هم الفائزون )) قلت : فمن يقاتل المهدي بعد هذا ؟ فقال : ان الشيطان ينادي (( ان فلاناً وشيعته هم الفائزون - لرجل من بني امية )) غيبة النعماني - وعن الامام الباقر (عليه السلام ) انه قال : ( ان المنادي ينادي ان المهدي (من ال محمد) فلان بن فلان )) بأسمه وأسم ابيه فينادي الشيطان (( ان فلاناً وشيعته على الحق - يعني رجلاً من بني امية ) غيبة النعماني - وعن الصادق (عليه السلام) انه قال : ( انه ينادي بأسم صاحب هذا الامر مناد من السماء (( الا ان الامر لفلان بن فلان ففي مَ القتال ؟ )) ) غيبة النعماني - وفي الحديث المروي في الملاحم والفتن لابن طاوس جاء فيه : ( .... انه يسمع صوت من السماء ومناد ينادي الا ان اولياء الله اصحاب فلان ...) . وفي خطبة البيان : ( فيقول جبرائيل في صيحته : يا عباد الله اسمعوا ما اقول : أن هذا مهدي ال محمد (صلى الله عليه واله وسلم) خارج من مكة فاجيبوه ) . اذن تحصل لدينا من مجموع هذه الروايات ان نص صيحة الحق يكون اما :-
1- باسم الامام المهدي (عليه السلام) ، 2- ان الحق في علي وشيعته ، 3- النداء يكون باسم شخص يدعو الى الحق والى نصرة الامام المهدي (عليه السلام) ، 4- ان علي وشيعته هم الفائزون ، 5- ان يكون النداء باسم القائم ، 6- ان يكون بأسم صاحب هذا الامر ، 7- ان يكون النداء للتعريف بأصحاب المهدي ( عليه السلام) وأنصاره، وهذه هي مجمل النصوص في صيحة الحق ، اما نص صيحة الباطل فيكون:-
1- ان الحق في السفياني وشيعته ، 2- الا ان الحق في عثمان وشيعته فأنه قتل مظلوماً فأطلبوا بدمه ، 3- ان فلان وشيعته هم الفائزون - لرجل من بني امية ، 4- ان فلاناً وشيعته على الحق - يعنتي رجلاًَ من بني امية.
ولو لاحظنا نصوص صيحة الباطل لأستطعنا ان نحصل على نتيجة ان الصيحة ستكون باسم السفياني الملعون الذي اسمه كما اشارت الروايات عثمان وهو من بني امية - فتفكر.
3-اما بالنسبة لصيحة الحق فقد اختلفت الاقوال فيها كما هو واضح فلو قلنا ان الصيحة ستكون : (( الا ان الحق في علي وشيعته )) او ما شابه ذلك من النصوص فأن ذلك ليس بالشيء الجديد او المجهول فهذا الكلام ما زال يدور ويصرح به الكثيرون منذ الفجر الاول للأسلام والى يومنا هذا ثم ان الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة قد بينت لنا الكثير من الشيعة سيكذبون دعوة الامام ويردونها بل انهم يحاربون الامام (عليه السلام) ، وان قلنا ان النداء سيكون باسم الامام المهدي (عليه السلام) ، فلا ادري ما معنى ذلك فاسم الامام معروف وقد جاء ذكره في الاحاديث والروايات وهو لا يخفى على احد حسب ظني فما هي الحكمة او النتيجة من النداء بأسمه يا ترى ؟! ، اما القول الثالث ان يكون النداء للتعريف باصحاب المهدي وانصاره فهو اقرب الاحتمالات لان الحكمة منه تعريف الناس بجهة الحق وتمييزها عن جهة الباطل وحتماً من يكون من اصحاب المهدي او انصاره فهو مع الحق ، أضف الى ذلك ان النداء للتعريف بهؤلاء يكون مقروناً بأحد الدعاة للأمام المهدي ( عليه السلام) الذي يكون قائداً لأصحاب الامام وأنصاره انذاك وسوف يكون على هذا الاحتمال في قباله الصيحة بأسم السفياني وأصحابه وهذا هو اقرب الاحتمالات والله اعلم بالصواب.
تعليقات
إرسال تعليق